الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (ولكن اليمين على المدعى عليه) ولأنه اختلاف في المضاربة فلم يتحالفا كسائر ما قدمنا اختلافهما فيه والمتبايعان يرجعان على رءوس امولهما بخلاف ما نحن فيه (مسألة)(وإن قال أذنت لي في البيع نساء وفي الشراء بخسمة فأنكره رب المال وقال إنما أذنت لك في البيع نقدا وفي الشراء بأربعة فالقول قول العامل) نص عليه أحمد وبه قال أبو حنيفة وقيل القول قول رب المال وهو قول الشافعي لأن الاصل عدم الأذن ولأن القول قول رب المال في أصل الإذن فكذلك في صته.
ولنا أنهما اتفقا على الإذن واختلفا في صفته فكان القول قول العامل كمما لو قال نهيتك عن شراء عبد فأنكر النهي.
(مسألة)(وإن قال ربحت الفاثم خسرتها أو تلفت قبل قوله) لأنه أمين يقبل قوله فقبل في الخسارة كالو كيل:
(مسألة)(وإن قال غلطت أو نسيت لم يقبل قوله)
لأنه مقر بحق لآدمي فلم يقبل قوله في الرجوع عنه كما لو أقربان رأس المال الف ثم رجع ولو أن العامل خسر فقال لرجل أقرضني ما أتمم به رأس المال لأعرضه على ربه فإني أخشى أن ينزعه مني أن علم بالخسارة فأقرضه فعرضه على رب المال فقال هذا راس مالك فأخذه فله ذلك، وذلك ولا يقبل رجوع العامل عن إقراره إن رجع ولا شهادة المقرض له لأنه يجر إلى نفسه نفعاً وليس له مطالبة رب المال لأن العامل ملكه بالقرض ثم سلمه الى رب المال وأقر أنه له ولكن يرجع المقرض على العامل لا غير
(فصل) وإذا دفع رجل إلى رجلين مالا قراضا على النصف فنض المال وهو ثلاثة آلاف فقال رب المال رأس المال ألفان فصدقه أحدهما وقال الآخر بل هو ألف فالقول قول المنكر مع يمينه فإذا حلف أنه ألف فالربح ألفان ونصيبه منهما خمسمائة يبقى ألفان وخمسمائة يأخذ رب المال ألفين لأن الآخر يصدقه يبقى خمسمائة ربحا بين رب المال والعامل الأخر يقتسمانه أثلاثاً لرب المال ثلثا ها
وللعامل ثلثها وذلك لأن نصيب رب المال نصف الربح ونصيب العامل ربعه فيقسم بينهما باقي الربح على ثلاثة وما أخذه الحالف فيما زاد على قدر نصيبه كالتالف منهما والتالف يحسب في المضاربة من الربح وهذا قول الشافعي (فصل) إذا دفع إلى رجل ألفا يتجر فيه فربح فقال العامل كان قرضاً لي ربحه كله وقال رب المال كان قراضاً ربحه بيننا فالقول قول رب المال لأنه ملكه فكان القول قوله في صفة خروجه عن يده فإذا حلف قسم الربح بينهما، ويحتمل أن يتحالفا ويكون للعامل أكثر الأمرين مما شرط له من الربح أو أجر مثله لأنه إن كان الأكثر نصيبه من الربح فرب المال معترف له وبه وهو يدعي الربح كله وإن كان أجر مثله أكثر فالقول قوله في عمله كما أن القول قول رب المال في ما له فإذا حلف قبل قوله في أنه ما عمل بهذا الشرط إنما عمل لغرض لم يسلم له فيكون له أجر المثل، فإن أقام كل واحد منهما بينة
بدعواه فنص أحمد في رواية منها أنهما يتعارضان ويقسم المال بينهما نصفين، وإن قال رب المال كان بضاعة وقال العامل كان قراضاً احتمل أن يكون القول قول العامل لأن عمله له فيكون القول قوله فيه ويحتمل أن يتحالفا ويكون للعامل أقل الأمرين من نصيبه من الربح أو أجر مثله لأنه يدعي أكثر من نصيبه من الربح فلم يستحق زيادة وإن كان الأقل أجر مثله فلم يثبت كونه قراضاً فيكون له أجر عمله، وإن قال رب المال كان بضاعة وقال العامل كان قرضاً حلف كل واحد منهما على إنكار ما ادعاه خصمه وكان للعامل أجر عمله لا غير وإن خسر المال أو تلف فقال رب المال كان قرضاً وقال العامل كان قراضاً أو بضاعة فالقول قول رب المال (فصل) وإذا شرط المضارب النفقة ثم ادعى أنه أنفق من ماله وأراد الرجوع فله ذلك سواء كان المال باقياً في يديه أو قد رجع إلى مالكه وبه قال أبو حنيفة إذا كان المال في يديه وليس له ذلك بعد رده.
