الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرط استقر الضمان عليه فإن ضمن لم يرجع على أحد وإن ضمن الدافع رجع عليه لأنه وإن كان يقر بأنه قبضه قبضاً شرعياً لكن إنما لزمه الضمان لتفريطه وتعديه فالدافع يقول ظلمني المالك بالرجوع علي وله على الوكيل حق يعتردف به الوكيل فيرجع عليه به
(مسألة) (فإن كان ادعى أن صاحب الحق أحاله ففي وجوب الدفع إليه مع التصديق واليمين مع الإنكار وجهان
.
(أحدهما) لا يلزمه الدفع إليه لان الدفع اليه غرى مبرئ لاحتمال أن ينكر المحيل الحوالة ويضمنه فأشبه المدعي للوكالة (والثاني) يلزمه الدفع إليه لأنه معترف أن الحق انتقل إليه أشبه الوارث والأول أشبه لأن العلة في جواز منع الوكيل كون الدافع لا يبرئ وهي موجودة ههنا والعلة في وجوب الدفع إلى الوارث كونه مستحقاً والدفع إليه يبرئ وهو متخلف ههنا فإلحاقه بالوكيل أولى وإن قلنا يلزمه الدفع مع الإقرار لزمته اليمين مع الإنكار وإن قلنا لا يلزمه الدفع مع التصديق لم تلزمه اليمين مع الإنكار لعدم الفائدة فيها ومثل هذا مذهب الشافعي (مسألة)(وإن ادعى أنه مات وأنا وارثه فصدقه أنه وارث الحق لا وراث له سواه لزمه الدفع إليه) بغير خلاف نعلمه لأنه مقر له بالحق وأنه يبرأ بهذا الدفع فلزمه كما لو جاء صاحب الحق وإن أنكر لزمته اليمين أنه لا يعلم صحة ما قال لأن اليمين ههنا على نفي فعل الغير فكانت على نفي العلم وإنما لزمته اليمين ههنا لأن من لزمه الدفع مع الإقرار لزمته اليمين مع الإنكار كسائر الحقوق المالية (فصل) ومن طلب منه حق فامتنع من دفعه حتى يشهد القابض على نفسه بالقبض وكان الحق
عليه بغير بينة لم يلزم القابض الإشهاد لأنه لا ضرر في ذلك فإنه متى ادعى الحق على الدافع بعد ذلك قال لا تستحق علي شيئاً والقول قوله مع يمينه وإن كان الحق ثبت ببينة وكان من عليه الحق بقبل قوله في الرد كالمودع والوكيل بلا جعل فكذلك لأنه متى ادعى عليه حق أو قامت به بينة فالقول في الرد قوله، وإن كان ممن لا يقبل قوله في الرد أو يختلف في قبول قوله كالغاصب والمستعير والمرتهن لم يلزمه تسليم ما قبله إلا بالإشهاد لئلا ينكر القابض القبض ولا يقبل قول الدافع في الرد وإن أنكر قامت عليه البينة ومتى أشهد القابض على نفسه بالقبض لم يلزمه تسليم الوثيقة بالحق إلى من عليه الحق لأن بينة القبض تسقط البينة الأولى والكتاب ملكه فلا يلزمه تسليمه إلى غيره (فصل) في الشهادة على الوكالة إذا شهد بالوكالة رجل وامرأتان أو شاهد وحلف معه فقال
أصحابنا فيها روايتان (إحداهما) تثبت بذلك إذا كانت الوكالة في المال قال أحمد في الرجل يوكل وكيلاً ويشهد على نفسه رجلاً وامرأتين إذا كانت المطالبة بدين فأما غير ذلك فلا (والثانية) لا تثبت إلا بشاهدين عدلين نقلها الخرقي في قوله ولا تقبل فيما سوى الأموال مما يطلع عليه الرجال أقل من رجلين وهذا قول الشافعي لأن الوكالة إثبات للتصرف ويحتمل أن يكون قول الخرقي كالرواية الأولى لأن الوكالة في المال يقصد بها المال فقبل شهادة النساء مع الرجال كالبيع والقرض.
