الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بطلقة أو طلقتين، وإن تزوجت الأمة بغير إذن سيدها لم يجز وإن أجازه السيد؛ لأنها لا تعقد نكاح نفسها اهـ وأما الرجعة أي ارتجاع زوجة العبد وليس أيضاً بيد السيد بل بيد العبد كالطلاق كما تقدم والله أعلم اهـ.
ولما أنهى الكلام على بعض المسائل المهمات التي ابتدأ بها المصنف انتقل يتكلم على المحرمات من النساء اللاتي يحرم على الإنسان تزوجهن فقال رحمه الله تعالى:
فَصْلٌ
في المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن
أي في بيان المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن. قال في الرسالة: وحرم الله سبحانه من النساء سبعاً بالقرابة وسبعاً بالرضاع والصهر، فقال عز وجل:{حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت} [النساء: 23] فهؤلاء من القرابة، واللواتي من الرضاع والصهر قوله تعالى:{وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسآئكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف} [النساء: 23] وقال تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح ءابائكم من النساء} [النساء: 22] وحرم النبي صلى الله عليه وسلم بالرضاع ما حرم من النسب اهـ. وعلى تفسير ذلك عقد المصنف هذا الفصل، وبدأ بما بدأ الله به فقال رحمه الله تعالى:" تحرم الأم وإن علت، والبنت وإن نزلت، ولو من الزنا عند ابن القاسم، وأجازه ابن الماجشون " يعني أن الله سبحانه حرم أصول الشخص وفروعه، فأما أصوله فهن أمهاته، فتحرم عليه أمه التي ولدته وجدته من كل جهة وإن علت، وأما فروعه فهن بناته، وبنات بناته وإن نزلن، ولو كانت البنت من زناً فهي حرام
عليه عند ابن
القاسم. وقال ابن الماجشون يجوز نكاحها. قال خليل: وحرم أصوله وفصوله ولو خلقت من مائه. قال الخرشي: يعني الرجل إذا زنى بامرأة فحملت منه بابنة فإنها تحرم عليه، كما يحرم عليه من بناته من ثبت نسبها منه لأن الجميع خلقن من مائه فهي بنت أو كالبنت على المشهور فتحرم عليه وعلى أصوله وفروعه، لا ربيبة، ومثل البنت الابن المخلوق من مائه فيحرم على صاحب الماء تزوج بنته اهـ قال الصاوي على الدردير: ورد بالمبالغة على ابن الماجشون حيث قال لا تحرم البنت التي خلقت من الماء المجرد عن الغقد وما يشبهه من الشبهة على صاحب الماء لأنها لو كانت بنتاً لورثته وورثها وجاز له الخلوة بها وإجبارها على النكاح، وذلك منتف عندنا. ومثل من خلقت من ماء الزنا من شربت من لبن امرأة زنى بها إنسان فتحرم تلك البنت على ذلك الزاني الذي شربت من مائه، وهذا ما رجع إليه مالك وهو الأصح اهـ قال القرطبي في تفسير سورة الفرقان: اختلف الفقهاء في نكاح الرجل ابنته أو أخته أو ابنة ابنه من الزنا، فحرم ذلك قوم منهم ابن القاسم وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، وأجاز ذلك آخرون منهم عبد الملك بن الماجشون، وهو قول الشافعي اهـ أنظر الحطاب.
قال رحمه الله تعالى: " والأخت وبنات الأخ وبنات الأخت وإن بعدن " يعني يحرم على الشخص فروع أبويه وهن أخواته فتحرم عليه أخته من كل حهة سواء كانت شقيقة أو لأب أو لأم، كما يحرم عليه بناتها وبنات أبنائها وبنات أخيه وإن نزلن، كلهن يحرمن عليه أبداً.
