الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما لو فسخ بغير عذر (والثاني) لا شئ له لأن الفسخ مستند إلى موته ولا صنع لرب المال فيه أشبه إذا فسخ العامل قبل ظهور الثمرة (مسألة)
(وكذلك إن هرب العامل ولم يوجد له ما ينفق عليها فهو كما لو مات)
إن كان العقد جائزاً فلرب الأرض الفسخ وإن قلنا بلزومه فوجد الحاكم له مالا أو أمكنه الإقتراض عليه من بيت المال أو غيره فعل وإن لم يمكنه ووجد من يعمل بأجرة مؤجلة إلى وقت إدراك الثمرة فعل فإن تعذر ذلك فلرب المال الفسخ لما ذكرنا، وأما الميت فلا يقترض عليه لأنه لا ذمة له والأولى في هذه الصورة أن لا يكون للعامل أجرة لأنه ترك العمل إختياراً منه فلم يكن له أجره كما لو ترك العمل من غير هرب مع القدرة عليه (مسألة)
(فإن عمل فيها رب المال بإذن حاكم أو إشهاد رجع به وإلا فلا)
قد ذكرنا أن لرب المال الفسخ فإن اختار البقاء على المساقاة لم تنفسخ إذا قلنا بلزومها ويستأذن الحاكم في الإنفاق على الثمرة ويرجع بما أنفق فإن عجز عن إستئذان الحاكم فأفق بنية الرجوع وأشهد على الإنفاق بشرط الرجوع رجع بما أنفق وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأنه مضطر، وإن أمكنه استئذان الحاكم وأنفق بنية الرجوع ولم يستأذنه فهل يرجع بذلك؟ على وجهين بناء على ما إذا قضى دينه بغير إذنه، فإن تبرع بالإنفاق لم يرجع كما لو تبرع بالصدقة والحكم فيما إذا أنفق على الثمرة بعد فسخ العقد إذا تعذر بيعها كالحكم ههنا سواء
(فصل) قال رحمه الله (ويلزم العامل ما فيه صلاح الثمرة وزيادتها من السقي والحرث والزبار والتفليح والتشميس وإصلاح طرق الماء وموضع الشمس) وجملة ذلك أنه يلزم العامل بإطلاق عقد المساقاة ما فيه صلاح الثمرة وزيادتها من حرث الأرض تحت الشجرة والبقر التي تحرث وآلة الحرث وسقي الشجر وإستقاء الماء وإصلاح طرق الماء وقطع الحشيش المضر والشوك وقطع الشجر اليابس وزبار الكرم وقطع ما يتحاج إلى قطعه وتسوية الثمرة وإصلاح الأجاحين وهي الحفر التي يجتمع فيها الماء على أصول التحل وإدارة الدولاب وحفظ
الثمر في الشجر وبعده حتى يقسم، وإن كان مما يشمس فعليه تشميسه لأن إطلاق عقد المساقاة يقتضي ذلك فإن موضوعها على أن العمل من العامل (مسألة)(وعلى رب المال ما فيه حفظ الأصل من شد الحيطان وأجر الأنهار وحفر البئر والدولاب وما يدبره) وكذلك شراء ما يلقح به إذا أطلقا العقد وإن شرطا ذلك كان تأكيداً وقيل ما يتكرر كل عام فهو على العامل ومالا فلا، قال شيخنا وهذا صحيح إلا في شراء ما يلقح به فإنه على رب المال وإن تكرر لأن هذا ليس من العمل، فأما البقرة التي تدير الدولاب فقال أصحابنا هي على رب المال لأنها ليست من العمل أشبه ما يلقح به، قال شيخنا والأولى أنها على العامل لأنها تراد للعمل أشبهت بقر الحرث ولأن
إستقاء الماء على العامل إذا لم يحتج إلى بهيمة فكان عليه وإن احتاج إليها كغيره من الأعمال وقال بعض أصحاب الشافعي ما يتعلق بالأصول والثمرة معا ككسح النهر هو على من شرط عليه منهما وإن أهمل شرط ذلك على أحدهما لم تصح المساقاة وقد ذكرنا ما يدل على أنه من العامل، فأما تسميد الأرض بالزبل إذا احتاجت إليه فتحصيله على رب المال لأنه ليس من العمل أشبه ما يلقح به وتفريقه في الأرض على العامل كالتلقيح.