وإن شهدا بوكالة ثم قال أحدهما قد عزله لم تثبت وكالته بذلك، وإن كان الشاهد بالعزل أجنبياً لم يثبت العزل بشهادته وجده لأن العزل لا يثبت إلا بما يثبت به التوكيل، ومتى عاد أحد الشاهدين بالتوكيل فقال
قد عزله لم بحكم بشهادتهما لأنه رجوع عن الشهادة قبل الحكم بها فلا يجوز للحاكم الحكم بما رجع عنه الشاهد وإن كان حكم الحاكم بشهادتهما ثم قال أحدهما قد عزله بعد ما وكله لم يلتفت إلى قوله لأن الحكم قد نفذ بالشهادة ولم يثبت العزل فإن قالا جميعاً كان قد عزله ثبت العزل لأن الشهادة قد تمت في العزل كتمامها في التوكيل (فصل) فإن شهد أحدهما أنه وكله يوم الجمعة وشهد آخر انه وكله يوم السبت لم تتم الشهادة لأن التوكيل يوم الجمعة غير التوكيل يوم السبت فلم تكمل شهادتهما على فعل واحد، وإن شهد أحدهما أنه أقر بتوكيله يوم الجمعة وشهد آخر انه أقر به يوم السبت تمت الشهادة لأن الإقرارين أخبار عن عقد واحد ويشق جمع الشهود ليقر عندهم حالة واحدة فجوز له الإقرار عند كل واحد وحده وكذلك لو شهد أحدهما أنه أقر عنده بالوكالة بالعجمية وشهد آخر انه أقربها بالعريبة ثبتت، ولو شهد أحدهما أنه قال وكله بالعربية وشهد الآخر أنه وكله بالعجمية لم تكمل الشهادة لأن التوكيل بالعربية غير التوكيل بالعجمية فلم تكمل الشهادة على فعل واحد، وكذلك لو شهد أحدهما أنه قال وكلتك وشهد الآخر أنه قال أذنت في التصرف أو أنه قال جعلتك وكيلاً أو شهد أنه قال جعلتك جرياً لم تتم الشهادة لأن اللفظ مختلف والجري الوكيل، ولو قال أحدهما أشهد أنه وكله وقال الآخر أشهد أنه أذن له في التصرف تمت الشهادة لأنهما لم يحكيا لفظ الموكل وإنما عبرا عنه بلفظهما واختلاف لفظهما لا يؤثر إذا اتفق معناه، ولو قال أحدهما أشهد أنه أقر عندي أنه وكيله وقال الآخر أشهد أنه أقر عندي أنه
جريه أو أنه أوصى إليه بالتصرف في حياته ثبتت الوكالة بذلك، ولو شهد احد بأنه وكل في بيع عبده وشهد الآخر أنه وكله وزيداً أو شهد أنه وكله في بيعة وقال لاتبعه حتى تستأمرني أو تستأمر فلاناً لم تتم
الشهادة لأن الأول أثبت استقلالاً بالبيع من غير شرط والثاني ينفي ذلك فكانا مختلفين، وإن شهد أحدهما أنه وكله في بيع عبده وشهد الآخر أنه وكله في بيع عبده وجاريته حكم بالوكالة في العبد لاتفاقهما عليه وزيادة الثاني لا تقدح في تصرفه في الأول فلا تضرو هكذا لو شهد أحدهما أنه وكله في بيعه لزيد وشهد الآخر أنه وكله في بيعه لزيد وإن شاء لعمرو (فصل) ولا تثبت الوكالة والعزل بخبر الواحد وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة تثبت بخبر الواحد وإن لم يكن ثقة ويجوز التصرف للخبر بذلك اذا غلب على ظنه صدق المخبر بشرط الضمان إن أنكر الموكل ويثبت العزل بخبر الواحد إذا كان رسولاً لأن اعتبار شاهدين عدلين في هذا يشق فسقط اعتباره ولأنه أذن في التصرف ومنع منه فلم تعتبر فيه شروط الشهادة كاستخدام غلامه ولنا