الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأيمان
أي في بيان الأيمان وما يتعلق بها من الأحكام الكثيرة. والأيمان - بفتح الهمزة - جمع يمين، وهي لغة مأخوذة من اليمين العضو المعروف، وعرفاً الحلف. قال الدردير: وهو قسمان الأول تعليق طاعة أو طلاق على وجه قصد الامتناع من فعل المعلق عليه، أو الحض على فعله، نحو إن دخلت الدار أو إن لم أدخلها فطالق، والأول يمين بر، والثاني يمين حنث وقسم، الثاني حلف بالله أو بصفاته اهـ. وفي الرسالة: والأيمان بالله أربعة: فيمينان تكفران وهو أن يحلف بالله إن فعلت، أو يحلف ليفعلن. ويمينان لا تكفران، إحداهما لغو اليمين، وهو ان يحلف على شيء يظنه كذلك فى يقينه ثم يتبين له خلافه، فلا كفارة عليه ولا إثم. والأخرى الحالف متعمداً للكذب أو شاكاً فهو إثم ولا تكفر ذلك الكفارة وليتب من ذلك إلى الله سبحانه وتعالى اهـ. ولجميع ذلك أشار المصنف بقوله:" وهي لاغية كالحلف على غلبة الظن " قال الله تعالى: {لا يؤاخذكم الله باللغو فى ايمانكم ولكن يؤخذكم بما عقدتم الايمن} [المائدة: 89] الآية.
قال رحمه الله تعالى مشيراً إلى قسم من أقسام اليمين: " وغموس كالكذب عمداً " قال الدردير: سميت غموساً لأنها تغمس صاحبها في النار، أي سبب لغمسه فيها، ولذا لا تفيد فيها الكفارة، بل الواجب فيها التوبة قال: ومحل عدم الكفارة فيها إن تعلقت بماض نحو والله ما فعلت كذا، أو لم يفعل زيد كذا، أو لم يقع كذا مع شكه أو ظنه في ذلك، أو تعمده الكذب، فان تعلقت بمستقبل ولم يحصل المحلوف عليه كفرت نحو والله لآتينك غداً، أو لأقصينك حقك في غد ونحو ذلك، وهو جازم بعدم ذلك، أو متردد، فعلى كل حال يجب عليه الوفاء بذلك فان لم يوف بما حلف عليه لمانع أو غير
مانع فالكفارة، وان حرم عليه الحلف مع جزمه أو تردده في ذلك. وكذا تكفر إن تعلقت بالحال نحو والله إن زيداً لمنطلق أو مريض أو معذور، أي في هذا الوقت، وهو متردد في ذلك أو جازم بعد ذلك اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ومنعقدة على ما يمكنه فعله " كلا فعلت، بمعنى لا
أفعل وهو على بر حتى بفعل فيحنث، أو على حنث كلأدخلن الدار فهو على حنث حتى يدخل فيبر. كما سيأتي تفصيل ذلك.
قال رحمه الله تعالى: " وهي بالله وأسمائه وصفاته. وقوله اقسم أو أعزم إن أردت بالله " وهاتان الصيغتان الأخيرتان إن أراد بواحدة منهما اليمين انعقدت وإلا فلا. قال الدردير مشبها في انعقادها: وكأحلف، واقسم، واشهد أن نوى بالله، واعزم إن قال بالله، بان قال اعزم بالله لأفعلن كذا فيمين لا إن لم يقل بالله فليس بيمين ولو نوى بالله، لان معناه اقصد واهتم، فإذا قال بالله اقتضى أن المعنى أقسم اهـ. قال ابن جزي في صيغ اليمين: وهي على ثلاثة أقسام: أحدهما تجريد الاسم المحلوف به كقوله الله لا فعلت، الثاني زيادة حرف قسم كقوله والله وتالله وبالله ويمين الله وايم الله ولعمر الله فلا خلاف في انعقاد هذين القسمين. الثالث زيادة فعل مستقبل كقوله احلف واقسم واشهد، أو ماض كقوله حلفت أو أقسمت إن أو اسم كقوله يميني وقسمي فهذه إن قرنها بالله أو بصفاته نطقاً أو نية كانت أيماناً، وإن أراد بها غير ذلك أو أعراها من النية لم تكن أيماناً ولم يلزم بها حكم، وقال الشافعي ليست بأيمان على الإطلاق إذا لم يقرنها بأسماء الله تعالى لفظاً. وعكس أبو حنيفة، ومن قال لغيره بالله أفعل كذا لم يلزمهما شيء اهـ انظر القوانين.
