الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب الأضحية والعقيقة والصيد والذبائح
يعني يشتمل هذا الكتاب على الأحكام الأربعة كلها ترجع إلى معنى الذبيحة، وهي الأضحية والعقيقة والصيد وجميع الذبائح الشرعية، وكل منها لها حكم مستقل يحتاج أن ينفرد ببيان يخصه قال رحمه الله تعالى:" الأضحية سنة " قال العلامة الصاوي على الدردير: والأضحية بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء فيهما. ويقال ضحية كما سيأتي فلغاتها ثلاث. وسميت بذلك لذبحها يوم الأضحى ووقت الضحى اهـ. وبدأ بحكمها فقال: إنها سنة، وهو كذلك على المشهور وقيل إنها واجبة وهي ما يتقرب بذبحها من الأنعام. قال في الرسالة: والأضحية سنة واجبة على من استطاعها. قال رحمه الله تعالى: " وهي من بهيمة الأنعام " وهي الضأن والبقر والأبل. قال رحمه الله تعالى: " جذع الضأن وثني غيرها " يعني الذي يجزئ الأضحية من الضأن الجذع وهو ابن سنة على المشهور ودخل في الثانية أي دخول، ولو ولد الضأن في يوم عرفة يكفي ذبحه يوم الأضحى كما تقدم في الهدي. والثني من المعز وهو ما أوفى سنة ودخل في الثانية دخولاً بيناً كشهر أو شهرين.
قال رحمه الله تعالى: " وأفضلها الغنم والذكر " يعني أن أفضل ما يذبح الأضحية الغنم، واسم الغنم شامل لذكور الضأن والإناث منها ومن المعز، لكن الضأن أفضل من المعز، كما أن ذكور كل نوع أفضل من إناثه. قال في الرسالة: وفحول الضأن في الضحايا أفضل من خصيانها، وخصيانها أفضل من إناثها، وإناثها أفضل من ذكور المعز ومن إناثها، وفحول المعز أفضل من إناثها، وإناث المعز أفضل من الإبل والبقر في الضحايا وأما في الهدايا فالإبل أفضل، ثم البقر، ثم الضأن ثم المعز اهـ كما تقدم في الهدي.
قال رحمه الله تعالى: " فجذع الضأن ما له ستة أشهر فصاعداً " هذا مقابل المشهور. وقيل ابن ثمانية أشهر وهي رواية عن مالك، وقيل ابن عشرة أشهر وهو مروي عن ابن وهب. وقال سحنون ابن ستة أشهر. قال النفراوي فجملة الأقوال أربعة أرجحها أولها كما قررنا.
ثم أشار إلى ما تقدم من الثني في كل نوع فقال رحمه الله تعالى: " وثني المعز ما دخل في السنة الثانية، والبقر في الثالثة، والإبل في السادسة " قال ابن جزي: والجذع من البقر ابن سنتين والثني منها ما دخل في الثالثة وفاقاً لهما. وقيل ابن أربع سنين اهـ. قال خليل بجذع ضأن، وثني معز وبقر وإبل ذي سنة، وثلاث، وخمس اهـ يعني بعد كمال كل سنة مما ذكر ودخول السنة التي تليها. قال الخرشي: هو بيان لما يجزئ في الأضحية، وإن جذع الضأن وثني المعز ما أوفى سنة ودخل في الثانية دخولاً ما في جذع الضأن، بخلاف ثني المعز لابد من دخوله فيها بيناً كالشهر، وإن الثني من البقر هو ما أوفى ثلاثاً ودخل في السنة الرابعة، والثني من الإبل هو ما أوفى خمس سنين ودخل في السنة السادسة اهـ.
وعبارة صاحب العزية مثل الخرشي. ولفظه: وأقل ما يجزئ في الضحايا من الأسنان الجذع من الضأن، والمعز وهو ابن سنة، والثني من البقر وهو ما دخل في السنة الرابعة، والثني من الإبل وهو ما دخل في السادسة اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ووقتها المعلوم يوم النحر بعد صلاة الإمام وذبحه وثانيه وثالثه، لا ليلاً " قال في الرسالة: وليل الرجل ذبح أضحيته بيده بعد ذبح الإمام أو نحره يوم النحر ضحوة، ومن ذبح قبل أن يذبح الإمام أو ينحر أعاد أضحيته، ومن لا إمام لهم فليتحروا صلاة أقرب الأئمة إليهم وذبحه، ومن ضحى بليل أو أهدى لم يجزه. وأيام النحر ثلاثة يذبح فيها أو ينحر إلى غروب الشمس من آخرها. وأفضل أيام النحر أولها ومن فاته الذبح في اليوم الأول إلى الزوال فقد قال بعض أهل العلم يستحب له أن
يصبر إلى ضحى اليوم الثاني اهـ. قال ابن جزي: يذبح الإمام بالمصلى بعد الصلاة ليراه الناس فيذبحوا بعده، فلا تجزئ من ذبح قبل الصلاة ولا قبل ذبح الإمام بعد الصلاة. وعند الشافعي بعد مقدار الصلاة سواء صلى الإمام وذبح أم لا اهـ. وقال الدردير في أقرب المسالك: من ذبح الإمام بعد صلاته والخطبة لآخر الثالث، فلا تجزئ إن سبقه إلا إذا لم يبرزها تحرى، فإن توانى بلا عذر انتظر قدره وله فلقرب الزوال. ومن لا إمام له تحرى أقرب إمام له تحرى أقرب إمام. والانتظار بقدر ذبح الإمام شرط في صحة الأضحية. وأما الانتظار لقرب الزوال فمندوب اهـ. مع إيضاح.
