الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - صلاة الحاجة
يستحب لمن همه أمر أو كانت له حاجة إلى الحق أو الخلق يريد قضاءها أن يتطهر ويصلي ركعتين ثم يدعو بدعاء الكرب أو غيره مما يأتي.
وقد ورد في ذلك أحاديث منها "حديث" ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض رب العرش الكريم. أخرجه الشيحان والترمذي (1){372}
"وحديث" أبى الدرداء: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتمهما أعطاه الله ما سأل معجلاً أو مؤخراً. أخرجه احمد بسند صحيح (2){373} .
"وقال" عبد الله بن أبي أو في قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من كانت له حاجة إلى الله تعالى أو إلى أحد من بني آدم فليتوضأ وليحسن الوضوء، ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله عز وجل، وليصل على النبي صلى الله عليه وسلمن ثم ليقل: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، أسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر، والسلامة من كل إثم، لا تدع لي ذنباً إلا غفرته، ولاهماً إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. أخرجه ابن ماجه والترمذي وقال:
(1) ص 22 ج 2 تيسير الوصول (ادعية الكرب والهم). و (العظيم والكريم) بالجر صفة للعرش، وهو الثابت في رواية الجمهور، او بالرفع صفة للرب، او خبر لمبتدأ محذوف.
(2)
ص 278 ج 2 مجمع الزوائد (صلاة الحاجة).
حديث غريب والحاكم (1){374} وفي سنده فائد بن عبد الرحمن ضعيف وقال أحمد والذهبي: متروك. وقال ابن عدي: مع ضعفه يكتب حديث.
(قال) الشوكاني: وقد ذكرت هذا الحديث وذكرت ما قيل فيه بأطول من هذا في الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة. استدركت على من قال: إنه موضوع (والحاصل) أن جميع طرق أحاديث هذه الصلاة لا تخلو عن ضعف إلا حديث أبى الدرداء كما ذكرناه وبعده حديث ابن أبي أوفى (2).
"وحديث" عثمان بن حنيف أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه تعالى عليه وعلى آله وسلم فقال: ادع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لكز قال: فادعه. فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وعلى آله وسلم، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي. اللهم فشفعه في. أخرجه احمد وابن ماجه وقال: هذا حديث حسن صحيح، والحاكم وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين، والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح (3){375} .
(1) ص 216 ج 1 سنن ابن ماجه (صلاة الحاجة)، وص 348 ج 1 تحفة الاحوذي، وص 320 ج 1 مستدرك. و (موجبات الرحمة) التوفيق والهداية الى الطريق المستقيم. و (العزائم) جمع عزيمة بمعنى معزومة، أي مقطوع بوقوعها، أو عازمة، أي قاطعة لأثر كل ذنب. فالمعنى: أسألك أنواعاً من المغفرة يتحتم حصولها بإرادتك، او تقطع عني كل تقصير مانع من استجابة الدعاء.
(2)
ص 139 تحفة الذاكرين (صلاة الضر والحاجة).
(3)
ص 138 ج 4 مسند احمد، وص 26 ج 1 سنن ابن ماجه (صلاة الحاجة) وص 313 ج 1 مستدرك (دعاء رد البصر)، وص 281 ج 4 تحفة الاحوذي (باب 8 من أحاديث شتى من أبواب الدعوات) وفي قول الداعي (يا محمد) جواز النداء باسمه صلى الله عليه وسلم في مقام التشفع به، لأن المقام يؤدي من التعظيم ما يؤدي ذكره بقول الداعي: يا رسول الله (وهذا) لا يعارض ما ورد من أن نداءه صلى الله عليه وسلم باسمه منهي عنه بقوله تعالى: "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً". (قال) ابن عباس: كانوا يقولون: يا محمد يا أبا القاسم، فنهاهم الله عز وجل عن ذلك إعظاماً لنبيه صلى الله عليه وسلم، قال: فقولوا: يا نبي الله، يا رسول الله. ذكره ابن كثير [60] ص 152 ج 6 (سورة النور)(لأنه) صلى الله عليه وعلى آله وسلم صاحب الحق، فله أن يتصرف كيف شاء؛ ولا يقاس به غيره. وتعليم بعض الصحابة ذلك لغيره يحتمل أنه مذهب له، أو أنه رأى أن ألفاظ الدعوات والأذكار يقتصر فيها على الوارد.
