المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌6 - قيام الليل - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٥

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: ‌6 - قيام الليل

صلاته، ولا يطمئن فى الركُوع والسُّجُود ولا يُرَتِّل القراءَة (فعن) أَبى عبد الله الأَشْعَرى رضِىَ الله عنه أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً لا يتمّ ركُوعه وينقر فى سُجُودِه وهو يُصَلِّى، فقال: لَوْ ماتَ هذا على حاله هذِه ماتَ على غير مِلَّةِ مُحمد صلى الله عليه وسلم (الحديث) أَخرجه الطبرانى فى الكَبير وأَبْو يَعْلى بسَنَدٍ حَسَن وابن خُزَيمة فى صحيحه (1){192} .

(والأَحاديث) والآثار فى هذا كَثِيرة تقَدَّم بَعْضُها فى بحث " الرفع من الركُوع إِلى الطمأْنينة فى الأَركان "(2)(وقد) قال الحسَن بن الجوزجانى: أَصَحّ الطُّرُق إِلى الله تعالى وأَعْمرها وأَبْعَدها عَن الشُّبَه، اتباع السُّنة قَوْلاً وَفِعْلاً وعَزْماً وَقَصْداً وَنِيَّةً، لأَنَّ الله تعالى يقول:" وَإِنْ تُطِيعُوه تَهْتَدُوا ". فَقِيلَ له: كَيف الطَّريق إِلى اتِّباع السُّنة؟ فقال: مُجَنَبة الْبِدَع وَاتِّبَاع ما أَجمع عليه الصَّدر الأَوَّل من علماءِ الإسلام. ذكَره الشعرانى فى الطبقات.

‌6 - قيام الليل

كانَ قِيَامُ الليل فَرْضاً على النبىِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصحابه، لقوله تعالى:" يأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُم اللَّيْلَ إِلَاّ قَلِيلاً نِصْفَهُ أَو انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً ". ثم نسخ بقوله تعالى: " عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّر مِنَ الْقُرْآنِ "(3).

(1) تقدم رقم 91 بهامش 2 ص 169، وفيه التحذير من ترك الاطمئنان فى الصلاة.

(2)

انظر من ص 153 إلى ص 158 ج 2 دين طبعة ثانية.

(3)

" فتاب عليكم " أى خفف عنكم بإسقاط فرض قيام الليل، فالمراد بالتوبة، التوبة اللغوية وهى التخفيف " فاقرءوا " أى صلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل ولو ركعتين. وعبر عن الصلاة بالقراءة، لأنها بعض أركانها. والأمر للندب ويحتمل إبقاء القراءة على حقيقتها، أى اقرءوا فى الصلاة، فالأمر للوجوب، أو فى غيرها والأمر للندب. وبهذه القراءة تنالون ثواب القيام " روى " ابن عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين. أخرجه أبو داود [193] ص 210 ج 2 تيسر الوصول (صلاة الليل) وأخرجه ابن حبان، وفيه: ومن قام بمائتى آية كتب من المقنطرين، أى ممن كتب لهم قناطير من الأجر.

ص: 172

قال ابن عباس في تَفْسِيره: قُم الليل كله إلا قليلاً منه. فاشتد ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه. وقاموا الليل كله ولم يعرفوا ما حد القليل؟ فأنزل الله تعالى: " نصفه او انقص منه قليلاً ". فاشتد ذلك أيضاً عليهم وقاموا حتى انتفخت أقدامهم، ففعلوا ذلك سنة، فأنزل الله تعالى ناسختها فقال:"علم أن لن تحصوه "، يعني قيام الليل من الثلث والنصف، وكان هذا قبل فرض الصلوات الخمس. اهـ.

(وعن) عكرمة أن ابن عباس قال في المزمل: "قم الليل إلا قليلاً نصفه" نسختها الآية التي فيها: "علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن". وناشئة الليل أوله (الأثر) أخرجه أبو داود والبيهقي (1){42} .

(وعن) سماك الحنفي أن ابن عباس قال: لما نزل أول المزمل كانوا يقومون نحواً من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها. وكان بين أولها وآخرها سنة. أخرجه أبو داود والبيهقي ومحمد بن نصر (2){43} .

(وبهذا) صار قيام الليل مندوباً في حق النبي صلى الله عليه وسلم وأمته (ويؤيده) قول سعد بن هشام: انطلقت إلى ابن عباس فسألته عن الوتر، فقال: ألا أدلك على أعلم أهل الارض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: من؟ قال: عائشة رضي الله عنها، فأتها فسلها، ثم أعلمني ما ترد عليك. فانطلقت إليها، فأتيت على حكيم بن أفلح

(1) ص 177 ج 1 تيسير الوصول (سورة المزمل) وص 500 ج 2 سنن البيهقي (قيام الليل).

(2)

ص 177 ج 1 تيسير الوصول (سورة المزمل) وص 500 ج 2 سنن البيهقي (قيام الليل).

ص: 173

فاستصحبته، فانطلقنا إلى عائشة، فاستأذنا فدخلنا، فقالت: من هذا؟ قال: حكيم بن أفلح. فقالت: من هذا معك؟ قلت: سعد ابن هشام. قالت: ومن هشام؟ قلت: ابن عامر. قالت: نعم المرء كان عامر أصيب يوم أحد. قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى. قالت: فإن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن. ففهممت أن أقوم فبدا لي، فقلت: أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم المؤمنين. قالت: ألست تقرأ يأيها المزمل؟ قلت: بلى. قالت: فإن الله تعالى افترض القيام في أوله هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم. وأمسك الله خاتمتها اثنى عشر شهراً في السماء، ثم أنزل الله التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعاً بعد أن كان فريضة (الحديث) أخرجه البيهقي، ونحوه لمسلم (1){194} .

(وبهذا) قال الجمهور (وقال) مالك: لم يزل قيام الليل فرضاً في حق النبي صلى الله عليه وسلم. وروي عن ابن عباس والشافعي لظاهر قوله تعالى: "ومن الليل فتهجد به نافلةً لك" أَىْ فريضةً زائدةً على الصَّلواتِ الخم خاصَّةً بِكَ دُونَ أُمَّتِكَ.

" ولا يُقَال " إِن الخطاب لَهُ صلى الله عليه ولم خطاب لأُمَّتِه، لأَنَّ محل هذا ما لم يَقُمْ دَلِيلٌ على الخصُوصية كما هنا. فإِن قوله:" نافِلةً لك " بعد قوله: " فَتَهَجَّد " دَلِيلٌ على أَنَّ الخطاب خاص به صلى الله عليه وسلم دون أُمَّتِه (قال) ابن عباس: " ومِنَ الليل فَتَهَجَّدْ به نافلة لك "

(1) ص 499 ج 2 سنن البيهقي، وص 25 ج 6 نووي مسلم (صلاة الليل والوتر).

ص: 174

يَعْنى بالنافلة أَنَّهَا للنبىِّ صلى الله عليه وسلم خاصَّةً، أُمِرَ بقيام الليل الليل وكُتِبَ عليه. أَخرجه ابن جَرِير وابن أَبى حاتم وابن مردويه (1){44} .

(وأَجاب) الجمهور بأَنَّ معنَى الآية: جعل الله التَّهَجُّدَ نَفْلاً فى حقك، زيادةً لدرجاتك، وشكراً منك لمولاك على ما أَوْلاك. أَمَّا في حقِّ الأُمة فشرع تكفيراً للسَّيئات.

هذا. والكلام هُنَا يَنْحَصِرُ في سِتَّة عشَر بحثاً.

1 -

فضل قيام الليل:

هُوَ في الفَضْل في المرتبة الرابعة بعد المكْتُوبة والرَّوَاتِب وما تشرع فيه الجماعة كالْعِيد والكُسُوف والتَّرَاوِيح.

(وبهذا) قال الجمهور. وعن أَحمد وبعض الشافعية أَنه يَلِى المكْتُوبة فى الفَضْل. وتَطَوُّع الليل أَفْضَل من تَطَوُّع النهار. (روى) أَبو هريرة أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: أَفْضَلُ الصَّلاةِ بعد المكَتُوبة الصَّلاةُ فى جَوْف الليل، وأَفْضَلُ الصِّيام بَعْدَ شهر رمضانَ شهر اللهِ المحَّرم. أَخرجه مسلم والثلاثة (2){195} .

فى الحديث دَلِيلٌ لما اتفق العلماءُ عليه أَنَّ تَطَوُّع اللَّيل أَفْضَلُ من تَطَوُّع النهار. وفيه حُجَّة لأَبى إِسحاق المروزى ومَنْ وَافَقَهُ على أَنَّ صلاةَ الليل أَفْضَلُ من السُّنَن الرَّاتبة (وقال) أَكْثر العلماءِ: الرَّوَاتِب أَفْضَل لأَنها تُشْبه الفَرَائض (والأَوَّل) أَقْوَى وأَوْفَق للحديث. قاله النَّوَوِى (وقال) الطِّيبى: ولَعَمْرِى إِنَّ صلاةِ التَّهَجُّد لو لم يكُنْ فيها فَضْلٌ سِوَى قوله تعالى: " وَمِنَ اللَّيْل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ

(1) ص 96 ج 5 جامع البيان (سورة الإسراء).

(2)

ص 55 ج 8 نووى مسلم (فضل صوم المحرم) وص 183 ج 10 المنهل العذب، وص 240 ج 1 مجتبى (فضل صلاة الليل) وص 331 ج 1 تحفة الأحوذى.

