الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(جـ) التيمم
هذا هو المقصد الثالث من مقاصد الطهارة. أخر عن الوضوء والغسل اقتداء بالكتاب، ولأنه بدل عنهما، لذا لا يصار إليه إلا عند العجز.
وهو لغة: القصد. وشرعاً القصد إلى الصعيد الطاهر لمسح الوجه واليدين بضربة او ضربتين بنية استباحة ما منعه الحدث لمن لم يجد الماء او خشي الضرر من استعماله. (وهو) مشروع بالكتاب والسنة والإجماع. قال تعالى: (وإن كنتم مرضى او على سفر او جاء أحد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وايديكم منه) من آية 6 - المائدة (وعن) ابي إمامة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: جعلت الأرض كلها لي ولامتي مسجداً وطهوراً: فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره. أخرجه أحمد بسند رجاله ثقات الا سيار الاموي. وهو صدوق (1){364} .
(والتيمم) من خصائص هذه الأمة (لحديث) جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت خمساً لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر. وجعلت لي الأرض - وفي رواية "ولأمتي" مسجداً وطهوراً فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل. وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي. وأعطيت الشفاعة. وكان النبي يبعث لقومه خاصة وبعثت للناس عامة. أخرجه أحمد والشيخان (2){365} .
(1) انظر صفحة 187 ج 2 - الفتح الرباني (اشتراط دخول الوقت للتيمم).
(2)
انظر صفحة 187 منه. وصفحة 298 ج 1 فتح الباري (التيمم).
(وهو) رخصة في المحل حيث اقتصر فيه على مسح الوجه واليدين. وفي الالة حيث اكتفى فيه بالصعيد- ثم الكلا. ينحصر في عشرة مباحث.
(أ) أسباب التيمم- هي ثلاثة أقسام- (1) سبب مشروعيته ما في حديث عائشة قالت: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض إسفاره حتى إذا كنا بالبيداء انقطع عقد لي، فأقام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على التماسه، وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فأتى الناس إلى أبى بكر فقالوا: الا ترى الى ما صنعت عائشة؟ فجاء ابو بكر والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فعاتبني وقال ما شاء الله ان يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي، فما يمنعني من التحرك الا مكان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على فخذي فنام حتى أصبح على غير ماء. فأنزل الله تعالى آية التيمم "فتيمموا" قال اسيد بن حضير: ما هي أول بركتكم يا آل ابي بكر. قالت فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته. أخرجه مالك والخمسة الا الترمذي (1){366} .
(ب) وسبب وجوبه ما تقدم في الوضوء والغسل (2).
(جـ) وسبب اباحته فقد الماء حقيقة او حكماً، بأن وجده ولكنه عجز عن استعماله لعذر من الاعذار الاتية في بحث الفقد الحكمي.
(أما الفقد الحقيقي) فيتحقق عند الحنفيين ببعد الماء مقدار ميل (3)(4).
(1) انظر صفحة 323 ج 2 تيسير الوصول (التيمم).
(2)
انظر صفحة 217 (سبب وجوب الوضوء) وصفحة 304 (موجبات الغسل).
(3)
(الميل) اربعة الاف ذراع فلكي. والذراع 46 سنتيمتراً. ستة واربعون وثلاثة اثمان سنتيمتر، فيكون الميل 1855 خمسة وخمسين وثمانمائة والف متر.
(4)
(الميل) أربعة آلاف ذراع فلكي. والذراع 46 سنتيمتراً. ستة واربعون وثلاثة اثمان سنتيمتر، فيكون الميل 1855 خمسة وخمسين وثمانمائة والف متر.
(وعند) المالكيين ببعده ميلين. وعند الشافعيين ببعده عنه أكثر من نصف فرسخ أي اكثر من ميل ونصف ميل (وعند) الحنبلية ببعده عرفاً.
(فيتيمم) المحدث حدثاً أكبر أو اصغر - إذا فقد الماء الكافي لطهارته من حدث وخبث- لكل ما يتوقف على الطهارة المائية (لحديث) عمران بن حصين رضي الله عنه قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجلاً معتزلاً لم يصل مع القوم فقال يا فلان ما منعك أن تصلي؟ قال أصابتني جنابة ولا ماء قال. عليك بالصعيد فإنه يكفيك. أخرجه الشيخان والنسائي (1){367} .
(والصعيد) التراب الطاهر او ما على وجه الأرض من تراب وغيره على ما يأتي بيانه أن شاء الله تعالى (ودل) قوله "يكفيك" على ان المتيمم في مثل هذه الحال لا يلزمه القضاء. (ويحتمل) ان يكون المراد يكفيك للأداء. فلا يدل على ترك القضاء. والأول أظهر (والحديث) يدل على مشروعية التيمم عند عدم الماء للجنب وغيره بالأولى. وعليه الإجماع (ولم يخالف) فيه أحد إلا ما حكى عن إبراهيم النخعي من عدم جوازه للجنب (وإذا) صلى الجنب بالتيمم ثم وجد الماء، وجب عليه الاغتسال بإجماع العلماء، للأحاديث الصحيحة المشهورة في أمره صلى الله عليه وسلم "الجنب يغسل بدنه إذا وجد الماء".
هذا. ولا يجوز التيمم لفاقد الماء الا بعد طلبه وتبين عدم وجوده (لقول) عائشة: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلو المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونزل فثنى رأسه في حجري راقداً وأقبل أبي فلكزني لكزة شديدة وقال: أحبست الناس في قلادة؟ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وعلى
(1) انظر صفحة 325 ج 2 تيسير الوصول (التيمم). ورواه البخاري صفحة 305 ج 1 فتح الباري (الصعيد الطيب وضوء المسلم).
آله وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الناس الماء فلم يوجد. فنزلت: (يأيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم) الآية 6 - المائدة. فقال أسيد بن حضير: لقد بارك الله للناس فيكم يا آل أبى بكر. ما أنتم إلا بركة لهم. أخرجه البخاري والبيهقي (1){368} .
"وبوجوب" طلب الماء في العمران وما قرب منه قبل التيمم "قالت" الأئمة الأربعة ظن قربه ام لا (اما المسافر) فيجب عليه عند الحنفيين طلبه ولو برسوله ان ظن قربه دون ميل بإمارة كرؤية خضرة او طير او بأخبار عدل مكلف من الامن (وإن) كان مع رفيقه ماء وظن أو شك ان سأله أعطاه، لزمه طلبه منه قبل التيمم. فإن منعه ولو دلالة بأن استهلكه تيمم وصلى (وكذا) لو غلب على ظنه أنه لا يعطيه يتيمم بلا طلب (وإن) لم يعطه الا بالثمن، لزمه شراؤه بثمن المثل في ذلك الموضع او في أقرب موضع اليه او بزيادة يسيرة ان كان قادراً عليه ولو بمال غائب اذا امكنه الشراء نسيئه وكان فاضلاً عن حاجته (فإن) لم يعطه الا بغبن فاحش "وهو ضعف القيمة" او لم يكن قادراً على الثمن، او ليس فاضلاً عن حاجته، لا يلزمه شراؤه ويتيمم (وقالت) المالكية: اذا ظن او شك وجود الماء في مكان اقل من ميلين، لزمه طلبه ان لم يشق عليه (ويلزمه) طلبه من رفقته ان اعتقد او ظن او شك او توهم انهم لا يبخلون به (فإن) تيمم حينئذ ولم يطلبه، أعاد الصلاة في الوقت وبعده ان اعتقد او ظن انهم يعطونه الماء. وأعاد في الوقت فقط ان شك في ذلك. ولا يعيد مطلقاً ان توهم (ومحل) لزوم الاعادة ان لم يتبين عدم الماء معهم، فإن تبين عدمه فلا اعادة مطلقاً. ويلزمه شراء
(1) انظر ص 189 ج 8 فتح الباري (قوله فان لم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً).
