الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنور ثم يسلت بسكين او خرقه (1)(وقيل) الزباد عرق سنور بري فهو طاهر عند الحنفيين ومالك والشافعية- لكن يغلب فيه اختلاطه بما يتساقط من شعره فينبغي أن يحترز عما فيه شيء من شعره لأنه نجس عند الشافعية (2) - وعلى هذا فهو نجس عند الحنبلية لأنه من حيوان بري غير مأكول (3).
2 - النجس المختص بالنساء
هو دم الحيض والنفاس والاستحاضة. وهو نجس بالاجماع، لا فرق بين قليلة وكثيرة (لحديث) أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: احدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة فكيف تصنع به. قال: تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه. أخرجه مالك والخمسة (4){425} .
(وعن أم قيس) بنت محصن أنها سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن دم الحيض يكون في الثوب. فقال: حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر. أخرجه
(1) انظر مادة زبد بالقاموس.
(2)
انظر ص 574 ج 2 مجموع النووي.
(3)
انظر ص 137 ج 1 كشاف القناع (ولا يعفي عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف).
(4)
انظر ص 294 ج 2 تيسير الوصول (دم الحيض). و (تحته) بفتح الفوقية وضم الحاء المهملة وتشديد المثناة الفوقية، أي تحكه. والمقصود من ذلك إزالة عينه. و (تقرصه) بفتح أوله وسكون القاف وضم الراء والصاد المهملة (وحكى) القاضي عياض، ضم المثناة الفوقية وفتح القاف وتشديد الراء المكسورة، أي تدلك موضع الدم بأطراف أصابعها، ليتحلل ويخرج ما يشربه الثوب منه. و (تنضحه) أي تغسله (وقيل) المراد بالنضح الرش. وفي رواية تغسله مكان تقرصه.
أبو داود (1){426} . قال ابن القطان: اسناده في غاية الصحة ولا أعلم له علة. وهاك بيان أحكام هذه الدماء.
(أ) الحيض - هو لغة السيلان. يقال حاضت المرأة تحيض إذا سأل دمها، وعرفاً على أنه حدث. صفة شرعية مانعة مما لا يحل بسبب الدم من الرحم لغير ولادة. وعلى أنه خبث: الدم الخارج من قبل امرأة لاداء بها ولا حبل. ثم الكلام ينحصر في سبعة مباحث.
1 -
الوانه - هي ما تراه المرأة من ألوان الدم في مدة الحيض. وهي ستة: السواد والحمرة والصفرة والكدرة والخضرة والتربية. فالسواد والحمرة حيض اتفاقاً (لحديث) عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكى عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئ وصلى. أخرجه أبو داود. وهذا لفظه والنسائي وابن حبان والحاكم وصححاه (2){427} .
"أما الصفرة" وهي ماء تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار "والكدرة" بضم الكاف وسكون الدال. المراد بها دم يكون بلون الماء الوسخ (والتربية) وهي دم لونه كلون التراب "فقد اختلفوا" فيها (فقال) الحنفيون والشافعي: هي حيض في أيام الحيض. وهي عشرة عند الحنفيين وخمسة عشر عند الشافعية.
(1) انظر ص 234 ج 3 - المنهل العذب (المرأة تغسل ثوبها الذي تلبسه في حيضها). (الضلع) بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام في لغة الحجاز وسكونها في لغة تميم وهي عظام الجنين. وروي بصلع بفتح الصاد وسكون اللام وهو الحجر بفتحات.
(2)
انظر ص 126 ج 3 - المنهل العذب (من قال توضأ لكل صلاة). وص 64 ج 1 مجتبي (ذكر الاستحاضة واقبال الدم وادباره).
(والمشهور) عند المالكية أنها حيض في أيام عادتها وثلاثة أيام بعدها استظهاراً (وقالت) الحنبلية: هي في أيام العادة حيض. ولا اعتداد بها في غير أيام العادة (ودليل) ذلك أثر علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاة عائشة قالت: كانت النساء يبعثن الى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيض يسألنها عن الصلاة فتقول لهن: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيض. أخرجه مالك ومحمد بن الحسن والبيهقي. وعلقه البخاري (1){54} .
"ولا تنافي" بينه وبين قول أم عطية: كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً. أخرجه أبو داود والبيهقي والحاكم وصححه (2){55} . "لحمل هذا" على ما إذا رأت الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض "وحمل" أثر عائشة على ما إذا رأتهما في أيام الحيض (قال) محمد بن الحسن: وبهذا نأخذ لا تطهر المرأة ما دامت ترى حمرة او صفرة او كدرة حتى ترى البياض خالصاً.
(وقال) أبو يوسف: الكدرة لا تعتبر حيضاً الا بعد الدم (وقال) ابن حزم والثوري والأوزاعي: الكدرة والصفرة ليستا بحيض مطلقاً. وهو مروي عن
(1) انظر ص 104 ج 1 زرقاني الموطا (طهر الحائض). وص 336 ج 1 سنن البيهقي (الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض). (الدرجة) بكسر الدال وفتح الراء: وعاء صغير تضع المرأة فيه طيبها ومتاعها (وقيل) الدرجة بضم فسكون ففتح: خرقة ونحوها تدخلها المرأة في فرجها لتعرف هل زال الدم؟ (والكرسف) القطن و (القصة) بفتح القاف وتشديد الصاد، الجص. والمعنى هنا على التشبيه. والمراد أن تخرج المرأة القطنة او الخرقة التي تختشي بها كأنها قصة لا يخالطها صفرة.
(2)
انظر ص 128 ج 3 - المنهل العذب (المرأة ترى الصفرة والكدرة بعد الطهر). وص 337 ج 1 سنن البيهقي.