قال رحمه الله تعالى: " والعمات والخالات من جميع الجهات " يعني يحرم على الشخص فروع أجداده وجداته وهن عماته وخالاته سواء كن شقيقات لأبيه أو شقيقات لأمه أو ما فوق ذلك من عمات الآباء وخالاتهم، أو من عمات الأمهات وخالاتهن. وتلخيص ذلك أن كل من ولده جدك أو جدتك وإن علوا سواء من قبل الآباء
أو من قبل الأمهات فهي عليك حرام، ولا يدخل في ذلك شيء من بناتهن أولئك حلال نكاحهن. قال في الفقه: وإلى هنا ينتهي التحريم فلا تحرم عليه بنات عماته ولا بنات خالاته ولا بنات عمه فلا يحرم من فروع الأجداد والجدات إلا البطن الأولى اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " وأم الزوجة بالعقد، وبناتها بالدخول بها، وتختص الحرمة بعينها أو كونها في حجره " يعني تحرم على الشخص أو زوجته بالعقد على
بنتها، ولا يحرم عليه بناتها حتى يدخل بالأم لأن العقد على البنات يحرم الأمهات، والدخول بالأمهات يحرم البنات، قال في الفقه: وإذا عقد الشخص على امرأة حركت عليه أمها وإن علت، سواء دخل بها أو لم يدخل. أما بنتها فإنها لا تحرم إلا بالدخول كما عرفت اهـ. قال في المقدمات: ويدخل في قوله وأمهات نسائكم أمهات الأمهات ومن فوقهن من الجدات وليس يدخل فيه بنات الأمهات ولا أخواتهن ولا عماتهن ولا خالاتهن، أولئك حل نكاحهن بعد موتهن أو فراقهن لأنهن ذوات محارم فإنما يحرم الجمع بينهن اهـ.
هذا معنى قول المصنف وتختص الحرمة بعينها، أي تحرم على زوج بنتها هي وأمهاتها فتنبه. وأما قوله أو كونها في حجره لا يشترط كونها في حجره بل لا فرق بين أن تكون في حجره أو لم تكن فيه لأن الآية خرجت مخرج الغالب، فإن الغالب عدم استغناء الربيبة عن أمها فهي في حجر زوجها.
قال رحمه الله تعالى: " وحلائل الآباء وإن علوا والأبناء وإن نزلوا " هذا تفسير قوله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح أبآؤكم " والمراد بالنكاح هنا العقد، فمتى عقد أحد من أصول الشخص على امرأة فلا يحل تزوجها لأبنائه وأبناء أبنائه وأبناء بناته، كما تحرم زوجة الابن على أبيه وأجداده وإن علوا بشرط أن يكون الابن ابن الصلب لقوله تعالى: " {الذين من أصلابكم} وخرج به الذي تبناه الأب فلا تحرم عليه زوجته إذا مات
أو طلق، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه تزوج زينب بنت جحش زوجة زيد بن حارثة الذي كان تبناه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال العلامة حسين بن إبراهيم في قرة العين: مسألة إذا عقد الأب نكاح امرأة ولو مختلفاً فيه كمحرم بأحد النسكين وسغار وتزويج المرأة نفسها حرمت على أولاده، وكذا عقد الابن ولو صغيرا يحرم على الأب، وأما عقد الشراء فلا يحرم فإذا اشترى الأب جارية فلا تحرم على ابنه بنفس عقد الشراء لأن التحريم في الملك إنما يكون بالتلذذ، وكذا يقال في الابن إذا اشترى أمة لا تحرم على الأب بعقد الشراء وإنما تحرم بالتلذذ إن كان الابن بالغاً، وأما إن كان غير بالغ فإنه لا يحرم على أبيه الأمة ولو مراهقاً لأن تلذذه ووطأه كلا وطء اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والنكاح المختلف فيه كالصحيح " يعني أن النكاح المختلف فيه حكمه كالصحيح، وذلك كنكاح المحرم بأحد النسكين فيفسخ بطلاق وتعتد المرأة كعدة الصحيح، وينشر الحرمة على أصوله وفروعه، وتستحق به الصداق إن دخل، ويلحق به الولد، ويدراً الحد على الزوجين، لكن لا تحل به لمن طلقها ثلاثاً. قال في الرسالة: وما فسد من النكاح لصداقه فسخ قبل البناء فإن