ص: 175

مَقَامًا مَحْمُوداً " (1). وقوله تعالى: " تَتَجَافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِع يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً، وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلآ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّة أَعْيُنٍ " (2)

وغيرهما من الآيات، لَكَفَاه مِزْية.

(وقد) وَرَدَ فى فَضْل قِيَامِ اللَّيل أَحَادِيثَ منها " حديث " بلال أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: عليكُمْ بِقِيَام الليل فإِنَّهُ دَأْبُ الصَّالحين قبلكُم، وقُرْبَةٌ إِلى اللهِ تَعالى، ومَنْهَاةٌ عن الإِثم، وتَكْفِيرٌ للسَّيِّئَات، ومَطْرَدَةٌ للدَّاءِ عَن الجَسَدِ. أَخرجه أَحمد والبيهقى والحاكم وقال: صَحِيحٌ على شَرْط البخارى. وفى سَنَدِه مُحمد القرشىّ، قال البخارى: ترك حديثه (3){198} .

(وحديث) أَبى مالك الأَشْعَرِىّ أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: إِنَّ

(1) سورة الإسراء، الآية 79، أى تهجد لنعطيك يوم القيامة مقاما يحمدك فيه الخلائق وهو مقام الشافعة فى فضل القضاء (قال) أبو هريرة: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المقام المحمود، فقال: هو الشافعة. أخرجه الترمذى [196] ص 38 ج 1 تيسر الوصول (سورة الإسراء).

(2)

سورة السجدة، الآيتان 16 و 17، و (تتجافى) أى ترتفع جنوبهم عن مواضع النوم لتهدهم ليلا (يدعون ربهم) أى يعبدونه (خوفاً) من وبال عقابه (وطمعاً) فى جزيل ثوابه، ويتصدقون مما أنعم الله عليهم، وسيدهم فى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عبد الله بن رواحة:

وفينا رسول الله يتلو كتابه

إذا انشق معروف من الصبح ساطع

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا

به موقنات أن ما قال واقع

يبيت يجافى جنبه عن فراشه

إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

(وعن) أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى: أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت، ولا أّن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ثم قرأ:" فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين ". أخرجه الشيخان والترمذى. وزاد البخارى فى رواية: وقال محمد ابن كعب: إنهم أخفوا لله عملا فأخفى لهم ثواباً، فلو قدموا عليه أقر تلك الأعين [197] ص 365 ج 8 فتح البارى (سورة السجدة) وص 66 ج 17 نووى مسلم (كتاب الجنة) وص 6 ج 4 تحفة الأحوذى. فالآية واردة فى قيام الليل. وهو قول الجمهور.

(3)

ص 502 ج 2 سنن البيهقى (الترغيب فى قيام الليل) وص 308 ج 1 مستدرك ورقم 5572 ص 531 ج 4 فيض القدير. و (منهاة ومطردة) بفتح فسكون، أى حالة من شأنها النهى عن الإثم وإبعاد الداء عن الجسد وتكفير للسيئات.

ص: 176

فى الجنَّةِ غُرَفاً يُرَى بَطِنُها من ظَاهِرُها وظَاهِرُها مِنْ بَطِنها، أَعَدَّها اللهُ لمنْ أَطْعَمَ الطَّعَام، وأَلآنَ الكلَام، وتَابَعَ الصِّيامَ، وقامَ باللَّيْل والنَّاسُ نِيَام. أَخرجه أَحمد وابن حبان والبيهقى فى الشعب والطبرانى فى الكَبير بسَنَدٍ رجاله ثِقَات (1){199} .

" وحديث " أَبى هُريرةَ رضِىَ اللهُ عنهُ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: رَحِمَ الله رَجُلاً قام مِنَ الليل فصَلَّى وأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّتْ، فإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فى وَجْهِها الماءَ. ورَحِمَ الله امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ الليل فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَها فَصَلَّى، فإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فى وَجْهِه الماءَ. أَخرجه أَحمد والأَربعة إِلَاّ الترمذى، وأَخرجه البيهقى والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم (2){200} .

" وحديث " أَبى هُريرةَ قال: قُلْتُ: يا رسول الله، أَنْبِئْنى عن أَمْرٍ إِذا أَخَذْتُ به دَخَلْتُ الجنَّة. قال: أَفْش السَّلام وأَطْعِم اطَّعَام، وَصِل الأَرْحَام، وصَلِّ بالليل والنَّاس نِيَام، ثم ادْخُل الجنَّة بسَلام. أَخرجه أَحمد والترمذى والحاكم وصححه (3){202} .

(1) ص 343 ج 5 مسند أحمد (حديث أبى مالك الأشعرى) وص 254 ج 2 مجمع الزوائد (صلاة الليل).

(2)

ص 233 ج 4 الفتح الربانى، وص 211 ج 2 تيسير الوصول (صلاة الليل) وص 207 ج 1 سنن ابن ماجه (من ايقظ أهله من الليل) وص 501 ج 2 سنن البيهقى، وص 309 ج 1 مستدرك (فصلى) أى ولو ركعتين أو ركعة فى حق من نام قبل أن يوتر. وعليه يحمل حديث: عليكم بصلاة الليل ولو ركعة، أخرجه الطبرانى فى الكبير والأوسط عن ابن عباس. وفيه حسين ابن عبد الله وهو ضعيف [201] ص 252 ج 2 مجمع الزوائد. والمراد بالنضح الرش. وخص الوجه لأنه أفضل الأعضاء، وينضحه يذهب النوم أكثر من بقية الأعضاء، فإن فيه العينين وهما آلة النوم.

(3)

ص 234 ج 4 الفتح الربانى. و (أفش) أمر من الإفشاء وهو الإظهار برفع الصوت والسلام على من عرف ومن لم يعرف. والمطلوب الإفشاء المتعارف، فمن يمر فى الشوارع المطروقة يسلم على البعض فقط.

ص: 177

" وحديث " يُونُس عن الحسَن أَبى هُريرةَ أَنَّ رَجُلاً جاءَ إِلى النبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال: إِنَّ فُلآناً نَامَ البارِحَةَ ولم يُصَلِّ شيئاً حتى أَصْبَحَ فقال: بَالَ الشَّيْطَانُ فى أُذُنِه، قال يُونُس وقال الحسَن: إِنَّ بَوْلَهُ واللهِ ثَقِيل. أَخرجه أَحمد. وأَخرج الشَّيْخان نحوه عن ابن مسعود (1){203} .

" وحديث " علىّ بن حُسَين عن أَبيه عن جَدِّه علىّ رضِىَ الله عنه قال: دَخَلَ علىَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى فاطِمَةَ رضى الله عنها مِنَ الليل فَأَيْقَظَنَا للصَّلاة، ثم رجَعَ إِلى بَيْتِهِ فَصَلَّى هَوِيًّا مِنَ الليل فلم يَسْمَعْ لنا حِسًّا، فَرَجَعَ إِلينا فأَيْقَظَنَا وقال: قُومَا فَصَلِّيَا. فجلَسْتُ وأَنا أَعْرُكُ عَيْنَىّ وأَقول: إِنَّا واللهِ ما نُصَلِّى إِلَاّ ما كُتِبَ لنا، إِنما أَنفسنا بِيَدِ اللهِ فإِذا شاءَ يَبْعَثُنَا بُعثْنَا. فوَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو يَقُول - ويَضْرب على فَخِذِه -: ما نُصَلِّى إِلَاّ ما كُتِبَ لنا. ما نُصَلِّى إِلَاّ ما كُتِبَ لنا. وكانَ الإِنسانُ أَكْثَر شَىْءٍ جَدَلاً. أَخرجه أَحمد والشيخان والبيهقى (2){204} .

" وحديث " أَبى هُريرةَ أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم قال: إِذا نَامَ أَحدكُم عُقِدَ على رَأْسِه ثلاث عُقَدٍ بجَرير، فإِنْ قام فَذَكَرَ اللهَ عز وجل أُطْلقَتْ واحدة، وإِنْ مَضَى فَتَوَضَّأَ أُطْلِقَتْ الثانية، فإِنْ مَضَى فَصَلَّى أُطْلِقَت الثالثة، فإِنْ أَصْبَحَ ولم يَقُمْ شيئاً من الليل ولم يُصَلّ، أَصْبَح

(1) ص 239 ج 4 الفتح الربانى، ن وص 19 ج 3 فتح البارى (إذا نام ولم يصل بال الشيطان فى أذنه).

(2)

ص 240 ج 4 الفتح الربانى، وص 6 ج 3 فتح البارى (تحريض النبى على قيام الليل .. ) وص 50 ج 2 سنن البيهقى. وصدره عنده وعند الشيخين: ألا تصليان، والمراد بالبعث الاستيقاظ من النوم. يريد على بذلك الاعتذار عن عدم القيام، وأن النائم غير مكلف، فإن أراد الله إيقاظه أيقظه. والمختار أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم: وكان الإنسان أكثر شئ جدلا، التعجب من سرعة جوابة، وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا، ولذا ضرب فخذه. وقيل: قاله صلى الله عليه وسلم تسليماً لعذرهما، وأنه لا عتب عليهما.

ص: 178

وهُوَ عليه، يَعْنى الجرير. أَخرجه الجماعة إِلَاّ الترمذى. وهذا لفظ أَحمد ولفظه عند الشْيْخين وأَبى داود عن أَبى هُريرةَ أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ على قافِيَةِ رأْس أَحَدِكُم إِذا هو نَامَ ثلاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ مكان كُلِّ عُقْدَةٍ عليك لَيْلٌ طويل فَارْقُدْ، فإِن اسْتَيْقَظَ فَذَكَر الله انْحَلَّتْ عُقْدَة (الحديث)(1) {

205}.