علي، لأنهما ليستا بدم بل هما من الرطوبات التي تخرج من الرحم، ولحديث "إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف (1) "(ورد) بأنه إنما خص بالذكر لأنه الأصل والغالب في دم الحيض، فلا ينافي أن غيره من الصفرة والكدرة حيض في أيامه (وأما الخضرة) فالصحيح أن المرأة إن كانت من ذوات الحيض تكون الخضرة حيضاً. وتحمل على فساد الغذاء. وإن كانت المرأة كبيرة لا ترى غير الخضرة لا تكون حيضاً. هذا واتفقوا على أن أقل سن تحيض فيه المرأة تسع سنين قمرية (2).
2 -
مدة الحيض - أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة عند الحنفيين والثوري (لحديث) واثلة بن الأسقع ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام. أخرجه الدارقطني وضعفه بجهالة محمد بن منهال، وضعف محمد بن أحمد بن أنس. وأخرجه هو والطبراني في الكبير والأوسط عن أبي أمامة (قال) الهيثمي: وفيه عبد الملك السكوفي عن العلاء بن كثر لا ندري من هو؟ (3){428} .
(وعن) أنس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: الحيض ثلاثة أيام وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة. فإذا جاوزت العشرة فهي مستحاضة. أخرجه ابن عدي في الكامل وأعله بالحسن بن دينار مجمع على ضعفه (4){429} .
(1) تقدم رقم 427 ص 378 (ألوان الحيض).
(2)
السنة القمرية 354 أربعة وخمسون وثلثمائة يوم تقريباً.
(3)
انظر ص 81 سنن الدارقطني. وحديث أبي أمامة بص 80 منه. وص 280 ج 1 مجمع الزوائد (الحيض والمستحاضة).
(4)
انظر ص 192 ج 1 نصب الراية (الحيض).
(فهذه) عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم متعددة الطرق وذلك يرفع الضعيف الى الحسن. والمقدرات الشرعية مما لا تدرك بالرأي فالموقوف فيها حكمه الرفع (1).
(وعن) الربيع بن صبيح عمن سمع أنساً يقول: لا يكون الحيض أكثر من عشرة. أخرجه الدارقطني (2){56} . والربيع وثقه ابن معين وقال أحمد لا بأس به رجل صالح.
وقال ابن عدي له أحاديث صالحة مستقيمة. ولم أر له حديثاً منكراً. وشيخه وإن كان مجهولاً. فالأظهر أنه معاوية بن قرة لأنه هو الذي روي ذلك عن أنس (3).
(وعن عثمان) بن أبي العاص رضي الله عنه أنه قال: الحائض إذا جاوزت عشرة أيام فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي. أخرجه الدارقطني. وقال البيهقي هذا الأثر لا بأس بإسناده (4){57} .
(ولا يخفى) أنه لا يشترط امتداد الدم ثلاثة أيام او عشرة بدون انقطاع. بل المعتبر وجوده في أول المدة وآخرها على ظاهر الرواية. فلو رأت الدم عند طلوع فجر يوم السبت مثلاً وانقطع عند غروب شمس يوم الاثنين لا يكون حيضاً.
(وقال) المالكيون: أقل الحيض في العبادة قطرة وفي العدة والاستبراء يوم أو أكثره. وأكثره لمبتدأة نصف شهر ولمعتادة عادتها ثلاثة أيام بعدها
(1) انظر ص 112 ج 1 فتح القدير لابن الهمام.
(2)
انظر ص 77 سنن الدارقطني.
(3)
انظر ص 322 ج 1 - الجوهر النقي على البيهقي.
(4)
انظر ص 77 سنن الدارقطني. وص 322 ج 1 - الجوهر النقي.
ما لم تجاوز خمسة عشر يوماً. فلو كانت عادتها اثنى عشر يوماً تستظهر بثلاثة. وإن كانت عادتها ثلاثة عشر يوماً تستظهر بيومين. وهكذا (وقالت) الشافعية والحنبلية أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوماً على الأصح عندهم (قالوا) لأنه لم يرد فيه تحديد من الشارع ولا حد له في اللغة، فوجب الرجوع فيه الى العرف والعادة (ورد) بأن العادة مختلفة فلا تعتبر. وأنه قد ورد ما يقوى المذهب الأول فللتحديد بثلاثة أيام في الأقل وعشرة أيام في الأكثر أصل في الشرع. بخلاف قولهم "خمسة عشر يوماً" لم نعلم فيه حديثاً حسناً ولا ضعيفاً وإنما تمسكوا فيه بما رووا أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في صفة النساء: تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي. قال البيهقي: لم أجده. وقال ابن الجوزي في التحقيق: هذا حديث لا يعرف. وأقره صاحب التنقيح (1).
هذا ما قاله الفقهاء (وقال) بعضهم: الصحيح أنه لم يأت في تقدير أقل الحيض وأكثره ما تقوم به الحجة، لأن ما ورد في تقديرها إما موقوف ولا تقوم به الحجة، او مرفوع ولا يصح. فلا تعويل على ذلك ولا رجوع إليه. بل المعتبر - لذات العادة المتقررة - العادة. وغير المعتادة تعمل بالقرائن المستفادة من الدم (فقد) صح في ذات العادة أحاديث كثيرة فيها اعتبار الشارع للعادة. (كحديث) عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال:"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي" أخرجه البخاري وأبو داود (2){430} .
(وعن) أم سلمة أنها استفتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في امرأة
(1) انظر ص 322 ج 1 - الجوهر النقي على البيهقي.
(2)
انظر ص 288 ج 1 فتح الباري (إقبال المحيض وأدباره). وص 83 ج 3 المنهل العذب (المرأة تستحاض).
تهراق الدم فقال: لتنتظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل. أخرجه مالك وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه بسند على شرط الشيخين وحسنه المنذري (1){431} .
