الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا أنه عبر عن عقد بلفظ عقد يشاركه في المعنى المشهور به في الإشتقاق فصح كما لو عقد بلفظ البيع في السلم، وهكذا إن قال في الأرض البيضاء ساقيتك على هذه الأرض بنصف ما يزرع فيها، فإن قال ساقيتك على الشجر بالنصف ولم يذكر الأرض لم تدخل في العقد، وليس للعامل أن يزرع وبه قال الشافعي، وقال مالك وأبو يوسف: الداخل زرع البياض، فإن تشارطا أن ذلك بينهما فهو جائز، وإن اشترط
صاحب الأرض أنه يزرع البياضن لم يصح لأن الداخل يسقي لرب الأرض فتلك زيادة ازدادها عليه ولنا أن هذا لم يتناوله العقد فلم يدخل فيه كما لو كانت أرضاً منفردة (فصل) وإن زارعه أرضاً فيها شجرات يسيرة لم يجز أن يشترط العامل ثمرتها وبه قال الشافعي وابن المنذر وأجازه مالك اذا كان الشجر يقدر الثلث أو أقل لأنه يسير فيدخل تبعاً، ولنا أنه اشترط الثمرة كلها فلم يجز كما لو كان الشجر أكثر من الثلث (فصل) وإن أجره بياض الأرض وساقاه على الشجر الذي فيها جاز لأنهما عقدان يجوز افراد كل واحد منهما فجاز الجمع بينهما كالبيع والإجارة، وقيل لا يجوز بناء على الوجه الذي لا يجوز الجمع بينهما في الأصل والأول أولى إلا أن يفعلا ذلك حيلة على شراء الثمرة قبل وجودها أو قبل بدو صلاحها فلا يجوز سواء جمعا بين العقدين أو عقدا أحدهما بعد الآخر لما ذكرنا في إبطال الحيل (مسألة)
(ولا يشترط كون البذر من رب الأرض وظاهر المذهب اشتراطه)
اختلفت الرواية عن أحمد في هذه المسألة فروى عنه اشتراط كون البذر من رب الأرض نص
عليه في رواية جماعة وهو اختيار الخرقي وعامة الأصحاب وهو قول ابن سيرين والشافعي واسحاق لأنه عقد يشترك رب المال والعامل في نمائه فوجب أن يكون رأس المال كله من عند أحدهما كالمساقاة والمضاربة، وروي عنه ما يذل على أن البذر يجوز أن يكون من العامل فإنه قال في رواية منها في الرجل يكون له الأرض فيها نخل وشجر يدفعها إلى قوم يزرعون الأرض ويقومون على الشجر على أنه له النصف ولهم النصف فلا بأس بذلك فدفع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر على هذا، فأجاز دفع الأرض ليزرعها من غير ذكر البذر، فعلى هذا أيهما أخرج البذر جاز، روي نحو ذلك عن عمر رضي الله عنه وهو قول أبي يوسف وطائفة من أهل الحديث وهو أصح إن شاء الله تعالى وروي عن سعد وابن مسعود وابن عمر أن البذر من العامل، ولعلهم أرادوايه أنه يجوز أن يكون من العامل فيكون كقول عمر ولا يكون قولاً ثالثاً، والدليل على ذلك قول ابن عمر دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر نخل خيبر وأرضها على أن يعملوها من أموالهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم شطر ثمرها
وفي لفظ على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها فجعل عملها من أموالهم وزرعها عليهم ولم يذكر شيئاً آخر وظاهره أن البذر من أهل خيبر، والأصل المعمول به في المزارعة قصة خيبر ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم إن البذر على المسلمين ولو كان شرطا لما أخل بذكره ولو فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لنقل ولم يجز ترك نقله ولأن عمر رضي الله عنه فعل الأمرين جميعاً فروي البخاري عنه أنه عامل الناس على
أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر وان جاء وابالبذر فلهم كذا، وظاهر هذا أن ذلك اشتهر فلم ينكر فكان اجماعا، فإن قيل هذا بمنزلة بيعتين في بيعه فكيف يفعله عمر؟ قلنا يحمل على أنه فعل ذلك ليخيرهم في أي العقدين شاءوا فمن اختار عقداً عقده معه معيناً كما لو قال في البيع إن شئت بعتك بعشرة صحاح وإن شئت بأحد عشر مكسرة فاختار أحدهما فعقد البيع عليه معيناً، ويجوز أن يكون مجيئه بالبذر أو شروعه في العمل بغير بذر مع إقرار عمر له على ذلك وعمله به جرى مجرى العقد، ولهذا روي عن أحمد صحة الإجارة فيما إذا قال إن خطته روميا فلك درهم وإن خطته فارسيا فلك نصف درهم، وما ذكره أصحابنا من القياس يخالف ظاهر النص والإجماع الذي ذكرنا هما فكيف يعمل به؟ ثم هو منتقض بما إذا اشترك مالان ببدن صاحب أحدهما (فصل) فإن كان البذر منهما نصفين وشرطا أن الزرع بينهما نصفان فهو بينهما سواء قلنا بصحة المزارعة أو فسادها لأنها إن كانت صحيحة فالزرع بينهما على ما شرطاه وإن كانت فاسدة فلكل واحد منهما بقدر بذره لكن إن حكمنا بصحتها لم يرجع أحدهما على صاحبه بشئ وان وإن قلنا من شرط صحتها أن يكون البذر من رب الأرض فهي فاسدة فعلى العامل نصف أجر الأرض وله على رب الأرض نصف أجر عمله فيتقاصان بقدر الأقل منهما ويرجع أحدهما على صاحبه بالفضل، وإن شرطا التفاضل في الرزع وقلنا بصحتها فالزرع بينهما على ما شرطاه ولا تراجع وإن قلنا بفسادها فالزرع بينهما