الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا تبطل بالتعدي فيما وكل فيه مثل لبس الثوب وركوب الدابة وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي والثاني تبطل بذلك لأنها عقد أمانة فبطلت بالتعدي كالوديعة ولنا أنه تصرف باذن موكمله فصح كما لو لم يتعد ويفارق الوديعة من حيث أنها أمانة مجردة فنافاها التعدي والخيانة، والوكالة أذن في التصرف تضمنت الأمانة فإذا انتفت الأمانة بالتعدي بقي الإذن بحاله، فعلى هذا لو وكله في بيع ثوب فلبسه صار ضامنا فإذا باعه صح بيعه وبرئ من ضمانه لدخوله في ملك المشتري وضمانه فإذا قبض الثمن كان أمانة في يده غير مضمون عليه لأنه قبضه بإذن الموكل ولم يتعد فيه ولو دفع إليه مالا ووكله أن يشتري به شيئاً فتعدي في الثمن صار ضامنا وإذا اشترى به وسلمه زال الضمان وقبضه للمبيع قبض أمانة، وإن ظهر بالمبيع عيب فرد عليه أو وجد هو بما اشتراه عيباً فرده وقبض الثمن كان مضموناً عليه لأن العقد المزيل للضمان زال فعاد ما زال به
(مسألة)(وهل تبطل بالردة وحرية عبده؟ على وجهين)
يصح توكيل المسلم كافراً فيما يصح تصرفه فيه سواء كان ذمياً أو مستأمناً أو حربياً أو مرتداً لأن العدالة لا تشترط في صحة الوكالة فكذلك الدين كالبيع، فإن وكل مسلماً فارتد لم تبطل وكالته
في أحد الوجهين سواء لحق بدار الحرب أو أقام، وقال أبو حنيفة تبطل إذا لحق بدار الحرب لأنه صار منهم ولنا أنه يصح تصرفه لنفسه فلم تبطل وكالته كما لو لم يلحق بدار الحرب ولأن الردة لا تمنع ابتداء الوكالة فلا تمنع استدامتها كسائر الكفر، وفيه وجه آخر أنها تبطل بالردة إذا قلنا إن المرتد تزول أملاكه وتبطل تصرفاته والوكالة تصرف وإن أرتد الموكل لم تبطل الوكالة فيما له التصرف فيه فأما الوكيل في ماله فينبني على تصرفه نفسه فإن قلنا يصح تصرفه لم يبطل توكيله وإن قلنا هو موقوف فوكالته موقوفة وإن قلنا يبطل تصرفه بطل توكيله وإن وكل في حال ردته ففيه الوجوه الثلاثة:(فصل) وإن وكل عبده ثم أعتقه أو باعه لم ينعزل لأن زوال ملكه لا يمنع ابتداء الوكالة فلا يقطع استدامتها وفيه وجه آخر أنها تبطل لأن توكيل عبده ليس بتوكيل في الحقيقة إنما هو استخدام بحق الملك فيبطل بزوال الملك وهكذا الوجهان فيما إذا وكل عبد غيره ثم باعه السيد، والصحيح الأول
لأن سيد العبد أذن له في بيع ماله والعتق لا يبطل الإذن فكذلك البيع إلا أن المشتري إن رضى ببقائه على الوكالة وإلا بطلت وإن وكل عبد غيره فأعتقه فقال شيخنا لا تبطل الوكالة وجهاً واحداً لأن هذا توكيل حقيقة والعتق غير مناف له وإن اشتراه الموكل منه لم يبطل لأن ملكه إياه لا ينافي إذنه له في البيع والشراء وإن وكل امرأته ثم طلقها لم تبطل الوكالة لأن زوال النكاح لا يمنع ابتداء الوكالة فلم يمنع استدامتها
(فصل) وإن تلفت العين التي وكل في التصرف فيها بطلت الوكالة لأن محلها ذهب فذهبت الوكالة كما لو وكله في بيع عبد فمات، وكذا لو دفع إليه ديناراً ووكله في الشراء بعينه أو مطلقاً لأنه إن وكله في الشراء بعينه فقد استحال الشراء به بعد تلفه فبطلت الوكالة وإن وكله في الشراء مطلقاً ونقد الدينار بطلت أيضاً لأنه إنما وكله في الشراء به، ومعناه أن ينقده ثمن ذلك المبيع أما قبل الشراء او بعده وقد تعذر ذلك بتلفه ولأنه لو صح شراؤه للزم الموكل ثمن لم يلتزمه ولا رضي بلزومه، وإن استقرضه الوكيل وعزل ديناراً عوضه واشترى به فهو كالشراء له من غير إذن لأن الوكالة بطلت والدينار الذي عزله عوضاً لا يصير للموكل حتى يقبضه فإذا اشترى للموكل به شيئاً وقف على إجازة الموكل فإن أجازه صح ولزمه الثمن والالزم الوكيل وعنه يلزم الوكيل بكل حال.
وقال القاضي متى اشترى بعين ماله شيئاً لغيره بغير إذنه فالشراء باطل لأنه لا يصح أن يشتري بعين ماله ما يملكه غيره، وقال أصحاب الشافعي متى اشترى بعين ماله شيئاً لغيره صح الشراء للوكيل لأنه اشترى ما لم يؤذن له فيه أشبه مالو اشتراه في الذمة.
(فصل) نقل الأثرم عن أحمد في رجل كان له على آخر دراهم فقال له إذا أمكنك قضاؤها فادفعها إلى فلان وغاب صاحب الحق ولم يوص إلى هذا الذي أذن له في القبض لكن جعله وكيلاً وتمكن من عليه الدين من القضاء فخاف إن دفعها إلى الوكيل أن يكون الموكل قد مات ويخاف التبعة من