الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في موضع تجوز الكفالة بمن عليه حق أوحد لأنه حق لآدمي فصحت الكفالة به كسائر حقوق الآدميين ولنا ما روى عمر وبن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا كفالة في حد) ولأنه حد فلم تصح الكفالة فيه كحدود الله تعالى، ولأن الكفالة استيثاق والحدود مبناها على الإسقاط والدرء بالشبهات فلا يدخل فيها الاستيثاق ولأنه حق لا يجوز استيفاؤه من الكفيل إذا تعذر عليه إحضار المكفول به فلا تصح الكفالة بمن هو عليه كحد الزنا (فصل) ولا تجوز الكفالة بالمكاتب من أجل دين الكتابة لأن الحضور لا يلزمه فلا تجوز
الكفالة به كدين الكتابة.
(مسألة)(ولا يصح بغير معين كأحد هذين)
لأنه غير معلوم في الحال ولا في المآل فلا يمكن تسليمه (مسألة)(وإن كفل بجزء شائع من إنسان أو عضو أو كفل بإنسان على أنه ان جاء به وإلا فهو كفيل بآخر أو ضامن ما عليه صح في أحد الوجهين) أما إذا قال أنا كفيل بفلان أو بنفسه أو ببدنه أو بوجهه كان كفيلاً به فإن كفل برأسه أو كبده أو جزء لا تبقى الحياة بدونه أو بجزء شائع منه كثلثه أو ربعه صحت الكفالة لأنه لا يمكنه إحضار ذلك إلا بإحضاره كله، وقال القاضي تصح الكفالة ببعض البدن لان مالا يسري إذا حضر به عضو لم يصح كالبيع والإجارة، وإن تكفل بعضو تبقى الحياة بعد زواله كاليد والرجل ففيه وجهان:(أحدهما) تصح الكفالة اختاره أبو الخطاب وهو أحد الوحهين لا صحاب الشافعي لأنه لا يمكنه إحضار هذه الأعضاء على صفتها إلا بإحضار البدن كله أشبه الكفالة بوجهه ورأسه ولأنه حكم يتعلق بالجملة
فيثبت حكمه إذا أضيف الى البعض كالطلاق والعتاق (والثاني) لا يصح لأن تسليمه بدون تسليم الجملة ممكن مع بقائها.
(فصل) إذا تكفل بإنسان على أنه ان جاء به وإلا فهو كفيل بآخر أو ضامن ما عليه لم يصح عند القاضي فيهما لأن الأول مؤقت والثاني معلق على شرط، وقال أبو الخطاب: يصح فيهما لأنه ضمان أو كفالة فيصح تعليقه على شرط كضمان العهدة، فإن قال إن جئت به في وقت كذا وإلا فأنا كفيل ببدن فلان أو فأنا ضامن لك المال الذي على فلان أو قال إذا جاء زيد فأنا ضامن لك ما عليه أو إذا قدم الحاج فأنا كفيل بفلان أو قال أنا كفيل بفلان شهراً فقال القاضي لا تصح الكفالة، وهو مذهب الشافعي ومحمد ابن الحسن لأن ذلك خطر فلم يجز تعليق الضمان والكفالة به كمجئ المطر ولأنه إثبات حق لآدمي معين فلم يجز تعليقه على شرط ولا توقيته كالهبة.
وقال الشريف أبو جعفر وأبو الخطاب يصح، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف لأنه أضاف الضمان الى سبب الوجوب فيحب أن يصح كضمان الدرك والأول أقيس.
(فصل) وإن قال كفلت ببدن فلا على أن يبرأ فلان الكفيل أو على أن تبرئه من الكفالة لم يصح لأنه شرط شرطا لا يلزم الوفاء به فيكون فاسدا وتفسد به الكفالة ويحتمل أن يصح لأنه شرط تحويل الوثيقة التي على الكفيل إليه.
فعلى هذا لا تلزمه الكفالة إلا ان يبرئ المكفول له الكفيل الأول لأنه إنما كفل بهذا الشرط فلا تثبت كفالته بدون شرطه، وإن قال كفلت لك بهذا الغريم على أن تبرئني من الكفالة بفلان أو ضمنت لك هذا الدين بشرط أن تبرئني من ضمان الدين الآخر أو على أن تبرئني من الكفالة بفلان خرج فيه الوجهان أصحهما البطلان لأنه شرط فسخ عقد في عقد فلم يصح كالبيع بشرط فسخ سيع آخر وكذلك لو شرط في الكفالة