الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخرة، وقال ابن الآبار: في صفر تسع وستمائة، ابن ثمانين سنة أو نحوها.
636 - علي بن محمد بن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن [97 ظ] هيصم الرعيني
(1) : إشبيلي أبو الحسن ابن الفخار، صنعة أبيه، والبطشي، وكان سلفه فيها يعرفون ببني الحاج، كتب لي ذلك كله بخطه إلا شهرته بابن الفخار، وأخبرني به غير مرة، وأنه أراده أبوه على تعلمها فلم تساعده دريته عليها فصرف عنها، وذكر الراوية أبو القاسم بن الطيلسان أن الحاج الذي ينسبون إليه هو هيصم المذكور.
تلا القرآن العظيم بالسبع وبالإدغام الكبير عن أبي عمرو بن العلاء على أبي بكر القرطبي، وبقراءتي الحرميين وبعضه بقراءة أبي عمرو على أبي بكر بن عبد النور، وأكثر عنهما وأجازوا له، وبقراءة ورش على أبي بكر بن الرماك ومؤدبه أبي علي الزبار، وقرأ عليهما غير ذلك، ولم يذكر انهما أجازا له؛ وبها (2) على أبي العباس بن منذر إنهما لم يجيزا له، وأخذ بين سماع وقراءة عن أبي إسحاق بن غالب وآباء بكر: السقطي وابن طلحة وابن قسوم، ولازمهم، وابن العربي الحاج وابن الغزال الشريشي وابن مطرف،
(1) هذا هو أبو الحسن الرعيني (592 - 666) شيخ المؤلف وصاحب البرنامج المفيد الذي حققه صديقنا الأستاذ إبراهي شبوح (دمشق 1962) ؛ وهذا الحشد الذي أورده المؤلف من شيوخ الرعيني مستمد من البرنامج وفيه ما لم يرد في البرنامج أيضاً.
(2)
أي بقراءة ورش.
وأبوي جعفر: الجيار وابن كوزانة، وآباء الحسن: البلوي، وتردد إليه كثيراً، وابن جبلة وابن خروف والدباج وسهل بن مالك وابن قطرال، وأبوي الحسين: ابن زرقون، ولزمه كثيراً وتفقه به، وابن مجمل الصنهاجي وأبي زكرياء بن مرزوق وأبي زيد الفزاري، وأختص به طويلاً، وأبي سليمان بن حوط الله، وآباء عبد الله: الأغماتي وابن خلفون وابن مرج الكحل، وأبي عامر يحيى بن ربيع وآباء العباس: ابن عبد المؤمن والعزفي وابن عبد البر، ويقال فيه أبو القاسم، والنباتي المالقي، وأبوي علي: الرندي وابن الشلوبين، وأخذ عنه " الكتاب " وغيره، وأبي عمر بن مسلمة وأبي عمرو بن سالم وأبوي القاسم: ابن بقي والقاسم بن الطيلسان، ونتفع به كثيراً، وأبي محمد عبد الكبير، ولزمه ستة أعوام في طريقة التوثيق وتفقه به، وأجازوا له مطلقاً. وقرأ على أبي بكر اللاردي وأبي جعفر بن مسلمة، وأجازا (1) له ما قرأ عليهما خاصة، وعلى أبوي إسحاق: ابن حصن، وأختص به، وابن زغلل، ولزمه في [98 و] تعلم الفرائض، وأبوي بكر: الخدوج (2) وابن المرخي، وأبي جعفر بن فرقد وآباء الحسن: ابن بقي والشاري وابن عبد الله، وأبي الحكم ابن برجان وأبوي عبد الله: الأزدي السبتي وابن رشيق، وأبي محمد الشلطيشي، ولزمه للتفقه به مدة طويلة، ولم يجيزوا له؛ وصحب طويلاً أبا بكر بن هشام وأبوي بكر: محمد بن أبي عامر بن حجاج ويحيى التطيلي وأبا جعفر بن سماك وأبا زكريا ابن العطار وأبوي عبد الله: ابن دادوش وابن المواق وأبوي
(1) في الأصول: وأجازوا.
(2)
بالدال في الأصول وبالذال مضبوطاً في نسج البرنامج.
القاسم: ابن الصواف المصري وابن فرقد، وأبا المتوكل الهيثم وأبا موسى عيسى الذجي وأنتفع بهم ولم يذكر أنهم، أجازوا له، ولقي أبا إسحاق ابن سيد أبيه، وأجاز له السبع خاصة، وأبوي بكر: عتيق ابن قنترال وابن محرز، وأبا البركات الفارسي، وصحبه كثيراً، وأبا الخطاب بن واجب وأبا زكريا بن عصفور التلمسيني بها وأبوي عبد الله: ابن الخطيب البجائي وابن عطية المالقي، وأبوي العباس: ابن الرومية والقنجايري، وأبا علي بن سمعان وأبا عمرو محمد بن غياث، وآباء محمد: ابن حوط الله والكواب وعبد الرحمن الزهري، وأبوي القاسم: عبد الرحمن بن إسحاق المزياتي الفارسي بها، وعامر بن هشام والحاج أبا يخلف حمامة بن محمد بن عمران الزموري بها؛ ورأى أبا القاسم محمد بن عبد الواحد الملاحي بغرناطة، ولم يتعرف له، وأجازوا له. وأجاز له ممن لم يذكر لقاءه إياهم، وإن كان يغلب على الظن أنه لقيهم أو اكثرهم، أبو إسحاق بن القرطبي وابوا جعفر: ابن علي بن الفحام وابن مسعود وأبو الحسن القسطلي وأبو زيد القمارشي وأبوا عبد الله: ابن حريرة وابن عياض، وأبو عيسى بن أبي السداد وأبو محمد الباهلي وأبو المكارم قاصد بن يعمر. وكتب إليه مجيزاً ولم يلقه من أهل الأندلس: أبو إسحاق الزوالي وأبو بكر عبد الرحمن بن دحمان وآباء الحسن: ابن البناد وثابت الكلاعي والشقوري وابن هشام الشريشي، وأبوا الربيع: ابن حكيم
وابن سالم، وبعث إليه بجملة وافرة من مصنفاته، قال (1) : وأنتفعت به - رضي الله -[98 ظ] عنه وإن كان في شرق البلاد وكنت في غربها، واستفدت منه علي بعد الدار ما لم أستفده من سواه على قربها؛ وآباء عبد الله بن سعادة والشواش وأبي صاحب الأحكام وابن صلتان وابن عبد البر وابن المناصف وأبو العباس بن يزيد العكاشي وأبو مروان السخان وأبوا عمرو: ابن بشير وابن عيشون،،أبو القاسم الطرسوني وأبوا عبد الحق، ومن أهل القاهرة كمال الدين أبو البركات عبد القوي بن أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن أحمد التميمي السعدي الصقلي الأصل ابن الجباب (2) ، وخطيبها جمال الدين أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة بن المسلم بن علي بن هبة الله اللخمي ابن الجميزي، وقاضي القضاة بها زين الدين أبو الحسن علي بن يوسف بن عبد الله بن بندار الدمشقي، وحيدر بن محمود الأنصاري الشافعي وعبد القادر بن أبي عبد الله البغداذي وعبد القادر بن محمد بن سعيد بن حجدر الفارسي ونصر بن محمد بن المظفر بن أبي الفنون النحوي؛ ومن أهل مصر أبو الفضل أحمد بن أبي عبد الله محمد بن أبي المعالي عبد العزيز الجباب (3)
(1) برنامج الرعيني: 67.
(2)
هكذا ضبط الاسم في ح وأصول البرنامج بالجيم وتشديد الباء، وقد ترجم العماد في الخريدة (1: 189) وابن شاكر في الوفيات 1: 587 لوالده عبد العزيز الشهير بالقاضي الجليس وكتب الأسم هنالك " الحباب " بالحاء المهملة.
(3)
م ط: الجياب.
ابن أخي أبي البركات المذكور وبرهان الدين أبو محمد عبد العزيز بن سحنون بن علي الغماري الخالدي (1) وتقي الدين أبو الطاهر إسماعيل ابن ظافر بن عبد الله العقيلي وأبو [؟](2) عوض بن محمد بن صاف ابن علي بن إسماعيل الجميزي البوشي وأبو الحسن علي بن عبد الصمد ابن محمد ابن الرماح وأبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف الأنصاري القرطبي؛ وذكر في شيوخه الأندلسيين ابا محمد بن عطية المالقي وأبا مروان ابن سليمان بن عيسى الأنصاري، ولم يبين كيف أخذه عنهما؛ وله شيوخ غير من ذكر منهم: ابن عفير وأبو العباس بن الرومية (3)[؟](4) .
ولما ورد أبو عبد الله بن عابد الأندلس وتعرض فيها للتلبس بالكتابة عن بعض رؤسائها، خاطبه أبو عبد الله الجنان (5) برسالة إلتزم العين في كلماته جمع، وهي هذه:[99 و] .
يا ظاعناً عنا ظعنت بعصمة
…
ورجعت معتمداً بعز صاعد
عرج على ربع العلاء معرساً
…
(6) بمعان عز المعتزي للعابد العالم الأعلى العميد لعصرهالمعلي لعلام العلوم العاقد
…
(1) الخالدي: سقط من م.
(2)
بياض في الأصول، ولم يرد في البرنامج.
(3)
مر ذكره في شيوخه.
(4)
بياض في الأصول.
(5)
أنظر السفر الرابع من هذا الكتاب: 108 والتعليقات: 230 والإحاطة 2: 256 وعنوان الدراية: 213 والنفح 10: 271 وترجم له ابن عبد الملك في المحمدين.
(6)
في الأصول: عز المعتزيل العابد والتصويب من هامش ح، قال: اظنه المعتزى للعابد، ولم يقطع به.
وعساك تعلمه بعقد معظم
…
عني وعهد مساعد كالساعد
لتعود عنه برفعة فرقاعه
…
عندي لعمر علاه أعظم عائد طالعتك يا عمادي الأرفع، وعتادي الأنفع - علا كعبك، وعز شعبك، وساعدك عصرك، وتباعد عنك عصرك (1) ، وأرتفعت مصاعدك، وعمرت معاهدك، وأعجزت بدائعك، وأعجبت صنائعك، وسعد معاشرك، وقعد معاليك عن معاليك - مطلعاً على اعتقاد الاعتداد، ومسمعاً علياءك التعريف بالإعتماد، ليتعاضد المعقول بالمسموع، وتتعاقد على رعي ودائع الضلوع، ويتعبد للمطالعة مهيع، ويعذب للمراجعة مشرع، ولعمر يراعتك المبتدعة، وبراعتك المخترعة، وطبعك المعين، وإنطباعك المعين، وأسجاعك المرصعة، وأشعارك المصرعة (2) لعمرت عصراً يمنعني عن إعلامك بالإعظام، إعظامك عن الإعلام، ويعوقني أيضاغ البضاعة، ويضيعني عدم الاستطاعة، ويعيدني عبي عهد السمع والطاعة، وتعوزني العبارة، وتعجزني الإستعارة، على رقعة أبعثها لبقاعك، وأستعيض عنها بعض قراعك، فعذت بالعين، عياذ المعدم بالعين (3) ، فأرعتني سمعاً، وأعارتني سجعاً، ودعتني لأتباعها، ووعدتني باتساع باعها، فعجبت لتصرعها (4) ، بعد تمنعها، وتواضعها مع ترفعها، فعرفتني
(1) عصرك: وقتك، ويعني بها وقت الأجل.