(فصل) فإن شرطا على أحدهما شيئاً مما يلزم الآخر فقال القاضي وابو الخطاب لا يجوز ذلك فعلى هذا تفسد المساقاة وهو مذهب الشافعي لأنه شرط يخالف مقتضى العقد فأفسده كالمضاربة إذا شرط العمل فيها على رب المال، وقد روي عن أحمد ما يدل على صحة ذلك فإنه ذكر أن الجذاذ عليهما فإن شرطه على العامل جاز لأنه شرط لا يخل بمصلحة العقد ولا مفسدة فيه فصح كتأجيل الثمن في البيع وشرط الرهن والضمين والخيار فيه لكن يشترط أن يكون ما يلزم كل واحد منهما من العمل معلوماً لئلا يفضي إلى التنازع فيختل العمل، وإن لا يكون على رب المال أكثر العمل ولا نصفه لأن العامل إنما يستحق بعمله فإذا لم يعمل أكثر العمل كان وجود عمله كعدمه فلا يستحق شيئاً (فصل) فإن شرط أن يعمل معه غلمان رب المال فهو كعمل رب المال فأن يد الغلام كيد مولاه وقال
أبو الخطاب فيه وجهان أحدهما كما ذكرنا والثاني يجوز لأن غلمانه ماله فجاز أن يجعل تبعاً لماله كثور
الدولاب وكما يجوز في القراض أن يدفع إلى العامل بهيمة يحمل عليها، وأما رب المال لا يجوز جعله تبعاً وهذا قول مالك والشافعي ومحمد بن الحسن، فإذا شرط غلماناً يعملون معه فنفقتهم على ما يشترطان عليه فإن أطلقا فهي على رب المال وبهذا قال الشافعي وقال مالك نفقتهم على المساقي ولا ينبغي أن يشرطها على رب المال لأن العمل على المساقي فمؤنة من يعمله عليه كمؤنة غلمانه ولنا أنه مملوك رب المال فكانت نفقته عليه عند الإطلاق كما لو أجرة فإن شرطها على العامل جاز ولا يشترط تقديرها وبه قال الشافعي وقال محمد بن الحسن يشترط لأنه إشترط عليه مالا يلزمه فوجب أن يكون معلوماً كسائر الشروط ولنا أنه لو وجب تقديرها لوجب ذكر صفاتها ولا يجب ذلك فلم يجب تقدبرها ولابد من معرفة الغلمان المشروط عملهم برؤية أو صفة تحصل بها معرفتهم كما في عقد الإجارة (فصل) فإن شرط العامل أن أجر الأجراء الذين يحتاج الى الاستعانة بهم من الثمرة وقدر الأجرة لم يصح لأن العمل عليه فإذا شرط أجرة من المال لم يصح كما لو شرط لنفسه أجر عمله وكذلك إن لم يقدره لذلك لأنه مجهول، ويفارق هذا ما إذا شرط المضارب أجر من يحتاج إليهم من الحمالين ونحوهم لأن ذلك لا يلزم العامل فكان على المال ولو شرط أجرما يلزمه عمله بنفسه لم يصح (مسألة)(وحكم العامل حكم المضارب فيما يقبل قوله فيه وفيما يرد)
لأن رب المال ائتمنه فأشبه المضارب فإن إتهم حلف وإن ثبتت خيانته ضم إليه من اشاء ربه كالوصي إذا ثبتت خيانته فإن لم يمكن حفظه استؤجر من ماله من يعمل عمله، وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب مالك لا يقام غيره مقامه بل يحفظ منه لأن فسقه لا يمنع استيفاء المنافع المقصودة منه فأشبه ما لو فسق بغير الخيانة ولنا أنه تعذر استيفاء المنافع المقصودة منه فاستوفيت بغيره كما لو هرب ولانسلم إمكان استيفاء المنافع
منه لأنه لا يؤمن من تركها ولا يوثق منه بفعلها ولا نقول إن له فسخ المساقاة وإنما نقول لما لم يمكن حفظها من خيانتك أقم غيرك يعمل ذلك وارفع يدك عنها لأن الأمانة قد تعذرت في حقك فلا يلزم رب المال أئتمانك وفارق فسقه بغير الخيانة فإنه لا ضرر على رب المال فيها وههنا يفوت ماله، فإن عجز عن العمل لضعفه مع أماننه ضم إليه غيره ولا تنزع يده لأن العمل مستحق عليه ولا ضرر في بقاء يده عليه وإن عجز بالكلية أقام مقامه من يعمل والأجرة عليه في الموضعين لأن عليه تمام العمل وهذا من تمامه (فصل) ويملك العامل حصته من الثمرة بظهورها فلو تلفت كلها إلا واحدة كانت بينهما وهذا أحد قولي الشافعي والثاني يملكه بالمقاسمة كالمضارب ولنا أن الشرط صحيح فيثبت مقتضاه كسائر الشروط الصحيحة ومقتضاه كون الثمرة بينهما على كل حال، وأما القراض فنقول إنه يملك الربح بالظهور كمسئلتنا وإن سلم فالفرق بينهما أن الربح وقاية
لرأس المال فلم يملك حتى سلم رأس المال لربه وهذا ليس بوقاية لشئ فإنه لو تلفت الأصول كلها كان الثمر بينهما.
إذا ثبت ذلك فإنه يلزم كل واحد منهما زكاة حصته إذا بلغت نصاباً نص عليه أحمد في المزارعة فإن لم تبلغ نصاباً الا بجمعهما لم تجب الاعلى قولنا أن الخلطة تؤثرفي غير السائمة، فيبدأ بإخراج الزكاة ثم يقسمان ما بقي فإن بلغت حصة أحدهما نصاباً دون الآخر فعلى من بلغت حصته نصاباً الزكاة وحده يخرجها بعد المقاسمة إلا أن يكون لمن لم تبلغ حصته نصاباً ما يتم به النصاب من موضع آخر فيجب عليهما جميعاً، وإن كان أحدهما لا زكاة عليه كالمكاتب والذمي فعلى الآخر زكاة حصته إن بلغت نصاباً وبهذا كله قال مالك والشافعي وقال الليث إن كان شريكه نصرانياً أعلمه أن الزكاة مؤداة في الحائط ثم يقاسمه بعد الزكاة ما بقي ولنا أن النصراني لا زكاة عليه فلم يخرج من حصته شئ كما لو انفرد بها وقد روى أبو داود سنته عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة فخيرض النخيل حين يطيب قبل أن يؤكل ثم يخبر يهود خيبر أيأخذونه بذلك الخرص أم يدفعونه إليهم بذلك الخرص؟ لكي تحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار ويفترق قال جابر خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسق وزعم
أن اليهود لما خيرهم ابن رواحة أخذوا الثمر وعليهم عشرون ألف وسق (فصل) وإن ساقاة على أرض خراجيه فالخراج على رب المال لأنه يجب على الرقبة بدنه أليل
تجب سواء أثمرت الشجرة أو لم تثمر ولأن الخراج يجب أجرة للأرض فكان على رب الأرض كما لو اسنأجر أرضا وزارع غيره فيها وبه قال الشافعي، وقد نقل أحمد في الذي يتقبل الأرض البيضاء لعمل عليها وهي من أرض السواد يقبلها من السلطان فعلى من تقبلها أن يؤدي وظيفة عمر رضي الله عنه ويؤدي العشر بعد وظيفة عمر وهذا معناه والله أعلم إذا دفع السلطان أرض الخراج إلى رجل يعملها ويؤدي خراجها فأنه يبدأ بخراجها ثم يزكي ما بقي كما ذكر الخراقي في باب الزكاة ولا تنافي بين ذلك وبين ما ذكرناه ههنا (فصل) ولا يجوز أن يجعل له فضل دراهم زائدة على ما شرط له من الثمرة بغير خلاف لأنه ربما يحدث من النماء بقدر تلك الدراهم فيضر برب المال ولذلك معنا من إشتراط أقفزة معلومة فإن جعل له ثمرة سنة غير السنة التي ساقاه عليها فيها أو ثمر شجر غير الشجر الذي ساقاه عليه لم يجز وكذلك لو شرط عليه في غير الشجر الذي ساقاه عليه أو عملا في السنة فهذا يفسد العقد سواء جعل ذلك كله حقه أو بعضه أو جميع العمل أو بعضه لأنه يخالف موضع المساقاة إذ موضوعها أن يعمل في شجر معين بجزء مشاع من ثمرته في ذلك الوقت الذي يستحق عليه فيه العمل (فصل) إذا ساقاه رجلاً أو زارعة فعامل العامل غيره على الأرض أو الشجر لم يجز وبه قال أبو يوسف وأبو ثور وأجازه مالك إذا جاء برجل أمين
ولنا أنه عامل في المال بجزء من نمائه فلم يجز أن يعامل غيره فيه كالمضارب ولأنه إنما أذن له في العمل فيه فلم يجز أن يأذن لغيره كالوكيل، فأما إن استأجر أرضاً فإنه يزارع غيره فيها لأن منافعها صارت مستحقة له فملك المزارعة فيها كالمالك والأجرة على المستأجر دون المزارع كما ذكرنا في الخراج وكذلك يجوز لمن في يده أرض خراجية أن يزارع فيها لأنها كالمستأجرة وللموقوف عليه أن يزارع
في الوقف ويساقي على شجره لأنه أما مالك لرقبة ذلك أو بمنزلة المالك ولا نعلم فيه خلافا عند من أجاز المساقاة والمزارعة (فصل) وإن ساقاه على شجرفبان مستحقاً بعد العمل أخذه وبه وثمرته لأنه عين ماله ولاحق للعامل في ثمرته ولانه عمل فيها بغير إذن مالكها ولا أجرة له لذلك وله على الغاصب أجر مثله لأنه غره واستعمله فأشبه مالو غصب نقرة واستأجر من ضربها دراهم، وإن شمس الثمرة فلم تنقص أخذهما ربها وإن نقصت فله أرش نقصها ويرجع به على من شاء منهما ويستقر الضمان على الغاصب، وان استحقت بعد أن اقتسماها وأكلاها فللمالك تضمين من شاء منهما فإن ضمن الغاصب فله تضمينه الكل وله تضمينه قدر نصيبه وتضمين العامل قدر نصيبه لأن الغاصب سبب يد العامل فلزمه ضمان الجميع فإن ضمنه الكل رجع على العامل بقدر نصيبه لأن التلف حصل في يده فاستقر الضمان عليه ويرجع العامل على الغاصب بأجر مثله ويحتمل أن لا يرجع الغاصب على العامل بشئ لأنه غره فلم يرجع عليه كما لو أطعم إنساناً