المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الوسيلة السابعة عشرة: الجهاد العسكري - السباق إلى العقول - جـ ٢

[عبد الله قادري الأهدل]

فهرس الكتاب

- ‌واقع محزن لبعض سفراء المسلمين

- ‌أولا: ينبغي أن يكون الملحق الثقافي في سفارته، جامعا بين الشريعة الإسلامية والثقافة العامة

- ‌ثانيا: ينبغي أن تزود كل سفارات بلدان المسلمين، بمكتبة تضم أهم مصادر الإسلام ومراجعه

- ‌ثالثا: ينبغي أن تزود تلك السفارة بكتيبات صغيرة

- ‌رابعا: ينبغي أن يكون عند كل سفارة إسلامية إمكانات لكتابة نشرات صغيرة وطبعها وتوزيعها

- ‌خامسا: ينبغي أن تتولى السفارة الإسلامية إقامة محاضرات وندوات

- ‌سابعا: أن يغتنم المؤهلون من أعضاء السفارة الفرص والمناسبات والاحتفالات التي يدعون إليها

- ‌مسؤولية الموسرين في السباق إلى العقول

- ‌أولويات ينبغي لذوي اليسار معرفتها للعمل الإسلامي

- ‌الوسيلة السادسة عشرة: سباق المواقع

- ‌الوسيلة السابعة عشرة: الجهاد العسكري

- ‌غايات أهل الباطل في السباق إلى العقول

- ‌الغاية الأولى: التمتع المطلق بكل ما في الحياة الدنيا

- ‌الغاية الثانية: الصد عن سبيل الله

- ‌الغاية الثالثة: تكذيب الرسل والكفر بالوحي

- ‌الغاية الرابعة: الْحَوْل بين الناس وإقامة الحجة عليهم

- ‌الغاية الخامسة: إخراج الناس من النور إلى الظلمات

- ‌الغاية السادسة: إحلال الشرك محل التوحيد

- ‌الغاية السابعة: إنكار الإيمان بالغيب والصد عنه

- ‌الغاية الثامنة: نبذ الحكم بما أنزل الله ومحو رتبته

- ‌الغاية العاشرة: تثبيت الأخلاق الفاسدة في الأرض

- ‌الغاية الحادية عشرة: الإفساد في الأرض

- ‌تمهيد:

- ‌الوسيلة الأولى: تزيين الباطل وزخرفته

- ‌الوسيلة الثانية: الثناء على أهل الباطل وقادته

- ‌أولا: فئة الأغنياء المترفين

- ‌ثانيا: فئة علماء السوء

- ‌ثالثا: فئة الأدباء والشعراء والكتاب

- ‌رابعا: فئة الجيوش والشُّرَط

- ‌الوسيلة الرابعة: تخويف الناس من الحق وأهله

- ‌الوسيلة الخامسة: إغراء المؤيدين بالمناصب والأموال

- ‌الوسيلة السادسة: وضع قوانين وأنظمة تؤيد الباطل

- ‌الوسيلة السابعة: جعل التعليم منطلقا لتثبيت الباطل

- ‌المظهر الأول: إسناد الوظائف العليا إلى من يسند الباطل

- ‌المظهر الثاني: فتح أبواب هذه الوسائل لذوي الأفكار الفاسدة

- ‌المظهر الخامس: عدم ثبات الولاء والبراء

- ‌المظهر السادس: تقليد أجهزة الإعلام الأجنبية، في المصطلحات

- ‌المظهر السابع: محاصرة كل وسيلة إعلامية تحمل الحق

- ‌المظهر الثامن: قلب الحقائق التي تضلل بها الشعوب

- ‌المقوم الأول: وضع قوانين ونظم تمكنها من نصر الباطل

- ‌المقوم الثاني: محاربة الحكم بشرع الله

- ‌المقوم الثالث: تنصيب قضاة يعادون الإسلام والدعاة إليه

- ‌المقوم الرابع: حرمان الظلمة أهل الحق من المحاماة العادلة

- ‌المقوم الخامس: تضليل الرأي العام في الشعوب الإسلامية

- ‌المسلك الأول: إبعاد أهل الحق عن السبق به في المساجد

- ‌المسلك الثاني: اصطناع أئمة وخطباء موالين للباطل

- ‌الطريق الأولى: إعداد عملاء يلبسون لباس التقوى والصدق

- ‌الطريق الثانية: استغلال الحاجة للدعم المالي

- ‌نتائج البحث:

