المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌11 - انتقاص الماء: - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: ‌11 - انتقاص الماء:

ويلحق بها ما يجتمع من الوسخ في معاطف الأذن والصماخ فيزيله بالمسح لأن الغسل ربما أضر بالسمع وكذلك ما يجتمع داخل الأنف وكل وسخ اجتمع على أي موضع من البدن بالعرق والغبار ونحوهما.

‌11 - انتقاص الماء:

بالقاف والصاد المهملة وهو لغة رش الماء على الذكر وفسره وكيع بن الجراح بالاستنجاء بالماء المتنجي به. وكان الاستنجاء من الفطرة لما فيه من تطهير المحل وتنظيفه والكلام فيه ينحصر في سبعة مباحث.

(أ) تعريفه: هو لغة غسل موضع الخارج من أحد السبيلين، أو مسحه بحجر أو نحوه. وشرعا إزالة ما على السبيل من النجاسة بنحو الماء، وتقليلها بنحو الحجر (ومن لوازمه) الاستبراء. وهو طلب البراءة من اثر الخارج. فيلزم الرجل الاستبراء حسب عادته بنحو مشي أو تنحنح أو ركض أو اضطجاع. ولا يصح الشروع في الوضوء حتى يطمئن بزوال الرشح، لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: عامة عذاب القبر في البول فاستنزهوا من البول. أخرجه البزار والطبراني في الكبير (1){83} وفيه أبو يحيى القتات وثقه ابن معين وضعفه غيره.

(وعن عيسى) بن يزداد اليماني عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا بال أحدكم فينتر ذكره ثلاثا. أخرجه أحمد وابن ماجه وأبو داود في المراسيل (2){84} ويزداد ذكره ابن منده في معرفة الصحابة. وأبو عمر ابن عبد البر في الاستيعاب وفيه زمعة ابن صالح ضعيف.

(1) انظر ص 207 ج 1 مجمع الزوائد (الاستنزاه من البول).

(2)

انظر ص 207 منه (فلينتر) من النتر وهو جذب فيه قوة.

ص: 205

ولا تحتاج المرأة إلى استبراء بل تصبر قليلا ثم تستنجى (ولابد) من الاستنقاء أيضا. وهو طلب النقاوة بدلك المقعدة بالأحجار حال الاستجمار، أو بالأصابع حال الاستنجاء بالماء حتى تذهب الرائحة.

(ب) حكمه: هو واجب عند الأئمة الثلاثة على من راد الصلاة (وقال) الحنفيون: هو سنة مؤكدة من نجس خارج من أحد السبيلين ولو غير معتاد ما لم يتجاوز المخرج. وإن تجاوز النجس المخرج وجب الغسل إن كان المتجاوز درهما فأقل. ويفترض الغسل إن كان المتجاوز أكثر من الدرهم. وغسل ما عدا المخرج من باب إزالة النجاسة.

(جـ) آلته: يكون بالماء والحجر ونحوه (1) فيغسل المحل بالماء حتى يعلم أنه طهر لقول أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي أداوة من ماء فيستنجى به. أخرجه أحمد والخمسة إلا الترمذي (1){85} (2) ويجزئ فيه الحجر ونحوه من كل عين طاهرة قالعة غير محترمة. يمسح به المحل حتى ينقى. (ويستحب) فيه التثليث عند الحنفيين ومالك لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من أكتحل فليوتر. من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج ومن استجمر فليوتر. من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج (الحديث) أخرجه أبو داود وابن ماجه والدارمي والح وابن حبان في صحيحه (2){86} .

والمعنى: من فعل ما قلته كله فقد أحسن، ومن لم يفعل فلا حرج.

(1) انظر ص 301 ج 2 تيسير الوصول (ما يستنجى به).

(2)

انظر ص 127 ج 1 - المنهل العذب. وص 169 ج 1 سنن الدارمي (التستر عند الحاجة). وص 276 ج 1 - الفتح الرباني بلفظ: من استجمر.

ص: 206

(وقال) الشافعي وأحمد: لابد من التثليث لحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثا. أخرجه أحمد والبيهقي (1){87} .

(وقال) عبد الرحمن بن يزيد: قيل لسلمان علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة؟ أجل. نهانا أن نستقبل القبلة يغائط أو بول، أو أن نستنجى باليمين أو أن يستنجى أخدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو يستنجى برجيع أو بعظم. أخرجه الستة إلا البخاري (2){88} .

(دل) ما ذكر على أنه لا يجزئ في الاستنجاء أقل من ثلاثة أحجار ولو حصل به الإنقاء. فإن حصل بها الإنقاء، وإلا وجبت الزيادة عليها يحصل الإنقاء (وأجاب) الحنفيون بأن ذكر الثلاثة في هذه الأحاديث محمول على الندب جمعا بين الأحاديث (ويؤيده) قول ابن مسعود: أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة فأتيته بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثة. وقال هذه ركس. أخرجه البخاري واللفظ له وابن ماجه والترمذي والنسائي (3){89} .

(ووجه الاستدلال) أنه لو كان العدد شرطا لطلب ثالثا لكنه لم يطلبه ومن أنعم النظر في أحاديث الباب ودقق ذهنه في معانيها، علم وتحقق أن المراد الإنقاء لا التثليث (ورد) بأن حديث سلمان نص في أنه لا يقتصر على ما دون الثلاث.

(1) انظر ص 277 ج 1 - الفتح الرباني. وص 104 ج 1 - بيهقي (الإيتار في الاستجمار).

(2)

انظر ص 68 ج 1 - ابن ماجه (الاستنجاء بالحجارة .. ) وص 200 ج 2 تيسير الوصول (أداب الاستنجاء).

(3)

انظر ص 302 منه (ما يستنجى به). وص 68 ج 1 - ابن ماجه. و (الركس) بكسر الراء الرجس.

ص: 207

وهو قول، وحديث ابن مسعود فعل. وإذا تعارضا قدم القولي لا سيما وقد ورد الأمر بالاستنجاء بثلاثة أحجار في غير حديث كما تقدم.

(وقالت) المالكية: يتعين الماء ولا يكفي الحجر ونحوه في خمس صور:

1 -

في إزالة المنى لمن فرضه التيمم أو الوضوء كخروجه بلا لذة أو بلذة غير معتادة.