(وقد) صح رجوع غير المعتادة الى القرائن ففي (حديث) فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: إذا كان دم المحيض فإنه أسود يعرف فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة. وإذا كان الآخر فتوضئ وصلى فإنما هو عرق. أخرجه أبو داود والنسائي. وصححه ابن حبان والحاكم (2){432} .
3 -
سبب الحيض - سببه ابتلاء الله تعالى لبنات آدم ففي (حديث) عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال في الحيض: إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم. أخرجه الشيخان (3){433} .
4 -
ركنه - ركن الحيض بروز الدم من الرحم في وقته.
(1) انظر ص 109 ج 1 زرقاني الموطا (المستحاضة) وص 171 ج 2 - الفتح الرباني. وص 61 ج 3 - المنهل العذب (المرأة تستحاض .. ) وص 65 ج 1 مجتبي (المرأة يكون لها أيام معلومة تحيضها كل شهر). و (خلفت) بشد اللام وفتح الفاء أي إذا تركت قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضها. و (لتستفر) بسكون اللام والسين والثاء وفتح التاءين وكسر الفاء أي لتشد على فرجها خرقة عريضة بعد حشوها قطناً وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها ليمتنع سيلان الدم.
(2)
تقدم رقم 427 ص 278 (ألوان الحيض).
(3)
انظر ص 276 ج 1 فتح الباري (الأمر بالنفساء إذا نفسن). ص 146 ج 8 نووي مسلم (وجوه الاحرام).
5 -
شرطه - هو (أ) تقدم نصاب الطهر حقيقة او حكماً كالمستحاضة. (ب) وعدم نقصان الدم عن أقله.
6 -
مدة الطهر بين الحيضتين: أقل الطهر بين الحيضتين خمسة عشر يوماً عند الحنفيين ومالك والشافعي وروي عن أحمد (لحديث) أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة. وأقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوماً. أخرجه ابن الجوزي في العلل المتناهية (1){434} .
وهو وإن كان ضعيفاً، لكنه ارتفع إلى درجة الحسن لتعدد طرقه. والصحيح عند الحنبلية أن أقل الطهر ثلاثة عشرة يوماً (ولا حد) لأكثره اتفاقاً إلا عند نصب العادة في زمن الاستمرار كما لو بلغت مستحاضة فيكون حيضها عشراً وطهرها عشرين عند أبي حنيفة ومحمد. وعند أبي يوسف يوقت لها في الصلاة والصوم والرجعة بأقل الحيض. وفي الوطء والتزوج بأكثره. وهذا في المبتدأة (وأما) المعتدة فترد إلى عادتها في الطهرة ما لم تكن ستة أشهر فأكثر، وإلا جعل طهرها ستة أشهر إلا ساعة (وقالت) الشافعية: المبتدأة غير المميزة ومن في حكمها يعتبر حيضها يوماً وليلة وطهرها تسعة وعشرين يوماً (وقال أحمد) في البكر تستحاض: تنظر حيض قريباتها فيعتبر حيضاً لها. ثم تغتسل وتصلي باقي الشهر بالوضوء لوقت كل صلاة.
7 -
وطء المرأة بعد انقطاع الدم: (قال) الجمهور: يحرم وطء المرأة إذا انقطع دم حيضها ولو لأكثره قبل أن تغتسل. لقوله تعالى: "ولا تقربوهن
(1) انظر ص 192 ج 1 نصب الراية (الحيض).
حتى يطهرن" (من آية 222 - البقرة) (وقال) الحنفيون: إذا مضى على الحائض زمن أكثر الحيض "وهو عشرة أيام" حل وطؤها قبل الانقطاع والغسل. لكن يستحب الغسل قبل الوطء. (وإن) انقطع لتمام عادتها قبل الأكثر، لا يحل وطؤها حتى تغتسل أو تتيمم عند فقد الماء وتصلي به على الصحيح، أو تصير الصلاة ديناً في ذمتها (بأن يمضي عليها أدنى وقت صلاة من آخر الوقت. وهو قدر ما يسع الغسل واللبس والتحريمة) سواء أكان الانقطاع قبل الوقت أم في أوله أم قبيل آخره بهذا القدر. فإذا انقطع قبل الظهر مثلاً او في أول وقته أو في آخره وقد بقي من وقته ذلك القدر، لا يحل الوطء بلا غسل حتى يدخل وقت العصر. لقوله تعالى: "ولا تقربوهن حتى يطهرن، فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله" (وجه) الدلالة أن المراد بالطهر في قوله:"حتى يطهرن" انقطاع الدم، وفي قوله:"فإذا تطهرن" الاغتسال. فعملاً بهما حملوا الأول على ما إذا انقطع دمها لأكثر الحيض. فيجوز وطؤها وإن لم تغتسل. وحملوا الثاني على ما إذا انقطع لأقل من الأكثر ولتمام العادة فلا يجوز وطؤها حتى تغتسل أو تصير الصلاة ديناً في ذمتها (وإن) انقطع الدم لأقل من عادتها لا يحل وطؤها وإن اغتسلت حتى تمضي العادة، لأن عود الدم غالب (وقال) الأوزاعي وابن حزم: إن غسلت فرجها بالماء جاز وطؤها (والأحوط) عدم قربان الحائض إلا بعد أن تغتسل وإن انقطع دمها لأكثر الحيض، تغليباً للحاظر على المبيح.
