الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عرفة، في فقه المالكية بالمغرب، والشيخ مجد الدين الشيرازي، في اللغة. رحمهم الله تعالى أجمعين رحمة واسعة.
انتهى ما قصدته من كلام صاحب " الشقائق النعمانية، في علماء الدولة العثمانية ".
قيل: ولو زاد ولي الدين بن خلدون في التاريخ وطبائع العالم، لحسن، والله تعالى أعلم.
قلت: وإذ جرى ذكر صاحب القاموس، فلا بأس أن نورد ترجمته، على أتم مما ذكره صاحب " الشقائق النعمانية " وربما وقع التخالف، فنقول:
ترجمة ثانية للفيروزابادي، عن الضوء اللامع للسنحاري
قال بعض حفاظ المشارق، وهو الإمام السخاوي في كتابه " الضوء اللامع ": هو محمّد بن يعقوب بن ابراهيم، بن عمر، بن أبي بكر، بن احمد، ابن محمود، بن إدريس، بن فضل الله، بن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم الكارزيني، المشهور بمولانا الشيخ مجد الدين، الفيروزابادي، اللغوي الشافعي. ولد في ربيع الآخر سنة عشرين وسبع مائة بكارزين، فنشأ بها، وحفظ القرآن وهو ابن سبع، وانتقل إلى شيراز وهو ابن ثمان، فأخذ الأدب واللغة عن والده، ثم عن القوام عبد الله بن محمود بن النجم،
وغيرهم من علماء شيراز، وانتقل إلى العراق، فدخل واسط وبغداد، وأخذ عن الشرف عبد الله بن بكتاش، وهو قاضي بغداد، ومدرس النظامية بها، وولى به تداريس وتصادير، وظهرت فضائله، وكثر الأخذ عنه، فكان ممن أخذ عنه الصفدي. ثم دخل القاهرة ولقي بها البهاء بن عقيل، والجمال الأسنوي، وابن هشام. وأخذ عن علمائها، وجال في البلاد المشرقية والشمالية، ودخل الروم والهند، ولقي جمعاً من الفضلاء، وحمل عنهم شيئاً كثيراً تجمعهم مشيخته، تخريج الجمال بن مسى المراكشي، وفيه أنَّ من مروياته الكتب الستة، وسنن البيهقي، ومسند أحمد وصحيح ابن حبان، ومصنف ابن أبي شيبة، وغير ذلك، غير مشايخ عديدة، وجم غفير.
ثم دخل زبيد في رمضان سنة ست وتسعين، بعد وفاة قاضي الأقضية باليمن كله، الجمال الريمي شارح التنبيه فتلقاه الأشرف إسماعيل بالقبول وبالغ في إكرامه وصرف له ألف دينار سوى ألف أخرى أمر ناظر عدن أن يجهزه بها واستمر مقيما في كنفه على نشر العلم وكثر الانتفاع به وأضيف إليه قضاء اليمن كله في ذي الحجة سنة سبع وتسعين بعد ابن عجيل فأرتفع بالمقام في تهامة وقصده الطلبة وقرأ السلطان فمن دونه عليه فاستمر بزبيد مدة عشرين سنة وهي بقية أيام الأشراف ثم ولد الناصر أحمد. وكان الأشراف قد تزوج ابنته لمزيد جمالها ونال منه برا ورفعة بحيث أنّه صنف كتابا وأهاداه له على أطباق فملأها له دراهم وفي أثناء هذه المدة قد مكة مرارا وجاور المدينة والطائف وعمل بها مآثر حسنة وكان يحب الانتساب إلى مكة ويكتب بخطه:" الملتجئ إلى حرم الله تعالى " ولم يدخل بلدا إلاّ وأكرمه متوليها وبالغ في تعظيمه مثل شاه منصور بن شجاع صاحب تبريز والأشرف صاحب مصر والسلطان بايزيد خان بن عثمان متولى الروم وابن أويس صاحب بغداد وتمرلنك وغيرهم.