دخل بها مضى وكان فيه صداق المثل، وما فسد من النكاح لعقده وفسخ بعد البناء ففيه المسمى، وتقع به الحرمة كما تقع بالنكاح الصحيح، ولكن لا تحل به المطلقة ثلاثاً ولا يحصن به الزوجان اهـ. قال ابن جزي: فكل نكاح أجمع على تحريمه فسخ بغير طلاق، وما اختلف فيه فسخ بطلاق، وقيل كل نكاح يجوز للولي أو لأحد الزوجين إمضاؤه أو فسخه فسخ بطلاق، وكل ما يغلبون على فسخه ويفسخ قبل البناء وبعده فسخ طلاق، وفائدة الفرق أن الفسخ بطلاق يوقعه الزوج ويحسب في عدد التطليقات، والفسخ بغير طلاق يوقعه الحاكم ولا يحسب في عدد الطلقات، وتعتد من الفسخ كما تعتد من الطلاق. ثم قال النكاح الفاسد الذي يفسخ بغير طلاق لا يكون فيه بين الزوجين توارث، والفاسد الذي يفسخ بطلاق
يتوارثان فيه إن مات أحدهما قبل الفسخ. وكل نكاح يدرأ فيه الحد فالولد لاحق بالوطئ فلا يجوز للزوج أن يتزوجها في عدتها منه، وكل نكاح فسخ اختياراً من أحد الزوجين حيث لهما الخيار جاز أن يتزوجها في عدتها منه اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها أو خالتها بملك أو نكاح " يعني يحرم على الشخص الجمع بين الأختين. قال النفراوي: ولو من الرضاع وكذا يحرم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها، لما في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام قال:" لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها " رواه مالك في الموطأ. وإليه أشار صاحب الرسالة بقوله: ونهى أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها. قال النفراوي: أو على بنت أخيها أو بنت أختها. وأشار إلى ذلك العلامة خليل بالعطف على المحرمات بقوله: وجمع خمس أو اثنتين لو قدرت أي ذكراً حرم، أي نكاح الأخرى، وهذا الضابط مقيد بما إذا كان امتناع الجمع بالقرابة والرضاع أو المصاهرة فلا يرد الجمع بين المرأة وأمتها، والجمع بين المرأة وبنت زوجها، والجمع بين المرأة وأم زوجها فإنه يجوز، لأن الحرمة من جانب واحد، بخلاف نحو المرأة وعمتها لو قدرت كل ذكراً حرم عليه نكاح الأخرى لأن الشخص يحرم عليه نكاح عمته، وكذلك المرأة وبنت أخيها لو قدرت المرأة ذكراً لحرم عليه بنت أخيه، ولو قدرت بنت الأخ ذكراً لحرم عليه نكاح عمته. وضابط خليل ربما يشمل العمتين والخالتين والعمة والخالة. ومثال العمتين يوجد في بنتي رجلين تزوج كل منهما أم الآخر، والخالتين يتصور في بنتي رجلين تزوج أحدهما أم الآخر والآخر بنت الآخر أنظر
التتائي. ومثله للأمير في المجموع نقلاً عن البرزلي كما ذكره الشيخ حسين بن إبراهيم في قرة العين.
قال رحمه الله تعالى: " والزيادة على أربع زوجات فإن طلق واحدة رجعياً لم
يحل له غيرها حتى تنقضي عدتها بخلاف البائن " يعني يحرم على الشخص المتزوج بأربع زوجات تزوج الخامسة. قال خليل عاطفاً على المحرمات: وجمع خمس. قال ابن عرفة تزويج الخامسة حرام إجماعاً لا ما دونها اهـ المواق. فإذا تزوج الخامسة فالحكم فيه الفسخ بغير طلاق لأنه مجمع على فساده. وأما إذا طلق ذو أربع زوجات واحدة طلاقاً رجعياً فلا يحل له تزوج الأخرى حتى تنقضي الأولى من عدة الطلاق الرجعي، أما لو كان طلاقها بائناً لجاز له التزوج بأخرى بدون تربص شيء. قال العلامة الصاوي في حاشية الدردير: وهل منع الرجل من نكاح كأخت في عدة تلك المطلقة الطلاق الرجعي يسمى عدة أولاً قولان، وعلى الأول فهي إحدى المسائل التي يعتد فيها الرجل، إلى أن قال: ثانيها من تحته أربع زوجات فطلق واحدة وأراد أن يتزوج واحدة فلا بد من تربصه حتى تخرج الأولى من العدة إن كان طلاقها رجعياً اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ومعتدة الغير والتصريح بخطبتها " يعني يحرم على الشخص عقد على معتدة الغير، بل لا يجوز للخاطب أن يصرح بالخطبة في العدة، سواء كانت المخطوبة مسلمة أو كتابية، حرة أو أمة. وكما يحرم التصريح للمعتدة كذلك يحرم التصريح للمستبرأة. وحاصل ما في الدسوقي أن المستبرأة من زناً منه أو من غيره