الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تولي ذلك بنفسه، ويجوز التوكيل في إثباتها وقال أبو الخطاب لا يجوز وهو قول الشافعي لأنها تسقط بالشبهات وقد أمرنا بدرئها بها والتوكيل توصل إلى الإيجاب ولنا حديث أنيس الذي ذكرناه فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكله في إثباته واستيفائه جميعاً يقوله (فان اعترفت فارجمها) وهذا يدل على أنه لم يكن ثبت وقد وكله في إثباته ولأن الحاكم إذا استناب دخل في ذلك الحدود فإذا دخلت في التوكيل بطريق العموم فبالتخصيص يكون دخولها أولى والوكيل يقوم مقام الموكل في درئها بالشبهات (فصل) فأما العبادات فما تعلق منها بالمال كالصدقات والزكاة والمنذورات والكفارات جاز التوكيل في قبضها وتفريقها ويجوز للمخرج التوكيل في إخراجها ودفعها الى مستحقها ويجوز أن يقول
لغيره أخرج زكاة مالي من مالك لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عماله لقبض الصدقات وتفريقها وقال لمعاذ حين بعثه إلى اليمين أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم) متفق عليه ويجوز التوكيل في الحج إذا أيس المحجوج عنه من الحج بنفسه وكذلك العمرة ويجوز أن يستناب من يحج عنه بعد الموت، وفاما العبادات البدنية المحضة كالصلاة والصيام والطهارة من الحدت فلا يجوز التوكيل فيها فإنها تتعلق ببدن من هي عليه فلا يقوم غيره مقامه إلا أن الصيام المنذور يفعل عن الميت وليس ذلك بتوكيل لأنه لم يوكل في ذلك ولا وكل فيه غيره، ولا يجوز في الصلاة إلا في ركعتي الطواف تبعاً للحج ولا تجوز الإستنابة في الطهارة إلا في صب الماء وإيصاله إلى الأعضاء وفي تطهير النجاسة عن البدن والثوب وغيرهما
(مسألة) (ويجوز الاستيفاء في حضرة الموكل وغيبته نص عليه أحمد وهو قول مالك إلا القصاص، وحد القذف
عند بعض أصحابنا لا يجوز في غيبته)
وقد أومأ إليه أحمد وهو قول أبي حنيفة وبعض الشافعية لأنه يحتمل أن يعفو الموكل في حال غيبته فيسقط وهذا الاحتمال شبهة تمنع الاستيفاء ولأن العفو مندوب إليه فإذا حضر احتمل أن يرحمه فيعفو والأول ظاهر المذهب لأن ما جاز استيفاؤه في حضرة الموكل جاز في غيبته كالحدود وسائر الحقوق واحتمال العفو بعيد والظاهر أنه لو عفا لبعث وأعلم وكيله وبعفوه والأصل عدمه فلا يؤثر الا ترى أن قضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يحكمون في البلاد ويقيمون الحدود التي تدرأ بالشبهات مع احتمال النسخ وكذلك لا يختلط في استيفاء الحدود بإحضار الشهود مع احتمال رجوعهم عن الشهادة أو بغير اجتهاد الحاكم.
(مسألة)(ولايجوز للوكيل أن يوكل فيما يتولى مثله بنفسه إلا بإذن الموكل وعنه يجوز وكذلك الوصي والحاكم وله التوكيل فيما لا يتولى مثله بنفسه أو يعجز عنه لكثرته) وجملة ذلك أن التوكيل لا يخلو من ثلاثة أحوال (أحدها) أن ينهى الموكل وكيله عن التوكيل فلا يجوز له ذلك بغير خلاف لأن مانهاه عنه غير داخل في إذنه فلم يجزله كما لو لم يوكله (الثاني) أن يأذن له في التوكيل فيجوز له لأنه عقد أذن فيه فكان له فعله كالتصرف المأذون فيه ولا نعلم في هذا خلافاً
فإن قال وكلتك فاصنع ما شئت فله أن يوكل، وقال أصحاب الشافعي ليس له التوكيل في أحد الوجهين لأن التوكيل يقتضي تصرفاً يتولاه بنفسه فقوله اصنع ما شئت يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرفه بنفسه ولنا أن لفظة عام فيما شاء فيدخل في عمومه التوكيل (الثالث) اطلق له الوكالة فلا يخلو من أقسام ثلاثة (أحدها) أن يكون العمل مما يترفع الوكيل عن مثله كالأعمال الدنية في حق أشراف الناس المرتفعين عن فعلها في العادة أو يعجز عن عمله لكونه لا يحسنه فإنه لا يجوز له التوكيل فيه لأنه إذا كان مما لا يعمله الوكيل عادة انصرف الإذن إلى ما جرت به العادة من الاستنابة فيه (القسم الثاني) أن يكون مما يعمله بنفسه إلا أنه يعجز عن عمله لكثرته وانتشاره فيجوز له التوكيل في عمله ايضاً لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل في فعل جميعه كما لو أذن فيه بلفظه، وقال القاضي عندي
أنه إنما له التوكيل فيما زاد على ما يتمكن من عمله بنفسه لأن التوكيل إنما جاز للحاجة فاختص ما دعت إليه الحاجة بخلاف وجود إذنه فإنه مطلق ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين (القسم الثالث) ما عدا هذين القسمين وهو ما يمكنه عمله بنفسه ولا يترفع عنه فهل يجوز له التوكيل فيه؟ على روايتين (إحداهما) لا يجوز نقلها ابن منصور وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي لأنه لم يأذن له بالتوكيل ولا تضمنه إذنه فلم يجز كما لو نهاه ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه فلم يكن له أن يوليه من لم يأمنه عليه كالوديعة (والثانية) يجوز نقلها أحمد وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب لأن الوكيل له أن يتصرف بنفسه فملكه بنائبه كالمالك والأولى أولى ولا يشبه الوكيل المالك فان المالك يتصرف في ملكه كيف شاء بخلاف الوكيل (فصل) وكل وكيل جاز له التوكيل فليس له أن يوكل إلا أمينا لأنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين فيفيد جواز التوكيل بما فيه الحظ والنظر كما أن الإذن في البيع يتقيد بالبيع بثمن المثل إلا أن يعين له الموكل من يوكله فيجوز توكيله وإن لم يكن أميناً لأنه قطع نظره بتعيينه فإن وكل أميناً فصار خائناً فعليه عزله لأن تركه يتصرف مع الخياتة تضييع وتفريط والوكالة تقتضي استئمان أمين وهذا ليس بأمين فوجب عزله
(فصل) والحكم في الوصي يوكل فيما أوصى به إليه وفي الحاكم يولى القضاء في ناحية يستنيب غيره حكم الوكيل فيما ذكرنا من التفصيل إلا أن المنصوص عن أحمد في رواية منها جواز ذلك وهو قول الشافعي في الوصي لأن الوصي يتصرف بولائه بدليل أنه لم يتصرف فيما لم ينص له على التصرف فيه والوكيل لا يتصرف إلا فيما نص له عليه قال شيخنا والجمع بينهما أولى لأنه متصرف في مال غيره بالإذن فأشبه الوكيل وإنما يتصرف فيما اقتضته الوصية كالوكيل إنما يتصرف فيما اقتضته الوكالة