(2)
في الأصول: المسرعة؛ والتصريع في الشعر، جعل عروض البيت مثل ضربه.
(3)
العين: الذهب أو المال.
(4)
التصرع: كالتضرع، التذلل والاستخذاء.
بإلماعها، معنى إجتماعها، واعلمتني بطوعها، لزعيمة نوعها (1) ، للمتنعة بترفيع المصاعد، المتبعة لتعريف عدد العابد، فأعظمت موقعها، ورفعت موضعها، وعاينتها مهطعة لداعيها، متبرعة بسعيد مساعيها، فانعمرت بجمعها الشعاب، وأذعنت لعظمتها الصعاب، فعب عبابها، وعم [99 ظ] غيعابها، واوسعت ربعي إمراعاً، واقطعتني العد إقطاعاً، ورعت لمعتمدها إنقطاعاً، فقنعت ببعض عطائها الممتع، واعفاني عفوها عن التعب المتعتع، وجعلت عجالتي بعلمها معلمة، وبالإعتراف بعارفتها معلمة، ولتشعب المعاني، وتصعبها على المعاني، اعلنت بالقناعة، واعترفت عندهن بضعف البضاعة، فعذلن وعذرن، واعن واطعن، وتبعن وأندفعن، وعلمن المانع عن جميعهن، فرجعن بعد إصطناع معروف أعرفه لصنيعهن؛ فافعل يا عقيد العوارف، وعميد المعارف، فعلهن، عند إعتذاري بالعجز، وتواضع لمعظمك تواضع الأعز، فألمعيتك تدعوك للإسعاف، ومعلاتك تعطفك على الضعاف، فعلامة عمان، وشاعر النعمان، والساعدي وإسجاعه، والعبادي وإمتاعه، والأصمعي وسماعه (2) ، يعجزون عن تنويع بديعك وبديع تنويعك، فعذراً لمنتجع تضيع عشبه، ومتبع تصدع شعبه، اطالعها عليك متلفعة للعي عباية، ومستطلعة عندك عناية، يدعو
(1) م ط: نزعها.
(2)
علامة عمان: الإشارة غير واضحة وربما عنى ابن دريد لأنه نشأ بعمان ولا أراه العمان الراجز فإنه ليس من عمان وإن نسب إليها، وشاعر النعمان هو النابغة؛ أما الساعدي فالنسبة فيه إلى بني ساعدة من الخزرجوأراه هنا يعني قس بن ساعدة وأضطره لزوم العين إلى ذلك، وإلا فإن قس بن ساعدة إيادي النسب، واما العبادي فقد يشير إلى عدي بن زيد العبادي الشاعر. ي
عهدك ليجمع شعاعه، ويطلع عليك شعاعه، ولينعم برقعة كالرقيع، وبديعة كالضريع، أعتزت المعلوات لعادتك، وهمعت عين سعادتك، وأعزك العزيز بطاعته، وعصم العلم بعصمتك عن إضاعته، بعزته العظيمة، ونعمته العميمة، وتعتمدك عاطرة تتضوع عنبراً وعبيراً، وتعبر عن تعطشي لمشارعك تعبيراً.
فشاعت هذه الرسالة بالأندلس، وتنوقلت شرقاً وغرباً، وتحدث بعجز أبي عبد الله بن عابد عن مراجعة أبي عبد الله بن الجنان، فراجعه شيخنا أبو الحسن الرعيني رحمه الله عاتباً، والتزم من العين في كل كلمة ما التزم أبو عبد الله بن الجنان وزاد التزام العين قبل روى الأبيات التي أفتتح بها هذه المراجعة، وهي هذه:
أعد التعهد للعميد (1) بعطفة
…
(2) تعني برجعة عهدك المتباعد
وأعد سمعك للعتاب أعيده
…
لتعود للاعتاب عود مساعد
أعهدت عقد العزم عندي عارياً
…
عن رعي عهد معاهد ومواعد
[100 و] فعدوت عادتك العلية منزعاً
…
وعدلت عن عضد عرفت (3) وساعد
وعطفت عن عمد عنان عناية
…
عني فعذت بعزك المتصاعد
(1) م ط: بقطعة.
(2)
تعني: تنبت.
(3)
ح: عرت، وبين الراء والتاء خرم.
وتنعمت بعيون سجعك أعين
…
نعمتها ومسامع لأباعد
عجباً لساع معمل لعناية
…
تعدوه منفعة العناء لقاعد يا علمي المتبع، وعارضي المنتجع (1) ومعتمدي المطاع الممتنع، تعهدتك للنعم همع عهادها (2) ورعتك للعصم شرع صعادها (3) واعتنى السعد بإعلائك، واعتلى العلم باعتنائك، ورفعت الأعين لزعامة إبداعك، وعمدت البراعة بدعامة اختراعك، وسعد سعيك، ووسع المعارف وعيك، وأمرع ربعك، وامعى طبعك (4) ، وصرع عداتك؛ وصعدت معلواتك، وأشرعت للصعود مهايعك (5) ، وأترعت بالسعود مشارعك، يطالعك باضوع العطرات عبقاً، وأسرعها لعلاك عنقا (6) ، متابع تعظيمك، ومنتجع تعليمك، علي الرعيني، وبعد: فرقعتك الرفيعة عنت فعنت العقول لروائعها إذعانا، ورفعت معالمها إشعاراً بتعجيز متعاطيها وإذعانا، واستدعت مدعي معارضتها ليعمل معارضا لبدائعها إمعاناً، فكع إعياء وإبداعاً (7) ، وأطلع فارتدع عجزاً وانقطاعاً، واستتبعته فعاد بعظمها ارتياعا،
(1) م ط: المستجع، وكذلك في ح، إلا أن التصويب فوق الكلمة بخط دقيق.
(2)
العهاد: الدفعات من المطر، والهمع: الهاطلة.
(3)
الصعاد: الرماح.
(4)
أمعى: يقال في النخل إذا ارطب.
(5)
المهايع: جمع مهيع وهو الطريق.
(6)
العنق: السير السريع.
(7)
الإبداع: كلال الراحلة وانقطاع صاحبها.
وأسمعته فاستعاد عجائبها استماعا، وأولع بمراجعتها فتلعثم (1) عيا، ودعاً دعيا، لتعالي مطالعها عن المطامع (2) ، وتعاصي منازعها على المتنازع، وتدفعها بالعباب (3) ، وترفعها عن العاب، وتلفعها بعنان الإعجاز، وتمنعها بالاعتزاز للاعتزاز، وتعليها ليفاع العالم المتوسع، وتعريها عن تنطح المتعالم المتطبع (4) ، اعتام عقودها علم فرع، (5) وصنع برع (6) ، استعد بمعانة عده (7) ، وأسعدته إعانة العلي لعبده، فعمد لاعذاب عيونها، وعني باستيعاب عيونها، واعرس لعذارها وعونها، واستجمع لجمع انواعها، وتتبع عياب متاعها (8) ، وقطع علائق اعتذارها وامتناعها، واستعرض عقائل بزاعتها (9) ، وعرض أعلاق بضاعتها، وابتدع صناعتها، [100 ظ] فنعم ونعم، وأترع وأفعم، وفرع وشعب، فاعجب، وألمع، فأقنع، ودعاها فبخعت بالطاعة (10) ، واستعطاها فأعطت وسع الاستطاعة، وأرعاها سمع عناية وعين رعاية فعدتها عوادي الإضاعة، وعنك يا رافع أعلام المعالي،
(1) في جميع النسخ: فتعلثم.
(2)
م ط: الطامع.
(3)
في الأصول: وتدبعها بالعياب.
(4)
المتطبع: المتكلف ما ليس في طبعه.
(5)
اعتام: اختار، علم: شبهه بالجبل، فرع: علا وارتفع.
(6)
الصنع: الحاذق.
(7)
معانة: غزارة، العد: البئر القديمة التي لا ينضب ماؤها.
(8)
العياب: الحقائب.
(9)
البزاعة: الملاحة وذكاء القلب.
(10)
بخعت: أقرت.
والمدافع لليراع عن العوالي، عبر الاعتبار، ولعلاك اعيد المستعار، فعبادان وعمان، والعراق والنعمان، والصريع والخليع والبديع والبعيث والعقيلي والعتابي والعتبي والاعشيان والاعميان والعينان والعلمان (1) ، والأعلام وبقاعهم، والعلماء وأسطاعهم (2) ، عندك اجتماعهم، وعليك انعقد إجماعهم؛ ولعمر مربع علائك، ومعفر اعدائك، وطابع طباعك، على انطباعك، ومعطر بقاعك، بضوع رقاعك، لاعلى علم علمك، واعرف عن الألمعية عقدة عزمك، وأبدع ألمعيتك، واعذب لوذعيتك، وجعل العلية رعيتك، فعلا عصر أودعته على الأعصار، وتعدى المعطال للمعطار، وتمتع بالعشية والعرار (3) ، واسترجع عراراً بعد تعاقب الأعمار، واستطلع لمع الاسجاع وبدع الأشعار، وتسرع عند سماع مصرعها ومرصعها لخلع
(1) بعض هذه الأسماء واضح الدلالة، فالصريع هو مسلم بن الوليد صريع الغواني والخليع هو الحسين بن الضحاك والبديع هو بديع الزمان الهمذاني، والبعيث الشاعر الأموي المجاشعي الذي دخل في المهاجاة بين جرير والفرزدق، والعتابي هو عمرو بن كلثوم الشاعر المترسل (الأغاني 13: 107 والفهرست: 181) والعتبي هو أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله ابن معاوية وكان فصيحاً توفي سنة 228 (الفهرست: 182 وطبقات ابن المعتز: 314) وهناك أبو النصر العتبي من شعراء اليتيمة. أما العقيلي فتدل على غير واحد ولعلها تعني هنا بشار بن برد لانه كان عقيلياً بالولاء أو أبا الحسن العقيلي أو مزاحماً العقيلي، وكذلك الأعميان فهناك من بلغائهم - إذا عددنا العقيلي بشارا - أبو العيناء وأبو العلاء المعري.
(2)
أسطاعهم: كذلك هي في الأصول: ولعل صوابها: وأسقاعهم، والسقع: لغة في الصقع وهي الناحية.