ولنا أنه أمين فكان القول قوله في ذلك كما لو كان باقياً في يديه وكالوصي إذا ادعى النفقة على اليتيم (فصل) إذا كان عبد بين رجلين فباعه أحدهما بأمر الآخر بألف وقال له اقبض ثمنه وادعى
المشتري أنه قضه وصدقه الذي لم يبع برئ المشتري من نصف ثمنه لاعتراف شريك البائع بقبض وكيله حقه فبرئ المشتري منه كما لو أقر بقبضه بنفسه وتبقى الخصومة بين البائع وشريكه والمشتري
فإن خاصمه شريكه وادعى عليه أنك قبضته نصيبي من الثمن فأنكر فالقول قوله مع يمينه فإن كان للمدعي بينة حكم بها ولا تقبل شهادة المشتري له لانه يجبر بها إلى نفسه نفعاً وإن خاصم البائع المشتري فالقول قول البائع مع يمينه في عدم القبض لأنه منكر فإذا حلف أخذ من المشتري نصف الثمن ولا يشاركه فيه شريكه لأنه يقر أنه يأخذه ظلماً فلا يستحق مشاركته فيه وإن كانت للمشتري بينة حكم بها ولا تقبل شهادة شريكه عليه شريكه عليه لأنه يجربها إلى نفسه نفعاً ومن شهد شهادة يجر بها إلى نفسه نفعاً بطلت شهادته في الكل، ولا فرق بين مخاصمة الشريك قبل مخاصمة المشتري أو بعدها وإن ادعى المشتري أن شريك البائع قبض الثمن منه فصدقه البائع نظرت فإن كان البائع أذن لشريكه في القبض فهي كالتي قبلها وإن لم يأذن له فيه لم تبرأ ذمة المشتري من شئ من الثمن لأن البائع لم يوكله في القبض فقبضه لا يلزمه ولا يبرأ المشتري منه كما لو دفعه إلى أجنبي، ولا يقبل قول المشتري على شريك البائع لأنه ينكره وللبائع بقدر نصيبه لا غير لأنه مقر أن شريكه قبض حقه ويلزم المشتري دفع نصيبه إليه من غير يمين لأن المشتري مقر ببقاء حقه وإن دفعه إلى شريكه لم تبرأ ذمته فإذا قبض حقه فلشريكه مشاركته فيما قبض لأن الدين لهما ثابت بسبب واحد فما قبض منه يكون بينهما كما لو كان ميراثاً وله أن لا يشاركه ويطالب المشتري بحقه كله ويحتمل أن لا يملك الشريك مشاركته فيما قبض لأن كل واحد منهما يستحق ثمن نصيبه الذي ينفرد به فلم يكن لشريكه مشاركته فيما قبض من ثمنه كما لو باع كل واحد نصيبه في
صففة، ويخالف الميراث لأن سبب استحقاق الورثة لا يتبعض فلم يكن للورثة تبعيضه وههنا يتبعض لأنه إذا كان البائع اثنين كان بمنزلة عقدين ولأن الوارث نائب عن الموروث فكان ما يقضه هو للموروث يشترك فيه جميع الورثة بخلاف مسئلتنا فإن ما يقبضه لنفسه، فإن قلنا له مشاركته فيما قبض فعليه اليمين أنه لم يستوف حقه من المشتري ويأخذ من القابض نصف ما قبضه ويطالب المشتري ببقية حقه إذا
حلف له أيضاً أنه ما قبض منه شيئاً وليس للمقبوض منه أن يرجع على المشتري بعوض ما أخذ منه لأنه مقر أن المشتري قد برئت ذمته من حق شريكه وإنما أخذ منه ظلماً فلا يرجع بما ظلمه هذا على غيره، وإن خاصم المشتري شريك البائع وادعى عليه أنه قبض الثمن منه وكانت له بينة حكم بها وتقبل شهادة البائع له إذا كان عدلاً لأنه لا يجر إلى نفسه نفعاً ولا يدفع عنه ضرراً لأنه إذا ثبت أن شريكه قبض الثمن لم يملك مطالبته بشئ لأنه ليس بوكيل له في القبض فلا يقع قبضه له هكذا ذكر بعض أصحابنا، قال شيخنا وعندي لاتقبل شهادته له لأنه يدفع عن نفسه ضرر مشاركة شريكه له فيما يقضه من المشتري فإذا لم يكن بينه فحلف أخذ من المشتري نصف الثمن وإن نكل أخذ المشتري منه نصفه (فصل) وإذا كان العبد بين اثنين فغصب رجل نصيب أحدهما بأن يستولي على العبد ويمنع أحدهما
