المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ

ذَكَرَ فِيهِ الْبَيْعَ وَهُوَ أَوَّلُ النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْمُخْتَصَرِ (يَنْعَقِدُ) أَيْ يَحْصُلُ وَيُوجَدُ (الْبَيْعُ) وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنَافِعَ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ فَتَخْرُجُ الْإِجَارَةُ وَالْكِرَاءُ وَالنِّكَاحُ وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ وَالصَّرْفِ وَالْمُرَاطَلَةُ وَالسَّلَمُ أَيْ لِأَنَّهُ تَعْرِيفٌ لِلْبَيْعِ الْأَعَمِّ كَمَا قَالَ. قَالَ: وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَخَصُّ مِنْهُ بِزِيَادَةِ ذُو مُكَايَسَةِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ مُعَيَّنٌ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ فَتَخْرُجُ الْأَرْبَعَةُ انْتَهَى وَالْمُكَايَسَةُ الْمُغَالَبَةُ.

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْعَاقِدُ وَهُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمِّنُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ وَصَرَّحَ بِالْأَوَّلِ مُبْتَدِئًا بِهِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

[بَابٌ الْبَيْعَ]

«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (بَابٌ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا)(قَوْلُهُ: أَيْ يَحْصُلُ وَيُوجَدُ) إنَّمَا فَسَّرَ يَنْعَقِدُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ انْعِقَادَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَقَوُّمِهِ بِأَجْزَائِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ بِيَصِحُّ أَوْ يَلْزَمُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الصِّيَغِ وَلَا يَكُونُ صَحِيحًا أَوْ لَازِمًا، وَالْحَقَائِقُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْمَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ (قَوْلُهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَيْ عَقْدٌ مُحْتَوٍ عَلَى عِوَضٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِ) أَيْ عَلَى ذَوَاتِ غَيْرِ مَنَافِعِ وَغَيْرِ تَمَتُّعٍ أَيْ انْتِفَاعٍ بِلَذَّةٍ (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ هِبَةُ الثَّوَابِ إلَخْ) أَيْ وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْإِقَالَةُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَتَخْرُجُ مِنْ الْأَخَصِّ بِقَوْلِهِ: ذُو مُكَايَسَةٍ (قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ) هُوَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ مُغَايِرٍ لِنَوْعِهِ، وَأَمَّا الْمُرَاطَلَةُ فَهِيَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدٍ مِنْ نَوْعِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِأَنَّهُ إلَخْ) هَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ عِنْدِ الشَّارِحِ وَلَمَّا كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ الشَّارِحُ كَمَا قَالَ أَيْ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْغَالِبُ عُرْفًا أَيْ وَالْغَالِبُ إطْلَاقُهُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ بِمَعْنَى أَخَصَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمَعْنَى الْأَعَمِّ الْمُتَقَدِّمِ بِسَبَبِ أَنْ يُزَادَ فِي التَّعْرِيفِ السَّابِقِ ذُو مُكَايَسَةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: ذُو مُكَايَسَةٍ) أَيْ صَاحِبُ مُغَالَبَةٍ وَمُشَاحَحَةٍ خَرَّجَ هِبَةَ الثَّوَابِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا مُشَاحَحَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَتَى دُفِعَتْ الْقِيمَةُ لَزِمَ الْوَاهِبَ قَبُولُهَا وَلَا يُجَابُ لِأَزِيدَ وَالْمُرَادُ أَنَّ شَأْنَهُ الْمُكَايَسَةُ وَالْمُغَالَبَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّفُهَا فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ كَبَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ (قَوْلُهُ: أَحَدُ عِوَضَيْهِ غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ) أَيْ وَأَمَّا الْعِوَضُ الْآخَرُ فَصَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ غَيْرَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ عَرَضًا وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدُ الصَّرْفُ وَالْمُرَاطَلَةُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ فِيهِمَا غَيْرُ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ بَلْ الْعِوَضَانِ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فِي الْمُرَاطَلَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا ذَهَبٌ وَالْآخَرُ فِضَّةٌ فِي الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنُ غَيْرِ الْعَيْنِ فِيهِ) إضَافَةُ غَيْرُ فِيهِ لِلْعُمُومِ

ص: 2

(بِمَا) أَيْ بِشَيْءٍ أَوْ بِالشَّيْءِ الَّذِي (يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا.

(وَإِنْ) حَصَلَ الرِّضَا (بِمُعَاطَاةِ) بِأَنْ يَأْخُذَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ وَيَدْفَعَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ أَوْ يَدْفَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فَيَدْفَعَ لَهُ الْآخَرُ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّمٍ وَلَا إشَارَةٍ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمُحَقِّرَاتِ وَلَزِمَ الْبَيْعُ فِيهَا بِالتَّقَابُضِ أَيْ قَبْضِ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنَ، وَأَمَّا أَصْلُ الْبَيْعِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ فَمَنْ أَخَذَ مَا عَلِمَ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِكِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ فَقَدْ وَجَدَ أَصْلَ الْعَقْدِ لَا لُزُومَهُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ إعْطَاءً لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَإِنْ كَانَ الدَّالُّ عَلَى الرِّضَا إعْطَاءً، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ إذْ كَلَامُهُ فِي الِانْعِقَادِ، وَلَوْ بِلَا لُزُومٍ.

(و) إنْ حَصَلَ الرِّضَا (ب) قَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِعْنِي) وَنَحْوَهُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ ابْتِدَاءً (فَيَقُولُ) لَهُ الْبَائِعُ (بِعْت) وَنَحْوَهُ وَإِذَا انْعَقَدَ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَبُولُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مُتَقَدِّمَةً عَلَى الْإِيجَابِ فَأَوْلَى إذَا كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ: اشْتَرِ السِّلْعَةَ مِنِّي أَوْ خُذْهَا بِكَذَا وَنَحْوَهُ وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْتُ وَنَحْوَهُ لِأَنَّ الْإِيجَابَ وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ انْعِقَادُ الْبَيْعِ وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي: لَا أَرْضَى أَوْ كُنْت هَازِلًا، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَهَا عَلَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ رَاجِحٌ وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ مُعَيَّنٌ فِيهِ كُلُّ مَا خَالَفَ الْعَيْنَ خَرَجَ السَّلَمُ فَإِنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ لَيْسَ مُعَيَّنًا بَلْ فِي الذِّمَّةِ وَالْمُرَادُ بِالْمُعَيَّنِ مَا لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ فَيَشْمَلُ الْغَائِبَ فَبَيْعُ الْغَائِبِ لَيْسَ سَلَمًا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْعَيْنِ فِيهِ مُعَيَّنٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ لَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُعَيَّنَةً فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فِي السَّلَمِ فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ فِي السَّلَمِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَرَضًا قُلْت الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا كَانَ أَوْ عَرَضًا، وَإِنَّمَا آثَرَ الْعَيْنَ بِالذِّكْرِ نَظَرًا لِلشَّأْنِ اهـ عَدَوِيٌّ

. (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مِنْ الْعَاقِدَيْنِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ بِشَيْءٍ إلَخْ، إلَى أَنَّ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ نَكِرَةً وَأَنْ تَكُونَ مَعْرِفَةً وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَوْصُولَ يَعُمُّ دَائِمًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا النَّكِرَةُ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَقَدْ تَعُمُّ وَقَدْ لَا تَعُمُّ (قَوْلُهُ: بِمَا يَدُلُّ) أَيْ عُرْفًا سَوَاءٌ دَلَّ عَلَى الرِّضَا لُغَةً أَيْضًا أَوْ لَا فَالْأَوَّلُ كَبِعْتُ وَاشْتَرَيْت وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالثَّانِي كَالْكِتَابَةِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمُعَاطَاةِ.

(قَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ مِنْ قَوْلٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْهُمَا أَوْ قَوْلٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكِتَابَةٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ إشَارَةٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ جَانِبٍ وَقَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ مِنْ الْآخَرِ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَالُّ الرِّضَا غَيْرَ مُعَاطَاةٍ بِأَنْ كَانَ قَوْلًا أَوْ كِتَابَةً أَوْ إشَارَةً بَلْ، وَإِنْ كَانَ دَالُّ الرِّضَا مُعَاطَاةً وِفَاقًا لِأَحْمَدَ وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ الْقَائِلُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَوْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْبَيْعُ مِنْ الْمُحَقَّرَاتِ أَمْ لَا، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْمُحَقَّرَاتِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَوْلِ عِنْدَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَتَكْفِي الْمُعَاطَاةُ فِي الْمُحَقَّرَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَلُزُومُ الْبَيْعِ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُعَاطَاةِ بِالتَّقَابُضِ أَيْ بِالْقَبْضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَمَنْ أَخَذَ رَغِيفًا مِنْ شَخْصٍ وَدَفَعَ لَهُ ثَمَنَهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَذَ الرَّغِيفَ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهُ فَيَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ وَأَخْذُ بَدَلِهِ لِعَدَمِ لُزُومِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعَقْدُ) أَيْ صِحَّةُ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْأَكْلِ وَنَحْوِهِ، أَيْ كَالصَّدَقَةِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ أَيْ إنْ وَجَدَ مِنْ الْآخَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعٌ بَيْنَهُمَا وَأَكْلُهُ غَيْرُ حَلَالٍ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ الرِّضَا بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ: بِعْنِي) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَبِعْنِي إلَخْ مَدْخُولٌ لِلْمُبَالَغَةِ فَهُوَ عُطِفَ عَلَى بِمُعَاطَاةٍ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِهَا وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ لِانْدِرَاجِ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا أَنَّ كُلَّ مُبَالَغَةٍ ذَكَرَهَا بَعْدَ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ، كَذَلِكَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ كَمَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْمُعَاطَاةِ يَنْعَقِدُ بِتَقَدُّمِ الْقَبُولِ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي: بِعْنِي فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ وَفِيمَا قَبْلَهَا وَلِهَذَا أَتَى بِهَذِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ، وَإِنْ بِمُعَاطَاةٍ لِدُخُولِهَا مَعَهَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت وَنَحْوَهُ) أَيْ كَأَخَذْتُهَا أَوْ رَضِيَتْ بِهَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَقَعَ فِي مَحَلِّهِ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِيجَابِ أَنْ يَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ أَوَّلًا وَيَقَعُ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا (قَوْلُهُ: انْعِقَادُ الْبَيْعِ) أَيْ لُزُومُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِكَاكُ عَنْهُ أَيْ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا: بِعْنِي، فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلٌ رَاجِحٌ) هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْرٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اهـ خش وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَاضِيَ يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ اتِّفَاقًا وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ مَنْ أَتَى بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ، وَلَوْ حَلَفَ وَالْمُضَارِعُ إنْ حَلَفَ مَنْ أَتَى بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ أَوْ الشِّرَاءَ قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَا لَزِمَ، وَأَمَّا الْأَمْرُ فَهَلْ هُوَ كَالْمَاضِي وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ كَالْمُضَارِعِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْأَرْجَحَ وَالْمَعْمُولَ عَلَيْهِ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ) لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، كَذَا قَالَ عج -

ص: 3

كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ الْآتِيَة؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَحِينَئِذٍ فَمَحَلُّ الِانْعِقَادِ بِذَلِكَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الرِّضَا بِهِ أَوْ خَالَفَ وَلَمْ يَحْلِفْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ وَأُجِيبَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمَّا بَيَّنَ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ صِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْآتِيَةِ فَأَوْلَى مَعَ صِيغَةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمُضَارِعِ عَلَى الْبَيْعِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ لِدَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَى الْحَالِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ.

(و) يَنْعَقِدُ (ب) قَوْلِ الْمُشْتَرِي (ابْتَعْت) وَاشْتَرَيْت وَنَحْوَ ذَلِكَ بِصِيغَةِ الْمَاضِي (أَوْ) بِقَوْلِ الْبَائِعِ (بِعْتُك) أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَذَلِكَ (وَيَرْضَى الْآخَرُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَهُوَ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ بِأَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَظَاهِرُهُ الِانْعِقَادُ، وَلَوْ قَالَ الْبَادِئُ: لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا كُنْت مَازِحًا مَثَلًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ الْمُشَارِ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ) الْمُتَكَلِّمُ بِالْمُضَارِعِ ابْتِدَاءً مِنْهُمَا وَلَا يَلْزَمُهُ الْبَيْعُ (وَإِلَّا) يَحْلِفُ (لَزِمَ) الْبَيْعُ وَلَا تُرَدُّ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ.

(إنْ قَالَ أَبِيعُكَهَا بِكَذَا) فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ (أَوْ) قَالَ الْمُشْتَرِي (أَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ) أَيْ بِكَذَا فَرَضِيَ الْبَائِعُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: لَمْ أُرِدْ الشِّرَاءَ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ فَمَحَلُّ الْحَلِفِ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ.

