الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع التاسع والثلاثون
معرفة الصحابة رضي الله عنهم أجمعين
هذا علم كبير قد ألف الناس فيه كتبا كثيرة ومن أحلاها وأكثرها فوائد: كتاب الاستيعاب لابن عبد البر لولا ما شأنه به من إيراده كثيرا مما شجر بين الصحابة وحكاياته عن الأخباريين لا المحدثين وغالب على الأخباريين الإكثار والتخليط فيما يروونه.
وأنا أورد نكتا نافعة إن شاء الله تعالى قد كان ينبغي لمصنفي كتب الصحابة أن يتوجوها بها مقدمين لها في فواتحها.
إحداها اختلف أهل العلم في أن الصحابي من؟ فالمعروف من طريقة أهل الحديث أن كل مسلم رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من "الصحابة"1.
قال البخاري في صحيحه من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من الصحابة
وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم أعطوا كل من رآه حكم الصحبة وذكر أن اسم الصحابي من حيث اللغة والظاهر: يقع على من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم "وكثرت له مجالسته"2 على طريق "التبع"3 له والأخذ عنه. قال: وهذا طريق الأصوليين.
1 هكذا في خط، وفي ش وع:"أصحابه" ومثله في " صحيح البخاري""7/2- مع الفتح" "ك/ فضائل الصحابة، ب/ فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
…
"، وهو كذلك أيضا في "الكفاية" للخطيب "ص/ 99" عن البخاري رحمه الله.
2 كذا في خط، وفي ش وع:"وكثرت مجالسته له".
3 من ش وع، وفي خط:"البتع" بتقديم الموحدة.
قلت: وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد الصحابي إلا من أقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة أو سنتين وغزا معه غزوة أو غزوتين.
وكأن المراد بهذا إن صح عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين ولكن في عبارته ضيق يوجب ألا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم ممن لا "نعرف"1 خلافا في عده من الصحابة.
وروينا عن شعبة عن موسى السبلاني وأثنى عليه خيرا قال: "أتيت أنس بن مالك فقلت: هل بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد غيرك؟ قال: بقي ناس من الأعراب قد رأوه فأما من صحبه فلا" إسناده جيد حدث به مسلم بحضرة أبي زرعة.
ثم إن كون الواحد منهم صحابيا تارة يعرف بالتواتر وتارة بالاستفاضة القاصرة عن التواتر وتارة بأن يروى عن آحاد الصحابة أنه صحابي وتارة بقوله وإخباره عن نفسه بعد ثبوت "عدالته"2
الثانية للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة.
قال الله تبارك وتعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية. قيل: اتفق المفسرون على أنه وارد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وهذا خطاب مع الموجودين حينئذ.
وقال سبحانه وتعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} الآية.
وفي نصوص السنة الشاهدة بذلك "كثرة"3 منها: حديث أبي سعيد المتفق على صحته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه".
1 من ش وع، وفي خط:"يعرف".
2 هكذا في خط، وفي ش وع:"..عدالته بأنه صحابي. والله أعلم".
3 من ش وع، وفي خط:"كثيرة".
ثم إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة. "ومن"1 لابس الفتن منهم فكذلك بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع إحسانا للظن بهم ونظرا إلى ما تمهد لهم من المآثر وكأن الله سبحانه أتاح الإجماع على ذلك لكونهم نقلة الشريعة انتهى.
ألف العلماء في معرفة الصحابة كتبا كثيرة منها الصحابة لأبي حاتم بن حبان البستي "مختصرا"2 في مجلدة.
ومنها: كتاب معرفة الصحابة لأبي عبد الله بن مندة وهو كتاب كبير جليل وقد ذيل عليه الحافظ أبو موسى المديني بذيل كبير.
ومنها: الصحابة لأبي نعيم الأصبهاني كتاب جليل.
ومنها: الاستيعاب لابن عبد البر وهو كثير الفوائد وذيل عليه ابن فتحون بذيل في مجلد.
ومنها: معرفة الصحابة للعسكري "على"3 غير ترتيب الحروف.
وصنف "معاجم"4 الصحابة جماعة منهم: أبو القاسم البغوي "وابن قانع والطبراني"5 إلا أن من صنف المعاجم"4" لا يورد غالبا إلا من له رواية6.
وقد صنف أبو الحسن علي بن محمد بن الأثير الجزري كتابا سماه أسد الغابة جمع فيه بين كتاب ابن مندة وذيل "أبو"7 موسى عليه "و"8كتاب أبي نعيم والاستيعاب وزاد من غيرها أسماء ولم يقع له ذيل ابن فتحون.
وقد اختصره جماعة منهم الذهبي في مختصر لطيف وذيل عليه الحافظ العراقي.
1 تكرر في خط: "ومن، ومن"، وغفل الناسخ أن يضرب على أحدهما.
2 كذا في خط، وفي ل:"مختصر".
3 من خط، وفي ل:"وهو على".
4 من ل، وفي خط:"معاجيم".
5 من ل، وفي خط:"وابن نافع الطبراني".
6 راجع: "الشرح".
7 هكذا في خط، وفي ل "أبي"، وما في خط إن كان له وجه في العربية إلا أن الظاهر أنه اشتبه على المؤلف أو الناسخ فظن أنها:"وذيل أبو موسى عليه" أي: وضع عليه ذيلا، فالله أعلم بما كان.
8 من ل، وفي خط:"في".
واختلف في حد الصحابة على ستة أقوال المعروف والمشهور: أنه من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في حال إسلامه.
هكذا أطلقه كثيرون ومرادهم زوال المانع من الرواية كالعمى وإلا فمن صحبه صلى الله عليه وسلم ولم يره كابن أم مكتوم صحابي بلا خلاف.
وهو يرد على المصنف.
وفي دخول الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما ولم يصحبه ولم يجالسه في عبارة البخاري نظر.
ويرد على المصنف أيضا من ارتد عن الإسلام ومات "على رؤية"1 كافرا؟ ك"عبد الله بن خطل وربيعة بن أمية "ومقيس"2 بن صبابة" ونحوهم.
"فإنه"3 ليسوا بصحابة والحد منطبق عليهم إلا أن "نقول"4 بأحد قولي الأشعري أن إطلاق اسم الكفر والإيمان هو باعتبار الخاتمة فمن ارتد ومات كافرا لم يزل كافرا ومن مات مسلما بعد كفره لم يزل مسلما وعلى هذا لا يدخلون في الحد.
وأما من ارتد منهم ثم عاد إلى الإسلام في حياته صلى الله عليه وسلم فالصحبة عائدة إليهم كعبد الله بن أبي سرح فإن ارتد في حياته أو بعد موته ثم عاد إلى الإسلام بعد موته صلى الله عليه وسلم ك"الأشعث بن قيس وقرة بن هبيرة"1"5". ففي عود الصحبة له نظر عند من يقول: إن الردة محبطة للعمل وإن لم يتصل بها الموت وهو قول أبي حنيفة.
وفي عبارة الشافعي في الأم ما يدل عليه والمشهور عنه ما حكاه الرافعي أنها لا تحبط إلا إذا اتصلت بالموت وحينئذ فالظاهر عود الصحبة.
1 من خط، وليس في ع.
2 من ع ول، وفي خط:"ويعيس".
3 كذا في خط، ووضع الناسخ مقابلها:":." ثلاث نقاط مثلثة، وهذا يفعله الناسخ عندما يستشكل شيئا مما في الأصل. فهو سبق قلم صوابه:"فإنهم".
4 من ع، وفي خط:"يقول".
5 من ل، وفي خط "هبير".
وبقي النظر في أمور أخر من التمييز أو البلوغ في "الرائي"1 "واشتراط"2 كون الرؤية بعد النبوة أو أعم من ذلك واشتراط كونه صلى الله عليه وسلم حيا "يخرج"3 ما لو رآه بعد موته قبل الدفن واشتراط كون الرؤية له في عالم الشهادة دون عالم الغيب.
فأما التمييز ففظاهر كلامهم اشتراطه كما هو موجود في كلام يحيى بن معين وأبي زرعة وأبي حاتم وأبي داود وابن عبد البر وغيرهم وهم جماعة أتي بهم النبي صلى الله عليه وسلم وهم أطفال فحنكهم ومسح وجوههم أو تفل في أفواههم "فلم يكتبوا"4 لهم "صحبة منهم محمد بن"5 حاطب بن الحارث وعبد الرحمن بن عثمان التيمي ومحمود بن الربيع وعبيد الله بن معمر وعبد الله بن الحارث بن نوفل وعبد الله بن أبي طلحة ومحمد بن ثابت بن قيس بن شماس ويحيى بن خلاد بن رافع الزرقي ومحمد بن طلحة ابن عبيد الله وعبد الله بن ثعلبة بن "صعير"6 وعبد الله بن عامر بن كريز وعبد الرحمن بن "عبد القاري"7 ونحوهم.
فأما محمد بن حاطب فإنه ولد بأرض الحبشة قال يحيى بن معين: له "رؤية"8 ولا تذكر له صحبة "التيمي"9.
وأما عبد الرحمن بن عثمان فقال أبو حاتم: الرازي كان صغيرا له رؤية وليست له صحبة.
وأما محمود بن الربيع فهو الذي عقل منه صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين كما ثبت في البخاري وقال أبو حاتم له رؤية وليست له صحبة.
وأما عبيد الله بن معمر فقال ابن عبد البر ذكر بعضهم أن له صحبة وهو غلط بل له رؤية وهو غلام صغير.
وأما عبد الله بن الحارث بن نوفل فإنه الملقب "ببه و"10ذكر ابن عبد البر أنه
1 من خط، وفي ع:"الرأي".
2 من ع، وفي خط:"واشترط".
3 من خط، وفي ع:"حتى يخرج".
4 من ع، وفي خط:"لم تبتوا".
