الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ثم انظر) كَيف تركُوا السُّنة فى هذا الموسم العظيم، فإِن السُّنة فى هذا اليوم ما فعله النبىُّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أَنه لَمَّا انصرف من صلاة العِيد ذَبَح أُضْحِيَتَه بيده الكريمة وأَمَرَ بزيادةِ الكَبد فَصُنِعَ له ثم أَفطر عليه تَشَبُّهاً منه عليه الصلاة والسلام وتفاؤلاً بأَهْل الجنة، لأَنَّهم أَول ما يفطرون فيها على زيادة كَبِد الْحُوت (1) وتَشْرِيعاً لأُمَّتِه صلى الله عليه وسلم لينَبِّههم إِلى هذا المعنَى الجليل.
(ثم) إِنَّ بعض مِنْ يُضَحِّى يبيع جِلْد الأُضْحِية، وذلك محرّم أَوْ مَكْرُوه على ما تقَدَّمَ بياُنه (2).
(الثانى) الفرع والعتيرة
الفَرَع: بفتحتين، ويقال الفَرَعة بالهاءِ، هو أَول ما تَلِدَهُ الْبَهِيمة، كانوا يذبحونه لآلهتهم رجاءَ البركةِ فى الأُم وكثرة نَسْلِها. وقال فى النهاية: كان الرَّجُل فى الجاهلية إِذا تَمَّتَ إِبِله مائة قَدَّم بَكْراً فَنَحَرَهُ لِصَنَمِه وهو الفَرَع. والعَتِيرَة: بِفَتْح فكَسْر: ذبيحة كانوا يَذْبَحونها فى رجب ويُسَمُّونَها الرَّجَبِيَّة، تعظيماً له، لأَنه أَول الأَشْهُر الحُرُم.
هذا. وقد اختلفت الأَحاديث فى حُكْم الفَرعَ والعَتِيرَة (رَوَى) الحارث ابن عمرو أَنه لَقِىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجَّة الوداع وهو على نَاقَتِه العَضْبَاءَ، فقال رَجُل: يا رسول الله، العتائر والفرائع. فقال: مَنْ شَاءَ عَتَر ومنْ شاءَ لم يَعْتِر، ومَنْ شَاءَ فَرَّع ومِنْ شَاءَ لم يُفَرّع. (الحديث) أَخرجه النسائي والبيهقى (3){73} .
(1) زيادة الكبد: قطعة منفردة متعلقة به، وهى فى غاية اللذة.
(2)
ص 235 ج 1 مدخل الشرع الشريف (عيد الأضحى).
(3)
ص 190 ج 2 مجتبى (الفرع والعتيرة) وعتر كضرب، أى ذبح. وفرع من التفريع، أى ذبح الفرع.
(وقال) أَبو المليح قال نُبَيْشَة: نَادَى رَجُل وهو بمنى فقال: يا رسول الله، إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عتِيرَةً فى الجاهلية فى رَجَب، فما تَأْمُرنا يا رسول الله؟ قال: اذْبَحُوا لله فى أَىِّ شَهْرٍ كان، وبِرُّوا اللهَ عز وجل وأَطْعِمُوا. قال: إِنَّا كُنَّا نُفْرَع فْرَعاً فما تَأْمُرنا؟ قال: فى كل سائمةٍ فَرع تَغْذُوهُ ما شِيَتُكَ حتى إِذا اسْتَجْمَلَ ذَبَحْتهُ وتَصَدَّقْتَ بلَحْمهِ عل ابْنِ السَّبِيل، فإِنَّ ذلك خَيْر. أَخرجه الشافعى وأَحمد والأَربعة إِلَاّ الترمذى (1){74} .
(فما ذُكر) يدلُّ على إِباحة الفرع والعتيرة (وبه) قالت الشافعية والحنبلية.
(وقال) الحنفيون والمالكية بكَراهة الفرع والعتيرة " لحديث " أَبى هريرة أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا فَرَع ولا عَتِيرَة. أَخرجه السبعة إِلَاّ الترمذى (2){75} .
(وهو) نفى فى معنى النَّهْى، يدل عليه ما فى رواية النسائى عن أَبى هريرة قال: نَهَى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الفَرَع والعَتِيرَة.
(قال) القاضى عياض والحازمى: هذا الحديث ناسخ للأَحاديث الدَّالة على إِباحة الفرع والعتيرة. وعلى هذا جماهير العلماءِ. قالوا: حديث أَبى هريرة مُتَأَخِّر فإِنه أَسْلَم فى السَّنة السابعة من الهجرة (وردّ) بما تقَدَّم
(1) ص 69 ج 3 تكملة المنهل (العتيرة) وباقى المراجع بهامش 4 ص 71 منه (واذبحوا لله) أى اذبحوا إن شئتم فى رجب وغيره. والأمر للندب. و (بروا الله) بكسر الباء وفتحها، أمر من بر من بأبى ضرب وعلم، أى أطيعوا الله. و (نفرع) بضم فسكون من أفرع، أو بضم ففتح فراء مكسورة مشددة، من التفريغ. و (السائمة) الماشية المرسلة فى كلأ مباح (تغذوه ما شيتك) بفتح أوله، أى تغذية ماشيتك بلبنها، أو تغذية أنت مع ماشيتك أو مثل ما شيتك. وعليه فماشية منصوبة. و (استجمل) بالجيم، أى صار جملا. وبالحاء، أى قوى للحمل وصار مستطاب اللحم مرغوباً فيه فيذبح حينئذ ويتصدق به بخلاف ما كانت عليه الجاهلية فإنهم كانوا يذبحونه وقت ولادته شعره بلحمه فتعافه النفوس.
(2)
ص 71 ج 3 تكملة المنهل (العتيرة) وباقى المراجع بهامش 1 ص 72 منه.