قال رحمه الله تعالى: " لا بالنبي والكعبة، أو هو يهودي ونحوه، أو بريء من الله ويستغفر الله لذلك " وفى الحديث: " ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت " اهـ رواه البخاري ومسلم. ورواه
الإمام في الموطأ والمدونة. وبسنده أيضا عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من حلف بيمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير " اهـ وقوله لا بالنبي والكعبة إلخ يعني إن الحلف بغير الله إن كان بما عظمه الشارع كالحلف بالكعبة والنبي فهي مكروهة، وان كانت بنحو اللات والعزى فإن اعتقد تعظيمها فهو كفر وإلا فحرام. قال ابن جزي فيما لا يلزم من الإيمان ويحتاج فيه لاستثناء ولا كفارة وهو الحلف بغير أسماء الله وصفاته، كالحلف بالكعبة والقبلة والنبي، وكقوله لعمرك وحياتك وعيشك وحقك. وأما قوله إن كان كذا فهو يهودي أو نصراني، أو بريء من الله أو كافر أو شبه ذلك فلا كفارة فيه إن حنث خلافاً لأبي حنيفة وليستغفر الله اهـ كما تقدم.
قال رحمه الله تعالى: " فلو قال أقسمت لأفعلن إن قصد عقد اليمين على نفسه لزمته لا مجرد مسألة " يعني أن المكلف لو قال أحلف أو أقسم أو أشهد أو أتى بصيغة ماض كقوله حلفت أو أقسمت أو باسم كقوله يميني وقسمي فإن قرنها
بالله أو بصفة من صفاته تعالى نطقاً أو نية فإنها انعقدت اليمين ولزمته في الحنث كلأفعلن وكذا في البر كلا فعلت لأنها في القوة إن فعلت لا بمجرد ذكر تلك الألفاظ بغير اقترانها باسم من أسماء الله ولا بصفة من صفاته تعالى. قال الدردير في أقرب المسالك: أو قسم على أمر كذلك بذكر اسم الله أو صفته وهي التي تكفر كبالله، وتالله، وهالله، والرحمن، وايمن الله، ورب الكعبة، والخالق، والعزيز، وحقه، ووجوده، وعظمته، وجلاله، وقدمه، وبقائه، ووحدانيته، وعلمه، وقدرته، والقرآن، والمصحف، وسورة البقرة، وآية الكرسي، والتوراة، والإنجيل، والزبور، وكعزة الله، وأمانته، وعهده، وميثاقه، وعلي عهد الله إلا أن يريد المخلوق. وكأحلف كما تقدم.