أنه عقد مالي فلا يثبت بخبر الواحد كالبيع وفارق الاستخدام فإنه ليس بعقد ولو شهد اثنان ان فلانا الغائب وكل فلاناً الحاضر فقال الوكيل ما علمت هذا وأنا أتصرف عنه ثبتت الوكالة لأن معنى ذلك أني لم أعلم إلى الآن وقبول الوكالة بجوز متراخيا وليس من شرط التوكيل حضور الوكيل ولا عمله فلا يضر جهله به وإن قال ما أعلم صدق الشاهدين لم تثبت وكالته لقدحه في شهادتهما وإن قال ما علمت وسكت قيل له فسر فإن فسر بالأول ثبتت وكالته وإن فسر بالثاني لم تثبت (فصل) ويصح سماع البينة بالوكالة على الغائب وهو أن يدعي أن فلاناً الغائب وكلني في كذا وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يصح بناء على أن الحكم على الغائب لا يصح
ولنا أنه لا يعتبر رضاه في سماع البينة فلا يعتبر حضوره كغيره وإذا قال له من عليه الحق أحلف أنك تستحق مطالبتي لم يسمع لأن ذلك طعن في الشهادة وإن قال قد عزلك الموكل فاحلف أنه ما عزلك لم يستحلف لأن الدعوى على الموكل واليمين لا تدخلها النيابة، وإن قال أنت تعلم إن موكلك
قد عزلك سمعت دعواه وطلب اليمين من الوكيل حلف على نفي العلم لأن الدعوى عليه وإن أقام الخصم بينة بالعزل سمعت وانعزل الوكيل (فصل) وتقبل شهادة الوكيل على موكله لعدم التهمة لأنه لا يجربها نفعاً ولا يدفع بها ضرراً
وتقبل شهادته له فيما لم يوكله فيه لكونه لا يجر إلى نفسه نفعاً ولا تقبل شهادته له فيما هو وكيل له فيه لأنه يثبت لنفسه حقا بدليل أنه إذا كان وكله في قبض حق فشهد به ثبت له استحقاق قبضه ولأنه خصم فيه بدليل أنه يملك المخاصمة فيه فإن شهد بما كان وكيلاً فيه بعد عزله لم تقبل أيضاً سواء كان خاصم فيه بالوكالة أو لم يخاصم وبهذا قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة ان كان لم يخاصم فيه قبلت شهادته لأنه لاحق له فيه وإن لم يخاصم فيه فأشبه مالو لم يكن وكيلاً فيه وللشافعي قولان كالمذهبين ولنا أنه بعقد الوكالة صار خصماً فيه فلم تقبل شهادته فيه كما لو خاصم فيه وفارق ما لم يكن وكيلاً فيه فإنه لم يكن خصماً فيه (فصل) إذا كانت الأمة بين نفسين فشهدا أن زوجها وكل في طلاقها لم تقبل شهادتهما لأنهما يجران لأنفسهما نفعاً وهو زوال حق الزوج من البضع الذي هو ملكهما، وإن شهدا بعزل الوكيل في الطلاق لم تقبل لأنهما يجران إلى أنفسهما نفعاً وهو إبقاء النفقة على الزوج، ولا تقبل شهادة إبني الرجل له بالوكالة ولا أبويه لأنهما يثبتان له حق التصرف ولا يثبت للإنسان حق بشهادة إبنه ولا أبيه ولا تقبل شهادة إبني الموكل ولا أبويه بالوكالة وقال بعض الشافعية تقبل لأن هذا حق على الموكل يستحق به الوكيل المطالبة فقبلت فيه شهادة قرابة الموكل كالإقرار ولنا أن هذه شهادة ثبت بها حق لأبيه أو ابنه فلم تقبل كشهادة ابني الوكيل وأبويه ولأنهما