(واختلف) فى هذا العقد (فالظَّاهر) باق علي حقيقته وهو الربط لما في رواية ابن ماجه عن أَبي هُريرة أن النبيَّ صلي الله عليه وسلم قال: يَعْقِدُ الشَّيطَانُ علي قافِيَةِ رَأْس أَحَدِكُم بليل بحَبْل فيه ثلاث عُقَدٍ (الحديث)

(وقيل) إن العقد مجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم من منعه من الذكر والصلاة بفعل الساحر بالمسحور من منعه عن مراده؛ فهو من عقد القلب وتصميمه، فكأن الشيطان يوسوس في نفس النائم بأن عليه ليلاً طويلاً فيتأخر عن القيام. او المراد به تثقيل القلب في النوم وإطالته، فكأن الشيطان شد عليه شداً وعقده ثلاث عقد. (والمراد) بالشيطان

(1) ص 241 ج 4 الفتح الربانى، وص 211 ج 2 تيسير الوصول (صلاة الليل وص 206 ج 1 سنن ابن ماجه (قيام الليل) و (عقد) مبنى للمفعول. والفاعل الشيطان كما فى الرواية بعد. و (الجرير) بفتح فكسر: الحبل. و (القافية) مؤخر العنق. وخص القفا بذلك، لأنه محل القوة الواهمة، وهى أطوع القوى للشيطان. و (عليك ليل طويل) أى يضرب قائلا: باق عليك ليل طويل. ومقصود الشيطان بذلك التلبيس على النائم وتثبيطه عن القيام للطاعة (وظاهره) اختصاص ذلك بنوم الليل. ولا يبعد حصول مثله لمن نام نهاراً (وظاهر الحديث أن من ترك واحداً من الثلاثة يصبح خبيثاً كسلان وإن أتى بالباقى. وهو كذلك لكنه متفاوت. فمن ذكر الله فقط كان أخف فى الخبث ممن لم يذكره. وهذا الذم مختص بمن لم ينو التهجد وضيعه .. أما من نواه أو كانت عادته التهجد فغلبته عينه فلا لوم عليه، بل يكتب له ثواب ما كان يفعله من الطاعة (روت) عائشة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ما من امرئ تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم أو وجع إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة. أخرجه مالك وأبو داود والنسائى والبيهقى [206] ص 217 ج 1 زرقانى الموطإ، وص 211 ج 2 تيسير الوصل (صلاة الليل).

ص: 179

الجنس وفاعل ذلك هو القرين أو غيره. ويحتمل أن يراد به رأس الشياطين وهو إبليس "ولا يقال" إن الغافلين عن قيام الليل كثيرون، فلا يستطيع أن يعقد عليهم "لأنا نقول" لا مانع من ذلك لجواز أن يعطيه الله القدرة على ذلك.

"وقول" ابن عمر: رأيت كأن بيدي قطعةً من استبرق وليس مكان أريده من الجنة إلا طارت بي إليه، فقصتها على النبي صلى الله عليه وسلم: فقال لها: إن أخاك رجل صالح لو كان يقوم من الليل، فما تركتُ قيام الليل بعد ذلك. أخرجه أحمد والشيخان والترمذي (1){207} .

2 -

وقت قيام الليل:

اتفق العلماءُ على أن كل الليل وقت للتهجد، وأن أفضله الثلث الاخير، لأنه وقت الغفلة ونزول الرحمة واستجابة الدعاء. وقد ورد في هذا أحاديث منها:

"حديث" حميدٍ الطويل قال: سئل أنس عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال: ما كنا نشاء أن نراه من الليل مصلياً إلا رأيناه، وما كنا نشاء أن نراه نائماً إلا رأيناه، وكان يصوم من الشهر حتى نقول لا يفطر منه شيئاً ويفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئاً. أخرجه أحمد والبخاري والنسائي (2){208} .

"وعن" عمرو بن عبسة قال: قلتُ يا رسولَ الله، هلْ من دعوة أقرب من أخرى أو ساعة تبقى أو ينبغي ذكرها؟ قال: نعم إنَّ أقربَ

(1) ص 5 ج 2 مسند أحمد، وص 92 ج 3 تيسير الوصول (عبد الله بن عمر).

(2)

ص 104 ج 3 مسند أحمد، وص 16 ج 3 فتح الباري (قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل .. ) وص 242 ج 1 مجتبي (صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل).

ص: 180

ما يكون الربُّ منَ العبد جوف الليل الاخر، فإن استطعت أن تكون ممنْ يذكر الله في تلك الساعة فكنْ. أخرجه النسائي والحاكم وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط مسلم، والترمذي وقال: حديثٌ حسنُ صحيحُ غريب (1){209} .

يعني أن العبادة في آخر الليل أفضل منها في أوله.

(ويأتي عن) عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه. أخرجه السبعة إلا الترمذي (2){210} .

والحكمة في أن قيام الثلث المذكور أفضل، أنه وقت الغفلة ونزول الرحمة ومناجاة الرب: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ الخ. وحكمةُ نوم السدس أن يستريحَ من نصبِ القيام في بقيةِ الليل فيقومَ نشطاً لتأدية صلاة الصبح وما يتبعها من الأوراد إلى طلوع الشمس.

3 -

ركعات قيام الليل: -

اتفق العلماء على أنه ليس لصلاة الليل عددٌ مخصوص، وأنَّ العبدَ كلما زاد فيها زاد أجره. واختلفوا فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم واختاره لنفسه. والغالب من أحواله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعةً أو ثلاث عشرةَ ركعةً بالوتر. وقد صلى تسعاً وسبعاً لما كبر سنه. وقد روي في ذلك عدة أحاديث منها:

(1) ص 309 ج 1 مستدرك (إن أقرب ما يكون الرب) أي أقرب حال تكون فيه رحمة الرب قريباً من العبد في آخر الليل.

(2)

يأتي في الصيام رقم 141 ص 334 ج 8 دين (صوم داود عليه السلام.

ص: 181

(حديث) عباس قال: كنت في بيت ميمونة، فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فقمت معه على يساره، فأخذ بيدي فجعلني عن يمينه، ثم صلى ثلاث عشر ركعة، حزرت قدر قيامه في كل ركعةٍ قدر يا أيها المزمل. أخرجه أحمد والبيهقي بسندِ جيد (1){211} .

(وحديث) ابن عباس قال: بت عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء فصلى أربعاً، ثم نام ثم قام فصلى أربعاً. قال: نام الغليم فجثت فقمت عن يساره فجعلني عن يمينهِ، ثم صلى خمس ركعاتٍ، ثم ركعتين، ثم نامَ حتى سمعتُ غطيطه أو خطيطه، ثم خرج إلى الصلاة أخرجه أحمد والبخاري والنسائي والبيهقي (2){212} .

(وقوله) ثم صلى خمس ركعاتٍ، يحتمل أنه صلاها بسلامٍ واحدٍ وهي الوتر، أو أنه صلى ركعتين ثم أوتر بثلاثٍ ثم صلى ركعتي الفجر وعليه فقد صلى بعد النوم تسع ركعاتٍ. وقد كان يفعل هذا أحياناً (ويؤيده) قول مسروق: سألت عائشة عن صلاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت: سبعٌ وتسعٌ وإحدى عشرةَ ركعة سوى ركعتي الفجر. أخرجه البخاري (3){213} .

(وحديث) عروة أن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين صلاة العشاء الاخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل اثنتين ويوتر بواحدةٍ ويسجد في سبحته بقدر ما يقرأ أحدكم

(1) ص 255 ج 4 الفتح الرباني (قدر القراءة في كل ركعة من صلاة الليل).

(2)

ص 251 منه، وص 477 ج 2 سنن البيهقي، وقال: رواه البخاري (من جعل بعد العشاء أربع ركعات، أو أكثر)(فصلى أربعاً) هي سنة العشاء.

(3)

ص 14 ج 3 فتح الباري (كم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل)؟

ص: 182

بخمسين آية قبل أن يرفع رأسه. فإذا سكت المؤذن من أذانه قام فركع ركعتين خفيفتين ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه. أخرجه البيهقي والسبعة إلا الترمذي (1){214} .

"وقول" زرارة بن أوفى: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل. فقالت: كان يصلي العشاء ثم يصلي بعدها ركعتين ثم ينام. فإذا استيقظ وعنده وضوءه مغطى وسواكه استاك، ثم توضأ فقام فصلى ثماني ركعات يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وما شاء الله من القرآن، فلا يقعد في شيء منهن إلا في الثامنة فإنه يقعد فيها فيتشهد ثم يقوم ولا يسلم، فيصلي ركعة واحدة ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة: السلام عليكم، يرفع بها صوته حتى يوقظنا. ثم يكبر وهو جالس فيقرأ ثم يركع ويسجد وهو جالسٌ فيصلي جالساً ركعتين. فهذه إحدى عشرة ركعة. فلما كثر لحمه وثقل، جعل التسع سبعاً، لا يقعد إلا كما يقعد في الأولى ويصلي الركعتين قاعداً، فكانت هذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله. أخرجه أحمد (2) {215} ولم تكنْ هذه عادةُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: بل كان يفعل ذلك أحياناً وغالبُ أحواله أنه كان يصلي ركعتين ركعتين ثم يوتر. وتقدم بيان أحواله صلى الله عليه وسلم في الوتر (3)

(1) ص 486 ج 2 سنن البيهقي (صلاة الليل مثنى مثنى) وص 257 ج 4 الفتح الرباني، وص 331 ج 2 فتح الباري (أبواب الوتر) وص 16 ج 6 نووي مسلم (صلاة الليل وعدد ركعات النبي صلى الله ليه وسلم في الليل) وص 264 ج 7 المنهل العذب (صلاة الليل)، وص 212 ج 1 ابن ماجه (كم يصلي بالليل؟ ) و (السبحة) بضم فسكون: النافلة (فإذا سكت المؤذن) أي فرغ من أذان الصبح.

