الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة)(وان غصب جارحاً فصاد أو شبكة أو شركاً فامسك شيئا غاو فرساً فصاد عليه أو أو غنم فهو لمالكه) كما لو غصب عبداً فصاد فان الصيد لسيد العبد ويحتمل أنه للغاصب لأن الصائد والجارحة آلة ولهذا اكتفى بتسميته عند إرسال الجارح وفيما إذا غصب فرساً أو سهماً أو شبكة فصاد به وجه آخر أنه للغاصب لأن الصيد حصل بفعله وهذه آلات فأشبه مالو ذبح بسكين غيره فان قلنا هو للغاصب فعليه أجرة ذلك كله مدة مقامه في يده إن كان له أجر وإن قلنا هو للمالك لم يكن له أجر في مدة اصطياده في أحد الوجهين لأن منافعه في هذه المدة عادة إلى المالك فلم يستحق عوضها على غيره كما لو زرع أرض إنسان فأخذ المالك الزرع بنفقته والثاني عليه أجر المثل لأنه استوفى منافعه أشبه مالو لم يصد، ولو غصب عبداً فصاد أو كسب فالكسب للسيد وفي وجوب أجرة العبد على الغاصب في مدة كسبه وصيده الوجهان وإن غصب منجلاً فقطع به خشباً أو حشيشاً فهو للغاصب لأن هذه آلة فهو كالحبل يربط به.
(مسألة) (وإن غصب ثوباً فقصره أو غزلاً فنسجه أو فضة أو حديداً فضربه أو خشباً فنجره أو
شاة فذبحها وشواها رد ذلك بزيادته وأرش نقصه)
ولا شئ له هذا ظاهر المذهب وهو قول الشافعي وقال أبو حنيفة في هذه المسائل ينقطع حق صاحبها عنها إلا أن الغاصب لا يجوز له التصرف فيها إلا بالصدقة إلا أن يدفع قيمته فيملكها ويتصرف
فيها كيف شاء وروى محمد بن الحكم عن أحمد ما يدل على أن الغاصب يملكها بالقيمة إلا أنه قول قديم رجع عنه فإن محمداً مات قبل أبي عبد الله بنحو من عشرين سنة واحتجوا بما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم زار قوماً من الأنصار في دارهم فقدموا إليه شاة مشوية فتناول منها لقمة فجعل يلوكها ولا يسيغها فقال (إن هذه الشاة لتخبرني أنها أخذت بغير حق) قالو نعم يا رسول الله طلبنا في السوق فلم نجد فأخذنا شاة لبعض جيراننا ونحن نرضيهم من ثمنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أطعموها الأسرى) رواه أبو داود بنحو من هذا وهذا يدل على أن حق أصحابها انقطع عنها لولا ذلك لامر يردها عليهم ولنا أن عين مال المغصوب منه قائمة فلزم ردها إليه كما لو ذبح الشاة ولم يشوها ولأنه لو فعله بملكه لم يزل عنه فكذلك إذا فعله يملك غيره كذبح الشاة وضرب النقرة دراهم ولأنه لا يزيل الملك إذا كان بغير فعل آدمي فلم يزله إذا فعله آدمي كالذي ذكرناه وأما الخبر فليس بمعروف كما رووه في رواية أبي داود ونحن نرضيهم عنها.
إذا ثبت هذا فإنه لا شئ للغاصب بعمله سواء زادت العين أولم تزدوهذا مذهب الشافعي وعنه يكون شريكا بالزيادة ذكرها أبو الخطاب لأنها حصلت بمنافعه والمنافع أجريت مجرى الأعيان أشبه مالو غصب ثوباً فصبغه والمذهب الأول ذكره أبو بكر والقاضي لأن الغاصب عمل
في ملك غيره بغير إذنه فلم يستحق لذلك عوضاً كما لو أغلى زيتاً فزادت قيمته أو بنى حائطاً لغيره أو زرع حنطة إنسان في أرضه فأما صبغ الثوب فإن الصبغ عين مال لا يزول ملك صاحبه عنه بجعله مع ملك غيره وهذا حجة عليه لأنه إذا لم يزل ملكه عن صبغه بجعله في ملك غيره وجعله كالصفة فلأن لا يزول ملك غيره بعلمه فيه أولى فإن احتج بأن من زرع في أرض غيره ترد عليه نفقته قلنا الزرع ملك للغاصب
لأنه عين ماله ونفقته عليه تز داد به قيمته فإذا أخذه مالك الأرض احتسب بما أنفق على ملكه وفي مسئلتنا عمله في ملك المغصوب منه بغير إذنه فكان لاغياً على أننا نقول إنما تجب قيمة الزرع على إحدى الروايتين وقال أبو بكر يملكه وعليه قيمته لما روى محمد بن الحكم ووجهه كما ذكرنا والصحيح الأول (فصل) فإن نقصت العين دون القيمة رد الموجود وقيمة النقص وان نقصت اليعن القيمة ضمنهما معا كالزيت إذا أغلاه وهكذا القول في كل ما تصرف فيه كنقرة ضربها دراهم أو حلياً أو طيناً جعله لبناً أو عزلا نسجه أو ثوبا قصره لأنه نقص بفعل غير مأذون فيه أشبه مالو أتلف بعضه وإن جعل فيه شيئاً من عين ماله مثل أن سمر الدفوف بمساميره فله قلعها ويضمن ما نقصت الدفوف، وإن كانت المسامير من الخشبة المغصوبة أو مال المغصوب منه فلا شئ للغاصب وليس له قلعها إلا أن يأمره
المالك فيلزمه، وإن كانت المسامير للغاصب فوهبها للمالك لم يجبر على قبلوها في أقوى الوجهين وان استأجر الغاصب على عمل شئ من هذا الذي ذكرناه فالأجر عليه والحكم في زيادته ونقصه كما لو فعل ذلك بنفسه وللمالك تضمين النقص من شاء منهما فإن غرم الغاصب لم يرجع على أحد إذا لم يعلم الأجير الحال وإن ضمن الأجير رجع على الغاصب لأنه أتلف مال غيره بغير إذنه عالماً بالحال، وإن ضمن الغاصب رجع على الأجير لأن النقص حصل منه فاستقر الضمان عليه وإن استعان بمن فعل ذلك فهو كالأجير.