(ب) النفاس - هو بكسر أوله لغة: الولادة. واصطلاحاً على أنه حدث صفة مانعة شرعاً مما لا يحل بسبب خروج الدم من رحم عقب الولد. وعلى أنه خبث، هو الدم الخارج من قبل المرأة حال الولادة أو بعدها (1)
(1)(الدم) فلو لم ترد دماً لا تكون نفساء ولا يلزمها الا الوضوء ولا يبطل صومها عند أبي يوسف ومحمد واحمد لعدم النفاس (وقال) أبو حنيفة ومالك والشافعي: هي نفساء = يلزمها الغسل احتياطاً لأن الولادة لا تخلو من دم. و (من قبل المرأة) فلو ولدت من السرة او غيرها بأن كان ببطنها جرح فانشقت وخرج الولد تكون ذات جرح سائل لا نفساء إلا إذا سال الدم من الاسفل فهي نفساء. و (حال الولادة) أو حال الطلق عند الثلاثة (وقال) الحنفيون: لا يعد نفاساً الا ما كان بعد خروج أكثر الولد ولو منقطعاً او سقطاً استبان بعد خلقه. فإن نزل برأسه فالعبرة بصدره. وإن نزول برجليه فالعبرة بسرته. وبخروج اقل الولد لا تكون نفساء عند الحنفيون فلا تسقط عنها الصلاة فتتوضأ إن قدرت والا تتيمم وتوميء في الصلاة إن لم تقدر على الركوع والسجود ولا تؤخرها، فإن لم تصل فهي عاصية، فما عذر الصحيح القادر؟
ثم الكلام ينحصر في أربعة مباحث:
1 -
مدة النفاس - لا حد لأقله عند الأئمة الثلاثة. وكذا عند الحنفيين بالنسبة للعبادة أما بالنسبة للعدة (فقال) أبو حنيفة: أقله خمسة وعشرون يوماً. وقال أبو يوسف: أقله أحد عشر يوماً. وقال محمد: أقله ساعة (1).
(وأكثر مدته) أربعون يوماً عند الحفيين وابن المبارك وسفيان الثوري وأحمد وحكاه الترمذي عن الشافعي (لحديث) أبي سهل كثير ابن زياد الأسلمي عن مسة عن أم سلمة قالت: كانت النفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله
(1) فإذا قال رجل لامرأته: إذا ولدت فأنت طالق، فولدت ثم قالت مضت عدتي، فأقل مدة تصدق فيها عند الامام خمسة وثمانون يوماً (خمسة وعشرون نفاساً، وخمسة عشر طهراً، ثم ثلاث حيضة، كل حيضة خمسة أيام، وطهران بين الحيض ثلاثون يوماً) وقال أبو يوسف: أقل مدة تصدق فيها خمسة وستون يوماً (أحد عشر نفاساً، وخمسة عشر طهراً بعده وثلاث حيض كل حيضة ثلاثة أيام، بينها طهران ثلاثون يوماً) وقال محمد: تصدق في أربعة وخمسين يوماً وساعة (ساعة للنفاس وخمسة عشر يوماً طهراً بعده، ثم ثلاث حيض بتسعة أيام بينها طهران ثلاثون يوماً).
وسلم تقعد بعد نفاسها أربعين يوماً، أو أربعين ليلة. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبيهقي والدارقطني والحاكم وقال: صحيح الإسناد والترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل عن مسة عن ام سلمة. قال محمد بن إسماعيل: وأبو سهل ثقة. وقال عبد الحق: أحاديث هذا الباب معلولة، وأحسنها حديث مسة الأزدية وأثنى البخاري على حديثها (1){435} .
(وقال) الترمذي: قد أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك. فإنها تغتسل وتصلي. فإذا رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين (وقالت) المالكية والشافعية: أكثره ستون يوماً وروي عن الشعبي وعطاء. (وقال) الحسن البصري أكثره خمسون يوماً (والراجح) الأول. والحديث الوارد فيه له شواهد تقويه (منها) حديث عثمان ابن أبى العاص قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم للنفساء في نفاسهن أربعين يوماً. أخرجه الحاكم والدارقطني والطبراني في الكبير وأخرجه في الأوسط من حديث جابر (2){436} . وفي سند حديث (عثمان) إسماعيل ابن موسى المكي وهو ضعيف. وفي سند حديث (جابر) أشعث بن سواد وثقة ابن معين (وحديث) أبي الدرداء وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنتظر النفساء أربعين يوماً إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإن بلغت أربعين يوماً ولم تر الطهر فلتغتسل وهي بمنزلة المستحاضة. أخرجه ابن عدي في الكامل (3){437} .
(1) انظر ص 180 ج 2 - الفتح الرباني. وص 133 ج 3 - المنهل العذب (وقت النفساء). وص 115 ج 1 ابن ماجه (النفساء كم تجلس). وص 129 ج 1 تحفة الاحوذي. و (مسة) بضم الميم وتشديد السين المهملة.
(2)
انظر ص 176 ج 1 مستدرك. وص 281 ج 1 مجمع الزوائد (النفساء).
(3)
انظر ص 206 ج 1 نصب الراية (النفاس).
2 -
نفاس أم التؤمين: وهما ولدان من بطن واحد بين ولادتهما أقل من ستة أشهر- "يعتبر" نفاسها من الأول عند أبي حنيفة وأبي يوسف وأحمد علي الصحيح. والمرئي عقب الثاني إن كان في مدة النفاس فنفاس وإلا فاستحاضة. لما روي أن أبا يوسف قال للامام أبي حنيفة: أرأيت لو كان بين الولدين أربعون يوماً؟ قال هذا لا يكون. قال فإن كان؟ قال: لا نفاس لها من الثاني. ولكنها تغتسل عقب وضع الثاني وتصلي (وقالت) المالكية: إذا كان بين التوءمين أقل من شهرين فنفاسها من الأول على المعتمد وقيل من الثاني. وقيل تستأنف للثاني نفاساً آخر. وهذا إن لم يتخلل بين الدمين أقل الطهر وإلا كان الثاني نفاساً جديداً اتفاقاً. وكذا إذا كان بين التوءمين شهران فأكثر (وقال محمد) وزفر والشافعي: يعتبر نفاسها من الأخير والدم النازل قبله استحاضة. وانقضاء العدة بوضع الأخير اتفاقاً.
