الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلبك فإن الخيرة فيه. أخرجه ابن السني في عمل يوم وليلة والديلمي في مسند الفردوس (1){337}
وفي سنده: (أ) إبراهيم بن البراء ضعيف جداً. (ب) البراء بن النضر ابن أنس ضعفه العقيلي وابن حبان وابن عدي. وعليه فالحديث ساقط لا يحتج به (قال) الحافظ في الفتح: هذا الحديث لو ثبت لكان هو المعتمد، لكن إسناده واه جداً.
وقال النووي في الأذكار: إسناده غريب. فيه من لم أعرفهم.
(ب) الاستخارة غير الشرعية:
قد جهل كثير من الناس الاستخارة الشرعية المرغب فيها بالأحاديث السابقة وهجروها، او قل من يعمل بها، وابتدعوا لها أنواعاً كثيرة لم يرد شيء منها في الكتاب ولا في السنة، ولم ينقل عن أحد من السلف والخلف (وجهلوا) قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة. أخرجه أحمد والبزار عن غضيف بن الحارث اليماني. وفي سنده أبو بكر ابن أبي مريم منكر الحديث (2){338}
(وغفلوا) عن قوله صلى الله عليه وسلم: من تمسك بسنتي عند فساد أمتي فله أجر مائة شهيدٍ. أخرجه البيهقي عن ابن عباس من طريق
(1) رقم 882 ص 450 ج 1 فيض القدير شرح الجامع الصغير.
(2)
ص 188 ج 1 مجمع الزوائد (البدع والأهواء) ووجه ما في الحديث أن الناس إذا أنسوا البدعة واطمأنوا غليها، استهانوا بالسنة وأضاعوها، وما كذب أحد يحق إلا عوقب بتصديقه بباطل، وما ترك سنة إلا أحب بدعة.
الحسن بن قتيبة. وأخرجه الطبراني عن أبى هريرة بسند لا بأس به، إلا أنه قال: فله أجر شهيدٍ (1){339}
(ولذا) نكبوا أخيراً بترك كل شيء ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وعكفوا على بدع ومحدثات الصقوها بالدين، والدين منها براءة براءة الذئب من دم ابن يعقوب "ولو قدر" لعاقل أن يترك ما عكفوا عليه ويسلك طريق الرسول صلى الله عليه وسلم ويهتدي بهديه "سلقوه" بألسنة حداد، واعتبروه خارجاً على الدين، بل عدوه مبتدعاً متنطعاً مشدداً جامداً، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
هذا. والاستخارات المبتدعة كثيرة المذكور منها هنا سبع.
1 -
استخارة النوم:
يعلمها صاحب الحاجة أو يعملها له غيره بأن يقرأ الشخص شيئاً من القرآن ويدعو الله أن يريه في منامه أو يريه خضرة أو بياضاً إن كان ما يقصده خيراً، ويريه حمرة أو سواداً إن كان ما يقصده لا خير فيه.
(فمنهم) من يقرأ الفتحة عشر مرات إن كان متوضئاً وإلا قرأها إحدى عشرة مرة على أي حال كان، ثم يهب ثواب ما قرأ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: اللهم إن كان هذا الأمر- ويسمى ما يريد- خيراً فأرني ابيض أو اخضر أو ماء جارياً. وإن كان شراً- ويسمى الأمر- فأرني أسود أو أحمر، ثم يشغل باله بهذا الأمر الذي يبيت له ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم حتى يأخذه النوم.
(1) رقم 5 ص 41 ج 1 - (الترغيب في اتباع الكتاب والسنة).
(ومنهم) من يتوضأ ثم يقرأ "قل هو الله أحد" إحدى عشرة مرة على أي حال كان، أو الفاتحة عشر مرات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء، ثم يقول: اللهم إن كان هذا الأمر- ويسمى حاجته- خيراً فأرني ما يدل عليه، وإن كان غير ذلك فأرني ما يصرف عنه، ويشتغل بذكر الله حتى يأخذه النوم.