(3)
إشارة إلى قول الشاعر وهو الصمة القشيري:
تمتع من شميم عرار نجد
…
فما بعد العشية من عرار
العذار؛ وعجباً لعدوك منزعك العيني، لفرع العابد عن الرعيني، ورعين اعز معارفك، وأعرف بمعارفك، واطوع اتباعك، واسرع لاتباعك، تدعوها فتسمع، وتستتبعها فتتبع، ويصعب انتزاع العادة، ويتعب عناء الإعادة، ومع تعرضي للمعارضة فاعترافي يعرف، واستعطافي يتعرف، فأوسعني عذراً اتطلعه، وادفع عني ذعراً أتوقعه، ودعني لأدع الاضطلاع بالاعباء، وأرفع العصب بالعباء، وأتنطع بالعجمة عند العرب العرباء - عمرت وعوامل سعدك رافعة، وعوالم عصرك لعزك خاضعة، وعصيات اليراعات لطاعتك مسارعة، بمعونة المعين المنعم، ومعاذ الاعطر الأضوع عليك يعبق فيسطع متضوعه، ويهمع فيمرع متنجعه، ما هجعت عين، وهمعت عين، وسطعت عين، بعزة العزيز.
فراجعه أبو عبد الله بن الجنان على شرط التزام العين في [101 و] كل كلمة أيضاً بقوله:
أتعتبني عمادي عمد عين
…
(1) وعين العذر تعرفه كعيني
وعهدي عهد معتقد عليم
…
بمعتز اعتزائك في رعين
وعجزي معلن بالعذر عني
…
فدع عتبي أيا سمعي وعيني
وعودني التعهد باعتناء
…
(2) وعوذ عهدنا عن لقع عين
(1) عمد عين: عمداً صريحاً؛ عين العذر: حقيقته وشخصه.
(2)
لقع العين: الإصابة بالعين.
وضع للعدل معيار اعتدال
…
(1) عظيم معتل عن عيب عين
أأعمد للبديع بديع عصري
…
بعين العي عنت بالمعين
وعندي عقد إعظام وعلم
…
بعلياه لعمدي مانعين
وضعفي عاقني عن بعث عين
…
(2) تعوضها بعقيان وعين
فعدت علي معتمدي بصنع
…
(3) لتصنعني على رعي وعين
وتمرع عرصتي عن بعد عهد
…
(4) بعهد هامع عن عين عين
وتبدع للمعالي معجزات
…
(5) فتطلع للعيون شعاع عين
فيا علماً لأعلام عظام
…
علا بالعلم اعلى المطلعين
ويا عيناً يعرفنا رعيناً
…
بعز العزم عند المجمعين
ويا معتام صنعته اختراعاً
…
(6) عجيب النوع معتاماً لعين
سأتبع شرعك الأعلى اتباعاً
…
وأشرع عند عذب المشرعين
وأطلع للعيون على شعاب
…
(7) ببعث طليعة وببعث عين
وأدعو عربها شعباً فشعباً
…
لأجمع جمع عين للرعيني
وأرجع شيعة لعلا علي
…
وأنزع بانتزاعي منزعين
(1) سقط البيت من م؛ العين في الميزان: الميل إلى إحدى الناحيتين.
(2)
العين: الطليعة ويعني به هنا الرسول، والعين: الذهب عامة أو المال الناض الحاضر.
(3)
صنعه على عينه: أي بإشفاق أو من حيث يراه.
(4)
العين: السحاب.
(5)
العين: الشمس أو شعاعها.
(6)
العين: حقيقة الشيء.
(7)
العين: الطليعة أو الديدبان.
وعندي بعد عودتي اعتراف
…
ومعذرة تعاد لذي رعين
وبعض الشعر عن عين عري
…
(1) فعد الموضعين بموضعين يا عمدتي وعصري، وعدتي لعصري، ومشرعي ومشرعي، وعضدي وعذبي - نعمت عيناً بمتتابع النعما، وعلوت يفاع العزة القعسا، وهمعت مرابيعك، ونبعت ينابيعك، وتطلع صديعك، وانطبع بديعك، وساعدك الاسعاف وساعفك الإسعاد، ورجع لتعليمك المستعار والمستعاد، وارتفع بإصعادك العلاء وعلا برفعتك الإصعاد [101 ظ] ، وأعملت لربوك العيس، واستعذب بعقوتك التعريس - اعلمنيك أبصنعاء معالمك وبقاعك، فبصنعتها اعلمت ووشعت رقاعك، وعرفني: أرجعت طوالع السجع، وعادت الشعرى، مطبوعة شعرا، ورفعت برقع برقعها (2) ، وأطلعت برقعتك طلعها (3) ، فصدعت بمعجزتك الساطعة صدعاً، وقطعت عن معارضتها الدعاوى المعترضة قطعاً، فعاينا عقلة العجلان، واعجوبة السماع والعيان، واعتقلت عقولنا عقيلتك العلياء، وعربيتك العروب العيناء، فعارضت واعترضت، وعنت فعنتت، وعنت وأتعبت المعاني للمعاني، وقطعت المتعاطي عن التعاطي، فيا لمعجمة معجبة، ومطيعة منعة، فو إعجاز براعتك الناصعة، وإعجاب يراعتك الصانعة، لعرضتني للعناء، معرضة
(1) في القصيدة موضعان لم ترد فيهما العين وهما " في " في البيت الثاني و " لذي " في البيت التاسع عشر.
(2)
برقع: السماء، وقال أبو علي الفارسي: هي السماء السابعة، لا ينصرف.
(3)
الطلع: كل مطمئن في كل ربو إذا طلعت رأيت ما فيه.
بالاعتناء، عند استدعائها لبضاعتي، وتعنيفها على إضاعتي، فاتسع المقطوع على الراقع، وأوجع وقع العتاب الواقع، وأعدت والإعادة مشروعة للمضيع، وتصنعت والعادة اصطناع المتصنع، والعين مع نعتها بالمعانة، وبعثها لبعوث الإعانة، تعوز عند التضرع لمطالعتك، ويزعزعها الرعب عن مراجعتك، وبعد معاناة عمدت للعابدي (1) ، وتشجعت تشجع عامر العامري (2) ، وعدولها عنك تعلم معناه، فاعذر متعب عتبك ومعناه، فو معشوق الدعج ومعسول اللعس، وانصداع الصديع عن عابث للشعور عسعس (3) ، وعفقة العذار (4) ، وعطفة الاعتذار، ومراعاة عهود العلاقة والاعتلاق، وانعطاف الفروع الناعمة للتنعم بالاعتلاق، نعم: والعيش ونعيمه، والسعد المساعد بعظيمه وعميمه، والمربع المريع المنيع (5) ، والربعي المرصع للربيع (6) ومعاطاة المعاطس العاطر، ومطاوعة المعاصي المعاصر، والمعالنة برائع شعارك، والمعاينة لبدائع أشعارك، واللوامع والهوامع، والشعائر والشرائع، لرعتنا (7) بمخترعاتك، وخرعتنا
(1) يعني أبا عبد الله ابن عابد الذي توجهت إليه الرسالة.
(2)
لعل المشار إليه هو عامر بن الطفيل العامري.
(3)
الصديع: الفجر ويعني به هنا الشيب؛ عسعس: أقبل بظلامه.
(4)
عفقة العذار: عطفه.
(5)
المريع: المخصب.
(6)
الربعي: أول ما يظهر من زهر في الربيع.
(7)
غير واضحة في الأصول.
بمبتدعاتك، (1) وامتنعت عنا عينيتك امتناع رعين، وعزت بدعها باستتباعها عن التبعين، فاستصعبت على المصعبي (2) ، واعتزلت عن المعتزلي، وطوعت المطوعي (3) ، وعقلت العقيلي، وعرت عن [102 و] معارفة المعري، واستعبدت عبدان والعبد كاني (4) ، وعدت عن تعاليها العلوي والعثماني (5) ، وبعدت عن تعاطيها العنبري والزعفراني (6) وأعوزت بعدم نوعها عمراً والثعالبي (7) وعمدت لوضع عماد العماد (8) ، وعزت إسماعيل المعتزي لعباد (9) ، ولفعت العجاج، بالنقع والعجاج، وأعيت على السعدي وساعده (10) ، وأضعفت عضد الجعدي وساعده، وفرعت بالعراق جمع الشعراء، ورفعتك على العظماء، وعظمتك عند العلماء، وأشعرت بعجيب منازعك، وشرعت تعنيف منازعك؛ فبعيد
(1) خرعتنا: رمتنا بالخراع وهو الجنون.
(2)
لا أقطع جازماً بالذي يعنيه هنا، ولعله أبو الطيب المصعبي من شعراء اليتيمة (4: 79) .
(3)
المطوعي: يعرف بهذه النسبة أبو حفص عمر بن علي المطوعي من شعراء اليتيمة والدمية.
(4)
عبدان: في شعراء اليتيمة من اسمه عبدان الأصفهاني الخوزي فلعله هو المقصود، أما العبد كاني فلعله ابن عبد كان كاتب الدولة الطولونية.
(5)
النسبتان عير محدودتي الدلالة، فالعلوي ابن طباطبا أو الشريف الرضي أو المرتضى وكثير غير هؤلاء، والعثماني كذلك في التعميم.
(6)
الالماع بين الجمع بين النسبتين، ولكن غموض الدلالة أيضاً وارد في المقام وهناك عون ابن علي العنبري من مداح سابور بن أردشير وأبو القاسم الزعفراني من مداح الصاحب بن عباد.
(7)
عمرو بن بحر الجاحظ أو عمرو بن مسعدة، والثعالبي صاحب اليتيمة.
(8)
العماد الأصفهاني كاتب صلاح الدين الأيوبي.
(9)
يعني إسماعيل الصاحب بن عباد.
(10)
السعدي: لا أراه يعني ابن نباتة هنا وغنما المخبل السعدي لأنه جمعه مع ساعدة، وهو ابن جؤية الشاعر الهذلي.