قال رحمه الله تعالى: " وهو في لأفعلن أو إن لم أفعل على حنث، وفي لا فعلت
وإن فعلت على بر " يعني أن اليمين المنعقدة إما على الحنث وإما على البر كما أوضح المصنف رحمه الله تعالى. قال الدردير: والمنعقدة على بر كلا فعلت، أو لا أفعل، أو إن فعلت، أو حنث كلأفعلن، أو إن لم أفعل فيها الكفارة اهـ. قال الخرشي: وكذلك تلزم الكفارة في اليمين المنعقدة على بر كقوله إن فعلت كذا في هذا اليوم مثلاً فعلي كفارة، أو والله لا أفعله في هذا اليوم ثم يفعل المحلوف عليه في ذلك اليوم فإنه تلزمه حينئذ كفارة يمين. وهاتان الصيغتان معناهما واحد إذ كل منهما فيه حرف نفي، فإن قاعدة المنعقدة على بر أن يكون على نفي الفعل، أي أن يكون الفعل المحلوف عليه بعد اليمين غير مطلوب من الحالف. وسميت يمين بر لأن الحالف بها على بر حتى يفعله فيحنث، إذ الحالف على البراءة الأصلية، إذ الأصل براءة الذمة، وقوله على حنث يعني كذلك تلزم الكفارة في اليمين المنعقدة على حنث، كقوله والله لآكلن هذا الطعام مثلاً، أو إن لم آكل هذا الطعام مثلاً فعلي كفارة ثم لم يأكل الطعام المحلوف عليه حتى ذهب. وقاعدة اليمين المنعقدة على حنث أن تكون على إثبات الفعل أي يكون الفعل المحلوف عليه بعد اليمين مطلوباً من الحالف. وسميت يمين حنث لأن الحالف بها على حنث حتى يفعل المحلوف عليه فيبر، إذ الحالف بها على غير البراءة الأصلية فكان على حنث. هذا إذا لم يضرب في يمينه أجلاً في صيغتي الحنث، أما لو ضرب الأجل فلا يكون على حنث بل يكون يمينه على بر إلى ذلك الأجل، كوالله لأكلمن زيداً في هذا الشهر، أو والله إن لم أكلمه قبل شهر لا أقيم في هذه البلدة، فهو على بر ولا يحنث إلا بمضيه ولم يفعل بلا مانع أو لمانع شرعي أو عادي لا عقلي كما يأتي اهـ.
ثم ذكر الأمثلة التي تفوت بها قبل المحلوف عليه فتجب الكفارة فقال رحمه
الله تعالى: " ويتحقق الحنث بفوت المحلوف عليه كقوله لأدخلن اليوم فغربت الشمس ولم يدخل " يعني يحنث في قوله لأدخلن الدار في هذا اليوم ولم يدخلها حتى غربت
الشمس وفاته الدخول بأمر شرعي أو عادي فيحنث وتلزمه كفارة. قد عقد ابن جزي فصلاً في البر والحنث في القوانين فقال: البر هو الموافقة لما حلف عليه، والحنث مخالفة ما حلف عليه من نفي أو إثبات، فكل من حلف على ترك شيء أو عدمه فهو على بر حتى يقع منه الفعل فيحنث، ومن حلف على الإقدام على فعل أو وجوده فهو على حنث حتى يقع الفعل فيبر. ثم إن الحنث في المذهب يدخل بأقل الوجوه، والبر لا يكون إلا بأكمل الوجوه فمن حلف أن يأكل رغيفاً لم يبر إلا بأكل جميعه، وإن حلف أن لا يأكله حنث بأكل بعضه. ومن حلف أن لا يفعل فعلاً ففعله حنث سواء فعله عمداً أو سهواً أو جهلاً إلا أن نسي ففعل ناسياً فاختار السيوري وابن العربي أنه لا يحنث وفاقاً للشافعي، فلو فعله جهلاً كما لو حلف أن لا يسلم على زيد فسلم عليه في ظلمة وهو لا يعرفه حنث خلافاً للشافعي. وأما إن أكره على الفعل لم يحنث، كما لو حلف أن لا يدخل داراً فأدخلها قهراً، لكن إن قدر على الخروج فلم يخرج حنث، وإن حلف أن يفعل شيئاً فتعذر عليه فعله فلا يخلو من ثلاثة أوجه: الأول أن يمتنع لعدم المحل كمن حلف أن يضرب عبده فمات، أو أن يذبح حمامة فطارت فلا حنث عليه إن لم يفرط. الثاني أن يمتنع شرعاً كمن حلف ليطأن زوجته فوجدها حائضاً، فإن لم يطأها فاختلف هل يحنث أم لا، وإن وطئها فقيل أثم على المشهور وبر يمينه. وقيل لم يبر لأنه قصد وطأها مباحاً اهـ.