يثبتان لابيهما نائبا متصرفا، وفارق الشهادة عليه بالإقرار فإنها شهادة عليه متمحضة ولو ادعى الوكيل الوكالة فأنكرها الموكل فشهد عليه ابناه أو أبواه ثبتت الوكالة وأمضي تصرفه لأن ذلك شهادة عليه ولو ادعى الموكل أنه تصرف بوكالته وأنكر الوكيل فشهد عليه أبواه أو ابناه قبل أيضاً كذلك
وإن ادعى وكيل الموكل الغائب حقاً وطالب به فادعى الخصم أن الموكل عزله وشهد له بذلك ابنا الموكل قبلت شهادتهما ثبت العزل بها لأنهما يشهدان على أبيهما وإن لم يدع الخصم عزله لم تسمع شهادتهما لأنهما يشهدان لمن لا يدعيها فإن قبض الوكيل فحضر الموكل وادعى أنه كان قد عزل الوكيل وأن حقه باق في ذمة الغريم وشه له ابناه لم تقبل شهادتهما لأنهما يثبتان حقا لا بيهما ولو ادعى مكاتب الوكالة فشهد له سيده أو ابنا سيده أو أبواه لم تقبل لأن السيد يشهد لعبده وابناه يشهدان لعبد أبيهما والأبوان يشهدان لعبد ابنهما، وإن عتق فأعاد الشهادة فهل تقبل يحتمل وجهين (فصل) إذا حضر رجلان عند الحاكم فأقر أحدهما أن الآخر وكيله ثم غاب الموكل وحضر الوكيل فقدم حضما لموكله وقال أنا وكيل فلان فأنكر الخصم كونه وكيلاً فإن قلنا لا يحكم الحاكم بعلمه لم تسمع دعواه حتى تقوم البينة بوكالته وإن قلنا يحكم بعلمه وكان الحكم يعرف الموكل بعينه واسمه ونسبه صدقه ومكنه من التصرف لأن معرفته كالبينة وإن عرفه بعينه دون اسمه ونسبه لم يقبل قوله حتى تقوم البينة عنده بالوكالة لأنه يريد تثبيت نسبه عنده بقوله فلم يقبل
(فصل ولو حضر عند الحاكم رجل فادعى أنه وكيل فلان الغائب في شئ عينه أحضر بينة تشهد له بالوكالة سمعها الحاكم، ولو ادعى حقاً لموكله قبل ثبوت وكالته لم يسمع الحاكم دعواه وبه قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة لا يسمعها إلا أن يقدم خصما من خصماء الموكل فيدعي عليه حقاً فإذا أجاب المدعي عليه حينئذ يسمع الحاكم البينة، فحصل الخلاف بيننا في حكمين (أحدهما) أن الحاكم يسمع البينة على الوكالة من غير حضور خصم وعنده لا يسمع (والثاني) أنه لا يسمع دعواه لموكله قبل ثبوت وكالته وعنده يسمع وبنى ابو حنيفة على أصله في أن القضاء على الغائب لا يجز وسماع البينة بالوكالة من غير خصم بها قضاء على الغائب وإن الوكالة لا تلزم الخصم ما لم يجب الوكيل عن دعوى الخصم إنك لست بوكيل ولنا أنه إثبات للوكالة فلم يفتقر إلى حضور الموكل عليه كما لو كان عليه جماعة فأحضر واحداً منهم فان الباقين لا يفتقر إلى حضور هم كذلك ههنا والدليل على ان الدعوى لا تسمع قبل ثبوت الوكالة أنها لا تسمع إلا من خصم يخاصم عن نفسه أو عن موكله وهذا لا يخاصم عن نفسه ولم يثبت أنه وكل
لمن يدعي له فلا تسمع دعواه كما لو ادعى لمن لم يدع وكالته وفي هذا الأصل جواب عما ذكره (فصل) ولو حضر رجل وادعى على غائب مالاً في وجه وكيله فأنكره فأقام بينة بما ادعاه حلفه الحاكم وحكم له بالمال فإذا حضر الموكل وجحد الوكالة وادعى أنه كان قد عزله لم يؤثر ذلك في الحكم لأن القضاء على الغائب لا يفتقر إلى حضور وكيله