واقتنى كتبا كثيرة حتى نقل عنه أنَّه قال: اشتريت بخمسين ألف مثقال ذهبا كتبا. ولا يسافر إلاّ وفي صحبته منها أحمال ويخرجها من كان منزل وينظر فيها. وصنف كتبا كثيرة منها: " بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز " مجلدان و " تنوير المقباس في تفسير ابن عباس "
أربع مجلدات و " تيسير فائحة الإهاب في تفسير فاتحة الكتاب " مجلد كبير و " الدر النظيم المرشد إلى مقاصد القرآن العظيم " و " حاصل كور الخلاص في فضائل سروة الإخلاص " و " شرح خطبة الكشاف " و " شوارق الأسرار العلمية في شرح مشارق الأنوار النبوية " أبرع مجلدات و " منح الباري بالسيل العفسيح الجاري في شرح صحيح البخاري " كمل ربع العبادات منه في عشرين مجلدا و " الإسعاد بالإصعاد إلى درجة الاجتهاد " ثلاث مجلدات و " النفحة العنبرية في مولد خير البرية " و " الصلات والبشر في الصلاة على خير البشر " و " الوصل والمنى في فضل منى " و " المغانم المطالبة في معالم طالبه " و " مهيج الغرام إلى البلد الحرام " و " إثارة الحجون لزيارة الحجون " عمله في ليلة و " أحسن اللطائف في محاسن الطائف " و " فصل الدرة من الخرزة في فضل السلامة على الخبزة " قريتان بالطائف و " روضة الناظر في ترجمة الشيخ عبد الله الادر " و " المرقاة الوفية في طبقات الحنفية " و " البلغة في تراجم أئمة النحو واللغة " و " الفضل الوفي في العدل الأرفي " و " نزهة الأذهان في تاريخ أصبهان " و " تعيين الغرفات للمعين في عين عرفات " و " منية السول في دعوات الرسول " و " التجاريح في فوائد متعلقة بأحاديث المصابيح " و " تسهيل طريق الوصول إلى الأحاديث الزائدة في جامع الأصول " و " الأحاديث الضعيفة " و " الدر الغالي في الأحاديث العوالي " و " سفر السعادة " و " المتفق وضعا المختلف صنعا " و " الامع المعلم العجاب الجامع بين المحكم والعباب وزيادات امتلأ بها
الوطاب " قدر تمامه في مائة مجلد يقرب كل مجلد منه من صحاح الجوهري اكمل منه خمس مجلدات و " القاموس المحيط والقابوس الوسيط " و " مقصود ذوي الألباب في علم الإعراب " مجلد و " تخبير الموشين فيما يقال بالسين والشين " تتبع في أوهام المجمل لابن فارس في ألف موضع و " المثلث الكبير " في خمس مجلدات و " الروض المسلوف فيما له اسمان إلى الألوف " و " تحفة القماعيل فيمن يسمى من الملائكة والناس إسماعيل " و " أسماء السراح في أسماء النكاح " و " الجليس الأنيس في أسماء الخندريس " مجلد و " أنوار الغيث في أسماء الليث " و " ترقيل الأسل في تصفيق العسل " في كراسين و " زاد المعاد في وزن بانت سعاد " وشرحه في مجلد و " التحف الظرائف في النكت الشرائف " وغير ذلك من مختصر ومطول.
وقال التقي الكرماني: كان عديم النظير في زمانه نظما ونثرا بالفارسي والعربي جال البلاد واجتمع بمشايخ كثيرة وأقام بدهلك مدة عظمة سلطانها وجاور بمكة عشرين سنة وصنف بها القاموس في مجلدات فأمره والدي باختصاره فاختصره في مجلد ضخم وفيه فوائد عظيمة واعتراضات على الجوهري وسافر إلى الهند والروم وعظمة سلاطينها واجتمع بتمرلنك فعظمه وأنعم عليه بمائة ألف درهم.
وقال الخزرجي في تاريخ اليمن: إنه لم يزل في ازدياد من علو الجاه والمكانة ونفوذ الشفاعات والأوامر على القضاة في الأمصار.
