المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع التاسع والعشرون - الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح - جـ ٢

[برهان الدين الأبناسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌النوع التاسع والعشرون

- ‌النوع الموفي ثلاثين

- ‌لنوع الحادي والثلاثون

- ‌النوع الثاني والثلاثون

- ‌النوع الثالث والثلاثون

- ‌النوع الرابع والثلاثون

- ‌النوع الخامس والثلاثون

- ‌النوع السادس والثلاثون

- ‌النوع السابع والثلاثون

- ‌النوع الثامن والثلاثون

- ‌النوع التاسع والثلاثون

- ‌النوع الموفي أربعين

- ‌النوع الحادي والأربعون

- ‌النوع الثاني والأربعون

- ‌النوع الثالث والأربعون

- ‌النوع الرابع والأربعون

- ‌النوع الخامس والأربعون

- ‌النوع السادس والأربعون

- ‌النوع السابع والأربعون

- ‌النوع الثامن والأربعون

- ‌النوع التاسع والأربعون

- ‌النوع الموفي خمسين

- ‌النوع الحادي والخمسون

- ‌النوع الثاني والخمسون

- ‌النوع الثالث والخمسون

- ‌النوع الرابع والخمسون

- ‌النوع الخامس والخمسون

- ‌النوع السادس والخمسون

- ‌النوع السابع والخمسون

- ‌النوع الثامن والخمسون

- ‌النوع التاسع والخمسون

- ‌النوع الموفي ستين

- ‌النوع الحادي والستون

- ‌النوع الثاني والستون

- ‌النوع الثالث والستون

- ‌النوع الرابع والستون

- ‌النوع الخامس والستون

الفصل: ‌النوع التاسع والعشرون

‌المجلد الثاني

‌النوع التاسع والعشرون

النوع التاسع والعشرون

معرفة الإسناد العالي والنازل

أصل الإسناد أولا خصيصة فاضلة من خصائص هذه الأمة وسنة بالغة من السنن المؤكدة.

روينا من غير وجه عان "عبد الله بن المبارك رضي الله عنه" أنه قال: الإسناد من الدين، "لولا"1 الإسناد لقال من شاء ما شاء".

وطلب العلو فيه سنة أيضا ولذلك استحبت الرحلة فيه على ما سبق ذكره

قال "أحمد بن حنبل رضي الله عنه: طلب الإسناد العالي سنة "عن من"2 سلف

وقد روينا أن "يحيى بن معين" رضي الله عنه قيل له في مرضه الذي مات فيه ما تشتهي قال: بيت خالي وإسناد "عالي"3

قلت: العلو يبعد الإسناد من الخلل لأن كل رجل من رجاله يحتمل أن يقع الخلل من جهته سهوا أو عمدا ففي قلتهم قلة جهات الخلل وفي كثرتهم كثرة جهات الخلل، وهذا جلي واضح

ثم إن العلو المطلوب في رواية الحديث على أقسام خمسة

أولها: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف، وذلك من أجل أنواع العلو

وقد روينا عن "محمد بن أسلم الطوسي الزاهد العالم رضي الله عنه" أنه قال:

1 هكذا في خط وش وع و"التدريب"، وفي "مقدمة مسلم " "ص/15":"ولولا".

2 كذا في خط ، ووصلهما في ش وع و"التدريب":"عمن".

3 كذا رسمه بإثبات الياء في " خال 000 عالي" ورسم على الأخيرة منهما "صح"

ص: 419

"قرب الإسناد قرب أو قربة إلى الله عز وجل".

وهذا كما قال، لأن قرب الإسناد قرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقرب إليه قرب من الله عز وجل.

الثاني: وهو الذي ذكره "الحاكم أبو عبد الله الحافظ": القرب من إمام من أئمة الحديث، وإن كثر العدد من ذلك الإمام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإذا وجد ذلك في إسناد وصف بالعلو نظرا إلى قربه من ذلك الإمام، وإن لم يكن عاليا بالنسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكلام "الحاكم" يوهم أن القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعد من العلو المطلوب أصلا وهذا غلط من قائله لأن القرب منه صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف أولى بذلك ولا ينازع في هذا من له مسكه من معرفة.