- ‌تمهيد وتلخيص

- ‌النتيجة الأولى: غايات السباق إلى العقول بالحق ربانية

- ‌النتيجة الثانية: منتهى غايات أهل الحق رضا الله

- ‌النتيجة الثالثة الحق الإلهي منحصر في الإسلام

- ‌النتيجة الرابعة: سبق الحق إلى العقول يحفظ ضرورات الحياة

- ‌النتيجة الخامسة: في سبق الحق إلى العقول تكثير أنصاره

- ‌المثال الأول: الإيمان

- ‌الأسس التي يتحقق بها الأمن في الدارين

- ‌المثال الثالث: الإجرام والمجرمون

- ‌المثال الرابع: معنى الدين

- ‌النتيجة السابعة: وفرة إمكانات سباق أهل الحق المعنوية

- ‌الامتداد المكاني

- ‌الكثرة العددية

- ‌الثروات الكثيرة المتنوعة

- ‌العلاقات العالمية

- ‌المواصلات والاتصالات

- ‌النتيجة التاسعة: تعاون أهل الحق يحقق لهم السبق إلى العقول

- ‌النتيجة الحادية عشرة: أثر التنازع في السباق إلى العقول

- ‌النتيجة الثانية عشرة: أثر العنف في سبق الحق إلى العقول

- ‌النتيجة الثالثة عشرة: دور القوة في السباق إلى العقول

- ‌الهدف الأول: فقه الغايات

- ‌الهدف الثاني: فقه الوسائل

- ‌الهدف الثالث: إقناع المتدرب بأداء واجبه في هذا السباق

- ‌النتيجة الخامسة عشرة: تقصير أهل الحق في السباق إلى العقول

الفصل: ‌الوسيلة السابعة عشرة: الجهاد العسكري

‌الوسيلة السابعة عشرة: الجهاد العسكري

.

كل الوسائل الماضية وغيرها تشملها كلمة الجهاد في سبيل الله لأن الجهاد قسمان: قسم معنوي، وقسم مادي، فالوسائل الماضية من قسم الجهاد المعنوي، والجهاد المادي هو الجهاد القتالي الشامل لإعداد الرجال والعتاد، ومقارعة طغاة الباطل الذين يصدون عن سبيل الله بالسيف والصاروخ. (1)

والجهاد العسكري ليس وسيلة للسباق إلى العقول بالحق بالإكراه، فلا إكراه في الدين، ولو أن أحدا أكره أحدا على أن يصرح بأنه مؤمن بدينٍ مَّا من الأديان، وقلبه غير مؤمن به في الواقع، لما كان للإكراه معنى إلا العدوان.

وإنما الجهاد وسيلة لتحطيم السدود وإزالة العقبات التي تقف في طريق إبلاغ الحق إلى عقول الناس.

فإذا ما تمكن أهل الحق من إبلاغ الحق إلى عقول الناس، وتمكن الناس من سماع الحق دون عقبات، فلا سبيل بعد ذلك إلى إكراه أحد ممن بلغه الحق على اعتقاده، بل إن شاء قبله وإن شاء رفضه وحسابه على الله.

(1) راجع كتاب الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته (1 / 273 - 537) للمؤلف.

ص: 23

لكن لما كان أعداء الحق من الطغاة يضيقون بالحق، ولا يأذنون لأهله بأن يبلغوه للناس، بل يحاربونه ويحاربونهم، ويمنعون الناس من سماع الحق، ليختاروا الإيمان به أو رفضه، وفي نفس الوقت يتخذون كل وسيلة للسباق بالباطل إلى عقول الناس. فإن الله تعالى شرع لأهل الحق أن يجاهدوا أولئك الطغاة بالحديد، ليتمكن أهل الحق من تبليغ الحق، ويتمكن الناس من سماعه.

وقد دل التاريخ والقرآن والواقع، أنه لا غنى لأهل الحق عن اتخاذ وسيلة الجهاد العسكري، لصيانة عقول الناس من الإكراه على اعتقاد الباطل، وليتمكن أهل الحق من إبلاغ الحق إلى عقول الناس دون إكراه على اعتقاده. (1)

(1) للجهاد أهداف أخرى فصلت في المرجع السابق (1 / 107 - 116) .

ص: 24

وما نشاهده في هذا العصر من محاربة الإسلام والدعاة إليه، بل من الاعتداء على المسلمين، لإجبارهم على التخلي عن دينهم والدخول في الأديان الوثنية والنصرانية، كما هو الحال في الهند والبوسنة والهرسك، وما يحصل في بعض البلدان الإسلامية، من حكوماتها العلمانية التي تُظهِر - ولا تخفي - حربَها لدعاة تطبيق الشريعة الإسلامية، كل ذلك يدل دلالة واضحة أن هذه الوسيلة هي أنجع الوسائل - بعد أن أخفقت وسائل كثيرة من الوسائل المعنوية في رد أعداء الإسلام إلى صوابهم - في إتاحة الفرصة للحق، ليصل إلى عقول الناس، ولصيانة تلك العقول من الباطل.

