الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المثال الثالث: الإجرام والمجرمون
.
إن المراد بالإجرام في المصطلح الإسلامي هو كسب الإنسان السوء والمعصية والمنكر والاعتداء على حقوق الله وحقوق عباده، يشمل ذلك الكسب الاعتقادي كالشرك، والعملي كالسرقة والزنا وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق والظلم بكل أنواعه، ومنه أكل أموال الناس بالباطل.
والمراد بالسوء والمعصية والمنكر والحقوق المعتدى عليها هنا، ما اعْتُبِرَ عند الله في دينه كذلك، لا ما اعتبره البشر كذلك وهو عند الله غير معتبر، والإنسان الذي يكسب هذه الأمور المعتبرة عند الله جريمة، هو المجرم ولا يستوي عند الله الإجرام والإسلام، والإفساد والإصلاح، ولا المسلم والمجرم، ولا المفسد والمصلح.
وإذا تأمل الباحث إطلاق لفظ: المجرمين في كتاب الله تعالى ألفاه - غالبا - يقابل المسلمين، وهو يشمل الكافر والمنافق.
من ذلك قول الله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (1) .
وقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ} (2) .
(1) الأنفال: 8.
(2)
يونس: 17.
وقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا} {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} (1) .
وقوله تعالى: {تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} (2) .
وقوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ} {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} (3) .
وقوله تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} (4) .
هذا هو المصطلح الإسلامي للمجرم، ولكن أعداء الحق وأنصار الباطل كثيرا ما يطلقون هذا المصطلح اليوم على علماء الإسلام ودعاته، الذين ينادون بتحكيم شرع الله في الشعوب الإسلامية.
(1) الكهف: 52، 53.
(2)
الشعراء: 97، 99.
(3)
الرحمن: 41، 43.
(4)
القلم: 35.
ولما كان الحكام الذين يحاربون شرع الله يعلمون أن لأولئك العلماء والدعاة، تأثيرا على نفوس تلك الشعوب، وأن نتيجة هذا التأثير هي الاستجابة لدعوة العلماء ونصرة الحق الذين يدعون إليه، فقد اعتبروا دعاة الإسلام وحداة الحق مجرمين، لأنهم يريدون - في زعمهم - قلب أنظمة الحكم الطاغوتية.
لذا سلطوا عليهم أجهزة إعلامهم لتكرر وصفهم بالإجرام، وأنشئوا لهم محاكم عسكرية أو مدنية طاغوتية تعتبرهم - قبل إعلان الحكم عليهم - مجرمين، إجراما يرقى إلى درجة الخيانة العظمى التي يستحق صاحبها القتل، وإذا فر العالم الداعية إلى الحق وإقامة شرع الله، إلى بلد يحكمه طاغوت آخر تعاون طاغوتا البلدين بناء على اتفاقات تسمى تبادل تسليم المجرمين، مع أن المجرم الحقيقي هو أولئك الطغاة الذين يحاربون تطبيق شرع الله ويسومون أولياء الله سوء العذاب باعتبارهم مجرمين.
ولذلك يجب على كل قادر على بيان الحق أن يكون سباقا بذلك البيان إلى عقول الناس، ليكونوا على بصيرة بحقيقة الإجرام والمجرمين، فلا تخدع عقولهم دعايات الضلال والمضللين، فيسوء بذلك تصورهم ويؤيدون بسببه أهل الباطل المجرمين على أهل الحق المسلمين.