الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مسألة)(وكذلك يخرج في الأجير والمرتهن)
وجملة ذلك أن الأمناء على ضربين (أحدهما) من قبض المال لنفع مالكه لا غير كالمودع والوكيل
بغير جعل فيقبل قولهم في الرد لأنه لو لم يقبل قولهم لامتنع الناس من قبول هذه الأمانة فيلحق الناس الضرر (الثاني) ينتفع بقبض الأمانة كالوكيل بجعل والمضارب والأجير المشترك والمستأحر والمرتهن ففيهم وجهان ذكرهما أبو الخطاب (أحدهما) لا يقبل قول المرتهن والمضارب في الرد لأن أحمد نص عليه في المضارب في رواية ابن منصور ولأن من قبض المال لنفع نفسه لا يقبل قوله في الرد كالمستعير ولو أنكر الوكيل قبض المال ثم ثبت ذلك ببينة أو اعتراف فادعى الرد أو التلف لم يقبل قوله لأن جنايته قد ثبتت بجحده، فإن أقام بينة بما ادعاه من الرد أو التلف لم تقبل بينته في أحد الوجهين لأنه كذبها بجحده فإن قوله قبضت يتضمن أنه لم يرد شيئاً (والثاني) يقبل لأنه يدعي الرد والتلف قبل وجود خيانته فإن كان جحوده إنك لا تستحق علي شيئاً أو مالك عندي شئ سمع قوله مع يمينه لأن جوابه لا يكذب ذلك فإنه إذا كان قد تلف أو رد فليس له عنده شئ فلا تنافي بين القولين إلا أن يدعي أنه رده أو تلف بعد قوله مالك عندي شئ فلا يسمع قوله لثبوت كذبه وخيانته
(مسألة)(فإن قال أذنت لي في البيع نسيئة وفي الشراء بخمسة فأنكره فعلى وجهين)
وجملة ذلك أنهما متى اختلفا في صفة الوكالة فقال وكلتك في بيع هذا العبد قال بل في بيع هذه الجارية أو قال
في بيعه نقداقال بل نسيئة أو قال وكلتك في شراء عبد قال بل في شراء أمة أو قال بل وكلتك في الشراء بعشرة قال بل بخمسة فقال القاضي في المجرد القول قول الموكل وهو قول أصحاب الرأي والشافعي وابن المنذر، وقال أبو الحطاب إذا قال أذنت لك في البيع نقدا وفي الشراء بخمسة قال بل أذنت لي في البيع نساء وفي الشراء بعشرة فالقول قول الوكيل نص عليه أحمد واختاره القاضي والتعليق الكبير في المضاربة لأنه أمين في التصرف فكان القول قوله في صفته كالخياط إذا قال أذنت لي في تفصيله قباء قال بل قميصاً وحكي عن مالك إن أدركت السلعة فالقول قول الموكل وإن فاتت فالقول قول الوكيل لأنها إذا فاتت لزم الوكيل الضمان والأصل عدمه بخلاف ما إذا كانت موجودة، والقول الأول أصح لوجهين (أحدهما) أنهما اختلفا في التوكيل الذي يدعيه الموكل فكان القول قول من ينفيه كما لو لم يقر الموكل بتوكيله في غيره (والثاني) أنهما اختلفا في صفة قول الموكل فكان القول قوله في صفة كلامه كما لو اختلف الزوجان
في صفة الطلاق، فعلى هذا إذا قال اشتريت لك هذه الجارية بإذنك فقال ما أذنت إلا في شراء غيرها أو قال اشتريتها لك بألفين فقال ما أذنت لك في شرائها إلا بألف فالقول قول الموكل وعليه اليمين فإذا خلف برئ من الشراء، ثم لا يخلو إمان يكون الشراء بعين المال أو في الذمة فإن كان بعين المال فالبيع باطل ويرد الجارية على البائع إن اعترف بذلك وإن كذبه في أن الشراء لغيره أو بمال غيره بغير إذنه فالقول قول البائع لأن الظاهر أن ما في يد الإنسان له فإن ادعى الوكيل علمه بذلك حلف أنه
لا يعلم أنه اشتراه بمال موكله لأنه يحلف على نفي فعل غيره فإذا حلف مضى البيع وعلى الوكيل غرامة الثمن لموكله ودفع الثمن إلى البائع وتبقى الجارية في يده لا تحل له لأنه إن كان صادقاً فهي للموكل وإن كان كاذباً فهي للبائع، فإن أراد استحلالها اشتراها ممن هي له في الباطن امتنع من بيعه إياها رفع الأمر إلى الحاكم ليرفق به ليبيعه إياها ليثبت الملك له ظاهراً وباطناً ويصير ما ثبت له في ذمته ثمنا قصاصاً بالثمن الذي أخذ منه الآخر ظلماً فإن امتنع الآخر من البيع لم يجبر عليه لأنه عقد مراضاة، فإن قال له أن كانت الجارية لي فقد بعتكها أو قال الموكل إن كنت أذنت لك في شرائها بألفين فقد بعتكها ففيه وجهان (أحدهما) لا يصح وهو قول القاضي وبعض الشافعية لأنه بيع معلق على شرط (والثاني) يصح لأن هذا أمر واقع يعلمان وجوده فلا يصح جعله شرطاً كما لو قال إن كانت هذه الجارية جارية فقد بعتكها وكذلك كل شرط علما وجوده فإنه لا يوجب وقوف البيع ولا شكافيه، وإن كان الوكيل اشترى في الذمة ثم نقد الثمن صح الشراء ولزم الوكيل في الظاهر فأما في الباطن فإن كان كاذباً في دعواه فالجارية لموكله فإذا أراد إحلالها توصل إلى شرائها منه كما ذكرنا وكل موضع كانت للموكل في الباطن وامتنع من بيعها للوكيل فقد حصلت في يد الوكيل وهي للموكل وفي ذمته ثمنها في الوكيل فأقرب الوجوه ان يأذن للحاكم في بيعها وتوفيه حقه من ثمنها فإن كانت للوكيل فقد بيعت بإذنه وإن كانت للموكل فقد باعها الحاكم في إيفاء دين امتنع المدين من وفائه وقد قيل غير ما ذكرنا وهذا أقرب إن شاء الله تعالى
وإن اشتراها الوكيل من الحاكم بماله على الموكل جاز لأنه قائم مقام الموكل في ذلك أشبه ما لو اشترى منه
(فصل) ولو وكله في بيع عبد فباعه نسيئة فقال الموكل ما أذنت في بيعه إلا نقداً فصدقه الوكيل والمشتري فسد البيع وله مطالبة من شاء منهما بالعبد إن كان باقيا وبقيمته إن تلف فإن أخذ القيمة من الوكيل رجع على المشتري بها لأن التلف في يده فاستقر الضمان عليه وإن أخذها من المشتري لم يرجع بالضمان على أحد، وإن كذباه وادعيا أنه أذن في البيع نسيئة فعلى قول القاضي يحلف الموكل ويرجع في العين إن كانت قائمة وإن كانت تالفة رجع المشتري على الوكيل بالثمن الذي أخذه منه لأنه لم يسلم له المنع وإن ضمن الوكيل لم يرجع على المشتري في الحال لأنه يقر بصحة البيع وتأجيل الثمن وإن البائع ظلمه بالرجوع عليه وأنه إنما يستحق المطالبة بالثمن بعد الأجل فإذا حل الأجل رجع الوكيل على المشتري بأقل الأمرين من القيمة أو الثمن المسمى لأن القيمة إن كانت أقل فما غرم أكثر منها فلم يرجع بأكثر مما غرم وإن كان الثمن أقل فالوكيل معترف للمشتري أنه لا يستحق عليه أكثر منه وان الموكل ظلمه بأخذ الزائد على الثمن فلا يرجع على المشتري بما ظلم به الموكل وإن كذبه أحدهما دون الآخر فله الرجوع على المصدق بغير يمين ويحلف على المكذب ويرجع على حسب ما ذكرناه هذا إن اعترف المشتري بالوكالة وإن أنكر ذلك وقال إنما بعتني ملكك فالقول قوله مع يمينه أنه لا يعلم كونه وكيلاً ولا يرجع عليه بشئ.
(فصل) إذا قبض الوكيل ثمن المبيع فهو أمانة في يده لا يلزمه تسليمه قبل طلبه ولا يضمنه بتأخيره لأنه رضي بكونه في يده فإن طلبه فأخر رده مع إمكانه فتلف ضمنه وإن وعده رده ثم ادعى إني كنت رددته قبل طلبه أو انه كان تلف لم يقبل قوله لأنه مكذب لنفسه بوعده رده فإن صدقه الموكل برئ فإن كذبه فالقول قول الموكل فإن أقام ببنة بذلك قبلت في أحد الوجهين لأنه يبرأ بتصديق الموكل فكذلك إذا قامت له بينة لأن البينة إحدى الحجتين فبرئ بها كالإقرار والثاني لا يقبل لانه كذبها بوعده بالدفع بخلاف ما إذا صدق لأنه أقر ببراءته فلم يبق له منازع، وإن لم بعده برده لكن منعه أو مطله مع إمكانه ثم ادعى الرد أو التلف لم يقبل قوله إلا بينة لأنه صار بالمنع خارجاً عن حال الأمانة وتسمع بينته لأنه لم يكذبها
(مسألة)(وإن قال أذنت لي أن تزوج لك فلانة ففعلت وصدقته المرأة فأنكر فالقول قول المنكر بغير يمين وهل يلزم الوكيل نصف الصداقء على وجهين) وجملة ذلك أن الوكيل والموكل إذا ختلفا في أصل الوكالة فقال وكلتني فأنكر الموكل فالقول قوله لأن الأصل عدم الوكالة ولم يثبت أنه أمينه فيقبل قوله عليه ولو قال وكلتك ودفعت إليك مالاً فأنكر الوكيل ذلك كله أو اعترف بالتوكيل وأنكر دفع المال إليه فالقول قوله لذلك ولو قال رجل
لآخر وكلتني أن أتزوج لك فلانة ففعلت وادعت المرأه ذلك فأنكر الموكل فالقول قوله نص عليه أحمد فقال إن أقام البينة وإلا فلا يلزم الآخر عقد النكاح قال أحمد ولا يستحلف قال القاضي لأن الوكيل يدعي حقاً لغيره، وفأما إن ادعته المرأة فينبعي أن يستحلف لأنها تدعي الصداق في ذمته فإذا حلف لم يلزمه الصداق ولم يلزم الوكيل منه شئ لأن دعوى المرأة على الموكل وحقوق العقد لا تتعلق بالوكيل ونقل احساق بن إبراهيم عن أحمد أن الوكيل يلزمه نصف الصداق لأن الوكيل في الشراء ضامن للثمن وللبائع مطالبته كذا ههنا ولأنه فرط حيث لم يشهد على الزوج بالعقد والصداق والأول أولى لما ذكرناه، ويفارق الشراء لأن الثمن مقصود البائع والعادة تعجيله وأخذه من المتولي للشراء والنكاح يخالفه في هذا كله، فإن كان الوكيل ضمن المهر فلها الرجوع عليه بنصفه لأنه ضمنه الموكل وهو مقر بأنه في ذمته وبهذا قال أبو حنيفة وأبو يوسف والشافعي وقال محمد بن الحسن يلزم الوكيل جميع الصداق لأن الفرقة لم تقع بانكاره فيكون ثابتا في الباطن فيجب جميعه ولنا أنه يملك الطلاق فإذا أنكر فقد أقر بتحريمها عليه فصار بمنزلة إيقاعه لما تحرم به قال أحمد ولا يتزوج المرأة حتى يطلق لعله يكون كاذباً في إنكاره، وظاهر هذا تحريم نكاحها قبل طلاقها لابها
معترفة أنها زوجة له فيؤخذ باقرارها، وانكاره ليس بطلاق، وهل يلزم الموكل طلاقها؟ فيه احتمالان (أحدهما) لا يلزم لأنه لم يثبت في حقه نكاح ولو ثبت لم يكلف الطلاق ويحتمل أن يلزمه لازالة الاحتمال والزالة الضرر عنها بما لا ضرر عليه فيه فأشبه النكاح الفاسد، ولو مات أحدهما لم يرثه الآخر
لأنه لم يثبت صداقها فترث وهو ينكر أنها زوجته فلا يرثها ولو ادعى أن فلانا الغائب وكيله في تزوج امرأة فتزوجها له ثم مات الغائب لم ترثه المرأة إلا بتصديق الورثة أو يثبت بينة، وإن أقر الموكل بالتوكيل في التزويج وأنكر أن يكون تزوج له فإن القول قول الوكيل فيه فيثبت التزويج ههنا وقال القاضي لا يثبت وهو قول أبي حنيفة لأنه لا تتعذر إقامة البينة عليه لكونه لا ينعقد إلا بها وذكر أن أحمد نص عليه وأشار إلى نصه فيما إذا أنكر الموكل الوكالة من أصلها ولنا أنهما اختلفا في فعل الوكيل ما أمره به فكان القول قوله كما لو وكله في بيع ثوب فادعى بيعه أو في شراء عبد بألف فادعى أنه أشتراه به وما ذكره القاضي من نص أحمد عليه فيما إذا أنكر الموكل الوكالة فيس بنص ههنا لاختلاف أحكام الصورتين وتباينهما فلا يكون النص في إحداهما نصاً في الآخر وما ذكره من المعنى لا أصل له فلا يعول عليه