3 -
الطهر بين الدمين: (قال) الحنفيون: الطهر المتخلل بين الدمين في مدة الحيض حيض. فلو رأت مبتدأة يوماً دماً وثمانية أيام طهراً ويوماً دماً، فالكل حيض. ولو رأت يوماً دماً وتسعة طهراً ويوماً دماً، لا يكون شيء منها حيضاً. وكذا الطهر المتخلل في مدة النفاس يعتبر نفاساً عند أبي حنيفة (وقال) صاحباه: إذا بلغ الطهر في مدة النفاس خمسة عشر يوماً، فهو فاصل بين النفساء والحيض. فيكون المرئي بعده حيضاً إن صلح، وإلا فهو استحاضة (والمشهور) من مذهب الشافعية: أن الطهر المتخلل في مدة الحيض حيض وفي مدة النفاس نفاس (وقالت) المالكية والحنبلية: إنه طهر. فيجب عليها الغسل في اليوم الذي ينقطع فيه الدم، وتصوم وتصلي وتوطأ (ويعتبر) الدم المنقطع حيضاً عند المالكية ما لم يتجاوز مجموعه خمسة عشر يوماً. وكذا عند
الحنبلية ما لم ينقص مجموع الدم عن يوم وليلة، ولا يتجاوز مجموع الطهر والحيض خمسة عشر يوماً.
(4)
- ما يحرم بالحيض والنفاس: يحرم بهما ثمانية أمور:
1 -
الصلاة مطلقاً ولو صلاة جنازة أو سجدة تلاوة أو شكر، فلا تصح. ويحرم على الحائض والنفساء أداؤها ولا تجب مع الحيض والنفاس وعليه الإجماع.
2 -
(الصوم) ولو نفلاً، فلا يصح ويحرم مع الحيض والنفاس إجماعاً (لقول) أبي سعيد الخدري: خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلي فمر على النساء فقال يا معشر النساء تصدقن، فإني أريتكن أهل النار. فقلن ولم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن وتكفر العشير. ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن. وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن بلى. قال: فذلك من نقصان عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ ؟ قلن بلى، قال فذلك من نقصان دينها. أخرجه أحمد والبخاري (1) وأخرجه مسلم عن ابن عمر (2){437} .
(وهو) يدل أيضاً على أن العقل والإيمان يقبلان الزيادة والنقصان. وليس المراد من ذكر نقصان عقول النساء لومهن على ذلك، لأنه لا مدخل لاختيارهن فيه. بل المراد التحذير من الاقتنان بهن (وليس) نقص الدين منحصراً فيما يحصل به الإثم بل في أعم من ذلك. لأنه أمر نسبي فالكامل مثلاً ناقص عن الأكمل ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك صلاتها زمن الحيض لكنها ناقصة
(1) انظر ص 279 ج 1 فتح الباري (ترك الحائض الصوم) وص 65 ج 2 نووي مسلم (نقصان الإيمان بنقص الطاعات).
(2)
انظر ص 279 ج 1 فتح الباري (ترك الحائض الصوم) وص 65 ج 2 نووي مسلم (نقصان الإيمان بنقص الطاعات).
عن المصلي. قال الحافظ ابن حجر (وهل) تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يعملها في صحته وشغل بالمرض عنها؟ قال النووي: الظاهر أنها لا تثاب. والفرق بينها وبين المريض أنه كان يفعلها بنية الدوام عليها مع أهليته. والحائض ليست كذلك بل نيتها ترك العبادة زمن الحيض. وعندي في كون هذا الفرق مستلزماً لكونها لا تثاب وقفة (1).
(واعلم) أن الحيض والنفاس لا يمنعان وجوب الصوم. ولذا يلزم الحائض قضاؤه على التراخي دون الصلاة (لقول) معاذة البدوية: سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة. أخرجه السبعة والبيهقي (2){439} .
(وقد) أجمع المسلمون على أنه يجب على الحائض قضاء الصوم ولا يجب عليها قضاء الصلاة. "والحكمة" في وجوب قضاء الصوم دون الصلاة أن الصلاة تتكرر دون الصوم فإيجاب قضائها مفض إلى حرج ومشقة- (وما جعل عليكم في الدين من حرج) من آية 78 - الحج وأولها: وجاهدوا في الله حق جهاده- بخلاف الصوم فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وربما لا يأتيها فيه إلا أقل الحيض والنفاس. (وقضاء) الحائض والنفساء الصلاة ينبغي ان يكون خلاف الأولى عند الحنفيين. والصحيح أنه مكروه عند الشافعية (وقد اختلفوا)
(1) انظر ص 280 ج 1 فتح الباري الشرح (ترك الحائض الصوم).
(2)
انظر المراجع بهامش 2 ص 276 ج 8 - الدين الخالص طب 2 (القدوة على الصوم- السادس من شروط وجوب الصوم).
فيمن طهرت من الحيض والنفاس بعد العصر وبعد العشاء (فقالت) الشافعية والحنبلية والفقهاء السبعة (1) وغيرهم: يلزمها صلاة الظهر والعصر في الأول والمغرب والعشاء في الثاني (وقال) الحسن وقتادة والثوري والحنفيون: لا تجب عليها الظهر ولا المغرب (وقالت) المالكية: لو انقطع الحيض ونحوه من الأعذار بعد العصر أو العشاء وقد بقي من الوقت بعد الطهارة ما يسع الصلاة الأولى وركعة من الثانية وجبت الصلاتان وإلا - بأن بقي من الوقت ما يسع الثانية فقط أو ركعة منها - لا تقضي الأولى.