على الشاسع عن الصنعة المتباعد، الراجع عن النجعة بعرقوبي المواعد، شروع بشرائعك العذبة، وتشرع بشرائعك الصعبة، أيعادل المستضعف بالمستطيع، ويعد المستعصي كالمطيع، ويجعل العصفور كالعقاب، والعير كأعوجي العراب، فاربع على الأتباع، يا قاطعهم عن الاتباع، باتساع الباع، وغمعان الملعان والإسراع (1) ، فبتواضعك ترفعنا، وبموضوعاتك تنفعنا، وبعراك اعتلاقنا، ولعراك أعناقنا، ومعارفك أعرف المعارف، وعلو علومك معتقد الظاعن والعكف، ونبعتك ممتنع عودها عن العجم، ورفعتك عال عمودها عند العرب والعجم، فرعت الأعلام فرعت العوالم، وتعبدت المعالي فعبدت المعالم، وطبعت على طباع الانطباع، وطبعت عسجد الصناعة عقوداً لاعناق ورعثاً لإسماع (2) ، وأعطاك عطارد مستطاعه (3) ، ودعاه داعيك فأطاعه، فأطلعتها كاعباً لعوباً، وعروسها لعوبا (4) ، عراقية الطبائع، معرقة البدائع، عنت العيون لطلعتها، وتتلعت الاعناق لتلعتها. وبعد علمنا بتبرع براعتك بإطلاعها، وترجيع العبيدي لتلعتها. وبعد علمنا بتبرع براعتك باطلاعها، وترجيع العبيدي والعودي معبد سماعها، اعتمدتنا عينها الثعلية (5) ، وأسعدتنا بمعاينتها عنايتك العلية، فعميدنا العمير، ورفيعنا النعماني، وبديعنا
(1) الملعان: الاسراع في السير.
(2)
الرعث: جمع رعاث وهو ما تقرط به الأذن.
(3)
من خصائص عطارد عندهم في البنية حسن القامة وحسن النطق، وفي الأخلاق الذكاء والفطنة والحكمة والسكينة والوقار والعطف والرافة والثبات في كل أمر ورعاية الحق؟ الخ.
(4)
كذا، ولعلها: عروبا.
(5)
المنسوبة إلى بني ثعل وهم مضرب المثل في الرماية.
العشبي (1) وجميع العلية البرعة، المعروفين بالمعارف المتسعة، استعظموا روائع عجابها، واستعطوا بضائع عيابها، واستعطروا نوعها (2) ، واستبدعوا نوعها، واعادوا [102 ظ] مستعذبها، واستعذبوا معادها، ودعوا للاستعلام عنك يا علم الأعلام سعادها، وعينوا علي الإعادة شرعاً، وجعلوني أتبع عيصها فرعا، فاتبعت الجماعة، وعشوت بلمع الإلماعة، مع علمي بصعوبة مسعاي، وبعد السعدان عن مرعاي (3) ، فجمعت جزعها، وجزعت على جزع جزعها (4) ، وعرضتها لأعرضها على العارف بعيوب السلعة، وأعطيها معطى العابد بالشفعة، فارفع عند العثار بضبعها (5) ، وشفع شفيع الاعتذار بتعذر (6) شفعها، وارع عهد اعتقادي، وعقد اعتمادي، فعندي لبعادك التعاج لوعة، واعتلاج روعة، وضراعتي للعلي العظيم، السميع العليم، عساه يجمع المصدوع، وينفع الضلوع، ويطلع علي أعلاقك وعقائلك، ويمنع بمعتقلاتك معاقلك، ويرفع قواعدك، ويعلي مصانعك ومصاعدك، ويمتع بمعاقد العز معاقدك، ويمرع بالسعود مرابعك ومعاهدك، بعزته
(1) هؤلاء من أدباء الأندلس المعاصرين حينئذ لابن الجنان فالعميري هو أبو المطرف ابن عميرة، والنعماني لعله عمر بن عيسى بن النعمان وبينه وبين أبي المطرف مراسلة، والعشبي: يشير إلى غير واحد من المشتغلين بالأعشاب أو علم النبات وأشهرهم ابن الرومية.
(2)
نوعها: تمايل الريح بها.
(3)
السعدان: من المراعي الطيبة وفي المثل: " مرعى ولا كالسعدان ".
(4)
الجزع: ضرب من الخرز ويعني به عبارات الرسالة، والجزع: مصدر - بمعنى القطع للوادي، والجزع - بالكسر - منعطف الوادي أو ما اتسع من مضايقه.
(5)
أعنها على النهوض، والضبع: وسط العضد.
(6)
بتعذر: سقطت من م ط.
وعظمته، وعليك يا معلمي وعلمي عبقة متضوعة العرف، معروفة الإعادة معادة العرف، تعلمك بتعظيم المعتمد على علائك، المعتد باعتنائك.
فأجابه شيخنا أبو الحسن الرعيني رحمه الله على شرط التزام العين في كل كلمة أيضاً:
علاك علت علو الشعريين
…
مصاعدة لاعلى المطلعين
وأربعة السعود عنت لسعد
…
عدتك برعيه لقعات عين
ومعهدك العلي تعهدته
…
بهامعها عهود عهاد عين
أعاد على العلا عصري سعود
…
بريعان المعارف ممرعين
عنيت بمنزعي عمل وعلم
…
عناية مولع بالمنزعين
تساعدك المعانة باعتماد
…
على طبع وصنع طيعين
وتعطيك المعاني والمعالي
…
عناني طائعين متابعين
فتخترع البدائع بارعات
…
لمبدعي البديع الأبرعين
وتعتام العجائب مطلعات
…
سواطعها على سمع وعين
وتعتمد العقول بمعجزات
…
أشعتها تروع الساطعين
[103 و] أطاعك بارعاً شعر وسجع
…
لطوعك سارعا متبرعين
أمطلعها علي رقاع علم
…
تطالع بالعيون عيان عين
ومسمعها براعة مستعد
…
بأبرع مستعاد المسمعين
ومودعها بضاعة ألمعي
…
قريع عزازة قعساء عين
معنونة على عكمي بديع
…
باعلاق المعارف مترعين
ومعتمدي بعارفة اعتناء
…
عرفت لعرفها عرفان عين
كرعت بعدها فنعمت عيشاً
…
كعطشان تطعم عذب عين
أعز سمعاً لعذر العجز عنها
…
(1) فتصنع باعتبار مصنعين
وللأعذار منفعة وعذر
…
تعرف، عاق عمراً عن رعين (2)
وعندي لاعترافي واعتلاقي
…
شفاعة شافعين مشفعين
وتجمعنا الشعوب وعقد عهد
…
مريع الربع فارع الجامعين
وثعلبة ليعرب معتزاه
…
ويعرب معتزى للتبعين
عمرت معرفاً دعة وعزاً
…
وعشت بنعمة ونعام عين علاؤك مشعر إعظامي، ومفزع اعتصامي، وعمدة اعتمالي، وصعدة اعتقالي، وعزوة اعتمادي، وعروة اعتدادي، ومهيع إشراعي، ومربع نزاعي، وعهدة اعتلاقي، وعدة اعلاقي، ومعهد اتباعي، ومصعد استسعادي، بمعانك أضع عصا الظاعن، وأمتنع عن الطاعن، وأستعلي عن السامع والمعاين، وبعنايتك أعالي الرعان، واتعاطى الإمعان، وأدعي الإفراج، واعني اليراع، وأدافع العي،
(1) المصنع: الشيء المستملح.
(2)
لعله يشير إلى قصة عمرو بن أسعد أحد التبابعة، وخاله ذي رعين، وكان عمرو قتل أخاه حساناً ونهاه ذو رعين عن ذلك، ثم ندم على قتل أخيه وأصابه أرق فقيل له ولا يزول عنك إلا إذا قتلت كل من أشار عليك بقتل أخيك فجمعهم وفيهم ذو رعين، فذكره ذو رعين ما كان من نهيه له عن قتل أخيه، وبذلك نجا من القتل.
وأضارع الألمعي، وأعادي المعيب؟ ي (1) وبعينك إعلاني بصنائعك، وإذعاني ببضائعك، واعترافي بطاعتك، واستضعافي عند ضلاعتك، واستطعامي مستعذب معانتك، واستطواعي المستصعب بإعانتك، واستطلاعي طلع عيدانتك (2) ، واسترجاعي رجع عنانتك (3) ، فارعني رعي أتباعك، وأرعني رعي سماعك، واعتقدني عاجزاً عن بعض مستطاعك، فالمعاني عانية باختراعك، ومخترعتها عون بافتراعك، والدعاوي منقطعة باعجازك وإبداعك، والد؟ ى (4) مجتمعة على انطباع طباعك، واتساع [103 ظ] باعك، ومعارضك مدفوع عن عرضك، مروع بطلائع عرضك، مسمع - على إيساع عوده عجماً وعضاً -: أيعارض إمعة عضا (5) ، الخروع يعضد ويعضى (6) ، والنبع يقرع بعضه بعضا (7) ، ليعدي عن المعجز العائد بإعناته، ويدع التعني بالمعون ومعاناته، ويعنو للمنعم بالعتق على عناته؛ وطلعت علي بإطلاعك اعجوبة المسموع، وعروبة
(1) كذا في الأصول، ولعلها: الأمعي.
(2)
ح: عيدانيك؛ والعيدانة: النخلة.
(3)
العنانة: السحابة.
(4)
كذا في الأصول.
(5)
العض: الداهية.
(6)
الخروع: الشجر الهش، يعضد: يكسر، يعضى: يقطع إجراء.
(7)
النبع: شجر صلب، وهذا مثل، انظر الميداني 2: 197 والعسكري 2: 231 وفصل المقال: 8، 120 وقيل إن زياداً قاله في معاوية.
الأسبوع (1) ، ورعبوبة البرقوع، (2) يستطع لمعانها، وينصع عقبانها، ويستبدع عيانها، ويستعبر العيون عيانها، ويستتبع العقول عننها (3) ، ويروع الضلوع ظعنها، لعوباً أمتعت بعلو منازعك، وعروباً أعربت عن عذوبة مشارعك، فودعجها المتعشق، ولعسها المعتق، وتلعها الفارع، وفرعها اليانع، وردعها الساطع (4) ، ومعصمها المفعوعم، ومعطفها المتنعم، ومواقع عقدها، وبزاعتها (5) المستطلعة، وعصابتها المرصعة، لاعتقدتها معجزة الاعصار، وعطوتها عطية متعداة بالاعتصار، وعلمت تعززها عن المعاد والمعار، ونعمت بمعانيها العجيبة تنعمي بالعروس المعطار، أعزز باعتزاز (6) عنصرها لعلم أعلمها ببعض اعلامه، واعتزاز علمها برفيع أعلامه، وتسرعها مع تمنعها لاعتزامه، أبدع بدائعها، وأعذب مشارعها، وعبد مهايعها، وعين مرفوعها، وعنعن مقطوعها، وعزل معلولها، واستعمل عدولها، فاستجمعت أنواع البراعة، واستعادت أعلام الصناعة، وأسمعت عجائب الإعراب، وأودت لمع الأعراب، وجمعت الصنع والطبع جمع الاستيعاب، وأعطت الأعين والأسماع جوامع عجب العجاب، فربيع على بعد الاعصر
(1) عروبة الأسبوع: يوم الجمعة.
(2)
البرقوع: لغة في البرقع.
(3)
العنن: الاعتراض، ولعلها: عمنها بمعنى الإقامة لتكون في مقابل " ظعنها " من حيث المعنى.
(4)
الردع: أثر الخلق والطيب، أو الصبغ بالزعفران.
(5)
البزاعة: الظرف.
(6)
كذا ولعلها: باعتزاء.
بمعاليها يسجع، وبمراعيها يرتع، والجامعي عندها يرجع، وجعفر يوقع، والعبدري يرصع، وأشجع يصدع ببدعه (1) ، والمرعث يعشق بمسمعه (2)، والخزاعيان: دعبل يعرب عن معلوات يعرب، ومعنى عزة (3) يعاني علقم إعراضها ليعذب، والعديان: العاملي يعرق ويعمن، والعبادي للنعمان يعنو ويذعن (4) ؛ وعمر تدفع عنه كاعباه ومعصره (5) ، والعتيقي يسعده ويعذره (6) ، والعرجي تروعه عيون العين وتذعره (7) ، والمولع بعقاره وعنانه، [104 و] يعلن بخلع عذاره وعنانه (8) ، والعنزي (9) وعتبياته، والصانع ومعتصمياته (10) ، وتابعه وجعفرياته (11) ، والمطبوع وعضدياته (12) ،
(1) هو أشجع السلمي، أنظر الأغاني 18: 143 وطبقات ابن المعتز: 251 وتهذيب ابن عساكر 3: 60.
(2)
المرعث: بشار بن برد.
(3)
معنى عزة: كثير بن عبد الرحمن الخزاعي المشهور بكثير عزة.
(4)
العاملي: عدي بن الرقاع، والعبادي: عدي بن زيد.
(5)
يشير إلى قول عمر بن أبي ربيعة.
فكان مجني دون من كنت اتقي
…
ثلاث شخوص كاعبان ومعصر (6) ابن أبي عتيق صاحب عمر بن أبي ربيعة.
(7)
العرجي: عبد الله بن عمر بن عمرو من شعراء الدولة الأموية (الأغاني 1: 357) .
(8)
هذا ينصرف إلى غير شاعر منهم الوليد بن يزيد وأبو نؤاس ومن كان على طريقتهما في خلع العذار.
(9)
العنزي: أبو العتاهية لأنه مولى عنزة، وعتبياته: قصائده في عتبة جارية رائطة بنت أبي العباس السفاح.
(10)
الصانع: أبو تمام، ومعتصمياته: قصائده في المعتصم.
(11)
تابعه: البحتري، والجعفريات ما قاله في مدح جعفر المستنصر.
(12)
المطبوع: المتنبي، وعضدياته: أمداحه في عضد الدولة.
وشاعر المعرة وعنقاؤه (1) ، وعبدان الشعر وعتقاؤه (2) ، والعباسي والعلوي، والعبشمي والعبدي والعطوي والعبدري، والعكلي والعكي العامري، والمعمري والعميدي، وعمرون المسعدي، والوكيعي والمقفعي، وعبد العزيز السعدي (3) وشعر الاشعري الأعلمية (4) ، وأعداد أعيان يجمعهم شعار العلمية، ويسعهم اعتبار العينية، ومتتبعهم يتعرض للعباب العد، ويعالج اعقاد عالج بالعد، عمري لاعتمدت شياعها (5) معجباً، وعاودت استماعها متعجباً، وعاودت استماعها متعجباً، ورجعت اسجاعها مستعذبا، وعلمت موقعها بمسامع المساطع (6) ، وموضعها عند بوارع المطالع، وانطباعها للضليع واستعصاءها على الظالع، وتعرضت لاستعلام نزاعتها (7) ، وتعلم اختراعاتها، فأعرضت عن أطماعي، وعرضت بعسو طباعي، وأسمعتني: أعود يعلم العنج (8) ، وعشي يتعاطون الدعج، اربع على ظلعك، واقنع بوسعك: فربعت وقنعت، وسمعت
(1) عنقاؤه: إشارة إلى قوله: " أرى العنقاء الكبر أن تصادا ".
(2)
عبدان الشعر أو عبيده، الذين يسرفون في تنقيحه أمثال زهير والحطيئة.
(3)
عاد هنا إلى تعداد نسب لا يمكن التثبت من أمرها على وجه التحديد، ولكني أشير منها إلى العطوي فقد ذكره أبو حيان في الشعراء المحارفين وكذلك العميدي أما الوكيعي فيمكن أن يكون منسوباً إلى ابن وكيع التنيسي، وأما عبد العزيز فهو ابن نباتة السعدي.
(4)
كذا ورد في الأصول، ولم أتبينه.
(5)
الشياع: صوت قصبة ينفخ فيها الرعي.
(6)
المساطع: جمع مسطع وهو مكان السطوع ويعني به الفجر.
(7)
نزاعتها: منتماها.
(8)
من أمثالهم: عود يعلم العنج، والعود: الجمل المسن، والعنج الرياضة وهو شبيه بولهم: ومن العناء رياضة الهرم (أنظر فصل المقال: 157 والميداني 1: 309 والعسكري 2: 61) .
واطلعت، مع تعرفي لاطلاعك على الرقعة المبعوثة لعقوتك، (1) المنعوتة باتباع دعوتك، وإعلامك بالمعرفين بمعزاها، وتعرفك بالسماع طلع معناها؛ وتعريف العبيدي، كسمعك بالمعيدي، والعودي عودي شرعا، مع اتباعه معطى المعجزات تسعا، والعيان عطل دعواتي المسموعة، واطلع علي أعلامك المتبوعة، فعرفت عجزي باستطاعتك، واستعنت على عبي ببراعتك، وأتبعتها باهزع الجعبة (2) ، معترفاً بانقطاعي عن منازعها الصعبة، وتبرع علمنا العلي العميري (3) عميد العلم وقريعه، وعماد العصر وبديعه - اتبعت العلماء أعلامه، وأشعرت العظماء إعظامها، - باستبداعها على بعد انتجاعها، وضعف انتزاعها، وعدم مسعاته، وشفعها بعقيلته (4) الرافعة لأشعتها العيون، المودعة عيوناً ينقطع عنها المدعون، إنعام لإنعامك شافع، وإسعاد لعلم السعادة رافع، فعجل منعماً برقعتها الرفيعة، وأنعم [104 ظ] معجلاً بطلعتها البزيعة، ليعاود العمر عندي ميعه، وتجمع بيعتين بسعيك الناجع بيعه، وأدعو لسميع الدعاء الصاعد، المطلع على الأعمال والعقائد، العليم بإعلان المعلن وعقد العاقد، ليعينك بالسعادات المسعدة، ويمتعك
(1) العقوة: الناحية والساحة.
(2)
الأهزع من السهام الذي يبقى وحده.
(3)
العميري: أبو المطرف ابن عميرة.
(4)
هي رسالة أبي المطرف التي التزم فيها حرف النون، وسيوردها المؤلف بعد الانتهاء من هذه الرسالة.
بمعلوماتك المتعددة، ويسعدك بعوارفه المتعهدة، بعزته وعميم نعمته، وتعانق عراصك متعطرة يستعير العبير ضوعها، ويعدم عبق العرف العليل نوعها، متعاقبة تعاقب الأعصار، متتابعة تتابع ساعات الأعمار.
ولما وقف الأعلام المسمون في هاتين الرسالتين على الرسالة الأولى من رسالتي شيخنا أبي الحسن الرعيني أنشأ الكاتب الأبرع أبو المطرف بن عميرة رسالة التزم في كل كلمة منها النون - باعتبار الرعيني وابن الجنان - وهي التي استدعى شيخنا أبو الحسن بقوله: " بعقيلته الرافعة لأشعتها العيون " الفصل من أبي عبد الله بن الجنان، ثم كتب في التماسها إلى أبي المطرف الكتاب الآتي بعد إثبات هذه الرسالة النونية - أن شاء الله تعالى - فقطع عن بعثها إليها ما طرأ في الجزيرة من اختلال، وتفرق كان لغير اتصال، ولم يقض اتصال شيخنا أبي الحسن إلا من قبلي، حسبما تعرفته منه فيما ذكر لي، وذلك في سنة خمس وخمسين وستمائة.
وهذه الرسالة النونية من إنشاء أبي المطرف، رحمه الله:
محاسن دنيانا تبين لناظر
…
ينقب عنها مستبيناً لعينها
نجيب الرعينيين مارن أنفها
…
وندب بني الجنان إنسان عينها
فإن أنشأا نظماً ونثراً فمزنة
…
تنمق أكناف الحزون بعينها
وأن نحن أسندنا النفائس عنهما
…
رأينا نقود الناس تعنو لعينها البيان أنواع، وإن ظن أن يمينه ضاع، فلنسجه ناس نعرفهم نقلاً
وعيانا، ونعدهم زماناً فزمانا، فنجد مناقلهم نابية، ونسبهم متدانية، ومنازعهم عن الإحسان وانية: معان عون، وغيطان وحزون، ونكت وتندر، ونبذ عيون النقد نحوها تنظر، وإنما الصناعة لناظمي جمانها، ومتناولي عنانها، اللذين ينوعان الإنشاء، ويضعان (1) أمكنة [105 و] النقب الهناء (2) نهضاً نحو المنتهى، ونبذاً بفتن النهى، ومن كالأسنى شاناً، الأدنى منا مكانا: نوء هتان، ونور فتان، وحسن يقارنه إحسان، نعم النائي قرن وقرين، ومنهل معين، وحظان: دنيا ودين، جنى جنتيهما دان، وسنى نيريهما للعيون ثان؛ إن نظما أنسيا فند زمان، ونابغة بني ذبيان، وابن الحسين عند بني حمدان، وحندجان (3) ونسيبه بالحسان، وابن القين (4) ونصيبه من الإحسان، وإن نثرا فمن ساكن أرجان، ونائب ديوان الإنشاء ببغدان، وأصناف كان من شأنهم وكان، يميناً بالرحمن، والمثاني والقرآن، وبالنور والسكينة، والنبي ومكانه من المدينة، وبسنا جبينه، ونبوع المعين من يمينه، وبالسارين بالبدن، والسائرين بين الحجون والركن، إنهما للبنتا بناء البيان، وأنجب أبناء الزمان، نزلا منزلة الفرقدين، وتناولا أنواع المناقب بيدين، فمن نزاهة تناطح كيوان، ونوال ينسي معن بني شيبان، وفطانة كبنت الزند، وثناء أنم من نسيم الرند، وناهيك
(1) وإنما.. ويضعان: سقطت من م.
(2)
من المثل: يضع الهناء مواضع النقب، والهنا: القطران والنقب: الجرب.
(3)
حندجان أو حندج: أمرؤ القيس.
(4)
ابن القين: الفرزدق وبذلك كان يعيره جرير.