وكأن "الحاكم" أراد بكلامه ذلك إثبات العلو للإسناد بقربه1 من إمام وإن لم يكن قريبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والإنكار على من يراعي في ذلك مجرد قرب الإسناد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان إسنادا ضعيفا ولهذا مثل ذلك بحديث "أبي هدبة ودينار والأشج" وأشباههم

الثالث: العلو بالنسبة إلى رواية "الصحيحين" أو أحدهما أو غيرهما من الكتب المعروفة المعتمدة وذلك ما اشتهر آخرا من الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحة.

وقد كثر المحدثين اعتناء المحدثين المتأخرين بهذا النوع. وممن وجدت هذا النوع في كلامه: "أبو بكر الخطيب" وبعض شيوخه و"أبو نصر ابن ماكولا وأبو عبد الله الحميدي" وغيرهم من طبقتهم وممن جاء بعدهم

أما الموافقة: فهي أن يقع لك الحديث عن شيخ "مسلم"2 فيه مثلا عاليا بعدد أقل من العدد الذي يقع لك به الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن "مسلم" عنه.

وأما البدل: فمثل أن يقع لك مثل هذا العلو عن شيخ غير شيخ "مسلم""مثل شيخ مسلم"3 في ذلك الحديث

1 هكذا في خط، وفي ش:"لقربه " باللام ، ووقع في ع "يقربه" بمثناه من تحت.

2 من ش وع و"التقريب مع شرحه" ، وليس في خط

3 من خط و"التقريب / مع شرحه"، وفي ع:"هو مثل شيخ مسلم" ، وليس في ش.

ص: 420

وقد يرد البدل إلي الموافقة فيقال فيما ذكرناه إنه موافقة عالية في شيخ شيخ مسلم. ولو لم يكن ذلك عاليا فهو أيضا موافقة وبدل لكن لا يطلق عليه اسم الموافقة والبدل لعدم الالتفات إليه

وأما "المساواة"1 فهي في أعصارنا أن يقل العدد في إسنادك لا إلى شيخ "مسلم" وأمثاله ولا إلى شيخ شيخه بل إلي من هو أبعد من ذلك كالصحابي أو من قاربه وربما كان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث يقع بينك وبين الصحابي مثلا من العدد مثل ما وقع من العدد بين "مسلم" وبين ذلك الصحابي "فتكون"2 بذلك مساويا "لمسلم" مثلا في قرب الإسناد وعدد رجاله.

وأما المصافحة: فهي أن تقع هذه المساواة التي وصفناها، لشيخك لا لك، فيقع ذلك لك مصافحة، إذ تكون كأنك لقيت "مسلما" في ذلك الحديث وصافحته به، لكونك قد لقيت شيخك المساوي لمسلم.

فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت المصافحة لشيخك فتقول: كأن شيخي سمع مسلما وصافحه.

وإن كانت المساواة "لشيخ شيخ شيخك"3 فالمصافحة لشيخ شيخك فتقول فيها: كأن شيخ شيخي سمع مسلما وصافحه ولك أن لا تذكر لك في ذلك نسبة بل تقول كأن فلانا سمعه من مسلم من غير أن تقول فيه: شيخي أو شيخ شيخي.

ثم لا يخفى على المتأمل أن في "المساواة و"4 المصافحة الواقعتين لك لا يلتقي إسنادك وإسناد "مسلم" أو نحوه إلا بعيدا عن شيخ مسلم فيلتقيان في الصحابي أو قريبا منه فإن كانت المصافحة التي تذكرها ليست لك بل لمن فوقك من رجال إسنادك أمكن التقاء الإسنادين فيها في شيخ مسلم أو أشباهه وداخلت المصافحة حينئذ الموافقة فإن معني الموافقة راجع إلى مساواة ومصافحة مخصوصة إذ

1 من ش وع ، وفي خط:" المساولة ".

2 من ش وع ، وفي خط:"فيكون".

3 رسم الناسخ على كل واحدة من الكلمات الثلاث علامة:"صح".

4 من ش وع ، وفي خط:"المساولة أو".

ص: 421

حاصلها أن بعض من تقدم من رواة إسنادك العالي ساوى أو صافح "مسلما أو البخاري" لكونه سمع ممن سمع من شيخهما مع تأخر طبقته عن طبقتهما ويوجد في كثير من العوالي المخرجة لمن تكلم أولا في هذا النوع وطبقتهم المصافحات مع الموافقات والأبدال لما ذكرناه.

ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول إذ لولا نزول ذلك الإمام في إسناده لم تعل أنت في إسنادك وكنت قد قرأت "بمرو"1 على شيخنا المكثر "أبي المظفر عبد الرحيم ابن الحافظ المصنف أبي سعد السمعاني رحمهما الله" في أربعي "أبي البركات الفراوي" حديثا ادعى فيه أنه كأنه سمعه هو أو شيخه من "البخاري" فقال الشيخ أو المظفر "ليس لك بعال ولكنه للبخاري نازل".

وهذا حسن لطيف يخدش وجه هذا النوع من العلو انتهى

قال أحمد: "طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف".

وقال الحاكم: "وفي طلب الإسناد العالي سنة صحيحة". فذكر حديث أنس في "مجىء الأعرابي" وقوله: "يا محمد أتانا رسولك فزعم كذا" الحديث

قال: "ولو كان طلب العلو في الإسناد غير مستحب لأنكر عليه سؤاله عما أخبره رسوله عنه ولأمره بالاقتصار على ما أخبره الرسول عنه".

ولم يحك الحاكم خلافا في تفضيل العلو وحكاه ابن خلاد ثم الخطيب فحكيا عن بعض "أهل النظر أن التنزل في الإسناد أفضل لأنه يجب على الراوي أن يجتهد في متن الحديث وتأويله وفي الناقل وتعديله وكلما زاد الاجتهاد زاد صاحبه ثوابا

قال ابن خلاد "وهذا مذهب من يزعم أن الخبر أقوى من القياس".

قال المصنف "وهو مذهب ضعيف الحجة".

قال ابن دقيق العيد "لأن كثرة المشقة ليست مطلوبة لنفسها قال ومراعاة المعنى المقصود من الرواية وهو الصحة أولى". انتهى

وهذا يصير بمثابة من يقصد المسجد لصلاة الجماعة فيسلك طريقا بعيدة لتكثير الخطا فتفوته صلاة الجماعة التي هي المقصود لأن المقصود من الحديث التوصل

1 من ش وع وفي خط: "مرة".

ص: 422

إلى صحته وبعد الوهم وكلما كثر رجال الإسناد تطرق إليه الخطأ وكلما قصر سلم.

اللهم إلا أن يكون رجال السند النازل أوثق "و"1 أحفظ أو أفقه فإنه يكون أولى كما سيأتي.

وقسم المصنف العلو إلى خمسة أجزاء تبعا ل"أبي الفضل محمد بن طاهر فإنه أفرد ذلك في "جزء".

القسم الأول: القرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسناد نظيف غير ضعيف فإن كان مع العلو ضعف فلا التفات إليه ولا سيما إن كان فيه بعض الكذابين المتأخرين ممن ادعى سماعا من الصحابة كإبراهيم بن هدبة ودينار بن عبد الله وخراش و"نعيم"2 بن سالم ويعلى بن الأشدق وأبي الدنيا الأشج ونحوهم.

قال الذهبي في "الميزان": متى رأيت المحدث يفرح بعوالي أبي هدبة ومن ذكرنا فاعلم أنه عامي بعد.

وهذا "القسم"3 هو أفضل أنواع العلو وأجلها

وأعلى ما يقع "للشيوخ"4 في هذا الزمان من الأحاديث المتصلة بالسماع ما هو تساعي الإسناد وقد يقع التساعي الصحيح ولكن "بإجازة"5 في الطريق.6

وقول الذهبي في "تاريخ الإسلام" في "ترجمة ابن البخاري": "وهو آخر من كان في الدنيا بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية رجال ثقات" إنه يريد مع اتصال

1 كذا في خط ، وفي ل:"أو".

2هكذا في خط وبعض نسخ "الشرح" ، "نعيم" بالمهملة مصغرا، وفي بعض نسخ "الشرح":"يغم" بالياء آخر الحروف والغين المعجمة ، وفي نسخة ثالثة من "الشرح":" معين". وراجع: ترجمة "نعيم بن تمام" ، "نعيم بن سالم" ، "ينغم بن سالم" من "اللسان" لابن حجر.

3 هكذا في خط ، وفي ل:"القسم الأول".

4 هكذا في ل ، وفي خط:"للشارح".

