الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحاله بألفين أنه لا فضل بينهما في العدد ههنا وثم تفاضلا ولأن الحوالة ههنا بألف معين وثم الحوالة بأحدهما من غير تعيين وإنه إذا قضاه أحدهما الألف فقد قضاه جميع الدين وثم إذا قضى أحدهما بقي ما على الآخر ولو لم يكن كل واحد من الرجلين ضامناً عن صاحبه فأحال عليهما حصت الحوالة بغير إشكال لأنه لما كان له أن يستوفي الألف من واحد كان له أن يستوفي من اثنين كالوكلين
باب الضمان
وهو ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون عنه في التزام الحق فيثبت في ذمتهما جميعاً ولصاحب الحق مطالبة من شاء منهما، واستقاقه من الضم وقيل من التضمين لأن ذمة الضامن تتضمن الحق، والأصل في جوازه الكتاب والسنة والإجماع.
اما اكتاب فقوله تعالى (ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم والزعيم الكفيل قاله بان عباس.
وأما السنة فما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الزعيم غارم) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن، وأجمع المسلمون على الضمان في الجملة واختلفوا في فروع تذكر إن شاء الله تعالى، يقال ضمين وكفيل وقبيل وحميل وزعيم وصبير بمعنى واحد ولا بد في الضمان من ضامن ومضمون عنه ومضمون له.
(مسألة)(ولصاحب لحق مطالبة من شاء منهما في الحياة والموت) وجملة ذلك أن المضمون عنه لا يبرأ بنفس الضمان كما يبرأ المحيل بنفس الحوالة قبل القبض بل يثبت
الحق في ذمة الضامن مع بقائه في ذمة المضمون عنه فعلى هذا لصاحب الحق مطالبة من شاء منهما في الحياة وبعد الموت، وبهذا قال الئوري والشافعي وأصحاب الرأي وأبو عبيد وحكي عن مالك في إحدى الروايتين عنه أنه لا يطالب الضامن إلا إذا تعذر مطالبة المضمون عنه ولأنه وثيقة فلا يستوفي الحق منها إلا مع تعذر استيفائه من الأصل كالرهن ولنا قوله عليه السلام (الزعيم غارم) ولأن الحق ثابت في ذمة الضامن فملك مطالبته كالأصل ولأن الحق ثابت في ذمتهما فملك مطالبة من شاء منهما كالضامنين إذا تعذرت مطالبة المضمون عنه ولا يشبه الرهن لأنه مال من عليه الحق وليس بدين ذمة يطالب إنما يطالب من عليه الدين ليقضي منه
أو من غيره، وقال أبو ثور الكفالة والحوالة سواء وكلاهما ينقل الحق عن ذمة المضمون عنه والمحيل وحكي ذلك عن ابن أبي ليلى وابن شبرمة وداود، وعن أحمد رواية أن الميت يبرأ بمجرد الضمان نص عليه في رواية يوسف بن موسى واحتجوا بما روي أبو سعيد الخدري قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما وضعت قال (هل علي صاحبكما من دين؟) قالوا نعم درهمان فقال (صلوا على صاحبكم) فقال علي هما علي يا رسول الله وأنا لهما ضامن فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم أقبل على علي فقال (جزاك الله عن الإسلام خيراً أو فك رها نك كما فككت رهان أخيك) فقيل يا رسول
الله هذا لعلي خاصة أم للناس عامة؟ فقال (بل الناس عامة) رواه الدارقطني فدل على أن المضمون عنه برئ بالضامن ولذلك صلى الله عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى الإمام أحمد في المسند عن جابر قال توفي صاحب لنا فأتينا به النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فخطا خطوة ثم قال (أعليه دين؟) قلنا ديناران فانصرف، فتحملهما أبو قتادة فقال الديناران علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وجب حق الغريم وبرئ الميت منهما؟) قال نعم فصلى عليه ثم قال بعد ذلك (ما فعل الديناران؟) قال إنما مات أمس قال فعاد إليه من الفد فقال قد قضيتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الآن بردت جلدته) وهذا صريح في براءة المضمون عنه لقوله (وبرئ الميت منهما؟) ولأنه دين واحد فإذا صار في ذمة نائبه برئت الاولى منه كالمحال به لأن الدين الواحد لا يحل في محلين ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه) وقوله في خبر أبي قتادة (الآن بردت جلدته) حين أخره أنه قضى دينه ولأنها وثيقة فلا تنقل الحق كالشهادة، فأما صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على المضمون عنه فلأنه بالضمان صار له وفاء وإنما كان عليه الصلاة والسلام يمتنع من الصلاة على مدين لم يخلف وفاء، وأما قوله لعلي (فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك) فإنه كان بحال لا يصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فلما ضمنه فكه من ذلك أو ما في معناه، وقوله (برئ الميت منهما؟) أي صرت أنت المطالب بهما وهذا على وجه التأكيد لثبوت الحق في ذمته ووجوب الأداء عنه بدليل قوله حين أخبره بالقضاء (الآن بردت عليه جلده) وفارق الضمان الحوالة