المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي بيان الصيد وما يتعلق به من الأحكام - أسهل المدارك «شرح إرشاد السالك في مذهب إمام الأئمة مالك» - جـ ٢

[الكشناوي، أبو بكر]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الجهاد

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلق بالجيش وأخذ الغنيمة قبل القسم

- ‌كتاب الأيمان

- ‌فَصْلٌفي الاستثناء بـ إلا وأخواتها

- ‌كتاب النذور

- ‌كتاب الأضحية والعقيقة والصيد والذبائح

- ‌فَصْلٌفي العقيقة وما يفعل للمولود يومَ سابعه

- ‌فَصْلٌفي بيان الصيد وما يتعلق به من الأحكام

- ‌فَصْلٌفي الذبح

- ‌كتاب الأطعمة والأشربة

- ‌كتاب النكاح

- ‌فَصْلٌفي المحرمات اللاتي لا يصح العقد عليهن

- ‌فَصْلٌفي نكاح الشغار وما يتعلق به من الأحكام

- ‌تنبيه:

- ‌فَصْلٌفي بيان العيوب التي توجب الخيار بين الزوجين

- ‌فَصْلٌفيما يتعلق بإسلام المتزوجين وحكم نكاحهما بعد الإسلام

- ‌فَصْلٌفي الصداق قلة وكثرة وأحكامه

- ‌فَصْلٌفي بيان نكاح التفويض والتحكيم

- ‌فَصْلٌفيمن كان متزوجاً بأكثر من زوجة

- ‌فَصْلٌفي بيان أحكام المفقود والغائب عن زوجته

- ‌كتاب الطلاق

- ‌خاتمة

- ‌كتاب البيوع

- ‌فَصْلٌفيما يتعلق ببيع المزابنة

- ‌فَصْلٌفيما يتعلق بالثمن والمثمن

- ‌فَصْلٌفي بيع العقار وما يتبعها

- ‌فَصْلٌفي بيان بيع المميز والعبد المأذون وغيره

- ‌فَصْلٌفي بيان بيع الغائب عن مجلس العقد

- ‌فَصْلٌفي أحكام بيع المرابحة

- ‌فَصْلٌفي مسائل الخيار

- ‌فَصْلٌفيما يتعلق بأحكام بيع الثمار

- ‌فَصْلٌفي العرايا

- ‌فَصْلٌفي أحكام الجائحة في الثمار والزروع وغيرها

- ‌فَصْلٌفي السلم وأحكامه

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلق بالقرض وهو بمعنى السلف

- ‌كتاب الإجارة

- ‌فَصْلٌفي بيان ما يتعلق بأحكام الجعل وشروطه

- ‌كتاب القراض والشركة والمساقاة

- ‌فَصْلٌفيما يتعلق بالشركة وشروطها

- ‌فَصْلٌفي المساقاة وأحكامها

- ‌كتاب الرهن والوكالة

- ‌فَصْلٌفي الوكالة

الفصل: ‌فصلفي بيان الصيد وما يتعلق به من الأحكام

‌فَصْلٌ

في بيان الصيد وما يتعلق به من الأحكام

قال الزرقاني على الموطأ: أصل الصيد مصدر ثم أطلق على الصيد كقوله تعالى: {أحل لكم صيد البحر} {المائدة: 96} . و {لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} {المائدة: 95} والمراد في هذه الترجمة أحكام الصيد الذي هو المصدر اهـ. وقد ثبت جواز أكل الصيد بالكتاب والسنة والإجماع. فأما الكتاب فقول الله تعالى: {يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم وأذكروا أسم الله عليه} {المائدة: 4} . وقوله تعالى: {وإذا حللتم فاصطادوا} {المائدة: 2} فالأمر في الآية الكريمة يفيد حل الصيد. وأما السنة فكثيرة منها ما رواه البخاري ومسلم " أن أبا ثعلبة قال قلت يا رسول الله أنا بأرض صيد أصيد بقوسي أو بكلبي الذي ليس بمعلم أو بكلبي المعلم فما يصلح لي؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " وما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل. وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل " وأما الإجماع. فقد أجمع المسلمون على حل أكل الصيد بالشرائط الآتية اهـ فقه المذاهب.