(2)

ص 261 ج 4 الفتح الرباني (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل).

(3)

انظر ص 9 ج 3 دين طبعة ثانية (عدد ركعات الوتر).

ص: 183

"وحديث" القاسم بن محمد أن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة. منها الوتر وركعتا الفجر. أخرجه البخاري (1){216}

(قال) ابن القيم: كان قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرةَ ركعة أو ثلاث عشرة. وقد حصل الاتفاق على إحدى عشرة ركعةً. واختلف في الركعتين الأخيرتين، هل هما ركعتا الفجر أو هما غيرهما؟ فإذا انضاف ذلك إلى عدد ركعاتِ الفرض والسنن الراتبة التي كان يحافظ عليها، جاء مجموعُ ورده الراتب بالليل والنهار أربعين ركعة، كان يحافظ عليها دائماً، سبعة عشر فرضاً، وعشر ركعاتٍ أو ثنتا عشرة سننه الراتبة (2) وإحدى عشرةَ أو ثلاث عشرةَ ركعة قيامه بالليل. والمجموع أربعون ركعة، وما زادَ على ذلك فعارض غير راتب كصلاةِ الفتح ثماني ركعاتٍ وصلاةُ الضحى إذا قدِم من سفرٍ (3)، وصلاته عند مَنْ يزوره وتحية المسجد ونحو ذلك (فينبغي) للعبدِ أن يواظب على هذا الورد دائماً إلى الممات. فما أسرع الإجابة وأعجل فتح الباب لمن يقرعه كلَّ يوم أربعين مرة. والله المستعان (4).

(1) ص 14 ج 3 فتح الباري (كم كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل؟ )

(2)

الراتبة يعني المؤكدة كما تقدم في بحث "الرواتب المؤكدة" ص 294 ج 2 دين طبعة ثانية.

(3)

(ظاهر) كلام ابن القيم أن صلاة الفتح غير صلاة الضحى (قال) القاضي عياض وغيره: لعلها كانت صلاة شكر لله تعالى على فتح مكة. (ويرده) قول عبد الرحمن بن أبي ليلى: ما حدثنا أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى غير أم هانيء فإنها قالت: دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بيتي يوم الفتح فاغتسل وصلى ثماني ركعات (لحديث) أخرجه مالك والخمسة [217] ص 212 ج 2 تيسير الوصول (صلاة الضحى).

(4)

ص 84 و 85 ج 1 زاد المعاد (هديه صلى الله عليه وسلم في قيام الليل).

ص: 184

4 -

كيفية صلاة الليل:

الأفضل في صلاة الليل أن تكونَ مثنى مثنى. ويسنُّ أن تفتتح بركعتين خفيفتين لينشط بهما لما بعدهما، ثم يطيل القراءة والركوع والسجود. وهو مخيَّر في القراءةِ بين الأسرار والجهر، وهو أفضل ما لم يهوش على مصلٍّ أو نائِم.

ودليلُ ذلك "ما تقدم" عن ابن عمر أن رجلاً قال: يا رسول الله، كيف صلاةُ الليل؟ قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدةٍ. أخرجه السبعة (1){218} .

"وعن المطلب" بن ربيعة بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاةُ الليل مثنى مثنى، وإذا صلى أحدكم فليتشهد في كلِّ ركعتين ثم ليلحف في المسألة، ثم إذا دعا فليتساكن وليتبأس وليتضعف، فمن لم يفعل ذلك فذاك الخداج. أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه (2){219} .

(وعن) أبي هريرة أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا قامَ أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي (3){220} .

(والأمر) في هذا الحديث محمولٌ على الاستحباب عند جميع العلماءِ. (وقال) زيد بن خالد الجهني: لأرمقن صلاةَ رسول الله صلى الله

(1) تقدم رقم 442 ص 308 ج 2 دين طبعة ثانية.

(2)

ص 267 ج 4 الفتح الرباني، وص 204 ج 7 المنهل العذب (صلاة النهار) وص 205 ج 1 سنن ابن ماجه (صلاة الليل والنهار مثنى

) و (التساكن) إظهار السكون والخشوع (والتبؤس) إظهار البؤس والاحتياج (والتضعف) إظهار الضعف والعجز (والخداج) بكسر أوله: النقص في الأجر والفضيلة.

(3)

ص 268 ج 4 الفتح الرباني، وص 54 ج 6 نووي مسلم، وص 252 ج 7 المنهل العذب (افتتاح صلاة الليل بركعتين).

ص: 185

عليه وعلى آله وسلم الليلة. فصلى ركعتين خفيفتين ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر، فذلك ثلاث عشرة ركعة. أخرجه مسلم (1){221} .

(وتقدم عن) أبي قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر: مررت بك وأنت تصلي تخفض من صوتك. قال: أسمعت من ناجيت؟ قال: ارفع قليلاً. وقال لعمر: مررت بك وأنت تصلي رافعاً صوتك. فقال: إني أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان. قال: اخفض قليلاً. أخرجه أبو داود والترمذي والبيهقي والحاكم (2){222} .

(وعلى) هذا اتفق العلماء (قال) أبو محمد عبد الله بن قدامة: ويستحب أن يقرأ المتهجد جزءاً من القرآن في تهجده، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله. وهو مخير بين الجهر بالقراءة والإسرار بها، إلا أنه إن كان الجهر انشط له في القراءة او بحضرته من يستمع قراءته أو ينتفع بها، فالجهر أفضل. وإن كان قريباً منه من يتهجد أو من يستضر برفع صوته؛ فالإسرار أولى وإن لم يكن لا هذا ولا هذا، فليفعل ما شاء (قال) عبد الله بن أبي قيس: سألت عائشة كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالليل؟ فقالت: كل ذلك

(1) ص 53 ج 6 نووي مسلم (صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل).

(2)

ص 334 ج 1 تحفة الاحوذي (القراءة بالليل) وتقدم رقم 246 ص 90 ج 2 دين طبعة ثانية، وهو هنا مختصر.

ص: 186

كان يفعل، ربما أسر بالقراءة وربما جهر. قال الترمذي: حديث حسن صحيح (1){223} .

(وقال) أبو هريرة: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم يرفع طوراً ويخفض طوراً {224} (وقال) ابن عباس: كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم على قدر ما يسمعه من في الحجرة وهو في البيت. رواهما أبو داود (2){225} .

5 -

هدي النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل: -

قد ورد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل عدة أحاديث غير ما تقدم منها:

"حديث" كريب مولى ابن عباس أن ابن عباس أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته، قال: فاضطجعت في عرض الوسادة، واضطجع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل، استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآيات خواتيم سورة آل عمران، ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلي. قال ابن عباس: فقمت فصنعت مثل الذي صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه فوضع يده على رأسي وأخذ أذني اليمنى ففتلها، فصلى ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين،

(1) ص 334 ج 1 تحفة الاحوذي (القراءة بالليل).

(2)

ص 257 ج 7 المنهل العذب (رفع الصوت بالقراءة في صلاة الليل) وص 777 ج 1 مغنى (الجهر والاسرار في صلاة الليل).

ص: 187

ثم خرج فصلى الصبح. أخرجه أحمد والشيخان والنسائي (1){226} ، (وقد) تقدم بيان المذاهب في حكم الوتر وعدد ركعاته وكيفية صلاته (2).

"وحديث" سعد بن هشام قال: قدمت المدينة فدخلت على عائشة فقلت: أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس صلاة العشاء ثم يأوي إلى فراشه فينام، فإذا كان جوف الليل قام إلى حاجته وإلى طهوره فتوضأ، ثم دخل المسجد فصلى ثماني ركعات، يخيل إلى أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود، ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه فربما جاء بلال فآذنه بالصلاة، ثم يغفي حتى يؤذنه بالصلاة، فكانت تلك صلاته حتى أسن او لحم. أخرجه أبو داود والنسائي (3){227} .

(وحديث) زرارة بن أو في أن عائشة سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل. فقالت: كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات، ثم يأوي إلى فراشه وينام وطهوره مغطى عند رأسه وسواكه موضوع حتى يبعثه الله تعالى ساعته التي يبعثه من الليل، فيتسوك ويسبغ الوضوء، ثم يقوم الى مصلاة فيصلي ثماني ركعات يقرأ فيهن بأم الكتاب وسورة من القرآن وما شاء الله

(1) ص 249 و 250 ج 4 الفتح الرباني، وص 45 ج 6 نووي مسلم (صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل) وص 241 مجتبي (ما يستفتح به القيام) و (الشن) بفتح الشين وشد النون: القربة الخلق.

(2)

انظر ص 2 و 9 و 10 ج 3 دين طبعة ثانية.

(3)

ص 287 ج 7 المنهل العذب (صلاة الليل) وص 244 ج 1 مجتنبي (كيف يفعل إذا افتتح الصلاة قائماً). و (لحم) ككرم، أي كثر لحمه. أما لحم بكسر الحاء فمعناه اشتهى اللحم. وألحمه بفتحها: أطعم اللحم.

