الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ومن) ذلك اكْتِحَالهم فى صَبِيحة ذلك اليوم بالسَّذاب أَو الكحْل أَو الكحْل الأَسْود أَو غيرهما، ويَزْعُمونَ أَنَّ مَن اكْتَحَلَ من ذلك يَكْتَسِب نُوراً زائداً فى بَصَرِه يَرَى به الخِشَاش (1) فى طول سَنَتِه ولا يخفى عليه منه شَىْءٌ، وذلك تَحَكُّم منهم، والشاهد يكذب ذلك حِسًّا ومَعْنًى.
(ومن ذلك) ما يفعلونه مِن شُرْبِ الدَّوَاءِ فى ذلك اليوم ويَزْعُمونَ أَنَّ شُرْبَ الدواء فيه ليس كَغَيْره مِنَ الأَيام. وفى ذلك تَعْظِيمٌ له كما تَقَدَّم (2). ولهم أَعْيَادٌ أُخرى كلها من هذا الْقَبِيل.
(الرابع) النوافل
هى جَمْع نَافِلة، وهى لُغَةً الزِّيادة. وشرعاً الْعِبَادَة التى ليست بفرْض ولا واجب، فهى تشمل الرواتب التابعة للفرائض الخمس - وقد تقَدَّمَنْ فى سُنن الصَّلاة - وغير الرواتب، ومنها المؤقت وغيره، وآكدها صلاة الكُسُوفِ ثم الاستسقاءِ ثم التَّرَاويح ثُمَّ قِيَام الليل. وهى كَثِيرة المذكُور منها ثمانى عَشَرة وبحْثَان.
1 - صلاة الكسوف
الكُسُوف لُغَةً: التَّغَيُّر إِلى السَّوَاد، يقال: كسفت الشَّمْس إِذا اسْوَدَتْ. وسببه حَيْلُولة القَمَر بين الأَرْض والشَّمْس. والخُسوف لُغَةً:
(1)(السذاب) بفتح السين: بقل معروف. و (الخشاش) بكسر الخاء وقد تفتح الحشرات.
(2)
ص 306 ج 1 مدخل الشريف (اليوم الذى يزعمون أنه سبت النور).
الذهاب. يقال: خسف القمر إِذا ذَهَبَ ضَوْءُه. وسببه حَيْلُولة الأَرْض بين القَمَر والشَّمْس.
(وقد) وَرَدَ ذِكْر الكُسُوف والخسُوف للشَّمْس والقَمَر، فروى فيهما بالكافِ وبالخاءِ. وروى فى الشَّمْس بالكافِ وفى القَمَر بالخاءِ، وهو الكَثِير فى اللغة هذا. وصلاة الكسُوف سببها كُسُوف الشَّمس وخُسُوف القَمَر. وهى مَشْرُعة بالسُّنَّة وإِجماع الأُمة (رَوَتْ) عائشةَ رضى الله عنها أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى عند كُسُوف الشَّمْس ثم قال: إِنَّ الشْمْس والقَمَر لا ينكَسِفَانِ لموْتِ أَحَدٍ ولا لحياتِه، ولكِنَّهُما آيتان من آياتِ اللهِ تعاى يُرِيهما عِبَاده، فإِذا رَأَيتم ذلك فافْزَعُوا إِلى الصَّلاة أَخرجه السبعة مطولاً إِلَاّ الترمذى (1){109} ثم الكَلام فىتِسْعة فرُوع.
1 -
حكمها: هىا سُنّة عند الجمهور حملاً للأَمر الوارد بها على السُّنِّية لانحصار المفروض مِنَ الصّلواتِ فى الخمس " قال " طلحة بن عبيد الله: جاءَ أَعرابيّ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، ما الإِسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خَمْسُ صلواتٍ فى اليوم واللَّيْلَة. قال: هَلْ علىَّ غَيْرَهُنَّ؟ قال: لا، إِلَاّ أَنْ تَطَّوَّعَ. وذكر له النبىَّ صلى الله عليه وسلم صِيَامَ رمضانَ. قال: هَلْ علىِّ غَيْره؟ قال: لا، إِلَاّ أَنْ تَطَّوَّعَ. وذكرَ له النبىُّ صلى الله عليه وسلم الزَّكَاةَ. قال: هَلْ علىَّ غيرها؟ قال: لا، إِلَاّ أَنْ تَطَّوَّعَ. قال: فأَدبر الرَّجُل وهو يقول: والله
(1) ص 200 ج 6 الفتح الربانى، وص 360 ج 2 فتح البارى وفيه: فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا (الصدقة فى الكسوف) وص 201 ج 6 نووى مسلم (الكسوف) وص 2 ج 7 المنهل العذب (صلاة الكسوف) وص 215 ج 1 مجتبى (نوع آخر عن عائشة) وص 197 ج 1 سنن ابن ماجه (باب ما جاء فى صلاة الكسوف).
لا أَزِيدُ على هذا ولا أَنْقُص. فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلمم: أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ. أَخرجه أَحد والبخارى وأبو داود (1){110} .
(وقال) أَبو عوانة: إِنَّهَا واجبةٌ حملاً للأَمر على الْوُجُوب. وروى عن أَبى حنيفة. والمشهور عنه أَنَّهَا سُنَّة. وحَكَى النَّوَوِى الإِجماع عليه.
2 -
شروطها: يُشْتَرَطُ لها ما يُشْتَرَطُ لغيرها مِنَ الصَّوات، إِلَاّ أَنَّهَا لآ وَقْتَ لها مُعَيَّن، لأَنَّ سبَبَها الكُسُوف وهو يقَعُ فى أَىِّ وَقْتٍ ولو وقت النَّهْى عن الصلاة. وبه قال الشافعى (وقال) الحنفِيُّون والحنبلِيُّون: لا تُصَلَّى فى أَوقاتِ الكَرَاهة، فإِذا كسَفَت الشَّمْس وقت الاستواءِ أَو بَعْدَ العَصْر، دعوا بلا صلاة (قال) أَبو القاسم عمر الخرقى الحنبلى: وإِذا كان الكُسُوف فى غير وقت الصلاة (2) جَعَل " النَّاس " مكانَ الصَّلاةِ تَسْبِيحاً، لأَنَّ النافلة لا تفعل فى أَوقات النَّهْى، سواءٌ أَكَان لها سبب أَمْ لم يكُنْ عند غير الشافعى (قال) أَبو محمد عبد الله بن قدامة: روى ذلك عن الحسَن وعطاءٍ ومالك وأَبى حنيفة خلافاً للشافعى. ونص عليه أَحمد (قال) الأَثْرَم: سمعتُ أَبا عبد الله يُسْأَلُ عن الكُسُوف يكُون فى غير وقت الصلاة كَيْفَ يَصْنَعُون؟ قال: يذكُرونَ الله ولا يُصَلُّونَ إِلَاّ فى وقت صلاة. قِيلَ له: وكذلك بعد
الفجر؟ قال: نعم لا يُصَلُّون. (قال) قتادة: انكَسَفَتِ الشَّمْسُ بعد العصر ونحنُ بمكة فقامُوا قياماً يَدْعُون، فسأَلْتُ عن ذلك عطاءَ. قال: هكذا يَصْنَعُون. فَسَأَلْتُ عن ذلك الزُّهرى. قال: هَكَذَا يَصْنَعُون {21} ، وروى عن أَحمد أَنهم يُصَلُّونَ للكُسُوف فى
(1) ص 68 ج 1 الفتح الربانى، وص 78 ج 1 فتح البارى (الزكاة من الإسلام) وص 276 ج 3 المنهل العذب (الصلاة).
