الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصحاب الشافعي إن وقعت خشبة ليست مركبة على حائط وجب نصف الضمان لأنه تلف بما وضعه على ملكه وملك غيره فيقسم الضمان عليهما.
ولنا أنه تلف بما أخرجه إلى هوا الطريق فكما لو بني حائطه مائلاً إلى الطريق أو كما لو لم تكن الخشبة الساقطة موضوعة على الحائط ولأنه إخراج يضمن به البعض فضمن به الكل كالذي ذكرنا ولأنه تلف بعدوانه فضمنه كما لو وضع البناء على أرض الطريق والدليل على عدوانه وجوب ضمان البعض لأنه لو كان مباحاً لم يضمن به كسائر المباحات، ولأن هذه خشبة لو سقط الخارج مها حسب فأتلف شيئاً ضمنه فيجب أن يضمن ما أتلف جميعها كسائر المواضع التي يجب الضمان فيها ولا ننا لم نعلم موضعاً يجب الضمان كله ببعض الخشبة ونصفه بجميعها، وإن كان إخراج الجناح الى درب غير نافذ بغير إذن أهله ضمن ما تلف به وإن كان بإذنهم فلا ضمان عليه لأنه غير متعد فيه (فصل) وإن أخرج ميزاباً إلى الطريق النافذ فسقط على إنسان أو شئ فأتلفه ضمن وبهذا قال أبو حنيفة وحكي عن مالك انه لا يضمن ما اتلفه لأنه غير متعد بإخراجه فلم يضمن ما تلف به كما لو أخرجه إلى ملكه وقال الشافعي إن سقط كله فلعيه نصف الضمان لأنه تلف بماوضعه على ملكه وملك غيره وان انقصف الميزاب فسقط منه الخارج حسب ضمن الجميع لأنه كله في غير ملكه ولنا ما سبق في الجناح ولا نسلم أن إخراجه مباح بل هو محرم لأنه أخرج إلى هواء ملك غيره شيئاً يضربه أشبه ما أخرجه إلى ملك آدمي معين بغير إذنه، فأما إن أخرجه إلى ملك آدمي معين بغير إذنه فهو متعد ويضمن ما تلف به لا نعلم في ذلك خلافاً (مسألة)
(وإن مال حائطه فلم يهدمه حتى أتلف شيئاً لم يضمنه نص عليه وأومأ في موضع أنه إن تقدم إليه لنقضه وأشهد عليه فلم يفعل ضمن)
إذا كان في ملكه حائط متسو أو مائل إلى ملكه أو بناء كذلك فسقط من غير إستهدام ولا ميل فلا ضمان على صاحبه فيما تلف به لأنه لم يتعد ببنائه ولا حصل منه تفريط بابقائه وإن مال قبل وقوعه إلى
ملكه ولم يتجاوزه فلا ضمان عليه أيضا لانه بمنزلة بناءئه مائلاً في ملكه وإن مال قبل وقوعه إلى هواء الطريق أو إلى ملك إنسان أو ملك مشترك بينه وبين غيره وكان بحيث لا يمكنه نقضه فلا ضمان عليه لأنه لم يتعد ببنائه ولا فرط في ترك نقضه لعجزه عنه أشبه مالو سقط من غير ميل، فإن أمكنه نقضه ولم
ينقضه ولم يطالب بذلك لم يضمن في المنصوص عن أحمد وهو الظاهر عن الشافعي ونحوه قول الحسن والنخعي والثوري وأصحاب الررأي لأنه بناه في ملكه والميل حادث بغير فعله أشبه مالو وقع ميله، وذكر بعض أصحابنا فيه وجهاً آخر أن عليه الضمان وهو قول ابن أبي ليلى وأبي ثور وإسحاق لأنه متعد بتركه مائلاً فضمن ما تلف به كما لو بناه مائلاً إلى ذلك إبتداء ولانه لو طولب بنقضه فلم يفعل ضمن ما تلف به ولو لم يكن موجباً للضمان لم يضمن بالمطالبة كما لو لم يكن مائلا أو كان مائلاً إلى ملكه، وأما إن طولب بنقضه فلم يفعل فقد توقف أحمد عن الجواب فيها وقال أصحابنا يضمن وقد أومأ إليه أحمد وهو مذهب مالك ونحو قال الحسن والنخعي والثوري، وقال أبو حنيفة الإستحسان أن يضمن لأن حق الجواز للمسلمين وميل الحائط يمنعهم ذلك فكان لهم المطالبة بإزالته فإذا لم يزله ضمن كما لو وضع شيئاً على حائط نفسه فسقط في ملك غيره فطولب برفعه فلم يفعل حتى عثر به إنسان، وفيه وجه آخر لا ضمان عليه قال أبو حنيفة وهو القياس لأنه بناه في ملكه ولم يسقط بفعله فأشبه مالو لم يطالب بنقضه أو سقط قبل ميله أولم يمكنه نقضه، ولأنه لو وجب الضمان به لم تشترط المطالبة به كما لو بناه مائلاً إلى غير ملكه فإن قلنا عليه الضمان إذا طولب فإن المطالبة من كل مسلم أو ذمي توجب المضان إذا كان ميله إلى الطريق لأن لكل واحد منهم حق المرور فكانت له المطالبة كما لو مال الحائط إلى ملك جماعة فإن لكل واحد منهم المطالبة وإذا طالب واحد فاستأجله صاحب الحائط أو أجله الإمام لم يسقط عنه الضمان لأن الحق لجميع المسلمين فلا يملك الواحد منهم إسقاطه وإن كانت المطالبة لمستأجر الدار ومرتهنيها ومستعيرها ومستودعها فلا ضمان عليهم لأنهم لا يملكون القبض وليس الحائط ملكها لهم وإن طولب المالك في هذه الحال فلم يمكنه استرجاع الدار ونقض الحائط فلا ضمان عليه لعدم تفريطه وإن أمكنه استرجاعها كالمعير والمودع والراهن إذا أمكنه فكاك الرهن فم يفعل ضمن لأنه أمكنه النقض، وإن كان
المالك محجوراً عليه لسفه أو صغر أو جنون فطولب هو لم يلزمه الضمان لأنه ليس أهلاً للمطالبة وإن طولب وليه أو وصيه فلم ينقضه فالضمان على المالك لأن سبب الضمان ماله فكان الضمان عليه دون التصرف كالوكيل مع الموكل وإن كان الملك مشتركاً بين جماعة فولب أحدهم بنقضه احتمل وجهين أحدهما لا يلزمه شئ لأنه لا يمكنه نقضه بدون إذنهم فهو كالعاجز والثاني يلزمه بحصته لأنه يتمكن من النقض بمطالبته شركاءه وإلزامهم النقض فصار بذلك مفرطاً فإن كان ميل الحائط إلى ملك آدمي معين أما واحد أو جماعة فالحكم على ما ذكرنا إلا أن المطالبة تكون للمالك أو ساكن الملك الذي مال إليه دون غيره، وإن كان لجماعة فأيهم طالب وجب النقض بمطالبته كما لو طالب واحد بنقض المائل إلى الطريق إلا أنه متى طولب إلا أنه متى طولب ثم أجله صاحب الملك أو إبرأه منه أو فعل ذلك ساكن الدار التي مال إليها جاز لأن الحق له وهو يملك إسقاطه، وإن مال إلى درب غير نافذ فالحق لأهل الدرب والمطالبة لهم لأن الملك لهم يلزم النقض بمطالبة أحدهم ولا يبرأ بإبرائه وتأجيله إلا أن يرضي بذلك جميعهم لأن الحق للجميع.
(فصل) وإن لم يمل الحائط لكن تشقق فإن لم يخش سقوطه لكون سقوطه بالطول لم يجب نقضه وحكمه حكم الصحيح قياساً عليه وإن خيف وقوعه لكونه مشقوقاً بالعرض فحكمه حكم المائل لأنه يخاف منه التلف أشبه المائل (فصل) ولو بنى في ملكه حائط مائلاً إلى الطريق أو إلى ملك غيره فتلف به شئ أو سقط على شئ أتلفه ضمن لتعديه فإنه ليس له النباء في هواء ملك غيره أو هواء مشترك ولأنه يعرضه للوقوع على غيره في غير ملكه أشبه مالو نصب فيه منجلاً يصيد به وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه مخالفاً (فصل) إذا تقدم إلى صاحب الحائط المائل بنقضه فباعه مائلاً فسقط على شئ فتلف به فلا
ضمان على بائعه لأنه ليس بملكه ولا على المشتري لأنه لم يطالب بنقضه وكذلك إن وهبه واقبضه وإن قلنا بلزوم الهبة زال الضمان عنه بمجرد العقد، وإذا وجب الضمان عنه وكان التلف به آدمياً فالدية على عاقلته
فإن أنكرت العاقلة كون الحائط لصاحبهم لم يلزمهم إلا أن يثبت ذلك ببينة لأن الأصل عدم الوجوب عليهم فلا يجب بالشك وإن إعترف صاحب الحائط فالضمان عليه دونهم لأن العاقلة لاتحمل الإعتراف وكذلك إن أنكروا مطالبته بنقضه فالحكم على ما ذكرنا وإن كان الحائط في يد صاحبهم وهو ساكن في الدارلم يثبت بذلك الوجوب عليهم لأن دلالة ذلك على الملك من جهة الظاهر والظاهر لا تثبت به الحقوق وإنما ترجح به الدعوى (مسألة)(وما أتلفت البهية فلا ضمان على صاحبها إلا أن تكون في يد إنسان كالراكب والسائق والقائد قد يضمن ما جنت يدها أو فمها دون ما جنت رجلها) إذا أتلف البهيمة شيئاً فلا ضمان على صاحبها إذا لم تكن يد أحد عليه القول النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) يعني هدرا فأما إن كانت يد صاحبها عليها كالراكب والسائق القائد فانه يضمن وهذا قول شريح وأبي حنيفة والشافعي وقال مالك لا ضمان عليه لما ذكرنا من الحديث ولأنه جناية بهبمة فلم يضمنها كما لو لم تكن ييده عليها ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (والرجل جبار) رواه سعيد بإسناده عن الهزبل بن شرحبيل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتخصيص الرجل بكونه جباراً دليل على وجوب الضمان في جناية غيرها ولأنه يمكنه حفظها من الجناية إذا كان راكبها أو يده عليها بخلاف من لا يدله عليه وحديثه محمول على من لا يدله عليها (فصل) ولا يضمن ما جنت برجلها وبه قال أبو حنيفة وعن أحمد رواية أخرى أنه يضمنها وهو قول شريح والشافعي لأنه من جناية بهيمة يده عليها فضمنه كجناية يدها