الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة)(وإن مات الضامن أو المضمون عنه فهل يحل الدين؟ على روايتين وأيهما حل عليه لم يحل على الآخر)
وجملة ذلك أنه إذا ضمن ديناً مؤجلاً فمات أحدهما.
أما الضامن أو المضمون عنه فهل يحل الدين على الميت منهما؟ على روايتين يأتي ذكرهما.
فإن قلنا يحل على الميت لم يحل على الآخر لأن الدين لا يحل على شخص بموت غيره.
فان كان الميت المضمون عنه لم يستحق مطالبة الضامن قبل الأجل فإن قضاه قبل الأجل كان متبرعاً بتعجيل القضاء وهل له مطالبة المضمون عنه قبل الأجل؟ يخرج على الروايتين فيمن قضى الدين بغير إذن من هو عليه.
وإن كان الميت الضامن فاستوفى الغريم من تركته لم يكن لورثته مطالبة المضمون عنه حتى يحل الحق لأنه مؤجل عليه فلا يستحق مطالبته قبل أجله وهذا مذهب الشافعي وحكي زفران لهم مطالبته لأنه أدخله في ذلك مع علمه أنه يحل بموته ولنا أنه دين مؤجل فلا يجوز مطالبته به قبل الأجل كما لو لم يمت، وقولهم أدخله فيه قلنا إنما أدخله في المؤجل وحلوله بسبب من جهته فهو كما لو قضى قبل الأجل
(مسألة)(ويصح ضمان الحال مؤجلا وإن ضمن المؤجل حالا لم يلزمه قبل أجله في أصح الوجهين)
إذا ضمن الدين الحال مؤجلاً صح ويكون حالا على المضمون عنه مؤجلاً على الضامن يملك مطالبة المضمون عنه دون الضامن، وبه قال الشافعي قال أحمد في رجل ضمن ما على فلان أنه يؤديه في ثلاث سنين فهو عليه ويؤديه كما ضمن، ووجه ذلك ماروى ابن عباس أن رجلاً لزم غريما له بعشرة دنانير على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما عندي شئ أعطيكه فقال والله لا أفارقك حتى تعطيني أو تأتيني بحميل فجره إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (كم تستنظره؟) فقال شهراً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
(فأنا أحمل؟ فجاءه به في الوقت الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (من ابن أصبت هذا؟) قال من معدن قال (لا خير فيها) وقضاها عنه رواه ابن ماجه ولأنه ضمن مالاً بعقد مؤجل فكان مؤجلاً كالبيع، فإن قيل فعندكم الدين الحال لا يتأجل فكبف تأجل على الضامن؟ أم كيف يثبت في ذمة الضامن على غير الوصف الذي يتصف به في ذمة المضمون عنه؟ قلنا الحق يتأجل في ابتداء ثبوته بعقد وهذا ابتداء ثبوته في حق الضامن فإنه لم يكن ثابتاً عليه حالا ويجوز أن يخالف ما في ذمة الضامن الذي في ذمة المضمون عنه بدليل ما لو مات المضمون عنه والدين مؤجل.
إذا ثبت هذا فكان الدين حالا فضمنه الى شهرين لم يكن له مطالبة الضامن الى شهر فإن قضاه قبل الأجل فله الرجوع به في الحال على الرواية
التي تقول أنه إذا قضى دينه بغير إذنه رجع به لأن ما فيه ههنا أنه قضى بغير إذن وعلى الرواية الأخرى لا يرجع به قبل الأجل لأنه لم يأذن له في القضاء قبل ذلك (فصل) فإن كان الدين مؤجلاً فضمنه حالا لم يصر حالا ولم يلزمه أداؤه قبل أجله لأن الضامن فرع للمضمون عنه فلا يلزمه مالا يلزمه ولأن المضمون عنه لو ألزم نفسه تعجيل هذا الدين لم يلزمه تعجيله فبأن لا يلزم الضامن أولى ولأن الضمان التزام دين في الذمة فلا يجوز أن يلتزم ما يلزم المضمون عنه، فعلى هذا إن قضاه حالا لم يرجع به قبل أجله لأن ضمانه لم يغيره عن تأجيله، والفرق بين هذه المسألة والتي قبلها ان الدين الحال ثابت في الذمة مستحق القضاء في جميع الزمان فإذا ضمنه مؤجلاً فقد التزم بعض ما يجب على المضمون عنه فصح كما لو كان الدين عشرة فضمن خمسة، وأما الدين المؤجل فلا يستحق قضاءه الاعند أجله فإذا ضمنه حالا التزم ما لم يجب على المضمون عنه أشبه مالو كان الدين عشرة فضمن عشرين، وفيه وجه آخر أنه يصح ضمان المؤجل حالا كما يضح ضمان الحال مؤجلا قياساً عليه وقد ذكرنا الفرق بينهما بما يمنع القياس إن شاء الله تعالى (فصل) ولا يدخل الضمان والكفالة خيار لأن الخيار جعل ليعرف ما فيه الحظ والضمين والكفيل
دخلاً على أنه لا حظ لهمما ولأنه عقد لا يفتقر إلى القبول فلم يدخله خيار كالنذر وبهذا قال أبو حنيفة
والشافعي ولا نعلم فيه خلافاً، فإن شرط الخيار فيها فقال القاضي عندي أن الكفالة تبطل وهو مذهب الشافعي لأنه شرط ينافي مقتضاها ففسدت كمما لو شرط أن لا يؤدي عن الكفول به وذلك لأن مقتضى الضمان والكفالة لزوم ما ضمنه أو كفل به والخيار ينافي ذلك ويحتمل أن يبطل الشرط وحده كما قلنا في الشروط الفاسدة في البيع وولو أقرانه كفل بشرط الخيار لزمته الكفالة وبطل الشرط لأنه وصل بإقراره ما يبطله فأشبه استثناء الكل (فصل) وإذا ضمن رجلان عن رجل الفاضمان اشتراك فقالا ضمنا لك الألف الذي على زيد فكل واحد منهما ضامن لنصفه وإن كانوا ثلاثة فكل واحد ضامن ثلثه، فإن قال واحد منهم أنا وهذان ضامنون لكل الألف فسكت الآخران فعليه ثلث الألف ولا شئ عليهما وإن قال كل واحد منهم كل واحد منا ضامن لك الألف فهذا ضمان اشتراك وانفراد وله مطالبة كل وحد منهم بالألف إن شاء وإن أدى أحدهم الألف كله أو حصته منه لم يرجع الاعلى المضمون عنه لأن كل واحد منهم ضامن أصلي وليس بضامن عن الضامن الآخر