بقناً لسن من الردينية، لكنها أبنى للمنازل السنية، وأنى للدان، وإن نهلت من نجيع اللبان، واين بنات الكنائن، منذرة بالمنايا الكوامن، من الناحلة أبدانا (1) ، النضارية ألوانا، المانعة والمانحة أحياناً وأحيانا، تنشر حسنات الزمن، وتنمق نسيج صنعاء اليمن، فمن منتجع نبتها منورا، ومن معاين منظرها قنا وأسنة وسنوراً، هنالك يتبين الهندي والردان، والصنديد والجبان، ويستنطق المنخوب الجنان فيجبن عن المنطق، وتسن الموضونة فتكون كنسيج الخدرنق (2) ، ومن افتنانها، واندفاق بيانها، أن تناولا العين فغنما، ونبها من عيونهما نوما، ونهباها نفضا لفنائها، ونقضاً لبنائها، فانثنت تفند مصنف ديوانها، ان اعتنى بمكانها، ونوه بعنوانها، وتناد مستنصرة معانيها المتباينة، وقرناءها المباينة والمساكنة، فيسمعها ان الانذار بين، والانتظار لنوبتنا تعين، وكأن بنا نحن نسف للناسر، ونعد بين الأنياب والمناسر، فهينيئاً لهذين العلمين صناعة بيانية، ونصاعة نيسانية، وتناول لفنون الاتقان، وتنقل بين [105 ظ] الاقناع والبرهان (إن هذان لساحران) (ط: 63) نزها منصبهما عن الدنس، وزينا بمحاسنهما جانبي الأندلس، فلجانبها ابن الجنان السني، وللثاني نادرة الزمن الرعيني، فتجنبتهما نوائب الزمان، ونامت عنهما عيون الحدثان، واكتنفتهما نعم المنان؛ ونختم بتحيتين عبقتين عينيتين غدقتين طيبتين طيبتين، تنتاب فناءهما منزلا، وتنم بناديهما عنبرا ومندلا.
(1) يعني الأقلام.
(2)
الخدرنق: ذكر العناكب.
وهذه الرسالة التي كتب بها شيخنا أبو الحسن الرعيني يتشوف في بعضها إلى هذه الرسالة النونية وخاطب بها أبا المطرف بن عميرة:
التحية الكريمة، البهية الوسيمة، تخيم بنادي المجد المؤسس بناؤه، ووادي الفضل المقدس فناؤه، س حيث ازهار الأدب نضيره، وزواهر الحسب منيرة، أرى علم أعلام الجزيرة، ومن الخيرة دون كره في عظماء علمائها ليست بخيرة، القيه الجليل الرئيس الأصيل أبو المطرف ابن عميرة، أبقاه الله وآيات بلاغته البازغة تسطع، وآيات براعته بالحكم البالغة تصدع، كتب مقتبس أنوار إفادته، وملتمس الزلفى بأداء حق سيادته، المؤثر المبتدر لتمشية إشارته وتوفية إرادته، فلان؛ وق وافاني أيها العلم الذي سحرت نفائس أنفاسه، وتفخر الطروس بلطوخ أنقاسه، من قبلكم كتابان (1) أستبقا على نسق، بل شهابان أئتلفا في غسق، أما أحدهما فأشار إلى تقدم خطاب لم أحظ لعدم البخت بتلاق، وأثار بكر الرسالة النونية النورية كوامن أشواق، ومن لي أن تسمح الأيام بلقائها، أو تسنح سانحة قبول من تلقائها، حتى اتوسم مشرق محياها، واتنسم عبق رياها، واتنعم بادالة قربها من نواها، وأتعلم إعجاز الصدور والإعجاز من فحواها؛ ليتها وردت فسردت جوامع البيان، وبهرت مدارك السمع والعيان، فلقد قضت النون بالشوف، وأحظتها بالمزية على سائر الحروف، فطار ذكرها في الآفاق، وفاق قدرها في الأعلاق، وترفعت عن الميم وهي مؤاخيتها في الجهر
(1) كتابان: سقطت من م ط.
والغنة، وادعت فما نوزعت أن لها [106 و] ذوات الإعجام جوز الزعامة وقود الأعنة، وبالتفات سيدي إياها فازت بهذا الشرف وحق لها؛ وامتازت عن نظائرها من الاحرف حين استعملها؛ واما الآخر فانه جلا صوراً تحرز الجمال والحسن، وتلا سوراً تعجز المصافع اللسن، واهدى درراً يحق لها الادخار والخزن، وكسا حبراً لم يخلع مثلها على الروض المزن؛ حقاً ان سيدي وله الفضل والمن، القى علي حلى نفاسته التي بمثلها ينفس ويضن، وعزا الي علا رئاسته التي على غير اعطافه لا تسن، فلو حسنت بنفسي ظناً، وانتحلت ما علي خلعه ممتنا، لقيل:" بكى الخز من روح (1) "، وشدا الحمام في غير دوح، ومن لي بمجاراة من حوى مدى الحلبة متوهلا فلم يدرك، ومساماة من تبوأ علي الرتبة متأهلا فلم يشرك، اما إن الفكر دون مداناة أدنى عفوة لطليح، وإن الإعتراف بالعجز لمريح، وحسبي وقد بلحت، وصرحت من قصوري بما صرحت، عهد صحيح، وود صريح، وثناء لا أريمه ما طلعت شمس وهبت ريح، إن شاء الله تعالى؛ وأستنهض سيدي إقتضاء جواب المقام الإماري المتوكلي - أيده الله تعالى - عن كتابيه الموافيين بالتهنية، الوافيين لشكر الله على ما أولى في مستلجى صنعه الجميل من التيسير والتسنية، وقد إنتهيت الى العمل بتلك الاشارة، واديت المعنى وان قصرت في العبارة، وابديت في حقه ما
(1) اقتباس من قول الشاعرة حميدة بنت النعمان ابن بشير:
بكى الخز من روح وأنكر جلده
…
وعجت عجيجاً من جذام المطارف
يجب لدى مثابة الامارة، والجواب واصل الى سيدي صحبه هذا المكتتب، وقادم من جنابه الرحب على معلم العلم ومنتدى الادب، - بحول الله تعالى - وهو سبحانه يزين السيادة بطول بقائه، ويزيد الإفادة بحسن لقائه، بمنه وفضله.
وكتب أبو المطرف بن عميرة، وهو قاض برباط الفتح، إلأى شيخنا أبي الحسن الرعيني، وهو بسبتة:
قلبي على شرع الصفاء أبا الحسن
…
لك طائعاً فرض الهوى والمدح سن
ووحق من جمع المحاسن فيك ما
…
أبصرت بعدك ما يقال له حسن كتابي إلى شيخي الذي بإسناده أعلو، وعمادي الذي عن ذكره لا أخلو وأنا على ما علمه من حب فيه، وتعظيم على قدر معرفتي بحقه وفيه [106 ظ] والسؤال عنه ديون لساني، والشوق إليه ديدني وشاني، وما كنت أحسب إلا أنه وضع عصا لاتسيار، وأزمع مكثاً في تلك الديار، ولكني مرة كنت أنسبه إلى المرية، وتارة كنت أحسبه في الجهة الأحمرية، وربما قدرت أن حمص به أستأثرت، وأشواقه إليها تكاثرت فعاد إليها كما يعود إلى الجيد الحلي، أو إلى الفقيد الولي، إلى أن طلع علي خطه كالصبح في الغسق، أو السحر في نجل الحدق، فقلت: أفي عيني سنة أم هي يقظى، وهذه رؤية لم أخلها بها تحظى، ولما أستبنت العيان، وتأملت ذلك البيان، قلت: هذا بز يشهد لليد التي نسجته، وبزر لا تجهل أرض هي أخرجته، بل هو سنا يشهر كوكبه، وتركيب
يظهر فيه أثر من ركبه، فكان عندي أحسن من النار في عين المقرور، ومن الماء في كبد المحرور، وأعجب من ضياء الصبح لاح لممنوع الكرى، ومن سواد الليل أخفى كلفاً بالسرى، وعجباً لسيدي ضن برقعة منه خاصة، وحصة فيه لجناح الهم حاصة، أفترى قلمه أكتفى بما فيه ناب، أم تذكر الخطيئة فخر راكعاً وأناب، فللمعترض أن يقول: هذه الصورة، كما إذا حج عن غيره الصرورة، فإن بعض من يحتج، يقول: إنه يقع الحج، ولكن قلمه أعرب بالإستدلال، وأغوص على حل الإشكال، فيدعي إن الكتاب يقضي الواجبين، ويقع على الجانبين، قيل لبعض الشافعية: ايعيد السجود من ظن سهواً فسجد، ثم تذكر على الأثر إن السهو ما وجد، فقال: انا للإعادة ناف، وذلك السجود عن نفسه وعن غيره كاف، فسألوه الدليل معنتين، فقال: اعتبروا حال الشاة من الأربعين.
أيه يا سيدي كيف أنتم بعدي، وهل عندكم على النأي وجد كوجدي، وما عندكم في رسيس الحب، وأشواق المحبين بحسب البعد والقرب، فذلك معنى تنازعته الشعراء، وما رأيكم في المقام هنالك فإن له غصة، أو التقدم وهل تمكن فيه فرصة، والبنون والجملة كيف حالهم تفصيلاً فالجملة معلومة، وحياة مطلقة فإن الطيبة منها معدومة، وما فعلت أبيات أزمور [107 و] وهل وجد نقرها زمرا، ام لقي زيدها عمرا، أم هي بالعراء، تنادي بالويل على الشعر والشعراء، وقد نفث الخاطر
بأبيات، لها صوت لمعناها موات، وهي:
صاح بهم صائح الرحيل فما
…
منهم على البين واحد سلما
وجاش بالروع عقر دارهم
…
من بعد ما كان سر بهم حرما
فهم عباديد في البلاد ولا
…
شمل لفل الخطوب منتظما
قد أقسم الدهر أن يمزقهم
…
وجنب الحنث ذلك القسما
يا سائلي عن بكاي بعدهم
…
بكيت دمعاً حتى بكيت دما سيدي: حال اخيكم هنا على ما يرضي كما لكم عافية، ونعمة شافية، وأنا إلى جوابكم ناظر، وبه إذا وقع إلي طائر، والله يطيل بقاءكم، ويحرس إخاءكم.
فأجابه شيخنا بهذه الرسالة:
وافى الكتاب وقد تقلد جيده
…
ما أنت محسن نظمه ومجيده
من كل معنى ضمن لفظ في حلى
…
خط يزين طلى الطروس فريده
أأبا المطرف دعوة من خالص
…
لعلاك غائب وده وشهيده
أنت الوحيد بلاغة وبراعة
…
ولك البيان طريفه وتليده
فالنثر أنت بديعه وعماده
…
(1) والنظم أنت حبيبه ووليده إيه أيها السيد الذي جلت سيادته، وحلت صميم الفؤاد ودادته، دامت سعادته، وهامت بما ينفع الناس عادته، ألقي إلي كتاب
(1) ورى ببديع الزمان والعماد الأصفهاني وحبيب أبي تمام والوليد أبي عبادة البحتري.