(2)
(فى غير وقت الصلاة) يعنى فى غير وقت حل النافلة.
أَوقات النَّهْى (قال) أَبو بكر عبد العزيز: وبالأَول أَقُول. وهو أَظهر القَوْلَيْن عِنْدِى (1).
(وقالت) المالكية: وَقْتَها من وقت حِلّ النافلة إِلى الزَّوَال، وقِيلَ إِلى صلاة العصر (والراجح) أَنه لا وَقْتَ لها مُعَيَّن، لأَنَّ المقصود فِعْلَ هذه الصَّلاة قبل الانجلاءِ، وقد اتفقوا على أَنَّهَا لا تُقْضىَ بعده، فلو انحصرت فى وقتٍ لأَمْكَنْ الانجلاءَ قبله فيفُوت المقصود (قال) الحافظ: وَلم أَقف على شَىْءٍ من الطرق مع كثرتها أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم ما صَلَاّها إِلَاّ ضُحًى، لكِنَّ ذلك وقَع اتفاقاً، فلا يدل على منع ما عَدَاه، واتفقت الطرق على أَنه صلى الله عليه وسلم بادَرَ إِليها (2).
3 -
عددها: هى ركْعَتَان بلا زِيادة عند الجمهور. وهو ظاهر الرِّوَاية عند الحنفيين. فإِنْ فرغوا منها قبل انجلاءِ الشَّمْس دَعُوا الله تعالى حتى تَنْجِلى " لقول " أَبى بَكْرة: كَسَفَتِ الشَّمْس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقَامَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ مُسْتَعْجِلاً حتى أَتَى المسجدَ وثَابَ النَّاس فَصَلَّ ركعَتَيْن فَجُلِّى عنها، ثم أَقبل علينا فقال: إِنَّ الشَّمس والقَمَر آيتانِ من آياتِ الله تعالى يُخَوِّف بهما عبادَهُ ولا ينكَسِفَانِ لموْتِ أَحَدٍ - وكان ابنه إِبراهيم عليه السلام مَاتَ - فإِذا رَأَيْتُم منهما شيئاً فَضَلُّوا وادْعُوا حتى إِبراهيم يَنْكَشِفَ منهما ما بِكُم. أَخرجه أَحمد والبخارى والنسائى (3){111} .
(1) ص 282 ج 2 مغنى (الكسوف إذا وقع فى غير وقت الصلاة).
(2)
ص 359 ج 2 فتح البارى. الشرح (الصلاة فى كسوف الشمس).
(3)
ص 192 ج 6 الفتح الربانى، وص 358 ج 2 فتح البارى (الصلاة فى كسوف الشمس) وص 22 ج 1 مجتبى. ولم يبين فى الحديث كيفية صلاة الكسوف وفى رواية للنسائى عن ابن بكرة أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه. وذكر كسوف الشمس.
(وبه) قال جماعة من الصَّحابة (وعن) أَبى حنيفة أَنَّ أَقَلَّهَا ركعتان وإِنْ شَاءَ صَلَّى أَرْبَعاً أَو أَكْثر، كل شفع أَو أَربع بتَسْليمة " لقول " جابر ابن عبد الله: سمعتُ النبىَّ صلى اتلله عليه وعلى آله وسلم يقول: " إِنَّ الشَّمْسَ والقمَرَ إِذا خَسَفَا أَو أَحدهما، فإِذا رَأَيتم ذلك فَصَلُّوا حتى يَنْجِلى خُسُوف أَيهما خَسَفَ ". أَخرجه أَحمد (1){112} . " ولقول " المغيرة بن شعبة: انْكَسَفَتِ الشَّمْس على عَهْدَ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يَوْمَ ماتَ إِبراهيم، فقال الناس: انْكَسَفَتْ لموْتِ إِبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ الشَّمْسَ والقَمَرَ آيتانِ من آياتِ الله لا يُنْكَسِفَانِ لموتِ أَحَدٍ ولا لحياتِه، فإِذا رَأَيْتُمُوه فادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا حتى تَنْكَشِفَ ". أَخرجه أَحمد والشيخان (2){113} " ولقول " النُّعْمان بن بَشِير: كَسَفَتِ الشَّمْسُ على عَهْدَ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وكان يُصَلِّى ركعتين، ثم يسأَل، ثم يُصَلِّى ركعتين، ثم يسأل حتى انْجَلَت الشمس
(الحديث) أَخرجه أَحمد وأَبو داود والحكم وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين (3){114} .
(فهو) دَلِيلٌ على جواز صلاةِ الكُسُوف ركعتَيْن ركعتَيْن كصلاةِ
(1) ص 176 ج 6 الفتح الربانى. ولم أقف عليه اللفظ لغير الإمام أحمد، وفى سنده ابن لهيعة.
(2)
ص 173 ج 6 الفتح الربانى، وص 359 ج 2 فتح البارى (الصلاة فى كسوف الشمس) وص 218 ج 6 نووى مسلم. وإبراهيم ابن النبى صلى الله عليه وسلم، ولد فى جمادى الأولى سنة 9 من الهجرة، وتوفى فى 29 شوال سنة عشر، الموافق 27 يناير سنة 632 م على ما ذكره المرحوم محمود باشا الفلكى فى نتائج الأفهام، فى تقويم العرب قبل الإسلام، وضعها الفرنسية، وترجمها العلامة أحمد باشا زكى " أما رواية " أنه ولد فى ذى الحجة سنة ثمان، وتوفى فى ربيع الأول سنة عشر " فقد " رواها الواقدى بسند منقطع لا تقوم به حجة، والواقدى متكلم فيه (فإذا رأيتموه) أى الكسوف للشمس والقمر.
(3)
ص 194 ج 6 الفتح الربانى، وص 41 ج 7 المنهل العذب (من قال يركع ركعتين) وص 332 ج 1 مستدرك.
النوافل حتى تَنْجَلى الشَّمْس (قال) الشيخ إِبراهيم الحلبى: وعن أَبى حنيفة رضى الله عنه: إِنْ شاءُوا صَلُّوا ركعتين، وإِنْ شاءُوا أَربعاً، وإِنْ شاءُوا أَكثر (لحديث) النعمان ابن بَشِير. ولكنَّ هذا غير ظاهِر الرواية. وظاهِر الرواية هو الركْعَتَان ثم الدعاءَ إِلى أَنْ تَنْجَلى الشَّمْس. وهو مُخَيَّر إِنْ شَاءَ دَعَا مُسْتقبلاً جالساً أَو قائماَ أَو يستقبل القوم بوجهه يَدْعُو ويؤمنون. وهذا أَحسن (1).