2 -

وفي إزالة دم الحيض أو النفاس، وكذا دم الاستحاضة إن لم يلازم كل يوم ولو مرة، وإلا فهو معفو عنه كسلس البول الملازم لذكر أو أنثى، فلا تجب إزالته.

3 -

وفي إزالة بول المرأة بكرا أو ثيبا، لتعديه المخرج إلى جهة المقعدة عادة.

4 -

وفي بول أو غائط انتشر عن المخرج انتشارا كثيرا كأن يصل إلى المقعدة أو يعم الحشفة.

5 -

وفي مذي خرج بلذة معتادة بنظر أو ملاعبة أو بتذكر مع وجوب غسل جميع الذكر بنية طهارته من الحدث (وهذه النية) واجبة غير شرط على المعتمد. فلذا لو تركها وغسل ذكره بلا نية وتوضأ وصلى له تبطل صلاته على الراجح. وأما غسل جميع الذكر فقيل واجب شرطا، فلو اقتصر على غسل جميع الذكر فقيل واجب غير شرط. فلا تبطل الصلاة بغسل البعض ولو محل النجاسة فقط، وعلى الثاني يجب غسل جميعه لما يستقبل من الصلاة لأنه أمر واجب.

(وقال) ابن حبيب المالكي: لا يجزئ الحجر إلا لمن عدم الماء. وهو خلاف ما ثبت في السفة، وما عليه الإجماع من جواز الاقتصار على الحجر ونحوه مطلقا، لحديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى ىله وسلم قال:(إذا ذهب أحدكم لحاجة، فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه) أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه وأبو داود والدارقطني. وقال: إسناده صحيح حسن (1){9} .

(1) انظر ص 278 ج 1 - الفتح الرباني. وص 18 ج مجتبي (الإجتزاء في الاستطابة بالحجارة). وص 146 ج 1 - المنهل العذب (الاستنجاء بالأحجار).

ص: 208

(د) كيفية الاستجمار: ينبغي أن يجعل المستجمر حجرين للصفحتين وحجرا للمخرج، لحديث سهل بن سعد الساعدي أن النبي صلى الله عليه وعلى آل وسلم سئل عن الاستطابة فقال: أولا لا يجد أحدكم ثلاثة أحجار: حجرين للصفحتين وحجرا للمسربة. أخرجه البيهقي والطبراني والدارقطني باسناد حسن (1){91} .

(هـ) أنواع الاستنجاء- هي ثلاثة:

(1)

- مسح المحل بالحجر ونحوه ثم غسله بالماء على أن يقع في قلبه أنه طهر (لحديث) ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت هذه الآية (فيه رجال يحبون أن يتطهروا، والله يحب المطهرين) في أهل قباء، فسألهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: أنا نتبع الحجارة الماء. أخرجه البزار (2){92} . وفيه محمد بن عبد العزيز ابن عمر الزهري. ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما.

وهذا أفضل إذا أمكنه الغسل بلا كشف عورة على من يحرم عليه نظر عورته، وإلا لزم الاستجمار من تحت الثياب. ولا يستنجي بالماء.

(2 و 3) - (ويلي) الاستنجاء بهما، الاقتصار على الماء. وبعده الاقتصار على الحجر. والسنة تحصل بالكل. هذا، وأحاديث الباب ترد على من كره الاستنجاء بالماء وعلى من نفي وقوعه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(و) ما لا يستنجى به: يكره تحريما عند الحنفيين الاستنجاء بعظم وروث

(1) أنظر ص 114 ج 1 سنن البيهقي (كيفية الاستنجاء). وص 211 ج 1 مجمع الزوائد (الاستجمار بالحجر). و (الاستطابة) الاستنجاء. و (الصفحة) الجانب. و (المسربة) بفتح الراء مجرى الغائط ومخرجه.

(2)

انظر ص 212 ج 1 مجمع الزوائد (الجمع بين الماء والحجر).

ص: 209

وفحم وطعام لأدمي كالخبز أو بهيمة كالحشيش (لقول) ابن مسعود رضي الله تعالى عنه: قدم وفد الجن على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالوا: يا رسول الله أنه أمتك أن يستنجوا بعظيم أو روث أو حممة فإن الله جعل لنا فيها رزقا فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. أخرجه أبو داود والبيهقي. وفيه إسماعيل ابن عياش وهو ثقة (1){93} .

(وكذا) يكره الاستنجاء بخرقة حرير وبالورق سواء ورق الكتابة والشجر والقطن. ولو فعل يجزئه لحصول المقصود.

(وحكمة) النهي في الروث النجاسة، وفي العظم، كونه زاد الجن. ولا يستنجى بطعام لأنه إسراف وإهانة.

(وقالت) الشافعية والحنبلية وإسحاق والثوري: لا يجوز الاستنجاء بعظم ولا بعر ولا محترم، ولا يجزئ، لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن. قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم. وسألوه الزاد. فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه. يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما. وكل بعرة أو رويثة علف لدوابكم. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام أخوانكم من الجن. أخرجه أحمد ومسلم (2){94} .

وتقدم في حديث سلمان: نهانا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن نستنجى برجيع أو عظم (3).

(1) انظر ص 141 ج 1 - المنهل العذب (ما ينهي عنه أن يستنجى به). و (حممة) كرطبة ما أحرق من خشب ونحوه.

(2)

تقدم الحديث رقم 20 ص 73 (الأنبياء والرسل) بأتم من هذا.

(3)

تقدم بالحديث رقم 88 ص 194 (هل يذم التثليث في الاستنجاء بالحجر).

ص: 210

(نبه) النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالرجيع على جنس الجنس، فإن الرجيع هو الروث، وأما العظم فلكونه طعاما للجني فنبه به على جميع المطعومات، وتلحق به المحترمات كأجزاء الحيوان وأوراق كتب العلم. ولا فرق في النجس بين المائع والجامد. فإن استنجى بنجس لم يصح استنجاؤه ووجب عليه الاستنجاء بالماء. ولا يجزئه الحجر، لأن الموضع صار نجسا بنجاسة أجنبية. ولو استنجى بمطعوم أو غيره من المحترمات الطاهرات، فالأصح أنه لا يصح استنجاؤه، ولكن يجزئه الحجر بعد ذلك إن لم يكن نقل النجاسة من موضعها. وقيل: أن استنجاءه الأول يجزئه مع المعصية (1).