(أَوْ تَسَوَّقَ بِهَا) عُطِفَ عَلَى أَنْ قَالَ أَيْ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَإِلَّا لَزِمَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَكِنَّ كَلَامَ بْن نَقْلًا عَنْ ح يَقْتَضِي اعْتِمَادَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ انْعِقَادِ الْبَيْعِ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَرْضَى أَوْ كُنْت هَازِلًا، وَلَوْ حَلَفَ وَنَصُّهُ، مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلِ غَيْرِهِ فِي غَيْرِهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَنَدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْقِيَاسِ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ وَكَانَ قِيَاسُهُ هَذَا مَطْعُونًا فِيهِ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ الْبَحْثَ فِيهِ فَجَزَمَ بِاللُّزُومِ، وَلَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي وَحَلَفَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ الْآتِيَةِ) مُرَادُهُ بِهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَحَلَفَ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ قَالَ إلَى قَوْلِهِ أَخَذْتهَا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ، وَإِنَّمَا كَانَ هَازِلًا لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ دَلَالَةَ الْمُضَارِعِ عَلَى الْبَيْعِ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْ وَقَدْ قَالُوا: يَطْلُبُ الْيَمِينَ مِنْ الرَّاجِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ مَعَ كَوْنِهِ آتِيًا بِالْمُضَارِعِ الْأَقْوَى دَلَالَةً فَلْيَكُنْ طَلَبُ الْيَمِينِ مِنْ الرَّاجِعِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا الرَّاجِعُ بِالْأَمْرِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى، كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَتَعَقَّبَهُ بْن قَائِلًا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَدَلَالَةُ الْأَمْرِ عَلَى الرِّضَا أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْمُضَارِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ اللُّغَةِ مُحْتَمَلًا بِخِلَافِ الْمُضَارِعِ، فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ فِي انْعِقَادِ الْبَيْعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا لِذَلِكَ لُغَةً فَالْمَاضِي لَمَّا كَانَ دَالًّا عَلَى الرِّضَا مِنْ غَيْرِ احْتِمَالٍ انْعَقَدَ الْبَيْعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ، وَالْأَمْرُ كَبِعْنِي إنَّمَا يَدُلُّ لُغَةً عَلَى الْأَمْرِ بِالْبَيْعِ لَهُ أَوْ الْتِمَاسِهِ مِنْهُ إلَّا أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِرِضَاهُ وَعَدَمِهِ لَكِنَّ الْعُرْفَ دَلَّ عَلَى رِضَاهُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَوِي الْأَمْرُ مَعَ الْمَاضِي

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بِصِيغَةِ الْمَاضِي.

(قَوْلُهُ: فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمُصَدَّرَتَيْنِ بِالْمَاضِي، أَعْنِي: ابْتَعْت وَبِعْتُك (قَوْلُهُ: بِأَيِّ شَيْءٍ يَدُلُّ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إشَارَةٍ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَقَبِلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَاضِي) أَيْ فَقَالَ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِهِ، وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ وَقَوْلُهُ: وَالْمُضَارِعُ أَيْ فَقَالَ: إنَّهُ يَلْزَمُ بِهِ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرَدُّ) أَيْ الْيَمِينُ عَلَى الثَّانِي

(قَوْلُهُ: إنْ قَالَ أَبِيعُكهَا بِكَذَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَرَضَ رَجُلٌ سِلْعَتَهُ لِلْبَيْعِ وَقَالَ: مَنْ أَتَانِي بِعَشَرَةٍ فَهِيَ لَهُ فَأَتَاهُ رَجُلٌ بِذَلِكَ إنْ سَمِعَ كَلَامَهُ أَوْ بَلَغَهُ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ مَنْعُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَلَا بَلَغَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ذَكَرَهُ فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْيَارِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ) أَيْ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَعْدَ أَوْ الْمَزْحَ (قَوْلُهُ: لَمْ أُرِدْ الشِّرَاءَ) أَيْ، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْوَعْدَ بِهِ أَوْ الْمَزْحَ وَالْهَزْلَ؛ لِأَنَّ هَزْلَ الْبَيْعِ لَيْسَ جِدًّا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْهَزْلُ جِدًّا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعِتْقِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: فَمَحَلُّ الْحَلِفِ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَرَدُّدٌ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَمِينٌ وَيَلْزَمُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْمُضَارِعِ أَوَّلًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَرَدُّدَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَاعِبٍ وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: يَا فُلَانُ بِعْنِي سِلْعَتَك بِعَشَرَةٍ فَيَقُولُ: لَا، فَيَقُولُ لَهُ: بِأَحَدَ عَشَرَ فَيَقُولُ: لَا، ثُمَّ يَقُولُ الْبَائِعُ: أَبِيعُكَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ، فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: قَبِلْت؛ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بَيْعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بَعْدُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةٍ يَلْزَمُهُ بِهَا الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ كَصِيغَةِ الْمَاضِي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي صِيغَةِ الْمُضَارِعِ كَمَا هُوَ لَفْظُهُ فَإِذَا أَتَى أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ الْمَاضِي وَرَجَعَ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا رَضِيَ صَاحِبُهُ بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَإِلَّا لَزِمَهُ) -

ص: 4

الْبَيْعُ إنْ تَسَوَّقَ بِهَا أَيْ أَوْقَفَهَا فِي سُوقِهَا (فَقَالَ) لَهُ شَخْصٌ (بِكَمْ) تَبِيعُهَا (فَقَالَ) لَهُ (بِمِائَةٍ) مَثَلًا (فَقَالَ) الشَّخْصُ (أَخَذْتُهَا) بِهَا فَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْبَيْعَ قَالَ الْحَطَّابُ مَفْهُومُ تَسَوَّقَ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَحُكْمُ مَا تَسَوَّقَ وَمَا لَمْ يَتَسَوَّقْ سَوَاءٌ وَهُوَ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ عَلَى إرَادَتِهِ فَيَلْزَمُهُ الْبَيْعُ كَمَا إذَا حَصَلَ تَمَاكُسٌ وَتَرَدُّدٌ بَيْنَهُمَا أَوْ سَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ قَالَ: لَا أَرْضَى فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ.

وَأَشَارَ لِلْعَاقِدِ مِنْ بَائِعٍ وَمُشْتَرٍ بِذِكْرِ شَرْطَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَشَرْطُ) صِحَّة عَقْدِ (عَاقِدِهِ) أَيْ الْبَيْعِ (تَمْيِيزٌ) بِأَنْ يَكُونَ إذَا كَلَّمَ بِشَيْءٍ مِنْ مَقَاصِدِ الْعُقَلَاءِ فَهِمَهُ وَأَحْسَنُ الْجَوَابِ عَنْهُ فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لِصِغَرٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَفْهُومِ قَوْلَهُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزِهِ (بِسُكْرٍ) حَرَامٌ أَيْ بِسَبَبِهِ (فَتَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَشْهُورِ فَرَجَعَ الْأَمْرُ إلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِ التَّرَدُّدِ لَا سِيَّمَا وَهُوَ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ إذْ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا كَأَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ هَذَا الْمَشْرُوبَ غَيْرُ مُسْكِرٍ، فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ الْمُطْبِقِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيْعُهُ وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ اتِّفَاقًا وَالْمُرَادُ بِالْمُسْكِرِ هُنَا مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ فَيَشْمَلُ الْمُرْقِدَ وَالْمُخَدِّرَ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ الَّذِي عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَبَيْعُهُ صَحِيحٌ قَطْعًا لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْبَيْعُ إنْ تَسَوَّقَ بِهَا إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهُ عَدَمُ الرِّضَا، وَلَوْ حَلَفَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَفَصَّلَ الْأَبْهَرِيُّ فَقَالَ: إنْ أَشْبَهَ مَا سَمَّاهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ لَزِمَ الْبَيْعُ وَإِلَّا حَلَفَ وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ جَارِيَةٌ فِي صُورَةِ الْمَنْطُوقِ وَالْمُعْتَمَدُ أَوَّلُهَا وَهُوَ الْحَلِفُ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ وَإِلَّا لَزِمَ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْمَفْهُومِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ: وَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ الْخِلَافَ مَوْجُودٌ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَوْقُوفَةٍ لِلسَّوْمِ اُنْظُرْ بْن وَعَلَى هَذَا فَيُزَادُ فِي الْمَفْهُومِ قَوْلٌ رَابِعٌ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ خش.

(قَوْلُهُ: مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالْعَلَّامَةُ بْن خِلَافًا لخش حَيْثُ ضَعَّفَهُ وَاعْتَمَدَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ وَأَنَّ غَيْرَ الْمَوْقُوفَةِ لِلسَّوْمِ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا أَنَّهُ لَاعِبٌ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ إلَخْ) إنَّمَا عَمِلَ بِالْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لِلتُّهْمَةِ وَهِيَ تَنْتَفِي بِالْقَرِينَةِ كَمَا قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: إذَا حَصَلَ تَمَاكُسٌ وَتَرَدُّدٌ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتُهَا بِخَمْسِينَ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا فَقَالَ لَهُ بِسِتِّينَ فَقَالَ الْبَائِعُ لَا فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِكَمْ تَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: بِمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْتُهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَقُمْ إلَخْ) هَذِهِ الْحَالَةُ مَحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(تَنْبِيهٌ) لَا يَضُرُّ فِي الْبَيْعِ الْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَا عَنْ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ عُرْفًا وَلِلْبَائِعِ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي فِي الْمُزَايَدَةِ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِ إلْزَامِهِ، كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا زَادَ فِي السِّلْعَةِ وَأَعْرَضَ عَنْهُ صَاحِبُهَا أَوْ انْفَضَّ الْمَجْلِسُ، فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُ بِهَا وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ بِيَدِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا كَانَ لِرَبِّهَا إلْزَامُهُ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَشَرَطَ صِحَّةَ عَقْدِ عَاقِدِهِ) إنَّمَا قُدِّرَ الْمُضَافُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا هُوَ الْعَقْدُ لَا الْعَاقِدُ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ الْمُضَافُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ فَإِنَّ الَّذِي يُقَابِلُ اللُّزُومَ الصِّحَّةُ وَقَدْ يُقَالُ: الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ شَرْطٌ فِي وُجُودِ الْعَقْدِ لَا فِي صِحَّتِهِ فَالْمُرَادُ شَرْطُ وُجُودِ عَقْدِ عَاقِدِهِ؛ لِأَنَّ فَقْدَ التَّمْيِيزِ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْبَيْعِ بِحَيْثُ لَا تُوجَدُ حَقِيقَتُهُ لِفَقْدِ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا لَا صِحَّتُهُ مَعَ وُجُودِ حَقِيقَتِهِ تَأَمَّلْ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْعَقِدُ مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ) خِلَافًا لِمَا فِي طفى مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَجَعَلَ التَّمْيِيزَ شَرْطًا فِي لُزُومِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي التَّلْقِينِ وَفَسَادُ الْبَيْعِ يَكُونُ لِأُمُورٍ مِنْهَا مَا يَرْجِعُ إلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّنْ لَا يَصِحُّ عَقْدُهُ كَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ أَوْ غَيْرِ عَالِمٍ بِالْبَيْعِ، وَقَوْلُ ابْنِ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ أَنَّ بَيْعَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ وَقَوْلُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّ الْعَقْدَ مِنْ غَيْرِ تَمْيِيزٍ فَاسِدٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ لِتَوَقُّفِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَلَى الرِّضَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ» فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا مُعْتَبَرٍ وَهُوَ مَفْقُودٌ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَفْهُومِ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَلَا يَنْعَقِدُ بَيْعُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ تَمْيِيزَةِ بِسُكْرٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَفِي عَدَمِ انْعِقَادِ بَيْعِهِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ: وَطَرِيقَةُ ابْنِ شَعْبَانَ) أَيْ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: إذْ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا) أَيْ يُوهِمُ أَنَّ أَحَدَ التَّرَدُّدَيْنِ قَائِلٌ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ وَالْآخَرُ قَائِلٌ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: مَا غَيَّبَ الْعَقْلَ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ نَشْأَةٍ وَطَرِبٍ أَوْ لَا، غَيَّبَ الْحَوَاسَّ أَيْضًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ لَا يَلْزَمُ) أَيْ فَلَهُ إذَا أَفَاقَ أَنْ يَرُدَّهُ وَأَنْ يَمْضِيَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي إقْرَارَتِهِ وَسَائِرِ عُقُودِهِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُقُودِ) أَيْ وَهِيَ كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ الطَّلَاقِ وَمَا بَعْدَهُ فَهِيَ إخْرَاجَاتٌ

ص: 5

كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحُدُودِ وَالْجِنَايَاتِ فَتَلْزَمُهُ.

(و) شَرْطُ (لُزُومِهِ) أَيْ عَقْدَ عَاقِدِهِ (تَكْلِيفٌ) وَرُشْدٌ وَطَوْعٌ فِي بَيْعِ مَتَاعِ نَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي بَيْعِ مَتَاعِ غَيْرِهِ وَكَالَةٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ وَيَلْزَمُ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ أَوَّلًا فِي الْبَيْعِ كَافٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ الثَّالِثِ.

