الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النتيجة الثالثة عشرة: دور القوة في السباق إلى العقول
.
إن من أهم وسائل السباق بالحق إلى العقول القوة العسكرية الجهادية التي تقتضي توفير الجيش المسلم - الجيش بمختلف فئاته - الكافي الذي يستطيع أن يحمي بلاد المسلمين، ودينهم، ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، في داخل بلادهم، من الاعتداء عليها ممن انحرفوا من أبناء المسلمين، كالشيوعيين وكل فئات العلمانيين الذين يتربصون بالإسلام والمسلمين شرا، ويتخذون كل الوسائل السلمية لتضليل عقول أبنائهم والسبق إليها بما عندهم من الباطل، فإذا لم ينجحوا في تحقيق أهدافهم بتلك الوسائل السلمية، تآمروا فيما بينهم ليجهزوا على الحق بالقوة العسكرية التي منها الانقلابات، ومنها إنزال الجيش لضرب دعاة الحق إذا نجحت دعوتهم ورأوا بدو ثمارها، وفي هذه الحالة لا بد للمسلمين من قوة رادعة تقف أمام قوة أعداء الحق، فلا يفل الحديد إلا الحديد.
ولا بد من إعداد جيش إسلامي قوي كذلك يحمي بلدان المسلمين وضرورات حياتهم، من اعتداء أعداء الحق وقادة الباطل من غير المسلمين الذين يتربصون الدوائر بالإسلام والمسلمين من خارج بلدانهم، حيث يتعاونون هم وأعداء الإسلام من المنتسبين إلى الإسلام في بلاده، لضرب قادة الحق ودعاته بالقوة، فإذا لم يكن لقادة الحق ودعاته قوة أعظم من قوة العدو أو مساوية لها، فإن أعداء الحق سوف يسحقونه ويسحقون قادته ودعاته، وهذا ما نشاهده اليوم في كل بلدان المسلمين، وبخاصة فلسطين التي استولى عليها اليهود واستولوا على أجزاء أخرى من بلدان المسلمين، ولا زالوا يطمحون إلى المزيد من بلداننا.
ولما كان هدف اليهود من إعداد جيشهم هو ضرب الحق ودعاته في داخل فلسطين وخارجها، فقد أعدوا جيشا هجوميا أخافوا به قادة البلدان الإسلامية، وجعلوهم يستسلمون لهم واحدا بعد الآخر.
ولما كان هدف غالب حكام الشعوب الإسلامية من إعداد جيوشهم هو حماية كراسيهم، فقد اقتصروا على إعداد جيوشهم لهذه المهمة، ولذلك ترى أعداد المسلمين في البلدان العربية (1) وحدها تزيد عن مائتي مليون، وعدد اليهود قد لا يصل إلى أربعة ملايين، ومع ذلك ترتعد فرائص كثير من الحكام العرب من الجيش اليهودي الذي أرهبه وزلزل أقدامه أطفال الحجارة الذين صدقوا الله ما عاهدوا عليه!
وتقتضي القوة الجهادية توفير السلاح وما يخدمه، بحيث يكون عند دعاة الحق من السلاح ما يماثل سلاح قادة الباطل أو يزيد في الكم والنوع. ويجب ان تكون عندهم وسائل تغنيهم عن الحاجة إلى عدوهم في كل شيء من أنواع السلاح وتوابعه، وهذا يستلزم إقامة مصانع للسلاح بتعاون بين قادة الحق من المسلمين، كل يؤدي ما يملكه لإقامة تلك المصانع من مال وخبراء وغير ذلك.
ومما لا شك فيه أن صاحب القوة أقدر على سبق من لا قوة عنده إلى العقول، من حيث إنه يمنع الضعيف من الوصول بمبدئه إلى عقول الناس بالقوة، وهو قادر على الوصول بمبدئه إلى العقول بالقوة، كما أنه قادر على حماية عقول الناس من وصول مبدأ غيره إليها.
ليس الهدف من إعداد القوة الإكراه على الدخول في الإسلام.
(1) أما عدد المسلمين في العالم فقد تجاوز المليار!.
وليس المراد من هذه النتيجة أن يستعمل أهل الحق القوة لإكراه الناس على قبول الحق الذي عندهم واعتقاده بدون اختيار منهم، وإنما المراد اتخاذ قادة الحق وأتباعهم هذه القوة لإزالة السدود التي تعترض وصول الحق إلى عقول الناس، فإذا وصل الحق بحججه وبراهينه إلى تلك العقول، فأهلها بالخيار بين أن يستجيبوا لذلك الحق فيقبلوه، أو يرفضوه ويتحملوا نتائج رفضهم التي منها عذاب الله الأليم لهم، لرفضهم الحق بعد أن قامت عليهم الحجة به.
وكذلك يتخذ أهل الحق القوة لوقاية عقول الناس من إكراه أهل الباطل لأهلها، بقبول باطلهم بدون اقتناع منهم بذلك (1) .
(1) يراجع في هذه النتيجة كتاب: (الجهاد في سبيل الله حقيقته وغايته) .