الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الغاية الثامنة: نبذ الحكم بما أنزل الله ومحو رتبته
.
والمقصد من نبذ الحكم بما أنزل الله ومحاربة شرعه، أن تَحْكُمَ الناسَ أهواءُ أهل الباطل ورغباتُهم التي يصوغونها في صورة قوانين وأعراف وأنظمة تصادم شريعة الله، لأن نبذ الحكم بشرع الله وتحكيم ما يلبي رغباتهم وأهواءهم، يسهل عليهم استعباد الناس بتشريعهم، فيتصرفون في أنفسهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم، كما يشاءون بعيدا عن شريعة الله التي تحفظ للناس كل ذلك، إضافة إلى التلاعب بالدين وإضاعته.
قال تعالى عن قوم شعيب - وهو يأمرهم بأمر الله وينهاهم بنهيه -: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ} (1) .
وقال تعالى عن قوم لوط - وقد نهاهم عن ارتكاب الفاحشة التي لم يسبقهم إليها من أحد من العالمين، مع نهيهم عن الشرك بالله -:{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (2) .
(1) هود: 87.
(2)
النمل: 56.
وقال تعالى عن مشركي العرب - وكانوا يشرعون لأنفسهم من دون الله، فيحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله -:{وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ} {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ
وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} {وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} {ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا
عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (1) .
وقال تعالى عن المنافقين - وهم الذين يمثلهم العلمانيون اليوم ممن يحاربون الحكم بشرع الله، ويحاربون الدعاة إلى تحكيمه (2) :{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} {فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا} (3)
(1) الآيات من سورة الأنعام.
(2)
لأن أكثرهم الآن يحكمون الشعوب الإسلامية بخلاف المنافقين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
(3)
الآيات من سورة النساء.
الغاية التاسعة: محاربة الولاء لله ولرسوله والمؤمنين.
ويسابق أهل الباطل إلى عقول الناس بمحاربة الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، وتثبيته للشيطان وأتباعه، وللأهواء التي يتبعونها، لعلمهم بأن الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ولاء للحق، والولاء للحق يسلبهم ولاء الناس للباطل الذي لا يملكون سواه، ولا حياة لهم بدون أنصار يؤمنون بباطلهم ويؤيدونهم عليه.
ولهذا ترى أهل الباطل يحاربون من يوالي الله ورسوله والمؤمنين، ولا يُظْهِرُ ولاءه لهم ولباطلهم، حربا شعواء، كما يحاربون كل دعوة إلى هذا الولاء، خوفا من أن يكثر أنصار الحق وأولياؤه، ويقل أنصار الباطل وأولياؤه، فيخسرون بذلك الجاه والمال والمنصب، وينتهي تسلطهم على رقاب الناس وطغيانهم، ويقربون من يواليهم على باطلهم ويرفعون منزلته بالجاه والمال والمنصب، مع العلم أن الذي يكون ولاؤه لغير الحق لا يثبت ولاؤه ولا يدوم؛ لأنه إنما يوالي من رأى أن في موالاته مصلحة مادية، فإذا ظن أن تلك المصلحة ستنقطع، أو أنه سينال مصلحة أعظم منها من صاحب باطل آخر، نقل ولاءه لهذا وأصبح عدوا لمن سبق أن كان مواليا له.!