5 من ل، وفي خط:"الإجازة".

6 راجع: " الشرح".

ص: 423

السماع أما مع "الإجازة"1 فقد تأخر بعده جماعة

القسم الثاني: القرب إلى إمام من الأئمة ك"الأعمش وهشيم وابن جريج والأوزاعي ومالك وسفيان وشعبة وزهير وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية" وغيرهم من أئمة الحديث

وأعلى ما يقع اليوم للشيوخ بينهم وبين هؤلاء الأئمة من حيث العدد مع صحة الإسناد واتصاله بالسماع أن بينهم وبين الأعمش و"هشيم"2 وابن جريج والأوزاعي ثمانية "وبينهم"3 وبين مالك والثوري وشعبة وزهير وحماد بن سلمة سبعة وبينهم وبين ابن علية ستة

القسم الثالث: العلو المقيد بالنسبة إلى رواية الصحيحين وبقية الكتب الستة وسماه ابن دقيق العيد علو التنزيل ولم يذكر ابن طاهر هذا القسم وجعل القسم الثالث: علو تقدم السماع وجمع بينه وبين قسم "تقدم"4 الوفاة فجعلهما قسما واحدا

وهذا النوع هو الذي يقع فيه الموافقات والأبدال والمساواة والمصافحات

ف"الموافقة": أن يروي الرواي حديثا في أحد "الكتب الستة بإسناد لنفسه من غير طريقها بحيث يجتمع مع أحد"5 الستة في شيخه مع علو "الطريق"6 الذي رواه منه على ما "لو"7 رواه من طريق أحد "الكتب الستة"

مثاله: حديث رواه البخاري عن محمد بن عبد الله الأنصاري عن حميد عن أنس مرفوعا "كتاب الله القصاص".

1 من ل ، وفي خط:"الوجادة ".

2 من ل ، ولم يظهر منها في خط سوى الهاء.

3 من ل ، ولم تظهر في صورة خط.

4 من ل ، وفي خط:" متقدم" بالميم" في موضعين.

5 من ل ، وليس في خط ، وكأن الناسخ ترك سطرا.

6 من ل ، وفي خط:"الطرف"

7 من ل ، وليس في خط.

ص: 424

فإذا رويناه من "جزء الأنصاري""يقع" 1 موافقة للبخاري في شيخه مع علو درجته

والبدل: أن يوافقه في شيخ شيخه مع العلو أيضا

مثاله: حديث ابن مسعود الآتي في آخر هذا القسم

وقد يسمونه: موافقة مقيدة، فيقال: هو موافقة في شيخ "الترمذي" مثلا.

وقيد المصنف الموافقة والبدل بصورة العلو وفي كلام غيره إطلاقهما مع عدم العلو فإن علا قالوا: موافقة عالية وبدلا عاليا قاله جمال الدين الظاهري وغيره وفي كلام الذهبي "فوافقناه بنزول" فسماه مع النزول موافقة ولكن مقيدة بالنزول كما قيدها غيره2 بالعلو

والمساواة: أن يكون بين "الصحابي" وبين "الراوي" أو "من قبل الصحابي" إلى شيخ أحد "الستة" كما بين "الأئمة الستة" وبين ذلك "الصحابي" أو "من قبله" على ما ذكر.

أو يكون بينه وبين "النبي صلى الله عليه وسلم" كما بين أحد "الأئمة الستة" وبين "النبي صلى الله عليه وسلم" من العدد وهذا كله كان يوجد قديما وأما اليوم فلا توجد المساواة إلا "بأن"3 يكون عد ما بين "الراوي" الآن و"بين"4النبي صلى الله عليه وسلم كعد ما بين أحد "الأئمة الستة" وبين "النبي صلى الله عليه وسلم"

"ومثال"5 المساواة لشيوخنا: "حديث"6 "النهي عن نكاح المتعة" أخبرنا به "إسماعيل"7 بن عبد العزيز "إجازة إن لم يكن سماعا"8 قال: أخبرنا

1 هكذا في خط ، وفي ل:"تقع" بمثناه من فوق.

2 راجع: "الشرح"" ص/ 312-313"

3 هكذا في خط ، وفي ل:" أن".

4 من ل ، وليس في خط.

5 من ل ، وفي خط "وأمثال"

6 من ل، وليس في خط.

