الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطريق الثانية: استغلال الحاجة للدعم المالي
.
مع سوء تقدير بعض قادة تلك الجماعات لعواقب ذلك الاستغلال، أو مع ضعف إيمان بعض قادة تلك الجماعات، أو جهلهم بحقائق الشريعة الإسلامية ومقاصدها، والمصالح والمفاسد المترتبة على تصرفاتهم المبنية على ذلك الاستغلال، فإذا ما وجد أهل الباطل أنفسهم في حاجة إلى نصر باطلهم والسبق به إلى عقول بعض الناس أوعزوا لتلك الجماعة أو الجماعات بتأييد ذلك الباطل ولبس الحق به والتماس أدلة تسنده، إما بتأويل فاسد، أو رأي شاذ، أو غير ذلك، فتفعل ما طلب منها فتلبس الحق بالباطل على كثير من الناس.
الطريق الثالثة: استغلال عواطف بعض العلماء في المناسبات.
وذلك بتحريضهم للوقوف ضد خصم معين في ظرف خاص لغرض محدد، وقد يكون ذلك الخصم من ذوي الإلحاد أو ممن يحارب حكم الله ويعادي دعاة الإسلام ويعذب علماءه، وهذه الأمور تقتضي كفره، ولكن أهل الباطل من أمثاله يوالونه ويتعاونون معه على الحق وعلى الباطل، فإذا ما جرى بينهم وبينه نزاع وخصام يقتضيان حشد أهل الباطل أعوانا لهم عليه من رعاياهم أو غيرهم للوقوف ضده في حق أو باطل، استغلوا عواطف العلماء الذين يبغضون ذلك الخصم لجرمه وهيجوهم عليه، لإصدار الفتاوى والبيانات التي تدينه وتحكم عليه بما هو أهل له، من فسق أو ظلم أو كفر كان متصفا بها قبل هذه الفتاوى والبيانات، فيترتب على ذلك أثران خطيران في عقول عامة الناس:
الخطر الأول: أن يفهم كثير من الناس أن أهل الباطل الذين استغلوا العلماء ضد ذلك الخصم هم على الحق، وخصمهم على الباطل في ذلك الظرف الخاص وفي القضية التي كانت سببا للنزاع بينهم وبين ذلك الخصم، وقد يكون الواقع بخلاف ذلك، فقد يكون الخصم على الحق، ومستغلي العلماء على الباطل في تلك القضية، فيكون في فتاوى العلماء وبياناتهم في هذا الظرف تضليلا للعقول وتأييدا لظلم صاحب باطل على مثله.
الخطر الثاني: أن أهل الباطل الذين استغلوا بعض العلماء ضد ذلك الخصم، إذا زال سبب خلافهم مع خصمهم، عادوا إلى موالاته والتعاون معه - على الحق وعلى الباطل - وقد ينصرونه على خصم له بالحق وبالباطل، وقد يحاولون استغلال أولئك العلماء - أو غيرهم - للوقوف معهم في ذلك، وقد يستجيب لهم بعض العلماء لأسباب مشابهة للأسباب السابقة التي جعلتهم يقفون ضد ذلك الخصم أولا، فيُحدِث ذلك بلبلة في عقول الناس واضطرابا، فيقفون موقف الريبة من العلماء، وقد لا يقبلون فتاواهم ولو كانت حقا، وفي ذلك حجر على عقول الناس من أن يصل إليها الحق، وسبق بالباطل إليها (1) . وهذه الوسيلة من أخطر الوسائل التي يتخذها أهل الباطل للسبق بباطلهم إلى العقول، أو الحجر عليها من أن يصل إليها الحق. لذلك يجب أن يكون العلماء والجماعات الإسلامية على حذر شديد، من أن يكونوا أداة لأهل الباطل الذين يجيدون المكر والحيل والاستدراج والاستغلال.
(1) ومما يضلل عقول الناس أن أهل الباطل لا يأذنون للعلماء الذين استغلوهم ضد ذلك الخصم في ظرف معين أن يبينوا للناس مفاسد ذلك الخصم وظلمه عندما ينتهي ظرف الخلاف بين أهل الباطل وخصمهم، بل قد يعاقبون من يذكره بسوء ولو كان حقا!