5 من خط، وفي ع:"صحبة محمد بن..".
6 من ع، وفي خط:"صغير" بالغين المعجمة.
7 من ع و"طبقات ابن سعد""5/42""625/ط: الكتب العلمية"، وفي خط:"الباري".
8 من خط، وفي ع:"رواية".
9 هكذا في خط، وفي "التدريب":"التميي"، ووقع في ع:"التميي".
10 هكذا في خط وضبطها بفتح الموحدة الأولى وسكون الثانية، وفي ع:"بشبة" ولم ترد الواو في ع
ولد على "عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم"1 وأتي به فحنكه ودعا له.
قال العلائي في كتاب جامع التحصيل: ولا صحبة له بل ولا رؤية "أيضا"2 وحديثه مرسل قطعا.
وأما عبد الله بن أبي طلحة فهو أخو أنس لأمه ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم حنكة قال العلائي ولا "تعرف"3 له رؤية بل هو تابعي وحديثه مرسل. وأما محمد بن ثابت بن قيس بن شماس فإنه حنكه وسماه محمدا قال العلائي وليست له صحبة فحديثه مرسل.
وأما ابن حبان فذكره في الصحابة.
وأما يحيى بن "خلاد"4 بن رافع الزرقى فذكر ابن عبد البر أنه حنكه "وسماه"5. قال العلائي وهو تابعي لا "تثبت"6 له رؤية.
وأما محمد بن طلحة بن عبيد الله فهو الملقب بالسجاد "أتي به إلى"7 النبي صلى الله عليه وسلم فمسح رأسه وسماه محمدا وكناه أبا القاسم.
قال العلائي ولم يذكر أحد فيما وقفت عليه له رؤية بل هو تابعي.
وأما عبد الله بن ثعلبة بن صعير وقيل ابن أبي صعير فروى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم وجهه عام الفتح.
قال أبو حاتم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال العلائي قيل أنه لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم كان ابن أربع سنين.
وأما عبد الله بن عامر بن كريز فإن النبي صلى الله عليه وسلم أتى به وهو صغير فتفل في فيه من ريقه.
قال ابن عبد البر: وما أظنه سمع منه ولا حفظ عنه بل حديثه مرسل.
وأما عبد الرحمن بن عبد "القاري"8 فقال أبو داود أتي به النبي صلى الله عليه وسلم وهو طفل.
1 من خط، وفي ع:"عهده صلى الله عليه وسلم".
2 من خط، وفي ع:"قطعا".
3 من خط، وفي ع:"يعرف" بمثناه من تحت.
4 من خط، وفي ع:"جلاد" بالجيم.
5 من ع، وفي خط:"وسمه".
6 من خط، وفي ع:"يثبت" بمثناة من تحت.
7 هكذا في خط، وفي ع:"أتى به أبوه إلى".
8 من ع وابن سعد، وفي خط:"الباري". وسبق قريبا.
قال ابن عبد البر: ليس له سماع ولا رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم بل هو من التابعين.
وذكر أبو حاتم أن يوسف بن عبد الله بن سلام له رؤية ولا صحبة له انتهى.
هذا مع كونه حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه رآه أخذ كسرة من خبز شعير ووضع عليها تمرة وقال هذه إدام هذه" رواه أبو داود والترمذي في الشمائل وروى أبو داود أيضا من "حديثه أنه"1 سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر "ما على أحدكم إن وجد أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته"2. لا جرم أن البخاري عد يوسف في الصحابة فأنكر ذلك عليه أبو حاتم وقال له رؤية ولا صحبة له.
وممن أثبت له بعضهم الرؤية دون الصحبة طارق بن شهاب فقال أبو زرعة وأبو داود له رؤية وليست له صحبة.
"وليس هذا من"3 باب الرؤية في الصغر فإن طارق بن شهاب هذا قد أدرك الجاهلية وغزا مع أبي بكر رضي الله عنه.
وإنما يحمل هذا على أحد وجهين إما أن يكون "رآه"4 قبل أن يسلم "ولم"5 يره في حالة إسلامه ثم جاء فقاتل مع أبي بكر وإما أن يكون ذلك محمولا على أنهما لا يكتفيان في حصول الصحبة بمجرد الرؤية كما سيأتي نقله عن أهل الأصول.
وعلى هذا يحمل أيضا قول عاصم الأحول أن عبد الله بن سرجس رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن له صحبة.
قال ابن عبد البر لا يختلفون في ذكره "من"6 الصحابة ويقولون له صحبة على مذهبهم في اللقاء والرؤية والسماع.
وأما عاصم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء وأولئك قليل.
وأما تمثيل الشيخ تاج الدين التبريزي في اختصاره لكتاب ابن الصلاح لمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم كافرا ثم أسلم بعد وفاته "بعبد الله"7 بن سرجس وشريح فليس بصحيح لما ثبت في صحيح مسلم من
حديث عبد الله بن سرجس قال:
1 من خط، وفي ع:"حديث أنه".
2 ضبطها في خط بسكون الهاء.
3 من خط، وفي ع:"وهذا ليس من".
4 من ع، وفي خط:"يراه".
5 من خط، وفي ع:"ولم".
6 هكذا في خط، وفي ع:"في".
7 من خط، وفي ع:"كعبد الله".
"رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزا ولحما" وذكر الحديث في رؤيته لخاتم النبوة واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له والصحيح أيضا أن شريحا القاضي لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قبل "النبوة وعاش بعدها"1 وهو تابعي أدرك الجاهلية وقد عده مسلم في المخضرمين وكذلك المصنف.
وأما اشتراط البلوغ في حالة "الرؤية"2 فحكاه الواقدي عن أهل العلم فقال: رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أدرك الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار.
والصحيح أن البلوغ ليس شرطا في حد الصحابي وإلا لخرج بذلك من أجمع العلماء على عدهم في الصحابة كعبد الله بن الزبير والحسن والحسين رضي الله عنهم.
وأما كون المعتبر في الرؤية وقوعها بعد النبوة فلم أر من تعرض لذلك إلا "أن"3 ابن منده ذكر في "الصحابة"4 زيد بن عمرو بن نفيل وإنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة ومات قبلها وقد روى النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة".
وأما كون الرؤية معتبر وقوعها وهو حي فالظاهر اشتراطه لأن النبوة انقطعت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم5.
وأما كون الرؤية في عالم الشهادة فالظاهر اشتراطه أيضا حتى لا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة والنبيين في السماوات ليلة الإسراء أما الملائكة فلم يذكرهم أحد في الصحابة وقد استشكل ابن الأثير في كتاب أسد الغابة ذكر من ذكر منهم بعض الجن الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وذكرت أسماءهم "وأن"6 ذكر جبريل وغيره ممن رآه من الملائكة أولى بالذكر من هؤلاء وليس كما زعم
1 كذا في خط، وفي ع:"النبوة ولا بعدها".
2 من ع، وفي خط:"الرواية".
3 من خط، وليس في ع.
4 من خط، وفي ع:"المعتبر في الرواية".
5 من خط، وفي ع:"وإنه قد انقطعت النبوة بوفاته صلى الله عليه وسلم".
6 من خط، وفي ع:"فإن".
لأن الجن من جملة المكلفين الذين شملتهم الرسالة والبعثة فكان ذكر من عرف اسمه ممن رآه حسنا بخلاف الملائكة.
وأما الأنبياء الذين رآهم في السماوات ليلة الإسراء "فالذين"1 ماتوا منهم كإبراهيم ويوسف وموسى وهارون ويحيى لا شك أنهم لا يطلق عليهم اسم الصحبة لكون رؤيتهم له بعد الموت مع كون مقاماتهم أجل وأعظم من رتبة "أكابر"2 الصحابة. وأما من هو حي إلى الآن لم يمت عيسى صلى الله عليه وسلم فإنه سينزل إلى الأرض في آخر الزمان ويراه خلق من المسلمين فهل يوصف من يراه بأنه من التابعين لكونه رأى من له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم أم المراد بالصحابة من لقيه من أمته الذين أرسل إليهم حتى لا يدخل فيهم عيسى والخضر وإلياس على قول من يقول بحياتهما من الأئمة؟
هذا محل نظر ولم أر من تعرض لذلك من "أئمة"3 الحديث. والظاهر أن من رآه منهم في الأرض وهو حي له حكم الصحبة. فإن كان الخضر أو إلياس حيا أو كان قد رأى عيسى في الأرض فالظاهر إطلاق اسم الصحبة عليهم "وأما"4 رؤية عيسى له في السماء فقد يقال السماء ليست محلا للتكليف ولا لثبوت الأحكام الجارية على المكلفين فلا يثبت بذلك اسم الصحبة لمن رآه فيها وأما رؤيته لعيسى في الأرض فقد ثبت في صحيح مسلم من حديث ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي "فسألتني"5 عن اشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت "له"6 كربا ما كربت مثله قط فرفعه الله لي أنظر إليه ما "يسألوني"7 عن شيء إلا أنبأتهم به وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء الحديث وفيه: وإذا عيسى بن مريم قائم يصلي الحديث وفيه فحانت الصلاة فأممتهم فلما فرغت من الصلاة قال قائل: يا محمد هذا مالك خازن النار فسلم عليه فالتفت إليه فبدأني بالسلام".
1 في خط: "الذين"، والأصوب ماأثبته ووقع في ع:"ألذين" بهمزة القطع
2 من خط، وفي ع:"أكبر".
3 من خط، وفي ع:"أهل".
4 هكذا في خط، وفي ع:"فأما".
5 هكذا في خط، وفي ع:"فتسألني".
6 من خط، وليس في ع.
7 من خط، وفي ع:"يسألونني".
وظاهر هذا أنه رآه ببيت المقدس وإذا كان كذلك فلا مانع من إطلاق الصحبة عليه لأنه حين ينزل يكون مقتديا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا بشريعته المتقدمة.
"ورأى"1 أحمد في مسنده من حديث جابر مرفوعا "لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني".
"القول الثاني" وهو المشار إليه بقوله وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني إلى آخره.
لكن في كلام السمعاني نظر من وجهين:
أحدهما: أن ما حكاه عن "اللغة"2 فقد نقل القاضي أبو بكر الباقلاني إجماع أهل اللغة على خلافه كما نقل عنه الخطيب في "الكفاية" أنه قال: لا خلاف بين أهل اللغة أن الصحابي مشتق من الصحبة وأنه ليس "مشتقا"3 من قدر منها مخصوص بل هو جار على كل من صحب غيره قليلا كان أو كثيرا يقال صحبت فلانا حولا وساعة.
قال وذلك يوجب في حكم اللغة إجراءها على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم ومع ذلك فقد تقرر للأئمة عرف في أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته واستمر لقاءه ولا يجرون ذلك على من لقي المرء ساعة ومشى معه خطا وسمع منه حديثا فوجب أن لا يجري هذا الاسم إلا على من هذه حاله.
الثاني أن ما حكاه عن "الأصوليين"4 هو قول بعضهم والذي حكاه الآمدي
1 كذا في خط، وكتب الناسخ في الحاشية:"لعلها: "روى" وهذا يعني أن السهو من قبل الزبناسي، ومن ثم أثبت الأمر كما جاء، وصوابه: "روى" كما في ع.
2 من خط، وفي ع:"أهل اللغة".
3 من خط، وفي ع ول:"بمشتق".
4 من ع، وفي خط:"الأصوليون". ولعل الخلل في هذا الموضع من قبل الأبناسي أثناء اختصاره لكلام العراقي، فالله أعلم.
عن أكثر الأصحاب: أن الصحابي من رآه وقال إنه الأشبه واختاره ابن الحاجب والذي اختاره القاضي أبو بكر "و"1 نقله عن الأئمة كثرة الصحبة واستمرار اللقاء وحكاه ابن عبد البر عن العلماء وبه جزم ابن الصباغ والظاهر أن من رآه وهو كافر ثم أسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم أنه لا يكون صحابيا على المشهور كرسول قيصر وقد خرجه أحمد في المسند وكعبد الله بن صياد إن لم يكن هو الدجال وقد عده في الصحابة كذلك في ذيله على الاستيعاب وحكى أن الطبري وغيره ترجم به هكذا.
ومما يدل على أن المراد بالرؤية بعد النبوة: أنهم ترجموا الصحابة لمن ولد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد النبوة ك إبراهيم وعبد الله ولم يترجموا لمن ولد قبل النبوة ومات قبلها ك القاسم
"القول الثالث" وهو المشار إليه بقوله قلت وقد روينا عن سعيد بن المسيب إلى آخره لكنه علقه على الصحة عنده "وهذا لا يصح عنه"2 فإن في الإسناد إليه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف في الحديث.
"واعترض" على المصنف بأن في الأوسط والكبير للطبراني أن جريرا أسلم في أول البعثة أورده من رواية قيس بن أبي حازم عن جرير قال لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم أتيته لأبايعه فقال: "لأي شيء جئت يا جرير؟ " قلت: جئت لأ لأسلم على يديك قال: "فدعاني إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتؤمن بالقدر خيره وشره".
قال: فألقى إلي "كساءه"3 ثم أقبل على الصحابة فقال: "إذا جاءكم كريم قوم فأكرموه"
"والجواب عنه": أن هذا الحديث غير صحيح فإنه من رواية الحصين بن عمر الأحمسي وهو منكر الحديث كما "قال"4 البخاري وضعفه أيضا أحمد وابن معين
1 من ع، وليس في خط.
2 في خط: "وهو الأصح عنه"، والضاهر أنه محرف من:"وهذا لايصح عنه"، وفي ل:"ةلايصح هذا عن ابن المسيب".
3 هكذا في خط، وفي ع:"كساء".
4 من خط، وفي ع:"قاله".
وأبو حاتم وغيرهم.
ولو كان صحيحا لما كان فيه تقدم إسلامه لأنه لا "يلزم الفور"1 في جواب "لما" والصواب أن جريرا متأخر الإسلام فقد ثبت في الصحيحين عن إبراهيم النخعي أن إسلام جرير كان بعد نزول "المائدة".
وللبخاري عن إبراهيم: أن جريرا كان من آخر من أسلم وعند أبي داود أيضا من حديث جرير أنه قال: ما أسلمت إلا بعد نزول "المائدة".
وإنما يريد بذلك أنه بعد نزول قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية. وإلا فقد نزل بعض المائدة بعد إسلام جرير ولكن لا يلزم من هذا أنه لم يقم معه سنة فإن نزول الآية كان في غزوة المريسيع على المشهور وكانت في سنة ست والمعروف أنه إسلامه بدون سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ففي التاريخ الكبير للبخاري2 أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفي فيه وقال الواقدي كان إسلامه فيه"2". وكذلك قال الخطيب قال: وهي سنة عشر من "الهجرة"3 في رمضان وكذا "قاله"4 ابن حبان. وأما ما جزم به ابن عبد البر أن إسلامه كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما فإن ذلك لا يصح ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع "استنصت الناس" الحديث.
فكان إسلامه قبل حجة الوداع في شهر رمضان على المشهور فما استشكله المصنف على قول سعيد بن المسيب في أمر جرير واضح لو صح عنه "لكنه"5 لم يصح.
"والقول الرابع" أنه يشترط مع طول الصحبة الأخذ عنه حكاه الآمدي عن عمرو ابن يحيى فقال ذهب إلى أن هذا الاسم إنما "يستحق"6 به من طالت صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ عنه العلم وحكاه ابن الحاجب قولا ولم يعزه ولكن أبدل الرواية بالأخذ عنه وبينهما فرق.
1 هكذا في خط، وفي ع:"تلزم الفورية".
2 راجع: "التقيد".
3 من ع، وفي خط:"الهجرة".
4 هكذا في خط، وفي ع:"قال".
5 من خط، وفي ع:"ولكنه".
6 هكذا في خط، وفي ل:"يسمى".
وعمرو هذا الظاهر أنه: الجاحظ ففي اللمع للشيخ أبي إسحاق أن أباه اسمه يحيى "وهو وهم"1 وإنما هو عمرو بن بحر أبو عثمان الجاحظ من أئمة المعتزلة "قال ثعلب"2: إنه غير ثقة ولا مأمون ولم يعرف هذا القول لغيره وابن الحاجب أخذه من كلام الآمدي3
"والقول الخامس": أنه من رآه مسلما بالغا عاقلا حكاه الواقدي عن أهل العلم فقال رأيت أهل العلم يقولون كل من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد "أدرك"4 الحلم "فأسلم"5 وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب النبي صلى الله عليه وسلم ولو ساعة من نهار انتهى. والتقييد بالبلوغ شاذ
"والقول السادس" أنه من أدرك زمنه صلى الله عليه وسلم وهو مسلم وإن لم يره قاله: يحيى بن عثمان بن صالح المصري فإنه قال: وممن دفن بمصر من أصحابه صلى الله عليه وسلم ممن أدركه ولم يسمع منه: أبو تميم الجيشاني واسمه عبد الله بن مالك.
وإنما هاجر أبو تميم إلى المدينة في خلافة عمر باتفاق أهل السير وهذا القول حكاه القرافي في "شرح التنقيح".
وكذلك إن كان صغيرا محكوما بإسلامه "تبعا لأبويه أو أحدهما"6 وعلى هذا عمل ابن عبد البر في الاستيعاب وابن مندة في معرفة الصحابة وقد بين ابن عبد البر في ترجمة الأحنف بن قيس أن ذلك شرطه وقال في مقدمة كتابه وبهذا كله يستكمل القرن الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما قاله عبد الله بن أبي أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وصوابه: زرارة بن أبي أوفى من التابعين قال: إن القرن مائة وعشرون سنة وقال الجوهري: ثمانون سنة قال: ويقال: ثلاثون. وحكى صاحب "المحكم" فيه
1 من خط، وفي ل:"وذلك وهم".
2 من خط، وفي ل:"قال فيه ثعلب".
3 راجع: "الشرح".
4 من خط، وفي ل:"أدركه".
5 هكذا في خط، وفي ل:"وأسلم".
6 من خط، وفي ل:"تبعا لأحد أبويه".
ستة أقوال عشرون ثلاثون أربعون ستون سبعون.
قال: وهو مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان والقرن في كل قوم على مقدار أعمارهم فعلى هذا يكون ما بين الستين والسبعين كما رواه الترمذي في الحديث المرفوع "أعمار أمتي ما بين الستين والسبعين".
وأما ابتداء قرنه صلى الله عليه وسلم فالظاهر أنه من حين البعثة أو من حين فشو الإسلام فعلى قول زرارة استوعب القرن جميع من رآه.
وروى ابن مندة في الصحابة من حديث عبد الله بن "بسر"1 مرفوعا "القرن مائة سنة".
تنبيه: وقع في النسخ الصحيحة التي قرئت على المصنف: موسى السبلاني بفتح السين المهملة وفتح الباء الموحدة والمعروف إنما هو بسكون الياء المثناة من تحت هكذا ضبطه السمعاني في الأنساب.
"قوله": تارة يعرف بالتواتر أي: الصحبة كـ"أبي بكر وعمر وبقية العشرة" في خلق منهم.
وإما بالاستفاضة كـ "عكاشة بن محصن" وضمام بن ثعلبة وغيرهما.
وإما بإخبار بعض الصحابة عنه أنه صحابي "كـ "حمنة بن أبي حممة"2 الدوسي" الذي مات بأصبهان مبطونا فشهد له أبو موسى الأشعري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم حكم له بالشهادة وقصته مذكورة في "تاريخ أصبهان" لأبي نعيم وفي أبي داود الطيالسي ومعجم الطبراني.
على أنه يجوز "أن يكون إنما"3 أراد بذلك شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لمن قتله بطنه وفي عمومهم حممة "لا"4 أنه سماه باسمه.
1 ضبط خط.
2 هكذا في خط، وفي ل:"كحممة بن أبي حممة"، واستشكل الناسخ "حممة" الثانية بميمين بدلا من النون والميم ووضع علامته في ذلك وهي النقط الثلاث":.".
وفي " ثقات ابن حبان"" 3/97": "حممة العبدي، يقال: إن له صحبة، غزا أصبهان وبها مات"، وفي "الإصابة" لابن حجر"2/39":"حممة الدوسي...."، فراجعه.
3 من خط، وفي ل:"يكون أبو موسى إنما".
4 من ل، وفي خط:"إلا".
ويعرف تارة بإخباره عن نفسه، هكذا قال المصنف تبعا للخطيب فإنه قال في "الكفاية": وقد يحكم بأنه صحابي إذا كان ثقة أمينا مقبول القول إذا قال: " صحبت النبي صلى الله عليه وسلم وكثر لقائي لقائي له" فيحكم بأنه صحابي "مع"1 الظاهر لموضع عدالته وقبول خبره وإن لم "نقطع"2 بذلك كما يعمل بروايته انتهى3.
ولا بد من تقييد ما أطلق من ذلك، بأن يكون ما ادعاه لذلك يقتضيه الظاهر أما لو ادعاه بعد مضي مائة سنة من حين وفاته صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقبل وإن ثبتت عدالته قبل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"أرأيتم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى أحد ممن على وجه الأرض". وكان إخباره بذلك قبل موته بشهر ففي "مسلم" من حديث جابر سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر: "تسألوني عن الساعة؟ وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة "تأتي"4 عليها مائة سنة" وفي رواية: "منفوسة اليوم تأتي"4" عليها مائة سنة وهي حية يومئذ"، وفي مسلم:""تبلغ"5 مائة سنة" وأخذ بعضهم من هذه الرواية أن أحدا لا يعيش مائة سنة وهو مردود بما في الحديث الصحيح6: "وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم".
والصواب: أن ذلك مقيد بالظرف فقد جاوز جماعة من العلماء المائة وحدثوا بعد المائة كالقاضي أبي الطيب طاهر بن عبد الله الطبري أحد أئمة الشافعية والحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي وغيرهما.
1 كذا في خط، وفي ل و "الكفابة":"ص/100": "في".
2 هكذا في خط، وفي ل و "الكفاية":"يقطع".
3 راجع: "الشرح" و "التقيد".
4 من " صحيح مسلم""2538"، وفي خط وع:"يأتي" بمثناة من تحت.
5 من "صحيح مسلم"، وفي خط وع:"يبلغ" بمثناة من تحت.
6 راجع: "التقييد".
والمراد بالمائة من "الهجرة"1 كما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن أنس قال "ثنا"2 أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يأتي مائة سنة من الهجرة ومنكم عين تطرف"
وهذا يرد قول من ادعى أنه تأخر بعد أبي الطفيل أحد من الصحابة وقد أجمع الناس على تكذيب من ادعى الصحبة بعد المائة كأبي الدنيا الأشج ومكلبة ابن ملكان "ورتن"3 الهندي وغيرهم. ولهذا اشترط الأصوليون أن يكون قد عرفت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال الآمدي في "الإحكام": فلو قال من عاصره أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه وحكاهما ابن الحاجب احتمالين من غير ترجيح قال: "ويحتمل"4 أن لا يصدق لكونه متهما "يدعي"5 رتبة يثبتها لنفسه.
"قوله": كحديث أبي سعيد أي استدل على عدالة الصحابة بقوله: "لا تسبوا أصحابي"
"واعترض" على المصنف بأن الخطاب كان لخالد بن الوليد حين تقاول مع عبد الرحمن ابن عوف وكل منهما صحابي وإنما أراد بذلك صحبة خاصة.
"وجوابه": أنه لا يلزم من كونه ورد على سبب خاص في شخص معين أنه لا يعلم جميع الصحابة ولا شك أن خالدا من الصحابة وأنه منهي عن سبه وإنما درجات الصحبة متفاوتة فالعبرة إذا بعموم اللفظ في قوله: "لا تسبوا أصحابي".
وإذا نهى الصحابي عن سب الصحابة فغير الصحابة أولى بالنهي عن سب الصحابي.
"واعترض" عليه أيضا بحكاية الإجماع على أن الصحابة كلهم عدول وفي الإجماع نظر فقد حكى الآمدي وابن الحاجب قولا أنهم كغيرهم في لزوم البحث عن عدالتهم مطلقا وقول آخر أنهم عدول إلى وقوع الفتن وذلك في مقتل عثمان
1 من ع، وفي خط:"البحرة".
2 من خط، وفي ع:"حدثنا".
3 من "التدريب"، وفي خط:"زين"، ولثلاثتهم – رتن وصاحبيه – ترجمة في "اللسان" لابن حجر.
4 من خط، وقع في ع:"ويحمل".
5 من خط ومثله في ع ول، وفي "التدريب":"بدعوى" ولعلها أشبه.
رضي الله عنه وأما بعد ذلك فلا بد من البحث عمن ليس ظاهر العدالة وذهب المعتزلة إلي تفسيق من قاتل عليا منهم.
وقيل: يرد الداخلون في الفتن كلهم لأنه أحد الفريقين مخطىء من غير تعيين
وقيل: "نقبل"1 الداخل في الفتن إذا انفرد لأن الأصل العدالة وشككنا "في فسقه"2.
واستدل على عدالتهم أيضا بالحديث المتفق على صحته "من"3 حديث ابن مسعود: "خير الناس قرني". وقد تقدم تفسير القرن.
قال: الثالثة: أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أبو هريرة" رضي الله عنه روي ذلك عن سعيد بن أبي الحسن وأحمد بن حنبل وذلك من الظاهر الذي لا يخفى على حديثي"3". وهو أول صاحب حديث. بلغنا عن "أبي بكر بن أبي داود السجستاني" قال: "رأيت أبا هريرة في النوم وأنا بسجستان أصنف حديث أبي هريرة. فقلت: إني لأحبك. فقال: أنا أول صاحب حديث كان في الدنيا"
وعن أحمد قال: "ستة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أكثروا الرواية عنه "وعمروا"4: أبو هريرة وابن عمر وعائشة وجابر بن عبد الله وابن عباس وأنس وأبو هريرة أكثرهم حديثا وحمل عنه الثقات"
ثم إن أكثر الصحابة فتيا"4" تروى: ابن عباس بلغنا عن أحمد قال: "ليس أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يروى عنه في الفتوى أكثر من ابن عباس"
وروينا عن أحمد أيضا أنه قيل له من العبادلة؟ فقال: عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمرو قيل له فابن مسعود قال لا ليس عبد الله بن مسعود من العبادلة.
قال الحافظ أحمد البيهقي فيا رويناه عنه وقرأته بخطه: "وهذا لأن ابن مسعود
1 من ع، ولم ينقط الحروف الأول في خط.
2 من ع، وفي خط:"فيها".
3 من ل، وليس في خط.
4 ضبط خط.
تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم فإذا اجتمعوا على شيء قيل: هذا قول العبادلة أو: هذا فعلهم"
قلت: ويلتحق بابن مسعود في ذلك سائر العبادلة المسمين بعبد الله من الصحابة "وهم"1 نحو مائتين وعشرين نفسا والله أعلم.
وروينا عن "علي بن عبد الله المديني" قال: "لم يكن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد له أصحاب يقومون بقوله في الفقه إلا ثلاثة: عبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وابن عباس رضي الله عنهم. كان لكل رجل منهم أصحاب يقومون بقوله ويفتون الناس".
وروينا عن مسروق قال: "وجدت علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى ستة عمر وعلي وأبي وزيد وأبي الدرداء وعبد الله بن مسعود ثم انتهى علم هؤلاء الستة إلى اثنين: علي وعبد الله". وروينا نحوه عن مطرف عن الشعبي عن مسروق لكن ذكر أبا موسى بدل أبي الدرداء.
وروينا عن الشعبي قال: "كان العلم يؤخذ عن ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وكان عمر وعبد الله وزيد يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض وكان علي والأشعري وأبي يشبه علم بعضهم بعضا وكان يقتبس بعضهم من بعض"
وروينا عن الحافظ أحمد البيهقي أن الشافعي ذكر الصحابة في رسالته القديمة "فأثنى"2 عليهم بما هم أهله ثم قال: "وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا عندنا لأنفسنا".
الرابعة: روينا عن أبي زرعة الرازي أنه سئل عن عدة من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ومن يضبط هذا؟ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع أربعون ألفا وشهد معه تبوك سبعون ألفا"
وروينا "عن أبي زرعة" أيضا أنه قيل له: "أليس يقال حديث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة
1 من ش وع، وفي خط:"وهو".
2 هكذا في خط، وفي ش وع:"وأثنى".
آلاف حديث؟ قال: ومن "قال ذا"1 قلقل الله أنيابه هذا قول الزنادقة ومن "يحصر"2 حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه وفي رواية ممن رآه وسمع منه فقيل له يا أبا زرعة هؤلاء أين كانوا وأين سمعوا منه قال أهل المدينة وأهل مكة ومن بينهما والأعراب ومن شهد معه حجة الوداع كل رآه وسمع منه بعرفة.
قلت: ثم إنه اختلف في عدد طبقاتهم وأصنافهم والنظر في ذلك إلى السبق بالإسلام والهجرة وشهود المشاهد الفاضلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بآبائنا وأمهاتنا وأنفسنا هو صلى الله عليه وسلم وجعلهم الحاكم أبو عبد الله اثنتى عشرة طبقة ومنهم من زاد على ذلك ولسنا نطول بتفصيل ذلك.
الخامسة: أفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر ثم إن جمهور السلف "على"3 تقديم عثمان على علي وقدم أهل الكوفة من أهل السنة عليا على عثمان وبه "قال منهم" 4: سفيان الثوري أولا ثم رجع إلى تقديم عثمان روى ذلك عنه وعنهم الخطابي وممن نقل عنه من أهل الحديث تقديم علي على عثمان محمد بن إسحاق بن خزيمة.
وتقديم عثمان هو الذي استقرت عليه مذاهب أصحاب الحديث وأهل السنة.
وأما أفضل أصنافهم صنفا؟ فقد قال أبو منصور البغدادي التميمي أصحابنا مجمعون على أن أفضلهم الخلفاء الأربعة ثم الستة الباقون إلى تمام العشرة ثم البدريون ثم أصحاب أحد ثم أهل بيعة الرضوان "بالحديبية"5.
قلت: وفي نص القرآن تفضيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وهم الذين صلوا إلى القبلتين في قول سعيد بن المسيب وطائفة وفي قول الشعبي هم الذين شهدوا بيعة الرضوان وعن محمد بن كعب القرظي
1 من ش وع، وفي خط:"ذا قال".
2 هكذا في خط، وفي ش وع:"يحصى".
3 من ش وع، وليس في خط.
4 هكذا في خط، وفي ش:"قال جماعة منهم"، وفي ع:"قال بعض السلف منهم".
5 من ش وع، وفي خط:"بالمدينة".
وعطاء بن يسار أنهما قالا: هم "أهل بدر""و"1روى ذلك عنهما ابن عبد البر فيما وجدناه عنه.
السادسة: اختلف السلف في أولهم إسلاما فقيل أبو بكر الصديق روي ذلك عن ابن عباس وحسان بن ثابت وإبراهيم النخعي وغيرهم وقيل علي أول من أسلم روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد وغيرهم.
وقال الحاكم أبو عبد الله لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن علي بن أبي طالب أولهم إسلاما واستنكر هذا من الحاكم.
وقيل: أول من أسلم زيد بن حارثة وذكر معمر نحو ذلك عن الزهري.
وقيل: أول من أسلم خديجة أم المؤمنين روي ذلك من وجوه عن الزهري وهو قول قتادة ومحمد بن إسحاق بن يسار وجماعة وروي أيضا عن ابن عباس وادعى الثعلبي المفسر فيما رويناه أو بلغنا عنه اتفاق العلماء على أن أول من أسلم خديجة وأن اختلافهم إنما هو في أول من أسلم بعدها.
والأورع أن يقال: أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ومن الصبيان أو الأحداث علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد ومن العبيد بلال.
السابعة: آخرهم على الإطلاق موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة مات سنة مائة من الهجرة. وأما بالإضافة إلي النواحي فآخر من مات "منهم"2 بالمدينة جابر بن عبد الله رواه أحمد بن حنبل عن قتادة وقيل سهل بن سعد وقيل السائب بن يزيد.
وآخر من مات منهم بمكة عبد الله بن عمر وقيل جابر بن عبد الله وذكر علي ابن المديني أن أبا الطفيل بمكة مات فهو إذا الآخر بها.
وآخر من مات منهم بالبصرة أنس بن مالك قال أبو عمر ابن عبد البر "ما أعلم أحدا مات بعده ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا الطفيل".
وآخر من مات منهم بالكوفة: "عبد الله بن أبي أوفى".
1 من خط، وليس في ش وع.
2 من خط وع، وليس في ش.
وبالشام عبد الله بن بسر "وقيل"1 أبو أمامة.
وتبسط بعضهم فقال: آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بمصر عبد الله ابن الحارث بن جزء الزبيدي.
وبفلسطين: "أبو أبي ابن أم حرام".
وبدمشق: "واثلة ابن الأسقع".
وبحمص: "عبد الله بن بسر".
وباليامة: "الهرماس بن زياد".
وبالجزيرة: "العرس بن عميرة".
وبأفريقية: "رويفع بن ثابت".
وبالبادية في الأعراب: "سلمة بن الأكوع".
رضي الله عنهم أجمعين.
وفي بعض ما ذكرناه خلاف لم نذكره وقوله في رويفع بإفريقية لا يصح إنما مات في حاضرة برقة وقبره بها ونزل سلمة إلى المدينة قبل موته بليال فمات بها انتهى.
لم يتعرض المصنف لأكثرهم حديثا قال بقي بن مخلد: أكثرهم رواية أبو هريرة روى خمسة آلاف حديث وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا.
ثم ابن عمر: روى ألفي حديث وستمائة حديث.
ثم أنس: روى ألفين ومائتين وستة وثمانين.
ثم عائشة: روت ألفين ومائتين وعشرة.
ثم ابن عباس: روى ألفا وستمائة وستين حديثا.
ثم جابر: روى ألفا وخمسمائة وأربعين حديثا.
وليس في الصحابة من يزيد حديثه على الألف إلا هؤلاء وأبو سعيد الخدري فإنه روى ألفا ومائة وسبعين حديثا.
وما حكاه عن أحمد في "العبادلة الأربعة" هو المشهور واقتصر صاحب الصحاح على ثلاثة منهم وأسقط الزبير قاله في مادة عبد وقال في
1 هكذا في خط، وفي ش وع:"وقيل: بل أبو أمامة". ولعل ذلك من اختصار الأبناسي رحمه الله.
"باب الألف اللينة" في "مادة: ها": إن العبادلة ابن عباس وابن عمر وابن الزبير وما نقل عنه النووي في التهذيب أنه ذكر فيهم ابن مسعود وأسقط ابن العاص فوهم.
نعم في المفصل للزمخشري والشرح الكبير للرافعي في الديات أن العبادلة ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وغلطا في ذلك من حيث الاصطلاح.
قوله: "ويلتحق"1 بابن مسعود سائر العبادلة وهم نحو مائتين وعشرين وكأنه أخذ ذلك من "الاستيعاب "2فإنه عد ممن اسمه عبد الله مائتين وثلاثين ومنهم من كرره للاختلاف في اسم أبيه أو اسمه هو ومنهم من لم "يصحح"3 له صحبه ومنهم من لم يرو لكن ذكره لمعاصرته على قاعدته وذلك فوق العشرة يبقى مائتان وعشرون4
وزاد عليه ابن فتحون الحافظ أبو بكر في ذيله على الاستيعاب "نحوا من"5 مائة وأربعة وستين فيهم أيضا من عاصره ولم يره والمكرر ونحو ذلك فيجتمع من المجموع نحو ثلاثمائة.
"واعترض" على قول مسروق: إن علم الستة المذكورين انتهى إلى علي وعبد الله ابن مسعود من حيث إن عليا وابن مسعود ماتا قبل زيد بن ثابت وأبي موسى الأشعري بلا خلاف فكيف ينتهي علم من تأخرت وفاته إلى من مات قبله.
"وجوابه": أن المراد بكون علم المذكورين انتهى إلى علي وعبد الله أنهما ضما علم المذكورين إلى علمهما وحصل لهم من العلم مثل ما حصل لهم في حياة المذكورين وإن تأخرت وفاتهم.
"واستشكل": قول أبي زرعة: مائة ألف وأربعة عشر ألفا بأن هذا التحديد لا دليل عليه مع تفرق الصحابة في البوادي والقرى مع أن الثابت عن أبي زرعة
1 من ع ول وسبق مثله عند ابن الصلاح، وسقط من خط في هذا الموضع.
2 في ع ول: "الاستيعاب لابن عبد البر".
3 من ع ول، وفي خط:"يصح" بحاء واحدة.
4 راجع: "التقيد" و "الشرح".
5 من خط، وليست في ع ول.
بالأسانيد المتصلة إليه ترك التحديد أنهم يزيدون على مائة ألف كما رواه أبو موسى المديني في ذيله على الصحابة لابن مندة بإسناده إلى أبي جعفر أحمد بن عيسى الهمداني قال: قال أبو زرعة الرازي: توفي النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان من رجل وامرأة وكل قد روى عنه سماعا أو رؤية.
وأما ما ذكره المصنف، فإنه لا يوجد في كتب التواريخ المشهورة.
نعم ذكره أبو موسى المديني في "ذيله على الصحابة"1 بغير إسناد دون قوله: "قلقل الله أنيابه".
وفي مناقب الشافعي للساجي عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال "أنا"2 الشافعي قال: قبض النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمون ستون ألفا ثلاثون في المدينة وثلاثون ألفا في قبائل العرب وغير ذلك إسناده جيد.
ومع ذلك فجميع من صنف في الصحابة لم يبلغ مجموع ما في تصانيفهم عشرة آلاف مع كونهم يذكرون من توفي في حياته صلى الله عليه وسلم في المغازي وغيرها ومن عاصره وهو مسلم وإن لم يره.
وجميع من ذكره ابن مندة في الصحابة كما قال أبو موسى قريب من ثلاثة آلاف وثمان مائة ممن رآه أو صحبه أو سمع منه أو ولد في عصره أو أدرك زمانه أو اختلف فيه.
ولا شك "أنه"3 لا يمكن حصرهم بعد فشو الإسلام وفي البخاري أن كعب بن مالك قال في قصة تخلفه عن تبوك وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ أي ديوان الحديث.
هذا في غزوة خاصة فكيف يحصر من اتصف بالإسلام.
وقول أبي زرعة: "مائة ألف وأربعة عشر ألفا" أراد بذلك من كان معه في حجة الوداع وهم أربعون ألفا ومن كان بتبوك مع زيادة أربعة آلاف وهم سبعون ألفا.
قال: وجعلهم الحاكم اثنتي عشرة طبقة "الطبقة الأولى": قوم أسلموا بمكة
1 وقع في ع، "ذيله على الصحابي".
2 من خط، وفي ع:"أنبأنا".
3 من ع، وفي خط:"إلا أنه".
كالخلفاء الأربعة "والثانية": أصحاب دار الندوة "والثالثة": مهاجرة الحبشة "والرابعة": أصحاب العقبة الأولى "والخامسة": أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار "والسادسة": أول المهاجرين الذين وصلوا إليه بقباء قبل أن يدخل المدينة "والسابعة" أهل بدر "والثامنة": الذين هاجروا بين بدر والحديبية "والتاسعة" أهل بيعة الرضوان "والعاشرة": من هاجر بين الحديبية وفتح "مكة، كخالد"1 بن الوليد وعمرو بن "العاص"2 وأبي هريرة. وفي أبي هريرة نظر فإنه هاجر قبل الحديبية عقب خيبر "والحادية عشرة": مسلمة الفتح "والثانية عشرة": صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم "الفتح"3 و"في"4 حجة الوداع وغيرهما كالسائب بن يزيد وعبد الله بن ثعلبة ابن أبي صعير وأبي صعير وأبي الطفيل وأبي جحيفة وجعلهم ابن سعد خمس طبقات فقط.
"قوله": وأفضلهم على الإطلاق أبو بكر ثم عمر أي بإجماع أهل السنة
قال القرطبي أبو العباس ولم يختلف في ذلك أحد من أئمة السلف والخلف قال ولا مبالاة بأقوال أهل التشيع5.
وحكى الشافعي وغيره: إجماع الصحابة والتابعين على ذلك قال6: ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة ومن اختلف منهم ففي عثمان وعلي.
وكذا قال يحيى بن سعيد الأنصاري حين سئل عن ذلك فقال: من "أدركت"7 من الصحابة والتابعين لم يختلفوا في أبي بكر وعمر وفضلهما إنما كان الاختلاف في علي وعثمان.
1 من ل، وفي خط:"مكة وكخالد".
2 من ل، وفي خط:"أبي العاص".
3 من ل، وليس في خط.
4 من خط، وليس في ل.
5 راجع: "الشرح".
6 يعني: الشافعي، وراجع:"الشرح".
7 من ل، وفي خط:"أدرك".
ومن التهافت والقول الذي لا يسمع ما حكاه المازري عن "الخطابية"1 بتفضيل عمر وعن الشيعة تفضيل علي وعن الراوندية تفضيل العباس وعن بعضهم الإمساك عن التفضيل.
وحكى القاضي عياض: أن ابن عبد البر وطائفة ذهبوا إلى أن من توفي من الصحابة في حياته صلى الله عليه وسلم أفضل ممن بقي بعده لقوله صلى الله عليه وسلم في بعضهم "أنا شهيد على هؤلاء".
قال النووي: وهذا غير مرضي ولا مقبول.
ومردود2 أيضا بما تقدم من الإجماع وذهب الأكثرون إلى تفضيل عثمان على علي وأن ترتيبهم في الأفضلية كترتيبهم في الخلافة وإليه ذهب الشافعي وأحمد وهو المشهور عن مالك وسفيان الثوري وكافة أئمة الحديث والفقهاء وكثير من المتكلمين وأبي الحسن الأشعري والباقلاني وغيرهم.
وهل التفضيل على سبيل القطع أو الظن؟ فعند الأشعري ومالك: قطعي وعند القاضي أبي بكر وإمام الحرمين: ظني وبه جزم صاحب المفهم وذهب أهل الكوفة إلى تفضيل علي على عثمان وهو أحد قولي سفيان وذهب إليه "ابن خزيمة: أبو بكر"3 وتوقف مالك وقيل: إنه رجع عن التوقف إلى القول الأول قال القرطبي: وهو "الصحيح"4 قال عياض: ويحتمل أن يكون كفه وكف من اقتدى به لما كان شجر "بينهما من الاختلاف"5.
والذي استقر عليه مذهب أهل السنة: تقديم عثمان لما روى البخاري وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر قال: "كنا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لا نعدل بأبي بكر أحدا ثم عمر ثم عثمان".
1 من خط و "التدريب"، وفي ل:"الخطابي" – كذا.
2 راجع: "الشرح".
3 في خط: "ابن خزيمة وأبو بكر"، والصواب ما أثبته، وراجع:"الشرح".
4 هكذا في خط وفي ل و "التدريب": "الأصح إن شاء الله".
5 هكذا في خط، وفي ل:"في ذلك من الاختلاف والتعصب".
رواه الترمذي بلفظ1 "كنا نقول ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي: أبو بكر وعمر وعثمان". قال: "هذا حديث صحيح غريب". "و"2رواه الطبراني"1""فيسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكره".
"قوله": وفي نص القرآن تفضيل السابقين إلى أن قال: في قول سعيد وطائفة أي: منهم محمد ابن الحنفية ومحمد بن سيرين وقتادة.
"وقوله": روى ذلك عنهما ابن عبد البر أي محمد بن كعب وعطاء بن يسار مع أن ابن عبد البر "لم يوصل"3 إسناده بذلك وإنما ذكره عن "سنيد"4 وساق سند سنيد"4" فقط عن شيخ له لم يسمه عن موسى بن عبيدة "الربذي"5 وضعفه الجمهور.
وقد روى سنيد أيضا قول ابن المسيب وابن سيرين والشعبي بأسانيد صحيحة وكذلك رواه عن قتادة عبد الرزاق في تفسيره وفي المسألة قول رابع رواه سنيد أيضا بإسناد صحيح إلى الحسن قال: فرق ما بينهم فتح مكة.
"قوله": اختلف السلف في أولهم إسلاما فقيل: أبو بكر روي ذلك عن ابن عباس أي: وقد اختلف على ابن عباس فقيل عنه: أبو بكر وقيل خديجة وقيل: علي والصحيح الأول وهو قول حسان والشعبي والنخعي وجماعة آخرين.
ويدل له ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عمرو بن عبسة في قصة إسلامه "وقوله للنبي"6 صلى الله عليه وسلم من معك على هذا؟ قال: "حر وعبد" قال: ومعه يومئذ: أبو بكر وبلال ممن آمن به.
وفي "المستدرك"من رواية مجالد بن سعيد قال: سئل الشعبي من أول من أسلم؟ فقال: أما سمعت قول حسان:
إذا تذكرت شجوا من أخي ثقة
…
فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
1 راجع: "الشرح".
2 من ل، وليس في خط.
3 كذا في خط وكتابي العراقي.
4 ضبط خط.
5 من ع، وفي خط:"الزيدي".
6 من ل و "التدريب"، وفي خط:"قول النبي".
خير البرية أتقاها "وأعلاها"1
…
بعد النبي وأوفاها بما حملا
والثاني التالي المحمود مشهده
…
وأول الناس ممن صدق الرسلا
ورواه الطبراني من هذا الوجه وجعل المسئول هو ابن عباس وأن ابن عباس هو القائل: "أما سمعت قول حسان".
وقيل 2 "علي"، روي ذلك عن زيد بن أرقم وأبي ذر والمقداد بن الأسود وأبي أيوب وأنس بن مالك ويعلى بن مرة وعفيف الكندي وخزيمة بن ثابت وسلمان الفارسي وخباب بن الأرت وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وأنشد المرزباني لخزيمة بن ثابت في "علي رضي الله عنه"3:
ما كنت أحسب هذا الأمر منصرفا
…
عن هاشم ثم منها عن "أبي حسن"4
أليس أول من صلى لقبلتهم
…
وأعلم الناس بالفرقان والسنن
وفي المستدرك من رواية مسلم الملائي قال نبىء النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء.
وقال الحاكم في "علوم الحديث": لا أعلم خلافا بين أصحاب التواريخ أن عليا أولهم إسلاما وإنما اختلفوا في بلوغه ثم قال والصحيح عند الجماعة أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال البالغين لحديث عمرو بن عبسة.
وقيل 5 زيد وقيل: خديجة قال النووي وهو الصواب عند جماعة المحققين وقال ابن عبد البر اتفقوا على أن خديجة أول من آمن ثم علي بعدها.
وجمع بين الاختلاف في ذلك بالنسبة إلى أبي بكر وعلي بأن الصحيح أن أبا بكر أول من أظهر إسلامه وأن عليا أخفى إسلامه من أبي طالب ولذلك شبه على الناس
وقال ابن إسحاق أول من آمن خديجة ثم علي وهو ابن عشر سنين ثم زيد ثم أبو بكر فأظهر إسلامه ودعى إلى الله فأسلم بدعائه: عثمان والزبير.
1 هكذا في خط، وفي ل وع و "التدريب":"وأعدلها" من العدل.
2 راجع: "الشرح".
3 من ل، وفي خط:"علي بن محمد"، وراجع:"الشرح" و "التقييد"
4 من خط، وفي ع:"أبي الحسن".
5 راجع: "الشرح".
وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وطلحة بن عبيد الله فكان هؤلاء الثمانية الذين سبقوا الناس بالإسلام.
وذكر عمر بن شبه: أن خالد بن سعيد بن العاص أسلم قبل علي وبهذا اعترض على الحاكم1 في قوله لا أعلم خلافا "عن"2 أصحاب التواريخ أن عليا أولهم إسلاما.
وجوابه: أنه إنما دعى نفي الخلاف فيما يعلمه فلا اعتراض"1".
وفي الطبراني من رواية مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ""السبق"3 ثلاثة السابق إلى موسى: يوشع بن نون والسابق إلى عيسى: صاحب ياسين والسابق إلى محمد صلى الله عليه وسلم: علي بن أبي طالب".
في إسناده: حسين الأشقر واسم أبيه: الحسن كوفي منكر الحديث قاله أبو زرعة وقال البخاري فيه نظر.
وفي الطبراني أيضا عن "أبي ذر عن سلمان"4 قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد علي فقال: "إن هذا أول من آمن بي" الحديث.
في إسناده: إسماعيل بن موسى السدي قال ابن عدي أنكروا "فيه"5 غلوه في التشيع وقال أبو حاتم صدوق وقال النسائي ليس به بأس.
وفيه أيضا عن عليم الكندي عن سلمان قال أول هذه الأمة ورودا على نبيها أولها إسلاما علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وفيه أيضا: أنه لما تزوج فاطمة قال لها "لقد زوجتكه"3" وإنه لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما".
1 راجع: "التقييد".
2 هكذا في خط، وفي ع:"بين" وسبق مثله قريبا في كلام الحاكم.
3 ضبط خط.
4 هكذا في خط، وفي ع:"أبي ذر وعن سلمان" بالعطف.
5 هكذا في خط، وفي ع:"منه".
وكذا ذكره أحمد في مسنده عن نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار1.
وفي الطبراني من رواية محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم غداة الاثنين وصلت خديجة آخر الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء فمكث علي يصلي مستخفيا سبع سنين وأشهرا قبل أن يصلي أحد.
والتقييد بسبع سنين فيه نظر ولا يصح ذلك وفي إسناده يحيى بن عبد الحميد الحماني.
وينبغي أن يقال: أول من آمن من الرجال ورقة بن نوفل لما في الصحيحين من حديث عائشة في بدء الوحي ونزول {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وأن ورقة قال: "إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي".
ففي هذا أن الوحي تتابع في حياة ورقة وأنه آمن به وصدقة وقد عده ابن مندة في الصحابة وقال اختلف في إسلامه وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين" رواه البزار من حديث عائشة بإسناد صحيح رجاله كلهم ثقات وهذا يدل على إسلامه.
وفيه2 أيضا وفي "أبي يعلى الموصلي" من رواية مجالد عن الشعبي عن جابر ابن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة فقال: "أبصرته في "بطثان"3 الجنة عليه سندس".
ولفظ البزار: "عليه حلة من سندس".
"واعترض" على المصنف أن آخرهم موتا: أبو الطفيل بأن عكراش بن ذؤيب عاش بعد الجمل مائة سنة فيكون بعد أبي الطفيل كذا ذكره ابن دريد في الاشتقاق.
"ورد" بأن ابن دريد لا يرجع إليه في ذلك وابن دريد أخذه من ابن قتيبة وهو كثير الغلط ومع ذلك فالحكاية بغير إسناد وهي محتملة لأنه إنما أراد أنه أكمل بعد ذلك مائة سنة وهو الظاهر لأنه حضر مع علي "وقعة الجمل" وأنه
1 راجع: "التقييد".
2 يعني: البزار، وراجع:"التقييد".
3 هكذا في خط بالمثلثة، وضم الموحدة وتسكين الطاء المهملة، وفي ع:"بطنان" بالنون بعد الطاء.
مسح رأسه فعاش بعد ذلك مائة سنة "يشب"1 أي أنه عاش مائة سنة والصحيح المشهور ما جزم به المصنف ورواه في المستدرك عن شباب العصفري وهو خليفة بن خياط.
وفي "مسلم": مات أبو الطفيل سنة مائة وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكذا قال ابن عبد البر وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: توفي سنة اثنتين ومائة وجزم ابن حبان وابن "قانع"2 وأبو زكريا بن مندة أنه توفي سنة سبع ومائة وجزم الذهبي في الوفيات بأنه مات سنة عشر ومائة وروى وهب بن جرير بن حازم عن أبيه قال كنت بمكة سنة عشر ومائة فرأيت جنازة فسألت عنها فقالوا هذا أبو الطفيل.
وأما كونه آخر الصحابة موتا فجزم به مسلم ومصعب بن عبد الله وأبو زكريا بن مندة وأبو الحجاج المزي وغيرهم.
وفي "مسلم" قال أبو الطفيل "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رأه غيري".
ولم يختلف أحد من أهل الحديث أنه آخرهم موتا إلا قول جرير بن حازم: إن آخر الصحابة موتا سهل بن سعد والظاهر أنه أراد بالمدينة وأخذه من قول سهل حيث سمعه يقول "لو مت لم تسمعوا أحدا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" وكان خطابه لأهل المدينة أو أنه لم يطلق اسم الصحبة على أبي الطفيل فقد عده بعضهم في التابعين.
"واعترض" عليه3 أيضا بقوله إن جابرا آخر من مات بالمدينة وصدر به كلامه وبه قال قتادة وأبو نعيم مع أن هذا قول ضعيف لأن السائب بن يزيد تأخر بعده وقد مات بالمدينة بلا خلاف والذي عليه الجمهور أن آخرهم موتا بها سهل بن سعد قاله علي بن المديني وإبراهيم بن المنذر الحزامي والواقدي
1 من ع، وفي خط:"بلبت".
2 من ع، وفي خط:"نافع".
3 يعني: ابن الصلاح رحمه الله.
ومحمد بن سعد وأبو حاتم بن حبان وابن قانع وأبو زكريا بن مندة.
ونقل ابن سعد: الاتفاق على ذلك وفيه نظر لأنه اختلف في وفاته هل كانت بالمدينة "أو"1 لا؟ فقال قتادة: توفي بمصر ولذلك قال قتادة: آخرهم وفاة بالمدينة جابر وقال أبو بكر بن أبي داود إنه توفي بالإسكندرية ولذلك جعل آخرهم وفاة بالمدينة السائب بن يزيد والجمهور على أنه مات بالمدينة.
واختلف في سنة وفاة "سهل بن سعد"2 فقيل: سنة ثمان وثمانين قاله أبو نعيم والبخاري والترمذي وقيل إحدى وتسعين قاله الواقدي والمدائني ويحيى بن بكير وابن نمير وإبراهيم بن المنذر "الحزامي"3 وابن زبر وابن حبان.
والجمهور على أن جابرا مات بالمدينة وقيل بقباء وقيل بمكة قاله أبو بكر ابن أبي داود.
وقيل: السائب بن يزيد آخر من مات بالمدينة قاله أبو بكر بن أبي داود وتوفي سنة ثمانين وقيل ست وثمانين وقيل: ثمان وثمانين وقيل إحدى وتسعين قاله "الجعد"4 بن عبد الرحمن والفلاس وبه جزم ابن حبان
ومولده5 في الثانية من "الهجرة"6 وقيل: الثالثة.
"واعترض" عليه7 أيضا "بأنه تأخر عن هذه الثلاثة"8 اثنان من الصحابة توفيا بعد موت الثلاثة "أحدهما": محمود بن الربيع الذي عقل من النبي صلى الله عليه وسلم مجة مجها في وجهه وهو ابن خمس سنين فإنه توفي بالمدينة سنة تسع وتسعين بتقديم التاء على السين فيهما فهو إذا آخر الصحابة موتا بالمدينة.
"والثاني": محمود بن لبيد الأشهلي مات بالمدينة سنة ست وتسعين أو خمس.
1 هكذا في خط، وفي ع:"أم".
2 هكذا الصواب، وفي خط:"سعد بن سهل" مقلوب، وراجع:"الشرح"، و "التقييد".
3 من ل، وفي خط:"الخزامي" بالخاء المعجمة.
4 من ل، وفي خط:"الجعدي".
5 راجع: "الشرح".
6 من ل، وفي خط:"البحرة".
7 يعني: ابن الصلاح.
8 كذا في خط، وراجع:"التقييد".
وتسعين بتقديم التاء أيضا وله صحبة كما قاله البخاري وابن حبان وعده مسلم وجماعة من التابعين.
وآخرهم موتا بمكة: عبد الله بن عمر قاله قتادة وأبو الشيخ بن "حيان"1 توفي سنة ثلاث وسبعين وقيل أربع ورجحه ابن زبر وجزم ابنه سالم أن أباه مات بمكة ودفن "بفخ"2 وكذا قاله ابن "حبان"3 وابن زبر وغير واحد.
وقال مصعب بن عبد الله دفن بذي طوى هذا إن لم يكن أبو الطفيل مات بمكة لكن الصحيح أنه مات بها قاله ابن المديني وابن حبان وغيرهما فيكون متأخرا عن جابر وعن ابن عمر.
"واعترض" على قوله: آخر من مات بالبصرة أنس قاله قتادة وأبو هلال والفلاس وابن المديني وابن سعد وأبو زكريا بن مندة وغيرهم وتوفي سنة ثلاث وتسعين وقيل اثنين وقيل: إحدى وقيل: سنة تسعين وعلى هذا فقد مات بعده محمود بن الربيع بلا خلاف في سنة تسع وتسعين كما تقدم وقد رآه وحدث عنه كما في البخاري وكذا تأخر بعده عبد الله بن بسر المازني في قول عبد الصمد بن سعيد "وأبو"4 عبد الله ابن مندة"4" وأبو زكريا بن مندة أنه توفي سنة "ثمان"5 وتسعين لكن المشهور سنة ثمان وثمانين.
وكذلك عمرو بن حريث: توفي سنة ست6 وتسعين رواه الخطيب في "المتفق والمفترق"7 عن محمد بن الحسن الزعفراني فيكون متأخرا عن أنس وقيل مات سنة خمس وثمانين فلا يرد8
1 من خط، وفي ل:"حبان" بالموحدة.
2 من خط، ومثله وفي "الطبقات" لابن سعد "4/142"، و "الثقلت" لابن حبان "3/210"، وفي ل:"بسفح".
3 من ل، وفي خط:"وأبو".
4 هكذا في خط، وراجع:"الشرح".
5هكذا في خط، وفي ل وع:"ست".
6 هكذا في خط، وفي ل وع:"ثمان".
7 من ل وع، وفي خط:"المفترق والمختلف".
8 راجع: "الشرح" و "التقييد".
وعن عكرمة بن عمار قال: لقيت الهرماس بن زياد سنة اثنين ومائة1 فإن ثبت: كان متأخرا عنه أيضا وقد ذكر المصنف بعد هذا أنه آخر من مات بالمدينة.
"قوله": وآخر من مات بالكوفة عبد الله بن أبي أوفى قاله قتادة والفلاس وابن حبان وابن زبر وابن عبد البر وأبو زكريا بن مندة وذكر ابن المديني أن آخرهم موتا بها أبو جحيفة والأول أصح فإن أبا جحيفة توفي "سنة ثلاث وثمانين وقيل أربع وسبعين"2 وبقي ابن أبي أوفى بعده إلى سنة ست وثمانين وقيل: سبع وقيل ثمان.
نعم بقي النظر في ابن أبي أوفى وعمرو بن حريث فإنه أيضا مات بالكوفة فإن كان عمرو بن حريث توفي سنة خمس وثمانين فقد تأخر ابن أبي أوفى بعده وإن كان توفي سنة ثمان وتسعين كما رواه الخطيب عن الزعفراني فيكون عمرو بن حريث آخرهم موتا بها وابن أبي أوفى آخر من بقي ممن شهد بيعة الرضوان.
"قوله": وبالشام عبد الله بن بسر أي المازني قاله الأحوص بن حكيم وابن المديني وابن حبان وابن "قانع"3 وابن عبد البر والمزي والذهبي والمشهور: أنه توفي سنة ثمان وثمانين وقيل سنة ست وتسعين قاله عبد الصمد بن سعيد وبه جزم أبو عبد الله بن مندة وأبو زكريا بن مندة وقال إنه صلى "إلى"4 القبلتين. فعلى هذا يكون آخر من بقي ممن صلى إلى"4" القبلتين.
وقيل: آخر من مات بالشام: أبو أمامة أي: صدي بن عجلان الباهلي روي ذلك عن الحسن البصري وابن عيينة وبه جزم أبو عبد الله بن مندة والصحيح الأول ففي تاريخ "البخاري الكبير"5 قال علي سمعت سفيان قلت لأحوص6: كان أبو أمامة آخر من مات عندكم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟
1 راجع: "التقييد".
2 من خط، وفي ل:"ست وثمانين، وقيل سبع، وقيل ثمان".
3 من ل، وفي خط:"نافع".
4 من خط، وليس في ل.
5 كذا ورد هذا النص في خط ول بحذافيره، ولم أره في "التاريخ الكبير" للبخاري في ترجمة "أبي أمامة: صدى بن عجلان"، واخرين. فليحرر.
6 كذا في خط ول.
قال: كان بعده عبد الله بن بسر قد رأيته.
توفي أبو أمامة سنة ست وثمانين وقيل: إحدى.
"قوله" وتبسط بعضهم أي: هو أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة فإنه قال ذلك في "جزء جمعه في آخر من مات من الصحابة" وبقي على المصنف مما ذكره ابن مندة آخران من الصحابة "بريدة بن الحصيب"1 والعداء بن خالد بن "هوذة"2.
قال3 "إن"4 ريدة آخر من مات من الصحابة بخراسان وإن العداء آخر من مات بالرخج بضم الراء وسكون الخاء المعجمة بعدها جيم من أعمال سجستان.
فكان ينبغي له5 أن يذكر بقية كلامه6.
ولكن في بريدة نظر فإنه توفي بخراسان سنة ثلاث وستين كما قاله محمد ابن سعد وأبو عبيد وعلى هذا فقد تأخر بعده بخراسان: أبو برزة الأسلمي فإنه مات بها سنة أربع وستين7 قاله خليفة بن خياط وممن قال إنه مات بها: الواقدي ومحمد بن سعد والخطيب وقيل: مات بنيسابور وقيل: بمفازة بين سجستان وهراة وقيل: بالبصرة حكى هذه الأقوال الحاكم في "تاريخ نيسابور".
ومما لم يذكره المصنف وابن مندة أن النابغة "بن"8 الجعدي آخر من مات من الصحابة بأصبهان ذكره "أبو"9 الشيخ بن حيان في "طبقات الأصبهانيين" وأبو نعيم في تاريخ أصبهان وأنه عاش مائة وعشرين سنة.
1 من ع، وفي خط:"يزيد بن الخبيب".
2 من "التهذيب" ومثله في "طبقات ابن سعد""7/36"، و "ثقات ابن حبان""3/311"، و "الجرح والتعديل""7/39" وغيرهم، وفي خط:"هودة" بالدال المهملة.
3 أبو زكريا بن مندة، وراجع:"التقيد".
4 من ع، وفي خط:"ابن".
5بعني: ابن الصلاح، وراجع:"التقييد".
6 يعني: أبا زكريا بن مندة.
7 راجع: "التقييد".
8 هكذا في خط، وليس فيع ول.
9 من ع ول، وليس في خط.
وذكر عمر بن شبة عن أشياخه: أنه عاش مائة وثمانين سنة وأنشد قوله لعمر: "ثلاثة أهلين أفنيتهم""فقال"1 له عمر: كم لبثت مع كل أهل؟ قال: ستين سنة.
وقال ابن قتيبة: عمر مائتين وعشرين سنة ومات بأصبهان.
قال ابن عبد البر: وهذا أيضا لا يدفع لأنه قال في الشعر الذي أنشده عمر أنه أفنى ثلاثة قرون كل قرن من ستين سنة فهذه مائة وثمانون سنة ثم "عمر"2 إلى زمان ابن الزبير وإلى أن هاجا أوس بن "مغراء"3 ثم ليلى الأخيلية.
واسم النابغة: قيس بن عبد الله بن عدس هذا هو المشهور 4وقيل: حيان بن قيس بن عبد الله حكاه ابن عبد البر.
وآخر من مات منهم بالطائف: عبد الله بن عباس.
وآخر من مات منهم بسمرقند: قثم بن العباس.
"قوله": آخر من مات منهم بمصر "عبد الرحمن"5 أي: قاله سفيان بن عيينة وعلي بن المديني وأبو زكريا بن مندة.
توفي سنة ست وثمانين وقيل: خمس وقيل: سبع وقيل: ثمان وقيل: تسع وذكر الطحاوي أنه مات بسفط القدور وهي التي تعرف اليوم "بسفط أبي تراب"6 وقيل: باليمامة حكاه أبو عبد الله بن منده وقال: إنه شهد بدرا فيكون "آخر"7 البدريين موتا ولا يصح شهوده بدرا.
"قوله": وبفلسطين: "أبو أبي"8 أي قاله أبو زكريا بن مندة وهو ابن امرأة
1 من ع، وفي خط:"قوله فقال".
2 ضبط خط.
3 في ع: "معين".
4 راجع: "التقييد".
5 كذا في خط، وصوابه:"عبدا لله" كما في ل و "التدريب"، وسبق عند ابن الصلاح على الصواب، وهو:"عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي" كما عند ابن الصلاح والعراقي.
6 وهي الان: "صفط تراب" بالصاد المهملة وحذف "أبي"، بالقرب من المحلة الكبرى، على يسار القاصد من المحلة إلى طنطا، رأيتها مرارا.
7 من ل، وهي في خط تشبه أن تكون:"أحد".
8 من خط، وسبق مثله عند ابن الصلاح وفي ل:"ابن أبي عبد الله بن أم حرام".
عبادة بن الصامت واختلف في اسمه فقال ابن سعد وخليفة وابن عبد البر: هو عبد الله بن عمرو بن قيس وقيل عبد الله بن أبي وقيل: ابن كعب.
قيل: إنه مات بدمشق وذكر ابن سميع: أنه توفي ببيت المقدس وحينئذ1 فيكون آخر من مات منهم بفلسطين قيس بن سعد بن عبادة فإنه توفي بها سنة خمس وثمانين في ولاية عبد الملك ذكره أبو الشيخ في تاريخه لكن المشهور أنه توفي بالمدينة "في خلافة"2 معاوية قاله الهيثم بن عدي "و"3الواقدي وخليفة وغيرهم.
"قوله": وبدمشق: واثلة أي كذا قاله قتادة "ودحيم"4 وأبو زكريا ابن مندة وقال أبو حاتم الرازي: مات ببيت المقدس وقال ابن قانع "بحمص"5.
قيل: توفي سنة خمس وثمانين وقيل: ثلاث وقيل ست.
وتقدم الكلام على عبد الله بن بسر والهرماس بن زياد.
"قوله": وبإفريقية رويفع أي الأنصاري قاله ابن مندة أبو زكريا قال وهو آخر من مات بها من الصحابة وقال أحمد بن البرقي توفي ببرقة وصححه المزي6 قال ابن يونس: توفي ببرقة وهو أمير عليها لمسلمة بن مخلد سنة ثلاث وخمسين وقبره ببرقة إلى اليوم. وفي "تهذيب الكمال" نقلا عن ابن يونس: أن وفاته سنة ست "وستين"7 وقيل"6" إنه مات بأنطابلس قاله الليث وقيل: بالشام.
"قوله": وبالبادية سلمة بن الأكوع أي قاله أبو زكريا بن مندة والصحيح: أنه مات بالمدينة قاله ابنه إياس بن سلمة ويحيى بن بكير وأبو عبد الله ابن مندة ورجحه المصنف.
توفي سنة أربع وسبعين وقيل: أربع وستين.
1 راجع: "الشرح".
2 هكذا في خط، وفي ل:"في اخر خلافة".
3 من ل، وليس في خط.
4 من ل، وفي خط:"ووحيم" بواوين.
5 من ل، وفي خط:"بخمس".
6 راجع: "الشرح".
7 هكذا في خط، وفي ل:"وخمسين".