3 -
(الطواف بالكعبة) ولو نفلاً (لما تقدم عن) ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: الطواف صلاة إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام. فمن تكلم فلا يتكلم إلا بخير. أخرجه الحاكم وقال صحيح الإسناد (2){440} (وقالت) عائشة رضي الله عنها: دخل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأنا أبكي فقال: أنفست يعني الحيضة. قلت: نعم. قال: إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي. أخرجه مسلم (3){441} .
(فيحرم) الطواف ولا يصح مع الحدث الأكبر عند مالك والشافعي والجمهور وهو المشهور عن أحمد. ويصح عند الحنفيين مع الحرمة وهو رواية عن أحمد.
4 -
(دخول المسجد) ولو للعبور من غير مكث ولا ضرورة عند الحنفيين
(1)(الفقهاء السبعة) سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد والخارجة ابن زيد وأبو بكر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
(2)
تقدم رقم 266 ص 287 (الثاني من أقسام الوضوء الواجب- يجب للطواف).
(3)
انظر ص 146 ج 8 نووي مسلم (وجوه الإحرام).
والمالكية (لما) تقدم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: وجهوا هذه البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب. أخرجه أبو داود وصححه ابن خزيمة (1){442} .
(وجوز) الشافعي وأحمد للحائض والنفساء عبور المسجد إن لم يتلوث بالدم، لقوله تعالى (ولا جنباً إلا عابري سبيل) من آية 43 - النساء (وأجاب) الأولون بأن معناه ولا عابري سبيل. ومحل الخلاف إن لم يكن هناك ضرورة. فإن كانت- كأن يكون باب البيت إلى المسجد ولم يمكن تحويله ولا السكنى في غيره- فلا يحرم العبور اتفاقاً.
5 -
(قراءة شيء من القرآن) بقصده ولو بعض آية عند الحنفيين (لما تقدم) عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن. أخرجه أحمد وابن ماجه والترمذي (2){443} .
(وهو) بعمومه يشمل الآية وما دونها (وقالت) المالكية: يجوز للحائض والنفساء قراءة القرآن وإن لم تخش نسيانه (وأجابوا) عن حديث ابن عمر بأنه ضعيف، لأنه من رواية ابن عياش عن موسى بن عقبة وهو حجازي. وروايته عن الحجازيين ضعيفة لا يحتج بها (ومحل) الخلاف إذا قرأت بقصد القرآن. أما لو قرأت بقصد الذكر أو الثناء أو الدعاء أو التحصن أو افتتاح أمر فلا بأس بذلك اتفاقاً على الأصح إن اشتمل المقروء على ما قصدت.
6 -
(مس شيء من القرآن) ولو في لوح أو درهم أو حائط أو مكتوباً بغير العربية.
(1) تقدم رقم 357 ص 330 (ويحرم على الجنب دخول المسجد).
(2)
تقدم رقم 355 ص 329 (ويحرم عليه قراءة شيء من القرآن).
7 -
(وحمله) لغير ضرورة عند الأئمة الأربعة (لحديث) حكيم ابن حزام أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر. أخرجه الطبراني والدارقطني والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1){444} .
نعم يجوز مسه وحمله لضرورة كخوف عليه من حرق او غرق او نجاسة. وتقدم تمام الكلام في بحث الطهارة لمس المصحف (2).
8 -
(مباشرة الحائض والنفساء) بالوطء وغيره فيما بين السرة والركبة. أما حرمة الوطء فبالكتاب والسنة والإجماع: قال الله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن) من آية 222 - البقرة. وأولها: ويسألونك عن المحيض (وعن أنس) أن اليهود كانوا إذا حاضت منهم المرأة أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيت، فسئل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذلك فأنزل الله (ويسألونك عن المحيض، قل هو أذىً فاعتزلوا النساء في المحيض) الاية فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: اصنعوا كل شيء غير النكاح. أخرجه الخمسة الا البخاري (3){445} .
"ووطء" الحائض والنفساء في الفرج عامداً مختاراً عالماً بالحرمة "كبيرة" يجب التوبة منها اتفاقاً (ويستحب) له عند الحنفيين ومالك والزهري والجمهور أن يتصدق بدينار إذ كان الدم أسود وبنصفه إن كان اصفر. وهو أصح الروايتين عن الشافعي وأحمد (لحديث) ابن عباس ان النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض: يتصدق بدينار او نصف
(1) انظر رقم 9866 ص 421 ج 6 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(2)
انظر ص 285 (ب)(الطهارة لمس المصحف).
(3)
انظر ص 339 ج 2 تيسير الوصول (الحائض وأحكامها).
دينار. أخرجه أحمد والأربعة والحاكم وصححه. وقال أبو داود: هكذا الرواية الصحيحة (1){446} .
وفي رواية للترمذي: إذا كان دماً أحمر فدينار. وإن كان دماً أصفر فنصف دينار (وقال) ابن عباس والاوزاعي وإسحاق وأحمد في رواية والشافعي في القديم: يجب التصدق بما ذكر (وإن) وطئها ناسياً أو جاهلاً وجود الحيض أو مكرها، فلا إثم عليه ولا كفارة (ولو) أخبرته بالحيض وهي فاسقة ولم يغلب على ظنه صدقها، لا يقبل قولها. وإن غلب على ظنه صدقها، حرم وطؤها (وأما) المباشرة فيما بين السرة والركبة بغير الوطء، ففيها ثلاثة أقوال:
(الأول) أنها حرام، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك وسعيد بن المسيب وطاوس وعطاء. وهو الصحيح عند الشافعية (لقول) معاذ: قلت يا رسول الله ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: ما فوق الازار والتعفف عن ذلك أفضل. أخرجه أبو الحسن رزين ابن معاوية (2){447} .