7 كذا في خط ، وفي ل:" محمد بن إسماعيل00".

8 من خط ، وليس في ل.

ص: 425

عبد العزيز بن عبد المنعم الحراني قال: أنبأنا أسعد بن سعيد بن روح وعفيفة بنت أحمد الفارقانية، واللفظ لها قالا: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله "الجوزدانية"1 قالت أنا أبو بكر بن "ريذة"2 قال أخبرنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث

قال الطبراني: وثنا يوسف القاضي ثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا ليث بن سعد حدثني الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه سبرة أنه قال: "أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة" الحديث وفيه ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من كان عنده شىء من هذه النساء اللاتي يتمتع بهن فليخل سبيلها" واللفظ لحديث يحيى بن بكير

هذا حديث صحيح أخرجه مسلم والنسائي عن قتيبة عن الليث فوقع بدلا لهما عاليا

وورد حديث "النهي عن المتعة" من حديث جماعة من الصحابة منهم: "علي بن أبي طالب" وهو متفق عليه من حديثه من طريق مالك وقد رواه النسائي في "جمعه لحديث مالك" عن زكريا بن يحيى خياط السنة عن إبراهيم بن عبد الله الهروي عن سعيد بن محبوب عن "عبثر"3 بن القاسم عن سفيان الثوري عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي

فباعتبار هذا العدد كأن شيخنا ساوى فيه النسائي وكأني لقيت النسائي وصافحته به ولله الحمد

والمصافحة: أن "يعلو"4 طريق أحد "الكتب الستة" عن المساواة بدرجة فيكون الراوي كأنه سمع الحديث من "البخاري أو مسلم" مثلا فكأن الراوي لقي أحد

1 من "السير" الذهبي ، وضبط السمعاني هذه النسبة:" بضم الجيم وسكون الواو والرازي وبعدها الدال المهملة وفي آخرها النون"، قال:"هذه النسبة إلى جوزدان ، ويقال لها كوزدان ، وهي قرية على باب أصبهان كبيرة كثيرة الخير ووقع في ل: " الجوزذدانية" بالذال المعجمة وفي خط: " الجر وانية".

2 هكذ في خط ، وفي ل:"زيدة".

3 هكذا في "التمهيد" لابن عبد البر "10/98" ، وضبطه ابن حجر في "التقريب" بفتح أوله وسكون الموحدة وفتح المثلثة ، ووقع قي خط:"عثبر " بتقديم المثلثة ، وفي ل،:"عيثر"بمثناه من تحت ، والراوي عنه هكذا هو في خط ول:"سعيد محبوب"، وفي "التمهيد":"سعيد بن عمرو ألأشعثي"

4 هكذا في خط ، وفي ل:"تعلو" بمثناه من فوق.

ص: 426

"الأئمة الستة" وصافحه بذلك الحديث

ومراده1: بالكتب المعتمدة "المعروفة"2: "الستة" ونحوها لأن الغالب على المخرجين استعمال ذلك بالنسبة إليهم فقط وقد استعمله الظاهري وغيره بالنسبة إلى مسند أحمد ولا "مشاححة"3 في ذلك

قال الحافظ زين الدين العراقي وقد وقع لنا غير ما حديث مصافحة فمن ذلك الحديث المتقدم مثالا للمساواة فإنه مساواة لشيوخنا مصافحة لنا كما تقدم

"قوله": ثم اعلم أن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول

"اعترض عليه" بإنه قد لا يكون تابعا لنزول بل قد يكون تابعا لعال أيضا فيكون العلو حصل فيه وفي تابعه فيكون ذلك الإمام وقع له عاليا أيضا مثاله حديث "ابن"4 مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كان على موسى يوم كلمه الله كساء صوف وجبة صوف" الحديث

رواه الترمذي عن علي بن حجر عن خلف بن خليفة عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود

وقد وقع لنا عاليا بدرجتين أخبرني به أبو الفتح محمد بن محمد بن إبراهيم الميدومي "إجازة إن لم يكن سماعا"5 قال: أخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني قال: أخبرني عبد المنعم بن عبد الوهاب6 قال: أنا علي بن أحمد بن محمد بن بيان قال: "أنا"7 محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد قال أنا إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا الحسن بن عرفة "ثنا"خلف بن خليفة

1 يعني: ابن الصلاح.