قيض الله للمسلمين من يقودهم بالجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، والله غالب على أمره.

وتحطيم الحواجز التي يضعها الطغاة في طريق أهل الحق، لإبلاغه إلى عقول الناس أمر مشروع، لأن إبلاغ الحق إلى تلك العقول مشروع ولا يمكن أن يصل إليها إلا بتحطيم تلك الحواجز، وتلك الحواجز هي الطغاة الذين يقفون ضد الحق بالقوة.

ص: 25

وهاهم أهل الباطل اليوم يتذرعون بما يدعونه من حقوق الإنسان، ليسقطوا دولا يزعمون أنها تقف ضد حقوق الإنسان في شعوبها، ووصل الأمر بهم أن يعتبروا من حقوق الإنسان عدم تطبيق الشريعة الإسلامية في أي بلد إسلامي، ولو كان غالب أهل البلد ينادون بتطبيق الشريعة في بلدهم، بل ولو أجريت انتخابات حزبية تعددية باسم الديمقراطية التي هم يزعمون تقديسها وعدها من حقوق الإنسان في الشعوب، وفاز دعاة تطبيق الشريعة الإسلامية فوزا ساحقا، فإن أعداء الإسلام ودعاة حقوق الإنسان ومقدسي الديمقراطية، يقفون بدون حياء بجانب فئة قليلة من عبيدهم وأذنابهم العلمانيين، لسحق الأغلبية المسلمة من الشعب، لئلا يستقر الحق ويعلو ويزهق الباطل ويزول.

وإذا كان هذا هو موقف أهل الباطل من أجل حمايته وحماية العقول من نفاذ الحق إليها، فإن أهل الحق أولى بتحطيم سدود أهل الباطل - لا لإكراه الطغاة المردة أنفسهم على اعتقاد الحق ولكن - لإيصال الحق الذي يحملونه إلى الناس، وليسمع الناس دعوتهم إلى الحق وبيانه، ثم يقرروا - دون إكراه - اعتقادهم الحق أو عدم اعتقاده.

ولنضرب مثالا يقرب هذا المعنى:

ص: 26

حارة شب فيها حريق، فجاءت نجدة الإطفاء لإطفاء الحريق، وجاءت نجدة الإسعاف الطبي لنقل المصابين إلى المستشفيات لمعالجتهم، فوجدت النجدتان رجالا مسلحين يحيطون بتلك الحارة التي أصابها الحريق، يمنعون نجدة الإطفاء من إطفاء الحريق، ويمنعون نجدة الإسعاف الطبي من إسعاف المصابين، ويمنعون أهل الحارة من الهرب منها لينجوا بأنفسهم من الموت.

ألا يجب في هذه الحالة على الدولة أن تبعث فرقا من الشرطة أو الجيش، لطرد المسلحين الظالمين الذي يحيطون بالحارة المحروقة، لإجبار أهلها على البقاء في لهب النار ليحترقوا، ومنع من يريد إسعافهم من الوصول إليهم لإنقاذهم؟!

لا بد أن يكون جواب كل عاقل بالإيجاب.

وهكذا يجب أن يزال طغاة الباطل من طريق الحق، ليصل إلى عقول الناس، ومن طريق الناس ليصل إليهم الحق.

ص: 27

فالباطل أشد خطرا من النار، والحق أكثر ضرورة من الإطفاء والإسعاف، والناس الذين يحجر عليهم الطغاة ولا يأذنون لهم بسماع الحق وفهمه، أعظم حاجة إلى إطلاق حريتهم من الذين شب الحريق في منازلهم، وأهل الحق أجدر بالوصول إلى الناس من فرق الإغاثة المادية لإغاثتهم بالحق، وطغاة الباطل الذين يمنعون وصول الحق إلى الناس أولى بالاستئصال من مانعي نجدة الإطفاء من الحرائق، ونجدة إسعاف المصابين. فغاية ما يسببه الحريق هو تلف الأموال والنفوس في الدنيا، والأموال تعوض والنفوس لها آجال لا بد منها، والنفس التي تموت وهي مؤمنة ستنال الثواب الجزيل والفوز الدائم برضا الله وجنة الخلد.

أما البقاء في ضلال الكفر وظلماته واتباع الباطل والبقاء في ظلماته، فإن نهايته الشقاء والنكد في الدنيا، والوقوع في سخط الله والعذاب الدائم في نار جهنم والعياذ بالله.

ص: 28