قَوْلُهُ (لَا إنْ أُجْبِرَ) الْعَاقِدُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ، وَكَذَا عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ طَلَبُ مَالٍ ظُلْمًا، وَلَوْ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْبَيْعِ عَلَى الْمَذْهَبِ (جَبْرًا حَرَامًا) وَهُوَ مَا لَيْسَ بِحَقٍّ فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ (وَرُدَّ عَلَيْهِ) مَا جُبِرَ عَلَى بَيْعِهِ أَوْ عَلَى سَبَبِهِ وَلَا يُفِيتُهُ تَدَاوُلُ أَمْلَاكٍ وَلَا عِتْقٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا إيلَادٍ (بِلَا ثَمَنٍ) هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا أُجْبِرَ عَلَى سَبَبِهِ بِأَنْ أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ مَالٍ لِظَالِمٍ فَبَاعَ مَتَاعَهُ لِذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْبَيْعِ فَقَطْ فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَيَجِبُ رَدُّ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ (وَمَضَى) بَيْعُ الْمَجْبُورِ (فِي جَبْرِ عَامِلٍ) جَبَرَهُ السُّلْطَانُ عَلَى بَيْعِ مَا بِيَدِهِ لِيُوفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا ظَلَمَ فِيهِ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ جَبْرَهُ هَذَا حَقٌّ فَعَلَهُ السُّلْطَانُ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِجَازِ لَكَانَ أَحْسَنَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ جَارٍ فِي الطَّافِحِ وَمَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ مِنْ التَّمْيِيزِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الطَّافِحُ كَالْمَجْنُونِ لَا يُؤَاخَذُ بِشَيْءٍ أَصْلًا لَا جِنَايَاتٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنْ نَوْعٍ مِنْ التَّمْيِيزِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: إذَا كَانَ السَّكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ إلَّا فِيمَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ، وَإِنْ كَانَ السَّكْرَانُ عِنْدَهُ بَقِيَّةٌ مِنْ عَقْلِهِ فَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجُوزُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فَعَلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَتَلْزَمُهُ الْجِنَايَاتُ وَالْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَالْحُدُودُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَالْعُقُودُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ اهـ فَتَبَيَّنَ أَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِي النَّوْعِ الثَّانِي لَا فِي كِلَيْهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ نَحْوَهُ لِلْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَلَى مَا فِي ح عَنْهُ اهـ بْن. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ أَلْ فِي الْعُقُودِ وَالْإِقْرَارَاتِ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ كَسَائِرِ عُقُودِهِ وَإِقْرَارَاتِهِ أَيْ مَنْ عِنْدَهُ نَوْعُ تَمْيِيزٍ فَإِنَّهَا لَا تَلْزَمُهُ بِخِلَافِ طَلَاقِهِ وَعِتْقِهِ فَيَلْزَمُهُ

(قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ الثَّالِثِ) أَيْ وَهُوَ الطَّوْعُ أَيْ وَأَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى تَقْدِيرِ الثَّانِي وَهُوَ الرُّشْدُ فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ أَيْ غَيْرِ رَشِيدٍ وَلَا يَضُرُّ بَعْدَ مَوْضِعِ الْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ فَبَاعَ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لِلْمَصْلَحَةِ وَهِيَ الرِّفْقُ بِالْمَسْجُونِ لِئَلَّا يَتَبَاعَدَ النَّاسُ مِنْ الشِّرَاءِ فَيَهْلَكُ الْمَظْلُومُ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ كِنَانَةَ قَدْ اخْتَارَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالسُّيُورِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ هِلَالٍ وَالْعُقْبَانِيُّ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ، كَذَا فِي بْن. وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ إذَا سَلَّفَهُ إنْسَانٌ دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَمِنَهُ إنْسَانٌ فَدَفَعَ الْمَالَ عَنْهُ لِعَدَمِهِ، فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الظَّالِمِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لِلْمُكْرَهِ أَنْ يَقُولَ لِلْحَمِيلِ: أَنْتَ ظَلَمْت وَمَالُك لَمْ تَدْفَعْهُ لِي بِخِلَافِ الْمُسَلِّفِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ الْمُسَلِّفِ كَالْحَمِيلِ عَلَى الْمُكْرَهِ بَلْ عَلَى الظَّالِمِ.

(قَوْلُهُ: جَبْرًا حَرَامًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيْعِ جَبْرًا حَلَالًا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا كَجَبْرِهِ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ لِتَوْسِعَةِ الْمَسْجِدِ أَوْ الطَّرِيقِ أَوْ الْمَقْبَرَةِ أَوْ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ لِنَفَقَةِ زَوْجَةٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ الْأَبَوَيْنِ وَمِنْ الْجَبْرِ الْحَلَالِ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيْعِ لِأَجْلِ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَرَاجِ الْحَقِّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ إنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ الَّتِي أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِلْمُشْتَرِي وَأَمْضَى الْبَيْعَ، فَقَوْلُهُ: وَرُدَّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْبَائِعِ أَيْ إنْ أَرَادَ الْبَائِعُ الرَّدَّ وَلَهُ أَنْ يَمْضِيَهُ (قَوْلُهُ: بِلَا ثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الظَّالِمِ أَوْ وَكِيلِهِ بِالثَّمَنِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ مُكْرَهٌ أَمْ لَا تَوَلَّى الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ قَبْضَ الثَّمَنِ بِيَدِهِ أَوْ قَبَضَهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا خَاصٌّ إلَخْ) وَقَدْ اعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ فِي أَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ إذَا رَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ عَلَى سَبَبِ الْبَيْعِ فِيهِ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ قِيلَ: إنَّهُ لَازِمٌ وَبِهِ الْعَمَلُ وَفِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَعَلَيْهِ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ فَهَلْ يُرَدُّ بِالثَّمَنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَبَقِيَ قَوْلٌ رَابِعٌ لِسَحْنُونٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَضْغُوطَ إنْ كَانَ قَبَضَ الثَّمَنَ رَدَّ الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا يَغْرَمُهُ، وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى الْبَيْعِ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَيُرَدُّ الْمَبِيعُ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ قَوْلًا وَاحِدًا.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِبَيِّنَةِ) تَشْهَدُ بِتَلَفِهِ مِنْ الْبَائِعِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّمَنِ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ وَهُوَ قَوْلٌ، وَقِيلَ: إنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينٍ كَالْمُودِعِ (قَوْلُهُ: فِي جَبْرِ عَامِلٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَلْتَزِمُ بِالْبَلَدِ أَوْ الْإِقْلِيمِ وَيَظْلِمُ النَّاسَ، وَكَذَا كُلُّ حَاكِمٍ ظَلَمَ فِي حُكْمِهِ كَقَائِمٍ مَقَامَ الَّذِي يَنْزِلُ الْبَلَدَ مِنْ طَرَفِ الْمُلْتَزَمِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَضَى يُوهِمُ أَنَّ جَبْرَ -

ص: 6

وَمَحَلُّ بَيْعِ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ إنْ لَمْ تَكُنْ السِّلْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ بَاقِيَةً بِعَيْنِهَا وَإِلَّا أَخَذَهَا رَبُّهَا.

(وَمُنِعَ) أَيْ حَرُمَ عَلَى الْمُكَلَّفِ (بَيْعُ) رَقِيقٍ (مُسْلِمٍ) صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ (وَمُصْحَفٍ) وَجُزْئِهِ وَكُتُبِ حَدِيثٍ (وَصَغِيرٍ) كَافِرٍ كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ مَجُوسِيًّا لِجَبْرِهِمَا عَلَى الْإِسْلَامِ وَفِي مَفْهُومِ صَغِيرٍ وَهُوَ الْكَبِيرُ أَيْ الْبَالِغُ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ كَالْمَجُوسِيِّ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ كَانَ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُجْبَرُ كَالْكِتَابِيِّ الْكَبِيرِ جَازَ بَيْعُهُ إنْ كَانَ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ (لِكَافِرٍ) ذِمِّيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَا يُمْنَعُ بَيْعُ كُلِّ شَيْءٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِهِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ جَارِيَةٍ لِأَهْلِ الْفَسَادِ أَوْ مَمْلُوكٍ (وَأُجْبِرَ) الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ لِلْبَيْعِ (عَلَى إخْرَاجِهِ) عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ أَوْ (بِعِتْقٍ) نَاجِزٍ (أَوْ هِبَةٍ) لِمُسْلِمٍ (وَلَوْ) وَهَبَتْهُ كَافِرَةٌ اشْتَرَتْهُ (لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ) الْمُسْلِمِ وَقُدْرَتِهَا عَلَى اعْتِصَارِهَا مِنْهُ لَا تُمْنَعُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي الْإِخْرَاجِ (عَلَى الْأَرْجَحِ لَا) يَكْفِي الْإِخْرَاجُ (بِكِتَابَةٍ) إنْ لَمْ تَبِعْ وَإِلَّا كُفَّتْ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ بَيْعِهَا بِقَوْلِهِ وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَبِيعَتْ، وَلَوْ قَالَ لَا بِكَكِتَابَةٍ لِيَشْمَلَ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ وَالْعِتْقَ لِأَجَلٍ كَانَ أَوْلَى وَيُؤَاجَرُ الْمُدَبَّرُ وَنَجَزَ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ وَتُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ.

(و) لَا (رَهْنٍ) فِي دَيْنٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْعَامِلِ عَلَى بَيْعِ مَا بِيَدِهِ لِوَفَاءِ مَا ظَلَمَ فِيهِ غَيْرَهُ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً، وَإِنْ كَانَ يَمْضِي الْبَيْعُ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ بَلْ وَاجِبٌ، وَأَجَابَ بْن بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَضَى فِي جَبْرِ عَامِلٍ أَيْ وَمَضَى عَمَلُ الْقُضَاةِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي جَبْرِ عَامِلٍ وَهُوَ إشَارَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ أَنَّ مَنْ تَصَرَّفَ لِلسُّلْطَانِ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ أَنَّهُ إذَا ضَغَطَ لَهُ فَبَيْعُهُ جَائِزٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي أَخْذِ الْمَالِ وَإِعْطَائِهِ فَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ إذَا ضَغَطَ، فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ فَلَهُ الْقِيَامُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ضَغَطَ فِيمَا خَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حَصَلَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَمْ يَضْغَطْ إلَّا فِيمَا صَارَ عِنْدَهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ.

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ بَيْعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ جَبْرِ السُّلْطَانِ لِلْعَامِلِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَجْلِ أَنْ يُوفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا ظَلَمَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْعَامِلُ غَصَبَ أَعْيَانًا وَاسْتَمَرَّتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ وَعَلِمَ رَبُّهَا وَإِلَّا أَخَذَهَا رَبُّهَا

(قَوْلُهُ: وَمُصْحَفٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِقِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ كَمُصْحَفِ ابْنِ مَسْعُودٍ؛ لِأَنَّهُ كَكُتُبِ الْعِلْمِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَكُتُبِ حَدِيثٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ يَمْنَعُ بَيْعَ كُتُبِ الْعِلْمِ لَهُمْ مُطْلَقًا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ الَّذِي يَشْتَرِي مَا ذَكَرَ يُعَظِّمُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَمَلُّكِهِ لَهُ إهَانَةٌ وَيَمْنَعُ أَيْضًا بَيْعَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَهُمْ

لِأَنَّهَا مُبَدَّلَةٌ فَفِيهِ إعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى ضَلَالِهِمْ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يَمْنَعُ بَيْعَ مَا ذُكِرَ لَهُمْ تُمْنَعُ أَيْضًا هِبَتُهُ لَهُمْ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ وَيَمْضِي الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسَلَّمِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَلَكِنْ يُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِمْ كَالْمَبِيعِ لَهُمْ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ جَارِيَةٍ لِأَهْلِ الْفَسَادِ) أَيْ أَوْ بَيْعِ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً وَالْخَشَبَةُ لِمَنْ يَتَّخِذْهَا صَلِيبَهُ وَالْعِنَبُ لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا وَالنُّحَاسُ لِمَنْ يَتَّخِذْهُ نَاقُوسًا، وَكَذَا يُمْنَعُ أَنْ يُبَاعَ لِلْحَرْبِيِّينَ آلَةُ الْحَرْبِ مِنْ سِلَاحٍ أَوْ كُرَاعٍ أَوْ سَرْجٍ وَكُلُّ مَا يَتَّقُونَ بِهِ فِي الْحَرْبِ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ خِبَاءٍ أَوْ مَاعُونٍ وَيُجْبَرُونَ عَلَى إخْرَاجِ ذَلِكَ، وَأَمَّا بَيْعُ الطَّعَامِ لَهُمْ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَجُوزُ فِي الْهُدْنَةِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْهُدْنَةِ فَلَا يَجُوزُ، وَاَلَّذِي فِي الْمِعْيَارِ عَنْ الشَّاطِبِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَابْنُ جُزَيٍّ فِي الْقَوَانِينَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا عَنْ الشَّاطِبِيِّ أَنَّ بَيْعَ الشَّمْعِ لَهُمْ مَمْنُوعٌ إذَا كَانُوا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى إضْرَارِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ كَانَ لِأَعْيَادِهِمْ فَمَكْرُوهٌ، اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ لِلْبَيْعِ عَلَى إخْرَاجِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا. وَنَسَبَهُ سَحْنُونٌ لِأَكْثَرِ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَافِرٌ أَمَّا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِلَا خِلَافٍ وَيُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِبَيْعٍ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ لِعِلْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى بَيْعَهُ الْإِمَامُ لَا السَّيِّدُ الْكَافِرُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إهَانَةً لِلْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ السَّيِّدَ الْكَافِرَ يَتَوَلَّاهَا وَلَيْسَ تَوْلِيَتُهُ لَهَا كَتَوْلِيَةِ الْبَيْعِ فِي إهَانَةِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ تَوَلَّى الْكَافِرُ بَيْعَهُ نَقَضَهُ الْإِمَامُ وَبَاعَهُ هُوَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ بِالْهِبَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ صَادِرَةً مِنْ كَافِرَةٍ اشْتَرَتْهُ وَوَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ أَيْ أَوْ مِنْ كَافِرٍ اشْتَرَاهُ وَوَهَبَهُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ فَالْأَبُ كَالْأُمِّ وَالْأُنْثَى فَرْضُ مَسْأَلَةٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ إلَخْ) مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ إنَّ هِبَتَهَا لِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ لَا تَكْفِي فِي الْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الصَّغِيرَ مَعَ أَنَّ الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ سَوَاءٌ فِي الِاعْتِصَارِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ فِيهِ فَرْضَ الْخِلَافِ وَالتَّرْجِيحِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَأَمَّا الْهِبَةُ لِلْكَبِيرِ فَإِنَّهَا تَكْفِي فِي الْإِخْرَاجِ اتِّفَاقًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى إفَاتَةِ الِاعْتِصَارِ بِالتَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: وَلَا رَهْنٍ) -

ص: 7

فَيُؤْخَذُ الرَّهْنُ وَيُبَاعُ (وَأَتَى) الْكَافِرُ الرَّاهِنُ بَدَلَهُ (بِرَهْنِ ثِقَةٍ) فِيهِ وَفَاءٌ لِلدَّيْنِ (إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ) حِينَ ارْتِهَانِهِ (بِإِسْلَامِهِ) أَيْ إسْلَامِ الْعَبْدِ الرَّهْنِ وَهَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ مُحْرِزٍ (وَلَمْ يُعَيِّنْ) لِلرَّهْنِيَّةِ أَيْ لَمْ يَقَعْ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ فِي قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ عَلَى رَهْنِهِ بِعَيْنِهِ وَهَذَا الْقَيْدُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ عَيَّنَهُ أَمْ لَا أَوْ عَلِمَ بِإِسْلَامِهِ وَعَيَّنَ (عَجَّلَ) الدَّيْنَ لِرَبِّهِ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي قَبُولِ التَّعْجِيلِ وَفِي بَقَاءِ ثَمَنِ الْعَبْدِ الَّذِي أَسْلَمَ رَهْنًا وَفِي رَهْنِ ثِقَةٍ بَدَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْسَرًا بَقِيَ ثُمَّ شَبَّهَ فِي التَّعْجِيلِ قَوْلُهُ (كَعِتْقِهِ) أَيْ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ الْمَرْهُونَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ مُطْلَقًا كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ لَا وَجَبَ تَعْجِيلُ دَيْنِهِ بِشَرْطِهِ.