الماء بثمن معتاد لم يحتج اليه ولو بدين ان كان غنياً ببلده (وقالت) الشافعية: يجب على فاقد الماء طلبه من رفقته ولو بمن يثق به ان كان في الوقت سعة. والا تيمم وصلى بلا طلب. وان لم يجده في رفقته.
(أ) فإن كان في حدث الغوث "بأن يكون في مكان لا يبعد عن رفقته بحيث لو استغاث بهم أغاثوه" وتيقن وجوده، لزمه طلبه ان امن على نفسه وماله وان لم يأمن بقاء الوقت (وكذا) يلزمه طلبه ان توهم وجوده وأمن على نفسه وماله وأمن من الانقطاع عن رفقته ومن خروج الوقت.
(ب) وإن كان الماء في حد القرب "بأن يكون بينه وبين الماء نصف فرسخ فأقل" لا يجب عليه طلبه الا ان تيقن وجوده وأمن على نفسه وماله وإن لم يامن بقاء الوقت (وقالت) الحنبلية: يجب على فاقد الماء طلبه في رحله وما قرب منه عادة ومن رفقته ما لم يتيقن عدمه (وكيفية) طلب الماء ان يطلبه اولاً في رحله ورفقته ثم إن رأى خضرة او شيئاً يدل عليه قصده. وإن كان بقربه مكان مرتفع طلبه عنده. وإن كان بمستو من الأرض نظر أمامه وخلفه وعن يمينه وعن يساره. وإن وجد من له خبرة بالمكان سأله عن مياهه. وإن دل على ماء قصده وجوباً إن كان قريباً ما لم يخف على نفسه او ماله، او يخشى فوات رفقته او فوات الوقت. وإن تيقن عدم الماء لا يلزمه طلبه.
(فائدة) من كان على بدنه نجاسة وعنده ماء لا يكفي الا لرفع الحدث او ازالة النجاسة أزالها وتيمم اتفاقاً ومن كان محدثاً وعنده ماء لا يكفي للطهارة، فهو في حكم المعدوم عند الحنفيين ومالك والثوري والاوزاعي (وقالت) الشافعية في المشهور عنهم وداود الظاهري: يجب استعماله فيما يفي به ويتيمم للباقي. وهو رواية عن أحمد (لحديث) أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم". أخرجه أحمد والشيخان (1){369} .
(1) انظر ص 157 ج 1 - الفتح الرباني. وصدره: ذروني ما تركتكم. وص 329 ج 1 نيل الأوطار (من وجد ما يكفي بعض طهارته يستعمله).
(وهذا) الحديث أصل من الأصول العظيمة وقاعدة من القواعد النافعة. ويؤيده قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم) من اية 16 - التغابن. فيصح الاستدلال بالحديث على العفو عن كل ما خرج عن الطاقة وعلى وجوب الاتيان بما دخل تحت الاستطاعة من المأمور به وأنه ليس مجرد خروج بعضه عن الاستطاعة موجباً للعفو عن جميعه. (وأما الفقد الحكمي) فأسبابه خمسة:
1 -
خوف الضرر: "فمن خاف" من استعمال الماء- بغلبة الظن او تجربة او اخبار طبيب مسلم حاذق - حدوث مرض او زيادته او تأخير برء "تيمم"(وعند) الشافعية يكفي كون الطبيب حاذقاً ولو كافراً إن صدقه المتيمم. ولا تكفي التجربة على الراجح (ودليل) اباحة التيمم لخوف الضرر حديث الزبير بن خريق عن عطاء عن جابر قال: خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: قتلوه قتلهم الله. ألا سألوا اذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال. إنما كان يكفيه ان يتيمم ويعصر او يعصب على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده. أخرجه أبو داود والبيهقي والدارقطني وقال: لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير وليس بالقوى وخالفه الاوزاعي فرواه عن عطاء عن ابن عباس (1){370} .
(1) انظر ص 190 ج 3 - المنهل العذب (المجروح يتيمم) وص 227 ج 1 سنن البيهقي. وص 69 سنن الدارقطني. و (العي) بكسر العين وشد الياء الجهل. وأخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه من حديث الاوزاعي عن عطاء عن ابن عباس الى قوله صلى الله عليه وسلم: ألم يكن شفاء العي السؤال؟ وهو الصواب. انظر ص 160 ج 1 - الفتح الرباني. وص 192 ج 3 - المنهل العذب (المجروح يتيمم). وص 104 ج 1 سنن ابن ماجه (المجروح تصيبه الجنابة فيخاف على نفسه ان اغتسل). و (أخرجه) البيهقي من عدة طرق وضعفه وقال: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء لكن صح عن ابن عمر فعله. انظر ص 228 ج 1 سنن البيهقي (المسح على العصائب).
(وعن) ابن عباس في قوله تعالى: (وإن كنتم مرضى او على سفر) قال صلى الله عليه وسلم: إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله او القرح او الجدري فيجنب فيخاف ان اغتسل ان يموت فليتيمم. أخرجه البيهقي والحاكم (1){371} .
(وإلى هذا) ذهب عامة العلماء الا ما روي عن الحسن وعطاء من عدم جواز التيمم للمريض الا عند عدم الماء لظاهر قوله تعالى: (فلم تجدوا ماءً فتيمموا)(ورد) بأن الاية مصروفة عن ظاهرها بالاحاديث السابقة. فمعناها والله أعلم. وإن كنتم مرضى وعجزتم او خفتم من استعمال الماء ضرراً او كنتم على سفرٍ فلم تجدوا ماءً فتيمموا (فائدة) من لم يضره استعمال الماء ولكنه لا يقدر على استعماله بنفسه ولم يجد من يوضئه تيمم. أما لو وجد من تلزمه طاعته كخادمه وولده وضأه ولا يتيمم اتفاقاً. وكذا إن وجد غيره ممن لو استعان به لأعانه عند غير أبي حنيفة. (وقال) ابو حنيفة: يتيمم لأن القادر بالغير لا يعد قادراً.
2 -
خوف البرد: فمن خاف من استعمال الماء ان يهلكه البرد او يلحق به ضرر، تيمم (لقول) عمرو بن العاص: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت ان اغتسلت ان اهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح.
