الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَخرجه البيهقى (1){24} (وجه) الدلالة أَنه صَلَّى صلاةَ الزلزال كإِحْدَى كيفياتِ صلاةِ الكُسُوف المتقَدِّمة.
(قال) أَبو مُحمد عبد الله بن قُدَامة: قال أَصحابنا: يُصَلَّى للزلزلة كصلاةِ الكُسُوفِ، وهو مذهب إِسحاق وأَبى ثَوْر. قال القاضى: ولا يُصَلَّى للرَّجْفَة والرِّيح الشديدة والظُّلمة ونحوها (2).
(ومشهور) مذهب مالك أَنه لا يُصَلَّى لآيةٍ ما عَدَا الكُسُوف، لأَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ لغيره وكَذَا خلفاؤه، وقد وَقَعَ فى عَصْرِهم بعضْ هذه الآيات. وحكَى اللخمىّ عن أَشْهَب الصَّلاة. واختاره.
الفزع الى الطاعات عند نزول الآيات
قد عَلِمْت أَنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم بَيَّن أَنَّ الكسُوفَ والخسُوفَ مِنَ الآياتِ التى يُخَوِّف الله بها عِبَاده، وأَمَرَ الأُمَّةَ إِذا حَدَثَ ما ذكر ونحوه أَن تَفْزَع إِلى الصَّلاة والذِّكْر والدُّعَاءِ والاستِغْفَار والصَّدَقَة والْعِتْق (قال) أَبو مُوسَى الأَشْعَرىّ: خَسَفَتِ الشَّمْس فى زَمَن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ فَزِعاً يَخْشَى أَنْتَكُونَ السَّاعة حتى أَتى المجد فَقَامَ يُصَلِّى بأَطْوَل قيام وركُوع وسُجُود، ما رأَيته يفعله فى صلاة قَطَّ. ثم قال: إِنَّ هذه الآيات التى يُرْسِل الله لا تكُون لموْتِ أَحَدٍ ولا لحياتِه، ولكنَّ الله يُرْسِلها يُخَوَّف بها عِبَاده، فإِذا رأَيْتُم منها شيئاً فافْزَعُوا إِلى ذِكْره ودُعَائِه واستِغْفَارِه. أَخرجه اشيخان (3){144} (وقالت) أَسماءُ بنت أَبى بَكْر
(1) ص 343 ج 3 سنن البيهقى (من صلى فى الزلزلة بزيادة عدد الركوع والقيام كصلاة الخسوف) والقنوت: القيام. و (ست ركعات .. إلخ) أى صلى ركعتين، فى كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان.
(2)
ص 282 ج 2 مغنى (لا صلاة لشئ من الآيات إلا الزلزلة).
(3)
ص 380 ج 2 فتح البارى (الذكر فى الكسوف) وص 215 ج 6 نووى مسلم (ذكر النداء بصلاة الكسوف الصلاة جامعة).
رضى الله عنهما: لقد أَمَرَ النبىُّ صلى اله عليه وعلى آله وسلم بالْعِتَاقَه فى كُسُوفِ. أَخرجه أَحمد والبخارى وأَبو داود (1){145} .
وفى الكُسُوف تخويف من الله تعالى، فينبغى أَن يُبَادِرَ إِلى طاعَتِه ليَكْشِفه عن عِبَادِه. ومع هذا نَرَى الكَسُوفَ والخُسُوفَ يَقَعَانِ كُلَّ عام ولا نَرَى أَحَداً مِنَ العامَّة ولا مِنَ ذُكِر، ولا يَدْعُو غيره إِلى ذلك، إِحياءً لهذه السُّنة الدارسة وإِماتةً للبِدْعَه التى شَاعَتْ بين العامَّة. فهم يَأْمُرُونَ الأَوْلآدَ عند خُسُوفِ القمر بالطَّوافِ بالبلد ودَقّ الطُّبول وقَرْع النُّحاس بالصُّفِيح، ويصِيحُون بكلماتٍ تُشْعِر بالْجَهْل والْخِزْى والعار (2)، ويَزْعُمُون أَنَّ سبب كُسُوفِ الشمس جَرّ الملائكَة لها على عَجَل لإِغراقها فى البحر فيبتلعها الْحُوت. ولا مَنْشَأَ لهذا إِلَاّ الْجَهْل الفَضِح، وإِهمال تَعَلُّم أَحكام الدَّين، وعدم الاهتداءِ بهَدْى النبىِّ الأَمِين صلى الله عليه وسلم، وعَدَم قيام أَهْل العِلْم بالأَمْر والنَّهْى وإِرشادِ لعامَّة إِلى طرق السَّعادة.
(1) ص 224 ج 6 الفتح الربانى، وص 369 ج 2 فتح البارى (من أحب العتاقة فى الكسوف) وص 40 ج 7 المنهل العذب. و (العتاقة) بفتحتين، مصدر عتق العبد، من باب ضرب، عتقاً وعتاقة وعتاقاً.
(2)
من هذا قولهم: يا قمرنا يا هادى
…
يا لباس البغدادى
وقولهم: يا لطيف الطف بنا
…
واحنا عبيدك كلنا
وقولهم: يا بنات الحور
…
سيبوا قمرنا ينور
وقولهم: يا بنات الحور سيبوا القمر
…
القمر مكسوف ما معناش خبر
(وأما ما يحكى) أن فلكياً أنبأ أحد الأمراء بخسوف القمر فى سنة معينة، فلم يعتقد نبأه خسف القمر كان الأمير نائماً، فأراد الفلكى حيلة لإيقاظه ليشهد الحال بنفسه، فقال للناس: إن الحوت يبتلع القمر فاضربوا الطبول، وأحدثوا ضجة شديدة ليفر الحوت ويترك القمر، فلما فعلوا ذلك أستيقظ الأمير وشاهد القمر مخسوفاً فكافأ الفلكى (فخرافة) وعلى فرض أنها حقيقة فعلى من أحدثها وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.