ص: 188

ولا يقعد في شيء منها حتى يقعد في الثامنة ولا يسلم، ويقرأ في التاسعة ثم يقعد فيدعو بما شاء الله أن يدعوه، ويسأله ويرغب إليه ويسلم تسليمةً واحدةً شديدةً يكاد يوقظ أهل البيت من شدة تسليمه، ثم يقرأ وهو قاعد بأم الكتاب ويركع وهو قاعد، ثم يقرأ الثانية فيركع ويسجد وهو قاعد، ثم يدعو بما شاء الله أن يدعو به، ثم يسلم وينصرف. فلم تزل تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدن فنقص من التسع ثنتين فجعلها إلى الست والسبع وركعتيه وهو قاعد حتى قبض على ذلك صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود (1){228} .

"وحديث" حذيفة أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فلما دخل الصلاة قال: الله أكبر ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم قرأ البقرة ثم ركع. وكان ركوعه نحواً من قيامه، وكان يقول: سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه فكان قيامه نحواً من ركوعه، وكان يقول: لربي الحمد، لربي الحمد، ثم سجد فكان سجوده نحواً من قيامه، وكان يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى. ثم رفع رأسه فكان ما بين السجدتين نحواً من السجود، وكان يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي. فصلى أربع ركعات فقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام. أخرجه أحمد وأبو داود (2)[229]

(1) ص 287 ج 7 المنهل العذب (صلاة الليل) تقدم بلفظ آخر رقم 215 ص 185 و (يبعثه الله) أي يوقظه من النوم. و (بدن) كقرب وقعد، أي عظم وكثر لحمه. ويروي بدن بفتح الدال مشددة، أي كبر سنه. و (ركعتيه) معطوف على ما قبله، أي صيرها إلى الست والسبع (يصليها بتشهدين وسلام واحد) وركعتيه اللتين كان يصليهما بعد الوتر.

(2)

ص 243 ج 4 الفتح الرباني، وص 320 ج 5 المنهل العذب (ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده).

ص: 189

(وكان) النبي صلى الله عليه وسلم يطيل السجود في قيام الليل، للاجتهاد في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى (ففي الحديث) أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء. أخرجه مسلم وأبو داود، والنسائي عن أبي هريرة (1){230} .

6 -

أذكار صلاة الليل: -

يقال فيها ما يقال في غيرها من الأذكار والأدعية التي تقدم بيانها في واجبات الصلاة وسننها (2). وقد ورد في صلاة الليل أذكار وأدعية أخرى في أحاديث منها:

"حديث طاوس" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول: اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد صلى الله عليه وسلم حق. اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت،

(1) ص 200 ج 4 نووي مسلم (ما يقال في الركوع والسجود) وص 322 ج 5 المنهل العذب المورود (الدعاء في الركوع والسجود) وص 170 ج 1 مجتبي.

(2)

ص 200 ج 4 نووي مسلم (ما يقال في الركوع والسجود) وص 322 ج 5 المنهل العذب المورود (الدعاء في الركوع والسجود) وص 170 ج 1 مجتبي.

ص: 190

وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر أنت الذي لا إله إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله. أخرجه مالك والسبعة (1){231} .

(وحديث) عاصم بن حميد قال: سألت عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت: لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر عشراً وحمد الله عشراً واستغفر عشراً وسبح عشراً وهلل عشراً، وقال: اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني، ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة. أخرجه النسائي وابن ماجه وأبو داود. وهذا لفظه (2){232} .

7 -

أذكار الليل: -

يسن الاكثار من الدعاء والذكر والاستغفار في كل ساعة من الليل، ولا سيما النصف الأخير "لقول" جابر بن عبد الله: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل

(1) ص 390 ج 1 زرقاني الموطإ (في الدعاء) وص 246 ج 4 الفتح الرباني، وص 17 ج 2 تيسير الوصول (الدعاء عند التهجد)، وص 211 ج 1 سنن ابن ماجه (الدعاء إذا قام الرجل من الليل) و (قيام السموات) بالتشديد، أي قائم بشئون خلقه ومدبرها. وفي رواية: قيوم. وفي أخرى: قيم. و (بك خاصمت) أي بما وهبت من البراهين والحجج خاصمت من عاند وكفر بك (وإليك)(حاكمت) أي جعلتك الحاكم بيني وبين من جحد الحق، أو جعلت محاكمتي معه إلى كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، لا إلى غيرهما (فاغفر لي) سأل النبي صلى الله عليه وسلم المغفرة وهو مغفور له، تواضعاً وإجلالاً لله تعالى، وتعليماً لأمته.

(2)

ص 241 ج 1 مجتبي (ما يستفتح به القيام) وص 211 ج 1 سنن ابن ماجه (الدعاء إذا قام الرجل من الليل) وص 176 ج 5 المنهل العذب (ما تستفتح به الصلاة من الدعاء).

ص: 191

الله تعالى خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه، وذلك في كل ليلة. أخرجه أحمد ومسلم (1){233} .

وقد ورد في أذكار الليل أحاديث، منها:

"حديث" أبى مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلته كفتاه. أخرجه السبعة (2){234} وكفتاه بتخفيف الفاء، أي أغنتاه عن قيام تلك الليلة بالقرآن، ووقتاه من كل سوء ومكروه.

"وحديث" أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسل قال لأصحابه: أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق ذلك عليهم وقالوا: أينا يطيق ذلك يا رسول الله؟ فقال: الله أحد، الله الصمد ثلث القرآن. أخرجه مالك والبخاري والنسائي وأبو داود (3){235}

"وحديث" أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ في ليلة عشر آيات كتب من الذاكرين، ومن قرأ بمائة آية كتب من القانتين، ومن قرأ بخمسمائة آية إلى الألف أصبح وله قنطار من الأجر. قيل: وما القنطار؟ قال: ملء مسك الثور ذهباً. أخرجه الدارمي {236} .

(1) ص 313 ج 3 مسند أحمد، ورقم 2331 ص 471 ج 2 فيض القدير.

(2)

ص 99 ج 18 الفتح الرباني، وص 46 ج 9 فتح الباري (فضل سورة البقرة) وص 92 ج 6 نووي مسلم (فضل خواتيم سورة البقرة) وص 87 ج 1 تيسير الوصول (سورة البقرة) و (قرأ الآيتين) هما قوله تعالى:"آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون" إلى آخر السورة.

(3)

ص 184 ج 1 تيسير الوصول (سورة الاخلاص) و (الصمد) السيد المقصود في الحوائج دائماً، وكانت ثلث القرآن، لأن المقصود منه بيان التوحيد والصفات، والأوامر والنواهي، والقصص والمواعظ. وهذه السورة قد تضمنت بيان التوحيد والصفات كما تقدم بصفة 15 ج 1 دين طبعة ثانية (الوحدانية)

ص: 192

"وحديث" الشعبي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ عشر آيات: أربعاً من أول البقرة إلى "وأولئك هم المفلحون" وآية الكرسي وآيتين بعدها، وخواتيمها، لم يدخل ذلك البيت شيطان حتى يصبح. أخرجه الطبراني بسند رجاله رجال الصحيح إلا أن الشعبي لم يسمع من ابن مسعود. قاله الهيثمي (1){237}

(وأخرجه) الدارمي عن الشعبي قال: قال عبد الله: من قرأ عشر آيات من سورة البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح، أربعاً من أولها، وآية الكرسي وآيتين بعدها، وثلاثاً خواتيمها أولها: لله ما في السموات (2){45} ، فهو موقوف على ابن مسعود ولكنه في حكم المرفوع لأنه لا مجال للرأي في مثل هذا.

"وحديث" سهل بن سعد الدين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل شيء سناماً وإن سنام القرآن سورة البقرة، من قرأها في بيته ليلاً لم يدخله الشيطان ثلاث ليال، ومن قرأها في بيته نهاراً لم يدخله الشيطان ثلاثة ايام. أخرجه البيهقي وأبو يعلي والطبراني وفي سنده سعيد ابن خالد الخزاعي المدني وهو ضعيف (3){238}

"وحديث" أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له في تلك الليلة. أخرجه الدارمي (4){239}

"وحديث" أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لكل شيء قلب

(1) ص 7 هامش إشراق الضياء في أذكار الصباح والمساء.

(2)

ص 448 ج 2 سنن الدارمي (فضل أول سورة البقرة وآية الكرسي).

(3)

ص 311 ج 6 مجمع الزوائد (سورة البقرة).

(4)

ص 457 ج 2 سنن الدارمي (فضل يس).

ص: 193

وقلب القرآن يس، ومن قرأها كتب الله له بقراءتها القرآن عشر مرات دون يس. أخرجه الترمذي والدارمي (1){240}

"وقول" أبي رافع. من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفوراً له. وزوج من الحور العين. أخرجه الدارمي (2){46} وهو موقوف له حكم الرفع.

"وقول" جابر: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك. أخرجه أحمد والدارمي والنسائي والترمذي والحاكم وقال: صحيح على شرطهما (3) وقال المناوي فيه اضطراب {241}

"وحديث" ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله عز وجل بها من عذاب القبر. وكنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نسميها المانعة، لأنها في كتاب الله عز وجل سورة المانعة، من قراها في كل ليلة فقد أكثر وأطاب. أخرجه النسائي (4){242}

"وحديث" أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قرأ حم المؤمن إلى قوله: إليه المصير، وآية الكرسي حين يمسي، حفظ بهما حتى يصبح، ومن قرأهما حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي. أخرجه الترمذي (5){243}

(1) ص 158 ج 1 تيسير الوصول (سورة يس) وص 456 ج 2 سنن الدارمي.