(وأَجاب) الأَوَّلُون باحْتِمال أَن يكُون معنى قوله: ركعتين، أَى ركُوعَيْن وأَن يكون السؤال بالإِشارة (ورَدّ) بأَنَّ هذا احتمال فاسِد يَرُدّه قول النعمان بن بَشِير: كان يُصَلِّى ركعتين ثم يَسْأَل حتى انْجَلَت الشمس (قال) البدر العينى: تَأْوِيل ركعَتَيْن بركُوعَيْن تَأْوِيلٌ فاسِد باحتمال غير نَشِئٍ عن دليل وهو مَرْدُود (فإِنْ قُلْت) فعلى ما ذكرت فَقَدْ دَلَّ الحديث على أَنه يُصَلَّى للكُسُوف ركعتان بعد ركعتَيْن. ويُزَاد أَيضاً إِلى وَقْتَ الانجلاءِ. فأَنتم ما تقُولون به (قلت) لا نسلم ذلك. قد رَوَى الحسن عن أَبى حنيفة: إِنْ شَاءُوا صَلُّوا ركعتين. وإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَرْبَعاً، وإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَكْثر من ذلك. ذكر فى المحيط وغيره (فَدلَّ) ذلك على أَنَّ الصلاةَ إِنْ كانت بركعتَيْن يُطَوّل ذلك بالقراءَةِ والدعاءِ فى الركُوع والسُّجود إِلى وقت الانجلاءِ. وإِنْ كانت أَكْثَرَ من ركعتَيْن فالتَّطْويل يكُون بتكْرَار لركعات دون الركُوعات " وقولهم " وأَن يكُونَ السؤال وقع بالإِشارة " يَرُدّه " ما أَخرجه عبد الرزاق بإِسناد صحيح ن أَبى قلابة أَنه صلى الله عليه وسلم كُلَّما ركَعَ ركعتَيْن أَرْسَلَ رَجُلاً لينظر هَل انْجَلَتْ؟ {155} (فهذا) يَدُلُّ على أَنَّ السؤال فى حديث النعمان كان
(1) ص 426 غنية المتملى (تتمات من النوافل).
بالإِرسال لا بالإِشارة، وأَنه كُلَّما كان يُصَلَّى ركعتَتَيْن على العادة يُرْسِلُ رَجُلاً يكْشِفُ عن الانجلاءِ (1).
4 -
النداء لصلاة الكسوف: تُؤَ
…
دَّى صلاة الكُسُوفِ بلا أَذَانٍ ولا إِقامة ويُسَنُّ أَن يُنَادَى لها: الصَّلآةُ جامِعَة (2)، وهذا مُتَّفَقٌ عليه " لقول " عائشةَ رضى الله عنها: كَشَفَت الشَّمْس فأَمَرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم رَجُلاً فَنَاَى: إِنَّ الصَّلاةَ جامِعة. أَخرجه أَبو داود (3){116} .
"ولقول " عبد الله بن عُمر: لَمَّا كَسَفَت الشمس على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم نُدِىَ: أَنَّ الصَّلآة جامِعَة. أَخرجه الشيخان (4){117} .
5 -
القراءة فى صلاة الكسوف: يُسَنُّ أَن تُطَالَ فيها القراءَة وأَن تكون سِرًّا " لقول " ابن عباس: خَسَفَت الشَّمْس فَصَلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم والنَّاس معه فقَامَ قياماً طويلاً بنحو من سورة البقرة، ثم ركَعَ ركوعاً طويلَا. (الحديث) أَخرجه الأَئِمة والنسائى والبيهقى (5){188} .
(1) ص 65 ج 7 عمدة القارى " استنباط الأحكام " من حديث أبى بكرة السابق رقم 111 ص 107 (عددها).
(2)
" الصلاة جامعة " بالنصب فيهما على الحكاية. والصلاة فى الأصل منصوبة على الإغراء، وجامعة حال، أى احضروا الصلاة حال كونها جامعة. وروى برفعهما على أن الصلاة مبتدأ وجامعة خبر، أى ذات جماعة.
(3)
ص 39 ج 7 المنهل العذب (أينادي فيها بالصلاة؟ ).
(4)
ص 362 ج 2 فتح البارى (النداء بالصلاة جدامعة فى الكسوف) وص 214 ج 6 نووى مسلم (ذكر النداء بصلاة الكسوف الصلاة جامعة)
(5)
ص 335 ج 1 زرقانى الموطإ (العمل فى صلاة الكسوف) وص 184 ج 1 بدائع المنن، وص 203 ج 6 الفتح الربانى، وص 367 ج 2 فتح البارى (صلاة الكسوف جماعة) وص 212 ج 6 نووى مسلم، وص 38 ج 7 المنهل العذب (القراءة فى صلاة الكسوف) وص 321 ج 3 سنن البيهقى (كيف يصلى فى الخسوف؟ ).
" ولقول " عائشة رضى الله عنها: كَسَفَت الشمس على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فَصَلَّى بالنَّاس فقَامَ فحزرت قراءَتَهُ فرأَيْتُ أَنَّهُ قَرَأَ سورة البقرة، ثم سَجَدَ سجدتَيْن فقَامَ فحزرت قراءَتَهُ فرأَيْتُ قَرَأَ بسورة آل عمران. أَخرجه أَبو داود والبيقى والحاكم وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم (1){119} .
(وبهذا) قال أَبو حنيفة ومالك والشافعى واللَّيْثِ بن سعد وجمهور الفقهاءِ.
(وقال) أَحمد وأَبو يوسف ومحمد وابن المنذر: يُجَهَرُ بالقراءَةِ فى صلاةِ الكُسُوف. وهو مروىّ عن علىَّ وزد بن أَرْقَم والبراءِ بن عازِب " لحديث " عائشة أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَرَأَ قراءَةً طويلةً فَجَهَرَ بها، يعنى فى صلاةِ الكُسُوف. أَخرجه أَبو دادو والبيقى والحاكم. وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين (2){120} " ولقولها " خَسَفَتِ الشَّمْسُ على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأَتى المصلَّى فكَبَّر وكَبَّر الناس، ثم قَرَأَ فَجَهَرَ بالقراءَةِ وأَطَالَ الْقِيَامَ (الحديث) أَخرجه أَحمد والشيخان والترمذى (3){121} .
(1) ص 37 ج 7 المنهل العذب (القراءة فى صلاة الكسوف) وص 335 ج 3 سنن البيهقى (من قال يسر بالقراءة فى خسوف الشمس)، وص 333 ج 1 مستدرك.
(2)
ص 38 ج 7 المنهل العذب، وص 336 ج 3 سن البيهقى (من اختار الجهر بها وص 334 ج 1 مستدرك.