كريم خطته تلك اليمنى التي اليمن فيها تخطه، ونسقت جواهر بيانه التي راق بها سمطه، فلا تسألوا عن إبتهاجي بأعاجيبه، وانتهاجي لأساليبه، وشدة كلفي بالتماح وسيمه، وجدة شغفي باسترواح نسيمه، فإنه قدم وأنس النفس راحل فاستعاده، وسجم وروض الفكر ما حل فجاده، لا جرم أنه بما حوى من حرق النوى، وروى من طرق الهوى، وبكى للربع المحيل، وشكا من صائح الرحيل، هيج لواعج الأشواق وأثارها، وحرك للنفس حوارها، فحنت، (1) وأستوهب العين مدرارها، فما ضنت، فجاشت لوعة أستكنت [107 ظ] وتلاشت سلوة عنت، ووكف دمع كف، وثقل عذل خف، وأشتد الحنين، وأمتد الأنين، وعلا النحيب، وعرا الوجيب، وألتقى الصب والحين، ودرى المحب قدر ما جناه البين، وطالما اعمل في إحتمال المشاق عزيمه، وشد لإجتياب الآفاق حيازيمه:
ودع مثوى المقام معتزما
…
ألا يرى للغرام ملتزما
وأزمع النأي عن أحبته
…
والبين عن داره التي رئما
وما درى أنه بعزمته
…
أشعل للبين في الحشا ضرما
وهل جرى ذاك في تصوره
…
فربما أحدث الهوى لمما
إن هي إلا نوى مشتتة
…
شملاً من العيش كان منتظما
وعاذل قال لي يعنتني:
…
لا تبد فيما فعلته ندما
قلت له: هل رأيت قبلي من
…
فارق أوطانه فما ندما
(1) من المثل: " حرك لها حوارها تحن ".
لا حيلة في يدي فاعملها
…
عدل من الله ما به حكما أما أن القلب لو فهم حقيقة البين قبل وقوعه، وعلم وقدر ما نفث من الروع في روعه، لبالغ في أجتنابه، واعتقد المعفى عنه من قبيل المعتنى به، ولحا الله الأطماع فإنها تستدرج المرء وتستجره، وتستخرج حين تعربه ما يسره، ما زالت تفتل في الذروة والذروة، وتحتل بالترغيب في الجاه والثروة، حتى انات عن الأحباب والحبائب، ورمت بالغريب أقصى المغارب، فيا لوحشة الوت بإيناسه، ويا لغربة أحلته في غير وطنه وناسه، ويا عجباً للأيام وإساءتها، وقرب مسرتها من مساءتها، كأنها لم تتحف بوصال، ولم تسعف باتصال، ولم تمتع بشباب، ولم تفتح لقضاء أوطار النفس كل باب:
عجباً للزمان عق وعاقا
…
وعدمنا مسرة ووفاقا
أين أيامه وأين ليال
…
كلآل تلألؤاً واتساقا
كم نعمنا بظلها فكأنما
…
مد منها الصبا علينا رواقا
كم بغرناطة وحمص وصلنا
…
باصطباح من السرور اغتباقا
[108 و] في ربى نجد تلك أو نهر هذي
…
والأماني تجري إلينا اشتياقا
في رياض راقت رواء ولكن
…
حين رق إلينا اشتياقا
رق فيها النسيم فهو نسيب
…
قد سبى رقة نفوساً رقاقا
وثنى للغصون منها قدوداً
…
فتلاقى تصافحاً واعتناقا
كلما هب من صباه عليل
…
وتداوى بها العليل آفاقا
حكم السعد بالأحبة فيه
…
بكؤوس الوصال أن تتساقى
ثم كرت للدهر عادة سوء
…
شق فيها خطب النوى حين شاقا
شتت الشمل بعد طول اجتماع
…
وسقا للفراق كأساً دهاقا
وأعاد الأوطان قفراً ولكن
…
قد أعاد القطان منها الرفاقا
ليت شعري والعيس تطوي الفيافي
…
أشآماً تنوي بنا أم عراقا
يا حداة الحمول رفقاً بصب
…
بلغت نفسه السياق إشتياقا
آه من شجوه وآه لبين
…
ألزم النفس لوعة واحتراقا هذه يا سيدي استراحة من فؤاد وقذته الفرقة والقطيعة، وإستباحة لحمى الوقار بما لم تحظره الشريعة، فقديماً تشوكيت الأحزان، وتبوكيت الأوطان، وحن المشتاق، وعن له من الوجد ما لا يطاق، فاستوقف الركب لشكوى البلابل، واستوكف السحب لسقيا المنازل، وفدى الركب وإن زاده كربا (1) ، ومن له أن يكب لاثماً له ترباً، حسبه دموع تفيض مجاريها، ونجوم يساهرها ويساريها:
ألف السهاد فشأنه إدمانه
…
واستغرقت أحيانه أشجانه
وشكا جفاء الطيف إذ لم يأته
…
هل ممكن ما لم ينم إتيانه
(1) من قول المتنبي:
فديناك من ربع وإن زدتنا كربا
…
فإنك كنت الشمس للشرق والغربا
واستعبدته صبابة وكذا الهوى
…
في حكمه أحراره عبدانه
كم رام كتمان المحبة جهده
…
ودموعه يبدو بها كتمانه
وإذا المحب طوى حديث غرامه
…
طي الضلوع وشت به أجفانه سيدي قد مددت إطناب الإطالة في غير طائل، واستمددت (1) طبعاً غير معين ولا سائل، ولست أمتري في أني أسئم سمعكم وامله، واقدم [108 ظ] من هذا الهذر عليه بما أنزهه عنه وأجله، وعلى ذلكم فلا بد ان أعود إلى ذكر خطابكم الذي حلا الخطب، وحلى اللؤلؤ الرطب؛ وتجلى بين سيئات الزمان حسنة، وتحلى من محاسن البيان ما لا يوفي في المادح ببعضه ولو اعمل المدح سنة، فقد تضمن أصولاً وجبت اجابتها، وان حجبت مهابتها، وتعين التقصي عن عهدها، وان تبين العجز عن تقصي امدها، منها: إنكم عجبتم مني حيث ضننت برقعة اقرنها بالمخاطبة الخلاصية العلية، وأودعها ما تعورف بين الأصفياء من إنهاء المودة وإهداء التحية، فطوراً خلتموني مكتفياً بالنيابة، ولو ابتدأت بنافلة الكتاب لقلت بفرض الإجابة، وتارةً عرضت التأويلات الفقهية، وفرضت المسألتان الحجية والسهوية، فرأيتم اولاً: ان الكتاب يجزئ عن متوليه من الجانبين، وتوهمتم ثانياً: أني أردت قضاء الواجبين، وصيرته كالعامل يعمل عملين، أو الفاعل يتعدى فعله إلى اثنين، أو اللفظ يقع باشتراك على معنيين، وكل ذلكم - وصل الله نفاسة كمالكم - لم يكن، وإهمال حقكم الأكيد الوجوب لم يسهل قط علي ولم يهن، ولكني ابتدرت الخطاب،
(1) غير واضحة في الأصول، وفي ح: واستنبذدت، وفوقها علامة خطأ.
وآثرت الاقتضاب، فانزعج الرقاص (1) قبل ان يقتضي كتابي في سيره، وضمنت هذه الوزارة أن يتوجه بعد مع غيره، ولو ذهبت إلى ما أشرتم إليه من الاجتزاء والإقتصار، لأثبت تحيتي عقب تلك الأسطار، مقترنة بالاعتذار، ولكنكم عجلتم علي بالعتب، ونسبتم إلي ما لم أجنه من الذنب، ولا تثريب فقد حصل المطلوب، وكل ما يفعل المحبوب محبوب؛ وأما سؤالكم - حفظكم الله - كيف أنا بعدكم، وهل وجدت في فرقة الوطن والأحبة وجدكم، فلم تشكوا أني متحمل من ذلك ضعفين، ومفارق دون الأبوين والبنين إلفين، أما غرناطيها فقد سنى الله به الاجتماع، وأساله تعالى أن لا يجعل موقفاً منه الوداع، وأما إشبيليها فإني أحاول انتظام الشمل به وأرومه، وأرجو أن يتكيف بفضل الله على قرب قدومه، وأما استعلامكم قولي في الحب وأطواره، واستفهامكم عن رأيي في الشوق ومثاره [109 و] وأن الشعراء تنازعت هذا المعنى فكل شرق بغرامه، ونطق عن مقامه، وأخبر عن ذوقه، وعبر عن ما رجح نأياً أو خف قرباً من شوقه، والأشواق بحار، والخواطر فيها تحار، وأجرى الأقوال عندي في ذلك مع القصد (2) :
بكل تداوينا فلم يشف ما بنا
…
على أن قرب الدار خير من البعد وأما سؤالكم عن رأيي في المقام بهذه البقعة، فسأورد الجواب
(1) الرقاص أو الركاض: الذي ينقل البريد.
(2)
البيت ليزيد بن الطئرية (الأغاني 5: 213) .
عليكم بما يقف عليه العزم في هذه الرقعة، واختياري على الجملة أن أخذ عند لحاق الجملة الاشبيلية في الرحلة ثم لا أدري ما تجيء به الأقدار، وربك يخلق ما يشاء ويختار؛ وأما قطعتكم التي أجدتم بأزمور تأسيسها، وأفدتم منعمين نفيسها، فكنت وإن لم أدرك شأوها، فقد حذوت في الجواب حذوها، وعلقته بمقلوبها، وإن قصر عن أسلوبها، وكان من أملي أن أجدد معكم في رباط الفتح عهداً بالقرب، وقدرت أن يتاح هنالكم تلاقي السفين والركب، فأخلف التقدير، وأعجل عن اللحاق المسير، وضاعت الرقعة أثناء شواغل الأسفار وشغوبها، وذهلت عنها النفس بما مسها من لغوبها، وشاهدي في صدق هذه الدعوى والتي قبلها، علم هذه الوزارة العلية التي أفاضت فضلها (1) ، وأعجزت الزمان أن يوجد مثلها، فكل هذا كان منها بمرأى ومسمع، وبمحضر من عيانها ومطلع، ثم شردت عن حفظي تلك القطعة وما قيدت من جوابها، ووجب لتذكيركم كم الآن استئناف هذه وإن كنت لا أرضى بها:
لبيك ها أنا للصفاء مديم
…
وعلى الوفاء مدى الحياة مقيم
وإليك من خلدي صميم مودة
…
لي في اعتقاد خلوصها تصميم
وإذا تنازعت الحديث فمنزعي
…
أن المنازع في علاك مليم
أعزز على الخطط التي بك فخرها
…
أن يستبد بها عليك لئيم
تعساً لأقلام الكتابة ليتها
…
لم يعتمدها البري والتقليم
(1) فضلها: سقطت من م ط.
لهجت بتأخير السبوق وقدمت
…
من لا يحق لذاته التقديم
قعدت وقامت في اغتصاب حقوقهم
…
ومن الحسادة مقعد ومقيم
أيفوت مثل أبي المطرف حظه
…
وينال قوم بالفهامة ذيم
[109 ظ] ما ضرها أن لو تولى أمرها
…
منه كفيل بالبيان زعيم
ومحمل منها اليمين يراعة
…
تروي الطروس بمزنها وتسيم
يا سابق البلغاء غير مدافع
…
لك دون غيرك ينبغي التسليم
قسماً بمجدك لا يزال مساوقاً
…
للدهر ما لك في بنيه قسيم
أنى وانت وحيد عصرك سؤدداً
…
ولك المناقب كلهن كريم
ومآثر سلفية زكى بها
…
شرفاً حديثاً من علاك قديم
أوليت إذ واليت فضلك كل ما
…
يقضي به لك في الجلال الخيم
وحبوت إذ ناديتني وأنلتني
…
جاهاً وأحداث الزمان تضيم
وخلعتها حللاً علي بمثلها
…
[؟..]
هذا الزمان كما علمت حظوظه
…
شتى وعهد بنيه فيه سليم
قد يحرم الليث الهصور حظوظه
…
منه ويدركها لديه الريم
وإذا عجزت فإن حسبي واقياً
…
رب بأسرار العباد عليم
لا زلت محمي الجوانب ما تلا
…
مصراع بيت في القريض قسيم
سيدي رضي الله عنه يسمح في ما يلمح، ويغضي عن ما لا يرتضي، فلم اتعاط المعارضة ولو سامنيها ما نطقت، ولم أدع المساجلة ولو رامني عليها ما أطقت؛ إنما أنا قطرة من سحابه، وفلذة من سخابه، ومنفق من فضل سخا به، وإن سخط والله المعيذ، فماذا يقول للأستاذ التلميذ؟ أسأل الله له بقاء سعيداً، وإرتقاء يدرك به من العزة القعساء شأواً بعيداً، بمنه.
قال المصنف عفا الله عنه قد وقعت إلي القصيدة التي ذكر شيخنا أبو الحسن رحمه الله أن الرقعة التي تضمنتها ضاعت له، وهي هذه:
يا صاحبي والدهر لولا كرة
…
منه على حفظ الذمام ذميم
أمنازعي أنت الحديث فإنه
…
ما فيه لا لغو ولا تأثيم
ومروض مرعى مناي فنبته
…
من طول إخلاف الغيوم هشيم
طال اعتباري بالزمان وإنما
…
داء الزمان كما علمت قديم
[110 و] مجفو حظ لا ينادى ثم لا
…
ينفك عنه الحذف والترخيم
وأرى إمالته تدوم وقصره
…
فعلى م يلغى المد والتفخيم
وعلى م أدعو والجواب كأنما
…
فيه بنص قد أتى التحريم
لم الق إلا مقعداً، غير الأسى
…
فلدي منه مقعد ومقيم
وشرابي الهم المعتق خالصاً
…
فمتى يساعدني عليه نديم
غارات أيامي علي خوارج
…
(1) قعديها في طبعه التحكيم
(1) هامش ح: من قول أبي نواس:
فكأني وما أزين منها
…
قعدي يزين التحكيما
ولواعج يحتاج صالي حرها
…
أمراً به قد خص إبراهيم
ولقد أقول لصاحب هو بالذي
…
أدركت من علم الزمان عليم
لا يأس من روح الإله وإن قست
…
يوماً قلوب الخلق فهو رحيم
ولعل ميت رجائنا يحييه من
…
يحيي عظام الميت وهي رميم قال المصنف عفا الله عنه: وكلام شيخنا أبي الحسن نظماً ونثراً بارع، ولضروب الإحسان جامع، وقد رأيت أن أختم رسمه بقطعة وقصيدة حجازيتين، وقصيدتين ربانيتين؛ وهذه القصيدة الحجازية أنشدتها عليه:
حنيني إلى البيت العتيق شديد
…
وشوقي إلى وادي العقيق يزيد
فيا ليت شعري هل يباح إليهما
…
وصول فيحظى بالوصال عميد
ومن لي أن أدعى إلى حرمي هدى
…
وهل لي على تلك البقاع وفود
وهل نافع لي ماء زمزم غلة
…
لها بين من مناه بعيد
وألصق خدي من ضريح محمد
…
بحيث تلاقت في ثراه خدود
وحيث استهلت بالدموع نواظر
…
لها في سوى تلك الربوع جمود
فما لي لا أسعى غليها مبادراً
…
بقية عمر تنقضي وتبيد
تحث ركابي نحوها عزمة أمرئ
…
بمحياه في ذات الإله يجود
يهم فيلقي بين عينيه عزمة
…
ويمضي مضاء السهم حيث يريد
فأقضي ذماء النفس في عرصاتها
…
غريباً لديها والغريب شهيد
[110 ظ] وإن أمرأً يقضي فريضة حجه
…
وزورة قبر المصطفى لسعيد
وقد فاز بالحسنى ونال زيادة
…
سعيد يواريه هناك صعيد
سلام على البيت الحرام وطيبة
…
يكر على ربعيهما ويعود
سلام محب كلما ذكر (1)[أرضها]
…
تبادرت الأجفان منه تجود والقطعة الحجازية ختمها ببيت من بيتي بلال ابن حمامة رضي الله عنه (2) - وقد أنشدتها عليه وهي:
ألا هل إلى البيت العتيق سبيل
…
وهل لي في وادي الأراك مقيل
وهل لصد من ماء زمزم نغبة
…
يقل (3) بها بين الضلوع غليل
ومن لي أتاح الله سؤلي أن أرى
…
دموعي في بطن المسيل تسيل
فيا نجد أنجدني بهبة نفحة
…
تمر بعطف الروض وهو بليل
(1) بياض في ح ط، والزيادة من م.
(2)
هو بلال مؤذن الرسول عليه السلام، وكان حين هاجر إلى المدينة أصابته الحمى فكان يقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بواد وحولي أذخر وجليل
وهل أردن يوماً مياه مجنة
…
وهل يبدون لي شامة وطفيل (3) م ط: نفثة.
ففي نفس منها عليل علالة
…
لقلبي وهل يشفي العليل عليل
ويا كعبة رص الخليل بناءها
…
أما مسعدي يوما إليك خليل
ثكلت فؤادي يوم أنساك أو أرى
…
إلى الصبر والسلوان عنك سبيل
فلا زال بي شوق إليك مبرح
…
ولا فاتني وجد عليك طويل
وقبلي بلال قال يشكو غرامه
…
وقد شاقه ظل هناك ظليل
" ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
…
بواد وحولي أذخر وجليل " وهذه القصيدة الربانية، وأنشدتها عليه:
هيامي ما بين الجوانح ثائر
…
وداء غرامي للفؤاد مخامر
وطي ضلوعي بالأسى ما أقله
…
تكل القوى عن حمله والمرائر
وقد جد بي وجد وبرح بي (1) جوى
…
وغصت بأسراب الدموع المحاجر
سكرت وما دارت علي مدامة
…
ولا فتنت عقلي عيون فواتر
وجاوزت أوطار الغرام تخطياً
…
إلى حيث لا تلفى خواط خواطر
وجاد حيا دمعي رياض رياضتي
…
فأزهارها مما سقاها نواظر
فنائي في وجد وجود وميتتي
…
حياة وخوفي الأمر (2) مما أحاذر
وكل هوى لابد من غاية له
…
وغايات حبي ما لهن أواخر
[111 و] مرامي مرامي أعجزت كل عاشق
…
فما رامها إلا انثنى وهو قاصر
(1) م ط: وقد جد بي وبرح به جوى، وهو مضطرب.
(2)
كذا: ولعلها: الأمن.
وقد ذهلت عن عروة بي عذرة
…
وقد نسيت مجنونها بي عامر
وردت وقد حامت على الورد فانثنت
…
نفوس صواد عن ظماها صوادر
تصرف بي هذا الهوى تحت حكمه
…
وسلطانه مذ كان للخلق (1) قاهر
وملكته نفسي فصال علي بي
…
وضافره قلب وسمع وناظر
دعاني فلبيت ائتماراً وإنني
…
ولو لم يكن يدعو مباد مبادر
فمنه لقلبي بالصبابة آمر
…
ومنه عن السلوان ناه وناهر
وما أقتادني إلا إلى حب واحد
…
تقدس أن تعزى إليه النظائر
فوافى جناني وهو بالوجد عامر
…
وألفى لساني وهو بالجود شاكر
تبارك من آياته تبهر الورى
…
وأنواره تعنو إليها بالبصائر
تتيه عقول الخلق في ملكوته
…
وترجع أبصار وهن حواسر
هو الله هادي من يشاء لسبله
…
إذا جار عن مثلى الطريقة جائر
هو الله كل ما خلا الله باطل
…
وكل سواه غائب وهو حاضر
إلى ظل رحماه اويت وفضله
…
قصدت ومنه لي ولي وناصر
رجوتك يا ربي لسد مفاقري
…
وستر هناتي يوم تبلى السرائر
فكن لرجائي يا إلهي محققاً
…
إذا غيبتني في ثراها المقابر
(1) م ط: للحق.
وهذه القصيدة الثانية، وأنشدتها عليه:
جمال حبيبي للغرام دعاني
…
فيا عاذلي قلبي عليه دعاني
بصرت بما لم تبصرا أنتما به
…
بعين فؤادي لا بعين عياني
وأدركت ما لم تدركا من بهائه
…
فوجدي به غير الذي تجدان
فإن شئتما أن تعرفا ما أكنه
…
وإن تعلما سر الهوى فسلاني
تجلى لفكري نور من أنا عبده
…
فوله معقولي وجن جناني
وأشرب قلبي هيبة ومحبة
…
وصالت عليه شدة الخفقان
وحان فنائي في وجود جلاله
…
فحسبي أني في المحبة فان
حبيب سقاني منعماً كأس حبه
…
فلم أصح من حبيه منذ سقاني
وثقت به لا أرتجي لإقالتي
…
سواه إذا زلت بي القدمان
[111 ظ] رضاه منى نفسي وغاية بغيتي
…
وما لي بصبر عن رضاه يدان
وحبي فيه لاعتزازي [؟]
…
وكل هوى في غيره لهواني
مدامي مدار من إدامة ذكره
…
بتنزيهه لا من مدام قيان
وراح إرتياحي أن تلوح لوائح
…
يغيب بها عن فكري الثقلان
سماعي لما يتلى من الوحي مؤنسي
…
ومبهج نفسي لا سماع قيان
ولذة عيشي أن أفوز بخلوة
…
أجاري بها الأشجان ملء عناني
ولذة خوفاً من دموعي وخشية
…
على الخد من عيني نظم جمان