قال رحمه الله تعالى: " يباح الاصطياد بالسلاح المحدد " يعني يباح الاصطياد بأي شيء محدد إلا السن والظفر، سواء كان المحدد سلاحاً أو غيره فقد عقد ابن جزي فصلاً في الآلة التي يذكي بها فقال: وهي كل محدد يمكن به إنفاذ المقاتل وإنهار الدم، سواء كان من حديد أو عظم أو عود أو قصب أو حجر له حد أو زجاج إلا أنه يكره غير الحديد من غير حاجة، وتؤكل. وأما السن والظفر ففيهما ثلاثة أقوال، انظر القوانين اهـ.

ص: 45

قال رحمه الله تعالى: " والجوارح المكلبة وهي المطيعة بالإغراء الممتنعة بالزجر فيؤكل ما أنفذت مقاتله وإن أكلت منه إذا كانت مرسلة إليه " الجوارح معطوف على السلاح، والمعنى يباح الاصطياد بالسلاح المحدد، وبالجوارح المكلبة، وهي الكواسب التي ترسل إلى الصيد سواء من الحيوان كالكلب، أو من الطير كالباز تمسكه وتكنعه عن الجرى العادى المعلم منها هي التي يؤكل صيدها التي إذا أرسلت أطاعت وإذا زجرت انزجرت، ولو كانت من جنس ما لا يقبل التعليم عادة كالنمر. قال الصاوي: واعلم أن عصيان المعلم مرة لا يخرجه عن كونه معلماً، كما لا يكون معلماً بطاعته مرة، بل المرجع في ذلك للعرف اهـ. فإذا قتل الجارح المعلم الصيد فإنه يباح لك أكل جميع ما أنفذ مقتله إذا أرسلته فمات قبل قدرتك على ذكاته سواء من الحيوانات أو من الطيور بالشروط المعتبرة في الصيد والصائد. قال الدردير عاطفاً على الذبح: وعقر وهو جرح مسلم مميز وحشياً غير مقدور عليه إلا بعسر لا كافر ولو كتابياً، ولا إنسياً شرد أو تردى بحفرة، بمحدد، أو حيوان علم من طير أو غيره فمات قبل إدراكه، إن أرسله من يده أو من يد غلامه، ولم يشتغل بغيره قبله، وأدماه ولو بأذن، وعلمه من المباح، وإن لم يعلم نوعه منه، وإن تعدد مصيده إن نوى الجميع وإلا فما نواه إن صاده أولاً، لا إن تردد في حرمته أو في المبيح إن شاركه غير ككلب كافر أو غير معلم أو تراخى في إتباعه إلا أن يتحقق أنه لا يلحقه، أو حمل الآلة مع غيره أو بخرجه، أو بات أو صدمه أو عضه بلا جرح، أو اضطرب فأرسله بلا رؤية اهـ.

قال في الرسالة: وكل ما قتله كلبك المعلم أو باز المعلم فجائز أكله إذا أرسلته عليه. وكذلك ما أنفذت الجوارح مقاتله قبل قدرتك على ذكاته وما أدركته قبل إنفاذها لمقاتله لم يؤكل إلا بذكاة وكل ما صدته بسهمك أو رمحك فكله، فإن أدركت ذكاته فذكه،

ص: 46

وإن فات بنفسه فكله إذا قتله سهمك ما لم يبت عندك. وقير إنما ذلك فيما بات عندك مما قتلته الجوارح، وأما السهم يوجد في مقاتله فلا بأس بأكله اهـ.

قال رحمه الله تعالى: " ويشترط التسمية عند الرمي والإرسال فإن أسترسل بنفسه فأنفذ مقاتله لم يجز أكله إلا أن يدركه مستقر الحياة فيذكيه " قال في الرسالة: وليقل الذابح باسم الله والله أكبر، وإن زاد في الأضحية ربنا تقبل منا فلا بأس بذلك. ومن نسي التسمية في ذبح أضحية أو غيرها فإنها تؤكل، وإن تعمد ترك التسمية لم تؤكل، وكذلك عند إرسال الجوارح على الصيد اهـ. وفي المدونة: قال

ابن القاسم: ومن ترك التسمية عمداً على الذبيحة لم أر أن تؤكل الذبيحة، وهو قول مالك. قال والصيد عندي مثله اهـ. قال ابن جزي من شروط الصائد أن يسمي الله تعالى عند الإرسال أو الرمي، كما يسمي الذابح عند الذبح. فقد قال مالك في الكلب يرى الصيد فيخرج فيعدو في طلبه ثم يشليه صاحبه فينشلي أنه لا يؤكل لأنه خرج بغير إرسال صاحبه اهـ. قال في المدونة: هذا إن أنفذ الكلب مقاتله، وإن لم ينفذ مقاتله وأدركه حياً وجب أن يذكيه.