(وقالت) المالكية: لا يجوز الاستنجاء بالنجس كأرواث الخيل والحمير وعظم الميتة والعذرة، ولا بمحترم لكونه مطعوما لآدمي كخبز أو مكتوبا، لحرمة الحروف ولو بخط غير عربي، أو مشرفا لذاته كذهب وفضة، او حقا للغير كجدار مملوك للغير ولو وقفا. وأجزأ الاستنجاء بما ذكر مع الحرمة إن حصل الإنقاء. قالوا: ويكره الاستنجاء بعظم وروث طاهرين.

(وحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى أن يستنجى بروث أو بعظم، وقال: إنهما لا يطهران. أخرجه الدارقطني وصححه (2){95} .

(يرد) على من زعم أن الاستنجاء بهما يجزئ وإن كان منهيا عنه.

(ز) آداب قضاء الحاجة- يعني البول والغائط. يندب لمن يريد قضاء الحاجة أمور، ذكر منها سبعة وعشرون.

(1) انظر ص 157 ج 3 نووى مسلم (الاستطابة).

(2)

انظر ص 21 - سنن الدارقطني.

ص: 211

1 -

أن يقول جهرا عند دخوله محل قضائها: باسم الله، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث.

2 -

ثم يدخل باليسرى.

3 -

ولا يكشف عورته قبل أن يدنو إلى العقود.

4 -

ويوسع بين رجليه ويميل على اليسرى.

5 -

ولا يرد سلاما، ولا يجيب مؤذنا، فإن عطس حمد الله بقلبه.

6 -

ولا ينظر إلى عورته، ولا إلى ما يخرج منه.

7 -

ولا يبزق في البول.

8 -

ولا يطيل القعود فإنه يولد الناسور (1).

9 -

ولا يكثر الالتفات.

10 -

ولا يعبث ببدنه.

11 -

ولا يرفع بصره إلى السماء.

12 -

فإذا فرغ من قضاء حاجته، عصر ذكره من أسفله إلى الحشفة.

13 -

ثم يغسل يديه ثلاثا.

14 -

ثم يفيض الماء باليمنى على فرجه ويغسله باليسرى بادئا بالقبل ويرخى مقعدته، يفعل ذلك ثلاثا، ويدلك كل مرة ويبالغ مالم يكن صائما.

15 -

ثم يقوم وينشف فرجه بخرقة نظيفة إن أمكنه، وإلا مسحه بيده مرارا.

16 -

ويستر عورته قبل أن يستوى قائما.

17 -

ثم يخرج برجله اليمنى ويقول: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الاذى وعافاني، الحمد لله الذي اذاقني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه، اللهم حصن فرجي، وطهر قلبي، ومحص ذنوبي.

(وقد ورد) في ذلك أحاديث (منها) حديث أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا دخل الخلاء قال: اللهم أني أعوذ بك من الخبث والخبائث. أخرجه البخاري والأربعة (2){96} .

(1)(الناسور) بالسين والصاد. ملة تحدث حول المقعدة أو عرق في باطنه فساد.

(2)

انظر ص 171 ج 1 فتح الباري (ما يقول عند الخلاء). وص 29 ج 1 - المنهل العذب. وص 9 ج 1 مجتبيز وص 14 ج 1 تحفة الأحوذي. وص 65 ج 1 ابن ماجه. و (الخبث) بضم الخاء المعجمة والباء الموحدة كما في الرواية (وقد) صرح جماعة بأن الباء هنا ساكنة، وهو جمع خبيث، والمراد ذكور الشياطين. و (الخبائث) جمع خبيثة. والمراد إناث الشياطين.

ص: 212

وهذا في الأمكنة المعدة لذلك، أما في غيرها كالصحراء فيقوله عند تشمير الثياب.

(وقال) ابن عمر رضي الله عنهما: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا أراد الحاجة لم يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض. أخرجه أبو داود والبيهقي (1){97} .

(وقالت) عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خرج من الخلاء قال: غفرانك. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه (2){98} .

(قيل) أنه استغفر لتركه الذكر في تلك الحالة، لما ثبت أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يذكر الله على كل أحواله إلا في حال قضاء الحاجة، فجعل ترك الذكر في هذه الحالة تقصيرا يستغفر منه. (وقيل) استغفر لتقصيره في شكر نعمة الله تعالى عليه بإقداره على إخراج ذلك الخارج.

(وقال) أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا خرج من الخلاء قال: الحمد لله الذي أذهب عني الاذى وعافني. أخرجه ابن ماجه (3){99} .

(1)(أنظر ص 59 ج 1 - المنهل العذب. كيف التكشف عند الحاجة).

(2)

انظر ص 116 منه (ما يقول إذا خرج من الخلاء). وص 16 ج 1 تحفة الأحوذي. وص 158 ج 1 مستدرك. وص 65 ج 1 - ابن ماجه.

(3)

أنظر ص 66 ج 1 - ابن ماجه (ما يقول إذا خرج من الخلاء).

ص: 213

(وفي حمده) صلى الله عليه وعلى آله وسلم إشعار بأن هذه نعمة جليلة ومنه جزيلة، فإن انحباس ذلك الخارج من أسباب الهلاك، فخروجه من النعم التي لا تتم الصحة بدونها "وحق" وعلى من أكل ما يشتهيه من الأطعمة فسد به جوعته، وحفظ به صحته وقوته. ولما لم يبق فيه نفع واستحال إلى تلك الصفة الخبيثة المنتنة التي بقاؤها في الجوف مهلك، خرج بسهولة من مخرج معد لذلك بعيد عن الحواس التي تتأذى بخروجه "أن يكثر" من محامد الله تعالى.

18 -

(ويطلب) ممن أراد قضاء الحاجة، ترك استصحاب مافيه ذكر الله تعالى، (لقول) أنس رضي الله عنه: إن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبس خاتما نقشه: محمد رسول الله. فكان إذا دخل الخلاء وضعه. أخرجه الحاكم (1){100} .

وهو دليل على أنه يندب لمن يريد التبرز أن ينحي عنه كل ما عليه معظم من اسم الله تعالى أو اسم نبي أو ملك.

(وبهذا) قالت الأئمة الأربعة: فإن خالف كره له ذلك إلا لحاجة. كأن يخاف عليه الضياع، وهذا في غير القرآن. أما القرآن فقالوا: يحرم استصحابه في تلك الحالة كلا أو بعضا إلا أن خيف عليه الضياع، أو كان حرزا، فله استصحابه. ويجب ستره حينئذ ما أمكن.