(2)

ص 457 منه (فضل حم الدخان).

(3)

ص 154 ج 1 تيسير الوصول (سورة السجدة) وص 455 ج 2 دارمي.

(4)

ص 223 ج 2 الترغيب طبعة منير (الترغيب في قراءة سورة تبارك الذي بيده الملك).

(5)

ص 161 ج 1 تيسير الوصول (حم المؤمن).

ص: 194

8 -

ما يقال عند النوم:

يسن النوم على طهارة وذكر وعلى الشق الأيمن "لحديث" معاذ ابن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من مسلم يبيت على ذكر الله تعالى طاهراً فيتعار من الليل فيسأل الله خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه. أخرجه أحمد وأبو داود. وهو حديث حسن (1){244}

"ولحديث" أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فليأخذ داخله إزاره فلينفض بها فراشه وليسم الله وليضطجع على شقه الأيمن، وليقل: سبحانك اللهم ربي، بك وضعت جنبي، وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فاغفر لها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ بها عبادك الصالحين، أخرجه الشيخان وأبو داود، وهذا لفظ مسلم (2){245}

"ولحديث" البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: إذا أويت إلى فراشك فتوضأ ونم على شقك الأيمن وقل: اللهم أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، ونبيك الذي أرسلت، فإن مت مت على الفطرة وإن أصبحت أصبت خيراً. أخرجه السبعة إلا النسائي (3){246} .

وقد ورد فيما يقال عند النوم أحاديث اخر منها:

(1) ص 235 ج 5 مسند أحمد. وص 310 ج 4 سنن أبي داود (النوم على طهارة (فيتعار من الليل) أي يستيقظ من نومه.

(2)

ص 99 ج 11 فتح الباري. وص 37 ج 17 نووي مسلم (الدعاء عند النوم) وص 312 ج 4 سنن أبي داود (ما يقال عند النوم).

(3)

ص 292 ج 4 مسند أحمد، وص 18 ج 2 تيسير الوصول (أدعية النوم).

ص: 195

"حديث" نوفل الأشجعي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: اقرأ "قل يأيها الكافرون"، ثم نم على خاتمتها، فإنها براءة من الشرك. أخرجه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1){247} .

"وحديث" ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ "قل هو الله أحد" مائة مرة. فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب تبارك وتعالى: ادخل على يمينك الجنة. أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب من حديث ثابت. وقد روي من غير هذا الوجه أيضاً عن ثابت (2){248} . وفي سنده حاتم ابن ميمون وهو ضعيف.

"وحديث" البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل، وضع يده تحت خده ثم يقول: باسمك الله أحيا وباسمك أموت، وإذا استيقظ قال: الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور. أخرجه أحمد ومسلم والنسائي (3){249} .

"وحديث" علي رضي الله عنه أن فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادماً، فقال: ألا أخبرك بما هو خير منه؟ تسبحين الله عند منامك ثلاثاً وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرين الله أربعاً وثلاثين. أخرجه البخاري (4){250} .

(1) ص 313 ج 4 سنن أبي داود (ما يقال عند النوم - الأدب) وص 565 ج 1 مستدرك.

(2)

ص 185 ج 1 تيسير الوصول (سورة الإخلاص).

(3)

302 ج 4 مسند أحمد، وص 35 ج 17 نووي مسلم (الدعاء عند النوم).

(4)

ص 407 ج 9 فتح الباري (خادم المرأة- النفقات) وص 51 منه (فضل المعوذات).

ص: 196

"وحديث" عائشةَ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ونفث فيهما وقرأ: قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس. ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات. أخرجه البخاري (1){251} . والنفث شبيه بالنفخ، ويكون بعد جمع الكفين وقبل القراءة. وفائدته التبرك بالهواء والنفس.

"وحديث" حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول: اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك، ثلاث مرات. أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبزار وحسنه الحافظ ابن حجر. وأخرجه الترمذي عن حذيفة وقال: هذا حديث صحيح حسن (2){252}

"وحديث" أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات ورب الأرض ورب العرش العظيم، ربنا ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عنا الدين وأغننا من الفقر. أخرجه مسلم وأبو داود (3){253}

(1) المرجع السابق.

(2)

ص 287 ج 6 مسند أحمد، وص 310 ج 4 سنن أبي داود (ما يقال عند النوم).

(3)

ص 313 ج 4 سنن أبي داود، وص 36 ج 17 نووي مسلم (الدعاء عند النوم).

ص: 197

"وحديث" عليّ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند مضجعه: اللهم إني أعوذ بوجهك الكريم وكلماتك التامة من شر ما أنت آخذ بناصيته. اللهم أنت تكشف المغرم والمأثم. اللهم لا يهزم جندك، ولا يخلف وعدك ولا ينفع ذا الجد منك الجد. سبحانك اللهم وبحمدك. أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح (1){254}

"وحديث" أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا، وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي. أخرجه أحمد ومسلم والثلاثة وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح (2){255} .

"وحديث" أبي الأزهر الأنماري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: باسم الله وضعت جنبي، اللهم اغفر ذنبي، وأخسيء شيطاني، وفك رهاني، وثقل ميزاني، واجعلني في الندي الأعلى. أخرجه أبو داود والنسائي وصححه (3){256}

"وحديث" ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: الحمد لله الذي كفاني وآواني، وأطعمني وسقاني، والذي من علي فأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال. اللهم رب كل شيء ومليكه وإله كل شيء، أعوذ بك من النار. أخرجه أبو داود والنسائي (4){257}

(1) ص 312 ج 4 سنن أبي داود (ما يقال عند النوم).

(2)

ص 37 ج 17 نووي مسلم (الدعاء عند النوم) وص 18 ج 2 تيسير الوصول.

(3)

ص 313 ج 4 سنن أبي داود (ما يقال عند النوم) وص 440 ج 1 مستدرك. و (الندى) بفتح فكسر وشد الياء: الملأ (الأعلى) من الملائكة.

(4)

ص 313 ج 4 سنن أبي داود (ما يقال عند النوم).

ص: 198

(والأحاديث) والآثار في هذا كثيرة. وفيما ذكر كفاية لمن وفق للعمل بكل ما ذكر او ببعضه حسب التوفيق والهداية.

(وحكمة) الدعاء بما ذكر عند النوم أن يكون خاتمة أعماله التوحيد والكلم الطيب.

9 -

ما يقال عند الاستيقاظ من النوم:

المستيقظ بالليل نوعان: من لا ينام بعده، ومن يريد النوم.

(أ) يستحب للأول أن يذكر الله ويتوضأ ويصلي لتحل عقد الشيطان التي عقدها على قافية العبد عند نومه ويصبح نشيطاً طيب النفس كما تقدم في حديث أبي هريرة (1) وقد ورد في هذا أدعية وأذكار منها: "ما تقدم"في حديث البراء (2).

"وما في حديث" أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: إذا استيقظ أحدكم فليقل: الحمد لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره. أخرجه الترمذي والنسائي وابن السني بسند حسن (3){258}

"وما في حديث" أبي هريرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من رجل ينتبه من نومه فيقول: الحمد لله الذي خلق النوم واليقظة. الحمد لله الذي بعثني سالماً سوياً. أشهد أن الله يحيي الموتى وهو على شيء قدير، إلا قال الله تعالى: صدق عبدي. أخرجه ابن السني (4){259}

(1) هو الحديث رقم 205 ص 180 (فضل قيام الليل).

(2)

هو الحديث رقم 249 ص 198 (أذكار الليل).

(3)

رقم 437 ص 280، ج 1 فيض القدير، وص 11 الأذكار النووية (ما يقول إذا استيقظ من منامه).

(4)

ص 11 الأذكار النووية (ما يقول إذا استيقظ من منامه).

ص: 199

"وما في حديث" عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هب من الليل كبر عشراً وحمد عشراً، وقال: سبحان الله وبحمده عشراً، وقال: سبحان الملك القدوس عشراً، واستغفر عشراً وهلل عشراً، ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا وضيق يوم القيامة عشراً، ثم يفتتح الصلاة. أخرجه أبو داود. وأخرجه أحمد والطبراني في الأوسط بلفظ آخر. ورجاله ثقات (1){260}

(وما في حديثها) أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ من الليل قال: لا إله إلا أنت سبحانك، الله وبحمدك، أستغفرك لذنبي، وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماً، ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب. أخرجه أبو داود والحاكم. وقال: صحيح على شرط الشيخين (2){261}

(ب) ويستحب لمن استيقظ وهو يريد النوم أن يذكر الله تعالى حتى يغلبه النوم. وقد ورد فيه أذكار منها: ما تقدم.

"وما في حديث"عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ثم قال: اللهم اغفر لي

(1) ص 322 ج 4 سنن أبي داود (ما يقول إذا أصبح) وص 263 ج 2 مجمع الزوائد (ما يفعل إذا قام من الليل)(ثم يفتتح الصلاة) أي التهجد.

(2)

ص 314 ج 4 سنن أبي داود (ما يقول الرجل إذا تعار من النوم) وص 540 ج 1 مستدرك (وتعار بتشديد الراء: أي استيقظ).

ص: 200

أو دعا استجيب له، فإن توضأ قبلت صلاته. أخرجه البخاري وأبو داود (1){262}

(فينبغي) لكل مؤمن أن يغتنم العمل بهذا الحديث ونحوه ويسأل ربه مخلصاً له أن يرزقه حظاً من قيام الليل، وأن يوفقه لعمل الأبرار ويرزقه الحسنى وزيادة.