ثم شبه بما إذا أدرك فيها حياة مستقرة فلا تؤكل إلا بذكاة. فقال رحمه الله تعالى: " كصيد الشرك والحبالة والبندق وقبضة اليد وصيد مجوسي أو غير معلم أو متروك التسمية أو مرسل على معين صاد غيره أو انحرف عنه إلى ميتة ثم صاده " وهذه الجملة فيها تسع مسائل، وكلها لا تؤكل إلا بذكاة كما في الأصول وتقدم بعضها، وكل مسألة منها لها ترجمة تخصها بالبيان في محلها. قال الدردير على أقرب المسالك: والمراد بالبندق أي البرام الذي يرمى بالقوس فلا يؤكل صيده إذا مات به أو أنفذ مقتله، وأما صيده بالرصاص فيؤكل به لأنه أقوى من السلاح كما أفتى به بعض

ص: 47

الفضلاء واعتمده بعضهم اهـ. قال في حاشية الصاوي عليه: حاصله ببندق الرصاص لم يوجد فيه نص للمتقدمين لحدوث الرمي به بحدوث البارود في وسط المائة الثامنة، واختلف فيه المتأخرون: منهم من قال بالمنع قياساً على بندق الطين، ومنهم من قال بالجواز كأبي عبد الله القروي وابن غازي وسيدي عبد الرحمن الفاسي لما فيه من إنهار الدم والإجهاز بسرعة الذي شرعت الذكاة لأجله.

ثم إن محل الاحتراز عن العصا وبندق الطين إذا لم يؤخذ الصيد حياً غير منفوذ المقتل وإلا ذكي وأكل قولاً واحداً. وأما إذا أخذ منفوذ المقاتل فلا يؤكل عندنا ولو أدرك حياً وذكي. وعند الحنفية ما أدرك حياً ولو منفوذ جميع المقاتل وذكي يؤكل فلا خلاف بيننا وبينهم في عدم أكل ما مات ببندق الطين وفي أكل الذي لم ينفذ مقتله حيث أدرك حياً وذكي، وإنما الخلاف فيما أدرك حياً منفوذ المقتل وذكي فعندهم يؤكل وعندنا لا اهـ.

قال رحمه الله تعالى: " وما أنفذت الرمية مقاتله فتردى أو سقط في ماء أو غاب ثم وجده جاز أكله " يعني كما في الموطأ عن مالك أنه سمع أهل العلم يقولون: إذا أصاب الرجل الصيد فأعانه عليه غيره من ماء أو كلب غير معلم لم يؤكل ذلك الصيد إلا أن يكون سهم الرامي قد قتله أو بلغ مقاتل الصيد حتى لا يشك أحد في أنه هو الذي قتله وأنه لا يكون للصيد حياة بعده اهـ. قال الزرقاني:

فيؤكل لتحقق الإباحة. قال وسمعت مالكاً يقول: لا بأس بأكل الصيد وإن غاب عنك مصرعه إذا وجدت به أثراً من كلبك أو كان به سهمك ما لم يبت، فإذا بات فإنه يكره أكله اهـ. قال الزرقاني: كراهة تحريم على المشهور. قال ابن جزي ولو فات عنه الصيد ثم وجده غداً منفوذ المقاتل لم يؤكل في المشهور. وقيل يؤكل. وقيل يكره. فلو رماه فوقع في ماء أو تردى من جبل لم يؤكل إذ لعل موته من الغرق، أو التردى إلا أن يكون سهمه قد أنفذ مقاتله قبل ذلك فلا يضره الغرق أو التردى اهـ. قلت وما ذكره الدردير وغيره من عدم الأكل للشك

ص: 48

في المبيح، وأما بعد تحقق إنفاذ المقتل وقبل وقوعه في الماء فأكله جائز كما في الخرشي. انظر فقه المذاهب الأربعة.