19 -

(ويطلب) ممن يريد قضاء الحاجة، البعد والاستتار عن الناس، لقول جابر: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في سفر، فكان

(1) انظر ص 98 ج 1 سبل السلام (آداب قضاء الحاجة).

ص: 214

لا يأتي البراز حتى يغيب فلا يرى. أخرجه ابن ماجه بسند رجاله رجال الصحيح (1){101} .

فالحديث يدل على مشروعية الأبعاد لمن يريد قضاء الحاجة، لإخفاء ما يستقبح سماعه أو رائحته.

(وعن أبي هريرة) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من أتى الغائط فليستتر، فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم. من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي (2){102} .

(وفي الحديث) الأمر بالتستر معللا بأن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم. وذلك أن الشيطان يحضر مكان قضاء الحاجة لخلوه عن الذكر الذي يطرد به. فإذا حضر أمر الإنسان بكشف العورة، وحسن له البول في المواضع الصلبة التي هي مظنة رشاش البول. فأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قاضي الحاجة

(1) انظر ص 72 ج 1 ابن ماجه (التباعد للبراز في القضاء). و (البراز) بفتح الباء الموحدة، اسم للفضاء الواسع من الأرض، كني به عن حاجة الإنسان كما كنى عنها بالغائط والخلاء.

(2)

انظر ص 261 ج 1 - الفتح الرباني. وص 94 ج 1 - بيهقي (الاستتار عند قضاء الحاجة). وص 127 ج 1 - الفتح الرباني. وص 94 ج 1 - المنهل العذب. وهو عجز حديث صدره: "من اكتحل فليوتر"(الاستثار في الخلاء). وص 72 ج 1 - ابن ماجه (الارتياد للغائط). وصدر الحديث عنده: "من استجمر فليوتر". و (الكثيب) بالمثلثة: قطعة مستطيلة تشبة الربوة، أي فإن لم يجد ستره، فليجمع من التراب أو الرمل قدرا يكون ارتفاعه بحيث يستره.

ص: 215

بالتستر حال قضائها، مخالفة للشيطان ودفعا لوسوسته التي يتسبب عنها النظر إلى سوءة (عورة) قاضي الحاجة المفضي إلى أثمة.

20 -

(ويطلب) من المتخلى ألا يستقبل القبلة ولا يستدبرها (لحديث) أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط، فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، ولا يستطب بيمينه. وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروثة والرمة. أخرجه مالك وأحمد والأربعة إلا الترمذي (1){103} .

(وهو) يدل على المنع من استقبال القبلة واستدبارها بالبول والغائطز (وبه) قال الأوزاعي والثوري وأحمد في رواية (قالوا) لا يجوز فذلك في الصحراء ولا في البنيان، أخذا بالحديث.

(وقال) مالك والشافعي وأحمد في رواية: يحرم استقبال القبلة عند قضاء الحاجة في الصحرا. ولا يحرم ذلك في البنيان، حملا للنهي في الحديث على الصحراء، لقول ابن عمر: لقد ارتقيت على ظهر البيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقضي حاجته مستقبل الشام مستدبرر القبلة. أخرجه السبعة والبيهقي، وقال الترمذي: حسن صحيح (2){104} .

(1) انظر ص 272 ج 1 - الفتح الرباني. (النهي عن استقبال القبلة واستدبارها وقت قضاء الحاجة) وص 43 ج 1 - المنهل العذب (كراهية استقبل القبلة عند قضاء الحاجة). وص 16 ج 1 مجتبي (النهي عن الاستطابة بالروث). وص 67 ج 1 - ابن ماجه. و (لا يستطب) من الاستطابة أي لا يستنجى. و (الرمة) بكسر الراء وتشديد الميم، العظم اليالي.

(2)

انظر ص 274 ج 1 - الفتح الرباني. وص 298 ج 2 تيسير الوصول (أداب الاستنجاء).

ص: 216

هذا، وإنما يجوز الاستقبال والاستدبار في البنيان بشرط أن يكون بينه وبين الجدار ونحوه ثلاثة أذرع فما دونها، ويكون الجدار ونحوه مرتفعا نحو نصف متر فإن زاد ما بينهما على ثلاثة أذرع أو قصر الحائل عن نصف متر، فهو حرام، إلا إذا كان في بيت بني لذلك فلا حرج فيه ولو كان في الصحراء وتستر بشيء على ما ذكرناه من الشرطين، زال التحريم، فالاعتبار بالساتر وعدمه. فحيث وجد الساتر بالشرطين، حل في البنيان والصحراء. وحيث فقد أحد الشرطين، حرم في الصحراء والبنيان (1).

(ويدل) لجوازه في الصحراء بساتر قول مروان الأصفر: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها فقلت: أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهى عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. أخرجه أبو داود (2){105} .

وفي سنده الحسن بن ذكوان مطعون فيه طعنا لا تقوم به معه حجة.

(وقال) الحنفيون: يكره استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء والبنيان. وهو رواية عن أحمد وأبي ثور. وحملوا النهي في حديث أبي هريرة السابق ونحوه على كراهة التنزيه، لما تقدم عن ابن عمر وغيره. ولحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا. قال أبو أيوب: فقدمنا الشام فوجنا مراحيض قد بنيت نحو الكعبة، فننحرف عنها ونستغفر الله تعالى. أخرجه الشيخان (3){106} .

(1) انظر ص 78 ج 2 مجموع النووي.

(2)

انظر ص 298 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء).

(3)

انظر ص 298 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء).

ص: 217

فما انحرف أبو أيوب وغيره، إلا لأن في عدم الانحراف مخالفة- وقوله كنا- يشعر بتقرر الحكم عند الصحابة. وله قوة المرفوع إذ مثله لا يصدر عن الرأي. وفي المسألة مذاهب بسطنا الكلام عليها في "النهل العذب المورود: شرح سنن الغمام أبي داود (1) ".

هذا. وقد دل قوله في حديث أبي أيوب: ولكن شرقوا أو غربوا على جواز استقبال الشمس والقمر واستدبارهما حال قضاء الحاجة بلا كراهة إذ لابد أن يكونا في الشرق أو الغرب (وبه) قال الحنفيون ومالك والجمهور. (وقال) أحمد وبعض الشافعية: يكره استقبالهما بفرجه. (قال) النووي قال كثير من أصحابنا: يستحب ألا يستقبل الشمس ولا القمر واستأنسوا به بحديث ضعيف بل باطل (2) ولهذا لم يذكره الشافعي ولا كثيرون وهذا هو المختار لأن الحكم بالاستحباب يحتاج إلى دليل ولا دليل في المسألة (3). أقول: قد علم أن حديث أبي أيوب دليل صريح في جواز استقبال القمرين واستدبارهما.

21 -

ويطلب من المتخلي ألا يستقبل الريح فيكره استقبالها لئلا ترد عليه رشاش البول فينجسه (4).

22 -

(ويطلب) من قاضي الحاجة الكف عن الكلام (لحديث) المهاجر

(1) انظر ص 39 وما بعدها ج 1 - المنهل العذب المورود.

(2)

هو ماقيل عن الحسن البصرى حدثني رهط من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يبول الرجل وفرجه باد على الشمس والقمر. ونسب للترمذي ولم نعثر عليه فيه.

(3)

انظر ص 94 ج 2 مجموع النووي.

(4)

انظر ص 157 ج 1 مغنى ابن قدامة.

ص: 218

ابن قنفد أنه أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يبول فسلم فلم يرد عليه حتى توضأ. أخرجه أبو داود والنسائي (1){107} .

وهو يدل على كراهة ذكر الله حال قضاء الحاجة ولو كان واجبا كرد السلام. ولا يستحق المسلم في تلك الحال جوابا (قال) جابر: إن رجلا مر على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له: إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم على فإنك إن فعلت ذلك لم ارد عليك. أخرجه ابن ماجه. وفي سنده سويد بن سعد. وهو ضعيف (2){108} .

وهذا متفق عليه. ولا ينافي الكراهة قول أبي سعيد سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت على ذلك. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه (3){109} .

فإنه "وإن كان" بظاهره يفيد تحريم الكلام حال قضاء الحاجه لأنه علل النهي عنه بمقت الله تعالى الذي هو أشد الغضب "فقد" صرف النهي عن التحريم، الإجماع على عدم تحريم الكلام حال قضاء الحاجة. وربط النهي بتلك العلة لا يبعد حمله على الكراهة، فإن سياق الحديث يدل على أن المقت على مجموع

(1) انظر ص 68 ج 1 - المنهل العذب (أيرد السلام وهو يبول). وص 16 ج 1 مجتبي (رد السلام بعد الوضوء).

(2)

انظر ص 75 ج 1 - ابن ماجه (من يسلم عليه وهو يبول).

(3)

انظر ص 163 ج 1 - الفتح الرباني. وص 61 ج 1 - المنهل العذب (كراهية الكلام عند الخلاء). وص 73 ج 1 - ابن ماجه (النهي عن الاجتماع على الخلاء والحديث عنده). و (يضربان) أي يقصدان الخلاء. و (الرجلان) في الحديث لا مفهوم لهما، بل مثلهما المراتان والرجل والمرأة، بل ذلك اقبح.

ص: 219

الكلام والنظر على العورة لا على مجرد الكلام. وذكر النظر في الحديث لزيادة التقبيح، ضرورة أن النظر إلى عورة الغير حرام مع قطع النظر عن الكلام والتخلي. ومحل النهي عن الكلام حال قضاء الحاجة ما لم تدع إليه ضرورة، كإرشاد أعمى يخشى ترديه في نحو حفرة، أو رؤية نحو عقرب يقصد إنسانا، فإن الكلام حينئذ جائز، وربما كان واجبا.

"ولا ينافي" الأحاديث المذكورة "حديث" عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين. وليقل له يرحمك الله وليقل هو يغفر الله لنا ولكم. أخرجه الطبراني والحاكم والبيهقي (1){110} . "فإنها مخصصة لعمومه" وإن العاطس في هذه الحالة يحمد الله في نفسه ولا يحرك به لسانه (وفي الحديث) أيضا دلالة على أنه ينبغي لمن سلم عليه في تلك الحال أن يدع الرد حتى يتوضأ أو يتيمم، ثم يرد، وهذا إذا لم يخش فوته. أما إذا خشى فوته فله أن يرد بعد قضاء الحاجة، وقبل الطهارة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إنما أخر الرد عن الوضوء أو التيمم طلبا للأكمل. وهو الرد حال الطهارة.

23 -

(ويطلب) من المتخلي أن يختار المكان اللين الذي لا صلابة فيه، أو المنخفض ليأمن من رشاش البول ونحوه، لقول أبي موسى: إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذات يوم، فأراد أن يبول فأتي دمثا في أصل جدار فبال ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم:"إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعا" أخرجه أبو داود (2){111} .

(1) انظر رقم 757 ص 403 ج 1 فيض القدير، شرح الجامع الصغير.

(2)

انظر ص 26 ج 1 - المنهل العذب (الجرل يتبوأ لبوله). و (الدمث) يفتح فكسر أو سكون، الأرض السهلة. و (فليرتد) من الارتياد وهو الاختبار، أي فليختر مكانا سهلا لينا أو متخفضا.

ص: 220

(والحديث) وإن كان ضعيفا، لأن في سنده مجهولا، فإن أحاديث الأمر بالتنزه عن البول تفيده قوة.

24 -

(ويطلب) من قاضي الحاجة أن يتقي الجحر لئلا يكون فيه شيء يؤذيه لحديث قتادة عن عبد الله بن سرجس قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى ىله وسلم ان يبال في الجحر. قالوا لقتادة: ما يكره من البول في الجحر؟ قال: يقال أنها مساكن الجن. أخرجه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم والبيهقي (1){112} .

(والحديث) يدل على كراهة البول في الحفر التي تسكنها الهوام والسباع. إما لأنها مساكن الجن. أولا لأنه يؤذي ما فيها من الحيوانات أو تؤذيه. ومثل البول الغائط.

25 -

(ويطلب) ممن أراد قضاء الحاجة أن يتجنب طريق الناس وظلهم، لما فيه من أذيتهم بالتنجيس والرائحة الكريهة (ولحديث) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: اتقوا اللاعنين. قالوا: وما اللاعنان يا رسول الله؟ قال الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود (2){113} .

(1) انظر ص 257 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء). و (سيرجس) يفتح فسكون فكسر ممنوع من الصرف للعامية والعجمة. و (الجحر) بضم فسكون الشق في الحائط أو في الأرض.

