المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النوع الثاني والثلاثون - الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح - جـ ٢

[برهان الدين الأبناسي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الثاني

- ‌النوع التاسع والعشرون

- ‌النوع الموفي ثلاثين

- ‌لنوع الحادي والثلاثون

- ‌النوع الثاني والثلاثون

- ‌النوع الثالث والثلاثون

- ‌النوع الرابع والثلاثون

- ‌النوع الخامس والثلاثون

- ‌النوع السادس والثلاثون

- ‌النوع السابع والثلاثون

- ‌النوع الثامن والثلاثون

- ‌النوع التاسع والثلاثون

- ‌النوع الموفي أربعين

- ‌النوع الحادي والأربعون

- ‌النوع الثاني والأربعون

- ‌النوع الثالث والأربعون

- ‌النوع الرابع والأربعون

- ‌النوع الخامس والأربعون

- ‌النوع السادس والأربعون

- ‌النوع السابع والأربعون

- ‌النوع الثامن والأربعون

- ‌النوع التاسع والأربعون

- ‌النوع الموفي خمسين

- ‌النوع الحادي والخمسون

- ‌النوع الثاني والخمسون

- ‌النوع الثالث والخمسون

- ‌النوع الرابع والخمسون

- ‌النوع الخامس والخمسون

- ‌النوع السادس والخمسون

- ‌النوع السابع والخمسون

- ‌النوع الثامن والخمسون

- ‌النوع التاسع والخمسون

- ‌النوع الموفي ستين

- ‌النوع الحادي والستون

- ‌النوع الثاني والستون

- ‌النوع الثالث والستون

- ‌النوع الرابع والستون

- ‌النوع الخامس والستون

الفصل: ‌النوع الثاني والثلاثون

‌النوع الثاني والثلاثون

معرفة غريب الحديث

وهو عبارة عما وقع في متون الأحاديث من الألفاظ الغامضة البعيدة من الفهم لقلة استعمالها.

هذا فن مهم يقبح جهله بأهل الحديث خاصة ثم بأهل العلم عامة.

والخوض فيه ليس "بالهين"1 والخائض فيه حقيق بالتحري جدير بالتوقي.

روينا عن الميموني قال: "سئل أحمد عن حرف من غريب الحديث "فقال"2" سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظن "فأخطىء"3.

وبلغنا عن "التاريخي: محمد بن عبد الملك" قال: "حدثني أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال قلت للأصمعي يا أبا سعيد ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "الجار أحق بسقبه"؟ فقال أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق".

ثم إن غير واحد من العلماء صنفوا في ذلك فأحسنوا.

وروينا4 عن "الحاكم أبي عبد الله قال أول من صنف الغريب في الإسلام النضر بن شميل".

ومنهم من خالفه فقال: أول من صنف فيه أبو عبيدة معمر بن المثنى وكتاباهما صغيران.

وصنف بعد ذلك "أبو عبيد القاسم بن سلام" كتابه المشهور فجمع وأجاد

1 من ش وع، وفي خط:"بالمعين".

2 من ش وع، وفي خط:"قال".

3 من خط وع، وفي ش "فسأخطىء"، وراجع: حاشية "المقدمة".

4 من خط وع، وليس في ش.

ص: 451

واستقصى فوقع من أهل العلم بموقع جليل وصار قدوة في هذا الشأن.

ثم تتبع القتيبي ما فات أبا عبيد فوضع فيه كتابه المشهور.

ثم تتبع أبو سليمان الخطابي ما فاتهما فوضع في ذلك كتابه المشهور.

فهذه الكتب الثلاثة أمهات الكتب المؤلفة في ذلك ووراءها مجامع "تشتمل من ذلك على زوائد وفوائد كثيرة ولا ينبغي أن يقلد منها إلا ما كان"1 "مصنفوها"2 أئمة جلة.

وأقوى ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث: أن يظفر به مفسرا في بعض روايات الحديث نحو ما روي في حديث ابن صياد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "قد خبأت "لك"3 خبيئا فما هو؟ " قال: الدخ.

فهذا خفي معناه وأعضل وفسره قوم بما لا يصح وفي معرفة علوم الحديث للحاكم أنه الدخ بمعنى الزخ الذي هو الجماع وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن.

وإنما معنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له قد: أضمرت لك ضميرا فما هو؟ "فقال"4 الدخ. بضم الدال يعني الدخان.

والدخ هو الدخان في لغة إذ في بعض روايات الحديث ما نصه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد خبأت لك خبيئا" وخبأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} فقال ابن صياد: هو الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسأ فلن تعدو قدرك".

وهذا ثابت صحيح خرجه الترمذي وغيره فأدرك ابن صياد من ذلك هذه الكلمة فحسب على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان ولهذا قال له: "اخسأ فلن تعدو قدرك" أي فلا "مزيد"5 لك على قدر إدراك الكهان. انتهى.

قال الحافظ محب الدين الطبري في كتاب تقريب المرام وقد قيل إن أول من جمع في هذا الفن أبو عبيدة ثم النضر بن شميل ثم عبد الملك بن قريب الأصمعي وكان في عصر أبي عبيدة وتأخر.

1 من ش وع، وليس في خط.

2 من ش وع، وفي خط:"صنفوها".

3 من خط وع، ووقعت في ش بعد "خبيئا" فصارت:"..خبيئا لك.."

4 من خط وع، وفي ش:"قال".

5 من ش وع، وفي خط:"تزيد".

ص: 452

وكذلك: قطرب وغيره من أئمة الفقه واللغة جمعوا أحاديث تكلموا على لغتها ومعناها في أوراق ذوات عدد ولم يكن أحد منهم ينفرد عن غيره بكثير حديث لم يذكره الآخر واستمر الحال إلى زمن أبي عبيد القاسم بن سلام وذلك بعد المائتين فجمع كتابه المشهور في "غريب1 غريب الحديث" والآثار انتهى.

ثم بعد ذلك صنف أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري "القتيبي"2 كتابه المشهور فزاد على أبي عبيد مواضع وتتبعه في مواضع.

ثم صنف بعده أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي كتابه في ذلك فزاد على القتبي ونبه على أغاليط له.

وصنف فيه جماعة منهم: قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي3 وعبد الغافر الفارسي صنف فيه كتابا سماه مجمع الغرائب وصنف الزمخشري كتابه الفائق وبعده أبو الفرج بن الجوزي وكان جمع بين الغريبين غريبي القرآن والحديث أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب أبي منصور الأزهري وذيل عليه الحافظ أبو موسى المديني ذيلا حسنا ثم جمع بينهما مقتصرا على غريب الحديث فقط أبو السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزري وزاد عليهما زيادات كثيرة وذلك في كتابه النهاية وقيل: إن الإمام صفي الدين محمود بن محمد بن حامد الأرموي كتب حواشي عليها ثم أفردت.

"قوله": ولا ينبغي أن يقلد منها إلا ما كان مصنفوها أئمة جلة أي ولا يعتمد على الحواشي فقد قرأ بعضهم في المصابيح "حديث"4: "إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها وإذا سافرتم في الجدب فبادروا بها نقيها" فقرأها: نقبها فقيل له: إنما هي نقيها بكسر النون وسكون القاف وبمثناة من تحت فقال: كذا ضبطها بعض الشراح في طرة الكتاب وقال: النقب الطريق الضيق.

وهذا خطأ والصواب نقيها والنقى المخ الذي في العظم ومنه حديث "أم زرع": "لا سمين فينتقى"، وفي الأضحية:"والعجفاء التي لا تنقى".

1 من ل، وفي خط:"غرائب".

2 هكذا في خط، وفي ل:"القتبي"، وكلاهما واراد في نسبه، وليس في "الأنساب" سوى "القتبي".

3 راجع لكتاب السرقسطي: "سير أعلام النبلاء" للذهبي. "14/562-563".

4 من ل، وفي خط:"حديثا".

ص: 453

وحديث ابن صياد متفق: عليه والدخ: لغة في الدخان حكاها ابن دريد وابن السيد والجوهري وغيرهم.

وحكى ابن السيد أيضا فيه فتح الدال.

قوله: وهذا ثابت صحيح أي: زيادة الآية في الحديث رواه أبو داود والترمذي من رواية الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إني قد خبأت لك خبيئة" وقال الترمذي: "خبيئا" وخبأ له {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} .

قال الترمذي: حديث صحيح

وقال أبو موسى المديني: السر في كونه خبأ له "الدخان" أن عيسى صلى الله عليه وسلم يقتله بجبل الدخان.

فهذا هو الصواب في تفسير "الدخ" هنا وضد الصواب ما فسره به "الحاكم وغيره في "علوم الحديث" فإنه"1 قال فيه: سألت الأدباء عن تفسير الدخ "قال: "يدخها ويزخها" بمعنى واحد و"الدخ والزخ"""2

قال: والمعنى الذي أشار إليه "ابن صياد" وخذله الله فيه مفهوم ثم أنشد لعلي ابن أبي طالب رضي الله عنه:

طوبى لمن كان له "مزخة"3

يزخها ثم ينام الفخة

فالمزخة بالفتح هي المرأة قاله الجوهري. ومعنى يزخها: يجامعها.

والفخة: أن ينام فينفخ في نومه. وليس في اللغة "أن"4 "الدخ" بالدال هو الجماع وإنما ذكروه بالزاي فقط.

وممن فسره على غير الصواب - أيضا-: أبو سليمان الخطابي فرجح أن "الدخ"

1 كذا في خط، وراجع:"الشرح""ص/326".

2 هكذا في خط، وفي ل:"فقال - أي المسئولون -: يدخها ويزخها بمعنى واحد الدخ والزخ".

3 ضبط خط.

4 من ل، وليس في خط.

ص: 454

نبت موجود بين النخيل وقال: لا معنى للدخان ها هنا إذ ليس مما يخبأ إلا أن يريد بخبأت أضمرت وليس بجيد.

قلت: ومما وقع فيه التصحيف أيضا: قوله ""تاوا في"1 الأمرين من الشفا الصبر والبفا" بالفاء فيهما وكسر الباء الموحدة وتشديد الراء في "الأمرين" فجعل الفاء قافا وسكن الموحدة وخفف الراء والصبر معروف "والبفا"2 بالفاء حب الرشاد.

1 كذا في خط، بمثناه من فوق، ولم أهتد لذلك الان، فليحرر.

2 هكذا سبق قريبا، وضبطه المصنف بكسر الموحدة، ووقع في هذا الموضع من خط:"التفا" بمثناة من فوق.

قلت: ثم فتشت فلم اهتد لذلك في كتب الغريب والمعاجم واسماء النبات والأمثال، التي بين يدي، والله أعلم هو المستعان.

ص: 455