ورام عام تسعة وتسعين الوصول إلى مكة شرفها الله فكتب إلى السلطان ما مثاله:
" ومما ننهيه إلى العلوم الشريفة ضعف العبد ورقدة جسمه ودقة بنيته وعلو سنه وقد آل إلى أن صار كالمسافر الذي تحزم وانتعل إذ وهن العظم والرأس اشتعال وتضعضع السن وتقعقع الشن فما هو إلاّ عظام في جراب وبنيان قد أشرف على الخراب ود ناهز العشرة التي تسميها العرب دقائق الرقاب وقد مر على المسامع الشريفة غير مرة في صحيح البخاري قولهم: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بلغ المرء ستين سنة فقد أعذر الله إليه فكيف من ينيف على السبعين وأشرف على الثمانين؟ ولا يجمل بالمؤمن أن يمضي علليه أربع سنين ولا يتجدد له سوق وعزم إلى بيت رب العالمين وزيارة سيد المرسلين. وقد ثبت في الحديث النبوي ذلك والعبد له ست سنين عن تلك المسالك وقد غلب عليه الشوق حتى جل عمره عن الطوق ومن أقضى أمنيته أن يجدد العهد بتلك المعاهد ويفوز مرة أخرى بتلك المشاهد وسؤاله من المراحم العلية الصدقة عليه بتجهيزه في هذا العام قبل اشتداد الحر وغلبة الأوام فإن الفصل أطيب والريح أزيب وأيضاً كان من عادة الخلفاء سلفا وخلفا أنهم كانوا يبردون البريد لتبليغ سلامهم لحضرة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم فاجعلني
جعلني الله فداك ذاك البريد فلا أتمنى شيئاً سواه ولا أريد.
شوقا إلى الكعبة الغراء قد زادا
…
فاستحمل القلص الوخادة الزادا
واستأذن الملك المنعام زيد علا
…
واستودع الله أصحابا وأولادا
فلما وصل كتابه إلى السلطان كتب على طرته ما مثاله: " إنَّ هذا الشيء ما ينطق به لساني ولا يجري به قلمي فقد كانت اليمن عمياء فاستنارت فكيف يمكن أنْ نتقدم وأنت تعلم أنَّ الله قد أحيا بك ما كان ميتا من العلم؟ فبالله عليك إلاّ ما وهبت لنا بقية هذا العمر. والله يا مجد الدين يمينا بارة أرى فراق الدنيا ونعيمها ولا فراقك أنت اليمن وأهله.
قال الفاسي: له شعر كثير ونثره أعلى وكان الاستحضار لمحسنات الشعر والحكايات وله خط جيد مع السرعة وكان كثير الحفظ حتى يقال إنه قال: ما كنت أنام حتى أحفظ مائتي سطر وكانت له دار بمكة على الصفا عملها مدرسة للأشرف صاحب اليمن وقرر بها مدرسين وطلبة وفعل بالمدينة كذلك وله بمنى دور وبالطائف بستان وقد سارت الركبان بتصانيفه لا سيما القاموس فإنه أعطى قبولا كثيرا.
قال الاديب المفلق نور الدين بن محمّد العفيف المكي الشافعي لمّا قرأ عليه القاموس:
مذ مدينة مجد الدين في أيامه
…
من فيض أبحر علمه القاموسا
ذهبت صحاح الجوهري كأنها
…
سحر المدائن حين ألقى موسى
ومن شعره مما كتبه عنه الصلاح الصفدي رحمه الله:
أحبتنا الأماجد إنْ رحلتم
…
ولم ترعوا لنا عهدا وإلاّ
نودعكم ونودعكم قلوبا
…
لعل الله يجمعنا وإلاّ
وكان يرجو وفاته بمكة المشرفة فما قدر الله له ذلك بل توفي بزبيد وقد ناهز التسعين وهو ممتع بحواسه وذلك ليلة العشرين من شوال سنة سبع عشر وثمان مائة تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه فسيح جنته. انتهى ملخصا من الضوء للسخاوي رحمه الله.
ولأبي عبد الله الفيومي يمدح القاموس المذكور:
لله قاموس يطيب وروده
…
أغنى الورى عن كل معنى أزهر
لفظ الصحاح بلفظه والبحر من
…
عاداته يلقى صحاح الجوهري
وقال عبد الرحمن بن معمر الواسطي في رموزة:
وما فيه من رمز بحرف فخمسة
…
فميم لمعروف وعين لموضع
وجيم لجمع ثم هاء لقرية
…
وللبلد الدال التي أهملت فعِ
وأنشدنا فيه لغيره سيدنا ومولانا شيخ الشيوخ وخاتمة أهل التثبت والرسوخ ملحق الأحفاد بالأجداد المبرز على النظراء والأنداد مفتي تلمسان وأصقاعها ومعتمد أهل أقطارها وبقاعها عمنا سيدي سيد بن أحمد المقري صب الله عليه شآبيب رضوانه آمين: