الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فصل) ولو غاب رجل فجاء رجل إلى امرأته فذكر أن زوجها طلقها وأبانها ووكله في تجديد نكاحها بألف فأذنت في نكاحها فعقد عليها وضمن الوكيل الألف ثم جاء زوجها وأنكر هذا كله فاقول قوله والنكاح الأول بحاله وقياس ما ذكرناه أن المرأة إن صدقت الوكيل لزمه الألف إلا أن يبينها زوجها قبل دخوله بها وحكي ذلك عن مالك وزفر وحكي عن أبي حنيفة والشافعي أنه لا يلزم الضامن شئ لأنه فرع على المضمون عنه والمضمون عنه لا يلزمه شئ فكذلك فرعه ولنا أن الوكيل مقر بأن الحق في ذمة المضمون عنه وأنه ضامن عنه فلزمه ما اقربه كما لو ادعى على رجل أنه ضمن ألفا على أجنبي فأقر الضامن بالضمان وصحته وثبوت الحق في ذمة المضمون عنه وكما لو ادعى شفعة على إنسان في شقص اشتراه فأقر البائع وأنكر المشتري فإن الشفيع يستحق الشفعة في أصح الوجهين فإن لم تدع المرأة صحة ما ذكره الوكيل فلا شئ عليه، ويحتمل أن من أسقط عنه الضمان أسقطه في هذه الصورة ومن أوجبه أوجبه في الصورة الأخرى فلا يكون بينهما اختلاف والله أعلم
(مسألة)(ويجوز التوكيل بجعل وبغيره)
لأنه تصرف لغيره لا يلزمه فجاز أخذ الجعل عليه كرد الآبق
ويجوز بغير خلاف فإذا وكله بجعل فباع استحق الجعل قبل قبض الثمن لتحقق البيع قبل قبضه فإن قال في التوكيل فإذا أسلمت إلي الثمن فلك كذا وقف استحقاقه على التسليم إليه لا شتراطه إياه ولو قال بع ثوبي بعشرة فما زاد فلك صح نص عليه، وروي ذلك عن ابن عباس وهو قول ابن سيرين واسحاق وكرهه النخعي وحماد وأبو حنيفة والثوري والشافعي وابن المنذر لأنه أجر مجهول يحتمل الوجود ولنا إن عطاء روي عن ابن عباس أنه كان لا يرى بأساً أن يعطي الرجل الرجل الثوب أو غيره فيقول بعه بكذا فما ازددت فهو لك ولا يعرف له في عصره مخالف فكان إجماعا لأنها عين تنمى بالعمل عليها أشبه دفع ماله مضاربة.
إذا ثبت ذلك فإذا باعه بزيادة فهي له لأنه جعلها له وإن باعه بما عينه فلا شئ له لأنه جعل له الزيادة ولا زيادة فهو كالمضارب إذا لم يربح، وإن باعه بنقص فعنه لا يصح لمخالفته فإن تعذر ضمن النقص وعنه يصح ويضمن النقص وقد ذكرنا ذلك وإن باعه نسيئة لم يصح ولا يستحق الوكيل وإن باعه بزيادة نص عليه أحمد في رواية الأثرم (فصل) إذا وكله في شراء شئ فاشترى غيره مثل أن يوكله في شراء عبد فاشترى جارية فإن كان الشراء بعين مال الموكل فالشراء باطل في أصح الروايتين وهو مذهب الشافعي وعن أحمد أنه يصح ويقف على إجازة المالك فإن أجازه صح وإلا بطل وهو قول مالك وإسحاق وقد ذكرناه في كتاب البيع فإن كان اشتراه في ذمته ثم نقد الثمن فالشراء صحيح لأنه إنما اشترى بثمن في ذمته وليس ذلك ملكا لغيره وقال أصحاب الشافعي لا يصح في أحد الوجهين لأنه عقد على أنه للموكل ولم يأذن فيه فلم يصح كما لو اشترى بعين ماله
ولنا أنه لم يتصرف في ملك غيره فصح كما لو لم ينوه إذا ثبت ذلك فروي عن أحمد روايتان (احداهما) الشراء لازم للمشتري وهو الوجه الثاني لأصحاب الشافعي لأنه إشترى في ذمته بغير إذنه فكان الشراء له كما لو لم ينو غيره (والثانية) يقف على إجازة الموكل إن أجازه لزمه وإن لم يجزه لزم الوكيل لأنه لا يجوز أن يلزم الموكل لكونه لم يأذن في شرائه ولزم الوكيل لأن الشراء صدر منه ولم يثبت لغيره فثبت في حقه كما لو اشتراه لنفسه وهكذا ذكر الخرقي وهذا حكم كل من اشترى شيئاً
