الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الخامس والثلاثون
معرفة المصحف من أسانيد الأحاديث ومتونها
هذا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ و"الدارقطني" منهم وله فيه تصنيف مفيد.
وروينا عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل رضي الله عنه أنه قال ومن يعرى من الخطأ والتصحيف؟.
فمثال التصحيف في الإسناد حديث شعبة عن العوام بن مراجم عن أبي عثمان النهدي عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتؤدن الحقوق إلى أهلها"
…
الحديث.
صحف فيه يحيى بن معين فقال ابن مزاحم بالزاي والحاء فرد عليه وإنما هو ابن مراجم بالراء المهملة والجيم.
ومنه: ما رويناه عن أحمد بن حنبل قال حدثنا محمد بن جعفر1 قال: "ثنا"2 شعبة عن مالك بن عرفطة عن عبد خير عن عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت" وقال أحمد صحف شعبة فيه وإنما هو خالد بن علقمة وقد رواه زائدة بن قدامة وغيره على ما قاله أحمد.
وبلغنا عن الدارقطني أن ابن جرير الطبري قال فيمن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من بني سليم ومنهم عتبة بن "البذر"3 قاله بالباء والذال المعجمة وروى له حديثا وإنما هو ابن الندر بالنون والدال غير المعجمة.
1 من ع، وفي خط:"حدثنا محمد بن حفص" وفي ش: "أخبرنا محمد بن جعفر".
2 من خط، وفي ش وع:"حدثنا".
3 ضبط خط.
ومثال التصحيف في المتن ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إليه بإسناده عن "زيد"1 بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد وإنما هو بالراء "احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فيها" فصحفه ابن لهيعة لكونه أخذه من كتاب بغير سماع ذكر ذلك مسلم في كتاب التمييز له.
وبلغنا عن الدارقطني في حديث أبي سفيان عن جابر قال: "رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم" أن غندرا قال فيه أبي وإنما هو أبي بن كعب
وفي حديث أنس ""ثم"2 يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة" قال فيه شعبة ذرة بالضم والتخفيف ونسب فيه إلى التصحيف
وفي حديث أبي ذر تعين الصانع قال فيه هشام بن عروة بالضاد المعجمة وهو تصحيف والصواب ما رواه الزهري الصانع بالصاد المهملة ضد الأخرق
وبلغنا عن أبي زرعة الرازي أن يحيى بن سلام هو المفسر "حدث"3 عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} قال: "مصر"4 واستعظم أبو زرعة هذا واستقبحه وذكر أنه في تفسيره عن قتادة مصيرهم.
وبلغنا عن الدارقطني أن محمد بن المثنى أبا موسى العنزي حدث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "لا يأتي أحدكم يوم القيامة ببقرة لها خوار" فقال فيه "أو شاة تنعر بالنون وإنما هو تيعر بالياء المثناة من تحت وأنه قال لهم يوما: "نحن"5 قوم لنا شرف نحن من عنزة قد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إلينا يريد ما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إلى عنزة" "توهم6 أنه صلى إلى قبيلتهم وإنما العنزة ها هنا حربة نصبت بين يديه فصلى إليها.
وأظرف من هذا ما رويناه عن الحاكم أبي عبد الله عن أعرابي زعم أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى نصبت بين يديه شاة "أي صحفها عنزة"7 بإسكان النون.
1 من ش وع، وفي خط: "يزي
2 من ش وع، وليس في خط.
3 من ش وع، وفي خط "حديث".
4 ضبط خط.
5 من ش وع، وفي خط:"نحر"
6 من ش، وفي ع:"يوهم"، وفي خط:"فوهم".
7 من خط وع، وفي ش:"أي عنزة صحفها".
وعن الدارقطني أيضا أن أبا بكر الصولي أملى في الجامع حديث أبي أيوب من "صام رمضان وأتبعه ستا من شوال" فقال فيه: شيئا بالشين والياء.
وأن "أبا بكر الإسماعيلي الإمام" كان فيما بلغهم عنه يقول في حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكهان: قر الزجاجة بالزاي وإنما هو "قد"1 الدجاجة بالدال.
في حديث يروى عن معاوية بن أبي سفيان قال "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون "الخطب"2 تشقيق الشعر"
"و"3 ذكر الدارقطني عن وكيع أنه قاله مرة بالحاء المهملة وأبو نعيم شاهد فرده "عليه"4 بالخاء المعجمة "المضمومة"5
وقرأت بخط مصنف أن ابن شاهين قال في جامع المنصور في الحديث إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تشقيق الحطب فقال بعض الملاحين يا قوم فكيف نعمل والحاجة ماسة؟
قلت: فقد انقسم التصحيف إلى قسمين: أحدهما في المتن والثاني في الإسناد.
وينقسم قسمة أخرى إلى قسمين أحدهما تصحيف البصر كما سبق عن ابن لهيعة وذلك هو الأكثر والثاني تصحيف السمع نحو حديث لعاصم الأحول رواه بعضهم فقال عن واصل الأحدب فذكر الدارقطني أنه من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر كأنه ذهب والله أعلم إلى أن ذلك مما "لا"6 يشتبه من حيث الكتابة وإنما أخطأ فيه سمع من رواه.
وينقسم قسمة ثالثة إلى تصحيف اللفظ وهو الأكثر وإلى تصحيف يتعلق بالمعنى دون اللفظ كمثل ما سبق عن "محمد بن المثنى" في الصلاة إلى عنزة.
وتسمية بعض ما ذكرناه تصحيفا مجاز والله أعلم.
1 من خط وع، وليس في ش.
2 من ش وع، بالخاء المعجمة، وفي خط:"الحطب" بالمهملة.
3 من خط، وليس في ش وع، ولعلها كانت في الأصل:"فذكر" فصحفها الناسخ.
4 من ش وع، وليس في خط.
5 من خط وش، ووقع في ع:"الحاء المعجمة المضمونة".
6 من ش وع، وليس في خط.
وكثير من التصحيف المنقول عن الأكابر الجلة لهم فيه أعذار لم ينقلها ناقلوه". ونسأل الله التوفيق "والعصمة وهو أعلم"1 انتهى.
"قوله": وله فيه تصنيف أي: الدارقطني وكذلك صنف فيه أبو محمد العسكري كتابه المشهور في ذلك مجلدا كبيرا.
قال ابن كثير: وما ينقله كثير من الناس عن عثمان بن أبي شيبة أنه كان يصحف في قراءة القرآن فغريب جدا لأن له كتابا في التفسير وقد نقل عنه أشياء ولا "تصدر"2 عن صبيان المكاتب.
وأما ما وقع لبعض المحدثين من ذلك "فمنه"3 ما يكاد اللبيب يضحك منه كما حكي عن بعضهم أنه جمع طرق حديث "يا أبا عمير ما فعل النغير؟ " ثم أملاه في مجلسه على من حضره من الناس فجعل يقول "يا أبا "عمير"4 ما فعل البعير" فافتضح عندهم وأرخوها عنه.
وكذا اتفق لبعض مدرسي النظامية ببغداد أنه "أول"5 يوم إجلاسه أورد "حديث"6: "صلاة في إثر صلاة كتاب في عليين" فقال: "كنار كنار في غلس" فلم يفهم الحاضرون ما يقول حتى "أخبرهم"7 بعضهم بأنه تصحف عليه من "كتاب في عليين".
ثم "قال":8 "وكان"9 شيخنا الحافظ الكبير الجهبذ أبو الحجاج المزي من أبعد الناس عن هذا بل لم يكن على وجه الأرض مثله فيما نعلم10 انتهى.
ومن أمثلة تصحيف المعنى: ما ذكره الخطابي عن بعض شيوخه في الحديث أنه لما روى" حديث "النهي"11 عن التحليق يوم الجمعة قبل الصلاة" قال: "ما حلقت رأسي قبل الصلاة منذ أربعين سنة".
فهم منه تحليق "الرأس"12 وإنما المراد تحليق الناس حلقا.
1 من خط. وفي ش: "..والعصمة، هو أعلم" وفي ع: "..والعصمة، والله أعلم".
2 من "اختصار علوم الحديث"، وفي خط:"يعتذر".
3 من ابن كثير، وليس في خط.
4 ضبط خط، بفتح العين المهملة.
5 من ابن كثير، وليس في خط.
6 من ابن كثير، وليس في خط.
7 من ابن كثير، وفي خط:"أخبر".
8 يعني: ابن كثير.
9 من خط، وعند لبن كثير:"وقد كان".
10 راجع: ابن كثير.
11 من ل، وفي خط:" المنهي".
12 من خط، وفي ل:"الرؤوس" بالجمع.