(1) انظر ص 224 ج 1 بيهقي (الجريح والقريح والمجدور يتيمم اذا خاف التلف). و (القرح) بفتح فسكون، الجرح. وقيل: بالفتح الجرح وبالضم ألمه. و (الجدري) بضم الجيم وفتحها وفتح الدال، قروح تنفط عن الجلد ممتلئة ماء، ثم تنفتح. وصاحبها مجدور.
فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكروا ذلك له. فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فقلت ذكرت قول الله تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً) عجز اية 29 - النساء فتيممت ثم صليت. فضحك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم يقل شيئاً. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقي والحاكم (1){372} .
(دل) على جواز التيمم عند شدة البرد ومخافة الهلاك، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يقر باطلاً. والتبسم والاستبشار أقوى دلالة على الجواز من السكوت "وإلى جواز" التيمم لمن خاف من البرد تلفاً او مرضاً ان تطهر بالماء، "ذهب" جمهور السلف والخلف بشرط ألا يقدر على تسخين الماء او اجرة حمام ولم يجد ثوباً يدفئه ولا مكاناً يأويه.
(ومن) صلى بالتيمم لا اعادة عليه إذا وجد الماء، لأنه أتى بما قدر عليه وأمر به. ولأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يأمر عمرو بن العاص بالاعادة. ولو كانت واجبة لأمره بها. (وبهذا) قال ابو حنيفة ومالك والثوري وابن المنذر. عملاً بحديث عمرو بن العاص وبحديث عمران بن حصين السابق (2).
(وقالت) الشافعية: اذا تيمم للبرد او لنسيان الماء في رحله او اضلاله فيه، اعاد الصلاة (واذا) تيمم للمرض او لفقد آلة او الخوف نحو سبع او لخوف غرق او لحاجة ضرورية الى الماء او ثمنه فلا اعادة عليه. (واذا) تيمم لفقد الماء. اعاد ان كان عاصياً بسفره "ولو في مكان يغلب فيه فقد الماء" او كان في مكان
(1) يأتي رقم 114 ص 82 ج 3 - الدين الخالص (اقتداء متوضيء بمتيمم). طبعة ثانية
(2)
تقدم رقم 367 ص 336 (أما الفقد الحكمي).
يغلب فيه الماء وهو حاضر او مسافر مطلقاً (وان) كان في مكان يندر فيه الماء وهو غير مسافر سفر معصية فلا اعادة عليه، ولا دليل على هذا التفصيل. وحديث عمرو بن العاص يرده.
3 -
الخوف من عدو: يباح التيمم لمن (أ) خاف عدواً حال بينه وبين الماء انساناً كان او غيره كالحية والسبع. وسواء أخاف على نفسه ام ماله. وقدر بدرهم ولو وديعة. (ب) او خاف فوات مطلوبه باستعمال الماء كعدو خرج في طلبه او ابق او شارد يريد تحصيله، لأن في فوته ضرراً وهو منفي شرعاً (1) (ثم ان) نشأ الخوف لوعيد عبد أعاد الصلاة عند الحنفيين والا فلا (وقالت) المالكية والشافعية والحنبلية: لا يعيد مطلقاً، لأنه ادى الصلاة بوجه مشروع.
4 -
الاحتياج للماء: يباح التيمم لمن خاف حالاً او مآلاً عطش نفسه او رفيقه او دابته او دابة رفيقة، ولو كلباً غير عقور. وهذا اذا تعذر حفظ الغسالة لها (وكذا) الماء المحتاج اليه لعجن او ازالة نجاسة غير معفو عنها، يباح التيمم مع وجوده. بخلاف ما احتيج اليه لطبخ ما لا ضرورة اليه (ودليل) ذلك قول علي رضي الله عنه: اذا اصابتك جنابة فأردت ان تتوضأ- او قال تغتسل- وليس معك من الماء الا ما تشرب وانت تخاف فتيمم. أخرجه البيهقي (2){41} .
ولأنه لما خاف الضرر على نفسه أشبه المريض بل أولى (وقال) أحمد: عدة من الصحابة تيمموا وحبسوا الماء لشفاههم. ولا فرق في الرفيق بين الملازم وغيره من أهل الركب، ويلزم من معه الماء بذله لعطشان يخشى تلفه.
(1) انظر ص 121 ج 1 كشاف القناع (التيمم).
(2)
انظر ص 234 ج 1 بيهقي (الجنب او المحدث يجد ماء لغسله وهو يخاف العطش فيتيمم).
5 -
فقد الالة: يباح التيمم لفقد آلة طاهرة يخرج بها الماء كحبل ودلو ولو لم يخف فوت الوقت عند الثلاثة (وكذا) عند المالكية ان يئس من وجود الماء او الته اخر الوقت (أما) المتردد في وجود ذلك فإنه يتيمم وسط الوقت (ومن) قدر على اخراج الماء بثوب يرسلها فيه لزمه ولا يتيمم ان لم تنقص قيمة الثوب بذلك قدر درهم عند الحنفيين وأكثر من ثمن ما يستخرجه بها عند غيرهم. والا تيمم ولا اعادة عليه اتفاقاً. (وعلى الجملة) أنه متى أمكنه استعمال الماء بوجه من الوجوه من غير أن يلحقه ضرر في نفسه او ماله، لزمه استعماله والا فلا.
2 -
شروط التيمم: يشترط له ما يشترط في الوضوء والغسل. ويزاد له هنا (أ) في شروط الصحة فقد الماء حقيقة او حكماً وطلبه على ما تقدم. ويشترط أيضاً عند الحنفيين.
1 -
النية على ما يأتي بيانه.
2 -
وكون المسح باليد او بأكثرها او بما يقوم مقامها كتحريك وجهه ويديه في الغبار. فلو مسح بأصبعين لا يكفي ولو كرر حتى استوعب بخلاف مسح الرأس.
3 -
وتعميم الوجه واليدين بالمسح على الصحيح المفتي به فينزع الخاتم ويخلل الاصابع.
4 -
وكون التيمم بضربتين او ما يقوم مقامهما كما لو حرك رأسه ويديه في موضع الغبار بنية التيمم. وهذا هو الاصح. واختار شمس الائمة السرخسي ان الضرب ركن لما سياتي في بحث الاركان.
(ب) ويزاد في شروط الصحة والوجوب عند الحنفيين.
1 -
الاسلام فلا يجب التيمم على الكافر، لأنه غير مخاطب بفروع الشريعة ولا يصح منه، لأنه ليس أهلاً للنية.
2 -
وجود الصعيد المطهر، لقوله تعالى:(فتيمموا صعيداً طيباً) فلا يجب التيمم على فاقده ولا يصح منه بغيره ولو كان طاهراً كالأرض المتنجسة اذا جفت فإنها طاهرة تصح الصلاة عليها دون التيمم كما سيأتي في بحث ما يتيمم به إن شاء الله. (جـ) ويزداد في شروط الصحة
والوجوب عند غير الحنفيين دخول الوقت فلا يجب ولا يصح التيمم قبل الوقت عند مالك والشافعي وأحمد وداود الظاهري وغيرهم، لقوله تعالى:(إذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا) الاية. ولا قيام قبل دخول الوقت "والوضوء خصه الاجماع والسنة"(وتقدم) عن أبي أمامة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: جعلت الارض كلها لي ولأمتي مسجداً وطهوراً. فأينما أدركت رجلاً من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره. أخرجه أحمد بسند رجاله ثقات (1){373} .