2 لم يظهر منها في خط سوى الألف واللام ، ولكنها سبقت في كلام ابن الصلاح رحمة الله.

3 هكذا في خ ، وفي ل:"مشاحة".

4من ع ول و "سنن الترمذي ""1734" و "تحفة الأشراف""7/64"، وفي خط:"أبي".

5 من خط ، وليس في ع.

6 راجع " التقييد" للعراقي.

7 هكذا في خط ، وفي ع:"أنبأنا" في كليهما.

ص: 427

عن حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يوم كلم الله موسى عليه السلام كانت عليه جبة صوف وسراويل صوف وكساء صوف وكمه صوف ونعلاه من جلد حمار غير " مذكى"1.

فهذا الحديث بهذا الإسناد لا يقع لأحد في هذه الأزمان أعلى منه على وجه الدنيا من حيث العدد وهو علو مطلق ليس تابعا لنزول فإنه عال للترمذي أيضا فإن خلف بن خليفة من التابعين وأعلى ما يقع للترمذي روايته عن أتباع التابعين.

وأما علو طريقنا فأمر واضح فإن شيخنا أبا الفتح آخر من روى عن النجيب عبد اللطيف بالسماع والنجيب آخر من روى عن عبد المنعم بن كليب بالسماع وابن كليب آخر من روى عن ابن بيان وابن بيان آخر من روى عن ابن مخلد وابن مخلد آخر من روى عن الصفار والصفار آخر من روى عن ابن عرفة وابن عرفة آخر من روى عن خلف بن خليفة وخلف آخر من رأى الصحابة فهو علو مطلق.

قال الرابع من أنواع العلو العلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي.

مثاله ما أرويه عن شيخ أخبرني به "عن"2 واحد عن البيهقي الحافظ عن الحاكم أبي عبد الله الحافظ أعلى من روايتي لذلك عن شيخ أخبرني به عن واحد عن أبي بكر ابن خلف عن الحاكم وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة ابن خلف لأن البيهقي مات سنة ثمان "وخمسين"3 وأربعمائة ومات ابن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمائة

"و"4 روينا عن "أبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي الحافظ"، قال:"قد يكون الإسناد يعلو على غيره بتقدم "موت"5 راوية وإن كان متساويين في العدد" ومثل ذلك من حديث نفسه بمثل ما ذكرناه.

1 هكذا في خط وبعض نسخ "المجروحين" لابن حبان""1/262"، وفي ع، و"المستدرك""1/28""2/379" ونسخة من "المجروحين":"ذكى".

2 من خط وع، وليس في ش.

3 من خط وع، وفي ش:"وخمس".

4 من ش وع، وليس في خط

5 من ش وع، وفي خط:"مرتب".

ص: 428

ثم إن "هذا الكلام: في"1 العلو المنبني على تقدم الوفاة المستفاد من نسبة شيخ إلى شيخ وقياس راو براو.

وأما العلو المستفاد من مجرد تقدم وفاة شيخك من غير نظر إلى قياسه براو آخر فقد حده بعض أهل هذا الشأن بخمسين سنة.

وذلك ما رويناه عن "أبي"2 علي الحافظ النيسابوري قال: "سمعت أحمد بن عمير3 الدمشقي وكان من أركان الحديث يقول: إسناد خمسين سنة من موت الشيخ إسناد علو.

وفيما نروي عن أبي عبد الله ابن منده الحافظ قال إذا مر على الإسناد ثلاثون سنة فهو عال وهذا أوسع من الأول.

الخامس: العلو المستفاد من تقدم السماع"أنبؤنا"4 عن محمد بن ناصر الحافظ عن محمد بن طاهر الحافظ قال من العلو تقدم السماع.

قلت: وكثير من هذا يدخل في النوع المذكور قبله وفيه ما لا يدخل في ذلك بل يمتاز عنه مثل أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة مثلا وسماع الآخر من أربعين سنة فإذا تساوى السند إليهما في العدد فالإسناد إلى الأول الذي تقدم سماعه أعلى.

فهذه أنواع العلو على الاستقصاء والإيضاح الشافي ولله سبحانه وتعالى الحمد كله.

وأما ما رويناه عن "الحافظ أبي طاهر السلفي رحمه الله" من قوله في أبيات له:

بل علو الحديث بين أولي الحفظ

والإتقان صحة الإسناد

وما رويناه عن "الوزير نظام الملك" من قوله: "عندي أن الحديث العالي ما صح

1 هكذا في خط، وفي ش وع:"هذا كلام في".

2 من ش وع، وفي خط:"ابن"

3 في حاشية خط: "الحافظ ابو الحسن". ولم يظهر من الحاشية سوى ذلك وبعض حروف من كلمة أخرى هى الواو والفاء "....وف" وعلى هامش بعض نسخ "المقدمة": "قال المؤلف": ابن عمير هذا، هو ابن جوصا، الحافظ أبو الحسن الدمشقى".

4 هكذا في خط بالرسم والضبط، وفي ش وع:"أنبئنا".

ص: 429

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن بلغت رواته مائة".

فهذا ونحوه ليس من قبيل العلو المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث وإنما هو علو من حيث المعنى فحسب.

فصل: وأما النزول فهو ضد العلو وما من قسم من أقسام العلو الخمسة إلا وضده قسم من أقسام النزول فهو إذا خمسة أقسام وتفصيلها يدرك من تفصيل أقسام العلو على نحو ما تقدم شرحه.

وأما قول "الحاكم أبي عبد الله": "لعل قائلا يقول: النزول ضد العلو، "فمن"1 عرف العلو فقد عرف ضده وليس كذلك فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة" إلى آخر كلامه فهذا ليس نفيا لكون النزول ضدا للعلو على الوجه الذي ذكرته بل نفيا لكونه يعرف بمعرفة العلو وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله وليس كذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلا مفهما لمراتب النزول والعلم عند الله تعالى.

ثم إن النزول مفضول مرغوب عنه والفضيلة للعلو على ما تقدم بيانه ودليله وحكى "ابن خلاد" عن بعض أهل النظر أنه قال "التنزل" في الإسناد أفضل" واحتج "له"2 بما معناه أنه يجب "الاجتهاد"3 والنظر في تعديل كل راو وتجريحه فكلما زادوا كان الاجتهاد أكثر فكان الأجر أكثر.

وهذا مذهب "ضعيف الحجة"4

وقد روينا عن "علي ابن المديني وأبي عمرو المستملي النيسابوري أنهما قالا النزول شؤم".

وهذا ونحوه مما جاء في ذم النزول مخصوص ببعض النزول فإن النزول إذا تعين دون العلو طريقا إلى فائدة راجحة على فائدة العلو فهو مختار غير

1 من ش وع ول، وفي خط:"فمتى".

2من ش وع، وليس في خط.

3 من ش وع، وفي خط:"الاعماد".

4 هكذا في خط و"التدريب"، وفي ش وع:"

ضعيف، ضعيف الحجة".

ص: 430

"مرذول"1.انتهى

هذا هو القسم الرابع من أقسام العلو وهو تقدم وفاة الراوي عن شيخ على وفاة راو آخر عن ذلك الشيخ.

مثاله: من سمع سنن أبي داود على الزكي عبد العظيم أعلى ممن سمعه على النجيب الحراني ومن سمعه على النجيب أعلى ممن سمعه على ابن خطيب المزة والفخر ابن البخاري وإن اشترك الأربعة في رواية الكتاب عن شيخ واحد وهو: ابن طبرزد لتقدم وفاة الزكي على النجيب وتقدم وفاة النجيب على من بعده.

"هذا"2كله بنسبة شيخ إلى شيخ أما علو الإسناد بتقدم موت الشيخ لا مع التفات لأمر آخر أو شيخ آخر فمتى يوصف بالعلو؟

قيل: خمسين سنة من موت الشيخ قاله ابن "جوصا"3

وقول ابن مندة: ثلاثين سنة يحتمل أنه أراد من حين السماع وهو بعيد لأنه يجوز أن يكون شيخه إلى الآن حيا والظاهر أنه أراد إذا مضى على إسناد كتاب أو حديث ثلاثون سنة وهو في تلك المدة لا يقع أعلى من ذلك كسماع كتاب البخاري في سنة ستين وسبعمائة مثلا على "أصحاب أصحاب"4 ابن الزبيدي فإنه قد مضت عليه ثلاثون سنة من موت من كان آخر من يرويه عاليا وهو الحجار.

"قوله". تقدم السماع أي ممن تقدم سماعه من شيخ كان سماعه منه أعلى ممن سمع منه بعده.

وأهل الحديث مجمعون على أفضلية المتقدم في حق من اختلط شيخه أو خرف لهرم أو مرض وهو واضح.

1 خشى الناسخ أن تتحرف أو يظن أنها: "مردود" فكتب في حاشية خط: "مردود" ورسم فوقها: "خ"خاء معجمة.

2 من خط، وفي ل:"وهذا".

3 هكذا في خط و"السير"، وغيرهما، وفي ل:"جوصاء" بإثبات الهمزة في اخه.

4 رسم الناسخ علامة "صح" على كل واحد منهما.

ص: 431

أما من لم يحصل له ذلك فربما كان السماع المتأخر أرجح بأن يكون تحديثه الأول قبل أن يبلغ درجة الضبط والإتقان ثم كان الشيخ متصفا بذلك في حالة سماع الراوي المتأخر السماع فلهذا مزية وفضل على السماع المتقدم وهو أرفع وأعلى لكنه علو معنوي.

وجعل ابن طاهر وابن دقيق العيد "تقدم السماع وتقدم الوفاة" قسما واحدا وزادا بدل الساقط: "العلو إلى صاحبي الصحيحين ومصنفي الكتب المشهورة".

وجعل ابن طاهر هذا قسمين أحدهما العلو إلى البخاري ومسلم وأبي داود وأبي حاتم وأبي زرعة والآخر العلو إلى كتب مصنفة لأقوام كابن أبي الدنيا والخطابي وأشباههما.

قال ابن طاهر واعلم أن كل حديث عز على المحدث ولم يجده عاليا ولا بد له من إيراده في تصنيف أو احتجاج به فمن أي وجه" أورده"1 فهو عال لعزته.

ثم مثل ذلك بأن البخاري روى عن أماثل أصحاب مالك ثم روى حديثا لأبي إسحاق الفزاري عن مالك لمعنى فيه فكان فيه بينه وبين مالك ثلاث رجال والله أعلم.

قوله عن ابن المديني والمستملي النزول شؤم أي وكقول ابن معين الإسناد النازل قرحة في الوجه انتهى

وهذا محمول على ما إذا لم يكن مع النزول ما يجبره كزيادة الثقة في رجاله على العالي أو كونهم أحفظ أو أفقه أو كونه متصلا بالسماع وفي العالي حضور أو إجازة أو مناولة أو تساهل بعض رواته في الحمل ونحو ذلك "فإن" 2العدول حينئذ إلى النزول ليس بمذموم ولا مفضول.

وعن وكيع أنه قال3 الأعمش أحب إليكم عن أبي وائل عن عبد الله. أو"

1 من ل، وفي خط "أورد" بدون هاء في اخره.

2 من ل، وفي خط:" كان".

3 يعني: لأصاحبه كما في "علوم الحديث" لابن كثير، و"التدريب"،وراجع:"الاعتبار" للحازمي "ص 73-74".

ص: 432

سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؟

فقلنا1: الأعمش عن أبي وائل أقرب فقال الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة فقيه عن فقيه عنه فقيه "عن فقيه"2.

وعن ابن المبارك: ليس جودة الحديث قرب الإسناد "بل جودة"3 الحديث صحة الرجال.

وقال السلفي: الأصل الأخذ عن العلماء فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة والنازل حينئذ هو العالي في المعنى عند النظر والتحقيق.

كما ذكر المصنف عن "نظام الملك": وعن السلفي في هذه الأبيات:

ليس حسن الحديث قرب رجال

عند أرباب علمه النقاد

بل علو الحديث بين أولي الحفظ

والإتقان صحة الإسناد

إذا ما تجمعا في حديث

فاغتنمه فذاك أقصى المراد

1 الكلام لأصحاب " وكيع".

2 من ل، وليس في خط، وراجع:"الاعتبار"، وزاد في "الاعتبار" و "علوم الحديث". "وحديث يتداوله الفقهاء أحب مما يتداوله الشيوخ" والسياق لابن كثير.

3 من ل و"التدريب" وغيرهما، وفي خط:"بل وجودة".

ص: 433