الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن كانت واجبة بحكم حاكم أو قلنا بوجوبها بدون حكمه صح ضمانها وإلا فلا وفي صحة ضمان السلم اختلاف نذكره في بابه.
(مسألة) (وإن قضى الضامن الدين متبرعا لم يرجع بشئ لأنه تطوع بذلك أشبه الصدقة وسواء ضمن بإذنه أو بغير إذنه
(مسألة) (وإن نوى الرجوع وكان الضمان والقضاء بغير إذن المضمون عنه فهل يرجع؟ على روايتين
وإن أذن له في أحدهما فله الرجوع باقل الأمرين مما قضى أو قدر الدين) وجملة ذلك أن الضامن متى أدى الدين بينة الرجوع لم يخل من أربعة اقسام (أحدها) أن يضمن بإذن المضمون عنه ويؤدي بأمره فإنه يرجع عليه سواء قال أضمن عني وأد عني أو أطلق، وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف، وقال ابو حنيفة ومحمد إن قال أضمن عني وانقد عني رجع عليه وإن قال أنقد هذا لم يرجع عليه إلا أن يكون مخالطاً له يستقرض منه ويودع عنده لأن قوله أضمن عني وانقد عني اقراره منه بالحق وإذا أطلق صار كأنه قال هب لهذا أو تطوع وإذا كان مخالطاله رجع استحسانا لانه قدر يأمر مخالطه بالنقد عنه ولنا أنه ضمن ودفع بأمره فأشبه مالو كان مخالطاً له أو قال أضمن عني وما ذكراه ليس بصحيح لأنه إذا أمره بالضمان لا يكون إلا لما هو عليه وأمره بالنقد بعد ذلك ينصرف الى ما ضمنه بدليل المخالطة له فيجب عليه أداء ما ادى عنه كما لو صحربه (الثاني) ضمن بأمره وقضى بغير أمره فله الرجوع أيضاً وبه قال مالك والشافعي في أحد الوحوه عنه، والوجه الثاني لا يرجع لأنه دفع بغير أمره أشبه مالو تبرع، الوجه الثالث أنه إن تعذر الرجوع
على المضمون عنه فدفع ما عليه رجع وإلا فلا لأنه تبرع بالدفع
ولنا أنه إذا أذن في الضمان تضمن ذلك إذنه في الإداء لأن الضمان يوجب عليه الإداء فرجع عليه كما لو أذن في الأداء صريحاً (الثالث) ضمن بغير أمره وقضى بأمره فله الرجوع أيضاً وظاهر مذهب الشافعي أنه لا يرجع لأن امره بالقضاء انصرف الى ما وجب بضمانه ولنا أنه أدى دينه بامرمه فرجع عليه كما لو لم يكن ضامناً أو كما لو ضمن بأمره، قولهم إن إذنه في القضاء انصرف الى ما وجب بضمانه قلنا والواجب بضمانه إنما هو إداء دينه وليس هو شيئاً آخر فمتى أداه عنه بإذنه لزمه إعطاؤه بدله (الرابع) ضمن بغير أمره وقضى بغير أمره ففيه روايتان (إحداهما) يرجع وهو قول مالك وعبيد الله بن الحسن واسحاق (والثانية) لا يرجع بشئ وهو قول أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر بدليل حديث علي وأبي قتادة فانهما لو كان يستحقان الرجوع على الميت صار الدين لهما فكانت ذمة الميت مشغولة بدينهما كاشتغالها بدين المضمون له ولم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه تبرع بذلك أشبه مالو علف دوابه وأطعم عبيده بغير أمره.
ووجه الأولى أنه قضاء مبرئ من دين واجب فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم إذا قضى عنه عند امتناعه، فأما علي وأبو قتادة فإنهما تبرعا بالقضاء والضمان فإنهما قضيا دينه قصداً لتبرئة ذمته ليصلي عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع علمهما أنه لم يترك وفاءه والمتبرع لا يرجع بشئ وإنما الخلاف في المحتسب بالرجوع (فصل) ويرع الضامن على المضمون عنه باقل الأمرين مما قضى أو قدر الدين لأنه إن كان الأقل الدين فالزائد لم يكن واجباً فهو متبرع به وإن كان المقضي أقل فإنما يرجع بما غرم ولهذا لو أبرأه غريمه لم يرجع بشئ فإن دفع عن الدين عرضاً رجع بأقل الأمرين من قمته أو قدر الدين لما ذكرنا (فصل) ولو كان على رجلين مائة على كل واحد منهما نصفها وكل واحد ضامن عن صاحب ما عليه فضمن آخر عن أحدهما المائة بأمره وقضاها سقط الحق عن الجميع وله الرجوع على الذي ضمن عنه ولم ين له أن يرجع على الآخر بشئ في إحدى الروايتين لأنه لم يفضي عنه ولا أذن له في القضاء
فإذا رجع على الذي ضمن رجع على الآخر بنضفها إن كان ضمن عنه بإذنه لأنه ضمنها عنه بإذنه وقضاها ضامنه، والرواية الثانية له الرجوع على الآخر بالمائة لأنها وجبت له على من أداها عنه فملك الرجوع بها كالاصل (فصل) وإذا ضمن عن رجل بأمره فطولب الضامن فله مطالبة المضمون عنه بتخليصه لأنه لزمه الآداء عنه بأمره فكانت له المطالبة بتبرئة ذمته وإن لم يطالب الضامن لم يملك مطالبة المضمون عنه لأنه لما لم يكن له الرجوع بالدين قبل غرامته لم تكن له المطالبة قبل طلبه منه وفيه وجه آخر أن له المطالبة لأنه شغل ذمته بإذنه فكانت له المطالبة بتفريغها كما لو استعار عبداً فرهنه كان لسيده مطالبته بفكاكه وتفريغه من الرهن والأولى أولى.
ويفارق الضمان العارية لأن السيد يتضرر بتعويق منافع عبده المستعار فملك المطالبة بما يزيل الضرر عنه والضامن لا يبطل بالضمان شئ من منافعه فأما إن ضمن عنه بغير إذنه لم يملك مطالبة المضمون عنه قبل الآداء بحال لأنه لاحق له يطالب به ولا شغل ذمته بامره فأشبه الأجنبي، وقيل أن ينبني على الروايتين في رجوعه على المضمون عنه بما أدى عنه فإن قلنا لا يرجع فلا مطالبة له بحال وإن قلنا يرجع فحكمه حكم من ضمن عنه بأمره على ما مضى تفصيله (فصل) وإن ضمن الضامن آخر فقضى أحدهما الدين برئ الجميع فإن قضاه المضمون عنه لم يرجع على أحد وإن قضاه الضامن الأول رجع على المضمون عنه دون الضامن الثاني وإن قضاه الثاني رجع على الأول ثم رجع الأول على المضمون عنه إذا كان كل واحد منهما قد أذن لصاحبه فإن لم يكن إذن له ففي الرجوع روايتان، وإن أذن الأول للثاني ولم يأذن المضمون عنه أو إذن المضمون عنه لضامنه ولم يأذن الضامن لضامنه رجع المأذون له على من أذن له ولم يرجع على الآخر على إحدى الروايتين فإن أذن المضمون عنه للضامن الثاني في الضمان ولم يأذن له الضامن الأول رجع على المضمون عنه ولم يرجع على الضامن لأنه إنما يرجع على من أذن له دون غيره