الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن الضمان مشتق من الضم بين الذمتين في تعلق الحق بهما وثبوته فيهما والحوالة من التحول فيقتضي تحول الحق عن محله إلى ذمة المحال عليه وقولهم ان الدين الواحد لا يحل محلين قلنا يجوز تعلقه بمحلين على سبيل الاستيثاق كتعلق دين الرهن به وبذمة الراهن كذلك هذا
(مسألة)(فإن برئت ذمة المضمون عنه برئ الضامن)
متى برئت ذمة المضمون بقضاء أو إبراء برئت ذمة الضامن لا نعلم فيه خلافا لأنه بيع ولأنه وثيقة فإذا برئ الأصل زالت الوثيقة كالرهن (مسألة)(وإن برى الضامن أو أقر ببراءته لم يبرأ المضمون عنه لأنه أصل فلا يبرأ بإبراء التبع ولأنه وثيقة انحلت من غير استيفاء الدين منها فلم تبرأ ذمة الأصل كالرهن إذا انفسخ من غير استيفاء وأيهما قضى الحق برئا جميعاً من المضمون له لأنه حق واحد فإذا استوفي مرة زال تعلقه بهما كما لو استوفى الحق الذي به رهن، وإن أحال أحدهما الغريم برئا جميعاً لأن الحوالة كالقضاء (فصل) ويجوز أن يضمن الحق عن الرجل الواحد اثنان أو أكثر سواء ضمن كل واحد جميعه أو جزأ منه فإن ضمن كل واحد منهم جميعه برئ كل واحد منهم بأداء أحدهم وإن أبرأ المضمون عنه برئ الجميع لأنهم فروع له وإن ابرأ أحد الضامنين برئ واحده لأنهم غير فروع له فلم يبرؤا ببراءته كالمضمون عنه وان ضمن أحد هم صاحب لم يجز لأن الحق ثبت في ذمته بضمانه الأصلي فلا يجوز أن يثبت ثانياً ولأنه أصل فيه بالضمان فلا يجوز أن يصير فيه فرعاً، ولو تكفل بالرجل الواحد اثنان جازو يجوز أن يكفل كل واحد
من الكفيلين صاحبه صاحبه لأن الكفالة ببدنه لا بما في ذمته وأي الكفيلين أخضر المكفول به برئ وبرئ صاحبه من الكفالة لأنه فرعه ولم يبرأ من إحضار المكفول به لأنه أصل في ذك وإن كفل المكفول به الكفيل لم يجز لأنه أصل له في الكفالة فلم يجز أن يصير فرعاً فيما كفل به وإن كفل به في غيره جاز.
(مسألة)(ولو ضمن ذمي لذمي عن ذمي خمراً فأسلم المضمون له أو المضمون عنه برئ هو والضامن معاً)
لانه برئ من الخمر الذي ضمن عنه إذ لا يجوز وجوب خمر على مسلم وإذا برئ المضمون عنه برئ الضامن لأنه فرعه، وإن أسلم المضمون له برئ أيضاً لأنه ليس للمسلم المطالبة بثمن الخمر لكونه لاقيمة له في الاسلام فإن أسلم وحده برئ ولم يبرأ المضمون عنه لأنه أصل فلم يبرأ ببراءة فرعه كما لو أبرأه المضمون له (مسألة)(ولا يصح الامن جائز التصرف) لا يصح لا لضمان الاممن يصح تصرفه في ماله رجلا كان أو امرأة لأنه عقد يقصد به المال فصح من المرأة كالبيع.
(مسألة)(ولا يصح من صبي ولا مجنون ولاسفيه ولامن عبد بغير إذن سيده وعنه يصح ويتبع به بعد العتق وإن ضمن بإذن سيده صح وهل يتعلق برقبته أو ذمة سيده؟ على روايتين)
لا يصح الضمان من مجنون ولا مبرسم ولا صبي غير مميز بغير خلاف لأنه إيجاب مال فلم يصح منهم كالنذر والإقرار، ولا يصح من السفيه المحجور عليه وهو قول الشافعي وقال القاضي يصح ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأن من أصلنا أن إقراره صحيح يتبع به بعد فلك الحجر عنه كذلك ضمانه والأول أولى لأنه إيجاب مال بعقد فلم يصح منه كالبيع والشراء وأما الاقرار فلنا فيه منع وإن سلم فالفرق بينهما أن الإقرار إخبار بحق سابق وأما الصبي المميز فلا يصح ضمانه وهو قول الشافعي وخرج أصحابنا صحته على الروايتين في صحة إقراره وتصرفه بإذن وليه، ولا يصح هذا الجمع لان هذا التزام مال لا فائدة له فيه فلم يصح كالتبرع والنذر بخلاف البيع، وإن اختلفا في وقت الضمان بعد بلوغه فقال الصبي قبل بلوغي وقال المضمون له بعد البلوغ فقال القاضي قياس قول أحمد أن القول قول المضمون له لأن معه سلامة العقد فأشبه ما لو اختلفا في شرط فاسد ويحتمل أن القول قول الضامن لأن الأصل عدم البلوغ وعدم وجوب الحق عليه، وهذا قول الشافعي ولا يشبه هذا ما إذا اختلفا في شرط فاسد لأن المختلفين ثم متفقان على أهلية التصرف والظاهر إنهما لا يتصرفان إلا تصرفاً صحيحاً فكان قول مدعي الصحة وههنا في أهلية التصرف وليس مع من يدعي اهلية ظاهر يستند
إليه فلم ترجح دعواه، والحكم فيمن عرف له حال جنون كالحكم في الصبي وإن لم يعرف له حال
جنون فالقول قول المضمون له لأن الأصل عدمه، وأما المحجور عليه لفلس فيصح ضمانه ويتبع به بعد فك الحجر عنه لأنه من أهل التصرف والحجر عليه في ماله لا في ذمته فهو كتصرف الراهن فيما عدا الرهن، فأما العبد فلا يصح ضمانه بغير إذن سيده سواء كان مأذوناً له في التجارة أولا، وبهذا قال ابن أبي ليلى والثوري وابو حنيفة، ويحتمل أن يصح ويتبع به بعد العتق وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأنه من أهل التصرف فصح تصرفه بما لا ضرر فيه على السيد كالإقرار بالإتلاف ولنا أنه عقد تضمن إيجاب فلم يصح بغير إذن السيد كالنكاح وقال أبو ثور إن كان من جهة التجارة جاز وإلا لم يجز فإن ضمن بإذن سيده صح لأن سيده لو أذن في التصرف صح قال القاضي وقياس المذهب تعلق المال برقبته لأنه دين لزمه بفعله فتعلق برقبته كارش جنايته وقال ابن عقيل ظاهر المذهب وقياسه أنه يتعلق بذمة السيد.
وقد ذكر شيخنا هنا روايتين وكذلك ذكره أبو الخطاب كاستدانته بإذن سيده ونسذكر ذلك إن شاء الله تعالى، فإن أذن له سيده في الضمان ليكون القضاء من
المال الذي في يده صح ويكون ما في ذمته متعلقا بالمال الذي ى في يد العبد كتعلق حق الجناية برقبة الجاني كما لو قال الحر لك هذا الدين على أن تأخذ من مالي هذا صح (فصل) ولا يصح ضمان المكاتب بغير إذن سيده كالقن لأنه تبرع بالتزام مال أشبه نذر الصدقة بمال معين ويحتمل أن يصح ويتبع به بعد عتقه كقولنا في العبد وإن ضمن بإذنه ففيه وجهان (أحدهما لا يصح أيضاً لأنه ربما أدى الى تفويت الحرية (والثاني) يصح لأن الحق لهما لا يخرج عنهما فأما المريض فإن كان مرضه غير مخوف أو لم يتصل به الموت فهو كالصحيح وإن كان مرض الموت المخوف فحكم ضمانه حكم تبرعه يحسب من ثلثه لأنه تبرع بالتزام مال لا يلزمه ولم يأخذ عنه عوضاً أشبه الهبة، وإذا فهمت إشارة الأخرس صح ضمانه لا نه يصح بيعه وإقراره وتبرعه أشبه الباطن، ولا يثبت الضمان بكتابته
منفردة عن إشارة يفهم بها أنه قصد الضمان لأنه قد يكتب عبثاً أو تجربة قلم فلم يثبت الضمان به مع الإحتمال ومن لاتفهم إشارته لا يصح مانه لأنه لا يدرى بضمانه وكذلك سائر تصرفاته (مسألة)(ولا يصح إلا برضى الضامن ولا يعتبر رضى المضمون له ولا المضمون عنه ولا معرفة الضامن لها) لا يصح الضمان إلا برضى الضامن فإن أكره عليه لم يصح لأنه التزام مال فلم يصح بغير رضا الملتزم كالنذر ولا يعتبر رضا المضمون له وقال أبو حنيفة ومحمد يعتبر لأنه إثبات مال لآدمي فلم يثبت إلا برضاه أو رضا من ينو ب عنه كالبيع والشراء وعن أصحاب الشافعي كالمذهبين ولنا أن أبا قتادة ضمن من غير رضا المضمون له ولا المضمون عنه فأجاره النبئ صلى الله عليه وسلم
ولأنها وثيقة لا يعتبر فيها قبض فأشبهت الشهادة ولأنه ضمان دين فأشبه ضمان بعض الورثة دين الميت للغائب وقد سلموه، ولا يعبر رضى المضمون حديث أبي قتادة، ولا يعتبر ان يعرفهما الضامن وقال القاضي يعتبر معرفتهما لعيلم هل المضمون عنه أهل لا صطناع المعروف اليه أولاً وليعرف المضمون له فيؤدي اليه وذكر وجهاً آخر أنه يعتبر معرفة المضمون له لذلك ولا تعتبر معرفة المضمون عنه لأنه لا معاملة بينه وبينه ولا صحاب الشافعي ثلاثة أوجه نحو هذا ولنا حديث علي وأبي قتادة فإنهما ضمنا لمن لم يعرفا وعن لم يعرفا ولأنه تبرع بالتزام مال فلم تعتبر معرفة من يتبرع له به كالنذر