المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) الأنبياء والرسل - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ١

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: ‌(2) الأنبياء والرسل

والخلف فى المتشابهات. ورد شبه الملحدة والمجسمة وما يعتقدونه همن المفتريات) فمن أراد استيفاء المقام بالأدلة الساطعة، والبراهين القاطعة، والنصوص الواضحة، فلينظره. والله تعالى ولى الهداية والتوفيق.

(2) الأنبياء والرسل

يجب على كل مؤمن أن يعتقد أن الله تعالى قد أرسل لعباده أنبياء ورسلا مبشرين ومنذرين لا يعلم عددهم الا الله تعالى. قال {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ} (78) غافر (وأن) سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم خاتم الأنبياء. أرسله الله تعالى للآنس والجن كافة قال تعالى {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبين} (40) الأحزاب. وقال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَاّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (28) سبأ. وقال {واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن. فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قضى ولوا الى قومهم منذرين} (29) قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدى الى الحق والى طريق مستقيم (30) يا قومنا أجيبوا داعى الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم (31) الأحقاف وقال تعالى {قل أوحى الى أنه استمع نفر من الجن فقالوا انا سمعنا قرآنا عجبا (1) يهدى الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا (2) الجن} .

(وقال) علقمة: قلت لابن مسعود: هل صحب النبى صلي الله عليه وعلي اله وسلم ليلة الجن منكم احد؟ قال ما صحبه منا احد، ولكن قد افتقدباه ذات ليلة وهو بمكة فقلنا اغتيل او استطير ما فعل به؟ فبتنا بشر ليلة بات بها قوم فلما

ص: 50

اصبحنا. فاذا هو جاء من قبل حراء. قال: فذكروا له الذي كانوا فيه. فقال اتاني داعي الجن فاتيتهم فقرات عليهم، فانطلق بنا فأرانا اثارهم واثار نيرانهم. وسالوه الزاد فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في ايديكم اوفر ما يكون لحما. وكل بعرة او روثة علف لدوابكم. فقال صلي الله عليه وعلي اله وسلم: فلا تستنجوا بهما فانهما طعام اخوانكم من الجن. اخرجه احمد ومسلم وابو داود والترمذي. وقال حسن صحيح (1){20} .

وهو افضل الرسل لقوله تعالي {وما ارسلناك الا رحمة للعالمين} (107) الانبياء. ومنهم الانبياء والمرسلون. وقوله {لقد جاءكم رسول من انفسكم} (128) التوبة. وقرئ (من انفسكم) بفتح الفاء وكسر السين. وقد نهي اصحابه عن خطابه كسائر الناس. قال تعالي {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} (63) النور. وكانت الامم تخاطب انبياءها باسمائهم ولم ينهوا عن ذلك {يا نوح قد جادلتنا} (32) هود {قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا اتنهانا ان نعبد ما يعبد اباؤنا} (62) هود {قالوا يا هود ما جئتنا ببينة} (53) هود {قال اراغب انت عن الهتي يا ابراهيم لن لم تنته لارجمنك} (46) مريم {اذقال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك ان ينزل علينا مائدة من السماء} (112) المائدة.

(وعن ابي سعيد) الخدري رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما من

(1) ص 163 ج 1 تيسير الوصول (سورة الأحقاف) و (اغتيل) مبني للمجهول أي قتل سرا (واستطير) أي طارت به الجن. و (ذكر اسم الله عليه) هذا لمؤمنيهم. واما غيرهم فطعامه مما لم يذكر اسم الله عليه كما في رواية الترمذى.

ص: 51

نبي يومئذ: آدم فمن سواه الا تحت لوائي، وانا اول من ينشق عنه الارض، وانا اول شافع واول مشفع. اخرجه احمد وابن ماجه والترمذي، وقال حسن صحيح (1){21} .

(وعن ابن عباس) ان النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم وقد سمع ناسا من اصحابه يتذكرون في تفاضل الأنبياء فقال: قد سمعت كلامكم وعجبكم. أن إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسي نجني الله وهو كذلك وعيسي روح الله وكلمته وهو كذلك، ، وأدم اصطفاة الله وهو كذلك. إلا وأنا أول شافع وأول مشفع يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة، فيفتح اله لي فيدخلنيها ومعي فقراء الؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والاخرين ولا فخر، اخرجه الدارمي والترمذي وقال: هذا حديث غريب (2){22} .

(وأفضل الخلق) بعد نبينا صلي الله عليه وعلي اله وسلم. سيدنا ابراهيم، ثم سيدنا موسي، ثم سيدنا عيسي، ثم سيدنا نوح، ثم سيدنا ادم ابو البشر، ثم باقي الرسل علي تفاضل بينهم. ثم سائر الانبياء عليهم الصلاة والسلام ثم رؤساء الملائكة كجبريل واسرافيل. ثم رؤساء الامة المحمدية: ابو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم باقي العشرة (3) ثم اهل بدر ثم اهل احد ثم اهل بيعة الرضوان ثم عامه الملائكة. هذا. واعلم ان جميع الصحابة عدول لا يجوز الطعن في احدهم. وما جري بينهم من الحروب انما كان باجتهاد منهم فلا يجوز الخوض

(1) ص 2 ج 3 مسند احمد. ورقم 2693 ص 42 ج 3 فيض القدير.

(2)

ص 26 ج 1 سنن الدارمي (ما للنبي صلي الله عليه وسلم من الفضل) وص 294 ج 4 تحفة الاحوذي

(3)

(باقي العشرة) أي المبشرون بالجنة وهم الخلفاء الاربعة وطلحة والزبير وسعد ابن ابي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الرحمن بن عوف. وابو عبيدة ابن الجراح.

ص: 52

فيه، لحديث ابن عباس ان النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم قال: " من سب أصحابي لعنه الله والملائكة والناس اجمعون. اخرجه الطبراني في الكبير. وفي سنده عبد الله بن خراش وهو ضعيف (1){23}

هذا. وقد ايد الله تعالي كل رسول منهم بمعجزات (2) خارقه للعادة كناقة سيدنا صالح ونار سيدنا ابراهيم (3)، وعصا موسي ويده البيضاء (4) وفلق

(1) ص 21 ج 1 مجمع الزوائد (اثم من سب الصحابة)(وعن عبد الله بن مغفل) ان النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم قال: الله الله في اصحبي لا تتخذوهم غرضا بعدي فمن احبهم فبحبي احبهم ومن ابغضهم فببغضي ابغضهم ومن اذاهم فقد اذاني ومن اذاني فقد اذي الله ومن اذي الله يوشك ان ياخذه. اخرجة احمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب (24) ص 54 ج 5 مسند اجمد. وص 360 تحفة الاحوذي (من سب اصحاب النبي صلي الله عليه وسلم).

(2)

المعجزة هي المر الخارق لعادة يظهره الله تعالي علي يد من يشاء من عبادة مقرونة بالتحدي عند دعوي النبوة. وهي بمثابة تصديق منن الله تعالي لمن اظهر المعجزة علي يديه فان تايد الكاذب تصديق له وتصديق الكاذب كذب والكذب علي الله تعالي محال.

(3)

قال ابن عباس رضي الله عنهما: حسبنا الله ونعم الوكيل قالها ابراهيم عليه السلام حين القي في النار وقالها محمد صلي الله عليه وسلم حين قالوا: ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادوهم ايمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. اخرجه البخاري (4) ص 195 ج 4 فتح الباري (باب قوله الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم) وقال ابن عباس: لو لم يقل وسلاما لمات ابراهيم من بردها ذكره البغوي (5) ص 498 ج 5 معلم التنزيل (قوله تعالي يا نار كوني بردا وسلاما علي ابراهيم).

(4)

عصا موسي عليه السلام ذكرها الله تعالي في غير اية قال تعالي: واذ استسقي موسي لقومه لومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثني عشرة عينا قد علم كل اباس مشربهم (60) البقرة. وقال تعالي: فالقي عصاه فاذا هي ثعبان مبين (107) ونزع يده فاذا هي بيضاء للناظرين (108) الاعراف. وقال تعالي: واوحينا الي موسي ان الق عصاك فاذا هي تلقف ما يافكون (117) فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون (118) - الاعراف.

ص: 53

البحر وتفجير الماء من الحجر (1).

كاحياء الموتي وابراء الاكمة والابرص لسيدنا عيسي (2)، وكانشقاق القمر لسيدنا محمد (3) ونبع الماء من يده الشريفة. وتكثير القليل من الطعام والشراب وتكليم الجمادات له صلوات الله وسلامه عليهم احمعين. (قال) انس رضي الله عنه: رايت رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم بوضوء فوضع يده فيه وامر الناس ان يتوضئوا منه فرايت الماء ينبع من تحت اصابعه فتوضأ الناس عن اخرهم. اخرجه الشيخان (4)

(وقال) جابر رضي الله عنه: عطش الناس يوم الحديبية فاتوا رسول الله

(1) قال تعالي ك واذ فرقنا بكم البحر فانجيناكم واغرقنا ال فرعون وانتم تنظرون (50) - البقرة. وقال تعالي: فاوحينا الي موسي ان اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم (64) - الشعراء.

(2)

قال تعالي ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والانجيل (48) ورسولا الي بني اسرائيل اني قد جئتكم باية من ربكم اني اخلق لكم من الطير كهيئه الطير فانخ فيه فيكون طير باذن الله وابرئ الاكمه والابرص واحي الموتي باذن الله وائنباكم بما تاكلون وما كنتم تدخرون في بيوتكم وان في ذلك لاية لكم ان كنتم مؤمنين (49) ال عمران.

(3)

قال تعالي: اقتربت الساعة وانشق القمر (1) وان يرو اية يعرضون ويقولوا سحر مستمر (2) وكذوا واتبعوا اهوائهم وكل امر مستقر (3) ولقد جائهم من الانباء ما فيه مزدكر (4) حكمهبالغة فما تغني النظر (5) القمر (وقال ابن مسعود) انشق القمر علي ععد رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم بشقين فقال صلي الله عليه وسلم: اشهدوا. أخرجه الشيخان والترمذي (25) ص 335 ج 3 تيسير الوصول (معجزات متفرقه).

(4)

ص 330 ج 3 تيسير الوصول (زيادة الطعام والشراب).

ص: 54

صلي الله عليه وعلي اله وسلم وبين يديه ركوة وقالوا ليس عندنا ما نتوضا به ولا نشرب الا ما في ركوتك، فوضع صلي الله عليه وعلي اله وسلم يده في الركوة، فجعل الماء يفور من بين اصابعة كامثال العيون فتؤضانا وشربنا. قيل لجابر: كم كنتم يومئذ؟ قال: لو كنا مائة الف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة. أخرجه الشيخان (1){27} .

وقال ابي هريرة رضي الله عنه كنا مع النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم في مسير فنفدت ازواد القوم حتي هموا بنحر بعض حمائلهم فقال عمر رضي الله عنه: يا رسول الله لو جمعت ما بقي من ازواد القوم فدعوت الله عليها، ففعل. فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره، وذو النواه بنواته. قيل: ما كاموا يصنعون بالنوي؟ قال كانوا يمصونه ويشربون عليه ماء. فدعا عليها حتي ملاء القوم مزوادهم فقال عند ذلك " اشهد ان لا اله الا الله واني رسول الله، لايلقي الله بهما عبد غير شاك فيهما الا دخل الجنه. اخرجه مسلم (2){28} .

(وقال) جابر رضي الله عنه: كنا في حفر الخندق فرأيت برسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم خمصا شديدا فانكفات الي امراتي فقلت هل عندك شئ؟ فاني رايت برسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم خمصا شديدا فاخرجت الي جرابا فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة دواجن فذبحتها وطحنت الشعير، ففرغت الي فراغي وقطعتها في برمتها. ثم وليت الي رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم. فقالت لا تفضحني برسول الله صلي الله عليه وعلي اله

(1) ص 330 ج 3 تيسير الوصول (زيادة الطعام والشراب) و (الركوة) بفتح فسكون ما يعد للماء وجمعها، ركاء وركوات بفتحات.

(2)

ص 331 ج 3 تيسير الوصول (زيادة ا=-0 لطعام والشراب - المعجزات) و (المزاود) جمع مزود بكسر فسكون، ما يجعل فيه الزاد.