ثم قال رحمه الله تعالى: " وتعتبر النية، ثم الباعث، ثم العرف، ثم الوضع " يعني كما في أقرب المسالك: وخصصت نية الحالف، وقيدت، وبنيت، والمعنى فالعبرة في الحلف بالنية وإذا لم توجد النية يعتبر البساط وهو الباعث على الحلف. ثم إن لم يوجد الباعث يعتبر بالعرف القولي، ثم العرف الشرعي. فتحصل أن ما تخصص به اليمين أو يقيدها أمور أربعة: النية، والبساط، والعرف القولي، والمقصد الشرعي. قال الصاوي: والخامس العرف الفعلي على ما لابن عبد السلام. قال الدردير: وإنما تعتبر النية
في التخصيص والتقييد أي يعتبر تخصيصها أو تقييدها إذا لم يسلتحف في الحق الذي عليه لغيره، وإلا بأن استحلف في حق فالعبرة حينئذ بنية المحلف سواء كان مالياً كدين وسرقة أم لا، فمن حلفه المدعي أنه ليس له عليه دين، أو لقد وفاه، أو أنه ما سرق، أو ما غصب، فحلف وقال نويت من بيع أو من قرض أو من عرض الذي على خلاف ذلك لم يفده ولزمه اليمين بالله أو
بغيره، أو حلف ما سرقت، وقال نويت من الصندوق وسرقتي كانت من الخزانة أو نحو ذلك لم يفده، وكذا لو شرطت عليه الزوجة عند العقد أن لا يخرجها من بلدها أو لا يتزوج عليها وحلفته على أنه إن تزوج عليها أو أخرجها فالتي يتزوجها طالق، أو فأمرها بيدها فحلف ثم فعل المحلوف عليه وادعى نية شيء لم يفده؛ لأن اليمين بنية المحلف لأنه اعتاض هذه اليمين من حقه فصارت العبرة بنيته دون الحالف اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " فمن حلف لا شربت لفلان ماء يريد عدم الانتفاع بماله، أو قطع منته حنث ولو بسلك يخيط به " لأن الحنث يحصل بأقل الوجوه، بخلاف البر كما تقدم.
قال رحمه الله تعالى: " أو قال لا سكنت مع فلان لزمه الانتقال بأهله ومتاعه بدار، فإن أراد في بلده فإلى فوق ثلاثة أميال " قال المواق: ومما ينظر فيه إلى المقاصد وإلى السبب المحرك على اليمين، أن يحلف أن لا يساكن إنساناً، فإنه ينتقل عن مساكنته حتى تنتقل حالته عن الحالة الأولى التي كان عليها، فإن كان معه أولاً في بلد وظهر أنه قصد الانتقال عنه وجب عليه ذلك، وإن كان معه في قرية فكذلك أيضاً، وإن كان في حارة انتقل عنها اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " أو حلف لا يلبس ثوباً وهو لابسه أو لا يركب دابة وهو راكبها، أو لا يدخل بيتاً وهو فيه لزمه المبادرة إلى الترك إلا أن يريد الاستئناف " قال ابن جزي: من حلف أن لا يسكن داراً وهو ساكنها، أو أن لا يلبس
ثوباً وهو عليه، أو أن لا يركب دابة وهو عليها لزمه النزول أول أوقات الإمكان، فإن تراخى مع الإمكان حنث. وفي الواضحة: لا يحنث عليه اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " أو حلف لا يأكل شيئاً بعينه فانتقل عن صفته، فإن أراد ما دام على تلك الصفة وإلا حنث، أو على شيء أو أشياء ففعل البعض حنث، ويستوي العمد والسهو " يعني من حلف أن لا يأكل شيئاً بعينه كهذا اللحم فانتقل بشيء أو طبخ فأكله حنث، إلا إذا أراد ما دام على تلك الصفة التي كانت عليه قبل إزالة ما يكره منه فحينئذ لا يحنث بأكله لبساط يمينه بذلك. قال ابن جزي في آخر الفروع: من حلف على فعل شيء ينتقل حنث بما ينتقل إليه، كالحالف على القمح فأكل خبزه، أو على اللبن فأكل جبنه، أو على العنب فأكل زبيبه. وقيل لا يحنث اهـ وقوله وقيل لا يحنث إشارة إلى قول المصنف: فإن أراد ما دام على تلك الصفة يعني فلم يحنث لبساط يمينه الحامل له من تلك الصفة المذكورة.