(و) إذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ (جَازَ) لِلْمُشْتَرِي (رَدُّهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ (بِعَيْبٍ) ثُمَّ يُجْبَرُ الْكَافِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا مَرَّ.

(و) إنْ بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ بِخِيَارٍ لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ زَمَنَ الْخِيَارِ، فَإِنْ حَصَلَ إسْلَامُهُ (فِي) زَمَنِ (خِيَارِ مُشْتَرٍ) بِالتَّنْوِينِ (مُسْلِمٍ) نَعْتُهُ (يُمْهَلُ) الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمُ ذُو الْخِيَارِ (لِانْقِضَائِهِ) أَيْ لِانْقِضَاءِ زَمَنِ خِيَارِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْعَبْدِ، فَإِنْ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ جُبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا تَقَدَّمَ (و) إنْ أَسْلَمَ فِي خِيَارِ الْكَافِرِ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا فَلَا يُمْهَلُ بَلْ (يُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ) صَاحِبُ (الْخِيَارِ مِنْهُمَا) بِالْإِمْضَاءِ أَوْ الرَّدِّ لِئَلَّا يَدُومَ مِلْكُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِعْجَالِ قَوْلُهُ (كَبَيْعِهِ) أَيْ كَمَا يَسْتَعْجِلُ السُّلْطَانُ بِبَيْعِ الْعَبْدِ (إنْ أَسْلَمَ) فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهِ الْكَافِرِ (وَبَعُدَتْ غَيْبَةُ سَيِّدِهِ) بِأَنْ يَكُونَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ أَوْ يَوْمَيْنِ عَلَى الْخَوْفِ، فَإِنْ قَرُبَتْ لَمْ يَبِعْ بَلْ يُكْتَبُ لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَلَا يَكْفِي الْإِخْرَاجُ بِرَهْنٍ.

(قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ الرَّهْنُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ الَّذِي رَهَنَهُ الْكَافِرُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَيُبَاعُ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهُ لِمَالِكِهِ الْكَافِرِ وَلَا يَبْقَى الْعَبْدُ رَهْنًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَأَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ) أَيْ إذَا لَمْ يَرْضَ الْمُرْتَهِنُ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُوسِرًا) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الرَّهْنِ يُبَاعُ وَيَأْتِي الرَّاهِنُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَإِلَّا عُجِّلَ الدَّيْنُ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُوسِرًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الرَّاهِنَ مُوسِرٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ عَيْنًا) أَيْ مُطْلَقًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ: بَقِيَ) أَيْ بَقِيَ الْعَبْدُ الَّذِي أَسْلَمَ رَهْنًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ وَهُوَ قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَيْ ذَلِكَ الْمُعْتَقُ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَفِي الْإِتْيَانِ لَهُ بِرَهْنٍ مَكَانَ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا تَحَتَّمَ رَدُّ الْعِتْقِ وَبَقَاءُ الْعَبْدِ رَهْنًا

(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَفَرَضَ بْن الْمَسْأَلَةَ فِيمَا إذَا طَرَأَ إسْلَامُ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ قَالَ: وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ الْبَحْثُ بِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا مِنْ السُّلْطَانِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَلَا مُوجِبَ لِتَخْصِيصِ عبق الْقَاعِدَةَ بِبَيْعِ الْمُفْلِسِ اهـ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْإِسْلَامُ سَابِقًا عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا بَاعَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ إلَخْ فَقَدْ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي عَبْدٍ إسْلَامُهُ سَابِقٌ عَلَى بَيْعِهِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: بِخِيَارٍ لِمُسْلِمٍ) أَيْ لِمُشْتَرٍ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ كَافِرٍ صَادِقٍ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْكَافِرُ الَّذِي جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ مُشْتَرِيًا أَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: وَفِي خِيَارِ إلَخْ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِيُمْهَلُ وَلَمَّا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ أَوْقَعَ الظَّاهِرَ مَوْقِعَ الْمُضْمَرِ وَالْعَكْسُ وَالْأَصْلُ وَيُمْهِلُ مُشْتَرٍ مُسْلِمٌ فِي خِيَارِهِ لِانْقِضَائِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَدَّهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمُ الْبَيْعَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ فِي خِيَارِ الْكَافِرِ إلَخْ) أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا مِنْ نَصْرَانِيٍّ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ وَقِيلَ لِمَالِكِ الْخِيَارِ: اخْتَرْ أَوْ رُدَّ ثُمَّ بِعْ عَلَى مَنْ صَارَ إلَيْهِ اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَافِرَ يُسْتَعْجَلُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَاقِدُ مَعَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَاَلَّذِي فِي نَصِّ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَاقِدَانِ كَافِرَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا لَمْ يُعَجَّلْ إذْ قَدْ يَصِيرُ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُشِيرُ إلَى ضَعْفِهِ، فَقَوْلُ عبق إنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ نَظَرٌ، اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَحَصَلَ إسْلَامُ الْعَبْدِ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ، فَإِنَّهُ يُمْهَلُ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ خِيَارِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا وَكَانَ الْخِيَارُ لِبَائِعِهِ الْكَافِرِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَسْتَعْجِلُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْإِمْهَالِ لِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْبَائِعَ صَاحِبَ الْخِيَارِ يُجِيزُ الْبَيْعَ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ.

(قَوْلُهُ: بِالْإِمْضَاءِ) أَيْ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَيْعَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِمَا مَرَّ، وَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى إخْرَاجِهِ بِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِهِ إنْ أَسْلَمَ وَبَعُدَتْ غِيبَةُ سَيِّدِهِ) مَحَلُّ الِاسْتِعْجَالِ بِبَيْعَيْهِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى قُدُومُ سَيِّدِهِ، فَإِنْ رُجِيَ قُدُومُهُ انْتَظَرَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ) أَيْ مَعَ أَمْنِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْخَوْفِ) أَيْ مَعَ الْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ -

ص: 8

فَإِنْ أَجَابَ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ.

(وَفِي الْبَائِعِ) الْمُسْلِمِ لِعَبْدِهِ الْكَافِرِ مِنْ كَافِرٍ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ زَمَنَ الْخِيَارِ (يُمْنَعُ) الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ (مِنْ الْإِمْضَاءِ) أَيْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي الْكَافِرِ فَلَوْ جُعِلَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي الْكَافِرِ اُسْتُعْجِلَ.

(وَفِي جَوَازِ بَيْعِ مَنْ أَسْلَمَ) مِنْ رَقِيقِ الْكَافِرِ عِنْدَهُ (بِخِيَارٍ) أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ مُسْلِمًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخِيَارِ بِلَا تَرَدُّدٍ وَعَدَمُ الْجَوَازِ بِخِيَارٍ (تَرَدُّدُ) وَاسْتُظْهِرَ الْجَوَازُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَدَثَ إسْلَامُهُ عِنْدَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِقْصَاءِ فِيهِ.

(وَهَلْ مُنِعَ) بَيْعُ الْكَافِرِ (الصَّغِيرِ) لِكَافِرٍ كَمَا مَرَّ مَحَلُّهُ (إذَا لَمْ يَكُنْ) الصَّغِيرُ (عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ) كَأَنْ يَبِيعُهُ لِيَهُودِيٍّ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ وَعَكْسُهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعَدَاوَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَمْ لَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَيْ مُعْتَقَدِهِ الْخَاصِّ جَازَ (أَوْ) الْمَنْعُ (مُطْلَقٌ) وَافَقَ دَيْنَ مُشْتَرِيهِ أَوْ لَا (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ) فِي الْبَيْعِ (أَبُوهُ) أَوْ كَانَ الْأَبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا جَازَ وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلُهُ: مُطْلَقٌ (تَأْوِيلَانِ) فِي الصَّغِيرِ الْكِتَابِيِّ، وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَكَبِيرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ حُكْمًا وَالتَّأْوِيلَانِ مُقَابِلَانِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ الرَّاجِحِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَإِنْ مَلَكَ الْمُسْلِمُ عَبْدًا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَهُوَ الْمَجُوسِيُّ مُطْلَقًا وَالْكِتَابِيُّ الصَّغِيرُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ، فَإِنْ امْتَثَلَ وَإِلَّا جُبِرَ عَلَيْهِ (وَجَبَرَهُ بِتَهْدِيدٍ وَضَرْبٍ) وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ أَنَّ الْمَعْنَى وَجُبِرَ الْكَافِرُ عَلَى إخْرَاجِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُصْحَفِ مِنْ يَدِهِ بِمَا ذَكَرَ لَا قُتِلَ، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ عَلَى الثَّانِي وُجُوبًا.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْكَافِرِ الْكِتَابِيِّ (شِرَاءُ بَالِغٍ) مَفْهُومُ صَغِيرٍ فِيمَا تَقَدَّمَ (عَلَى دِينِهِ) كَنَصْرَانِيٍّ لِمِثْلِهِ (إنْ أَقَامَ) بِهِ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ أَجَابَ) أَيْ بِإِخْرَاجِهِ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ

(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَائِعِ يُمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ) ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي هَذَا قَوْلَيْنِ وَهُمَا مُخَرَّجَانِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ هَلْ هُوَ مُنْحَلٌّ فَيَمْنَعُ مِنْ الْإِمْضَاءِ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ أَوْ مُنْبَرِمٍ فَيَجُوزُ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْحِلَالُهُ، ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ، وَلَوْ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْبَرِمٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِيَدِ السَّيِّدِ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ وَبَيْنَ ابْتِدَائِهِ بِجَامِعِ تَمَلُّكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الْإِمْضَاءِ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْبَرِمٌ وَأَنَّ الَّذِي بِيَدِ السَّيِّدِ رَفْعُ تَقْرِيرِهِ أَوْ قُلْنَا: إنَّهُ مُنْحَلٌّ وَإِنْ بِيَدِ السَّيِّدِ ابْتِدَاءُ تَقْرِيرِهِ لِمِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ فِي الْوَجْهَيْنِ، فَقَدْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ مَا هُوَ مُخَرَّجٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ لِابْنِ مُحْرِزٍ خِلَافُهُ وَنَصُّهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا وَالْخِيَارُ لَهُ وَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فَوَاضِحٌ كَوْنُ الْمُسْلِمِ عَلَى خِيَارِهِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي احْتَمَلَ بَقَاءَ الْخِيَارِ لَمُدَّتِهِ إذْ الْمِلْكُ لِلْبَائِعِ وَتَعْجِيلُهُ إذْ لَا حُرْمَةَ لِعَقْدِ الْكَافِرِ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَبِهِ نُظِرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: اُسْتُعْجِلَ) أَيْ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ، فَإِنْ رَدَّهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَمْضَاهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مِلْكِهِ بِوَاحِدٍ مِمَّا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ إلَخْ) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ عَبْدُهُ وَقُلْنَا: إنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ فَهَلْ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى خِيَارٍ لِمَالِكِهِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي لِمَا فِيهِ مِنْ طَلَبِ الِاسْتِقْصَاءِ لِلْكَافِرِ فِي الثَّمَنِ وَفِي الْعُدُولِ عَنْهُ تَضْيِيقٌ عَلَى الْكَافِرِ وَلَا يُدْفَعُ ضَرَرُ الْعَبْدِ لِضَرَرِ السَّيِّدِ الْكَافِرِ أَوْ لَا يَجُوزُ لِبَقَاءِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ زَمَنَ الْخِيَارِ؟ طَرِيقَتَانِ فَقَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ أَيْ طَرِيقَتَانِ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ، الْأُولَى لِعِيَاضٍ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَعَلَى الثَّانِي إذَا بِيعَ بِخِيَارٍ فَالظَّاهِرُ فَسْخُ الْبَيْعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ أَمَدَّ الْخِيَارَ جُمُعَةً هُنَا كَغَيْرِهِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ طَرِيقَتَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يَجِبُ بَيْعُهُ بَتًّا

