الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (الرجل جبار) ولأنه لا يملك حفظ رجلها عن الجناية فلم يضمنها كما لو لم يكن يده، عليها فأما إن كانت جنايتها بفعله مثل أن كبحها أو ضربها في وجهها ونحو ذلك فإنه يضمن جناية رجلها لأنه السبب في جنايتها فكان عليه ضمانها ولو كان السبب غيره مثل أن نخسها أو نفرها فالضمان على من فعل ذلك دون راكبها وسائقها وقائدها لأنه السبب في جنايتها (فصل) فإن كان على الدابة راكبان فالضمان على الأول منهما لأنه المتصرف فيها القادر على
كفها إلا أن يكون الأول منهما صغيراً أو مريضاً ونحوهما ويكون الثاني هو المتولي لتدبيرها فيكون الضمان عليه فإن كان مع الدابة قائد وسائق فالضمان عليهما لأن كل واحد منهما لو انفرد ضمن فإذا اجتمعا ضمنا، وإن كان معهما أو مع أحدهما راكب فالضمان عليهم جميعاً في أحد الوجهين لذلك والثاني الضمان على الراكب لأنه أقوى يداً وتصرفاً، ويحتمل أن يكون على القائد لانه لاحكم للراكب معه (فصل) والجمل المقطور على الجمل الذي عليه راكب يضمن جنايته لأنه في حكم القائد فأما الجمل المقطور على الجمل الثاني فينبغي أن لا يضمن جنايته إلا أن يكون له سائق لأن الراكب الأول لا يمكنه حفظه عن الجناية، ولو كان مع الدابة ولدها لم يضمن جنايته لأنه لا يمكنه حفظه وذكر ابن أبي موسى في الإرشاد أنه يضمن قال لأنه يمكنه ضبطه بالشد (مسألة)
(ويضمن ما افسدت من الزرع والشجر ليلاً ولا يضمن ما افسدت من ذلك نهاراً)
يعني إذا لم تكن يد أحد عليها وهذا قول مالك والشافعي وأكثر فقهاء الحجاز وقال الليث يضمن مالكها ما أفسدته ليلا ونهارا بأقل الأمرين من قيمتها أو قدر ما أتلفته كالعبد إذا جنبى، وقال أبو حنيفة لا ضمان عليه بحال لقول النبي صلى الله عليه وسلم (العجماء جرحها جبار) يعني هدراو لانها أفسدت وليست يده عليها فلم يضمن كالنهار أو كما لو أتلفت غير الزرع ولنا ما روى مالك عن الزهري عن حزام بن سعيد بن محيصة أن ناقة للبراء دخلت حائط قوم فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: على أهل الأموال حفظها بالنهار وما أفسدت بالليل فهو مضمون عليهم.
قال ابن عبد البر إن كان هذا مرسلاً فهو مشهور حدث به الائمة الثقاة وتلقاه فقهاء الحجاز بالقبول ولأن العادة من أهل المواشي إرسالها في النهار للرعي وحفظها ليلاً وعادة أهل الحوائط حفظها نهاراً دون الليل فإذا ذهبت ليلاً كان التفريط من أهلها بتركهم حفظها في وقت عادة الحفظ
وإن تلفت نهاراً كان التفريط من أهل الزرع فكان عليهم وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى على كل إنسان بالحفظ في وقت عادته فصل) قال بعض أصحابنا انما يضمن مالكها ما أتلفته ليلاً إذا فرط بإرسالها ليلاً أنهارا اولم
يضمها بالليل أو ضمها بحيث يمكنها الخروج أما إذا ضمها فأخرجها غيره بغير إذنه أو فتح عليها بابها فالضمان على مخرجها أو فاتح بابها لأنه المتلف قال القاضي هذه المسألة عندي محمولة على موضع فيه مزارع ومراعي أما القرى العامرة التي لامرعى على فيها الابين قراحين (1) كساقية وطريق وطرف زرع فليس لصاحبها إرسالها بغير حافظ عن الزرع فإن فعل فعليه الضمان لتفريطه وهذا قول بعض أصحاب الشافعي.
(فصل) فإن أتلفت البهيمة غير الزرع والشجر لم يضمن مالكها ما أتلفته ليلاً كان أو نهاراً ما لم تكن يده عليها، وحكي عن شريح أنه قضى في شاة وقعت في غزل حائك ليلاً بالضمان على صاحبها وقرأ (إذ نفشت فيه غنم القوم) قال والنفش لا يكون إلا بالليل وعن الثوري يضمن وإن كان نهاراً لنفريطه بإرسالها.
ولنا قول النبي صلى الله عليه (العجماء جرحها جبار) متفق عليه أي هدر وأما الآية فالنفش هو الرعي بالليل وكان هذا في الحرث الذي تفسده البهائم بالرعي طبعاً وتدعوها نفسها إلى أكله بخلاف غيره فلا يصح قياس غير عليه (فصل) إذا استعار بهيمة فأتلفت شيئاً وهي في يد المستعير فضمانه عليه سواء كان المتلف لمالكها أو لغيره لأن ضمانه يجب باليد واليد للمستعير، وإن كانت البهيمة في يد الراعي فأتلفت زرعاً أو شجراً فالضمان على الراعي دون المالك لأن إتلاف ذلك في النهار لا يضمن إلا بثبوت اليد عليها واليد للراعي دون المالك فضمن كالمستعير، وإن كان الزرع للمالك وكان ليلاً ضمن أيضاً لأن ضمان اليد أقوى بدليل أنه يضمن في الليل والنهار جميعا (مسألة) (ومن صال عليه آدمي أو غيره فقتله دفعاً عن نفسه لم يضمنه لأنه قتله بالدفع الجائز فلم يجب ضمانه فإن كان الصائل بهيمة فلم يمكنه دفعها إلا بقتلها جاز له قتلها إجماعاً ولا يضمنها إذا كانت لغيره وهذا قول مالك والشافعي واسحاق وقال أبو حنيفة يضمنها لأنه أتلف مال غيره لا حياء نفسه فضمنه كالمضطر إذا أكل طعام غيره وكذلك الخلاف في غير المكلف من الآدمين كالصبي والمجنون يجوز قتله ويضمنه لأنه لا يملك إباحة نفسه ولذلك لو ارتد لم يقتل ولنا أنه قتله بالدفع الجائز فلم يضمنه كالعبد ولأنه حيوان جاز إتلافه فلم يضمنه كالآدمي المكلف ولانه
(1) كذا في الاصل