الانتفاع دون الآخر ثم أن مالك نصفه والغاصب باعا العبد صفقة واحدة صح في نصيب المالك وبطل في نصيب الغاصب، وإن وكل الشريك الغاصب أو وكل الغاصب الشريك في البيع فباع العبد كله صفقة واحدة بطل في نصيب الغاصب في الصحيح وهل يصح في نصيب الشريك؟ على روايتين بناء على تفريق الصفقة وقد بطل البيع في بعضها فييطل في سائرها بخلاف ما إذا باع المالك والغاصب فإنهما عقدان لأن عقد الواحد مع الإثنين عقدان ولو أن الغاصب ذكر للمشتري أنه وكيل في نصفه لصح في نصيب الآذن لكونه كالعقد المنفرد.
(فصل) إذا كان لرجلين دين بسبب واحد إما عقد أو ميراث أو استهلاك أو غير ذلك فقبض أحدهما منه شيئاً فللآخر مشاركته فيه في ظاهر المذهب وعن أحمد ما يدل على أن لأحدهما أخذ حقه دون صاحبه ولا يشاركه الآخر فيما أخذ وهو قول أبي العالية وأبي قلابة وابن سيرين وأبي عبيد، قيل لاحمد بعت أنا وصاحبي متاعاً بيني وبينه فأعطاني حقي وقال هذا حقك خامة وأنا أعطي شريكك بعد؟ قال لا يجوز قيل له فإن أخره أو أبرأه من حقه دون صاحبه؟ قال يجوز، قيل فقد قال أبو عبيد يجوز أن يأخذ دون صاحبه إذا كان له أن يؤخر ويبرئه دون صاحبه ففكر فيها ثم قال هذا يشبه الميراث إذا أخذ منه
بعض الورثة دون بعض وقد قال ابن سيرين وأبو قلابة وأبو العالية من أخذ شيئاً فهو نصيبه قال فرأيته قد احتج له وأجازه قال أبو بكر العمل عندي على ما رواه حنبل وحرب أنه لا يجوز أن يكون نصيب
القابض له فيما أخذه لما في ذلك من قسمة الدين في الذمة من غير رضا الشريك فيكون المأخوذ ولا باقي جميعاً مشتركاً، ولغير القابض الرجوع على القابض بحصته من الدين سواء كان المال باقياً في يده أو أخرجه عنها برهن أو قضاء دين أو غيره، وله أن يرجع على الغريم لأن الحق يثبت في ذمته لهما على وجه سواء فليس له تسليم حق أحدهما إلى الآخر فإن أخذ من الغريم لم يرجع على الشريك بشئ لأن حقه ثبت في أحد المحلين فإذا اختار أحدما سقط حقه من الآخر، وليس للقابض منعه من الرجوع على الغريم بأن يقول أنا أعطيك نصف ما قبضت بل الخيرة إليه من أيهما شاء قبض فإن قبض من شريكه شيئاً رجع الشريك على الغريم بمثله فإن هلك المقبوض في يد القابض تعين حقه فيه ولم يضمنه للشريك لأنه قدر حقه فما تعدى بالقبض وإنما كان لشريكه مشاركته لثبوته في الأصل مشتركاً وإن أبرأ أحد الشريكين من حقه برئ منه لأنه بمنزلة تلفه ولا يرجع على غريمه بشئ وإن أبرأ أحدهما من عشر الدين ثم قبضا من الدين شيئاً اقتسماه على قدر حقهما في الباقي للمبرئ اربعة اتساعه ولشريكه خمسة أتساعه فإن قبضا نصف الدين ثم أبرأ أحدهما من عشر الدين كله نفذت في خمس الباقي وما بقي بينهما على ثمانية لمبرئ ثلاثة أثمانه وللآخر خمسة أثمانه فما قبضاه بعد ذلك اقتسماه على هذا، وإن اشترى أحدهما بنصيبه ثوباً أو غيره فللا خر إبطال الشراء فإن بذل له المشتري نصف الثوب ولا يبطل لم يلزمه ذلك وإن
