الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوسيلة السادسة عشرة: سباق المواقع
.
أي أن يقوم كل شخص من المسلمين القادرين على السباق بالحق إلى العقول من موقعه الذي هو فيه بهذا السباق.
وليس لقادر عذر في ترك القيام بهذه الوسيلة، لأنه لا يكلف الانتقال بالسباق إلى موقع آخر، حتى يعتذر بالوقت أو بالمال أو غير ذلك، فالمطلوب منه أن يتخذ الوسائل الممكنة للسباق بالحق إلى العقول في محيطه الذي هو فيه.
فرب الأسرة أو أي عضو من أعضائها، عليه أن يحصن عقول أفراد أسرته من الباطل، ويوصل إليها الحق في محيط أسرته وأقاربه، والجار عليه أن يفعل ذلك مع جيرانه - من أمكن منهم - والمدرس مع زملائه المدرسين وطلابه، والطالب مع زملائه، ويمكن أن يفعل ذلك مع أساتذته بالحكمة والأدب والأسلوب المناسب.
والمدير يفعل ذلك مع موظفيه الصغار والكبار.
والموظف يفعل ذلك مع زملائه وخدمه.
والطبيب يفعل ذلك مع مرضاه ومراجعيه وزملائه، والمهندس يفعل ذلك مع زملائه وعماله، ورئيس المصنع يفعل ذلك مع موظفيه وعماله، وهكذا كل موظف مع زملائه ومن هم تحت إدارته.
والوزير في وزارته من أعلاها إلى أسفلها، ورئيس الدولة مع من هم تحت يده، والقادرون على فعل ذلك مع رئيس الدولة يفعلون ذلك معه.
وفرق الرياضة فيما بينهم ومع الفرق الأخرى المشاركة لهم في رياضتهم، ومسؤولو النوادي مع من هم تحت يدهم، وكل عضو يفعل ذلك مع العضو الآخر. وهكذا الخبراء في مجال خبراتهم.
فخبراء المناهج يراعون في وضع المناهج هدف السباق إلى العقول بالحق وصيانتها من الباطل.
ومؤلفو الكتب الدراسية يضعون ذلك الهدف في تأليف كتبهم.
وهكذا لا يبقى أحد قادر على السباق إلى العقول بالحق إلا أمكنه القيام بذلك في موقعه.
وقد تتعدد المواقع للشخص الواحد، كأن يكون رب أسرة وإمام مسجد، أو مدير مدرسة، أو رئيس شركة، أو قائد كتيبة، أو ضابط عادي أو جندي أو غير ذلك.
وقد يكون موقع الشخص واسعا، كرئيس الدولة المسؤول عن رعيته كلها، فهو قادر بما مكنه الله من المسؤولية الأولى، أن يأمر وأن يعين المأمور بما يحتاج إليه، وأن يعين من يتابع الأمر حتى ينفذ، وأن يكوِّن اللجان التي تبلغه بما يوجد من باطل قد غرس في العقول أو يراد غرسه، فيتخذ التدابير اللازمة في أي مرفق لصيانة العقول وتصفيتها مما علق بها، وبالحق المفقود الذي يجب أن يصل إلى العقول فيتخذ التدابير اللازمة لإبلاغ ذلك الحق إلى العقول.
وهو كذلك مسؤول عن إبلاغ الحق إلى من أمكنه إبلاغه إليه من غير رعيته، للعلاقات الواسعة مع البلدان الأخرى، وبما عنده من إمكانات الاتصال برؤساء الدول الأخرى اتصالا شخصيا، أو عن طريق أي وسيلة من وسائل الاتصال، وبما عنده من وسائل الإعلام التي يمكن أن تصل إلى شعوب كثيرة مجاورة وغير مجاورة، عن طريق الإذاعة والتلفاز والأقمار الصناعية وغيرها.
إن وسيلة المواقع وسيلة واسعة إذا نظرنا إليها هذه النظرة الشاملة، بحيث يقوم كل فرد وكل شركة أو مؤسسة، بالسباق بالحق إلى العقول من مواقعهم، فما من صاحب حق قادر على السباق به إلى العقول إلا كان في موقع أو مواقع (1) .
وليعلم صاحب كل موقع قادر على صيانة عقول من هم في موقعه من الباطل أو إبلاغ الحق إليها، ثم لم يفعل ولم يقم بذلك غيره قياما كافيا، أنه آثم سيسأله الله عن ذلك يوم لقائه.
وهذه الوسيلة جديرة بأن تسمى دعوة المواقع أو سباق المواقع.
وبهذا ينتهي الكلام على القسم الأول من وسائل السباق إلى العقول بالحق وهو الوسائل السلمية (2) .
(1) فالشخص أو الجماعة قد ترى موقعها ضيق المساحة، لكن المساحة هي الأرض كلها بالنسبة لكل المواقع في سفر أو حضر.
(2)
انظر ص 196من النسخة المخطوطة باليد.؟