الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأنه علقه على شرط، ولا يصح عندهم تعليق القراض بشرط والمذهب الأول لأن المال الذي في يدي من عليه الذين له وإنما يصير لغريمه بقبضه ولم يوجد القبض ههنا، فإن قال له إعزل المال الذي لي عليك وقد قارضتك عليه ففعل واشترى بعين ذلك المال شيئاً للمضاربة وقع الشراء له لانه اشترى لغيره بمال نفسه فحصل الشراء له وإن اشترى في ذمته فكذلك لأنه عقد القراض على مالا يملكه وعلقه على شرط لا يملك به المال (فصل) ومن شرط صحة المضاربة كون رأس المال معلوم المقدار فإن كان مجهولا أو جزافاً لم تصح وإن شاهدا وبهدا قال الشافعي وقال أبو ثور وأصحاب الرأي تصح إذا شاهداه والقول قول العامل مع يمينه في قدره لأنه أمين رب المال والقول قوله فيما في يده فقام ذلك مقام المعرفة به ولنا أنه مجهول فلم تصح المضاربة به كما لو لم يشاهداه ولأنه لا يدرى بكم يرجع عند المفاضلة ويقضي الى المنازعة والإختلاف في مقداره فلم تصح كما لو كان في الكيس وما ذكروه بيطل بالسلم وبما إذا لم يشاهده (فصل) ولو أحضر كيسين في كل واحد منهما مال معلوم المقدار وقال قارضتك على أحدهما
لم يصح سواء تساوى ما فيهما أو اختلف لأنه عقد تمنع صحته الجهالة فلم يجز على غير معين كالبيع
(مسألة)(وإن أخرج مالا ليعمل فيه هو وآخر والربح بينهما صح)
ذكره الخرقي ونص عليه أحمد في رواية أبي الحارث وتكون مضاربة لأن غير صاحب المال يستحق المشروط له من الربح
بعمله في مال غيره وهذا حقيقة المضاربة، وقال أبو عبد الله بن حامد والقاضي وأبو الخطاب إذا شرط إن يعمل معه رب المال لم يصح وهذا مذهب مالك والشافعي والاوزاعي وأصحاب الرأي وأبي ثور وابن المنذر قال: ولا تصح المضاربة حتى يسلم المال الى العامل ويخلي بينه وبينه لأن المضاربة تقتضي تسليم المال الى المضارب فإذا شرط عليه العمل فيه فلم يسلمه فيخالف موضوعها وتأول القاضي كلام أحمد والخرقي على أن رب المال عمل فيه من غير اشتراط والأول أظهر لأن العمل أحد ركني المضاربة فجاز أن ينفرد به أحدهما مع وجود الأمرين من الآخر كالمال وقولهم أن المضاربة تقتضي تسليم المال الى العامل ممنوع إنما تقتضي إطلاق التصرف في مال غيره بجزء مشاع من ربحه وهذا حاصل مع اشتراكهما في العمل ولهذا لو دفع ماله إلى إثنين مضاربة صح ولم يصحل تسليمه إلى أحدهما (فصل) وإن شرط أن يعمل معه غلام رب المال صح وهذا ظاهر كلام الشافعي وقول أكثر اصحابه ومنعه وبعضهم وهو قول القاضي لأن يد الغلام كيد سيده وقال أبو الخطاب فيه وجهان أحدهما الجواز لأن عمل الغلام مال ليسده فصح ضمه اليه كما يصح أن يضم اليه بهيمته يحمل عليها والثاني لا يجوز لأن يد العبد كيد سيده (فصل) وإن اشترك مالان ببدن صاحب أحدهما فهذا يجمع شركة ومضاربة وهو صحيح، فلو كان بين رجلين ثلاثة آلاف درهم لأحدهما ألف وللآخر ألفان فأذن صاحب الألفين لصاحب الألف
أن يتصرف فيه على أن يكون الربح يبنهما نصفين صح ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله والقاي وهو ثلثا الربح بينهما لصاحب الألفين ثلاثة أربعاعها وللعامل ربعه وذلك لأنه جعل له نصف الربح فجعلناه ستة أسهم منها ثلاثة للعامل حصة ماله سهمان وسهم يستحقه بعمله في مال
شريكه، وحصة مال شريكه أربعة أسهم للعامل سهم وهو الربع، فإن قيل فكيف تجوز المضاربة ورأس المال مشاع قلنا إنما تنمنع الإشاعة الجواز إذا كانت مع غير العامل لانها تنمعه من التصرف بخلاف ما إذا كانت مع العامل فإنها لا تمنعه من التصرف فلا تمنع صحة المضاربة وإن شرط للعامل ثلث الربح فقط فمال صاحبه بضاعة في يده وليست مضاربة لأن المضاربة إنما تحصل إذا كان الربح بينهما فأما إذا قال ربح مالك لك وربح مالي لي فقبل الآخر كان إبضاعاً لا غير وبهذا كله قال الشافعي وقال مالك لا يجوز أن يضم الى القراض شركة كما لا يجوز أن يضم اليه عقد إجاوة.
ولنا أنهما لم يجعلا أحد العقد ين شرطاً للآخر فلم يمنع من جمعهما كما لو كان المال متميزاً (فصل) إذا دفع إليه ألفا مضاربة وقال أضف إليه الفامن عندك واتجر بهما والربح بيننا لك ثلثاه ولي ثلثه جاز وكان شركة وقراضاً وقال أصحاب الشافعي لا يجوز لأن الشركة إذا وقعت على المال كان الربح تابعاً له دون العمل ولنا أنهما تساويا في المال وانفرد أحدهما بالعمل فجاز أن ينفرد بزيادة الربح كما لو لم يكن له
مال قولهم ان الربح تابع للمال وحده ممنوع بل تابع لهما كما أنه حاصل بهما فإن شرط غير العامل لنفسه ثلثي الربح لم يجز، وقال القاضي يجوز بناء على جواز تفاضلهما في شركة العنان ولنا أنه شرط لنفسه جزء من الربح لا مقابل له فلم يصح كما لو شرط ربح مال العامل المنفرد، وفارق شركة العنان لأن فيها عملاً منهما فجاز أن يتفاضلا في الربح لتفاضلهما في العمل بخلاف مسئلتنا وإن جعلا الربح بينهما نصفين ولم يقولا مضاربة جاز وكان إبضاعاً كما تقدم وإن قالا مضاربة فسد العقد لما ذكرنا (فصل) وقد ذكرنا أن حكم المضاربة حكم الشركة فيما للعامل أن يفعله أو لا يفعله والذي اختلف فيه في حق الشريك فكذلك في حق عامل المضاربة وهل له أن يبيع نساء إذا لم ينه عنه؟ فيه روايتان إحداهما) ليس له ذلك وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي لأنه نائب في البيع فلم يجز له ذلك بغير إذن كالوكيل، يحقق ذلك إن النائب لا يجوز له التصرف إلا على وجه الحظ والإحتياط وفي النسيئة تغرير
بالمال والثانية يجوز له ذلك وهو قول أبي حنيفة واختيار ابن عقيل لأن إذنه في التجارة والمضاربة ينصرف إلى التجاره والمتعادة وهذا عادة التجار ولأنه يقصد به الربح والربح في النساء أكثر والحكم في الوكالة ممنوع، ثم الفرق بين الوكالة المطلقة والمضاربة أن الوكالة المقصود منها تصحيل الثمن فحسب ولا تختص بقصد الربح فإذا أمكن تحصيله من غير خطر كان أولى ولأن الوكالة المطلقة في البيع
تدل على أن حاجة الموكل الى الثمن ناجزة فلم يجز تأخيره بخلاف المضاربة، فإن قال له اعمل برأيك أو تصرف كيف شئت فله البيع نساء وقال الشافعي ليس له ذلك لأن فيه تغريراً أشبه مالو لم يقل له ذلك ولنا أنه داخل في عموم لفظه وقرينة حاله تدل على رضاه برأيه في صفات البيع وفي أنواع التجارة وهذا منها فإذا قلنا له البيع نساء فالبيع صحيح ومنهما فات من الثمن لا يضمنه إلا أن يفرط ببيع من لا يوثق به أو من لا يعرفه فيضمن الثمن المنكسر على المشتري وإن قلنا ليس له البيع نساء فالبيع باطل لأنه فعل ما لم يؤذن له فيه فهو كالبيع من الأجنبي إلا على الرواية التي تقول يقف بيع الاجنبي على الاجارة فههنا مثله، ويحتمل كلام الخرقي صحة البيع فإنه قال إذا باع المضارب نساء بغير إذن ضمن ولم يذكر فساد البيع وعلى كل حال يلزم العامل الضمان لأن ذهاب الثمن حصل بتفريطه وإن قلنا بفساد البيع ضمن المبيع بقيمته إذا تعذر عليه استرجاعه بتلف المبيع أو امتناع المشتري من رده إليه وإن قلنا بصحته احتمل أن يضمنه بقيمته أيضاً لأنه لم يفت بالبيع أكثر منها ولا ينحفظ بتركه سواها وزيادة الثمن حصلت بتفريطه فلا يضمنها واحتمل أن يضمن الثمن لانه وجب البيع وفات بتفريط البائع، فعلى هذا إن نقص عن القيمة فقد انتقل الوجوب اليه بدليل أنه لو حصل الثمن لم يضمن شيئاً
(فصل) وهل له السفر بالمال؟ فيه وجهان (أحدهما) ليس له ذلك وهو مذهب الشافعي لأن في السفر تغريراً بالمال وخطراً ولهذا يروى: أن المسافر وما معه على قلت ألا ما وقى الله.
أي هلاك ولا يجوز له التعزير بالمال بغير إذن مالكه (والثاني) له السفر إذا لم يكن مخوفاً قال القاضي قياس المذهب
جوازه بناء على السفر بالوديعة وهو قول مالك وحكي عن أبي حنيفة لأن الإذن المطلق ينصرف الى ما جرت به العادة والعادة جارية بالتجارة سفراً أو حضراً ولأن المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض فملك ذلك بمطلقها وهذان الوجهان في المطلق، فأما إن أذن فيه أو نهى عنه أو وجدت قرينة دالة على أحد الأمرين تعين ذلك وجاز مع الإذن وحرم مع النبي، وليس له السفر في موضع مخوف على كلا الوجهين وكذلك لو أذن له في السفر مطلقاً لم يكن له السفر في طريق مخوف ولا إلى بلد مخوف فإن فعل فهو ضامن لما يتلف لأنه تعدى بفعل ما ليس له فعله (فصل) وليس للمضارب البيع بدون ثمن المثل ولا أن يشتري بأكثر منه مما لا يتغابن الناس بمثله فان فعل فقد روي عن أحمد أن البيع يصح ويضمن النقص كالو كيل ولأن الضرر ينجبر بضمان النقص، قال شيخنا والقياس بطلان البيع وهو مذهب الشافعي لأنه بيع لم يؤذن فيه أشبه بيع الأجنبي، فعلى هذا إن تعذر رد المبيع ضمن النقص أيضاً وإن أمكن رده وجب إن كان باقيا أو
قيمته إن تلف ولرب المال مطالبة من شاء من العامل والمشتري فإن أخذ من المشتري قيمته رجع المشتري على العامل بالثمن وإن رجع على العامل بقيمته رجع العامل على المشتري بها ورد عليه الثمن لان التف حصل في يده أما ما يتغابن الناس بمثله فلا يمنع منه لأنه لا يمكن التحر ز منه وأما إذا اشترى بأكثر من ثمن المثل بعين المال فهو كالبيع وإن إشترى في الذمة لزم العامل دون رب المال إلا أن يجبزه فيكون له هذا ظاهر كلام الخرقي وقال القاضي إن أطلق اشراء ولم يذكر رب المال فكذلك وإن صرح للبائع إني اشتريه لفلان فالبيع باطل ايضاً (فصل) وهل له أن يبيع ويشتري بغير نفد البلد؟ على روايتين أصحهما جوازه اذار أي المصلحة فيه والربح حاصل به كما يجوز أن يبيع عرضاً بعرض ويشتريه به فإن قلنا لا يملك ذلك ففعل فحكمه حكم ما لو اشترى أو باع بغير ثمن المثل، وإن قال اعمل برأيك فله ذلك وهل له المزارعة يحتمل أن لا يملكها لأن المضاربة لا يفهم من الاقها المزارعة وقد روي عن أحمد رحمه الله فيمن دفع إلى رجل الفاو قال إتجر فيها بما شئت فزرع زرعاً فربح فيه فالمضاربة جائزة والربح بينهما قال
القاضي ظاهر هذا إن قوله أتجر بما شئت دخلت فيه المزارعة لأنها من الوجوه التي بيتغى بها النماء فعلى هذا لو توى المال في المزارعة لم يلزمه ضمانه
(فصل) وله أن يشتري المعيب إذا رأى المصلحة فيه لأن المقصود الربح وقد يكون الربح في المعيب فإن اشتراه يظنه سليمان فبان معيباً فله فعل ما يرى فيه المصلحة من رده أو إمساكه وأخذ الأرش فإن اختف العامل ورب المال في الرد فطلبه أحدهما وأباه الآخر فعل ما فيه النظر والخط لأن المقصود تحصيله فيحمل الأمر على ما فيه الحظ، وأما الشريكان إذا اختلفا في رد المعيب فلطالب الرد رد نصيبه وللآخر إمساك نصيبه إلا أن لا يعلم البائع ان التسراء لهما فلا يلزمه قبول رد بعضه لأن ظاهر الحال أن العقد لمن وليه فلم يجز إدخال الضرر على البائع بتبعيض الصفقة عليه، ولو أراد الذي ولي العقد رد بعض المبيع وإمساك البعض فإن حمه حكم مالو أراد شريكه ذلك على ما فصلناه (فصل) قال الشيخ رضي الله عنه (وليس للعامل شراء من يعتق على رب المال) لأن فيه ضرراً ولأنه لا حظ للتجارة فيه فإن اشتراه بإذن رب المال صح لانه صح شراؤه بنفسه فإذا أذن لغيره فيه جازو يعتق عليه وتنفسخ المضاربة في قدر ثمنه، وإن كان في المال ربح رجع العامل بحصته منه فإن كان بغير إذن رب المال احتمل أن لا يصح الشراء إذا كان الثمن عيناً لأن العامل اشترى ما ليس له أن يشتريه فهو كما لو اشترى شيئاً بأكثر من ثمنه ولأن الإذن في المضاربة إنما ينصرف الى ما يمكن بيعه والربح فيه وليس هذا كذلك، وإن كان اشتراه في الذمة وقع الشراء للعاقد وليس له دفع الثمن مال المضاربة فإن فعل ضمن وهذا قول الشافعي وأكثر الفقهاء، وقال القاضي ظاهر كلام أحمد صحة الشراء