(فهو) يدل بظاهره على أن دخول الوقت شرط للتيمم (وقال) الحنفيون وابن شعبان المالكي: يجوز التيمم قبل الوقت وبعده لاطلاق النصوص الواردة في التيمم، ولأنه بدل الوضوء فيجوز قبل الوقت كالوضوء. وهذا هو الظاهر. وما ذكره المخالف لا يدل على مدعاه. أما الحديث فظاهر. وأما قوله تعالى:(إذا قمتم إلى الصلاة) فمعناه أردتم القيام لها. وإرادته تكون في الوقت وقبله. فلا دليل على اشتراط الوقت في الطهارة مطلقاً حتى يقال خصص الوضوء بالاجماع.
3 -
ما يتيمم به: اتفق العلماء على صحة التيمم بالتراب الطاهر. واختلفوا فيما عداه (فقال) أبو حنيفة ومحمد: يصح بكل طاهر من جنس الارض وهو ما لا يصير رماداً بالحرق ولا يلين بالنار كالتراب والرمل والحجر والجص والنورة (2) والكحل والزرنيخ (أما) ما يصير رماداً اذا احترق كالحطب والخشب وما يلين بالنار كالحديد والرصاص، فلا يصح التيمم عليه اذا لم يكن
(1) تقدم رقم 364 ص 335 (التيمم).
(2)
(النورة) بضم النون حجر يحرق ويخلط بزرنيخ وغيره يزال به الشعر.
عليه غبار (وقال) ابو يوسف: لا يصح الا بالتراب والرمل (وقال) مالك: يصح بكل ما كان من جنس الأرض اذا لم يحرق. وجوزه بعض أصحابه بكل ما اتصل بالارض حتى الثلج والنبات الذي لا يمكن قلعه ولم يوجد غيره وضاق الوقت (وقال) الشافعي وأحمد وداود الظاهري وابن المنذر: لا يجوز التيمم بالا بتراب طاهر له غبار يعلق بالعضو لقوله تعالى: (فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) وما لا غبار له كالصخر لا يمسح بشيء منه (وقال) ابن عباس الصعيد تراب الحرث. (ويؤكده) حديث علي رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " أعطيت ما لم يعط أحد من الانبياء. فقلنا يا رسول الله ما هو؟ قال نصرت بالرعب. وأعطيت مفاتيح الارض. وسميت أحمد. وجعل التراب لي طهوراً. وجعلت امتي خير الأمم. أخرجه أحمد والبيهقي في دلائل النبوة. وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وهو سييء الحفظ قال الترمذي: صدوق وقد تكلم فيه من قبل حفظه واحتج به أحمد وغيره. فالحديث حسن (1){374} .
(وعن) حذيفة ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً. وجعلت تربتها لنا طهوراً اذا لم نجد الماء وذكر خصلة أخرى. اخرجه مسلم (2){375} .
(وجه) الدلالة أنه خص التراب بحكم الطهارة وهو يقتضي نفي الحكم عما عداه [وقال] الاوزاعي والثوري: يجوز بالثلج وكل ما علا الأرض (والأصح)
(1) انظر ص 260 ج 1 مجمع الزوائد (التيمم).
(2)
انظر ص 4 ج 5 نووي مسلم (المساجد) وكون الأرض مسجداً وطهوراً خصلة واحدة. والخصلة الأخرى قوله صلى الله عليه وسلم: "وأوتيت هذه الآيات من آخر البقرة من كنز تحت العرش".
قول ابي حنيفة ومالك، لقول الزجاج: الصعيد اسم لوجه الأرض تراباً كان او غيره. (ولحديث) عمار بن ياسر ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: إنما كان يكفيك ان تصنع هكذا وضرب بيديه على الارض ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه ويديه. أخرجه ابو داود من عدة طرق ومسلم (1){376} .
4 -
أركان التيمم: هي (أ) عند المالكية النية، والضربة الاولى، ومسح الوجه والكفين، والموالاة. (ب) وعند الحنبلية مسح الوجه مع اللحية سوى ما تحت شعره ولو خفيفاً وسوى الفم والانف ومسح الكفين، والترتيب، والموالاة في حدث أصغر. (جـ) وعند الشافعية: النية، ومسح الوجه واليدين مع المرفقين، والترتيب وايصال التراب الطهور الى الاعضاء قصداً. (د) وعند الحنفيين: مسح الوجه واليدين مع المرفقين.
1 -
(النية) هي ركن عند المالكية والشافعية. وشرط صحة عند الحنفيين وأحمد. وتكون عند وضع يد المتيمم على ما يتيمم به عند الحنفيين والمالكيين (وعند) الشافعية يشترط مقارنتها لنقل التراب ومسح شيء من الوجه. وعند أحمد يصح تقدمها على المسح بزمن يسير دفعاً للحرج (وكيفيتها) عند الحنفيين ان ينوي استباحة الصلاة، او رفع الحدث القائم به، او الطهارة منه. ولا يشترط تعيينه حتى لو كان جنباً ونوى الطهارة من الحدث الاصغر، أجزأه او ينوي عبادة مقصودة. وهي ما شرعت ابتداء تقرباً الى الله تعالى لا تصح بدون طهارة كالصلاة وسجدة التلاوة. وهذا شرط لصحة الصلاة به. فلا يصلي به اذا نوى التيمم فقط، او نواه الجنب او المحدث لمس المصحف، أو نواة الجنب لدخول
(1) انظر ص 164 ج 3 - المنهل العذب (التيمم). وص 61 ج 4 نووي مسلم (التيمم).
المسجد للاعتكاف، أو نواه المحدث لقراءة القرآن (وكيفيتها) عند المالكية والشافعية والحنبلية: ان ينوي فرض التيمم او استباحة ما منعه الحدث ويتوقف على الطهارة كالصلاة والطواف. ولا يصح نية رفع الحدث، لأن التيمم لا يرفعه عندهم كما تقدم (ومحلها) القلب. والتلفظ بها غير مشروع بل بدعة. وتقدم تمام الكلام عليها في الوضوء (1).
2 -
(استعمال الصعيد) يلزم استعمال الصعيد المطهر بالمسح او الضرب او بأي حال اتفاقاً. واختلفوا في كيفيته (فقال) أبو حنيفة والثوري والشافعي وأكثر الفقهاء. التيمم ضربتان: ضربة للوجه وضربة لليدين الى المرفقين (لحديث) جابر ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: التيمم ضربة للوجه وضربة لليدين الى المرفقين. أخرجه الحاكم والبيهقي والدارقطني، وقال: رجاله ثقات، والصواب وقفه. وقال الحاكم والذهبي: اسناده صحيح (2){377} .
(وعن) نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للكفين الى المرفقين. أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي وقال: الصواب بهذا اللفظ عن ابن عمر موقوف (3){42} .