(مسألة)(وان غصب أرضاً فحفر فيها بئراً ووضع ترابها في أرض مالكها لم يملك طمها إذا أبرأه المالك من ضمان ما يتلف بها في أحد الوجهين) إذا طمه المالك بطمها لزمه لأنه يضر بالأرض ولأن التراب ملكه نقله من موضعه فلزمه رده كتراب الأرض وكذلك لو حفر فيها نهراً أو حفر بئراً في ملك رجل بغير إذنه، وإن أراد الغاصب طمها فمنعه المالك نظرنا فإن كان له غرض في طمها بأن يسقط عنه ضمان ما يقع فيها أو يكون قد نقل ترابها إلى ملكه أو ملك غيره أو طريق يحتاج إلى تفريغه فله ذلك لما فيه من الغرض وبه قال الشافعي وإن لم يكن له غرض مثل أن يكون قد وضع التراب في ملك المغصوب وأبرأه من ضمان ما يتلف بها لم يكن له
طمها في أحد الوجهين لأنه إتلاف لا نفع فيه فلم يكن له فعله كما لو غصب نقرة فطبعها دراهم ثم
أراد ردها نقرة وبهذا قال أبو حنيفة والمزني وبعض الشافعية وقال بعضهم له طمها وهو الوجه الثاني لنا لأنه لا يبرأ من الضمان بإبراء المالك لكونه أبرأ مما لم يجب بعد وهو أيضاً إبراء من حق غيره وهو الواقع فيها ولنا أن الضمان إنما يلزمه لوجود التعدي فإذا رضي صاحب الأرض زال التعدي فزال الضمان وليس هذا إبراء مما يجب إنما هو إسقاط التعدي برضاه به وهكذا ينبغي أن يكون الحكم إذا لم يتلفظ بالإبراء لكن منعه من طمها لأنه يتضمن رضاه بذلك (مسألة)(وإن غصب حبا فزرعه أو نوى فصار غرساً أو بيضاً فصار فراخاً رده ولا شئ للغاصب لأنه عين مال المغصوب منه ويتخرج أن يملكه الغاصب كما إذا قصر الثوب أو ضرب الفضة لكونه غيره بفعله فالتغيير في البيضة أعظم فإنه استحال بزوال اسمه، فعلى هذا يتخرج أيضاً أن يكون شريكا بالزيادة كالمسألة الأولى (فصل) وإن غصب دجاجة فباضت عنده ثم حضنت بيضها فصار فراخا فهما لما لكها ولا شئ للغاصب في علفها.
قال أحمد في طيرة جاءت إلى دراه قوم فأفرخت عندهم يردها وفراخها إلى أصحاب الطيرة ولا شئ للغاصب فيما عمل وإن غصب شاة فأنزا عليها فحله فالولد لصاحب الشاة لأنه من نمائها وإن غصب فحلا فانراه عل شاته فالولد لصاحب الشاة لانه يتبع الامام ولا أجرة له لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عسب الفحل، وإن نقصه الضراب ضمنه وإن نقص المغصوب لزمه ضمان نقصه بقيمته رقيقاً
كان أو غيره وبه قال الشافعي وعن أحمد في العبد رواية أخرى أنه يضمن بما يضمن به في الإتلاف فيجب في يده نصف قيمته وفي موضحته نصف عشر قيمته وهو قول بعض أصحاب الشافعي لأنه ضمان لأبعاض العبد فكان مقدراً من قيمته كأرش الجناية ولنا أنه ضمان مال من غير جناية فكان الواجب ما نقص كالبهيمة وكنقص الثوب يحققه أن القصد بالضمان جبر حق المالك بإيجاب قدر المفوت عليه وقدر النقص هو الجابر ولأنه لو فات الجميع لو جبت قيمته فإذا
فات منه شئ وجب قدره من القيمة كغير الحيوان وضمان الجناية على أطراف العبد معدول به عن القياس للإلحاق بالجناية على الحر والواجب ههنا ضمان اليد وهي لا تثبت على الحر فوجب البقاء فيه على موجب الأصل وإلحاقه بسائر الأموال المغصوبة على أن في الجناية على العبد رواية أنه يضمن بما نقص فتنفض الروايتان والتفريع على الأول، ويتخرج أن يضمنه بأكثر الامريين منهما لأن سبب كل واحد منهما قد وجد، فأما إن كان النقص في الرقيق مما لا مقدر فيه كنقصه لكبر أو مرض أو شجه دون الموضحة فعليه ما نقص مع الرد لا غير لا نعلم فيه خلافاً فإن كان العبد أمرد فنبتت ليحته فنقصت قيمته وجب ضمان نقصه وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يجب ضمانه لأن الفائت لا يقصد قصداً صحيحاً أشبه الصناعة المحرمة، ولنا أنه نقص في القبمة بتغير صفة فيضمنه كبقية الصور