أو من غصب أو من ملك أو شبهة ملك أو شبهة نكاح حكمها حكم المعتدة من طلاق أو وفاة في تحريم التصريح لها أو لوليها بالخطبة في زمن الاستبراء اهـ قال خليل عاطفاً على التحريم: وصريح خطبة معتدة. قال الدردير: ويحرم التصريح بالخطبة في العدة اهـ أي سواء كانت عدة موت أو عدة طلاق ولو كان رجعياً إن كان الطلاق من غيره وإلا جاز له مراجعتها، وله عقد عليها برضاها إن كان طلاقه بائناً دون الثلاث كالخلع كما سيأتي. والحكم فيمن خطب وعقد في العدة الفسخ بغير طلاق لأنه مجمع على فساده، وله تزوجها بعد تمام ما هي فيه من عدة أو استبراء إذا لم يحصل منه وطء ولا تلذذ بها قبل الفسخ وإلا تأبد التحريم عليه
وعلى أصوله وفروعه إن لم يعلم بذلك وهذا إذا لم يكن استبراء من زناً منه، وأما إذا كان الاستبراء من زنا منه أو غصب، أو كانت ذات زوج أو مطلقة طلاقاً رجعياً فلا بد يتأبد التحريم اهـ.
ثم ذكر التعريض فقال رحمه الله تعالى: " لا التعريض كإني فيك لراغب
وعليك لحريص ونحوه " يعني أنه لا يحرم التعريض بالخطبة بل هو جائز. قال الله تعالى: {ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم} {البقرة: 235} الآية. وقال تعالى: {إلا أن تقولوا قولاً معروفاً} {البقرة: 235} ومعنى ذلك كما في الموطأ أن يقول الرجل للمرأة وهي في عدتها من وفاة زوجها: إنك علي لكريمة، وإني فيك لراغب، وإن الله لسائق إليك خيراً ورزقاً ونحو هذا من القول. قال الباجي وما ذكر من قول الرجل للمرأة: إني فيك لراغب، وإني عليك لحريص تعريض بالنكاح، وهو الذي أباحه الباري تعالى بقوله:{ولا جناح} الآية اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " فإن دخل جاهلاً بحرمتها حرمت أبداً. وهل العالم مثله قولان " الضمير في قوله بحرمتها راجع إلى المعتدة، والمعنى فإن خطب وعقد على المعتدة ودخل بها جاهلاً بحرمة العقد في العدة حرمت عليه أبداً، وهل العالم بالحرمة كذلك، أو يحد؟ ففيه قولان. قال في الإكليل: فإن كان عالماً حد في ذات المحرم والرضاع، وفي حده في نكاح المعتدة قولان. وقال الدردير: فإن علم حد، إلا المعتدة قولان. وفي قرة العين: مسألة إذا نكح شخص امرأة نكاحاً مجمعاً على فساده كنكاح معتدة وخامسة، فإن كان عالماً بذلك فلا يحرم أصولها وفصولها، ويحد لأنه زنى، وأما إن كان لا يعلم بأنها معتدة، أو يعتقد حل الخامسة لكونه حديث عهد بالإسلام فلا حد عليه. وحرم عليه أصولها وفصولها. وأما المختلف في فساده فهو كالصحيح، العقد فيه على البنات يحرم الأمهات، والدخول على الأمهات يحرم البنات. ولو بالنظر لغير الوجه والكفين
إن وجد اللذة ولو لم يقصد، إلا إن قصد فقط، ولا إن تلذذ بالنظر للوجه والكفين فلا يحرم فيهما إلا اللذة بالمباشرة أو القبلة اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والمشهور تداخل العدتين " يعني أن المشهور من الأقوال أن العدة والاستبراء يدخل أحدهما في الآخر. وقد عقد أهل المذهب فصولاً في تداخل العدتين كصاحب المختصر وابن جزي وغيرهما. وعقد الدردير فصلاً في ذلك فقال: إن طرأ موجب عدة مطلقاً أو استبراء قبل تمام عدة واستبراء انهدم الأول واستأنفت إلا إذا كان الطارئ أو المطرو عليه عدة وفاة فأقصى الأجلين، كمتزوج بائن ثم يطلق بعد البناء أو يموت مطلقاً، وكمستبرأة من فاسد يطلقها أو يطأ بفاسد، وكمرتجع وإن لم يمس أو مات، وكمعتدة طلاق وطئت فاسداً وإن من المطلق وأما من موت فأقصى الأجلين كعكسه وكمشتراة
في عدة ارتفع حيضها وهدم الوضع من نكاح صحيح غيره. ومن فاسد إثره وعدة طلاق لا وفاة فالأقصى اهـ أي من الأجلين إما الوضع من الفاسد، أو إتمام عدة الوفاة. ومثله في القوانين. وقد ذكرنا في بدر الزوجين جميع ذلك مفصلاً أنظره إن شئت.