(وقال) عطاء ومكحول وداود الظاهري والاوزاعي واحمد واسحاق وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث: الواجب في التيمم ضربة واحدة للوجه والكفين وهو رواية
(1) انظر ص 268 (فروض الوضوء).
(2)
انظر ص 180، ج 1 مستدرك (أحكام التيمم). وص 207 ج 1 بيهقي (كيف التيمم). وص 66 سنن الدارقطني.
(3)
انظر ص 66 سنن الدارقطني. وص 180 ج 1 مستدرك. وص 207 ج 1 سنن البيهقي (كيفية التيمم).
عن مالك والزهري (لقول) عمار بن ياسر: سألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن التيمم فأمرني ضربة واحدة للوجه والكفين. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه (1){378} .
(والمشهور) عند المالكية ان الضربة الاولى فرض والثانية سنة.
3 -
(مسح الوجه) هو ركن اتفاقاً لقوله تعالى: "فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم" فيفترض مسح جميع بشرة وشعر الوجه. ومنه العذار وهو الشعر النازل على اللحيين والبياض الذي بينه وبين الاذن والوترة "بفتحات" وهي الفاصل بين طاقتي الانف. والاجفان وما فوق العينين ولو ترك شعرة او طرف أنفه او أي جزء من وجهه لا يصح تيممه.
4 -
(مسح اليدين) هو ركن اتفاقاً، لقوله تعالى:(فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) واختلفوا فيما يفترض مسحه من اليدين (فعند) الحنفية والشافعية يفترض مسح اليدين مع المرفقين، لما تقدم عن جابر وابن عمر (2) ويلزم نزع الخاتم والسوار او تحريكهما عند الحنفيين لأن الفرض هو المسح لا وصول الغبار. والتحريك مسح لما تحته (وعند) الشافعية يلزم نزعهما ولا يكفي التحريك. (وعند) المالكية والحنبلية: الفرض مسح الكفين، لحديث عمار المتقدم (3) ففيه دلالة على أنه يكفي ضربة واحدة للوجه والكفين جميعاً (وللاخرين) ان يجيبوا عنه بأن المراد هنا صورة الضرب للتعليم. وليس المراد بيان جميع ما يحصل
(1) انظر ص 185 ج 2 - الفتح الرباني. وص 166 ج 3 - المنهل العذب (التيمم). وص 133 ج 1 تحفة الاحوذي (ما جاء في التيمم).
(2)
حديث جابر تقدم رقم 377 ص 345 (استعمال الصعيد) وأثر ابن عمر تقدم رقم 42 ص 345.
(3)
تقدم رقم 378 ص 346 (استعمال الصعيد).
به التيمم. فقد أوجب الله تعالى غسل اليدين الى المرفقين في الوضوء ثم قال في التيمم (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) والظاهر أن اليد المطلقة هنا هي المقيدة بالمرفقين في الوضوء في أول الآية. فلا يترك هذا الظاهر إلا بصريح (4)(ويؤيده) حديث ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين الى المرفقين. أخرجه الطبراني في الكبير. وفيه على بن ظبيان ضعفه يحيي بن معين وقال ابو علي النيسابوري لا بأس به (1){379} .
ولم يختلف أحد من أهل العلم أنه لا يلزم المتيمم أن يمسح بالتراب ما وراء المرفقين (2) هذا. والأخذ بأحاديث الضربتين والمرفقين أخذ بالاحتياط وعمل بأحاديث الطرفين، لاشتمال الضربتين على ضربة ومسح الذراعين الى المرفقين على مسح الكفين دون العكس (3).
5 -
(الموالاة) وهي ألا يفصل بين مسح العضوين بقدر ما يقطع التتابع في الوضوء. وهي ركن عند المالكية في التيمم مطلقاً. وكذا عند الحنبلية في التيمم عن حدث أصغر لا أكبر، لأن التيمم بدل عن الطهارة المائية والموالاة فرض في الوضوء دون الغسل. فكذا في التيمم القائم مقامه (وقالت) الحنفية والشافعية: الموالاة سنة في التيمم مطلقاً كالطهارة المائية.
6 -
(الترتيب) هو ركن عند الشافعية في التيمم مطلقاً، وكذا عند
(1) انظر ص 262 ج 1 مجمع الزوائد (التيمم).
(2)
انظر ص 99 ج 1 معالم السنن (التيمم).
(3)
انظر ص 150 ج 3 - المنهل العذب (صفة التيمم).
الحنبلية في التيمم عن حدث أصغر، لما تقدم في الموالاة (وقالت) الحنفية والمالكية: الترتيب سنة في التيمم مطلقاً.
7 -
(إيصال التراب الطهور إلى أعضاء التيمم) هو ركن عند الشافعية وشرط عند الحنبلية (وقال) أبو حنيفة ومالك: إنه ليس بشرط، لما تقدم في بحث ما يتيمم به (وسبب) اختلافهم الاشتراك الذي في حرف "من" في قوله تعالى (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) وذلك أن "من" قد ترد للتبعيض وقد ترد لتنويع الجنس (فمن) ذهب الى إنها للتبعيض، أوجب نقل التراب إلى أعضاء التيمم (ومن) رأى أنها لتنويع الجنس قال: ليس النقل واجباً (والشافعي) إنما رجح محلها على التبعيض من جهة قياس التيمم على الوضوء لكن يعارضه.
(أ) تيمم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الحائط (1)
(ب) وحديث عمارة وفيه: إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب ثم تمسحهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك. أخرجه الدارقطني (2){380} .
5 -
سنن التيمم- للتيمم سنن كثيرة المذكور منها هنا ثنتا عشرة:
1 -
التسمية في أوله بأن يقول: باسم الله والحمد لله (وهي) سنة عن الحنفيين والشافعية. (ومندوبة) عند المالكية، لما تقدم في الوضوء (وواجبة) على الذاكر القادر عند الحنبلية. فمن تركها عمداً بطل تيممه. 2 - السواك بعد التسمية وقبل نقل التراب 3 - 5 - إقبال اليدين بعد وضعهما في التراب
(1) انظر ص 55 ج 1 بداية المجتهد (صفة هذه الطهارة).
(2)
انظر ص 66 سنن الدارقطني.
وإدبارهما، ونفضهما بقدر ما يتناثر التراب من يده، منعاً من تلويث الوجه واتباعاً للسنة.
6 -
تفريج الأصابع حال الضرب مبالغة في التطهير 7 - 8 - تخليل اللحية والأصابع قبل مسح اليدين أو بعده وهذا إذا فرق أصابعه حال الضربة الثانية، وإلا كان التخليل واجباً عند الشافعية 9 و 10 - التيامن واستقبال القبلة كالوضوء.