(2)

انظر ص 256 ج 1 - الفتح الرباني. وص 297 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء). والمراد باللاعنين الأمران اللذان يحملان الناس على اللعن، وذلك أن من فعلهما لعن وشتم عادة، فلما صار سببا للعن أسند اللعن إليهما على طريق المجاز العقلي ويحتمل أن يكون اللاعن بمعنى الملعون، أي الملعون فاعلهما.

ص: 221

26 -

ويطلب من قاضي الحاجة ألا يبول في مستحمه، لأنه جالب للوسواس ولحديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"لا يبولن أحدكم في مستحمه ثم يغتسل فيه. فإن عامة الوسواس منه". أخرجه أحمد والأربعة وفي رواية "ثم يتوضأ فيه (1) "{114} .

27 -

ويطلب من المتخلي البول قاعدا. ويكره قائما، لقول جابر رضي الله عنه: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يبول الرجل قائما أخرجه ابن ماجه (2){116} .

والنيه فيه محمول على الكراهة لقول حذيفة: أتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سباطة قوم فبال قائما، ثم دعا بماء فمسح على خفيه. أخرجه السبعة والبيهقي (3){116} .

فعل ذلك بيان الجواز وأنه ليس بحرام وكانت عادته المستمرة البول قاعدا (وقول) عائشة رضي الله عنها: من حدثكم أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بال قائما فلا تصدقوه وما كان يبول إلا جالسا. أخرجه أحمد والأربعة

(1) انظر ص 258 ج 1 - الفتح الرباني. وص 297 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء). و (الوسواس) بكسر الواو الأولى، حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه، أو بما فيه شر، وإما بفتحها فاسم للشيطان.

(2)

انظر ص 67 ج 1 - ابن ماجه (في البول قاعدا).

(3)

انظر ص 382 ج 5 مسند أحمد، وص 298 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء) و (البساطة) الكناسة بالضم وزنا ومعنى.

ص: 222

إلا أبا داود وقال الترمذي: هو أحسن شيء في الباب وأصح (1){117} .

(يحمل) على ما وقع منه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في البيت. وقد بال قائما في غيره فلم تطلع عليه عائشة وقد حفظه حذيفة والمثبت مقدم على النافي.

(وبكراهة) البول قائما قال الحنفيون والشافعي وأحمد (وقال مالك) إن كان البول في مكان لا يتطاير عليه منه شيء فلا بأس به قائما، وإلا كره (2) (وأباح) البول قائما طائفة وثبت عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما (قال) ابن المنذر: البول جالسا أحب إلى وقائما مباح، وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى ىله وسلم (قالوا) وأحاديث النهي لم يثبت منها شيء (ورد) بأنها معتضدة بما تقدم عن عائشة من أنه صلى الله عليه وعلى أله وسلم ما كان يبول إلا جالسا. وقد علمت أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إنما بال قائما، لبيان الجواز.

(وقال الشافعي) إن العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بالبول قائما، فلعله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان به إذ ذاك. وقيل فعل ذلك لجرح كان في باطن ركبته، أو لامتلاء السباطة بالنجاسة، فلم يجد مكانا للجلوس. (قال النووي) وقد روى في النهي عن البول قائما أحاديث لا تثبت. ولكن حديث عائشة رضي الله تعالى عنها ثابت. ولهذا قال العلماء: ويكره البول قائما إلا لعذر. وهي كراهة تنزيه لا تحريم (3).

(1) انظر ص 260 ج 1 - الفتح الرباني. وص 299 ج 2 تيسير الوصول. وص 66 ج 1 - ابن ماجه (في البول قاعدا).

(2)

تفصيل مذهب مالك (أ) إن كان المكان طارها رخوا جاز البول قائما والجلوس أولي لأنه استر (ب) وإن كان رخوا نجسا بال قائما مخافة التنجس (جـ) وإن كان صلبا نجسا لا يبول فيه قائما ولا جالسا خشية التنجس (د) وإن كان صلبا طاهرا تأكد الجلوس خشية التنجيس.

(3)

انظر ص 166 ج 3 شرح مسلم.

ص: 223

(ولا ريب) أن البول من قيام من الجفاء والغلظة والمخالفة للهيئة المستحسنة، مع كونه مظنة لانتضاح البول وترشرشه على البائل وثيابه. فأقل أحوال النهي مع هذه الأمور أن يكون البول من قيام مكروها.

(هذا) وقد أجمع العلماء على أنه يجوز للشخص أن يتخذ ليلا إناء يبول فيه، لقول أميمة بنت رقيقة: كان للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قدح من عيدان تحت سريره يبول فيه بالليل. أخرجه النسائي وأبو داود وحسنه الحافظ (1){118} .

12 -

شعر الرأس: الشعر بسكون العين وفتحها وهو في الرأس زينة والكلام في إعفائه وفرقه وترجيله وحلقه كلا أو بعضا ووصله ونمصه.

(أ) إعفاؤه: هو سنة (قال) في شرح المصابيح: لم يحلق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم راسه في سني الهجرة إلا في عام الحديبية وعمرة القضاء وحجة الوداع ولم يقصر شعره إلا مرة واحدة كما في الصحيحين (2). وسئل الإمام أحمد عن الرجل يتخذ الشعر، فقال سنة حسنة لو أمكننا اتخذناه. كان للنبي صلى الله عليه وسلم جمة (3).

(وقالت) عائشة: كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من

(1) انظر ص 297 ج 2 تيسير الوصول (آداب الاستنجاء). و (عيدان) بفتح فسكون اسم لطوال النخل، الواحد عيدانة.

(2)

انظر ص 39 - المواهب اللدنية على الشمائل المحمدية.

(3)

انظر ص 73 ج 1 مغنى ابن قدامة. و (الجمة) مجتمع شعر الناصية.

ص: 224

إناء واحد وكان له شعر فوق الجمة ودون الوفره. أخرجه أبو داود والترمذي في الشمائل (1){119} .

(ويستحب) أن يكون شعر الإنسان على صفة شعر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إذا طال فالي منكبيهز وإن قصر فالي شحمة أذنيه.

(ب) فرقه: هو بفتح فسكون قسم الشعر نصفين من جانب اليمين واليسار وهو ضد السدل الذي هو الإرسال من سائر الجوانب والفرق مستحب (لحديث) ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رءوسم وكان أهل الكتاب يسدلون رءوسهم وكان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم راسه. أخرجه الترمذي في الشمائل والشيخان وأبو داود والنسائي (2){120} .