(3)
ص 182 ج 6 الفتح الربانى، وص 382 ج 2 فتح البارى (الجهر بالقراء فى الكسوف) وص 203 و 204 ج 6 نووى مسلم، وص 393 ج 1 تحفة الأحوذى (كيف القراءة فى الكسوف) والمراد بالمصلى المكان الذى كان يصلى فيه النبى صلى الله عليه وسلم فى المسجد كما صرح بذلك فى رواية لمسلم.
(ولا منافاةَ) بين رواياتِ الجهْرِ بالقراءَةِ والسِّرِّ فيها، لثبوتِ كُلِّ عنه صلى الله عليه وسلم بناءً على أَنَّ صلَاةَ الكُسُوف تَعَدَّدَتْ. أَمَّا على أَنَّها لم تتعَدَّد فترجح رواياتِ الجَهْر لثبوتِها فى الصَّحِيحَيْن، ولكونها متضمنة للزيادةِ فيعمل بها، ولكونها مثبتة فتقدم على النافية (قال) ابن العربى: الجَهْر عِنْدِى أَوْل لأَنَّهَا صلاةٌ يُنَادَى لها ويخطب. فاَشْبَهَت العيد والاستسقاءَ والتراويح.
وعن مالك: يُخَيَّر فى القراءَة بين السَّرَّ والجهْرِ (قال) أَبو مُحمد عبد الله بن قُدَامَة: ومهما قَرَأَ به جازَ، سواءٌ أَكانت القراءَة طويلة أَمْ قصيرة. وقد روى عن عائشة أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُصَلِّى فى كُسُوف الشَّمْس والقَمَر أَرْبَع ركعاتٍ سجداتٍ، وقرأَ فى الأُولى بالعنكَبوت والرُّوم، وفى الثانية بيَس. أَخرجه الدارقطنى (1){122} .
6 -
الجماعة فى صلاة الكسوف: دَلَّتْ أَحاديثُ الباب على أَنَّ الجماعة مشروعةٌ فى صلاةِ الكُسُوف. ويُسَنُّ فِعْلُهَا جماعةً وفُرَادَى عند مالك والشافعى وأَحمد، لما تقَدَّمَ من قوله صلى الله عليه وسلم: فإِذا رَأَيْتُمْ منهما شيئاً فَصَلُّوا وادْعُوا (2) ولأَنَّهَا نافلة فجازتْ فى الانفرادِ كَسَائر النَّوَافِل. وفِعْلُهَا فى الجماعةِ أَفْضَلَ، لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم صَلَاّها جماعة.
(والسُّنة) أَنْ تُصَلَّى فى المساجد، لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وعلى آلأه وسلم فَعَلَها فيه (قالت) عائشة رضى الله عنها: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فى حياةِ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فخرجَ إِلى المسجد فَصَفَّ النَّاسُ
(1) ص 278 ج 2 مغى (الجهر فى صلاة الكسوفين جميعاً).
(2)
تقدم فى الحديث رقم 111 ص 107 (عددها).
وَرَاءَه. (الحديث) رواه البخارى (1){123} ولأَنَّ وقت الكُسُوفِ يَضِيقُ فلَوْ خَرَجَ إِلى المصَلَّى احتمل التَّجَلِّى قبل فِعْلها. وتُشْرَع فى الحضَر والسَّفَر بإِذْنِ الإِمام وغير إِذْنِه.
(قال) النَّوَوى: ويُسْتَحَبُّ أَنْ تُصَلَّى فى المسجد جماعةً وتَجُوزُ فى مواضِعَ من البلد. وتُسنُّ للمرأَةِ والعَبْدِ والمسافِر والمنفَرِد. وحَكَى الرافعىّ أَنه يُشْتَرَطَ فى صِحَّتها الجماعة وأَنَّهَا لا تُقَامُ إِلَاّ فى جماعةٍ واحدةٍ كالجمُعَة، وهما شَاذَّانِ مَرْدُودَانِ، ولا تتوقف صِحَّتها على صلاةِ الإِمام ولا إِذْنِه. فِنْ لم يخرجْ طَلَبُوا إِمامً يُصَلِّى بهم، فإِنْ لم يَجِدُوا صَلُّوا فَرَادَى. فإِنْ خافُوا الإِمام لو صَلُّوا علانيةً صَلُّوها سِرًّا. وبهذا قال مالك وأَحمد وإِسحاق. وقال الثورى: إِذا لم يَصِل الإِمام صَلُّوا فُرَادَى. اهـ ملخصاً (2).
(وقال) الحنفيون: تُصَلَّى جماعةً بإِمام الجمعة وإِن امتنع فلهم أَن يُصَلُّوها فُرَادَى فى المنازل أَو فى المساجد ركعتيْن أَوْ أَرْبَعاً. وهو أَفْضَل فلا يُصَلِّيها بالجماعة غيره على الصَّحِيح. وعن أِبى حنيفة أَن كل إِمام يُصَلِّى بجماعة فى مَسْجِده.
7 -
حضور النساء صلاة الكسوف:
هو مشروع إِنْ أَمِنَت الفتنة وخَرَجْنَ مُتَسَتِّرات غير مُتَبَرِّجات ولا مُتَعَطِّرات (لقول) أَسماءَ بنت أَبى بكر: فَزِعَ يوم كَسَفَت الشَّمْس رسولُ الله صلى الله عليه وسلم. فَأَخَذَ دِرْعاً حتى أُدْرِك برِدَائِه فقَامَ بالناس قِيَاماً طويلاً يقوم ثم يركَع، فلو جاءَ إِنسانٌ بعد ما رَكَعَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم لم
(1) ص 363 ج 2 فتح البارى (خطبة الإمام فى الكسوف).
(2)
ص 44 ج 5 شرح المهذب (صلاة الكسوف).
يعلم أَنه ركَع، ما حَدَّث نفسه أَنه ركَع من طول القيام، فجعلْتُ أَنْظُرُ إِلى المرأَةِ التى هى أَكبر مِنِّى، وإِلى المرأَةِ التى هى أَسْقَمَ مِنِّى قائمةً وأَنا أَحَقُّ أَنْ أَصْبِرَ على طُولِ القيام منها. أَخرجه أَحمد ومسلم والبيهقى (1){124} .
(فهو) يَدُلُّ على جوازِ حُضُورِ النِّسَاءِ صلاة الكُسُوف فى المسجد مع الجماعة بالشُّرُوطِ المتَقَدِّمة وإِلَاّ صَلَّيْنَها فى بُيُوتِهِنَّ.
(ورَخَّصَ) أَبو حنيفة ومالك للعجائِز فى حُضُورها وكَرِهَاه للشَّابَّة.
(وقال) الشافعىّ فى الأُمّ: لا أَكْرَه لمنْ لا هيئةَ لها مِنَ النِّسَاءِ لا لِلعَجُوز ولا للصَّبِيَّة شُهود صلاة الكُسُوف مع الإِمام، بل أُحِبّها لهنَّ وأَحَبُّ إِلىّ لذواتِ الهيئة أَن يُصَلِّينها فى بُيُوتِهِنَّ، ن وإِن كَسَفَت وهناك رَجُل مع نِسَاءٍ فيهن ذوات مَحْرَم منه، صَلَّى بِهِنَّ، وإِنْ لم يَكُنْ فِيهِنَّ ذوات مَحْرَم منه كَرِهْتُ ذلك له. وإِنْ صَلَّى بِهِنَّ فلآ بأْسَ (2)
8 -
كيفية صلاة الكسوف
قد وَرَدَ فى صَلَاتِهَا كيفيات:
((الأُولى)) أَنها تُصَلَّى ركعَتَيءن كبقيةِ النَّوَافِل سِرًّا فى غير وقت النَّهْى فى جماعة بلآ أَذَانٍ ولا إِقامةٍ. ويُطِيل فيها القراءَة والركُوعَ والسُّجُود، ، " لقوله " قبيصة الهلالى: انْكَسَفَت الشمس فخَرَجَرسول الله صلى الله عليه وسلم فصَلَّى ركعتين فأَطَالَ فيهما القراءَةَ فانْجَلَت، فقال: إِنَّ
(1) ص 218 ج 6 الفتح الربانى، ن وص 212 ج 6 نووى مسلم، وص 342 ج 3 سنن البيهقى (النساء يحضرون المسجد لصلاة الخسوف) و (رسول) فاعل فزع، أى خاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوع أمر بسبب الكسوف فخرج مسرعاً فأخذ درعاً غير درعه ثم أدرك بردائه.
(2)
ص 59 ج 5 شرح المهذب (مسائل تتعلق بالكسوف).
الشَّمسَ والقَمَر آيتان من آياتِ الله يُخَوِّف بهما عِبَادَه، فإِذا رَأَيْتُم ذلك فَصَلُّوا كأَحْدَثِ صلاةٍ صَلَّيْتُمُوها مِنَ المكْتُوبة. أَخرجه أَحمد وأَبو دادود والنسائى والحاكم والبيهقى بسند صحيح (1){125} .
(وكان) ذلك بعد صلاةِ الصُّبْح " لقول " ثعلبةَ بن عَبَّادِ الْعَبْدِىّ: شَهِدْتُ يوماً خطبة لسَمُرَة بن جُندب فقال: بينما أَنا وغُلام مِنَ الأَنصار نَرْمِى غَرَضَيْن لنا حتى إِذا كانت قَيْدَ رُمْحَيْن أَوْ ثلاثة فى عَيْن النَّاظِر من الأُفُق، اسْوَدَّتْ حتى آضت كأَنَّهَا تَنُّومة، فقال أَحَدُنا لصاحِبه: انْطَلِقْ بِنَا إِلى المسجد، فَوَالله لَيُحْدِثَنَّ شَأْنَ هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فى أُمَّتِه حَدَثاً، فَدَفَعْنَا فإِذا هُوَ بارِز، فاستقدم فصَلَّى فَقَامَ بنا كأَطْوَل ما قامَ بنا فى صَلاةٍ قَط، لآ نَسْمَعُ له صَوْتاً. ثم ركَعَ بنا كأَطْوَل ما ركَعَ بنا فى صَلاةٍ قَط، لآ نَسْمَعُ له صَوْتاً. ثم سَجَدَ بنا كأَطْوَل ما سَجَدَ بنا فى صلاةٍ قَط، لآ نَسْمَعُ له صَوْتاً. ثم فَعَلَ فى الرَّكْعَةِ الأُخرى مثل ذلك، فوافق تَجَلِّى الشمس جُلُوسَهُ فى الركعةِ الثانية، سَلَّم (الحديث) أَخرجه الشافعى وأِحمد والبيهقى والطبرانى والأَبعة. وقال الترمذى: هذا حديث حسن صحيح (2){126} .
(1) ص 193 ج 6 الفتح الربانى، وص 33 ج 7 المنهل العذب، وص 219 ج 1 مجتبى (نوع آخر)، وص 333 ج 1 مستدرك، وص 334 ج 3 سنن البيهقى (من صلى فى الخسوف ركعتين).
(2)
ص 182 ج 1 بدائع المنن، وص 189 ج 6 الفتح الربانى، وص 339 ج 3 سنن البيهقى (الخطبة بعد صلاة الكسوف)، وص 209 ج 2 مجمع الزوائد (باب الكسوف)، وص 218 ج 1 مجتبى (نوع آخر)، وص 29 ج 7 المنهل العذب، وص 197 ج سنن ابن ماجه (صلاة الكسوف)، وص 393 ج 1 تحفة الأحوذى (كيف القراءة فى كسوف). وقد ذكره مختصراً بلفظ: عن سمرة بن جندب قال: صلى بنا النبى صلى الله عليه وسلم فى كسوف لا نسممع له صوتا. و (حتى آضت) أى صارت " كأنها تنومة " بفتح فشد، نوع من البنات فيه وفى ثمره سواد قليل " فدفعنا " أى أسرعنا على المسجد (فإذا هو) أى رسول الله صلى الله عليه وسلم " بارز " أى خارج " فاستقدم " أى تقدم للصلاة.
(وبهذه) الكَيْفِيَّة قال الحنفيون والثورى وكَثِير من الصَّحابة.
(الكَيْفِيَّة الثانية) أَنْ تُصَلَّى ركعتَيْن فى كُلِّ ركعةٍ ركُوعان " لقول " ابن عباس: كَسَفَت الشمس فقَامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم واَصحابه فَقَرَأَ سورةً طويلةً ثم ركَع، ثم رفع رَأْسَهُ، فَقَرَأَ، ثم ركَعَ وسَجَد سَجْدَتَينْ ثم قام فَقَرَأَ وركَعَ، ثم رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ، ثم ركَعَ وسَجَدَ سَجْدَتَيْن، أَربع ركَعاتٍ وأَربع سَجَدَاتٍ فى ركعتَيْن. أَخرجه أَحمد بسند جيد (1) {127} " ولقول " ابن عباس: انْخَسَفَتِ الشمسُ على عَهْدِ النبىِّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى رسول الله صلى لله عليه وسلم والناس معه فَقَامَ قِيَاماً طويلاً نَحْواً من قراءَةِ سورة البقرة، ثم ركَعَ ركُوعاً طويلاً، ثم رفَعَ فَقَامَ قِيَاما طويلاً وهو دون القيام الأَوَّل، ثم ركَعَ ركُوعاً طويلاً وهو دون الرُّكُوع الأَوَّل، ثم سَجَدَ، ثم قام قِيَاماً طويلاً وهو دون الركُوع الأَوَّل، ثم سَجَدَ، ثم انصرف وقد تَجَلَّت الشمس. فقال صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الشَّمْسَ والقَمَر آيتانِ من آياتِ اللهِ لا يَخْسِفَانِ لموْتِ أَحَدٍ ولا لحياتِه، فإِذا رَأَيْتُم ذلك فاذكُرُوا لله.