أجاز البيع ليملك نصف الثوب انبنى على بيع الفضولي هل يقف على الإجازة أو لا؟ وإن أخر أحدهما حقه من الدين جاز لأنه لو اسقط حقه جاز فتأخيره أولى فإن قبض الشريك بعد ذلك شيئاً لم يكن لشريكه الرجوع عليه بشئ ذكره القاضي، والأولى إن له الرجوع لأن الدين الحال لا يتأجل بالتأجيل فوجود التأجيل كعدمه، وأما إذا قلنا بالرواية الأخرى وإن ما يقبضه أحدهما له دون صاحبه فوجهها أن ما في الذمة لا ينتقل الى العين إلا تسليمه الى غريمه أو وكيله وما قبضه أحدهما فليس لشريكه فيه قبض
ولا لو كيله فلا يثبت له فيه حق ويكون لقابضه لثبوت يده عليه بحق فأشبه ما لو كان الدين بسببين وليس هذا قسمة الدين في الذمة وإنما تعين حقه بقبضه فأشبه تعينه بالإبراء ولأنه لو كان لغير لقابض حق في المقبوض لم يسقط بتلفه كسائر الحقوق ولأن هذا القبض إن كان بحق لم يشاركه غيره فيه كما لو كان الدين بسببين وإن كان بغير حق لم يكن له مطالبته لأن حقه في الذمة لا في العين فأشبه مالوا خذ غاصب منه مالا، فعلى هذا ما قبضه القابض يختص به وليس لشريكه الرجوع عليه، وإن اشترى بنصيبه شيئاً صح ولم يكن لشريكه إبطال الشراء، وإن قبض أكثر من حقه بغير إذن شريكه لم يبرأ الغريم مما زاد على حقه (فصل) الثالث شركة الوجوه وقد اختلف في تفسيرها قال الخرقي وهو أن يشترك اثنان بمال غيرهما وقال القاضي معناها أن يدفع واحد ماله الى اثنين مضاربة فكيون المضاربان شريكين في
الربح بمال غير هما لأنهما إذا أخذا المال بجاههما لم يونا مشتركين بملك غيرهما وهذا محتمل، وقال غيره معناها انعما اشتركا فيما يأخذان من مال غيرهما وحملوا كلام الخرقي على ذلك ليكون كلامه جامعاً لأنواع الشركة، وعلى تفسير القاضي تكون الشركة بين ثلاثة ويكون الخرقي قد أخل بذكر نوع من أنواع الشركة، وهي شركة الوجوه على تفسير القاضي فأما شركة الوجوه على ما ذكره شيخنا في الكتاب المشروح فهي أن يشترك اثنان فيما يشتريان بجاههما وثقة التجاربهما من غيران يكون لهما رأس مال على أن ما يشتريانه فهو بينهما نصفين أو أثلاثاً أو نحو ذلك ويبيعان ذلك فما قسم الله من الربح فهو بينهما فهي جائزة سواء عين أحدهما لصاحبه ما يشتريه أو قدره أو ذكر صنف المال أو لم يعين شيئاً من ذلك بل قال ما اشتريت من شئ فهو بيننا، قال أحمد في رواية ابن منصور في رجلين اشتركا بغير رءوس أموالهما على أن ما يشتريه كل واحد منهما بينهما فهو جائز وبهذا قال الثوري ومحمد بن الحسن وابن المنذر وقال أبو حنيفة لا يصح حتى يذكر الوقت أو المال أو صنفاً من الثياب، وقال مالك والشافعي يشترط ذكر شرائط الوكالة لأن شرائط الوكالة معتبرة في ذلك من تعيين الجنس وغيره من شروط الوكالة لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه ولنا أنهما اشتركا في الابتياع وأذن كل واحد منهما للآخر فيه فصح وكان يتبايعانه بينهما كما لو ذكرا شرائط الوكالة وقولهم أن الوكالة لا تصح حتى يقدر الثمن والنوع ممنوع وإن سلم فإنما يعتبر في الوكالة المفردة أما الوكالة
الداخلة في ضمن الشركة فلا يعتبر فيها ذلك بدليل المضاربة وشركة العنان فإن في ضمنها توكيلاً ولا يعتبر فيها شئ من هذا كذا ههنا، فعلى هذا إن قال لرجل ما اشتريت اليوم من شئ فهو بيني وبينك نصفان أو أطلق الوقت فقال نعم أو قال ما اشتريت أنا من شئ فهو بيني وبينك نصفان جازو كانت شركة صحيحة لأنه أذن له في التجارة على أن يكون المبيع بينهما وهذا معنى الشركة ويكون توكيلاً له في شراء نصف المتاع بنصف الثمن فيستحق الربح في مقابلة ملكه الحاصل في المبيع سواء خص ذلك بنوع من المتاع أو أطلق وكذلك لو قالا ما اشتريناه