(وإنما) أحب موافقة أهل الكتاب دون المشركين لتمسك أولئك ببقايا شرائع الرسل، والمشركون لا مستند لهم إلا ما وجدوا عليه آباءهم. (وحكمة) عدوله عن موافقتهم في السدل أن الفرق أنظف وأبعد عن الإسراف في غسله وعن مشابهة النساء. والحديث يدل على جواز الأمرين وأن الفرق أفضل لأنه آخر الأمرين من فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(جـ) ترجيله: الترجل والترجيل تسريح الشعر وتحسينه. ويستحب تسريح شعر الرأس واللحية ودهنه بطيب وزيت ونحوهما (وقالت) عائشة:

(1) انظر ص 41 الشمائل المحمدية. وص 82 ج 4 سنن أبي داود (ما جاء في الشعر). و (الجمة) يضم الجيم وشد الميم شعر الراس يصل إلى المنكبين. و (الوفرة) بفتح فسكون الشعر يصل إلى الأذنين لأنه وفر على الأذن أي اجتمع عليها.

(2)

انظر ص 42 - الشمائل المحمدية (شعره صلى الله عليه وسلم. وص 80 ج 2 تيسير الوصول (السدل والفرق).

ص: 225

كنت أرجل رأس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنا حائض. أخرجه الترمذي في الشمائل (1){121} .

(وقال) أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع حتى كأن ثوبه ثوب زيات. أخرجه الترمذي في الشمائل (2){122} .

وإكثاره الدهن والتسريح كان في وقت دون وقت (لقول) عبد الله ابن مغفل: نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الترجل إلا غبا أخرجه الثلاثة (3){123} .

والغب مرة في أسبوع (وقال) عطاء بن يسار: أتى رجل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثائر الرأس واللحية فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كأنه يأمره بإصلاح شعره ولحيته، ففعل ثم رجع، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟ . أخرجه مالك وابن حبان وصححه (4){124} .

(د) حلق الرأس: يباح للرجل حلق كل رأسه عند الجمهور لحديث

(1) انظر ص 43 - الشمائل المحمدية (ترجله صلى الله عليه وسلم.

(2)

انظر ص 44 منه. و (الدهن) بفتح فسكون استعمال الدهن بالضم وهو ما يدهن به من زيت وغيره. و (القناع) بكسر القاف وتخفيف النون خرقه توضع على الرأس حين استعمال الدهن لتقى العمامة منه وهي المراد بالثوب في قوله: كأن ثوبه ثوب زيات.

(3)

انظر ص 80 ج 2 تيسير الوصول (الترجل).

(4)

انظر ص 79 منه. و (الثائر) الشعث بعيد العهد بالدهن والترجيل.

ص: 226

عبد الله بن جعفرب أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمهل آل جعفر حين أتى نعيه ثلاثا. ثم أتاهم فقال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم. ثم قال: ادعوا لي بني أخي. فجيء بنا كأننا أفرخ فقال: أدعوا لي بالحلاق فحلق رؤوسنا" أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن وفي شيخه مقال (1){125} .

(وقال) وائل بن حجر (أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولي شعر طويل فلما رآتي قال: ذباب ذباب فرجعت فجزرته ثم أتيته من الغد فقال: أتى لم آعنك، وهذا أحسن. أخرجه أبو داود والنسائي وأبو ماجه. وفيه عاصم بن كليب أحتج به مسلم. وقال أحمد: لا بأس بحديثه (2){126} .

(وعن) أحمد وبعض المالكية أنه يكره حلقه إلا للضرورة، لقول النبي صلى الله وعلى آله وسلم:"لا توضع النواصي إلا في حج أو عمرة" أخرجه الدارقطني في الأفرارد. ذكره ابن قدامة (3){127} .

(وقال) أحمد: إنما كرهوا الحلق بالموسى. أما بالمقراض فليس به باس، لأن أدلة الكراهة تختص بالحلق وما استدلوا به لا يقوي على معارضة الأحاديث الصحيحة الدالة على إباحة الحلق بلا كراهة (وقوله) لا توضع النواصي، ليس نصا في الحلق. بل يحتمله والقص (والراجح) ما ذهب إليه الجمهور من جواز حلق جميع الراس أو تركه بلا كراهة. وهذا كله في حق الرجال.

(1) انظر ص 80 ج 2 تيسير الوصول (الحلق). و (أفرخ) جمع فرخ، وهو صغير ولد الطائر، شبههم، بذلك لأن شعرهم يشبه زغب الطير وهو أول ما يطلع من ريشه.

(2)

انظر ص 82 ج 4 سنن ابي داود (تطويل الجمة). (الذباب) بضم ففتح الشؤم أو الشر الدائم.

(3)

انظر ص 74 ج 1 مغني ابن قدامة.

ص: 227

(وأما النساء) فيحرم عليهن حلق رءوسهن (لقول) على رضي اله عنه: "نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن تحلق المرأة رأسها" أخرجه النسائي والترمذي وقال: فيه اضطراب (1){128} .

ولأن في حلقها رأسها تشبها بالرجال، وهو حرام (لما روى) ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال. أخرجه السبعة إلا مسلما (2){129} .

(هـ) حلق بعض الرأس: أجمع العلماء على أنه يكره تنزيها حلق بعض الرأس وترك بعضه (لحديث) نافع عن ابن عمر قال: نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن القزع فقيل لنافع ما القزع؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعضه. أخرجه السبعة إلا الترمذي (3){130} .:

(ففي الحديث) النهي عن القزع. وأصل النهي للتحريم. لكن قال النووي: أجمع العلماء على كراهة القزع تنزيه وكرهه مالك في الجارية والغلام مطلقا. وقال بعض اصحابه لا بأس به في القصة والقفا للغلام. ومذهبنا كراهته مطلقا للرجل والمرأة لعموم الحديث (والحكمة) في كراهته أنه يشوه الخلقة. وقيل لأنه زي أهل الشر. وقيل لأنه زي اليهود (4) وقد جاء هذا

(1) انظر ص 80 ج 2 تيسير الوصول (الحلق).

(2)

انظر رقم 7265 ص 271 ج 5 فيض القدير شرح الجامع الصغير.

(3)

انظر ص 80 ج 2 تيسير الوصول (الحلق) و (القزع) بفتح القاف والزاي جمع قزعة. وهي الأصل القطعة من السحاب. سمي شعر الرأس إذا حلق بعضه وترك بعضه قزعا، تشبيها بالسحاب المتفرق.

(4)

انظر ص 101 ج 14 شرح مسلم.

ص: 228

مصرحا به في رواية عن الحجاج بن حسان قال: دخلنا على أنس بن مالك "فحدثتني اختي المغيرة" قالت وأنت يؤمئذ غلام ولك قرنان أو قصتان فمسح رأسك وبرك عليك، قال: احلقوا هذين أو قصرهما، فإن هذا زي اليهود. أخرجه أبو داود (1){10} .

(و) وصل الشعر: هو أن يضاف إليه شعر آخر يكثر به وهو حرام (لقول) أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقالت يا رسول الله: أن لي ابنة عريسا أصابتها حصبة فتمرق شعرها أفأصله؟ فقال: لعن الله الواصلة والمستوصلة. أخرجه الشيخان والنسائي (2){131} .

(الواصلة) من تصل شعر المرأة بشعر آخر (والمستوصلة) من تطلب وصل شعرها. والحديث صريح في تحريم الوصل. ولعن الواصلة والمستوصلة مطلقا على الظاهر المختار (وقد) فصل الفهاء. فقال الحنفيون ومالك وكثيرون: الوصل ممنوع سواء وصلته بشعر أو صوف أو خرق (لقول) جابر: زجر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا. أخرجه مسلم (3){132} .

(وقالت) الشافعية: إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام اتفاقا لعموم الأحاديث. ولأنه يحرم الإنتفاع بشعر الآدمي احتراما وإكراما (وكذا) إن وصلته بشعر نجس من غير آدمي وهو شعر الميتة وشعر ما لا يؤكل لحمه إذا انفصل

(1) انظر ص 84 ج 4 سنن أبي داود (الرخصة في الذؤاية).

(2)

انظر ص 80 ج 2 تيسير الوصول (الوصل) و (عريسا بضم ففتح فشد الياء مكسورة تصغير عروس. ويطلق على الرجل والمرأة عند الدخول بها (والحصبة) بفتح فسكون، بثر تخرج في الجلد (وتمرق) بالراء المشددة وروى بالزاي المعجمة بمعنى تساقط.

(3)

انظر ص 108 ج 14 نووي مسلم (تحريم فعل الواصلة).

ص: 229

في حياته للحديث ولأنه حمل نجاسة عمدا (وإن) وصلته بشعر طاهر من غير الآدمي ولم يكن لها زوج فهو حرام ايضا وإن كانت ذات زوج فثلاثة أوجه. أصحها إن فعلته بإذن الزوج جاز وإلا فهو حرام لما تقدم (ولحديث) حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية عام حج وهو على المنبر وتناول قصة من شعر كانت في يد حرسي يقول: يأهل المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ينهي عن مثل هذه ويقول: "إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذها نساؤهم". أخرجه الجماعة (1){133} .

(وقال) أحمد والليث: الوصل الحرام مختص بوصل الشعر بالشعر لما فيه من التدليس واستعمال المختلف في نجاسته. وغيره لا يحرم لما فيه من تحسين المرأة لزوجها من غير مضرة ولا مخالفة (أما ربط) خيوط الحرير الملونة وغيرها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهى عنه اتفاقا لأنه ليس بوصل وإنما هو للتجميل والتحسين (2).

(ز) نمص الشعر: وهو إزالة شعر الوجه والحاجبين وهو حرام إلا إذا نبت للمرأة لحية أو شارب فلا تحرم الإزالة بل تستحب أو تجب كما تقدم (3) وأصله حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله. أخرجه السبعة (4){134} .

(1) انظر ص 8 ج 2 تيسير الوصول (الوصول) و (القصة) بضم القاف وشد الصادر الخصلة من الشعر تؤخذ من الناصية حذاء الجبهة (والحرسي) بفتحتين وأحد الحرس. وهم خدم السلطان المرتبون لحراسته.

(2)

انظر ص 104 ج 14 شرح مسلم.

(3)

تقدم ص 183.

(4)

انظر رقم 7272 ص 272 ج 5 فيض القدير.

ص: 230

(1)

أما الواشمة: فهي التي تشم غيرها بأن تغرز أبرة أو نحوها في ظهر الكف أو غيره من البدن حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر وهو حرام على الفاعل والمفعول به باختياره والطالب له. وموضع الوشم يصير نجسا عند الشافعية فإن أمكن إزالته وجبت وإن لم يمكن إلا بالجرح بلا مشقة ولا خوف تلف لزم إزالته فورا (وإن خاف منه) تلفا أو فوات عضو أو شيئا فاحشا لم تجب إزالته.

(2)

والمستوشمة التي تطلب الوشم وهو حرام أيضا.

(3)

والنامصة بالصاد المهملة هي التي تزيل الشعر من الوجه والحاجبين والمتنمصة التي تطلب ذلك وهو حرام كما تقدم.

والمتفلجة بالجيم التي تفعل الفلج (بفتحتين) في أسنانها بأن ترقق أسنانها بمبرد أظهارا للصغر وحسن الأسنان ويقال له الوشر "بفتح فسكون" ومنه: لعن الله الواشرة والمستوشرة. وهذا الفعل حرام على الفاعل والمفعول به ذلك للحسن. أما أن فعل علاجا أو لعيب في السن فلا باس به (1).

و(المغيرات خلق الله) صفة لازمة لمن تصنع الوشم وما بعده. فلا يجوز للمرأة تغيير شيء من خلقتها بزيادة ولا نقص التماسا للحسن لزوجها أو غيره كمقرونة الحاجبين تزيل ما بينهما توهم البلج (بفتحتين) وهو الوضوح والظهور وهو حرام بالإجماع، لأن الله خلق الصورة فأحسنها وفاوت في الجمال بينها. فمن أراد أن يغير خلق الله فيها ويبطل حكمته فيها فهو جدير بالإبعاد والطرد لأنه ارتكب أمرا ممنوعا غير مأذون فيه.

(ومنه) تغيير الوجه والشفتين والحواجب والأظافر بالألوان المختلفة

(1) انظر ص 106 ج 14 شرح مسلم (تحريم فعل الواصلة).

ص: 231