قالُوا: يا رسول الله، رَأَيْنَاكَ تَنَاوَلْتَ شيئاً فى مقامك ثم رَأَيْنَاكَ تَكَعْكَعْتَ، فقال: إِنِّى رَأَيْتُ الجنةَ فتناولْتُ منها عُنْقُوداً ولو أَخَذْتَهُ لأَ كَلْتُم منه ما بَقِيَت الدنيا (الحديث) أَخرجه الشافعى والجماعة إِلَاّ ابن ماجه، وهو عند أَبى داود والترمذى مختصر (2){128} .
(1) ص 203 ج 6 الفتح الربانى (من روى انها ركعتان فى كل ركعة ركوعان) و (أربع ركعات) أى أربع ركوعات.
(2)
ص 184 ج 1 بدائع المنن، وص 335 ج 1 زرقانى الموطإ، وص 203 ج 6 الفتح الربانى، وص 367 ج 2 فتح البارى (صلاة الكسوف جماعة) وص 212 ج 6 نووى مسلم، وص 221 ج 1 مجتبى " قدر القراءة فى صلاة الكسوف وص 38 ج 7 المنهل العذب (القراءة فى صلاة الكسوف) وص 391 ج 1 تحفة الأحوذى. و " تكعكعت " أى تأخرت.
(وبهذه) الكَيْفِيَّة قال مالك والشافعى وأَحمد والليث بن سعد. ولاُبدَّ عندهم من قراءَةِ الفاتحِة فى كل قِيَام، لما تقَدَّم فى بحث " القراءَة " من أَركان الصَّلاة، من أَنه لا تَصِحُّ ركعة بدون فاتحة (قال) النووى: واتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنه يقرأُ الفاتحة فى القيام الأَوَّل من كُلّ ركعة. واختلفوا فى الْقِيَام الثانى، فمذهبنا مالك وجمهور أَصحابه أَنَّهَا ل تَصِحُّ الصلاة إِلَاّ بقراءَتها فيه (وقال) محمد بن مسلمة الملكىّ: لآ تَتَعَيَّنُ الفاتحةُ فى الْقِيَام الثانى (1)(ووجهة) أَنَّهَ ركعة واحدة ولا تتكَرّر افاتحة فى رَكْعَةٍ واحدة (وردّ) بأَنَّ صلاة الكُسُوف وَرَدَتْ بكيفيةٍ خاصَّة فى كُلِّ قيم قراءَة كما تقدَّم فى بحث (القرءَة فى صلاة الكُسُوف) وأَنَّ هَذَا صِرَطِى مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ.
" وأَمَّا " قول حُذيفة: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صَلَّى عند كُسُوف الشمس فقَامَ فكَبَّر ثم قَرَأَ، ثم ركَعَ كما قَرَاَ، ثم رفَعَ كما ركَع ثم ركَعَ كما قَرَاَ، فصَنَعَ ذلك أَرْبَع ركَعَاتٍ قبل أَن يَسْجُدَ سَجْدَتَيْن، ثم قام إِلى الثانية فصَنَعَ مثل ذلك ولم يَقْرَاْ بين الركُوع " فَقَدْ " أَخرجه البزار وفى سنده محمد بن أَبى ليلى. وفيه كلام (2){129} فلا يحتجّ به على عدم القراءَة فى غير الْقِيَام الأَوَّل.
((الكيفية الثالثة)): أَنْ تُصَلَّى ركعَتَيْن فى كُلِّ ركْعة ثلاثة ركُوعاتٍ " لحديث " عطاءِ بن أَبى رباح عن عُبيد بن عُمير أَنَّ عائشةَ قالت: كَسَفَت الشمس على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقَامَ قِيَاماً شدِداً يقُومُ بالناس ثم يَرْكَع، ثم يَقُوم، ثم يَرْكَع، ثم يَقُوم، ثم يَرْكَع،
(1) ص 199 ج 6 شرح مسلم (الكسوف).
(2)
ص 28 ج 2 مجمع الزوائد (باب الكسوف).
فركَعَ ركعتَيْن فى كُلِّ ركعةٍ ثلاث ركعاتٍ، يَرْكَعُ الثالثة ثم يَسْجُد، حتى إِنَّ رجالاً يومئذٍ ليُغْشَى عليهم مَّما قام بهم، حتى إِنَّ سِجَالَ الماءِ لينصب عليهم، يقول إِذا ركَعَ: اللهُ أَكْبر، وإِذا رفع: سَمِعَ اللهُ لمنْ حَمِدَه، حتى تَجَلَّت الشمس (الحديث) أَخرجه أَبو داود والبيقى، والنمسائى، وأَخرج سلم نحوه (1){130} .
(وبهذه) الكَيْفِيَّة قال إِسحاق وابن خزيمة وابن المنذر والخطابى، وحذيفة وابن عباس وقتادة وعطاءُ بن أَبى رباح. وروى عن أَحمد.
((الكيفية الرابعة)): أَنْ تُصَلَّى ركعتَيْن فى كُلِّ ركعةٍ أَربعة ركُوعاتٍ " لحديث " حنش عن علىّ رضى الله عنه قال: كَسَفَت الشمس فصَلَّى علىّ للناس فَقَرَأَ يَس أَوْ نحوها، ثم ركَع نَحْواً من قدر السُّورة، ثم رَفَعَ رَأْسَه فقال: سَمِعَ اللهُ لمنْ حَمِدَه، ثم قام قَدْرَ السُّورة يَدْعُو ويُكَبِّر، ثم ركَعَ قَدْرَ قراءِته أَيضاً، ثم قال: سَمِعَ اللهُ لمنُ حَمِدَه، ثم قام أَيضاً قَدْرَ السُّورة، ثم رَكَعَ قَدْرَ ذلك أَيضاً حتى صَلَّى أَرْبَع ركَعَاتٍ. ثم قال: سَمِعَ اللهُ لمنْ حَمِدَه، ثم سَجَدَ، ثم قام فى الركعةِ الثانيةِ فَفَعَلَ كَفِعْله فى الركْعة الأُولى، ثم جَلَسَ يَدْعُو ويُرَغّب حتى انْكَشَفَت الشمس. ثم حَدَّثَهُمْ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كَذَلِكَ فَعَلَ. أَخرجه أَحمد والبيهقى بسند رجاله ثِقَاب (2){131} .
(1) ص 20 ج 7 المنهل العذب (صلاة الكسوف) وص 325 ج 3 سنن البيهقى، وص 215 ج 1 مجتبى (نوع آخر من صلاة الكسوف)، وص 204 ج 6 نووى مسلم. و (كسفت) بفتحتين، من باب ضرب، يقال: كسفت الشمس إذا ذهب ضوءها. وكان ذلك فى السنة العاشرة من الهجرة. و (ثلاث ركعات) أى ركوعات. و (السجال) بكسر السين جمع سجل بفتح فسكون، وهو الدلو العظيمة ماء. وهو كناية عن شدة ما أصابهم من العرق لطول القيام.
(2)
ص 215 ج 6 الفتح الربانى (من روى أنها ركعتان فى كل ركعة أربعة ركوعات وص 330 ج 3 سنن البيهقى (من أجاز أن يصلى فى الخسوف ركعتين فى كل ركعة أربع ركوعات).
(وبهذه) الكَيْفِيَّة قال أَحمد وابن خُزَيمة وابن المنذر والخطابى. وروى عن علىّ وابن عباس وحُذَيفة.
(الكيفية الخامسة): أَن تُصَلَّى ركعَتَيْن فى كُلِّ ركْعة خمسة ركُوعاتٍ " لقول " أُبىّ بن كعب: انْكَسَفَت الشمس على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بهم فَقَرَاَ بسورةٍ من الطُّوَل وركَع خمس ركعاتٍ وسَجَدَ سَجْدَتَيْن، ثم جَلَسَ كما هُوَ مُسْتَقْبل الْقِبْلَة يَدْعُو حتى انْجَلَى كُسُوفها. أَخرجه ابن أَحمد فى زوائد المسند وأَبو داود والبيهق والحاكم وقال: رواته صَادِقون (1){132} . وفى سَنَدِه أَبو جعفر عيسى بن عبد الله الرازى. وثقة ابن معين وقال لكنه يخطئ، وضعفه كثيرون.
(وبهذه) الكَيْفِيَّة قالت العترة، لكن حديث أُبىّ ضعيف لما تقَدَّم.
(وعلى الجملة) فقد قال بكل كيفية مَّما ذكر جماعة من الصَّحابة وغيرهم (قال) النووى: قال جماعة من العلماءِ منهم إِسحاق بن راهوية وابن جرير وابن المنذر: جَرَتْ صلاةُ الكُسُوف فى أَوْقات. واختلاف صِفَاتِها محملٌ على بيان جواز جميع ذلك، فتجوز صلاتها على كلِّ واحِدٍ من الأَنواع الثابتة، وهذا قوى (2).
(1) ص 217 ج 6 الفتح الربانى (من روى أنها ركعتان فى كل ركعة فى ركعة خمسة ركوعات)، وص 27 ج 7 المنهل العذب، وص 329 ج 3 سنن البيهقى، وص 33 ج 1 مستدرك. و (الطول) بضم ففتح، جمع الطولى، أى أنه صلى الله عليه وسلم قرأ بسورة من السبع الطول، وهى البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتربة (وعن) عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فى الأولى بالعنكبوت، وفى الثانية بالروم أو لقمان. أخرجه الطبرانى والبيهقى (133) ص 336 ج 3 سنن البيهقى (من اختار الجهر بها).
(2)
ص 199 ج 6 شرح مسلم (كتاب الكسوف).
(وصحح) ابنُ القَيِّم أَحَادِيث الركُوعَيْن فى كلِّ ركْعَة، لأَنها أَصَحّ إِسناداً وأَسْلَم من العِلَّة والاضطراب، ولأَنَّ رُوَاتها أَكْثر وأَحْفَظ وأَجَلَّّ من رواة غيرها. (وقال) أَبو الطيب صديق بن حَسَن: قد رُوِيَتْ هذه الصلاة على أَنواع، ركعتَيْن كسائر الصَّلوات فى كُلِّ ركعةٍ ركُوعٍ واحد، وركُوعَيْن فى كُلِّ ركعة، وثلاثة وأَرْبَعة وخمسة. والكُل سُنَّة أَيها فَعَلَ المكلف فقَدْ فَعَل ما شُرع له. واختيار الأَصَحّ منها على الصحيح دأْب الراغبين فى الفضائل (1).
9 -
خطبة الكسوف
يُسَنُّ بعد صلاة الكُسُوف أَن يَخْطُب الناس خُطْبة يَحُثُّهُمْ فيها على الطاعات والصَّدقات، ويُحَذَّرَهُم من المعاصِى عند الشافعى وإِسحاق " لقول " أَسماءَ بنت أَبى بكر: خَسَفَت الشمس على عَهْدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم فَدَخَلْتُ على عائشة رضى الله عنها فقُلْتُ: ما شَأْن الناس يُصَلُّون؟ فأَشَارَتْ برأْسها إِلى السَّماءِ فقلت: آية؟ قالت: نَعَم فأَطَالَ رسول الله صلى عليه ونسلم القيام جِدًّا حتى تَجَلَاّنى الغَشْى فأَخَذْتُ قِرْبة إِلى جَنْبى، فجلعت أَصُبّ على رأْسى الماءَ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تَجَلَّت الشمس. فخطب فحَمِدَ الله وأَثْنَى عليه ثم قال: أَمَّا بعد، ما من شَىْءٍ لم أَكُن رأَيته إِلَاّ قد رأَيته فى مقامى هذا حتى الجنة والنار. إِنه قد أُوحى إِلىّ أَمنَّكم تفتنن فى القبور قريباً أَو مثل فتنة المسيح الَّجَّال. يؤْتى أَحَدكُم فيقال له: ما عِلْمك بهذا الرجل؟ فأَمَّا المؤمن أَو الموقن يقول: هُوَ مُحَمَّدٌ هُوَ رسول الله جاءَنَا بالبَيِّنَات والهُدَى فأَجَبْنَا واتَّبَعْنَا ثلاث مراتٍ، فيقال له: قد كُنَّا نعلم إِنْ كُنْتَ لَتُؤْمِنَ فَنَم
(1) ص 103 الروضة الندية (باب صلاة الكسوفين).
صالحاً. وأَمَّا المنافق أَو المرتاب فيقول: ما أَدرى سَمِعْت الناس يقولون شيئاً فَقُلْت. أَخرجه مالك وأَحمد والشيخان (1) {
134}.
" ولحديث " عائشةَ رضى الله عنها تَصِفُ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الكُسُوف بطول القيام وأَنه صلَاّها ركعَتَيْن فى كُلِّ ركعةٍ ركُوعانِ، وفيه قالت: فانْصَرَف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقد تَجَلَّت الشمس فخطَبَ الناس، فَحَمِدَ الله وأَثْنَى عليه، ثم قال: إِنَّ الشَّمْسَ والقَمَر من آياتِ الله وإِنَّهُما لا يَخْسِفان لموتِ أَحَدٍ ولا لحياتِه، فإِذا رَأَيْتُمُوهُما فكَبِّرُوا وادْعُوا اللهَ عز وجل وتَصَدَّقُوا، يا أُمَّة مُحمدٍ ما م أَحَدِ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ عز وجل أَن يَزْنى عبده أَوْ تَزْنى أَمَته،
(1) ص 329 ج 1 زرقانى الموطإ (ما جاء فى صلاة الكسوف)، وص 220 ج 6 الفتح اربانى، وص 369 ج 2 فتح البارى (صلاة النساء مع الرجال فى الكسوف)، وص 210 ج 6 نووى مسلم .. و (تجلانى) بشد اللام، أى غطانى (الغشى) بفتح فسكون، وهو نوع قريب من الإغما، وصبها الماء على رأها لم يكن متوالياً، وإنما قيل للمقبور (ما علمك بهذا الرجل) امتحاناً وإبهاماً عليه لئلا يفهم من قولهما رسول الله إكرام النبى ورفع رتبته فيعظمه تقليداً لا اعتقاداً (والهدى) بضم ففتح: الدلالة الموصلة (والحكمة (فى تكرير الجواب التلذذ بذكر النبى صلى الله عليه وسلم والفرح بالإجابة. ويحتمل أن يتكرر السؤال والجواب للتأكد من صحة قوله ولإظهار شرفه (فنم صالحاً) المراد بالنوم العود لما كان ليه من الموت. وسمى نوماً لما فيه من الراحة وصلح الحال.
(وقد تقدم) فى بحث " سؤال خالقبر " ص 62 ج 1 دين طبعة ثانية فى حديث أنس: فأما المؤمن فيقول: أِهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال له: انظر إلأى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعداً من الجنة، فيراهما جميعاً ويفسخ له فى قبرة سبعون ذراعاً. وأما الكافر أو المنافق فيقال له: ما كنت قول فى هذا الرجل؟ فيقول: لا أدرى، كنت أقول ما يقول الناس، فيقال له: لا دريت ولا تليت، ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح يحة يسمعها من يليه غير الثقلين. أخرجه الشيخان (135) ص 308 ج 3 تيسير الوصول (سؤال منكر ونكير).
يا أُمَّةَ مُحمدٍ والله لو تَعْلَمُون ما أَعْلَم لَبَكَيْتُم كَثِيراً ولَضَحِكْتُم قليلاً، أَلآهَلْ بَلَّغْت؟ أَخرجه مالك وأَحمد والشيخان والنسائى والبيهقى (1){136} .
(قال النوى) اتفقت نُصُوص الشَّافعىّ على اسْتحبابِ خُطْبَتَيْن بعد صلاةِ الكُسُوف، وهُما سُنَّة للجماعة. وصِفتها كخطْبتى الجمعة فى الأَركان والشُّروط وغيرهما. ولا يخطب من صَلَاّها منفرداً، وَيَحُثَّهم فى هضه الخطبة على الَّوْبة من المعاصِى وعلى فِعْل الخير والصَّدَقة والعتاقة، ويُحَذَّرهم مِنَ الغَفْلَة والاغترار، ويَأْمُرَهم بإِكْثَارِ ادعاءِ والاستغفارِ والذِّكْر، ويجلس قبل الخطبة الأُولى كما فى الجمعة، فإِن صَلَّى النساءَ فليس شَأْنهِنَّ الخطبة، لَكِن لو ذَكَّرَتْهُنَّ كانَ حَسَناً (2).
(وقال) الحنفيُّون ومالك وأَحمد: لا خُطبة للكُسُوف، لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالصَّلاةِ والتَّكْبير والصَّدَقة والاسْتِغْفَار والذِّكْر والدُّعاءِ، ولم يأْمُرْ بالخطبة، ولو كانت سُنَّة لأَمَرَهُم بها، عَمَّا وَرَدَ من أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَطَبً (بأَنه) صلى الله عليه وسلم قَصَدَ به الرَّدَّ على مَن
(1) ص 332 ج 1 زرقانى الموطإ (العمل فى صلاة الكسوف) وص 225 ج 6 الفتح الربانى، وص 360 ج 2 فتح البارى (الصدقة فى الكسوف)، وص 198 ج 6 نووى مسلم (الكسوف)، وص 216 ج 1 مجتبى، وص 338 ج 3 سنن البيهقى (الخطبة بعد صلاة الكسوف)(وتصدقوا) أمر صلى الله عليه وسلم بالصدقة لأنها تدفع البلاء والعذاب، والكسوف من الآيات المنذرة بالعذاب. فينبغى عند حصوله المبادرة إلى طاعة الله تعالى ليكشفة عن عباده. و (أغير) أفعل تفضيل من الغيرة بفتح فسكون، وهى تغير يحصل من الحمية والأنفة لارتكاب ما يعاب ينشأ عنه العتاب والجزاء. والتغير محال على الله تعالى، فالمراد لازمة من الزجر والعقاب وأغير منصوب على أنه خبر ما ومن زائد. ويصح رفعه على لغة هتميم. و (أن يزنى عبده .. إلخ) متعلق بأغير على تقدير من. وخص الزنا بالذكر لأنه أعظم المعاصى التى تسبب البلاء وتوجب الغضب الشديد.
(2)
ص 52 ج 5 شرح المهذب (الخطبة بعد صلاة الكسوف).
اعْتَقَدَ أَنَّ الشَّمس كَسَفَتْ لموْتِ ابْنِهِ إِبراهيم لا لخطبة، ولذا قاله بعد الإِنْجِلآءِ.
(قال) الشَّيْخ إِبراهيم الحلَبى: ولا خُطْبة فيها عِنْدَنا، وبه قال مالك وأَحمد، لأَنه لم يُنْقَل عنه عليه الصلاة والسلام أَنه خَطَبَ خُطبتين على الهيئة المعهودة، وإِنما فَعَلَ ذلك لرَدِّهم عن قولهم: إِنَّ الشَّمْس كَسَفَتْ لموْتِ إِبراهيم ابْن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).
(قال) الحافظ: وتُعُقِّبِ ما ذكر بأَنَّ الأَحاديث ثبتت فى الخطبة وهى كَثِيرة. والمشْهُور عند المالِكِيَّة أَنه لا خُطْبة لها، مَعَ أَنَّ مَالِكاً رَوَى الحديث وفيه ذكر الخطبة، ولم يقتصر صلى الله عليه وسلم فيها على الإِعلام بسبب الكُسُوف، والأَصل مشْرُوعِيَّة الاتباع والخصائص لا تثبت إِلَاّ بدَلِيل. وقد استضعفت ابن دقيق العيد التأْوِيل المذكُور (أى تأْويل مَنْ لمْ يَقُلْ بالخطبة) وقال إِن الخطبة لا تنحصر مَقَاصِدها فى شَىْءٍ مُعَيَّن بعد الإِتيان بما هُوَ المطلوب منها مِنَ الحمدِ والثَّنَاءِ والموْعِظَة. وما ذكر من سبب الكُسُوف وغيره هو من مَقَاصِد خُطْبة الكُسوف. فينبغى التَأَسِّى بالنبىِّ صلى الله عليه وسلم. فيذكر الإِمام ذلك فى خُطْبة الكُسُوف. نَعَم نازَع ابن قدامة فى كون خطبة الكُسُوف كخطبتى الجمعة والعِيدَيْن، إِذ ليس فى الأَحاديث المذكُورة ما يَقْتَضِى ذلك، وإِلى ذلك نَحَا ابن المنير ورَدّ عى مَنْ أَنْكَرَ أَصْل الخطبة الثبوت ذلك صريحاً فى الأَحاديث (2).
(1) ص 426 غنية المتملى (صلاة الكسوف).
(2)
ص 363 ج 2 فتح البارى. الشرح (الخطبة الإمام فى الكسوف).