وقوله وإلا حنث راجع إلى أصل المسألة التي هي الحنث. قوله أو على شيء أو
أشياء إلخ يعني يحنث بالبعض حيث كانت الصيغة صيغة حنث وإلا فلا يبر إلا بفعل الكل لأن الذمة لا تبرأ في صيغة البر إلا بالكل. قال الصاوي: إذا كانت الصيغة صيغة حنث وحلف على شيء ذي أجزاء فلا يبر بفعل البعض. وذكر العلامة العدوي أن من حلف عليه بالأكل فإن كان آخر الأكل فلا يبر الحالف إلا بأكل المحلوف عليه ثلاث لقم فأكثر، وإن لم يكن المحلوف عليه في آخر الأكل فلا يبر إلا بشبع مثله اهـ. قال ابن جزي: إذا حلف على فعل فهل يحمل على أقل ما يحتمله اللفظ أو على الأكثر وهو المشهور؟ قولان. وعليه الخلاف فيمن حلف أن لا يأكل رغيفاً فأكل بعضه فإنه يحنث في المشهور. ولو حلف أن يأكله لم يبر إلا بأكل جميعه اهـ. وقوله ويستوي العمد والسهو، تقدم الكلام في هذه الجملة فراجعها إن شئت.
قال رحمه الله تعالى: " ويلغى تحريم الحلال إلا في الزوجة والأمة فيلزمه الطلاق والعتق " يعني لا يعتبر بتحريم المكلف على نفسه شيئاً مما أحل الله له مطلقاً إلا الزوجة والأمة. قال في الرسالة: ومن حرم على نفسه شيئاً مما أحل الله له فلا شيء عليه إلا في زوجته فإنها تحرم عليه إلا بعد زوج اهـ قال النفراوي قوله من حرم على نفسه شيئاً مما أحل الله له من طعام أو شراب أو لبس ثوب أو نحو ذلك فلا شيء عليه سوى الاستغفار لإثمه بهذه الألفاظ. ولا يحرم عليه ما حرمه على نفسه لأن المحرم والمحلل إنما هو الله تعالى. وقد ذم الله فاعل ذلك بقوله: {قل أرءيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون} [يونس: 59] قال تعالى: {لا تحرموا طيبات مآ أحل الله لكم} [المائدة: 87] وقوله: إلا في زوجته أي في تحريمها فإنها تحرم عليه إلا من بعد زوج. قال خليل: وتحريم الحلال في غير الزوجة والأمة لغو، ومثله في أقرب المسالك. قال الصاوي عليه: قوله في غير الزوجة دخل في غير الأمة ما لم يقصد بتحريمها عتقها وإلا لم يكن لغواً. قال النفراوي: وأما تحريم الأمة فكتحريم الطعام والشراب لا يلزم بتحريمه إلا الاستغفار، إلا أن يقصد بتحريم الأمة عتقها فتعتق عليه، ولا يحل له وطؤها بعد ذلك إلا بعقد نكاح برضاها، وبصداق وشهود كالأجنبية. قال الدردير: فمن قال كل حلال علي حرام، أو اللحم أو القمح علي حرام إن فعلت كذا ففعله فلا شيء عليه؛ إلا في الزوجة إذا قال إن فعلته فزوجتي علي حرام، أو فعلي الحرام فيلزمه بت المدخول بها على المشهور وطلقة في غيرها ما لم ينو أكثر. ولو قال كل علي حرام فإن حاشى الزوجة لم يلزمه شيء كما تقدم، وإلا لزمه فيها ما ذكر اهـ قال مالك في المدونة: لا يكون الحرام يميناً
في شيء من الأشياء: لا في طعام، ولا في شراب، ولا في أم ولد إن حرمها على نفسه، ولا خادمه، ولا عبده، ولا فرسه، ولا في شيء من الأشياء إلا أن يحرم امرأته فيلزمه الطلاق. إنما ذلك في امرأته وحدها اهـ.
ثم انتقل يتكلم على الاستثناء فقال رحمه الله تعالى: