الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال ابن المنذر أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم فيما بيع من أرض أو دار أو حائط والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه وتمكن من بيعه لشريكه وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص والإستخلاص فالذي يقتضيه حسن العشرة أن يبيعه منه ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه وتخليص شريكه من الضرر فإذا لم يفعل ذلك وباعه لأجنبي سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه.
قال شيخنا ولا نعلم احدا خالف هذا إلا الأصم فإنه قال لا تثبت الشفعة فإن في ذلك إضراراً بأرباب الأملاك فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا اشتراه لم يبتعه ويتقاعد الشريك عن الشراء فيستضر المالك وهذا الذي ذكره ليس بشئ لمخالفته الأحاديث الصحيحة والإجماع المنعقد قبله، والجواب عما ذكره من وجهين (أحدهما) أنا نشاهد الشركاء يبيعون ولا يعدم من يشتري منهم غير شركائهم ولم يمنعهم
إستحقاق الشفعة من الشراء (الثاني) أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم فتسقط الشفعة، وإشتقاقها من الشفع وهو الزوج فإن الشفيع كان نصيبه منفرداً في ملكه فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به وقيل إشتقاقها من الزيادة لأن الشفيع يزيد المبيع في ملكه (مسألة)
ولا يحل الإحتيال على إسقاطها فإن فعل لم يسقط
نص عليه أحمد في رواية اسماعيل بن سعيد وقد سأله عن الحيلة في إبطال الشفعة فقال لا يجوز شئ من الحيل في ذلك ولا في إبطال حق مسلم
وبهذا قال أبو أيوب وأبو خيثمة وابن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني، وقال عبد الله بن عمر من يخدع الله يخدعه، ومعنى الحيلة أن يظهرو افي البيع شيئاً لا يؤخذ بالشفعة معه ويتواطئون في الباطن على خلافه مثل أن يشتري شيئاً يساوي عشرة دنانير بألف درهم ثم يقضيه عنها عشرة دنانير أو يشتريه بمائة دينار ويقضيه عنها مائة درهم أو يشتري البائع من المشتري عبداً قيمته مائة بألف في ذمته ثم يبيعه الشقص بالألف أو يشتري شقصاً بألف ثم يبرئه البائع من تسعمائة أو يشتري جزءاً من الشقص بمائة ثم يهب له البائع باقيه أو يهب الشقص للمشتري ويهب المشتري له الثمن أو يعقد البيع بثمن مجهول المقدار كحفنة قراضة أو جوهرة معينه أو سلعة غير موصوفة أو بمائة درهم ولؤلؤة وأشباء هذا فإن وقع ذلك من غير تحيل سقطت الشفعة، وإن تحيلا به على إسقاط الشفعة لم تسقط ويأخذ الشفيع الشقص في الصورة الأولى بعشرة دنانير أو قيمتها من الدراهم وفي الثانية بمائة درهم أو قيمتها ذهباً وفي الثالثة بقيمة العبد المبيع وفي الرابعة بالباقي بعد الإبراء وفي الخامسة يأخذ الجزء المبيع من الشقص بقسطه من الثمن ويحتمل أن يأخذ الشقص كله بجميع الثمن لأنه إنما وهبه بقية الشقص عوضاً عن الثمن الذي اشترى به جزءاً من الشقص وفي السادسة يأخذ بالثمن الموهوب وفي سائر الصور المجهول ثمنها يأخذه بمثل الثمن أو قيمته إن لم يكن مثلياً إذا كان الثمن موجوداً فإن لم يوجد دفع إليه قيمة الشقص لأن الأغلب وقوع العقد على الأشياء بقيمتها وقال أصحاب الرأي والشافعي يجوز ذلك كله وتسقط به الشفعة لأنه لم يأخذ بما وقع البيع به فلم يجز كما لو يكن حيلة
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (من أدخل فرساً بين فرسين ولا يأمن أن يسبق فليس بقماروان أمن أن يسبق فهو قمار) رواه أبو داود وغيره فجعل إدخال الفرس المحل قماراً في الموضع الذي يقصد به إباحة إخراج كل واحد من المتسابقين جعلا مع عدم معنى المحال فيه وهو كونه بحال يحتمل أن يأخذ سبقهما وهذا يل على إبطال كل حيلة لم يقصد بها الااباحة المحرم مع عدم المعنى فيها فاستدل أصحابنا بما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا ترتكبوا ما إرتكب اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل) وقال النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله اليهود إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه وأكلوا ثمنه) متفق عليه ولأن الله تعالى ذم المخادعين له بقوله (يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون) والحيل مخادعة وقد مسخ الله تعالى الذين إعتدوا في السبت قردة بحيلهم فإنه روي عنهم أنهم كانوا ينصبون شباكهم يوم الجمعة ومنهم من يحفر جباباً ويرسل الماء إليها يوم الجمعة فإذا جاءت الحيتان يوم السبت وقعت في الشباك والجباب فيدعوها إلى ليلة الاحد فيأخذونها ويقولون ما إصطدنا يوم السبت شيئاً فمسخهم الله تعالى بحيلتهم وقال تعالى (فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين) قيل يعني به أمة محمد صلى الله عليه وسلم أي ليتعظ بذلك أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيجتنبوا مثل فعل المعتدين ولان الحية خديعة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل الخديعة لمسلم ولان الشفعة وجعت لدفع للضرر فلو سقطت بالتحيل للحق الضرر فلم تسقط كما لو أسقطها المشتري عنه بالوقف