(وعن) زيد بن أسلم أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ فقال لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها. أخرجه مالك والدارمي (3){448} .
(1) انظر ص 156 ج 2 - الفتح الرباني، وص 177 ج 1 تحفة الاحوذي. وص 114 ج 1 سنن ابن ماجه (كفارة من أتى حائضاً) وص 45 ج 3 - المنهل العذب (اتيان الحائض).
(2)
انظر ص 340 ج 2 تيسير الوصول (الحائض وأحكامها).
(3)
انظر ص 103 ج 1 زرقاني الموطا (ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض وص 241 ج 1 سنن الدارمي (مباشرة الحائض).
(وإذا) حرم على الرجل مباشرة ما تحت أزار امرأته، حرم عليها تمكينه منها وأن تباشره بما تحت إزارها بالأولى (الثاني) الجواز مع الكراهة التنزيهية وبه قال الثوري والأوزاعي وأحمد وداود الظاهري ومحمد بن الحسن وأصبغ المالكي، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أنس السابق "اصنعوا كل شيء غير النكاح"(1)(وأجاب) الأولون بأن هذا مبيح وما استدلوا به مانع، والمانع مقدم على المبيح (الثالث) التفصيل فإن كان المباشر يضبط نفسه عن الفرج ويثق باجتنابه لضعف شهوته أو لشدة ورعه، جازت المباشرة وإلا فلا (أما) مباشرة ما فوق السرة وتحت الركبة بالقبلة أو المعانقة او اللمس ولو بالذكر، فهي حلال بالإجماع كالاستمتاع بالنظر ولو بشهوة، والاستمتاع بما بين السرة والركبة بغير الوطء مع الحائل.
(جـ) الاستحاضة: هي لغة السيلان. واصطلاحاً الدم الخارج لعلة من الفرج دون الرحم في غير أيام الحيض والنفاس. وعلامته ألا يكون منتناً. ثم الكلام ينحصر في خمسة مباحث.
1 -
أنواع الاستحاضة: هي ستة أنواع: ما نقص عن أقل الحيض وما زاد على أكثره. وما زاد على أكثر النفاس. وما زاد على العادة في الحيض والنفاس وجاوز أكثرهما وإلا فهو حيض أو نفاس. وما تراه الحامل عند الحنفيين وأحمد لانسداد فم الرحم وسيأتي تمامه.
2 -
حكمها: الاستحاضة حدث دائم لا يمنع صلاة ولا صوماً ولا غيرهما مما يمنعه الحيض والنفاس (لما تقدم) من قوله صلى الله عليه وسلم للمستحاضة:
(1) تقدم رقم 425 ص 384 (مباشرة الحائض والنفساء).
دعي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئ لكل صلاة (1). فقد أمرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصلاة فجواز غيرها أولى.
3 -
أقسام المستحاضة: هي ستة أقسام تفصيلاً: معتادة ذاكرة عادتها مع التمييز وعدمه. ومعتادة نسيت عادتها كذلك. ومبتدأة مميزة وغير مميزة. وثلاثة أقسام إجمالاً: معتادة ذاكرة عادتها أو ناسيتها أو مبتدأة.
(أ) فإن كانت معتادة ذاكرة عادتها تعتبر أيام عادتها حيضاً، ميزت بين القوى وغيره أم لم تميز فتترك فيها الصلاة والصيام وغيرهما مما يمنعه الحيض. فإذا انقضت أيام عادتها، اغتسلت وصلت وصار حكمها حكم الطاهرة، لكنها تتوضأ لوقت كل صلاة عند الحنفيين وأحمد. فتصلي في الوقت ما شاءت من فرائض ونوافل. فإذا خرج الوقت بطل وضوءها.
(وقال) الشافعي: تتوضأ المستحاضة ونحوها من المعذورين لكل فرض على حدته ويصلون النوافل تبعاً، لما تقدم من قوله صلى الله عليه وآله وسلم للمستحاضة: دعي الصلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضئ لكل صلاة (2)(وقال) مالك: لا يجب عليهم الوضوء وإنما هو مستحب لكل صلاة، لما تقدم في حديث أم سلمة من قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لتنتظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الذي أصابها فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر. فإذا خلفت ذلك فلتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصل (3).
(وهو) يدل على أن المستحاضة المعتادة ترد لعادتها ميزت أم لا وافق
(1) تقدم رقم 260 ص 283 (أحكام طهارة المعذور).
(2)
تقدم رقم 260 ص 283 (أحكام طهارة المعذور).
(3)
تقدم رقم 431 ص 388 (وقد صح في ذات العادة اعتبار الشارع للعادة).
تمييزها عادتها أم خالفها. وبه قال الحنفيون والشافعي في رواية وأحمد في المشهور عنه، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يسألها أهي مميزة ام لا؟ وترك الاستفصال منزل منزلة العموم.
(وقالت) المالكية: ترد لعادتها إذا لم تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة وإلا ردت إلى تمييزها وهو أصح قولي الشافعي بشرط ألا يزيد القوى عنده عن خمسة عشر يوماً ولا ينقص عن يوم وليلة.
