الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثمن في ذمته وهذا غرض صحيح للموكل فلم يجز مخالفته ويقع الشراء للوكيل وهل يقف على إجازة الموكل؟ على روايتين
(مسألة)(فإن قال اشتر لي في ذمتك وانقد الثمن فاشترى بعينه صح)
ولزم الموكل ذكره أصحابنا لأنه أذن له في عقد يلزمه به الثمن مع بقاء الدراهم وتلفها فكان إذنا في عقد لا يلزمه الثمن إلا مع بقائها، ويحتمل أن لا يصح لأنه قد يكون له غرض في الشراء بغير عينها لشبهة فيها لا يجب أن تشتري بها أو يختار وقوع عقد لا ينفسخ بتلفها ولا يبطل بتحريهما وهذا غرض صحيح فلا يجوز تفويته عليه كما لم يجز تفويت غرضه في الصورة الأولى ومذهب الشافعي في هذا كله على نحو ما ذكرنا
(مسالة)(وإن أمره ببيعه في سوق بثمن فباعه في آخر صح وإن قال بعه من زيد فباعه من غيره لم يصح)
وجملة ذلك أن الوكيل لا يملك من التصرف الاما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو العرف لأن تصرفه بالإذن فاختص بما أذن فيه والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى، ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده لأنه لم يتناوله إذنه نطقا ولاعرفا فإنه قد يختار التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره ولهذا لما عين الله تعالى لعبادته وقتاً لم يجز تقديمها عليه ولا تأخيرها عنه فلو قال له بع ثوبي غدا لم يجز قبله ولا بعده، فإن عين له المكان وكان يتعلق به غرض مثل أن يأمره
ببيع ثوبه في سوق وكان السوق معروفاً بجوده النقد أو كثرة الثمن أوحله أو بصلاح أهله أو بمودة بين الوكيل وبينهم تقيد الإذن به لأنه نص على أمر له فيه غرض فلم يجز تفويته وإن كان هو وغيره
سواء في الغرض لم يتقيد الإذن به وجاز له البيع في غيره لمساواته المنصوص عليه في الغرض فكان تنصيصه على أحدهما إذنا في الآخر كما لو استأجر أو استعار أرضا لزراعة شئ كان إذناً في زراعة مثله وما دونه ولو اكترى عقارا كان له أن يسكنه مثله ولو نذر الاعتكاف أو الصلاة في مسجد جاز له ذلك في غيره وسواء قدر له الثمن أو لم يقدره، فأما إن عين له المشتري فقال بعه فلانا لم يملك بيعه لغيره بغير خلاف علمناه سواء قدر له الثمن أو لا لأنه قد يكون له غرض في تمليكه إياه دون غيره إلا أن يعلم بقرينة أو صريح أنه لا غرض له في عين المشتري (فصل) إذا اشترى الوكيل لموكله شيئاً انتقل الملك من البائع إلى الموكل ولم يدخل في ملك الوكيل وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة يدخل في ملك الوكيل ثم ينتقل إلى الموكل لأن حقوق العقد تتعلق بالوكيل بدليل أنه لو اشتراه بأكثر من ثمنه دخل في ملكه ولم ينتقل إلى الموكل ولنا أنه قبل عقدا لغيره صح له فوجب أن ينتقل الملك إليه كالأب والوصي وكما لو تزوج له وقولهم إن حقوق العقد تتعلق به غير مسلم، ويتفرع من هذا أن المسلم لو وكل ذمياً في شراء دم أو حنزير فاشتراه له لم يصح الشراء وقال أبو حنيفة يصح ويقع للذمي لأن الخمر مال لهم لأنهم يتمولونها ويتبايعونها فصح توكيلهم فيها كسائر أموالهم ولنا أن كل مالا يجوز للمسلم العقد عليه لا يجوز أن يوكل فيه كتزويج المجوسية وبهذا خالف سائر
أموالهم وإذا باع الوكيل بثمن معين ثبت الملك للموكل في الثمن لأنه بمنزلة المبيع وإن كان الثمن في الذمة فللوكيل والموكل المطالبة به وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ليس للموكل المطالبة لأن حقوق العقد تتعلق بالوكيل دونه ولهذا يتعلق مجلس الصرف والخيار به دون موكله وكذلك القبض ولنا أن هذا دين للموكل يصح قبضه له فملك المطالبة به كسائر ديونه التي وكل فيها وفارق مجلس
العقد لأن ذلك من شرط العقد تعلق بالعاقد كالإيجاب والقبول وأما الثمن فهو حق للموكل ومال من ماله فكانت له المطالبة به ولانسلم أن حقوق العقد تتعلق به وإنما تتعلق بالموكل وهي تسليم الثمن وقبض المبيع والرد بالعيب وضمان الدرك فأما ثمن ما اشتراه إذا كان في الذمة فإنه يثبت في ذمة الموكل أصلاً وفي ذمة الوكيل تبعاً كالضامن وللبائع مطالبة من شاء منهما فإن أبرأ الوكيل لم يبرأ الموكل وإن أبرأ الموكل برئ الوكيل كالضامن والمضمون عنه سواء وإن دفع الثمن إلى البائع فوجد به عيبا فرده على الوكيل كان أمانة في يده إن تلف فهو من ضمان الموكل، ولو وكل رجلاً يستسلف له العامي كر حنطة ففعل ملك ثمنها والوكيل ضامن عن موكله كما تقدم قال أحمد في رواية منها إذا دفع إلى رجل ثوبا ليببعه ففعل فوهب له المشتري مند يلا فالمنديل لصاحب الثوب إنما قال ذلك لأن هبة المنديل سببها المبيع فكان المنديل زيادة في الثمن وزيادة في مجلس العقد تلحق به
(مسألة)(وإن وكله في بيع شئ ملك تسليمه ولم يملك قبض ثمنه إلا بقرينة فإن تعذر قبضه لم يلزم الوكيل) لأن إطلاق التوكيل في البيع يقتضي التسليم لكونه من تمامه ولم يملك الإبراء من الثمن وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة يمكله ولنا أن الإبراء ليس من المبيع ولا من ثمنه فلا يكون التوكيل في البيع توكيلا فيه كالإبراء من غير ثمنه فأما قبض الثمن فقال القاضي وابو الخطاب لا يملكه وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأنه قد يوكل في البيع من لا يأتمنه على قبض الثمن، فعلى هذا إن تعذر قبض الثمن من المشتري لم يلزم الوكيل شئ ويحتمل أن يملك قبض الثمن لأنه من موجب البيع فملكه كتسليم المبيع فعلى هذا ليس له تسليم المبيع إلا بقبض الثمن أو حضوره فإن سلمه قبل قبض ثمنه ضمنه، قال شيخنا والأولى أن ينظر فيه فإن دلت قرينة الحال على قبض الثمن مثل توكيله في بيع ثوب في سوق غائب عن الموكل أو موضع يضيع الثمن بترك قبض الوكيل كان إذنا في قبضه فمتى ترك قبضه ضمنه لأن ظاهر حال الموكل أنه إنما أمره بالبيع لتصحيل ثمنه فلا يرضى بتضييعه ولهذا يعد من فعل ذلك مفرطاً وإن لم تدل القرينة على ذلك لم يكن له قبضه
(فصل) وإن وكله في شراء شئ ملك تسليم ثمنه لأنه من ثمنه وحقوقه فهو كتسليم المبيع في