الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ
في نكاح الشغار وما يتعلق به من الأحكام
أي في بيان ما يتعلق بأحكام نكاح الشغار، وهو لغة مطلق الرفع، ويقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول. واستعمل هنا في رفع الصداق عن الزوجين: ولذا فسره عليه الصلاة والسلام بقوله وهو البضع بالبضع، أي الفرج بالفرج. قال رحمه الله تعالى:" نكاح الشغار وهو أن يزوج كل وليته من الآخر على أن لا مهر " يعني أن نكاح الشغار المنهي عنه هو البضع بالبضع مع الشرط والالتزام، مثل أن يزوج الرجل ابنته لرجل على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق. قال النفراوي: هذا صريح الشغار لأنه على ثلاثة أقسام: صريح، ووجه، ومركب: فالصريح الخالي من الصداق من الجانبين، والوجه المسمى فيه الصداق من الجانبين، والمركب المسمى فيه لواحدة دون الأخرى. وحكم صريح الشغار الفسخ مطلقاً ولو ولدت الأولاد، ولا شيء للمرأة قبل الدخول ولها بعده صداق المثل، وهذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في كون فسخه بطلاق، وبه قال مالك مرة، أو بغيره وهو الذي قاله سحنون قائلاً عليه أكثر الرواة. وحكم الوجه أنه يفسخ قبله ولا شيء فيه للمرأة، ويثبت بعده بالأكثر من المسمى وصداق المثل. وحكم المركب من الصريح والوجه فسخ نكاح كل قبل الدخول وأما بعده فيفسخ نكاح من لم يسم لها ولها مثلها، ويثبت نكاح المسمى لها بالأكثر من المسمى ومن صداق مثلها اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " والمتعة وهو المؤقت " قال ابن جزي في البيان: لفظ المتعة في الفقه يقع على أربعة معان: أحدها متعة الحج وقد ذكرت، الثاني النكاح إلى أجل، الثالث متعة المطلقة وستذكر، الرابع امتاع المرأة زوجها في مالها اهـ. والمراد هنا النكاح إلى أجل. يعني من الممنوع عنه شرعاً نكاح المتعة، وهو نكاح إلى أجل بأن يعلم
الزوجة أو وليها بأنه ينكحها مدة من الزمان ثم يفارقها هذا هو المنهي عنه لما روي أنه صلى الله عليه وسلم نهى عام الفتح عن نكاح المتعة. وحكى المأزري الإجماع على حرمته إلى يوم القيامة كما في روايات. وحكم نكاح المتعة إن وقع يفسخ قبل البناء وبعده بغير طلاق على المشهور. وقيل به قاله في التوضيح. ويجب فيه بالدخول صداق المثل إلا أن يكون قد سمى لها صداقاً فلها المسمى. ويسقط عنه الحد ولو عالماً بالحرمة على المذهب، لكن يعاقب العالم
بحرمته والعالمة، قال بهرام وبعدم الحد يلحق به الولد، وعليها العدة كاملة فتعتد بثلاث حيض لا باستبراء فقط اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " والسر وهو المتواصى على كتمانه " يعني ومن المنهي نكاح السر وهو كما فسره المصنف نكاح المتواصى على كتمانه، كأن يأمر الشهود بكتمان العقد، وهو نكاح فاسد. ونص المدونة أرأيت الرجل ينكح ببينة ويأمرهم أن يكتموا ذلك أيجوز هذا النكاح في قول مالك؟ قال لا إذا أمر بكتمان ذلك أو كان على الكتمان فالنكاح فاسد اهـ. فالمطلوب الإعلان به لما في الحديث عن عاشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف " اهـ رواه أحمد والترمذي وفي رواية: " فضل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح " اهـ قال ابن رشد: واتفقوا على أنه لا يجوز نكاح السر، واختلفوا إذا شهد شاهدين ووصيا بالكتمان هل هو سر أو ليس بسر؟ فقال مالك هو سر ويفسخ، وقال أبو حنيفة والشافعي ليس بسر اهـ أنظر سبب اختلافهم في بداية المجتهد. قال الدردير في أقرب المسالك: وفسخ نكاح السر إن لم يدخل ويطل بالعرف أي لا بالولادة وهو
ما أوصى الزوج فيه الشهود بكتمه وإن من امرأة، أو أياً ما وعوقبا والشهود إن دخلا اهـ ومثله في المختصر.
قال رحمه الله تعالى: " والنهارية وهو المشترط إتيانها الزواج نهاراً باطل ويجب بالدخول المهر ويسقط الحد ويلحق الولد " يعني من النكاح المنهي عنه نكاح الشرط بأن يشترط أحد الزوجين عدم إتيانه الآخر إلا نهاراً فقط أو ليلاً فقط فإذا اشترطا ذلك أو أحدهما فالنكاح فاسد يفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بصداق المثل لا بالمسمى ويدرأ عنه ويلحق به الولد. قال خليل: وقبل الدخول وجوباً على أن تأتيه إلا نهاراً أو ليلاً، أو بخيار لأحدهما أو غير إلا خيار المجلس اهـ يعني يفسخ قبل الدخول إذا اشترط أن لا تأتيه إلا نهاراً كما إذا اشترط الخيار لأحد الزوجين، أو كان الخيار لأجنبي إلا إذا كان خيار المجلس. قال مالك: لا خير في نهارية. ونص المواق: قول مالك في النهارية وهي التي تتزوج على أن لا تأتيه أو يأتيها إلا نهاراً أو لا تأتيه إلا ليلاً لا خير فيه. قال ابن القاسم: ويفسخ ما لم يدخل فإن دخل ثبت ولها صداق المثل، ويسقط الشرط وعليه أن يأتيها ليلاً ونهاراً. وقال ابن سلمون: من الشروط التي تفسد النكاح مثل أن يتزوجها على أن لا ميراث
بينهما، أو على أن الطلاق بيدها، أو على أن لا نفقة لها وشبه ذلك مما هو مناف لمقصود العقد ومخالفة للسنة. فالنكاح بها فاسد يفسخ على كل حال، أي قبل البناء لا بعده على المشهور كما في الشامل اهـ بحذف.
قال رحمه الله تعالى: " ويشترط فى نكاح الحر الأمة عدم طول الحرة وخوف العنت وإسلامها " يعني أن الحر لا يحل له أن يتزوج الأمة إلا بثلاثة شروط: الأول عدم الطول، والثاني خوف العنت، والثالث كونها مسلمة. قال النفراوي: والحاصل أن الحر الذي يولد له لا يحل له نكاح أمة غير أصله إلا بثلاثة شروط: أن يخشى العنت وأن