(ومنهم) من يقرأ قبل النوم: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير"، تسع مرات، فيرى ما يرى.
(وقد) عكف على هذه الاستخارة خاصة الناس فضلاً عن عامتهم (ورؤيا) المؤمن الصادق وإن كانت لا تكاد تخطيء، فالاستخارة بواسطتها لم تشرع، وفيها عدول عن تعليم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، وعن الدعاء الجامع لخيري الدنيا والآخرة. وهذا يتنافى مع كمال الإيمان وحسن اليقين الذي يقتضي التخلي عن البدع، والتحلي بالسنن.
(وقد ذكر) العلامة الصاوي في تفسير آية: "وربك يخلق ما يشاء ويختار" صلاة الاستخارة ودعاءها، ثم قال: فإن لم يكن يحفظ هذا الدعاء فليقل: اللهم خر لي واختر لي، كما روي عن عائشة عن أبي بكر رضي الله عنهما. واعلم أن هذه الكيفية هي الواردة في الحديث الصحيح وأما الاستخارة بالمنام أو بالمصحف أو السبحة، فليس وارداً عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولذا كرهه العلماء وقالوا: إنه نوع من الطيرة.
(وقال) ابن الحاج في المدخل: وليحذر مما يفعله بعض الناس ممن لا علم عنده أو عنده علم وليس عنده معرفة بحكمة الشرع الشريف في ألفاظه الجامعة للأسرار العلية، لأن بعضهم يختارون لأنفسهم
استخارة غير الاستخارة المتقدمة الذكر. وهذا ما فيه من اختيار المرء لنفسه غير ما اختاره له من هو أرحم به وأشفق عليه من نفسه ووالديه، العالم بمصالح الأمور (يعني الدينية)، المرشد لما فيه الخير والنجاح والفلاح، صلى الله عليه وسلم.
(وبعضهم) يستخير الاستخارة الشرعية ويتوقف بعدها حتى يرى مناماً يفهم منه فعل ما استخار فيه أو تركه أو براه غيره له. وهذا ليس بشيء، لأن صاحب العصمة صلى الله عليه وسلم قد أمر بالاستخارة والاستشارة، لا بما يرى في المنام. ولا يضيف إلى الاستخارة الشرعية غيرها، لأن ذلك بدعة ويخشى من أن البدعة إذا دخلت في شيء، لا ينجح أو لا يتم، لأن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاستخارة والاستشارة فقط. فينبغي ألا يزاد عليها ولا يعرج على غيرهما فيا سبحان الله، صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم اختار لنا ألفاظاً منقاةً جامعةً لخير الدنيا والآخرة، حتى قال الراوي للحديث في صفتها على سبيل التخصيص والحض على التمسك بألفاظها وعدم العدول إلى غيرها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن. والقرآن قد علم أنه لا يجوز أن يغير ولا يزاد فيه ولا ينقص منه. وإذا نص فيه على الحكم نصاً لا يحتمل التأويل لا يرجع لغيره. وإذا كان ذلك كذلك، فلا يعدل عن تلك الألفاظ المباركة التي ذكرها صلى الله عليه وسلم في الاستخارة إلى غيرها من الألفاظ التي يختارها المرء لنفسه، ولا غيرها من منامٍ يراه هو أو يراه له غيره، أو انتظار فألٍ أو نظر في اسم الأيام (قال) مالك رحمه الله:
الأيام كلها أيام الله، او انتظار من يدخل عليه فينظر في اسمه فيشتق منه ما يوجب عنده الفعل أو الترك (ومن الناس) من هو أسوأ حالاً من هذا، وهو ما يفعله بعضهم من الرجوع إلى قول المنجمين والنظر في النجوم، إلى غير ذلك مما يتعاطاه بعضهم.