في ذمته لغيره بغير إذنه سواء كان وكيلاً للذي قصد الشراء له أو لم يكن (فصل) وإن وكله في أن يتزوج له امرأة فتزوج له غيرها أو تزوج له بغير إذنه فالعقد فاسد بكل حال في إحدى الروايتين وهو مذهب الشافعي لأن من شرط صحة عقد النكاح ذكرا لزوج فإذا كان بغير إذنه لم يقع له ولا للوكيل لأن المقصود أعيان الزوجين بخلاف البيع فإنه يجوز أن يشتري له من غير تسمية المشتري له والثانية يصح النكاح ويقف على إجازة المتزوج فإن أجازه صح والابطل وهو مذهب أبي حنيفة والقول فيه كالقول في البيع على ما تقدم (فصل) قال القاضي إذا قال لرجل اشتر لي بديني عليك طعاماً لم يصح ولو قال أسلف لي ألفاً من ملك في كر طعام ففعل لم يصح أيضاً لأنه لا يجوز أن يتشري الإنسان بماله ما يملكه غيره وإن قال اشتر لي في ذمتك أو قال أسلف لي الفافي كر طعام واقض الثمن عني من مالك أو من الدين الذي عليك صح لأنه إذا اشترى في الذمة حصل الشراء للموكل والثمن عليه فإذا قضاه من الدين الذي عليه فقد دفع الدين إلى من أمره صاحب الدين بدفعه إليه وإن قضاه من ماله عن دين السلف الذي عليه صار قرضاً عليه
(فصل) قال أحمد في رواية أبي الحارث في رجل له على آخر دراهم فبعث إليه رسولاً يقبضها فبعث إليه مع الرسول ديناراً فضاع مع الرسول فهو من مال الباعث لأنه لم يأمره بمصارفته إنما كان من ضمان الباعث لأنه دفع إلى الرسول غير ما أمره به المرسل لأن المرسل إنما أمره بقبض الدراهم ولم يدفعها إنما دفع ديناراً عوضاً عنه وهذا صرف يفتقر إلى إذن صاحب الدين ومصارفته به فإذا تلف في يد وكيله كان من ضمانه اللهم إلا أن يخبر الرسول الغريم أن رب الدين أذن له في قبض الدينار عن الدراهم فيكون من ضمان الرسول لأنه غره وأخذ الدينار على أنه وكيل للمرسل، وإن قبض الدراهم التي أمر بقبضها فضاعت من الرسول بغير تفريط فهي من ضمان صاحب الدين، وقال أحمد في رواية منها في رجل له عند آخر دنانير وثياب فبعث إليه رسولاً وقال خذ ديناراً أو ثوباً فأخذ دينارين وثوبين فضاعت فالضمان على الباعث يعني الذي أعطاه الدينار ين والثور بين ويرجع به على الرسول يعني عليه ضمان الدينار والثوب الزائداين إنما جعل عليه
الضمان لأنه إلى من لم يؤمر بدفعهما إليه ورجع بهما على الرسول لأنه غره وحصل التلف في يده فاستقر الضمان عليه وللموكل تضمين الوكيل لأنه تعدى بقبض ما لم يؤمر بقبضه فإذا ضمنه لم يرجع على أحد لأن التلف حصل في يده فاستقر الضمان عليه، وقال أحمد في رجل وكل وكيلاً في اقتضاء دينه وغاب فأخذ الوكيل به رهناً فتلف الرهن في يد الوكيل فقال أساء الوكيل في أخذ الرهن ولا ضمان عليه إنما لم يضمنه لأنه رهن فاسد والقبض في العقد الفاسد كالقبض في العقد الصحيح فما كان القبض في صحيحه مضموناً كان مضموناً في فاسده وما كان غير مضمون في صحيحه كان غير مضمون في فاسده، ونقل البغوي عن أحمد في رجل أعطى آخر دراهم ليشتري له بها شاة فخلطها مع دراهمه فضاعا فلا شئ عليه وإن