ص: 55

وسلم وبمن معه. فجئته فساررته فقلت يا رسول ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا. فتعال انت ونفر معك، فصح رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم فقال:" يا اهل الخندق، أن جابرا قد صنع سورا فحيهلا بكم " ثم قال صلي الله عليه وعلي اله وسلم: لاتنزلن برمتكم ولا تخبزن عجينتكم حتي اجئ وجاء رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم يقدم الناس حيث جئت امراتي فقالت: بك وبك. فقلت: قد فعلت الذي قلت الذي فاخرجت له العجين فبصق فيه وبارك. ثم عمد الي برمتنا فبصق فيها وبارك. ثم قال: ادعي خابزة فلتخبز معك، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها، فاقسم بالله لاكلوا حتي تركوه وانحرفوا، وان برمتنا لتعظ كما هي، وان عجيننا ليخبز كما هو. أخرجه الشيخان (1) {

29}.

(1) ص 331 ج 3 تيسير الوصول. و (الخمص) بضم فسكون او بفتحتين او بفتح فسكون الجوع. " فانكافات" أي رجعت الي امراتي واسمها سهيله و (البهيمة) تصغير بهمة وهى ولد الضان ذكراً كان او انثى 0 (والداجن) الشاة التى تالف البيت وتتربى فية (ففرغت) اى فرغت امراتى من طحن الشعير مع فراغى من ذبح البهيمة 0 و (البرمة) بضم الباء القدر 0 و (لا تفضحنى برسول الله) تعنى تحزيرة من ان ياتى بمن لا يكفيهم الطعام القليل الذى عندها. (والسور) بالضم غير مهموز - كلمة فارسية - معناها الوليمه والطعام الذي يدعي اليه .. قال الازهري: فيه ان النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم قد تكلم بالفارسية. وقد يهمز اشارة الي القلة كانه بقيه. وحيهلا أي تعالوا وعجلوا. و (بك وبك) أي فعل الله بك كذا وفعل بك كذا. وهذا كنايه عن الكلام الذي عاقبت به زوجها حيث خالف قولها: لا تفضحني برسول الله. و (بارك) أي دعا بالبركه وغطت القدر، غلت. وغطيتها، صوتها.

ص: 56

(وقال) ابو هريرة رضي الله عنه: اتيت النبي صلي الله عليه وعلي اله وسلم يوما بتمرات فقلت: يا رسول الله، ادع الله بالبركة، فضمهن ثم دعا لي فيهن بالبركة. فقال خذهن واجعلهن في مزودك هذا، وكلمااردت ان تاخذ منه شيئا فادخل فيه يدك فخذ ولا تنثره نثرا، ففعلت فقد حملت منه كذا وكذا من وسق في سبيل الله، فكنا ناكل منه ونطعم. وكان لا يفارق حقوى حتي كان يوم مقتل عثمان رضي الله عنه فانه انقطع فسقط فحزنت عليه. اخرجه الترمذي وقال: هذا حديث غريب (1){30}

(وقال) علي رضي الله عنه: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم: بمكه فخرجنا معه في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر الا وهو يقول السلام عليك يا رسول الله. اخرجه الدارمي والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب لكنه روى من عدة طرق (2){31}

(وقال) جابر بن سمرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم: ان بمكة حجرا كان يسلم علي ليالي بعثت، اني لاعرفه الان. اخرجه احمد ومسلم والترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب (3){32}

(وقال) ابن عباس رضي الله عنهما: جاء اعرابي الي رسول الله صلي الله عليه وعلي اله وسلم فقال بم اعرف انك رسول الله؟ قال ان ادعوا هذا العذق من

(1) ص 332 ج 3 تيسير الوصول (زيادة الطعام والشراب) و (المزود) القربه و (الحقو) بفتح فسكون، موضع شد الازار وهو الخاصرة. ثم سمي به الازار.

(2)

ص 12 ج 1 سنن الدارمي (ايمان الشجر به صلي الله عليخ وعلي اله وسلم) وص 329 ج 3 تيسير الوصول (تكليم الجمادات له).

(3)

ص 329 منه. وص 95 ج 5 مسند احمد.

ص: 57

النخله فا شيهد لى أنى رسول الله، فده فجعل العذق ينزل من النخله حتى سقط الى رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وسلم وقال: السلام عليك يا رسول الله. ثمقال له رسول الله صلى الله عنيه ولى اله وسلم: ارجع الى موضعك فعاد الى موضعه والتأم فاسلم الأعربى. اخرجه الترمذي وقال: هذا حسن غريب صحيح (1){33} .

(وقال) معن بن عبد الرحمن: سمعت أبى رحمه الله يقول: سآلت مسرقا: من آذن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالجن لينا استمعوا القرآن؟ فقال: حدثنى أبوك يعنى ابن مسعود أنه قال: آذنت بهم شجرة. أخرجه الشيخان (2){34} .

(وقال) أنس رضى الله عنه: خطب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الى لزق جذع. فلما صنعوا له المنبر فخطب عليه حن الجذع حنين الناقة، فنزل النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فمسه فسكن. أخرجه الترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح (3){35} .

(وله) صلى الله عليه وعلى آله وسلم معجتزات كثيرة غير ما ذكر. أهمها وأفضلها القرآن: فانه المعجزة المستمرة الى قرب القيامة وقد تحدى النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم العرب الى معارضته وأحدهم بالاتيان بمثل أقصر سورة منه. فاستولى عليهم العجز وبلغ منهم العى مبلغه وخرست ألسنتهم فلم تحر جوابا قال تعالى: {قل لئن اجتمعت الانس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} 88 - الاسراء.

(1) ص 330 ج 3 تيسير الوصول (تكليم الجمادات له صلى الله عليه وسلم و (العذق) بكسر فسكون: السباطة. و (الى لزق) بكسر فسكون أى الى جنبه.

(2)

ص 330 ج 3 تيسير الوصول (تكليم الجمادات له صلى الله عليه وسلم و (العذق) بكسر فسكون: السباطة. و (الى لزق) بكسر فسكون أى الى جنبه.

(3)

ص 330 ج 3 تيسير الوصول (تكليم الجمادات له صلى الله عليه وسلم و (العذق) بكسر فسكون: السباطة. و (الى لزق) بكسر فسكون أى الى جنبه.

ص: 58

وقال: (أم يقلون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله ان كنتم صادقين) 13 - هود. وقال: {وان كنتم فى ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} 23 - البقرة.

(وانما) كان القرآن معجزا لأنه فى أعلى طبقات الفصاحة والبلاغة (1)، وهى توخى معانى الألفاظ وأسرار التركيب وترتيب الكلام حسبما تقتضيه المقاصد والأغراض. وهذه هى المزية التى امتاز بها عن سائر الكلام. فعجز المعاندون من العرب عن معارضته مع شهرتهم وامتيازهم عن غيرهم وتفوقهم فى الفصاحة. ولا يلتفت الى ما قاله بعض الكفرة المعاندين من انه شعر وكهانة وأساطير. فانهم قوم لا يعقلون ولا يفقهون. ولو عقلوه وتدبروه ما وسعهم الا الايمان به:(غانها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور)(46) الحج.

(1) قال القاضى عياض فى الشفاء: اعلم أن القرآن منطو على وجوه مكن الاعجاز كثيرة أهمها اربعة: (أولها) حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه وبلاغته الخارقة (اى المتجاوزة) عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن (الثانى) صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب وكل من هذين النوعين الايجاز والبلاغة بذاتها والاسلوب الغريب بذاته نوع اعجازه على التحقيق. لهم تقدر العرب على الاتيان بواحد منهما (الثالث) ما انطوى عليه من الاخبار بالمغييات وما لم يكن فوجد كما ورد (الرابع) ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البادية والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة الا اللفذ من أحبار أهل الكتاب الذى قطع عمره فى تعلم ذلك فيورده صلى الله عليه وعلى آله وسلم على وجهه ويأتى به على نصه وهو أمى لا يقرأ ولا يكتب: فهذه الوجه الأربعة من اعجازه بينه لا نزاع فيها. انظر ص 542 وما بعدها ج 1 شرح الشفاء للقارى.

ص: 59

وقال: (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) 46 - النور. وقد رد الله عليهم فى أكثر من آية. قال تعالى: (انه لقول رسول كريم (40) وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون (41) ولا يقول كاهن قليلا ما تذكرون (42)(تنزيل من رب العالمين)(43) - الحاقة.

صفات الرسل

يجب فى حقهم عليهم الصلاة والسلام أربع صفات.

(أ) الصدق فى كل الأقوال ولو عادية " لأن ما ظهر على أيديهم من المعجز - وهى امر خلقه الله تعالى " مخالف للعادة مقرون بالتحدى اى واقع عند دعوى الرسالة مع عدم امكان معارضته بمثله " منزل " منزلة قول الله تعالى: صدق عبدى فى كل ما بلغه عنى. كتظليل الغمام وانشقاق القمر وغيرهما مما تقدم.

(ب) ويجب فى حقهم العصمة - أى الأمانة - وهى حفظ الله تعالى ظواهرهم وبواطنهم من المعاصى كبيرها وصغيرها (1)، لأن الله تعالى أمرنا بالاقتداء بهم فى أقوالهم وأفعالهم غير الخاصة بهم. قال تعالى: {قل ان كنتم تحبون الله

(1) قال فى العقد الثمين: ان الله تعالى قد نزههم عن كل وصمة ونقص فهم معصومون عن الصغائر والكبائر قبل النبوة وبعدها على المختار. وما وقع فى قصص بعضهم من بعض المفسرين لا يلتفت اليه (وما جاء) فى القرآن من اثبات العصيان لآدم ومن معاتبه جماعة منهم على أمور فعلوها (فانما) هو من باب أن للسيد أن يخاطبل عبده بما يشاء وأن يعاتبه على خلاف الأولى معاتبة غيره على المعصية كما قيل: ان حسنات الأبرار سيئات المقربين. ولا خلاف بين العلماء فى عصمتهم عن تعمد الكبائر وانما الخلاف فى أن عصمتهم عن ذلك بدليل السمع أو بدليل العقل (فالأول) مذهب أهل السنة (والثانى) قول المعتزلة. واما وقوع الصغائر فجوزه البعض. والمحققون من المحدثين لم يجوزا الا وقوع الصغائر سهوا. وما الكبار مطلقا الصئغائر عمدا فلا وعلى ذلك الكثير.

ص: 60

فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم} (31) - آل عمران. وقال {فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} 158 - العراب. وقال: {الذين يتبعون الرسول النبى الأمى} 157 - الأعراف. وقال: {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة} 21 - الأحزاب. وقال: {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} 90 - النعام. وقال: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم هعنه فانتهوا} 7 - الحشر. والله سبحانه وتعالى لا يأمنر بمعصية. قال تعالى: {ان الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون} 28 - الأعراف.

(جـ) ويجب فى حقهم عليهم الصلاة والسلام تبليغ كل ما لأمروا بتبليغه الى الخلق قال الله تعالى {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك، وان لم تفعل فما بلغت رسالته} 67 - المائدة.

(وعن معاوية) رضى الله عنه أن النبى صلى عليه وعلى آله وسلم قال: انما أنا مبلغ والله يهدى وانما أنا قاسم والله يعطى. أخرجه الطبرانى فى الكبير بسندين أحدهما حسن (1){36} .

(د) ويجب فى حقهم الفطانة وهى ملكة يقتدر بها على اقامة الحجة على الخصم واقناعه بالحق، لأن الله تعالى اختارهم للنبوة والرسالة وتعليم الخلق فلا بد أن يكونوا أهلا لذلك.

(ويستحيل) فى حقهم عليهم الصلاة والسلام أضداد هذه الصفات للأدلة السابقة، فيستحيل فى حقهم الكذب، والعصيان بارتكاب كبيرة أوة صغيرة

(1) ص 263 ج 8 مجمع الزوائد يهدى (حديث أنا مبلغ والله يهدى).

ص: 61

ظاهرية أو باطنية (1)(ويستحيل) عليهم البلادة، وكتمان شئ مما أمروا بتبليغه للخلق، قال تعالى:{ان الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس فى الكتاب، أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون} (159) - البقرة.

(ويجوز) فى حقهم عليهم الصلاة والسلام كل وصف بشرى لا يؤدى الى نقص فى مراتبهم العلية: كالأكل والشرب والمشى فى الأسواق والنوم والجوع والعطش والجماع الحلال والمرض غير المنفر والبيع والشراء والسهو للتشريع وبيان ما يترتب عليه كما وقع للنبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى الصلاة. وكذا النسيان فى غير الأحكام التى لم تبلغ. قال تعالى (وما أرسلنا قبلك من المرسلين الا انهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق)(20) الفرقان. وقال عز وجل {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً} (38) - الرعد (وفى حديث) عائشة رضى الله عنها. قلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة ان عينى تنامان ولا ينام قلبى. أخرجه الشيخان وأبو داود والنسائى (2){37}

(وقال) ابن عباس رضى الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

(1) قال فى العقد الثمين: ويستحيل عليهم الكذب والا لم يكونوا أمناء ونحية سبحانه. وقد علم الله سبحانه منهم الصدق والأمانة فاختارهم لتبليغ رسالته وحفظ أمانته وأمرنا بالاقتدار بهم فى أقوالهم وأفعالهم. ومن المعلوم أن علمه تعالى محيط بما لا نهاية له فلزم أن تصديقه تعالى لهم لما علمه منهم وأن جميع أقوالهم وأفعالهم على وفق مات يختاره سبحانه وتعالى ويرضاه.

(2)

ص 22 ج 3 فتح البارى (قيام النبى صلى الله عليه وسلم بالليل) وص 17 ج 6 نووى مسلم (صلاة الليل والوتر) وص 269 ج 7 - المنهل العذب (صلاة الليل).

ص: 62

يبيت الليالى المتتابعة طاويا وأهله لا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم خبز الشعير. أخرجه أحمد وابن ماجه والترمزى وصححه (1){38} .

(وفى حديث) ابن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: انه لو حدث فى الصلاة شئ أنبأتكم ولكن " انما أنا بشر أنسى كما تنسون، فاذا نسيت فذكرونى " أخرجه السبعة الا الترمذى (2){39} .

(وعن) ابى أيوب الانصارى أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: " أربع من سنن المرسلين: التعطر والنكاح والسواك والحياء " أخرجه أحمد والترمذى والبيهقى (3){40} .

(وحكمة) اتصافهم بما ذكر، التشريع لأممهم واظهار فضلهم والتنبيه على خسة الدنيا عند الله تعالى وعدم رضاه بها دار جزاء لأنبيائه وأوليائه (4).

(1) رقم 6960 ص 99 ج 5 فيض القدير شرح الجامع الصغير.

(2)

ص 128 ج 4 - الفتح الربانى. وص 341 ج 1 فتح البارى (التوجه نحو القبلة وص 61 ج 5 نووى مسلم (السيهو فى الصلاة) فى ص 146 ج 6 - المنهل العذب. وص 184 ج 1 مجتبى. وص 189 ج 1 سنن ابن ماجه (من شك فى صلاته).

(3)

ص 421 ج 5 مسند أحمد. ورقم 919 ص 465 ج 1 فيض القدير.

(4)

قال فى العقد الثمين: وفى حصول الأعراض لهم رفع لدرجاتهم من غير قدح فى رسالتهم اذ لا يخل شئ من الاعراض البشرية بمنصبهم ولا يمتنع فى حقهم الا ما يقدح فى ثبوت الرسالة. وليس فى ذلك الا مضاعفة الاجور (وفيه) أيضا أعظم دليل على صدقهم عليهم الصلاة والسلام وأنهم مبعوثون من عند الله تعالى وأن تلك الخوارق التى ظهرت على أيديهم هى بمحض خلق الله تعالى تصديقا لهم عليهم الصلاة والسلام اذ لو كانت لهم قوة على اختراعها لدفعوا عن أنفسهم ما هو أيسر منها من الأمراض والجوع وألم الحر والبرد وغير ذلك مما سلم منه كثير ممن لم يتصف بالنبوة (وفيه) أيضا رفق بضعفاء العقول لئلا يعتقدوا فيهم الألوهية بما يرون لهم من الخوارق والخواص التى =

ص: 63