ثم ذكر العيوب المانعة. قال رحمه الله تعالى: " يجتنب فيها العيوب الفاحشة كالعمى والعور والمرض والعجف والعرج وقطع أكثر الأذن وكسر القرن إن كان يدمي " قال الدردير: فالسلامة من جميع ما ذكر شرط صحة. وفي الرسالة: ولا يجوز في شيء من ذلك عوراء ولا مريض، ولا العرجاء البين ضلعها، ولا
العجفاء التي لا شحم فيها، ويتقي فيها العيب كله، ولا المشقوقة الأذن إلا أن يكون يسيراً، وكذلك القطع ومكسورة القرن إن كان يدمي فلا يجوز، وإن لم يدم فذلك جائز اهـ. انظر فواكه الدواني للنفراوي.
قال رحمه الله تعالى: " ولا يجوز الاشتراك فيها بخلاف رب المنزل يضحي عنه وعن أهله واحدة غير مشتركين في ثمنها " قال الدردير: وشرطها النهار بطلوع الفجر في غير الأول، وإسلام ذابحها، والسلامة من الشرك إلا في الأجر قبل الذبح، وإن أكثر من سبعة إن قرب له وأنفق عليه ولو تبرعاً، إن سكن معه فتسقط عن المشترك. فتحصل أن شروط الاشتراك في الضحية ثلاثة: أن يكون قريباً له كابنه وأخيه وابن عمه، ويلحق به الزوجة، وأن يكون في نفقته، وأن يكون ساكناً معه بدار واحدة سواء كانت النفقة غير واجبة كالأخ وابن العم أو واجبة كأب وابن فقيرين كما هو ظاهر
النقول اهـ. قال الصاوي عليه: فإن اختل شرط منها فلا تجزئ عن المشرك بالكسر ولا عن المشرك بالفتح اهـ. ونقل الحطاب عن المدونة: ولو اشترى أضحيته عن نفسه ثم نوى أن يشترك فيها أهل بيته جاز ذلك بخلاف الهدي، وعن سحنون أنه قال: ليس على الرجل أن يضحي عن زوجته، وإنما هي سنة لا ينبغي له تركها، فإن أدخل زوجته في أضحيته أجزأها وإلا كان عليها أن تضحي عن نفسها اهـ. وفي المواق: قال مالك وليس على الرجل أن يضحي عن زوجته إلا أن يشاء بخلاف الفطرة اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ويستحب مباشرة ذبحها " وتقدم قول صاحب الرسالة وليل الرجل ذبح أضحيته بيده. وفي أقرب المسالك عاطفاً على المندوبات: وذبحها بيده، وكره نيابة بغير ضرورة وأجزأت، وإن نوى عن نفسه كذبح كقريب اعتاده. قال ابن جزي: الأول أن يتولى ذبح أضحيته بيده، فإن لم يمكنه فليوكل على الذبح مسلماً مصلياً وينوي هو لنفسه، فإن نوى الوكيل عن صاحبها جاز وإن نوى عن نفسه جاز خلافاً لأشهب، فإن ذبحها تارك الصلاة استحب إعادتها اهـ.
قال رحمه الله تعالى: " ويأكل ويتصدق بغير حد " يعني يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته غير شيء محدود وأن يتصدق للفقراء ويهدي للأغنياء والجيران. قال ابن جزي: الأفضل أن يأكل من الأضحية ويتصدق، فلو اقتصر على أحدهما أجزأ على كراهة اهـ. ومثله في الرسالة وغيرها. قال رحمه الله تعالى:
" ولا يجوز بيع شيء ولا يستأجر به جزاراً ولا دباغاً " قال في الرسالة: ولا يباع من الأضحية والعقيقة والنسك لحم ولا جلد ولا ودك ولا عصب ولا غير ذلك. قال خليل: ومنع البيع وإن ذبح قبل الإمام أو تعيبت حالة الذبح أو قبله، أو
ذبح معيباً جهلاً، ومثل الضحية الهدي والفدية والعقيقة. واعلم أن بيع هذه المذكورات غير جائز إلا المتصدق أو الموهوب له فيجوز لهما بيع ما تصدق أو وهب لهما، ولو علم ربها بذلك،