(ب) وإن كانت معتادة نسيت الوقت والعدد (فقال) الحنفيون: تتحرى، ومتى ترددت بين حيض وطهر تتوضأ لوقت كل صلاة. وإن ترددت بينهما والدخول في الطهر، تغتسل لوقت كل صلاة، وتترك السنن غير المؤكدة، ولا تدخل مسجداً ولا تجامع. وإن لم يكن لها رأي فهي متحيرة لا يحكم لها بشيء من الحيض والطهر على التعيين بل تأخذ بالأحوط في الأحكام. فتجتنب ما تجتنبه الحائض كالقراءة في غير الصلاة ومس المصحف وقربان الزوج وتغتسل لوقت كل صلة وتصلي به الوتر والفرض، وتقرأ ما تجوز به الصلاة فقط، وقيل الفاتحة والسورة لأنهما واجبتان (وإن حجت) تطوف طواف الإفاضة لأنه ركن ثم تعيده بعد عشرة أيام. ثم تطوف طواف الوداع لأنه واجب. وتصوم رمضان. ثم تقضي خمسة وعشرين يوماً لاحتمال أنها حاضت عشرة من أوله وخمسة من آخره أو بالعكس ثم يحتمل أنها حاضت في القضاء عشراً فسلم لها خمسة عشر يوماً. والفتوى على أن طهرها في العدة مقدر بشهرين (وقال) الشافعي: المعتادة الناسية للعدد والوقت، لها حكم الحائض في كل ما لا يتوقف على نية غير الطلاق كمباشرة ما بين السرة والركبة وقراءة القرآن في غير الصلاة ومس المصحف والمكث في المسجد لغير عبادة متوقفة عليه وعبوره إن خافت تلويثه. ولها حكم الطاهر في الطلاق وكل عبادة تفتقر إلى نية كالصلاة والصوم والاعتكاف
وعليها أن تغتسل لكل فرض في وقته ان جهلت زمن انقطاع الدم. أما إذا علمت في زمن الصحة وقت انقطاعه كعند الغروب، لزمها الغسل كل يوم وقته فتصلي به المغرب، وتتوضأ لباقي الصلوات.
(جـ) وإن بلغت مستحاضة (فعند) الحنفيين: يعتبر حيضها عشرة من كل شهر ثم تغتسل وتصلي باقي الشهر بوضوء لوقت كل صلاة (وقال) الشافعي: المستحاضة المبتدأة إن لم تميز تدع الصلاة وغيرها مما يحرم على الحائض من وقت رؤيتها الدم فإذا انقطع لخمسة عشر يوماً فأقل اعتبر الكل حيضاً. وإن استمر أكثر من خمسة عشر يوماً، اعتبر حيضها يوماً وليلة وباقي الشهر طهراً، فتقضي الصلاة فيما عدا اليوم والليلة. وفيما عدا الشهر الأول يعتبر حيضها يوماً وليلة، وطهرها تسعة وعشرين. وكذا المبتدأة المميزة ان نقص القوى عن يوم وليلة او زاد عن خمسة عشر، أو نقص الضعيف عن خمسة عشر يوماً (وقال) أحمد: المستحاضة المبتدأة والمعتادة الناسية لعادتها ولم تميز دمها - بأن كان كله أسود أو احمر مثلاً - أو كانت مميزة - بأن تراه تارة أسود ثخيناً منتناً وتارة تراه رقيقاً أحمر أو اصفر أو لا رائحة له ولم يصلح الأسود أن يكون حيضاً - بأن نقص عن يوم وليلة او جاوز خمسة عشر - تترك الصلاة وغيرها من كل ما يمنعه الحيض ستة أيام او سبعة من كل شهر وهي غالب الحيض باجتهادها فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها او عادة نساء قومها او ما يكون أشبه بكونه حيضاً ثم تغتسل وتصلي ثم تتوضأ لوقت كل صلاة (وقال) مالك: المستحاضة المبتدأة والمعتادة الناسية لعادتها غير المميزة، يعتبر حيضها خمسة عشر يوماً ثم تغتسل، وتصلي باقي الشهر أما المميزة مبتدأة او معتادة فترد الى التمييز، فيكون الدم القوي حيضاً والضعيف استحاضة.
4 -
وطء المستحاض- يجوز وطؤها في غير أيام حيضها عند الجمهور (لما روي) عكرمة عن حمنة بنت جحش أنها كانت مستحاضة وكان
زوجها يجامعها. أخرجه أبو داود والبيهقي وقال: ويذكر عن ابن عباس أنه أباح وطأها (1){58} .
(وقال) عكرمة: كانت أم حبيبة تستحاض فكان زوجها يغشاها. أخرجه أبو داود والبيهقي بسند حسن (2){59} .
(وقال) أحمد: لا يجوز وطء المستحاضة إلا أن يطول ذلك بها (وعنه) لا يجوز وطؤها مطلقاً. وكره ابن سيرين لقول عائشة: المستحاضة لا يغشاها زوجها. أخرجه الخلال (3){60} . ولأن بها أذى فلا توطأ كالحائض (ورد) بأن الأصل الإباحة، والمنع لا يكون إلا بدليل من كتاب او سنة. ولم نعلم لذلك دليلاً. ولذا روي عن أحمد إباحة وطئها مطلقاً.
(5)
الدم تراه الحامل - اختلف الفقهاء فيه أهو حيض أم استحاضة؟ (قال) الحنفيون وأحمد والثوري وجماعة: الحامل لا تحيض وأن ما تراه من الدم هو دم فساد إلا أن يصيبها الطلق فهو دم نفاس عند غير الحنفيين (وقال) مالك: الدم الذي تراه الحامل حيض. وأكثره فيما بعد الشهرين إلى ستة أشهر عشرون يوماً، وفي ستة أشهر فأكثر ثلاثون يوماً فإن زاد على ذلك فهي مستحاضة تصلي وتصوم وتوطأ وإن تقطع الدم. وهذا بالنسبة للعبادة. أما بالنسبة
(1) انظر ص 131 ج 3 - المنهل العذب (المستحاضة يغشاها زوجها). وص 329 ج 1 سنن البيهقي (صلاة المستحاضة واعتكافها في حال استحاضتها ولزوجها ان يأتيها).
(2)
انظر ص 329 منه (صلاة المستحاضة واعتكافها). وص 130 ج 3 - المنهل العذب (المستحاضة يغشاها زوجها).
(3)
انظر ص 357 ج 1 مغنى ابن قدامة (حكم وطء المستحاضة).