"وما في حديث" عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تضور من الليل قال: لا إله إلا الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار. أخرجه النسائي وابن السني والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين (2){263}

10 -

ما يقول من قلق في فراشه:

قد وقع هذا لبعض الصحابة فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الدواء الكافي، والبلسم الشافي وهو ذكر الله تعالى. وقد ورد فيه أحاديث منها.

(ما روي) محمد بن يحيي بن حبان أن الوليد بن المغيرة قال: يا رسول الله، إني أجد وحشة. فقال: إذا أخذت مضجعك فقل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين وأن

(1) ص 26 ج 3 فتح الباري (فضل من تعار من الليل فصلى) وص 314 ج 4 سنن أبي داود.

(2)

ص 540 ج 1 مستدرك، وص 46 الأذكار النووية (ما يقول إذا استيقظ في الليل وأراد النوم بعده) و (التضور) التقلب في الفراش.

ص: 201

يحضرون،

فإنه لا يضرك. أخرجه أحمد (1){264} .

"وحديث" علقمة عن عبد الرحمن بن سابط قال: أصاب خالد ابن الوليد أرق، فقال الله النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلماتٍ إذا قلتهن نمت؟ قل: اللهم رب السموات السبع وما أظلت، ورب الأرضين وما أقلت، ورب الشياطين وما أضلت، كن لي جاراً من شر خلقك أجمعين أن يفرط عليَّ أحد منهم، أو أن يطغى، عز جارك، وتبارك اسمك، وجل ثناؤك، ولا إله غيرك، ولا إله إلا أنت، فقالهن فنام. أخرجه الطبراني في الأوسط أبي شيبة في مصنفه بسند جيد، رجاله رجال الصحيح، إلا أن عبد الرحمن بن سابط لم يسمع من خالد بن الوليد (2) {265}. وضعفه الترمذي وقال: ليس إسناده بالقوي. وضعف إسناده المنذري والنووي.

11 -

ما يقول من يفرغ في نومه:

فزع بعض الصحابة في النوم فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما وقاهم منه (روى) عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا فزع أحدكم في النوم فليقل: أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عقابه، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون، فإنها لن تضره. قال: وكان عبد الله بن عمرو يلقنها من عقل من ولده أن يقولها عند نومه، ومن لم يعقل كتبها في صك ثم علقها في عنقه.

(1) ص 57 ج 4 مسند أحمد (حديث الوليد بن الوليد رضي الله عنه والكلمات التامة، أي الشاملة الكاملة وهي أسماء الله تعالى وصفاته وآيات كتبه (وهمزات الشياطين) وساوسهم (وأن يحضرون) بكسر نون الوقاية وحذف ياء المتكلم. وهو مقتبس من قوله تعالى: "وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين (97) وأعوذ بك رب أن يحضرون"(98) سورة المؤمنون.

(2)

ص 126 ج 10 مجمع الزوائد (ما يقول إذا أرق أو فزع).

ص: 202

أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وقال: صحيح الإسناد (1){266} . وقال مالك: بلغني أن خالد بن الوليد قال لرسول الله

(1) ص 81 ج 2 مسند أحمد، وص 263 ج 2 الترغيب والترهيب (الترغيب فيما يقوله من يأرق او يفزع بالليل) وبعمل ابن عمرو استدل من قال بجواز تعليق التمائم والتعاويذ التي من القرآن وأسماء الله تعالى وصفاته. وهو مروي عن ابن عمرو وعائشة. وبه قال أحمد في رواية. (وقال) ابن مسعود وابن عباس وحذيفة وعقبة بن عامر وغيرهم: لا يجوز تعليق التمائم والتعاويذ مطلقاً. وبه قال الحنفيون وأحمد في رواية اختارها كثير من أصحابه (لما) ثبت عن ابن مسعود أنه دخل على امرأته وفي عنقها شيء معقود، فجذبه فقطعه ثم قال: لقد أصبح آل عبد الله أغنياء أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً، سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: إن الرقي والتمائم والتولة (بكسر التاء وفتح الواو، شيء شبيه بالسحر تفعله المرأة ليحبها زوجها) شرك فقالت امرأته: لم تقول هذا؟ والله لقد كانت عيني تقذف وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني. فإذا رقاني سكنت. فقال عبد الله: إنما ذاك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أذهب الباس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً. أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه [267] ص 186 ج 17 الفتح الرباني، وص 372 ج 2 تيسير الوصول (النهي عن ذلك) أي الرقي والتمائم.

"ولحديث" عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة الله له. أخرجه أحمد وأبو يعلي والطبراني بسند رجاله ثقات [268] ص 187 ج 17 الفتح الرباني.

"ولقول" عيس بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: دخلت على عبد الله بن عكيم (بالتصغير) أبي معبد الجهني أعوده وبه حمرة (ورم بالوجه والجسد) فقلت: ألا تعلق شيئاً؟ قال: الموت أقرب من ذلك، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من تعلق شيئاً وكل إليه. أخرجه أحمد وأبو داود والحاكم والترمذي وقال: إنما نعرفه من حديث ابن أبي ليلى [269] ص 88 ج 1 الفتح الرباني، وص 273 ج 2 تيسير الوصول (النهي عن ذلك).

"والحديث" عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبصر على عضد رجل حلقة من صفر (بضم فسكون، أي نحاس) فقال: ويحك، ما هذه؟ قال: من الواهنة (وهي مرض يأخذ في العضد، او عرق يأخذ في المنكب واليد كلها فيرقي منها، وربما علق عليها خرز يقال له خرز الواهنة). قال: أما إنها لا تزيدك إلا وهناً، انبذها عنك، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً. أخرجه أحمد [270] ص 187 ج 17 الفتح الرباني.

(وأجاب) الأولون بان هذه الأحاديث محمولة على التمائم التي فيها شرك وما لا يعرف ما فيها، وعلى خرزات كانت العرب تعلقها على أولادها اتقاء العين =

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (أما) تعليق التمائم على شيء من كتاب الله تعالى واسم من أسمائه أو دعوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بأس به "لقول" عوف بن مالك: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله، كيف ترى في ذلك؟ فقال: اعرضوا على رقاكم، ثم قال: لا بأس بما ليس فيه شرك. أخرجه مسلم وأبو داود [271] ص 369 ج 2 تيسير الوصول (جواز الرقي والتمائم).

"ولقول" جابر: أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في رقية الحية، ولدغت رجلاً منا- ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عقرب، فقال رجل: يا رسول الله، أأرقى؟ فقال: من استطاع منكم ان ينفع أخاه فليفعل. أخرجه مسلم [272] ص 370 ج 2 تيسير الوصول (جواز الرقي والتمائم). (والأفضل) ترك تعليق التمائم والتعاويذ ولاسيما للمتوكلين.

(روى) عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب. قيل: من هم يا رسول الله؟ قال: الذين لا يكتوون ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة رضي الله عنه فقال: ادع الله أن يجعلني منهم. قال: أنت منهم. فقام آخر (هو سعد بن عبادة) فقال: يا نبي الله، ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: سبقك بها عكاشة. أخرجه أحمد ومسلم. وأخرجه البخاري عن ابن عباس [273] ص 436 ج 4 مسند أحمد، وص 371 ج 3 تيسير الوصول (النهي عن ذلك).

(أما) الاستشفاء بالرقي والتحصن بها من العين وغيرها فهو جائز اتفاقاً (قال) أنس بن مالك: أرخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من الحمة (بضم ففتح: السم) والعين والنملة. أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي [274] ص 370 ج 2 تيسير الوصول (والنملة بفتح فسكون: قروح تخرج في الجنب وغيره).

(وعن) بريدة أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: لا رقية إلا من عين أو حمة. أخرجه أحمد ومسلم وابن ماجه، وأخرجه أحمد وأبو داود والترمذي عن عمران بن حصين [275] ص 185 ج 17 الفتح الرباني. ورقم 9885 ص 426 ج 6 فيض القدير. ومعناه: لا رقية أولى وأنفع من رقية العين والحمة. وليس معناه أنه لا تجوز الرقية من غيرهما. فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقي بعن الصحابة من غيرهما (قال) ابن عباس: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلمهم رقي الحمى والأوجاع كلها أن يقولوا: باسم الله الكبير، أعوذ بالله العظيم من شر كل عرق نعار (بشد العين، أي يخرج منه الدم بقوة) ومن شر حر النار. أخرجه أحمد والترمذي وقال: حديث غريب والحاكم وصححه [276] ص 370 ج 2 تيسير الوصول. ورقم 7111 ص 233 ج 5 فيض القدير.

ص: 204

إني أروع في منامي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون (1){277}

12 -

ما يقول من تحرك في الليل: -

(روى) عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يتحرك من الليل: باسم الله عشر مرات، وسبحان الله عشراً، آمنت بالله وكفرت بالطاغوت عشراً، وقي كل شيء يتخوفه ولم ينبغ لذنب أن يدركه إلى مثلها. أخرجه الطبراني في الأوسط (2){278} .

وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تضور من الليل قال: لا إله إلا الله الواحد القهار، رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار. أخرجه النسائي والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين (3){279}

13 -

ما يقول إذا رأى في منامه ما يحب أو يكره:

يستحب لمن رأى رؤيا صالحة أن يحمد الله تعالى وأن يستبشر بها ويخبر بها من يحبه دون من يكرهه. ويستحب لمن رأى رؤيا يكرهها أن يتعوذ من شرها وشر الشيطان، وأن يتفل حين يستيقظ من نومه على يساره ولا يذكرها لأحد أصلاً، وأن يتحول من جنبه الذي كان عليه، وأن يقوم فيصلي.