11 -
كونه بالكيفية الآنية 12 - تأخيره إلى الوقت المستحب (1) لمن رجا وجود الماء ظناً أو شكاً، ليقع أداء العبادة بأكمل الطهارتين في أكمل الوقتين. فإن انتظر ووجد الماء توضأ وإلا تيمم لثبوت العجز. وإن لم ينتظر وتيمم أول الوقت وصلى، صحت صلاته ولا إعادة عليه وإن وجد الماء في الوقت (لحديث) أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معها ماء فتيمما صعيداً طيباً فصليا ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الوضوء والصلاة ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكرا ذلك له. فقال للذي لم يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك. وقال للذي توضأ وأعاد: لك الأجر مرتين. أخرجه النسائي وأبو داود والدارمي والحاكم والدارقطني (2){381} .
وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد (وقالت) الشافعية: إن تيمم في مكان يغلب فيه وجود الماء لزمه الإعادة وإلا فلا. ولا دليل على هذا التفصيل.
(1) بحيث يدرك الصلاة قبل خروج الوقت التي يندب تأخيرها إليه على ما يأتي بيانه في أوقات الصلاة.
(2)
انظر ص 326 ج 2 تيسير الوصول (التيمم). وص 190 ج 1 سنن الدارمي.
(ويؤيد) القول بعدم لزوم الإعادة وإن وجد الماء في الوقت حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. أخرجه وأبو داود والنسائي وابن حبان وصححه ابن السكن (1){382} .
"فالحق" الذي دلت عليه النصوص كحديث "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم (2) " وقوله في حديث أبي سعيد "أصبت السنة وأجزأتك صلاتك (3) ""أنه لا إعادة" لا في الوقت ولا بعده (أما) من وجد الماء قبل الصلاة وبعد التيمم لزمه الوضوء عند الائمة الاربعة والجمهور (وقال) داود الظاهري: لا يلزمه الوضوء، لقوله تعالى:(ولا تبطلوا أعمالكم) عجز آية 33 محمد (ورد) بأن التيمم شرع للضرورة بدلاً عن الوضوء وقد تمكن منه قبل الدخول في الصلاة (وأما) من وجد الماء في أثناء الصلاة، فيلزمه الخروج منها وإعادتها بالوضوء عند أبي حنيفة والشافعي وأحمد والأوزاعي والثوري والمزني (وقال) مالك وداود الظاهري: يستمر في صلاته وجوباً، لقوله تعالى:(ولا تبطلوا أعمالكم) ولا إعادة عليه، لأنه دخلها بوجه مشروع.
6 -
مكروهات التيمم- يكره في التيمم تكرير المسح وترك سنة من السنن المتقدمة (ويكره) أيضاً عند الحنبلية نفخ تراب خفيف. لئلا يذهب فيحتاج الى إعادة الضرب، فإن ذهب ما على اليدين بالنفخ أعاد الضرب ليحصل المسح بتراب (4).
(1) انظر ص 343 ج 5 - الفتح الرباني. وص 138 ج 1 مجتبي ولفظه: لا تعاد الصلاة (سقوط الصلاة عمن صلى مع الامام). وص 292 ج 4 - المنهل العذب.
(2)
تقدم رقم 369 ص 338 (من وجد ماء يكفي بعض الطهارة).
(3)
تقدم رقم 381 ص 348 (تأخير التيمم الى الوقت المستحب).
(4)
انظر ص 130 ج 1 كشاف القناع (صفة التيمم).
7 -
كيفية التيمم- هي أن ينوي استباحة ما يتيمم له، ثم يسمى ويستاك ويضرب يديه على الصعيد مفرجتي الأصابع وينفضهما ثم يمسح وجهه وكفيه، او يعيد الضرب ثانياً ثم ينفضهما ثم يمسح بكل كف ذراع الاخرى ظاهرها وباطنها إلى المرفقين (لما) في حديث عمار أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب، ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما، وجهك وكفيك. أخرجه الدارقطني (1){383} .
(وبهذا) أخذ المالكية والحنبلية كما تقدم (وعن) ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في التيمم بالصعيد أن يضرب بكفيه على الثري ثم يمسح بهما وجهه ثم يضرب ضربة أخرى فيمسح بهما ذراعيه إلى المرفقين. أخرجه البزار. وفي سنده سليمان بن داود الجزري وهو متروك (2){384} .
(وبهذا) أخذت الحنفية والشافعية والمالكية.
8 -
ما يباح بالتيمم - التيمم يرفع الحدث الأصغر والأكبر ويباح به كل ما لا يصح الا بالطهارة كدخول المسجد للجنب وحمل القرآن. ويصلى به ما شاء من فرض ونفل ما لم يحدث او يجد الماء، لأنه بدل عن الطهارة المائية (ولحديث) أبي ذر ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين. فإذا وجد الماء فليمسه بشرته
(1) انظر ص 67 سنن الدارقطني (التيمم لكل صلاة).
(2)
انظر ص 262 ج 1 مجمع الزوائد التيمم (والثري) كالحصى، التراب الندى.
فإن ذلك خير. أخرجه الثلاثة وحسنه الترمذي والحاكم وصححه (1){385} .
(فقد) جعله وضوءاً عند عدم الماء مطلقاً. فوجب أن يكون حكمه حكم الوضوء (وبهذا) قال الحنفيون وابن المسيب والزهري والليث ابن سعد.
(قال) البخاري: وقال الحسن يجزئه التيمم ما لم يحدث (2){43} (وقالت) المالكية والشافعية والحنبلية: التيمم مبيح فقط لا يرفع الحدث (لظاهر) ما تقدم عن عمرو بن العاص قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت ان اغتسلت أن أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح. فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ذكروا ذلك له. فقال يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ (الحديث). أخرجه أحمد وأبو داود والدارقطني (3){386} .
(وعليه) فلا يصلي به عند المالكية الا فرض واحد وما شاء من نفل بعده (ويباح) به عند الشافعية فرض واحد وما شاء من نوافل قبله وبعده (ويباح) به عند الحنبلية ما شاء من فرض ونفل في الوقت (لقول) ابن عمر "يتيمم لكل صلاة وإن لم يحدث". أخرجه البيهقي بسند صحيح وقال: وقد روي عن علي وابن عباس وعمرو بن العاص (4){44} .
(1) انظر ص 326 ج 2 تيسير الوصول (التيمم). و (وضوء) بفتح الواو أي مطهر. وقيل بضم الواو أي كوضوء المسلم.
(2)
انظر ص 305 ج 1 فتح الباري (الصعيد الطيب وضوء المسلم).
(3)
تقدم رقم 372 ص 340 (خوف البرد) من أسباب التيمم.
(4)
انظر ص 221 ج 1 بيهقي (التيمم لكل فريضة). وص 264 ج 2 مجمع الزوائد (كم يصلي بالتيمم؟ ).
(وقال) ابن عباس: من السنة الا يصلي الرجل بالتيمم الا صلاة واحدة ثم يتيمم للصلاة الأخرى. أخرجه البيهقي والطبراني في الكبير والدارقطني (1){45} وفي سنده الحسن بن عمارة. ضعفه شعبة وسفيان الثوري وأحمد.
(وإذا) كان الراجح القول الأول (ويؤيده) أيضاً حديث ابي ذر قال: اجتويت المدينة فأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بابل فكنت فيها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: هلك أبو ذر. قال ما حالك؟ قال كنت أتعرض للجنابة وليس قربى ماء. فقال: إن الصعيد طهور لمن لم يجد الماء عشر سنين. أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح (2){387} .
(فهو) دليل على (1) جواز التيمم للجنب، وإن تسبب في الجنابة وهو متفق عليه. (2) وعلى أن الصعيد مطهر يباح لمن تطهر به ما يباح لمن تطهر بالماء من صلاة وقراءة ودخول مسجد ومس مصحف وغيرها (3) وعلى أنه يجوز لفاقد الماء التيمم ما دام فاقده وإن تطاول العهد واستمر على ذلك الدهر (وذكر) العشر فيه ليس للتقييد بل للمبالغة قال ابن القيم: ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم التيمم لكل صلاة ولا أمر به، بل أطلق وجعله قائماً مقام الوضوء. وهذا يقتضي أن يكون حكمه حكم الوضوء الا فيما اقتضى الدليل خلافه (3).
(فائدتان)(الاولى) اعلم ان البدلية في التيمم بين الآلتين: الماء والتراب عند أبي حنيفة وأبي يوسف ومالك وأحمد. وبين الفعلين أي الوضوء والتيمم
(1) انظر ص 221 ج 1 بيهقي. وص 264 ج 2 مجمع الزوائد.
(2)
انظر ص 192 ج 2 - الفتح الرباني. وص 181 ج 3 - المنهل العذب (الجنب يتيمم). و (اجتويت المدينة) بالجيم أي وجدت هواءها وخيما لا يوافقني.
(3)
انظر ص 50 ج 1 زاد المعاد (هدية صلى الله عليه وسلم في التيمم).
عند محمد. وعليه يجوز اقتداء المتوضيء بالمتيمم عند الأولين غير أنه يكره عند مالك وقال محمد: لا يجوز الا في الجنازة.
(الثانية) من وجد الماء لكنه خاف باستعماله خروج الوقت (فعند) المالكية: يتيمم لغير جمعة وجنازة ويصلي ولا اعادة عليه. أما الجمعة إذا خاف خروجها باستعمال الماء، فالمشهور أنه لا يتيمم لها. وأما الجنازة فلا يتيمم لها الا فاقد الماء ان تعينت عليه (وقال) الحنفيون: يتيمم ولو كان الماء قريباً في حالين (1) لخوف فوت صلاة عيد كلها لو اشتغل بالطهارة المائة بأن خاف فراغ الامام او زوال الشمس. أما لو رجا إدراك بعضها مع الامام بعد الطهارة المائية فإنه لا يتيمم. (2) ولخوف فوت كل تكبيرات صلاة الجنازة لو اشتغل بالطهارة المائية ولو جنباً او نفساء (لقول) ابن عباس: إذا فجأتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم. أخرجه ابن عدي في الكامل وابن أبي شيبة والطحاوي والنسائي في كتاب الكني (1){46} .
(وعن) ابن عمر رضي الله عنهما أنه أتى الجنازة وهو على غير وضوء فتيمم وصلى عليها. أخرجه البيهقي في المعرفة. وهو في حكم المرفوع (2){47} .
(ولو) حضرت جنازة أخرى. فإن أمكنه الوضوء بينهما ثم فات التمكن أعاد التيمم اتفاقاً (وإن) لم يمكنه الوضوء بينهما صلى عليها بتيممه للأولى خلافاً لمحمد (ولا يصح) التيمم مع القدرة على استعمال الماء لخوف فوت وقتيه ولو وتراً وجمعة، لأن لها بدلاً (وقال) زفر: يصح التيمم لخوف فوت الوقتية
(1) انظر ص 157 ج 1 نصب الراية (التيمم للجنازة). وص 52 ج 1 شرح معاني الاثار (ذكر الجنب والحائض والنفساء وقراءتهم القرآن).
(2)
انظر ص 230 ج 1 - الجوهر النقي الصحيح المقيم يتوضأ للمكتوبة والجنازة والعيد ولا يتيمم.
احتراماً للوقت. ولذا فقالوا: الأحوط أن يتيمم ويصلى ثم يعيد (وقالت) الشافعية: لا يتيمم لخوف الفوات مع وجود الماء مطلقاً (وقالت) الحنبلية: لا يجوز ذلك الا لمسافر ضاق عليه الوقت او على وجود الماء في مكان قريب وخاف خروج الوقت إن قصده فإنه يتيمم ويصلي ولا إعادة عليه.
(9)
أقسام التيمم- أقسامه فرض ومندوب عند الثلاثة. وفرض وواجب ومندوب عند الحنفيين (فيفترض) لما يفترض له الوضوء والغسل ومنه الطواف عند الثلاثة. وقال الحنفيون: التيمم له واجب كالطهارة المائية. ويسن لما يسن له الوضوء والغسل.
(10)
نواقض التيمم- اتفق العلماء على ان التيمم ينقضه (أ) كل ما ينقض الوضوء والغسل، فلو تيمم لجنابة وأحدث حدثاً أصغر، بطل تيممه بالنسبة للحدث الأصغر دون الجنابة. ولو أحدث حدثاً أكبر بطل بالنسبة لهما.
(ب) وينقضه أيضاً عند الحنفيين، القدرة على استعمال ماء كاف للطهارة زائد عن حاجته سواء أقدر على ذلك حال الصلاة أم خارجها (لما تقدم) عن أبي ذكر الغفاري أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إن الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته. أخرجه الثلاثة وحسنه الترمذي (1){388} .
(وقالت) المالكية: يبطله أيضاً أمران (أ) وجود ماء كاف قبل الدخول في الصلاة ان اتسع الوقت لاستعماله مع إدراكها. أما وجود الماء فيها فلا يبطلها الا اذا كان ناسياً لما معه من الماء فتيمم وأحرم بها ثم تذكره فيها، فإنها تبطل إن اتسع الوقت (ب) طول الفصل بين التيمم والصلاة.
(1) تقدم رقم 385 ص 350 (ما يباح بالتيمم).
(وقالت) الشافعية والحنبلية: ينقضه ايضاً (أ) وجود الماء وإن قل ولو في اثناء الصلاة مطلقاً عند أحمد. وكذا عند الشافعي إن كان في صلاة تجب إعادتها (ب) ويبطل بالردة عند المالكية والشافعية والحنبلية وزفر (جـ) ويبطله ايضاً عند الحنبلية (1) خروج الوقت سواء أكان التيمم عن حدث أكبر أم أصغر أم نجاسة على بدنه ما لم يكن في صلاة جمعة وخرج الوقت وهو فيها فلا تبطل بل يتمها لأنها لا تقضي (2) وخلع ما يجوز المسح عليه كعمامة او جبيرة او خف لبسه على طهارة ثم تيمم. هذا ويتصل بالتيمم أمران:
الأول - المسح على الجبيرة
الجبيرة هي عيدان من جريد ونحوه تشد على العظام المكسورة. ومثلها الخرقة يربط بها الجرح والدواء يوضع عليه (واعلم) أنه إن تيسر غسل الجراحة ولو بماء حار بلا ضرر لصاحبها، لزمه غسلها والا لزمه مسحها. وإن ضره المسح أو الحل "ومنه عدم تمكنه من ربطها بنفسه ولم يجد من يربطها" انتقل الى المسح على الجبيرة. وإن ضره المسح عليها سقط. ثم الكلام هنا في ثلاثة مباحث.
(أ) حكم المسح - (المسح) على الجبيرة عند الإمكان فرض في الوضوء والغسل بدلاً من تطهير العضو المجروح بالغسل او المسح عند الائمة الثلاثة وأبي يوسف ومحمد. وواجب عند أبي حنيفة تصح الصلاة بدونه مع الاثم ووجوب الاعادة إن تركه عمداً (لقول) علي رضي الله عنه: انكسرت إحدى زندي فسألت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: امسح على الجبائر. أخرجه البيهقي بسند فيه عمرو بن خالد وهو متروك (1){389} .
(1) انظر ص 228 ج 1 بيهقي (المسح على العصائب والجبائر). و (زندي) تثنية زند بفتح فسكون وهو موصل طرف الذراع بالكف- وهما الكوع والكرسوع.
لكن يقويه (أولاً) حديث أبي أمامة قال: لما رمى ابن قميئة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد. رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا توضأ حل بن عصابته ومسح عليها بالوضوء. أخرجه الطبراني في الكبير. وفي سنده حفص بن عمر العدني وهو- ضعيف (1){390} .
(وثانياً) قول ابن عمر: من كان له جرح معصوب عليه توضأ ومسح على العصائب وغسل ما حولها. أخرجه البيهقي (2){48} .
والموقوف في هذا كالمرفوع ولم يعرف أن أحداً من الصحابة خالف ابن عمر في هذا.
(ب) الفرق بين مسح الخف والجبيرة- المسح على الجبيرة ونحوها كالغسل لما تحتها ما دام العذر باقياً. وليس بدلاً. ولذا يفارق مسح الخف في أمور. (أ) أنه لا يجوز المسح عليها الا لضرورة بخلاف الخف (2) أنه يجب استيعابها بالمسح عند غير الحنفيين ويكفي مسح أكثرها عندهم، لأنه لا ضرر في تعميمها او مسح أكثرها بخلاف الخف، فإن تعميمه بالمسح يتلفه. (3) أنه لا توقيت في مسحها اتفاقاً، لأنه للضرورة فيقدر بقدرها. (4) أن المسح عليها مشروع في الطهارة الصغرى والكبرى بخلاف المسح على الخف فإنه خاص بالوضوء. (5) أنه لا يشترط شدها على طهارة عند الحفنية والمالكية ومشهور مذهب أحمد. لإطلاق الأحاديث السابقة (فقد) أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً ان يمسح على الجبائر ولم يشترط الطهارة. وكذا من أصابته الشجة. (وقالت)
(1) انظر ص 264 ج 1 مجمع الزوائد (المسح على الجيرة). و (ابن قميئة) بفتح فكسر، رمي النبي صلى الله عليه وسلم بحجر فكسر أنفه (وسمح عليها بالوضوء) أي بالماء.
(2)
انظر ص 228 ج 1 سنن البيهقي (المسح على العصائب والجبائر).
الشافعية: يشترط شدها على طهارة كالخف. وهو رواية عن أحمد. وعلى هذا ان لبسها على غير طهارة ثم خاف من نزعها، تيمم لها. وكذا اذا تجاوز بالشد عليها موضع الحاجة وخاف من نزعها، تيمم فقط. ولا يصح منه المسح (وقالت) الحنفية والمالكية: متى ضره نزعها أو المسح على الجرح اكتفى بالمسح عليها وغسل الصحيح مطلقاً (1) ان كان اكثر الأعضاء، وان كان أكثرها جريحاً تيمم. (وقالت) الحنبلية: يغسل الصحيح ويتيمم عن الجريح مطلقاً (وقالت) الشافعية: يغسل الصحيح ويمسح الجبيرة ويتيمم ويقضي الصلاة إن كانت الجبيرة في عضو من أعضاء التيمم او أخذت من الصحيح زيادة قدر الاستمساك، أو شدت على غير طهارة. ولا دليل على هذا. بل فيه حرج وهو مرفوع بالنص. ولذا قال غيرهم: من أدى صلاة على وجه مشروع لعذر من الأعذار، لا إعادة عليه بعد زوال هذا العذر.
(جـ) ما يبطل المسح على الجبيرة- يبطل مسحها عند الحنفيين بسقوطها عن موضعها او نزعها عن براء. وكذا ان برأ موضعها (2) ولم تسقط ان لم يضره إزالتها وعليه ان كان متطهراً غسل موضعها. وان لم تسقط عن براء لا يبطل مسحها ولو في الصلاة (وقالت) المالكية: ان سقطت عن برء مسحها ولزمه تطهير موضعها فوراً. وإن سقطت عن غير برء، ردها ومسحها فوراً (وقالت) الشافعية ان سقطت في الصلاة عن برء بطلت الصلاة والطهارة. وان سقطت عن غير برء بطلت الصلاة فقط. ويرد الجبيرة ويمسح عليها (وقالت) الحنبلية: ينتقض الوضوء كله بسقوط الجبيرة مطلقاً.
(1) أي وان شدها على غير طهارة وجاوز بالشد موضع الحاجة.
(2)
برأ من المرض من بابي نفع وتعب. وبرؤ كقرب، لغة.
الثاني - فاقد الطهورين
"الممنوع" من الطهارة وفاقد الطهورين "وهما الماء والتراب" بأن حبس في مكان نجس ولا يمكنه إخراج تراب مطهر، او عجز عن استعمالها لمرض "يؤخر الصلاة" عند أبي حنيفة والثوري والاوزاعي وأصبغ المالكي (لحديث) أسامة بن عمير ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يقبل الله صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور. أخرجه أبو داود والنسائي والبيهقي (1){391} .
(وقال) أبو يوسف ومحمد: يتشبه بالمصلين احتراماً للوقت .. مكاناً يابساً والا يؤمي قائماً. وقيل يؤمي وإن تمكن من السجود لأنه لو سجد صار مستعملاً للنجاسة ثم يقضي الصلاة متى قدر على الطهارة (وقال) مالك في المشهور عنه: لا يصلي ولا يقضي (وقال) أحمد في المشهور عنه وجمهور المحدثين والمزني وسحنون وابن المنذر: يصلي ولا إعادة عليه. (لحديث) عائشة أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجالاً في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم شكوا ذلك إليه فأنزل الله عز وجل آية التيمم. أخرجه الجماعة إلا الترمذي (2){392} .
(1) انظر ص 207 ج 1 - المنهل العذب (فرض الوضوء). وص 33 ج 1 مجتبي. وص 230 ج 1 بيهقي (الصحيح المقيم يتوضأ للمكتوبة وغيرها ولا يتيمم). والمراد بالغلول - بضم الغين المعجمة- المال الحرام أخذ خفية ام جهراً.
(2)
انظر ص 195 ج 2 - الفتح الرباني. وص 337 ج 1 نيل الاوطار (الصلاة بلا ماء ولا تراب للضرورة).