ثم قال رحمه الله تعالى: " والمبتوتة حتى يطأها زوج غيره وطئاً مباحاً في نكاح صحيح " معطوف على وتحرم الأم يعني وتحرم على الشخص المبتوتة، وهي المطلقة ثلاثاً التي قال تعالى في حقها:{فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره} {البقرة: 230} الآية اتفق الجمهور على أن المبتوتة لا تحل إلا من بعد زوج بالغ مع إيلاج، في نكاح صحيح بغير قصد التحليل. قال مالك في المحلل: إنه لا يقيم على نكاحه ذلك حتى يستقبل نكاحاً جديداً، فإن أصابها في ذلك فلها مهرها اهـ الموطأ.
قال رحمه الله تعالى: " وقصد حلها يمنعه لهما " وفي نسخة يمنعها، يعني قصد المحلل في تحليلها للأول يمنع أن تكون المرأة حلالاً لأحد منهما. فلا تحل للمحلل، بل يفسخ نكاحه ولو بعد البناء، وتستبرئ منه، ولا تحل لمن طلقها ثلاثاً حتى تنكح زوجاً غيره نكاحاً صحيحاً ويطؤها وطئاً مباحاً بغير إنكار منهما.
قال رحمه الله تعالى: " وتصادقهما على الوطء يحلها لا إنكارها " فالمطلوب تصادقهما على الوطء. قال الدردير: فإن أنكرا أو أحدهما لم تحل. وقال في أقري المسالك: والمبتوتة حتى تنكح غيره نكاحاً صحيحاً لازماً، ويولج بالغاً حشفته بانتشار في القبل بلا منع ولا نكرة فيه، مع علم خلوة ولو بامرأتين وزوجة فقط، لا بفاسد إن لم يثبت بعده بوطء ثان كمحلل، وهذا مثال الفاسد الذي لا يثبت بالدخول، وإن نوى الإمساك إن أعجبته، ونيتها كالمطلق لغو ومثله في المختصر. اهـ. وقال بعض المحققين من أهل المذهب: إذا طلق الحر زوجته ثلاثاً سواء كانت حرة أو أمة، سواء كانت في كلمة أو متفرقة، وسواء كانت الزوجة مدخولاً بها أم لا لم تحل له حتى يتزوجها بالغ زواج رغبة ويولج فيها الحشفة، فإن تزوجها بقصد التحليل فالنكاح فاسد قبل الدخول وبعده ولم تحل للأول. وأما إذا تزوجها زواج رغبة ولكنه رجل مطلاق وطلقها في مدة قليلة بعد أن أولج فيها حلت للأول، وتحرم زوجة العبد بطلقتين كذلك حرة كانت أو أمة سواء في كلمتين أو في كلمة مدخولاً بها أم لا تحل لهحتى تنكح زوجاً غيره في نكاح صحيح مباح كذلك اهـ.
ولما أنهى الكلام على ذكر بعض المحرمات للقرابة والصهر انتقل يتكلم على المحرمات بالعارض والأسباب فقال رحمه الله تعالى: