الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي مكبول من أبيات لم يحضرني منها عند التقييد غير هذا:
وحجلت والطرف الجواد محجل
…
وقيدت والمعنى الغريب مقيد وكان بينه وبين أبي جعفر بن يحيى الخطيب تباعد وقد قال يخاطبه: [؟](1)
توفي بحلب متردياً في بئر في نحو العشرين وستمائة.
674 - علي بن محمد بن يوسف بن عبد الله الفهمي:
قرطبي يابري الأصل حديثاً، طليطلي أصل السلف قديماً، سكن سلاثم مراكش، أبو الحسن الفهمي؛ تلا في إشبيلية بالسبع على أبي بكر بن خير وأبي الحسن نجبة، وبغرناطة على أبي عبد الله بن عروس وأبي محمد عبد المنعم بن الخلوف سنة [122 و] ثمان وستين وخمسمائة وسمع منهم زمن أبي عبد الله بن الغاسل وأبي العباس بن مضاء وأكثر عنه؛ وأجاز له من أهل الأندلس أبو إسحاق ابن فرقد وأبو الربيع الخشني وأبو زيد السهيلي وأبو عبد الله القباعي وأبوا القاسم: ابن بشكوال وابن الحاج وأبو محمد بن عبيد الله وسواهم، ومن أهل المشرق أبو الطاهر السلفي وابن عوف روى عنه أبوا عبد الله: أبي سلمة الشاطبي ابن الأديب وابن علي البطليوسي الموصلي.
وكان حافظاً للقرآن العظيم مجوداً له عارفاً بالقراءات قائماً عليها، آية
(1) بياض في الأصول.
من آيات الله في حسن الصوت، آخذاً بطرف صالح من العربية، ذا حظ من رواية الحديث ذكياً فهماً يقظاً ضريراً، وأجتاز المنصور من بني عبد المؤمن به يوماً وهو يقرأ بمقبرة على جاري عادته فأخذ بقلبه طيب نغمته وحسن إيراده، فقربه وأستخلصه وأمره بتعليم أولاده وقراءة حزب من التراويح في رمضان، فكان يقرأه بحرف عاصم ويؤثره على غيره؛ ثم خبر أحواله وعرف صونه وعفافه فأمره بتعليم بناته فاستعفاه من ذلك معتذراً بأنه يدرك بعض التفرقة بين الألوان، فأحظاه ذلك عنده لما تحقق من صدق، نصحه، والزمه تعليمهن، وكان ذلك سبب إثرائه وسعة حاله واقتنائه الرباع الجيدة الكثيرة بمراكش، وغيرها. وانتهى استغلاله من رباعه بمراكش وحدها خمسمائة درهم من دراهمهم في اليوم الواحد؛ وإليه ينسب الحمام الذي بالعدوة الشرقية من ساقية مراكش على المحل (1) الأعظم منها والعقار المجاور له. ولما توجه المنصور إلى سلا مستصحباً أولاده أمرهم بالكون مع أبي الحسن هذا وألحف به، فلما برز أهل سلا للقاء المنصور رأى بعضهم أبا الحسن هذا يحف به أولاد المنصور ويعظمونه ويوقرونه فقال هكذا ينبغي أن يرجع الغريب إلى وطنه وإلا فلا.
ولما شرع في بنائه المشار إليه - وذلك في أيام الناصر بن المنصور - عرض له ملك أحد جيرانه مما يصلح بناءه فرام شراءه [122 ظ] منه فامتنع من بيعه إلا بزيادة كثيرة على قدر قيمته، فأجرى ذلك أبو الحسن مع من أوصله إلى الناصر، فذكر الناصر لأهل مجلسه هذه القصة
(1) هامش ح: لعله " المحج ".
في معرض العتب لهم وقال: لقد فرطتم في حق شيخنا ومعلمنا ومعلم إخواننا وأخواتنا أبي الحسن الفهمي، فقالوا: وما ذلك وأينا يجهل مكانته أو لا يعرف قدره ويوفي حقه؟ فقال لهم: أراد شراء ملك يحسن له ما يريد بناءه، فلم تسعوا له في تملكه، فقالوا: إن مالكه أشتط في ثمنه كثيراً؛ فقال: يشترى له بما عز من الثمن وهان ويرضى صاحبه وتقضى حاجة الفهمي؛ فقالوا: إنه لا ينقا (1) إلى شرائه بالثمن الذي عينه مالكه، فقال: يا للعجب أتحوجونه إلى دفع ثمنه من تلقاء نفسه وصلب ماله، هلا دفعتم ثمنه من أموالكم وتقربتم بذلك إلى مرضاة أبي الحسن وتقمن مسرته فذلك الذي يسرنا ويرضينا؟ فانفصلوا عن المجلس وابتاعوا ذلك المال من ربه بما أرضاه وحازه أبو الحسن وحسن به ما كان قد قصد إلى تحسينه من ذلك البناء. وإنما أراد الناصر بهذا كله تبيين مكانته عنده والإشادة بتمكن حظوته لديه وإلا فقد كان يكله إلى شرائه لنفسه أو يأمر له يثمنه من ماله؛ وتحصل له بالهبة من بني المنصور وحاشيته ووزرائه وعماله من الأموال والكتب النفيسة والذخائر ما لا يحصى كثرة، فإنه كان شديد الكدية كثير أعمال الحيل في ذلك، مصانعاً لتمكنه من جانب أولي الأمر واختصاصه بهم. وكان من عادته أنه متى بلغه أن أحداً صارت إليه فائدة من جانب السلطان أو ولي ولاية أو أستعمل في خطه قصد إليه أو بعث رسولاً نحوه يلتمس منه سهامه في عمالته أو منافعها فلا يسعه إلا إسعافه بذلك.
وحكى الشيخ أبو الحسن بن قطرال (2) قال: كانت كبرى ديار أبي الحسن
(1) كذا في الأصول، ولعلها:" ينقاد ".
(2)
م: قرطال.