(1) ص 19 ج 2 تيسير الوصول (أدعية النوم والانتباه).

(2)

ص 213 ج 1 الترغيب والترهيب (الترغيب في كلمات يقولهن إذا استيقظ من الليل).

(3)

رقم 6615 ص 112 ج 5 فيض القدير. والتضور: التقلب في الفراش.

ص: 205

(وقد) ورد في هذا أحاديث، منها:

"حديث" أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله، فليحمد الله عليها وليحدث بها. وإذا رأى غير ذلك مما بكره فإنما هي من الشيطان، فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحدٍ فإنها لا تضره. أخرجه أحمد والبخاري والترمذي (1){280}

(وحديث) جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها فليبصق عن يساره ثلاثاً وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثاً، وليتحول عن جنبه الذي كان عليه. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه (2){281}

"وقول أبي سلمة" لقد كنت أرى الرؤيا تمرضني، فلقيت أبا قتادة، فقال: وأنا كنت أرى الرؤيا فتمرضني حتى سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: الرؤيا الصالحة من الله، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب، وإن رأى ما يكره فليتفل عن يساره ثلاثاً وليتعوذ بالله من شرها وشر الشيطان ولا يحدث بها أحداً فإنها لا تضره. أخرجه مسلم (3){282} . (وحكمة) أنه لا يحدث بها إلا من يحب، أنه إذا قصها على من لا يحبه فقد يعبرها بما يكره (فائدة) الرؤيا المكروهة هي تكون من حديث النفس وشهواتها ورؤيا التهويل والتخويف. وقد يجتمع هم

(1) ص 300 ج 12 فتح الباري (الرؤيا من الله) ورقم 621 ص 350 ج 1 فيض القدير.

(2)

ص 20 ج 15 نووي مسلم (الرؤيا) ورقم 619 ص 349 ج 1 فيض القدير.

(3)

ص 19 ج 15 نووي مسلم (كتاب الرؤيا).

ص: 206

النفس وأحزان الشيطان. وهذا النوع من المأمور بالاستعاذة منه، لأنه من تخيلاته. فإذا فعل المأمور به صادقاً أذهب الله عنه ما أصابه من ذلك. قاله في نزل الأبرار.

14 -

ما يقول من قصت عليه الرؤيا:

قال أبو موسى الأشعري: رأيت في المنام كأني في ظل شجرة ومعي دواة وقرطاس وأنا أكتب من أول ص حتى بلغت السجدة، فسجدت الدواة والقرطاس والشجرة وسمعتهن يقلن في سجودهن: اللهم احطط بها وزراً، وأحرز بها شكراً، وأعظم بها أجراً، فاستيقظت وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته الخبر، فقال: خيراً رأيت، وخيراً يكون، نمت ونامت عيناك نومة نبيّ عندها مغفرة، ونحنُ نترقب ما ترقب. أخرجه ابن السني (1){283}

15 -

قضاء قيام الليل:

من اعتاد القيام وغلبه نوم أو طرأ عليه عذر منعه من القيام، فله أجر ما نؤي غير مضاعف، واستحب له قضاؤه نهاراً "لحديث" عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من امريء تكون له صلاة بليل يغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته، وكان نومه عليه صدقة. أخرجه مالك وأبو داود والنسائي (2){284}

" ولحديث " عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نام عن

(1) قال النووي في الأذكار: روينا في كتاب ابن السني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال- لمن قال له رأيت رؤيا-: خيراً رأيت وخيراً يكون. وفي رواية: خيراً تلقاه وشراً تقاه. خيراً لنا وشراً على أعدائنا والحمد لله رب العالمين. ص 74 الأذكار النووية.

(2)

ص 211 ج 2 تيسير الوصول (صلاة الليل).

ص: 207

حزبه أو عن شيء منه فقرأه ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل. أخرجه أحمد والأربعة وقال الترمذي: حديث

حسن صحيح (1){285}

(والحزب) بكسر فسكون: ما اعتاده الشخص من قراءة أو صلاة أو ذكرٍ.

(وعن) عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فاتته الصلاة من الليل من وجعٍ أو غيره، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة. أخرجه مسلم (2){286} .

(ففي) هذه الأحاديث دليل على استحباب اتخاذ الأوراد ليلاً، وقضائها إذا فاتت بنوم أو غيره من الأعذار فيما بين صلاة الصبح والظهر.

(وبهذا) قال أبو حنيفة وأبو يوسف، لحديث عمر.

(وقالت) الشافعية ومحمد بن الحسن: يستحب قضاؤها في النهار مطلقاً، وهو روايةً عن أحمد، لحديث مسلم بن عائشة.

(وقالت) المالكية: من فاتته صلاة الليل لعذر فإن تذكرها قبل صلاة الصبح صلاها قبله وإلا فليس له قضاؤها. والأحاديث حجة عليهم.

(1) ص 53 ج 1 مسند أحمد ولفظه: من فاته شيء من ورد. وص 237 ج 7 المنهل العذب (من نام عن حزبه) وص 255 ج 1 مجتبي (متى يقضي من نام عن حزبه) وص 209 ج 1 سنن ابن ماجه. و (كتب له ...... الخ) أي أعطى أجره كاملاً كما لو أداه ليلاً، تفضلاً من الله تعالى.

(2)

ص 356 ج 6 دليل الفالحين (كيف يتدارك من فاته شيء من حزبه).

ص: 208

16 -

بدع قيام الليل:

قد خرج بعض المتعبدين في قيام الليل عن الجادة والطريق القويم، طريق سيد الأوابين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.

(وقد) بين بعض ذلك الحافظ ابن الجوزي، قال: وقد لبس إبليس على جماعة من المتعبدين، فأكثروا من صلاة الليل، وفيهم من يسهره كله، ويفرح بقيام الليل وصلاة الضحى أكثر مما يفرح بأداء الفرائض، ثم يقع (أي ينام) قبيل الفجر فتفوته الفريضة أو يقوم فيتهيأ لها فتفوته الجماعة، أو يصبح كسلان، فلا يقدر على الكسب لعائلته.

(ولقد) رأيت شيخاً من المتعبدين يمشي كثيراً من النهار في جامع المنصور، فسألت عن سبب مشيه؟ فقيل لي: لئلا ينام. فقلت: هذا جهلٌ بمقتضى الشرع والعقل.

أما الشرع فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن لنفسك عليك حقاً فقم ونم (1). وكان يقول: عليكم هدياً قاصداً فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه (2).

(1) هو بعض حديث أخرجه أبو داود عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون، فجاءه فقال: يا عثمان أرغبت عن سنتي؟ قال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب. قال: فإني أنام وأصلي وأصوم وأفطر وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصم وأفطر وصل ونم [287] ص 303 ج 7 المنهل العذب (ما يؤمر به من القصد في الصلاة).

(2)

هو بعض حديث أخرجه أحمد والبيهقي والحاكم وصححه عن بريدة قال: خرجت ذات يوم أمشي فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، فأخذ بيدي فانطلقنا جميعاً، فإذا برجل يصلي يكثر من الركوع والسجود. فقال: أترى هذا مرائياً؟ قلت: الله ورسوله أعلم. فأرسل يده وطبق بين يديه ثلاث مرات يرفع يديه ويضربهما ويقول: عليكم هدياً قاصداً (أي طريقاً معتدلاً. والمعنى: الزموا القصد في العمل وهو الأخذ بالأرفق بلا غلو ولا تقصير) فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه (أي من يقاومه ويكلف نفسه من الطاعات فوق طاقته يؤدي به ذلك إلى التقصير في العمل وترك الواجبات)[288]، ص 350 ج 5 مسند احمد، وص 18 ج 3 سنن البيهقي (القصد في العبادة).

ص: 209

(وعن) أنس بن مالك، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وحبلٌ ممدودٌ بين ساريتين، فقال: ما هذا؟ قالوا: لزينب تصلي، فإذا كسلت أو فترت أمسكت به. فقال: حلوه. ثم قال: ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر فليقعد. أخرجه الشيخان (1){289} .

(وعن) عائشة قالتْ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإنه إذا صلى وهو ينعس لعله يذهب ليستغفر فيسب نفسه. أخرجه الشيخان (2){290}

(وأما) العقل فإن النوم يجدد القوي التي كلت بالسهر، فمتى دفعه الإنسان وقت الحاجة إليه أثر في بدنه وعقله، فنعوذ بالله من الجهل.

(فإن قال) قائل: فقد روي لنا أن جماعةً من السلف كانوا يحيون الليل، (فالجواب) أن أولئك تدرجوا حتى قدروا على ذلك، وكانوا على ثقةٍ من حفظِ صلاةِ الفجر في الجماعة. وكانوا يستعينُون بالقائلةِ مع قلة المطعم، فصح لهم ذلك. ثم لم يبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ليلة لم ينم فيها فسنته هي المتبوعة.

(وقد) لبس إبليس على جماعةٍ من قوام الليل، فيحدثوا بذلك

(1) ص 24 ج 3 فتح الباري (ما يكره من التشديد في العبادة) وص 72 ج 6 نووي مسلم (فضيلة العمل الدائم).

(2)

ص 218 ج 1 فتح الباري (الوضوء من النوم) وص 74 ج 6 نووي مسلم (أمر من نعس في صلاته أن يرقد).

ص: 210