أو ما اشتراه أحدنا من تجارة فهو بيننا فكل واحد وكيل صاحبه كفيل عنه بالثمن لأن مبناها على الوكالة والكفالة لأن كل واحد منهما وكيل الآخر فيما يشتريه ويبيعه كفيل عنه بذلك (مسألة)(والملك بينهما على ما شرطاه) لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنون على شروطهم، والوضيعة على قدر ملكيهما قياساً على شريكي العنان لأنها في معناها، والربح بينهما على ما شرطاه لذلك، ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما قاله القاضي لأن الربح يستحق بالضمان إذ الشركة وقعت عليه خاصة إذ لا مال لهما فيشتركان على العمل فيه والضمان لا تفاضل فيه فلا يجوز التفاضل في الربح ولانها شريكان في العمل والمال فجاز تفاضلهما في الربح مع تساو يهما في المال كشريكي العنان (مسألة)(وهما في التصرفات كشريكي العنان) يعني فيما يجب لهما وعليهما وفي إقراهما وخصومتهما وغير ذلك على ما ذكرناه وأيهما عزل صاحبه عن التصرف انعزل لأنه وكيله، وسميت شركة الوجوه لأنهما اشتركا فيما يشتريان بجاهما والجاه والوجه واحد يقال فلان وجيه إذا كان ذا جاه قال الله تعالى في موسى عليه السلام (وكان عند الله وجيها)(فصل) الرابع شركة الأبدان وهي أن يشتركا فيما يكتسبان بأبدانهما فهي شركة صحيحة فهي أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه من المباح كالحطب والحشيش والثمار المأخوذة من الحبال والاصطياد والمعادن والتلصص على دار الحرب فهذا جائز نص عليه أحمد في رواية أبي طالب فقال
لا بأس ان يشترك القوم بأبدانهم وليس لهم مال مثل الصيادين والحمالين والنخالين قد أشرك انبي
صلى الله عليه وسلم بين عمار وسعد وابن معسود فجاء سعد بأسيرين ولم يجيئا بشئ، وفسر أحمد صفة الشركة في الغنيمة فقال يشتركان فيما يصيبان من سلب المقتول لأن القاتل يختص به دون الفانمين وبه قال مالك وقال أبو حنيفة يصح في الصناعة ولا يصح في اكتساب المباح كالاحتشاش والاغتنام لأن الشركة مقتضاها الوكالة ولا تصح الوكالة في هذه الأشياء لأن من أخذها ملكها، وقال الشافعي شركة الأبدان كلها فاسدة لأنها شركة على غير مال فلم تصح كما لو اختلفت الصناعات ولنا ما ورى أبو داود والاثرم بإسنادهما عن عبد الله قال اشتركنا أنا وسعد وعمار يوم بدر فلم أجئ انا عمار بشئ وجاء سعد بأسيرين.
ومثل هذا لا يخفى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقرهم وقد قال أحمد أشرك بينهم النبي صلى الله عليه وسلم فإن قيل فالمغانم مشتركة بين الغانمين بحكم الله تعالى فكيف يصح اختصاص هؤلاء بالشركة فيها؟ وقال بعض الشافعية غنائم بدر كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكان له أن يدفعها إلى من يشاء فيحتمل أن يكون فعل ذلك لهذا قلنا أما الأول فالجواب عنه أن غنائم بدر كانت لمن أخذها قبل أن يشرك الله تعالى بينهم ولهذا نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أخذ شيئاً فهو له) فكان ذلك من قبل المباحات من سبق إلى شيئ فهو له ويجوز أن يكون شرك بينهم فيما يصيبون من الاسلاب والنقل إلا أن الأول أصح لقوله جاء سعد بأسيرين ولم أجئ أنا وعما بشئ