فمن فعل شيئاً مما ذكر، او غيره وترك الاستخارة الشرعية، فلاشك في فساد رأيه، ولو لم يكن فيه من القبح إلا أنه من باب قلة الأدب مع صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم (يعني لكفى في تركه) لأنه صلى الله عليه وسلم، اختار للمكلف ما جمع له فيه بين خير الدنيا والآخرة بلفظ يسير وجيز واختار هو لنفسه غير ذلك. فالمختار في الحقيقة إنما هو ما اختاره المختار صلى الله عليه وسلم. فعلى هذا فلا يشك ولا يرتاب في أن من عدل عن تلك الألفاظ المباركة إلى غيرها، فإنه يخاف عليه من التأديب أن يقع به- وأنواعه مختلفة- إما عاجلاً وإما آجلاً في نفسه أو ولده أو ماله، إلى غير ذلك.
(ثم انظر) رحمنا الله تعالى وإياك إلى حكمة أمره صلى الله عليه وسلم المكلف بأن يركع ركعتين من غير الفريضة. وما ذاك إلا صاحب الاستخارة يريد أن يطلب من الله تعالى قضاء حاجته. وقد مضت الحكمة أن من الأدب قرع باب من تريد حاجتك منه. وقرع باب المولى سبحانه وتعالى إنما هو بالصلاة "لقوله" صلى الله عليه وسلم: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه (1).
ولأنها جمعت بين آداب جمة (فمنها) الخروج عن الدنيا كلها وأحوالها بإحرامه بالصلاة، ألا ترى إلى الإشارة برفع اليدين عند الإحرام
(1) هو صدر حديث أخرجه الشيخان عن انس وتمامه: فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدمه [240] ص 343 ج 1 فتح الباري (حك البزاق باليد من المسجد) وص 40 ج 5 نووي مسلم (النهي عن البصاق في المسجد).
إلى أنه خلف الدنيا وراء ظهره وأقبل على مولاه يناجيه، ثم ما فيها من الخضوع والندم والتذلل بين يدي المولى الكريم بالركوع والسجود، إلى غير ذلك مما احتوت عليه من المعاني الجليلة، ليس هذا موضع ذكرها. فلما أن فرغ من تحصيل هذه الفضائي الجمة، حينئذٍ أمره صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم بالدعاء (1).
2 -
استخارة السجة:
يعملها صاحب الحاجة أو تعمل له. وطريقتها أن يأخذ الشخص مسبحة فيتمتم عليها بحاجته، ثم يحصر بعض حباتها بين يديه وبعدها. فإن كانت فردية عدل عما نواه. وإن كانت زوجية اعتبر ما نواه خيراً وسار فيه. ولعمري ما الفرق بين هذه الطريقة وما كان يتبع في الجاهلية الأولى من إطلاق الطير في الجو وهو ما سماه الشرع الشريف بالطيرة ونهى عنها.
3 -
استخارة الفنجان:
يعملها عادةً غير صاحب الحاجة ويقوم بعملها رجلٌ أو امرأةٌ. وطريقتها أن يشرب صاحب الحاجة القهوة المقدمة غليه ثم يكفي الفنجان وبعد قليل يقدمه لقارئه فينظر فيه بعد أن أحدثت فضلات القهوة به رسوماً وأشكالاً مختلفة، شأنها في ذلك شأن كل راسب في أي إناءٍ إذا انكفأ، بل إن مجرد صب الماء على أرض متربة يحدث بها صوراً وأشكالاً هندسية وجغرافية يعجز عنها أصحاب الفن، فيتخيل ما يريد، ثم يأخذ في سرد حكاياتٍ كثيرةٍ لصاحب الحاجة، فلا يقوم من عنده إلا وقد امتلأت رأسه بهذه الأسطورة.
(1) ص 90 ج 3 المدخل (الاستخارة والمشاورة).