قال رحمه الله تعالى: " ومشاركة كلب مجوسي أو غير معلم " يعني من جملة المسائل التي لا يؤكل فيها الصيد إلا بذكاة المشاركة المذكورة إذا لم يتحقق قاتل الصيد وإلا فلا إشكال في أكله أو عدم أكله، ولذا قال رحمه الله تعالى:" فإن تيقن انفراد كلبه بقتله حل وإلا فلا " وفي القوانين: من شروط الصائد أن لا يشاركه في العقر ما ليس عقره ذكاة كغير المعلم فإن تيقن أن المعلم هو المنفرد بالعقر أكل وإن تيقن خلاف ذلك أو شك لم يؤكل، وإن غلب على ظنه أنه القاتل ففيه خلاف، وإن أدركه غير منفوذ المقاتل فذكاه أكل مطلقاً اهـ قال المواق نقلاً عن اللخمي: وأما إن لم يتحقق المبيح في شركة كلب مجوسي كما إذا أرسل مسلم ومجوسي كلبيهما على صيد فتعاونا أو لم يتعاونا فلم يدر أيهما سبق إليه فقتله فإنه لا يؤكل، وإن علم أن كلب المسلم قتله ولم يمسكه كلب المجوسي أكل، وإن كان بعد إمساكه لم يؤكل، وإن صاد المسلم بكلب المجوسي أكل، وإن صاد المجوسي بكلب المسلم لم يؤكل وذلك عند مالك بمنزلة ما لو ذبح أحدهما بسكين الآخر اهـ.

قال رحمه الله تعالى: " ولو أرسل على صيود فقتل أحدهما أو في غار لا منفذ له لا يعلم فيه صيداً أو على نوع فإذا هو غيره جاز أكله " قال خليل يبالغ في جواز أكله: ولو تعدد مصيده أو أكل أو لم ير بغار أو غيضة، أو لم يظن نوعه من المباح، أو ظهر خلافه اهـ. وفي المدونة: وإن أرسل كلبه أو بازه على جماعة من وحش أو طير ونوى ما أخذ منها ولم يخص شيئاً منها أو على جماعتين ونوى ما أخذ منهما جميعاً فليأكل ما أمسك عليه من ذلك كله مما قل عدده أو كثر، وقوله أو في غار إلخ قال الخرشي: يعني أن المشهور عدم اشتراط رؤية ما إذا كان الصيد في الغار، فإذا أرسل الكلب أو الجارح

ص: 49

على صيد في غار أو غيطة، أو كان وراء

أكمة ونوى إن وجد صيداً داخل ذلك فإنه إذا وجده وأخذه وقتله فإنه يؤكل على المشهور لأن ما في ذلك كالمعين لأنه محصور، وقوله أو على نوع فإذا هو غيره، قال الخرشي: صورتها أرسل كلبه أو جارحه أو سهمه على صيد وهو يعلم أنه غير محرم الأكل إلا أنه لم يعلم جنسه من أي الأجناس المباحة الأكل ولا تحققه بل تردد فيه هل هو بقر أو حمار وحش أو نحو ذلك، فإذا أخذ صيداً وقتله فإنه يجوز أكله إذ لا يشترط في جواز أكله أن يعلم جنسه من المباح حين الإرسال عليه. هذا في محل محصور كالغار وإلا فالرؤية شرط إرسال الجارح كما تقدم.

قال رحمه الله تعالى: " ولو ظنه غير مأكول فإذا هو مأكول لم يحل " يعني إذا رمى الصيد أو أرسل عليه الكلب وهو يظنه غير مأكول كالخنزير مثلاً فإذا هو غزال وقد أنفذ مقتله فلا يجوز له أكله ولو ذكي. قال ابن جزي: من شروط الصيد أن يكون جائز الأكل فإن الحرام لا يؤثر فيه الصيد ولا الذكاة اهـ. وفي المدونة عن مالك: من رمى صيداً بسكين فقطع رأسه أكله إن نوى اصطياده وإن لم ينو اصطياده لم يؤكل، وكذلك لو رمى صيداً وهو يظنه سبعاً، أو خنزيراً فأصاب ظبياً لم يؤكل لأنه حين رماه لم يرد صيده فلا يأكله اهـ. ومثله في المواق.

قال رحمه الله تعالى: " ومشاركة الجوارح توجب شركة أربابها " يعني إذا أرسل المسلم كلبه المعلم وأرسل الآخر مثله على صيد واحد فقتلاه صارا شريكين. قال الحطاب: فأما لو أرسل صائد آخر فاشترك الكلبان فيه فإنه للصائدين يكونان شريكين، فلو أنفذ أحد الكلبين مقاتله ثم جاء الآخر فهو للذي أنفذ مقاتله اهـ.

قال رحمه الله تعالى: " وإذا أفلت صيد ولحق بالصيد فصاده آخر فهو له وإلا فهو للأول " قال خليل: وإن ند ولو من مشتر فللثاني لا إن تأنس أي عند الأول فله ولم يتوحش أي بعد ندوده، فإن توحش فللثاني. قال الخرشي: يعني أن الصيد إذا

ص: 50