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْأَبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ قَبْلَ شِرَاءِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ جَازَ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ مُطْلَقٌ) قَالَ بْن: فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ شَرَطَ فِي كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: وَهَلْ مَنْعُ الصَّغِيرِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبُوهُ مُطْلَقٌ أَوْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ تَأْوِيلَانِ كَانَ أَوْلَى وَيَدُلُّ لِذَلِكَ كَلَامُ عِيَاضٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وح وَمَفْهُومُ الْقَيْدِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ فَلَا كَلَامَ بِالنِّسْبَةِ لِلِابْنِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِلْأَبِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَجَازَ شِرَاءُ بَالِغٍ عَلَى دِينِهِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ جَازَ أَيْ مُطْلَقًا غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا عَلِمْت اهـ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَجُوسِيُّ) أَيْ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الْمَجُوسِيُّ يُمْنَعُ بَيْعُهُ لِكَافِرٍ اتِّفَاقًا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ كَمَا أَنَّ كِبَارَ الْمَجُوسِ يُمْنَعُ بَيْعُهُمْ لِكَافِرٍ عَلَى الْمَشْهُورِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِي مُوَافِقًا لِذَلِكَ الْمَبِيعِ فِي الِاعْتِقَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مُقَابِلَانِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَهُمَا ضَعِيفَانِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا بَيَانٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ الرَّاجِحِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) أَيْ مُنِعَ بَيْعُ الصَّغِيرِ الْكَافِرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا كَانَ عَلَى دِينِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَلَوْ كِتَابِيًّا فَهُوَ مُسْلِمٌ حُكْمًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ التَّهْدِيدُ أَيْ التَّخْوِيفُ بِالضَّرْبِ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي الضَّرْبُ بِالْفِعْلِ

(قَوْلُهُ: وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ) أَيْ شِرَاؤُهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ مِنْ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: إنْ أَقَامَ) أَيْ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ -

ص: 9

فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ إنْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنْ يُقِيمَ بِهِ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْرُجَ بِهِ لِبِلَادِ الْحَرْبِ لِئَلَّا يَعُودَ جَاسُوسًا أَوْ يُطْلِعَ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَقَامَ بِالْفِعْلِ، كَذَا اسْتَظْهَرَ (لَا) بَالِغٌ عَلَى (غَيْرِهِ) أَيْ عَلَى غَيْرِ دِينِ مُشْتَرِيهِ فَلَا يَجُوزُ (عَلَى الْمُخْتَارِ) وَقَوْلُهُ (وَالصَّغِيرُ عَلَى الْأَرْجَحِ) الصَّوَابُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ عُطِفَ عَلَى بَالِغٍ أَيْ وَلَهُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ أَيْ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهِ كَمَا هُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرَّاجِحِ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِيهِ تَرْجِيحٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ، وَإِنْ عُطِفَ عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ غَيْرُهُ كَانَ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الصَّغِيرِ وَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِيهِ أَيْضًا تَرْجِيحٌ.

وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ بِذِكْرِ شُرُوطِهِ وَذَكَرَ أَنَّهَا سِتَّةٌ بِقَوْلِهِ (وَشُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ) أَيْ شُرِطَ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا (طَهَارَةٌ) وَانْتِفَاعٌ بِهِ وَإِبَاحَةٌ وَقُدْرَةٌ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَعَدَمِ نَهْيٍ وَجَهْلٍ بِهِ، وَقَوْلُهُ: طَهَارَةٌ أَيْ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ عَرَضَ لَهَا نَجَاسَةٌ يُمْكِنُ إزَالَتُهَا كَالثَّوْبِ إذَا تَنَجَّسَ وَيَجِبُ تَبْيِينُهُ مُطْلَقًا جَدِيدًا أَوْ لَا يُفْسِدُهُ الْغُسْلُ أَوْ لَا كَانَ الْمُشْتَرِي يُصَلِّي أَوْ لَا؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ.

(لَا) يَصِحُّ بَيْعُ مَا نَجَاسَتُهُ أَصْلِيَّةٌ أَوْ لَا يُمْكِنُ طَهَارَتُهُ (كَزِبْلٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ، وَلَوْ مَكْرُوهًا وَعَظْمِ مَيْتَةٍ وَجِلْدِهَا، قَوْلُهُ: وَلَوْ دُبِغَ (و) ك (زَيْتٍ) وَسَمْنٍ وَعَسَلٍ (تَنَجَّسَ) مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّطْهِيرَ اخْتِيَارًا، وَأَمَّا اضْطِرَارًا كَخَمْرٍ لِإِزَالَةِ غُصَّةٍ فَيَصِحُّ.

(وَانْتِفَاعٌ) بِهِ انْتِفَاعًا شَرْعِيًّا، وَلَوْ قَلَّ كَتُرَابٍ (لَا كَمُحَرَّمٍ) أَكْلُهُ (أَشْرَفَ) عَلَى الْمَوْتِ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ أَيْ النَّزْعَ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حِينَ الْبَيْعِ الْإِقَامَةَ بِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ) أَيْ السَّابِقَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: خَالَفَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الرَّاجِحَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَنْعُ بَيْعِ الصَّغِيرِ لِلْكَافِرِ مُطْلَقًا كَانَ مَجُوسِيًّا أَوْ كِتَابِيًّا عَلَى دَيْنِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا كَانَ مَعَهُ أَبُوهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ) أَيْ فَيَكُونُ مُكَرَّرًا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِاخْتِيَارٍ عَطَفَهُ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَصَغِيرٌ لِكَافِرٍ لَكِنَّهُ كَرَّرَهُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ التَّرْجِيحِ نَعَمْ التَّرْجِيحُ هُنَا لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ بَلْ لِعِيَاضٍ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ عَلَى الْأَصَحِّ

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ نَهْيٍ) أَيْ عَنْ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: وَجَهْلٍ بِهِ) أَيْ وَعَدَمُ جَهْلٍ بِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يُرَدُّ عَلَى مَفْهُومِهِ الْخَمْرُ إذَا تَحَجَّرَ أَوْ خُلِّلَ فَلَوْ قَالَ عِوَضٌ أَصْلِيَّةٌ بَاقِيَةٌ أَوْ عَرَضٌ إلَخْ حَالِيَّةٌ أَوْ مَآلِيَّةٌ أَوْ يَقُولُ: حَاصِلَةٌ أَوْ مُسْتَحْصِلَةٌ لَكَانَ ظَاهِرًا وَيَدْخُلُ الثَّوْبُ الْمُتَنَجِّسُ وَلَا يَدْخُلُ الْخَمْرُ فِي قَوْلِنَا أَوْ مَآلِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَحَجَّرَ أَوْ خُلِّلَ لَا يَبْقَى خَمْرًا فَهُوَ مَا دَامَ خَمْرًا لَا يَطْهُرُ أَبَدًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عُرِضَ لَهَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى لَهُ أَيْ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ الْمُتَّصِفِ بِالطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَبْيِينُهُ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَلَوْ قَالَ: تَبْيِينَهَا كَانَ أَوْضَحَ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَا يُصَلِّي وَلَا يَنْقُصُ الثَّوْبَ الْغُسْلُ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح

(قَوْلُهُ: أَوَّلًا يُمْكِنُ طَهَارَتُهُ) أَيْ أَوْ كَانَتْ نَجَاسَتُهُ عَارِضَةً وَلَكِنْ لَا يُمْكِنُ طَهَارَتُهُ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهَا.

(قَوْلُهُ: كَزِبْلٍ إلَخْ) مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قِيَاسِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ عَلَى الْعَذِرَةِ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ يَمْنَعُ بَيْعَهَا فَدَلَّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْعُذْرَةَ مَمْنُوعَةٌ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ حَصَلَ ح فِي بَيْعِ الْعُذْرَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْمَنْعُ لِمَالِكٍ عَلَى فَهْمِ الْأَكْثَرِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَفَهْمِ أَبِي الْحَسَنِ لَهَا، وَالْجَوَازُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّرُورَةِ لَهَا فَيَجُوزُ وَعَدَمُهَا فَيُمْنَعُ وَهُوَ لِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ، وَأَمَّا الزِّبْلُ فَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ وَهُوَ قِيَاسُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ عَلَى الْعُذْرَةِ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِجَوَازِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَتُزَادُ الْكَرَاهَةُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَفَهْمِ أَبِي الْحَسَنِ وَفِي التُّحْفَةِ:

وَنَجَسٌ صَفْقَتُهُ مَحْظُورَهْ

وَرَخَّصُوا فِي الزِّبْلِ لِلضَّرُورَهْ

وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الزِّبْلِ دُونَ الْعُذْرَةِ لِلضَّرُورَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ وَهُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَكْرُوهًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُبَاحِ مُحَرَّمًا كَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا كَسَبُعٍ وَضَبُعٍ وَثَعْلَبٍ وَذِئْبٍ وَهِرٍّ (قَوْلُهُ: وَزَيْتٍ تَنَجَّسَ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةٌ وَقَعَتْ لِمَالِكٍ جَوَازُ بَيْعِهِ كَانَ يُفْتِي بِهَا ابْنُ اللَّبَّادِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ مَا نَصُّهُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا أَنَّ بَيْعَهُ لَا يَجُوزُ وَالْأَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ مِمَّنْ لَا يَغُشَّ بِهِ إذَا بَيَّنَ؛ لِأَنَّ تَنْجِيسَهُ بِسُقُوطِ النَّجَاسَةِ فِيهِ لَا يُسْقِطُ مِلْكَ رَبِّهِ عَنْهُ وَلَا يُذْهِبُ جُمْلَةَ الْمَنَافِعِ مِنْهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتْلَفَ عَلَيْهِ فَجَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَصْرِفُهُ فِيمَا كَانَ لَهُ هُوَ أَنْ يَصْرِفَهُ فِيهِ، وَهَذَا فِي الزَّيْتِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يُجِيزُ غُسْلَهُ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُجِيزُ غُسْلَهُ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فَسَبِيلُهُ فِي الْبَيْعِ سَبِيلُ الثَّوْبِ الْمُتَنَجِّسِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ إلَخْ

-

ص: 10

الْمُبَاحِ الْمُشْرِفِ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ بَيْعِ مَا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ السِّيَاقِ، وَلَوْ مُحَرَّمًا لِإِمْكَانِ حَيَاتِهِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَحْثِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَأَمَّا الْبَالِغُ حَدَّ السِّيَاقِ فَلَا.

(و) شُرِطَ لَهُ (عَدَمُ نَهْيٍ) مِنْ الشَّارِعِ عَنْ بَيْعِهِ (لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ) وَحِرَاسَةٍ وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا وَيَجُوزُ اتِّخَاذُهُ لَهُمَا.

(وَجَازَ هِرٌّ وَسَبْعٌ) أَيْ بَيْعُهُمَا جَوَازًا مُسْتَوِيًا (لِلْجِلْدِ) أَيْ لِأَخْذِهِ، وَأَمَّا لِلَحْمٍ فَقَطْ أَوْ لَهُ وَلِلْجِلْدِ فَمَكْرُوهٌ ثُمَّ إذَا ذَكَّى بِقَصْدِ أَخْذِ الْجِلْدِ فَقَطْ لَمْ يُؤْكَلْ لَحْمُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ لِنَجَاسَتِهِ بِعَدَمِ تَعَلُّقِ الذَّكَاةِ بِهِ وَعَلَى أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَيُؤْكَلُ، وَأَمَّا الْجِلْدُ فَيُؤْكَلُ عَلَى كُلِّ حَالٍّ.

(وَحَامِلٌ مُقَرَّبٌ) آدَمِيَّةٌ أَوْ دَابَّةٌ أَيْ جَازَ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ السَّلَامَةُ وَمُقْرِبٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَقْرَبَتْ الْحَامِلُ إذَا قَرُبَ وَضْعُهَا.

(و) شُرِطَ لَهُ (قُدْرَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَسَلُّمِهِ (لَا كَآبِقٍ) حَالَ إبَاقِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ مَنْ لَا يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ أَوْ عِنْدَ مَنْ يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ وَلَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ وَإِلَّا جَازَ إذْ هُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (و) لَا (إبِلٍ) وَبَقَرٍ (أُهْمِلَتْ) أَيْ تُرِكَتْ فِي الْمَرْعَى حَتَّى تَوَحَّشَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا إلَّا بِعُسْرٍ.

(و) لَا (مَغْصُوبٍ) لِغَيْرِ غَاصِبِهِ حَيْثُ كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ أَوْ تَأْخُذُهُ وَهُوَ مُنْكِرٌ، وَلَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لِمَنْعِ شِرَاءِ مَا فِيهِ خُصُومَةٌ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا جَازَ (إلَّا) أَنْ يَبِيعَهُ (مِنْ غَاصِبِهِ) أَيْ لَهُ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ بِالْفِعْلِ لِلْمُشْتَرِي (وَهَلْ) مَحَلُّ جَوَازِ بَيْعِهِ لِغَاصِبِهِ (إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ) وَبَقِيَ عِنْدَهُ (مُدَّةً) هِيَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا قِيلَ أَوْ لَا يَشْتَرِطُ الرَّدُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَازِمٌ عَلَى رَدِّهِ جَازَ اتِّفَاقًا أَوْ غَيْرُ عَازِمٍ مُنِعَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ أُشْكِلَ الْأَمْرُ فَقَوْلَانِ مَشْهُورُهُمَا الْجَوَازُ (تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِيَةُ.

(وَلِلْغَاصِبِ) إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبُ قَبْلَ مِلْكِهِ مِنْ رَبِّهِ (نُقِضَ) بَيْعُ (مَا بَاعَهُ) أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ يُوقِفُهُ (إنْ وَرِثَهُ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِانْتِقَالِ مَا كَانَ لِمُورِثِهِ لَهُ (لَا) إنْ (اشْتَرَاهُ) مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ أَيْ أَوْ مَلَكَهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ النَّقْضُ.

(وَوَقْفُ مَرْهُونٍ) بَاعَهُ مَالِكُهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ حَوْزِهِ أَيْ وَقَفَ بَيْعَهُ (عَلَى رِضَا مُرْتَهِنِهِ) فَلَهُ الْإِجَازَةُ وَتَعَجُّلُ دِينِهِ وَالرَّدُّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: لَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ) هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلَهُ وَالْمُصَنِّفُ) أَيْ حَيْثُ قَيَّدَ الْمُشَرَّفَ بِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ: فِي بَحْثِهِ) أَيْ اسْتِظْهَارِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ سَوَاءٌ كَانَ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ أَوْ مُبَاحَهُ

(قَوْلُهُ: لَا كَكَلْبِ صَيْدٍ) أَيْ لِأَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِهِ فَفِي الْحَدِيثِ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَمَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ» وَقَوْلُهُ: وَكَكَلْبِ صَيْدٍ أَيْ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ: أَبِيعُهُ وَأَحُجُّ بِثَمَنِهِ، وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ مُبَاحُ الِاتِّخَاذِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ كَلْبَ صَيْدِ أَوْ حِرَاسَةً، وَأَمَّا قَوْلُ التُّحْفَةِ:

وَاتَّفَقُوا أَنَّ كِلَابَ الْمَاشِيَهْ

يَجُوزُ بَيْعُهَا كَكَلْبِ الْبَادِيَهْ

فَقَدْ انْتَقَدَ وَلَدُهُ عَلَيْهِ فِي شَرْحِهِ حِكَايَةَ الِاتِّفَاقِ فِي كَلْبِ الْحِرَاسَةِ بَلْ الْخِلَافُ فِيهِ مِثْلُ كَلْبِ الصَّيْدِ

(قَوْلُهُ: لِلْجِلْدِ) الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ لِلْجِلْدِ قَيْدٌ فِي بَيْعِ السَّبُعِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْهِرُّ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ لِيُنْتَفَعَ بِهِ حَيًّا وَلِلْجِلْدِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ شَرْحُ الْمَوَّاقِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: وَحَامِلٌ مُقَرَّبٌ) وَمِثْلُهَا ذُو الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ مَا ذَكَرَ نَقَلَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ وَقَطَعَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّهُ الْأَصَحُّ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْعَ بَيْعِ ذِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَالْحَامِلِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى تَسْلِيمِهِ) أَيْ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَائِعِ لَهُ وَعَلَى تَسَلُّمِ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ) مُنِعَ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْجَهْلِ بِصِفَتِهِ لَا لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْضُوعُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) نَحْوُهُ لِلْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ إذَا عَلِمَ الْمُبْتَاعُ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَكَانَ عِنْدَ مَنْ يَسْهُلُ خَلَاصُهُ مِنْهُ، فَإِنْ وَجَدَ هَذَا الْآبِقَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلِمَهَا الْمُبْتَاعُ قَبَضَهُ وَصَحَّ الْبَيْعُ، وَإِنْ وَجَدَهُ قَدْ تَغَيَّرَ أَوْ تَلِفَ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَسْتَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ الثَّمَنَ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْغَاصِبُ الَّذِي تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مُقِرًّا (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ بِالْفِعْلِ وَأَوْلَى إذْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ مُنِعَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ رَدُّهُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: فَقَوْلَانِ) أَيْ هَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْزِمْ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ بِأَنْ رَدَّهُ لِرَبِّهِ بِالْفِعْلِ أَوْ عَزَمَ عَلَى رَدِّهِ لَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ، فَإِنْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ رَدِّهِ لِرَبِّهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لَهُ

(قَوْلُهُ: لَا إنْ اشْتَرَاهُ) ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ يَتَصَوَّرُ مَعَ فَرْضِ بَيْعِهِ وُجُودُ شَرْطِ شِرَائِهِ الَّذِي هُوَ الْعَزْمُ عَلَى رَدِّهِ أَوْ رَدَّهُ بِالْفِعْلِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ لِلْغَاصِبِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَعَلَيْهِ مَا هُنَا اهـ بْن.

(تَنْبِيهٌ) مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ شَرِيكٌ فِي دَارٍ بَاعَ كُلَّهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ مَلَكَ حَظَّ شَرِيكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ رَجَعَ فِيهِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ بِالشُّفْعَةِ، وَإِنْ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَقَفَ بَيْعَهُ) أَيْ إمْضَاءَ بَيْعِهِ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَالْمَوْقُوفُ عَلَى رِضَا الْمُرْتَهِنِ إمْضَاؤُهُ وَلُزُومُهُ

ص: 11

إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ أَوْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنِ ثِقَةٍ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ قَبْلَ حَوْزِهِ مَضَى بَيْعُهُ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَلَا يَلْزَمُ الرَّاهِنَ دَفْعُ بَدَلِهِ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَتَأْوِيلَانِ بِالرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ وَجَعْلِ الثَّمَنِ رَهْنًا وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ أَوْ دَيْنُهُ عَرَضًا، وَإِنْ أَجَازَ تَعَجَّلَ انْتَهَى.

(و) وَقْفُ (مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ بَيْعُ مِلْكِ غَيْرِ الْبَائِعِ (عَلَى رِضَاهُ) أَيْ رِضَا مَالِكِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَائِعَ فُضُولِيٌّ بَلْ (وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي) بِذَلِكَ وَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ وَيُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ فَقَطْ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ صَارَ وَكِيلًا لَهُ وَمَحَلُّ كَوْنِهِ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِحَضْرَتِهِ وَإِلَّا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا مِنْ جِهَتِهِ أَيْضًا، وَكَذَا بِغَيْرِهَا إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ وَسَكَتَ عَامًا وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ فِي سُكُوتِهِ إذَا ادَّعَاهُ وَمَحَلُّ مُطَالَبَةِ الْفُضُولِيِّ بِالثَّمَنِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ، فَإِنْ مَضَى وَهُوَ سَاكِتٌ سَقَطَ حَقُّهُ هَذَا إنْ بِيعَ بِحَضْرَتِهِ، وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ عَشْرَةُ أَعْوَامٍ وَحَيْثُ نُقِضَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ مَعَ الْقِيَامِ فَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْبَائِعَ مَالِكٌ أَوَّلًا عَلِمَ عِنْدَهُ بِشَيْءٍ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لَكِنْ قَامَتْ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْهُ الْعَدَاءَ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَالِكِ وَيَتَعَاطَى أُمُورَهُ فَيَظُنُّ أَنَّ الْمَالِكَ وَكَّلَهُ وَنَحْوَ ذَلِكَ.

(و) وُقِفَ (الْعَبْدُ الْجَانِي) أَيْ وُقِفَ إمْضَاءُ بَيْعِهِ الْوَاقِعِ مِنْ سَيِّدِهِ (عَلَى رِضَا مُسْتَحَقِّهَا) أَيْ الْجِنَايَةُ فَلَهُ الرَّدُّ وَالْإِمْضَاءُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: إنْ بِيعَ) أَيْ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ إنْ بِيعَ إلَخْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ بَيْعِ الرَّهْنِ وَبَقَاؤُهُ رَهْنًا بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُبَاعَ الرَّهْنُ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ دَيْنَهُ، فَإِنْ كَمَّلَهُ لَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ. الثَّانِي أَنْ يُبَاعَ الرَّهْنُ بِغَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنِ ثِقَةٍ بَدَلَ الْأَوَّلِ، فَإِنْ أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ بَدَلَ الْأَوَّلِ فَلَا رَدَّ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ لِأَجَلِهِ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ كَعَرَضٍ مِنْ بَيْعٍ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَيُعَجَّلُ دَيْنُهُ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهُ) أَيْ وَإِنْ بَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَيْ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ

(قَوْلُهُ: وَوَقْفُ مِلْكِ غَيْرِهِ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى حُكْمِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ بَعْدَ الْوُقُوعِ، وَأَمَّا الْقُدُومُ عَلَيْهِ فَقِيلَ بِمَنْعِهِ وَقِيلَ بِجَوَازِهِ وَقِيلَ بِمَنْعِهِ فِي الْعَقَارِ وَالْجَوَازِ فِي الْعُرُوضِ.

(قَوْلُهُ: وَيُطَالَبُ الْفُضُولِيُّ فَقَطْ بِالثَّمَنِ) أَيْ إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ فَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ الْفُضُولِيُّ الْبَائِعُ وَلَا يُطَالَبُ بِهِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بِإِجَازَتِهِ بَيْعَهُ صَارَ وَكِيلًا لَهُ أَيْ وَالْمُوَكِّلُ إنَّمَا يُطَالِبُ بِالثَّمَنِ وَكِيلَهُ لَا الْمُشْتَرِي مِنْ وَكِيلِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ لَازِمًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمَالِكِ إذَا بَلَغَهُ ذَلِكَ الْبَيْعُ وَسَكَتَ عَامًا أَيْ مِنْ حِينِ عِلْمِهِ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْعِلْمِ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ وَكَانَ هُنَاكَ مَانِعٌ يَمْنَعُهُ مِنْ قِيَامِهِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: سَقَطَ حَقُّهُ) أَيْ وَصَارَ الثَّمَنُ مِلْكًا لِلْبَائِعِ الْفُضُولِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا) أَيْ وَعَلِمَ وَسَكَتَ الْعَامَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ وَقَوْلُهُ: عَشَرَةُ أَعْوَامٍ ظَاهِرُهُ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ عَرَضًا مَعَ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي الْعَرَضِ مُدَّتُهَا سَنَةٌ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. انْتَهَى. مُؤَلِّفٌ.

(تَنْبِيهٌ) مَحَلُّ كَوْنِ الْمَالِكِ لَهُ نَقْضُ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ غَاصِبًا أَوْ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ، فَإِنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ فَقَطْ كَانَ عَلَى الْفُضُولِيِّ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ غَاصِبًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي الْغَلَّةُ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي فِي جَمِيعِ صُوَرِ بَيْعِ الْفُضُولِيِّ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْغَلَّةُ فِيهَا لِلْمَالِكِ وَهِيَ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ مَالِكٍ وَلَمْ تَقُمْ شُبْهَةٌ تَنْفِي عَنْهُ الْعَدَاءُ وَأَوْلَى إذَا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْبَائِعِ

(قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ الْجَانِي إلَخْ) لَمْ يُذْكَرْ حُكْمَ الْإِقْدَامِ عَلَى بَيْعِهِ مَعَ عِلْمِ الْجِنَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي هِبَتِهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بَاعَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِجِنَايَتِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَحْمِلَ الْأَرْشَ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْجَوَازَ وَاسْتَحْسَنَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ أَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إذَا بَاعَهُ سَيِّدُهُ كَانَ بَيْعُهُ صَحِيحًا لَكِنَّهُ غَيْرَ مَاضٍ فَيَتَوَقَّفُ مُضِيُّهُ وَلُزُومُهُ عَلَى رِضَا مُسْتَحَقِّ الْجِنَايَةِ بِهِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي، فَإِنْ شَاءَ مُسْتَحَقُّ الْجِنَايَةِ أَمْضَى ذَلِكَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَأَخَذَ الْعَبْدَ فِي الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا فَلَا كَلَامَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ إذَا بَاعَهُ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ أَوَّلًا بَيْنَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِهِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ دَفْعِهِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْمُسْتَحَقُّ بَيْنَ إجَازَتِهِ الْبَيْعَ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الْعَبْدِ وَإِذَا دَفَعَ الْبَائِعُ الْأَرْشَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْبَائِعِ الْعَالِمِ بِالْجِنَايَةِ أَنَّهُ قَدْ رَضِيَ بِتَحَمُّلِ الْأَرْشِ بِسَبَبِ بَيْعِهِ وَقَالَ: مَا رَضِيَتْ بِتَحَمُّلِهِ طُولِبَ بِالْيَمِينِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْأَرْشَ، وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِتَحَمُّلِهِ كَانَ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ أَوْ إمْضَاءُ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ عَلَى مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى رِضَا إلَخْ) أَيْ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَلَهُ الرَّدُّ)

ص: 12

(وَحَلَفَ) سَيِّدُهُ الْعَالِمُ بِجِنَايَتِهِ أَنَّهُ مَا بَاعَ رَاضِيًا بِتَحَمُّلِهَا (إنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ الرِّضَا) بِتَحَمُّلِ الْأَرْشِ (بِالْبَيْعِ) أَيْ بِسَبَبِهِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ، فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْأَرْشُ (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِهِ كَانَ (لِلْمُسْتَحِقِّ) وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيُّهُ (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ فِي الْجِنَايَةِ أَيْ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ ثَمَنِهِ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْمُبْتَاعُ الْأَرْشَ) فَالْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ أَوَّلًا وَبَعْدَ امْتِنَاعِهِ لِلْمُبْتَاعِ لِتُنَزِّلَهُ مَنْزِلَتَهُ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إمْضَاءُ بَيْعِهِ و (أَخْذُ ثَمَنِهِ) وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ بَعْدَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِهِ أَيْضًا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ ثُمَّ إنْ دَفَعَ السَّيِّدُ الْأَرْشَ فَظَاهِرٌ (و) إنْ دَفَعَهُ الْمُبْتَاعُ (رَجَعَ الْمُبْتَاعُ بِهِ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ بِثَمَنِهِ) أَيْ ثَمَنِ الْعَبْدِ (إنْ كَانَ أَقَلَّ) مِنْ الْأَرْشِ فَيَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ فَمِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: لَمْ يَلْزَمْنِي إلَّا مَا دَفَعْت لِي، وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ يَقُولُ لَهُ: لَا يَلْزَمُنِي غَيْرُهُ (وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْعَبْدِ الْجَانِي (إنْ تَعَمَّدَهُمَا) وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهَا حَالَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ.