(قال) الشوكاني: والحديث صحيح وصححه أيضاً ابن خزيمة، وقد تفرد النسائي بذكر الصلاة ووافقه الطبراني في بعض الطرق التي رواها. وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله تعالى، وأنه المعطي المانع، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن (1)
(1) ص 138 تحفة الذاكرين (صلاة الضر والحاجة) والتوسل لغة التقرب بالعمل. ويطلق شرعاً على معان ثلاثة:
(الأول) التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة. وهذا جائز مشروع اتفاقاً، بل منه الواجب الذب لا يكمل الإيمان إلا به. قال تعالى:"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة" المائدة، آية 35. وقال:"أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب" الإسراء، آية 57. اتفق المفسرون على أن الوسيلة في الآيتين هي التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة كالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر العبادات. وقد ورد في ذلك آيات وأحاديث. قال تعالى:"ولله الأسماء الحسنة فادعوه بها" الأعراف، آية 180. وقال في وصف عباده المتقين:"الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار" آل عمران، آية 16. وقال في وصف أولى الألباب السليمة: "ربنا إننا سمعنا مناديا (هو الرسول صلى الله عليه وسلم ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا، ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار (193) ربنا وآتتا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد (194) فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى (195) آل عمران. (وعن) عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلاً (هو أبو موسى الأشعري كما في رواية لأحمد) يقول: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد. فقال: لقد سأل الله باسمه الأعظم، الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب. أخرجه احمد وأبو داود والترمذي [376] =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ص 350 ج 5 مسند أحمد، وص 8 ج 2 تيسير الوصول (اسم الله الأعظم). وقال تعالى:"وذا النون (أي صاحب الحوت وهو سيدنا يونس عليه السلام إذ ذهب مغاضباً (قومه) فظن إن لن نقدر عليه (أي لن نضيق عليه) فنادى في الظلمات (أي ظلمة الليل والبحر وبطن الحوت) أن لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين (87) (بذهابي من بين قومي بلا إذن) فاستحبنا له ونجيناه من الغم (أي أخرجناه من بطن الحوت وتلك الظلمات) وكذلك ننجي المؤمنين"(88) الأنبياء.
(وهذا) دعاء عظيم جداً، لاشتماله على التهليل والتسبيح والإقرار بالذنب.
(وقد) ورد: ما من مكروب يدعو بهذا الدعاء، إلا استجيب له (روي) سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: "لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط، إلا استجاب الله له. أخرجه احمد والترمذي والنسائي في اليوم والليلة، والحاكم [377] رقم 4203 ص 526 ج 3 فيض القدير، وص 22 ج 2 تيسير الوصول (أدعية الكرب والهم) ز
(وعن) ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: انطلق ثلاثاً نفر ممن كان قبلكم حتى اواهم المبيت إلى غار فدخلوا فيه، فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار، فقالوا: إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة الا ان تدعوا الله بصالح أعمالكم.
فقال أحدهم: انه كان لي أبوان شيخان كبيران وكنت أرعى عليهما ولا اغبق قبلهما (من بابي ضرب ونصر من الغبوق وهو الشرب آخر النهار) أهلاً ولا مالاً، وانه نأى بي طلب الشجر يوماً فلم أرح عليهما (من الإراحة وهي رد الإبل إلى مراحلها) حتى ناما فحلبت لهما غبوقهما فوجدتهما قد ناما، فكرهت أن اغبق قبلهما أهلاً ومالا وكرهت أن أوقظهما، والصبية يتضاغون (أي يضجون ويصيحون من الجوع) عند قدمي، والقدح على يدي انتظر استيقاظهما حتى برق الفجر. اللهم إن كنت تعلم إني فعلت ذلك ابتغاء لوجهك، ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة، فانفرجت شيئاً لا يستطيعون الخروج.
وقال الآخر: اللهم انه كانت لي ابنة عم هي احب الناس إلى فأردتها على نفسها (أي راودتها وطلبت منها أن تمكنني من نفسها) فامتنعت مني حتى ألمت بها سنة من السنين، فجاءتني فأعطيتها مائة وعشرين ديناراً على أن تخلى بيني وبين نفسها، ففعلت، حتى إذا قدرت عليها قالت: لا يحل لك أن تفض الخاتم إلا بحقه، فتحرجت من الوقوع عليها، فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلى وتركت الذهب. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه فانفرجت الصخرة غير انهم لا يستطيعون الخروج.
فقال الثالث: اللهم إني كنت استأجرت إجراء بأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك أجره وذهب فثمرته له حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله، اد إلى اجري، فقلت: كل ما ترى من البقر والغنم والإبل والرقيق أجرك، اذهب فاستقه. فقال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يا عبد الله، لا تستهزئ بي. فقلت: إني لا استهزئ بي. فقلت: إني لا استهزئ بك. اذهب فاسقه، فأخذه كله. اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون. أخرجه الشيخان وأبو داود [378] ص 302 ج 4 فتح الباري (من استأجر أجيراً فترك أجره .. ) وص 55 ج 17 نووي مسلم (التوسل بصالح الأعمال)، وص 208 ج 3 تيسير الوصول (قصة أصحاب الغار).
(فهذا) الحديث صريح في أنه يجوز للعبد أن يتوسل بعمله الصالح إلى الله تعالى، وأنه ينفعه عند الشدة.
(الثاني) التوسل إلى الله تعالى مستشفعاً بأحد من خلقه فيما يطلبه العبد من ربه. وهو جائز اتفاقاً، لما تقدم أن عمر بن الخطاب استسقى بالعباس وقال: اللهم أنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، فيسقون. أخرجه البخاري [61] تقدم بالأصل اثر 26 ص 145.
(واستسقى) معاوية بن أبى سفيان بالأسود بن يزيد من كبار التابعين (تقدم أثر 27 ص 146) وقد كان توسلهم بمن ذكر أن يدعو المتوسل به ويدعو القوم معه فهو شفيع لهم وسائل لا مسئول.
(الثالث) التوسل إلى الله تعالى بالأقسام عليه بأحد من خلقه، وهو ممنوع عند الجمهور، لأنه لم يقع من الصحابة رضي الله عنهم في الاستسقاء ونحوه، لا في حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولا بعد موته، ولم يثبت في دعاء من الأدعية الصحيحة.
(وأفتى) العز بن عبد السلام بمنعه إلا في حق النبي صلى الله عليه وسلم، مستدلاً بحديث الضرير رقم 375 ص 267. وتبعه الشوكاني وغيره. وعليه الجمهور قالوا: قوله: أسألك وأتوجه إليك بنبيك؛ سؤال بالذات وقسم "ومنعه" ابن تيمية وغيره من الحنبلية مطلقاً وقالوا: الباء في قوله: أتوجه إليك بنبيك للسببية لا للقسم. والمعنى أسألك وأتوجه إليك بسبب محمد صلى الله عليه وسلم، فيرجع إلى الحالة الثانية وهي التوسل بمعنى الشفاعة.
(ومما تقدم) تعلم أن التوسل المشروع بالاتفاق هو التوسل بالعمل الصالح، وبالغير على أنه شفيع وسائل لا مسئول، بل المسئول والمقصود هو الله تعالى، لأنه هو النافع الضار المعطي المانع الفعال لما يريد.
(وأما) ما يقع من العوام وأشباههم مخالفاً لذلك، فغير مشروع. ترى أحدهم إذا نزل به أمر خطير، ترك دعاء الله تعالى ودعا غيره، فينادي بعض الأولياء كالشافعي والبدوي والدسوقي والسيدة زينب والرفاعي والبيومي، معتقداً أنهم أرباب التصريف ولا يخطر له على بال دعاء الواحد القدير، الفعال لما يريد، ناسياً قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. أخرجه أحمد والترمذي عن ابن عباس [379] وهو بعض الحديث التاسع عشر من الأربعين النووية، وأوله: يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت (الحديث). وما نشا هذا إلا من الجهل وعمي البصائر. نسأل الله السلامة والوقاية.