(وبعضهم) يعتمد في معرفة سارق الشيء على آخر يسمى صاحب المندل، وطريقته أن يوضع الفنجان مملوءاً ماءً على كف شخص مخصوص في كفه تقاطيع مخصوصة. ويكون ذلك في يوم معلوم من أيام الأسبوع، ثم يأخذ العراف في التعزيم والهمهمة بكلامٍ غير مفهوم، وينادي بعض الجن ليأتوا بالمتهم السارق. وبعد برهة تظهر خيالاتٍ في الفنجان ذاهبة وآيبة، فيوهم العراف من حوله أن المتهم قد ظهر.
(وبعضهم) يضع القلة على كف آخر ويتمتم بما شاء فيسير حاملُ [القلة إلى مكان الشيء الضائع، فيتوهم الحاضرون أن عامل المندل يعلم ما خفي، وهو بهتان عظيم. ولعمري إن كان هذا حقا فلم أتعبت الحكومات أنفسهم في معرفة المسروق وتبين الظالم من المظلوم؟ ولم لم تلجأ في تبين حقائق الأمور إلى هؤلاء الدجالين الذين يأكلون أموال الناس بالباطل؟ مع أن سيد الأنبياء صلى الله عليه وسلم لم يدع هذا المقام لنفسه بل كان يحكم بالظاهر ويكل السرائر إلى الله:"ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخيرِ وما مسني السوء"(1).
(وعن) أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما أنا بشر مثلكم وإنكم تختصمون إليَّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعضن فأقضي له بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه شيئاً، فلا يأخذه، فإنما اقطع له قطعةً من النار. أخرجه مالك والخمسة (2){341} .
4 -
استخارة الورق (الكوتشينة):
وهي لا تخرج عن سابقتها، غير أن صاحب الحاجة يعطي ورقتين
(1) سورة الأعراف من الآية 188، وص 183 ج 3 تيسير الوصول (كيفية الحكم).
(2)
سورة الأعراف من الآية 188، وص 183 ج 3 تيسير الوصول (كيفية الحكم)
مصور فيهما رجل وامرأة، فيسر إليهما ما يريد ثم يأخذهما الدجال فيخلطهما بباقي الأوراق، ثم يأخذ في رصها بطريقةٍ فنيةٍ، فيصادف وجود رجلٍ بجوار امرأةٍ أو وجود رجلٍ أو امرأةٍ في طريق أو وجود واحدٍ منهما بجوار أوراقٍ يرمز إليها بالمال أو الفرح أو القضاء أو ما إلى ذلك، فيأخذ في سردِ ما يمليه عليه خياله، فلا يقوم الشخص من مقامه هذا إلا مقتنعاً بحقيقة ما يقول. وما هو إلا رجمٌ بالغيب.
5 -
استخارة الرمل:
وطريقتها أن يخطط الشخص في الرمل خطوطاً متقطعة ثم يعدها بطريقة حسابية معروفة لديهم، فينتهي منها إلى استخراج برج الشخص فيكشف عنه في كتابٍ استحضره لهذا الغرض، فيسرد عليه حياته الماضية والمستقبلة. وهذا الكلام بعينه الذي قيل له يقال لغيره ما دام برجاهما قد اتفقا.
6 -
استخارة الودع:
لا تقوم بها إلا امرأة، وهي تسمى في العرف (بالغجرية)، يخرج الإنسان من حافظته شيئاً من النقود ويسر بحاجته إلى ذكر الودع ثم يطرحه على الودع فتأخذه بيديها وتلقيه على الأرض بعد خلطه. وهي في الغالب تكون امرأةً ذكيةً نهابة، لها فراسة خاصة في ذوي الحاجات، فتسلك سبيلاً في الكلام يتفق مع مزاجِ الشخص، فيجيبها بالموافقةِ، فتستمر في طريقها؛ فلا يقوم من عندها غلا وهو مقتنع بصدقها، وبينها وبين الصدق كما بين السماء والأرض.
7 -
استخارة الكف:
وهي لا تخرج عن سابقتيها من جهة قوة فراسة قارئ الكف، يساعده