(وَرَدَّ الْبَيْعَ فِي) حَلِفِهِ قَبْلَهُ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ (لَأَضْرِبَنَّهُ) مَثَلًا أَوْ أَحْبِسَنَّهُ أَوْ أَفْعَلَ بِهِ (مَا) أَيْ فِعْلًا (يَجُوزُ) كَعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ فَلَمَّا مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ حِينَئِذٍ فَتَجَرَّأَ وَبَاعَهُ رُدَّ بَيْعُهُ أُطْلِقَ فِي يَمِينِهِ أَوْ أَجَلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ حَتَّى انْقَضَى الْأَجَلُ فِي الْمُقَيَّدِ بِهِ ارْتَفَعَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ رَدَّ الْبَيْعَ أَيْضًا وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، فَإِنْ تَجَرَّأَ وَضَرَبَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ بَرَّ وَعَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ إنَّ شَأْنَهُ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ مُطْلَقًا حَلَفَ بِعِتْقِهِ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ أَوْ عَلَى مَا يَجُوزُ وَلَكِنْ يُرَدُّ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ فِيمَا يَجُوزُ وَأَمَّا فِيمَا لَا يَجُوزُ فَيَرُدُّ لِمِلْكِهِ وَلَا يَسْتَمِرُّ وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ (وَرُدَّ لِمِلْكِهِ) مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ رَدِّهِ لِلضَّرْبِ ثُمَّ يُجْبَرُ عَلَى عَوْدِهِ لِلْمُشْتَرِي.

(وَجَازَ بَيْعُ عَمُودٍ) مَثَلًا (عَلَيْهِ بِنَاءٌ لِلْبَائِعِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَأَخْذُ الْعَبْدِ فِي جِنَايَتِهِ إنْ لَمْ يَدْفَعْ السَّيِّدُ أَوْ الْمُشْتَرِي لِرَبِّ الْجِنَايَةِ أَرْشَهَا وَقَوْلُهُ: وَالْإِمْضَاءُ أَيْ إمْضَاءُ بَيْعِهِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ سَيِّدُهُ) أَيْ حَلَفَ سَيِّدُ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: رَاضِيًا بِتَحَمُّلِهَا أَيْ الْجِنَايَةِ أَيْ بِتَحَمُّلِ أَرْشِهَا (قَوْلُهُ: إنْ اُدُّعِيَ إلَخْ) يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لِيَشْمَلَ مَا إذَا ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَمَا إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي لِمَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ ثُمَّ مَحَلُّ الْحَلِفِ إذَا بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ السَّيِّدُ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمُسْتَحِقِّ لِلْجِنَايَةِ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ، أَوْ لَهُ إمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ الثَّمَنِ إنْ لَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْخِيَارُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ فِي دَفْعِ الْأَرْشِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ أَوْ لَا، فَإِنْ أَبِي خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِهِ وَعَدَمِ دَفْعِهِ، فَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِهِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْجِنَايَةِ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الْعَبْدِ وَفِي إمْضَائِهِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِعَيْنِ الْعَبْدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ لَهُ مَا كَانَ يَمْلِكُ بِالْبَيْعِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ فِي مُسْتَحِقُّ الْجِنَايَةِ فَلَا تُنْتِجُ تَقْدِيمَ الْمُبْتَاعِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرٌ) أَيْ فِي أَنَّهُ يَمْضِي الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ وَضَاعَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ الْأَرْشِ.

(قَوْلُهُ: وَلِلْمُشْتَرِي) أَيْ حَيْثُ افْتَكَّهُ السَّيِّدُ، وَقَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهَا أَيْ الْجِنَايَةَ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَيُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى التَّعَمُّدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا عَيْبٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْ عَوْدِهِ لِمِثْلِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِهَا حَالَ الشِّرَاءِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ بِهَا حَالَ الشِّرَاءِ فَلَا رَدَّ لَهُ لِدُخُولِهِ عَلَى ذَلِكَ الْعَيْبِ

(قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْبَيْعِ) أَيْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّهِ وَقَوْلُهُ: فِي حَلِفِهِ لَأَضْرِبَنَّهُ إلَخْ أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ لَمْ أَضْرِبْك عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ فَأَنْتَ حُرٌّ، وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سِلْكِ اشْتِرَاطِ الْقُدْرَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَحْكُمُ الْحَاكِمَ بِرَدِّ الْبَيْعِ ثُمَّ إنْ فَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْحَالِفِ عَلَى الضَّرْبِ تَبِعَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ الْحَلِفِ بِحُرِّيَّتِهِ وَكَوْنِ الْيَمِينِ عَلَى حِنْثٍ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الضَّرْبَ أَوْ غَيْرَهُ، وَلِذَا قَالَ شَارِحُنَا فِي حَلِفِهِ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ لَأَضْرِبَنَّهُ مَثَلًا أَوْ أَحْبِسَنَّهُ إلَخْ، وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ يُنْجَزُ عَلَيْهِ إذَا بَاعَ وَلَا يَرُدُّ الْبَيْعُ عِنْدَ ابْنِ دِينَارٍ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلُ الْإِيلَاءِ لَعَلَّهُ يَمْلِكُهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَمَّا مُنِعَ مِنْ الْبَيْعِ) أَيْ فَلَمَّا مُنِعَ شَرْعًا مِنْ الْبَيْعِ، وَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ: ارْتَفَعَتْ) أَيْ انْحَلَّتْ عَنْهُ الْيَمِينُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ عِتْقٌ لِكَوْنِ الْأَجَلِ قَدْ انْقَضَى وَهُوَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا مَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ، لَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ بَيْعِهِ لَهُ الْعَزْمُ عَلَى الضِّدِّ وَحِينَئِذٍ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ بَيْعِهِ لَهُ عَزْمُهُ عَلَى الضِّدِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا أَوْ ظَنَّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ ضَرْبِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَمِرُّ) أَيْ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْعِتْقُ بَعْدَ رَدِّهِ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ وَرُدَّ لِمِلْكِهِ مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ الْبَيْعَ لِيَضْرِبَهُ ثُمَّ يَرُدُّ لِلْمُشْتَرِي، قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ قَوْلَهُ وَرَدَّ لِمِلْكِهِ أَيْ الْمُسْتَمِرِّ رَدًّا عَلَى ابْنِ دِينَارٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ يُرَدُّ الْبَيْعُ وَلَكِنْ لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ لِمِلْكِهِ الْمُسْتَمِرِّ بَلْ يُعْتَقُ بِالْحُكْمِ بَعْدَ رَدِّهِ لِمِلْكِهِ مِثْلَ الْحَلِفِ عَلَى ضَرْبِهِ مَا لَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ لِمِلْكِهِ) أَيْ الْمُسْتَمِرِّ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ

(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا

ص: 13

أَوْ غَيْرِهِ وَدَفَعَ بِهَذَا أَنَّ كَوْنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ (إنْ انْتَفَتْ الْإِضَاعَةُ) لِمَالِ الْبَائِعِ الْكَثِيرِ وَلِذَا عَرَّفَهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يُشْتَرَطُ انْتِفَاؤُهَا شَرْعًا وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَيْهِ لَا كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ أَوْ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَمُودَ أَوْ قَدَرَ عَلَى تَعْلِيقِ مَا عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَفِ الْإِضَاعَةُ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْجَوَازِ أَيْ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى الْجَوَازِ إذْ إضَاعَةُ الْمَالِ إنَّمَا يُنْهِي عَنْهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا وَعَلَيْهِ فَهَذَا الشَّرْط غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَأَمِنَ كَسْرَهُ) فَمُعْتَبَرٌ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمِنْ كَسْرَهُ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَمْ يَصِحَّ لِلْغَرَرِ (وَنَقَضَهُ) أَيْ الْبِنَاءُ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ (الْبَائِعُ) وَفِي كَوْنِ قَلْعِهِ نَفْسَهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي خِلَافٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ حَالَ الْقَلْعِ مِنْ الْبَائِعِ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ الْمُشْتَرِي.

(و) جَازَ بَيْعُ (هَوَاءٍ) بِالْمَدِّ أَيْ فَضَاءٍ (فَوْقَ هَوَاءٍ) بِأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِصَاحِبِ أَرْضٍ بِعْنِي عَشْرَةَ أَذْرُعٍ مَثَلًا فَوْقَ مَا تَبْنِيهِ بِأَرْضِك (إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ) الْأَسْفَلُ وَالْأَعْلَى لَفْظًا أَوْ عَادَةً لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْغَرَرِ وَيَمْلِكُ الْأَعْلَى جَمِيعَ الْهَوَاءِ الَّذِي فَوْقَ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْنِيَ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضَا الْأَسْفَلِ ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ الْآتِي وَهُوَ مَضْمُونٌ وَيَجْرِي فِي قَوْلِهِ وَغَرْزُ جِذَاعٍ إلَخْ قَوْلُهُ هُنَا إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ فَفِيهِ احْتِبَاكٌ.

(و) جَازَ عَقْدٌ عَلَى (غَرْزِ جِذْعٍ) أَيْ جِنْسِهِ فَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ (فِي حَائِطٍ) لِآخَرَ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً وَخَرْقُ مَوْضِعِ الْجِذْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُكْتَرِي (وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ لَازِمُ الْبَقَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتَعَارَهُ مُدَّةً وَأَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَهُ قَبْلَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ (قَوْلُهُ: وَدَفَعَ بِهَذَا) أَيْ بِالتَّصْرِيحِ بِجَوَازِ بَيْعِ هَذَا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ كَوْنَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ يَمْنَعُ مِنْ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: وَلِذَا عَرَّفَهَا) أَيْ فَاللَّامُ لِلْكَمَالِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ إضَاعَةُ الْمَالِ الْكَثِيرِ هِيَ الَّتِي يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ انْتِفَاؤُهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْعَمُودِ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ الشَّرْطُ فِي جَوَازِ الْبَيْعِ انْتِفَاءَ إضَاعَةِ الْمَالِ مُطْلَقًا لِمَا كَانَ الْبَيْعُ الْمَذْكُورُ جَائِزًا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إضَاعَةِ مَالٍ فِي إخْرَاجِ الْعَمُودِ مِنْ تَحْتِ الْبِنَاءِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ انْتِفَاءُ إضَاعَةِ الْمَالِ الْكَثِيرِ مُصَوَّرٌ بِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا كَبِيرَ ثَمَنٍ لَهُ) أَيْ فَيَهْدِمُ ذَلِكَ الْبِنَاءَ وَيُخْرِجُ الْعَمُودَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي ذَلِكَ إضَاعَةَ مَالٍ إلَّا أَنَّهُ مَالٌ قَلِيلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْرِفًا عَلَى السُّقُوطِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ لِلْبِنَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ كَبِيرُ ثَمَنٍ إلَّا أَنَّهُ مُشْرِفٌ عَلَى السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَضْعَفَ إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَاعْتَرَضَهُ ح بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَتْبَعُ الرَّغَبَاتِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الْجَوَازِ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ فِي نَظِيرِ شَيْءٍ أَصْلًا) أَيْ بِأَنْ رُمِيَ فِي الْبَحْرِ أَوْ النَّارِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي مُقَابِلَةِ شَيْءٍ، وَلَوْ يَسِيرًا جَازَ بِدَلِيلِ جَوَازِ بَيْعِ الْغَبْنِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا الشَّرْطُ) أَيْ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى الْبَيْعِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (قَوْلُهُ: وَأَمِنَ كَسْرَهُ) أَيْ اعْتَقَدَ عَدَمَ كَسْرِ الْعَمُودِ عِنْدَ إخْرَاجِهِ مِنْ الْبِنَاءِ لِيَحْصُلَ التَّسْلِيمُ الْحِسِّيُّ وَيَرْجِعُ فِي أَمْنِ كَسْرِهِ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ: وَنَقَضَهُ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لَا أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ نَقْضُ الْبِنَاءِ الَّذِي عَلَى الْعَمُودِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ انْكَسَرَ الْعَمُودُ قَبْلَ نَقْضِ الْبِنَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا) أَيْ وَهُوَ مَا صَدَرَ بِهِ فِي الشَّامِلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ وَهُوَ الَّذِي صَدَرَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَذَكَرَهُ صَاحِبُ النُّكَتِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلْقَابِسِيِّ. قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: إنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ رُجِّحَ وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ حَالَ الْقَلْعِ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَلْعُهُ عَلَى الْبَائِعِ يَصِيرُ مِثْلَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَهُوَ لَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ

(قَوْلُهُ: فَوْقَ هَوَاءٍ) أَيْ، وَأَمَّا هَوَاءٌ فَوْقَ أَرْضٍ كَأَنْ يَقُولُ إنْسَانٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ: بِعْنِي عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ الْفَرَاغِ الَّذِي فَوْقَ أَرْضِك أَبِنِّي فِيهَا بَيْتًا فَيَجُوزُ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْجَوَازُ عَلَى وَصْفِ الْبِنَاءِ إذْ الْأَرْضُ لَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي بَاطِنَ الْأَرْضِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأُخْرَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هَوَاءٌ فَوْقَ بِنَاءٍ إنْ وُصِفَ بِنَاءُ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ: إنْ وُصِفَ الْبِنَاءُ) أَيْ إنْ وُصِفَ ذَاتُ الْبِنَاءِ مِنْ الْعِظَمِ وَالْخِفَّةِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ وَوَصَفَ مُتَعَلِّقَ الْبِنَاءِ أَيْضًا مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ (قَوْلُهُ: وَالْغَرَرُ) أَيْ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ يَرْغَبُ فِي خِفَّةِ بِنَاءِ الْأَعْلَى وَصَاحِبَ الْأَعْلَى يَرْغَبُ فِي ثِقَلِ بِنَاءِ الْأَسْفَلِ فَرَغْبَتُهُمَا مُخْتَلِفَةٌ فَإِذَا وَصَفَ كُلٌّ بِنَاءَهُ انْتَفَى الْغَرَرُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّهُ يَجْرِي هُنَا قَوْلُهُ: الْآتِي وَهُوَ مَضْمُونٌ) أَيْ لَازِمُ الْبِنَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْبِيدِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِهَدْمِ الْأَسْفَلِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ صَاحِبُ السُّفْلِ أَوْ وَارِثُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إعَادَةَ الْأَسْفَلِ إنْ هُدِمَ وَإِذَا هُدِمَ الْأَعْلَى كَانَ لِصَاحِبِهِ أَوْ وَارِثِهِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إعَادَتُهُ

(قَوْلُهُ: بَيْعًا أَوْ إجَارَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْعَقْدِ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً فَالْأَوَّلُ كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ لِجَارِهِ أَشْتَرِي مِنْك مَغْرَزَ هَذِهِ الْجُذُوعِ الْعَشَرَةِ مِنْ حَائِطِك بِكَذَا. أَوْ الثَّانِي كَأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْتَأْجِرُ مِنْك -

ص: 14

فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَوْ وَارِثَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ إعَادَةُ الْحَائِطِ إنْ هُدِمَ وَيَسْتَمِرُّ مِلْكُ مَوْضِعِ الْجِذْعِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثِهِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي مَوْضِعِ الْجِذْعِ فَإِصْلَاحُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا خَلَلَ فِي الْحَائِطِ (إلَّا أَنْ يَذْكُرَ) الْعَاقِدُ حِينَ الْعَقْدِ (مُدَّةً) مُعَيَّنَةً لِذَلِكَ (فَإِجَارَةٌ) أَيْ فَهِيَ إجَارَةٌ لِمَوْضِعِ الْغَرْزِ مِنْ الْحَائِطِ (تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ) أَيْ الْحَائِطِ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ وَيَرْجِعُ لِلْمُحَاسَبَةِ.

(و) شُرِطَ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (عَدَمُ حُرْمَةٍ) لِبَيْعِهِ وَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَعَدَمُ نَهْيٍ وَذَكَرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ (وَلَوْ لِبَعْضِهِ) وَيُقَيِّدُ الْبَعْضُ بِمَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى عِلْمِ حُرْمَةِ الْحَرَامِ وَإِلَّا فَلَا كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَاسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَإِذَا إحْدَاهُمَا خَمْرٌ أَوْ دَارَيْنِ فَتَبَيَّنَ وَقْفُ إحْدَاهُمَا أَوْ شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ إحْدَاهُمَا مَيِّتَةٌ فَإِنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي.

(و) شُرِطَ عَدَمُ (جَهْلٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (بِمَثْمُونِ) كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ أَوْ صَنْجَةِ مَجْهُولٍ (أَوْ ثَمَنٍ) كَأَنْ يَقُولَ بِعْتُك بِمَا يَظْهَرُ مِنْ السِّعْرِ بَيْنَ النَّاسِ الْيَوْمَ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ تَفْصِيلًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ جَهِلَ الثَّمَنَ أَوْ الْمُثْمَنِ ضَرَّ، وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ فِي التَّفْصِيلِ وَعُلِمَتْ جُمْلَتُهُ، وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ فَقَطْ وَعُلِمَ التَّفْصِيلُ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ كَبَيْعِ صُبْرَةٍ بِتَمَامِهَا مَجْهُولَةَ الْقَدْرِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا كَمَا سَيَأْتِي وَمَثَّلَ لِلتَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (كَعَبْدَيْ رَجُلَيْنِ) مَثَلًا لِكُلِّ وَاحِدٍ عَبْدٌ أَوْ أَحَدُهُمَا لِوَاحِدٍ وَالْآخَرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَغْرَزَ هَذِهِ الْجُذُوعِ الْعَشَرَةِ مِنْ حَائِطِك مُدَّةَ سَنَتَيْنِ مَثَلًا بِكَذَا.

(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ مَحَلِّ الْجُذُوعِ بِمَثَابَةِ مَنْ اشْتَرَى عُلُوًّا عَلَى سُفْلٍ فَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْأَسْفَلِ إذَا انْهَدَمَ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَتَمَكَّنَ صَاحِبُ الْأَعْلَى بِالِانْتِفَاعِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُدَّةً إلَخْ)، فَإِنْ جَهِلَ الْأَمْرَ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: فَإِجَارَةٌ) الْأَوْلَى فَكِرَاءٌ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْإِجَارَةِ الْعَقْدُ عَلَى مَنَافِعِ الْعَاقِلِ (قَوْلُهُ: تَنْفَسِخُ بِانْهِدَامِهِ) أَيْ لِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ

(قَوْلُهُ: مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَعَدَمُ نَهْيٍ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِيمَا سَبَقَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعِهِ الْخَاصِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ لِكَوْنِهِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَقَوْلُهُ: هُنَا وَعَدَمُ حُرْمَةٍ أَيْ لِتَمَلُّكِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَمَلُّكُهُ حَرَامًا كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَعْضِهِ) أَيْ وَعَدَمُ حُرْمَةٍ بِبَيْعِهِ أَوْ لِتَمَلُّكِهِ كُلِّهِ بَلْ، وَلَوْ لِبَعْضِهِ فَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا يُحَرَّمُ بَيْعُ أَوْ تَمَلُّكُ كُلِّهِ كَكَلْبَيْنِ أَوْ خِنْزِيرَيْنِ، وَالثَّانِي كَثَوْبٍ وَخَمْرٍ أَوْ ثَوْبٍ وَكَلْبٍ بِيعَا صَفْقَةٍ وَكَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ لِبَعْضِهِ الْمُشَارِ لَهُ بِلَوْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ تَخْرِيجًا وَهُوَ إبْطَالُ الْحَرَامِ وَإِمْضَاءُ الْحَلَالِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلِمَ بِحُرْمَةِ الْحَرَامِ (قَوْلُهُ: وَيُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ وَيُقَيَّدُ امْتِنَاعُ الْبَيْعِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَنْهِيًّا عَنْ بَيْعِ بَعْضِهِ بِمَا إذَا عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ الْبَيْعُ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ أَحَدِهِمَا إنْ لَمْ يَعْلَمَا بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ فَلَا يَضُرُّ وَقَوْلُهُ: كَمَا إذَا اشْتَرَى إلَخْ مِثَالٌ لِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا بِحُرْمَةِ الْبَعْضِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لَهُ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُمْ الصَّفْقَةُ إذَا جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا بَطَلَتْ كُلُّهَا لِأَجْلِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ الْحَرَامِ أَيْ عَلِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِحُرْمَتِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْعُيُوبِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَاقِي وَهُوَ الْحَلَالُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَكَانَ الْحَرَامُ أَقَلَّهَا، أَمَّا إنْ كَانَ الْحَرَامُ أَكْثَرَ الصَّفْقَةِ وَجَبَ رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ التَّمَسُّكُ بِالْحَلَالِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَقَطْ.

(تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْخَلِّ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ حَيْثُ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّ الْخَمْرَ مِنْ الثَّمَنِ لِفَسَادِ بَيْعِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا اسْتَمَرَّ الْخَمْرُ عَلَى حَالَتِهِ فَلَوْ تَخَلَّلَ أَوْ تَحَجَّرَ قَبْلَ رَدِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ رَدِّ بَيْعِهِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ حِينَ الْبَيْعِ وَهَلْ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَوْ هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللَّهُ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: عَدَمُ جَهْلٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ مَعْلُومَيْنِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَجَهْلُ أَحَدِهِمَا كَجَهْلِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْعَالِمُ مِنْهُمَا بِجَهْلِ الْجَاهِلِ أَوْ لَا وَقِيلَ: يُخَيَّرُ الْجَاهِلُ مِنْهُمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْعَالِمُ بِجَهْلِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِجَهْلِهِ فَسَدَ الْبَيْعُ كَجَهْلِهِمَا مَعًا وَقَوْلُهُ: وَجَهْلٍ عُطِفَ عَلَى حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ بِزِنَةِ حَجَرٍ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِكَمِّيَّةِ الْمُثْمَنِ وَقَدْرِهِ (قَوْلُهُ: ضُرَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ مَعًا بَلْ وَلَوْ كَانَ الْجَهْلُ بِالتَّفْصِيلِ فَقَطْ، وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَشْهَبَ وَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ تَعَلَّقَ الْجَهْلُ بِالْجُمْلَةِ فَقَطْ وَعَلِمَ التَّفْصِيلَ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ) أَيْ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ كَمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ مَعْلُومًا كَشِرَاءِ صُبْرَةٍ أَوْ شَقَّةٍ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ كُلُّ ذِرَاعٍ أَوْ إرْدَبٍّ مِنْهَا بِكَذَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَحْوَالَ أَرْبَعٌ: عِلْمُ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ وَجَهْلُهُمَا وَجَهْلُ الْجُمْلَةِ فَقَطْ وَجَهْلُ التَّفْصِيلِ فَقَطْ، فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي حَالَتَيْنِ وَيَصِحُّ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلتَّفْصِيلِ إلَخْ) أَيْ لِلْجَهْلِ بِهِ أَيْ وَأَمَّا جَهْلُ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ مَعًا -

ص: 15

مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا أَوْ مُشْتَرَكَانِ فِيهِمَا بِالتَّفَاوُتِ كَثُلُثٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَثُلُثَيْنِ مِنْ الْآخَرِ لِأَحَدِهِمَا وَبِيعَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِكَذَا) أَيْ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ الثَّمَنِ فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ لِلْجَهْلِ بِالتَّفْصِيلِ إذْ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ، فَإِنْ فَاتَ مَضَى بِالثَّمَنِ مَفْضُوضًا عَلَى الْقَيِّمِ وَالْمَنْعُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَنْتَفِ الْجَهْلُ وَإِلَّا جَازَ كَمَا إذَا سَمَّيَا لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا أَوْ قَوَّمَا كُلًّا بِانْفِرَادِهِ أَوْ دَخَلَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ جَعَلَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْعَقْدِ فِي الْجَمِيعِ (و) ك (رِطْلٍ مِنْ) لَحْمِ (شَاةٍ) مَثَلًا قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ السَّلْخِ وَهَذَا مِثَالٌ لِجَهْلِ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا صِفَةُ اللَّحْمِ بَعْدَ خُرُوجِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ السَّلْخِ فَجَائِزٌ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ هُوَ الْبَائِعُ وَوَقَعَ الشِّرَاءُ عَقِبَ الْعَقْدِ، وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيَجُوزُ (و) ك (تُرَابِ) حَانُوتِ (صَائِغٍ) أَوْ عَطَّارٍ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا جُهِلَ تَفْصِيلًا إنْ رُئِيَ فِيهِ شَيْءٌ أَوْ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا إنْ لَمْ يُرَ فِيهِ شَيْءٌ (وَرَدَّهُ مُشْتَرِيه، وَلَوْ خَلَّصَهُ) وَلَا يَكُونُ تَخْلِيصُهُ فَوْتًا يَمْنَعُ رَدَّهُ (وَلَهُ الْأَجْرُ) إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ.

(لَا) يَمْنَعُ بَيْعُ تُرَابِ (مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَإِمَّا بِهِ فَيُمْنَعُ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (و) لَا بَيْعَ (شَاةٍ) مَذْبُوحَةٍ جُزَافًا (قَبْلَ سَلْخِهَا) قِيَاسًا عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلذَّبْحِ وَأَحْرَى بَعْدَهُ، وَأَمَّا وَزْنًا فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ لَحْمٍ وَعَرَضٍ وَزْنًا.

(و) جَازَ بَيْعُ (حِنْطَةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَكَأَنْ يَشْتَرِيَ شَقَّةً بِتَمَامِهَا غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْقَدْرِ بِقِيَاسِ خَشَبَةٍ مَجْهُولَةٍ كُلُّ خَشَبَةٍ بِكَذَا.

(قَوْلُهُ: بِالتَّفَاوُتِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الشَّرِكَةُ بِنِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا جَهْلَ فِي الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ تَمْثِيلُهُ لِلْجَهْلِ بِالتَّفْصِيلِ وَهَذِهِ لَا جَهْلَ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَالثَّلَاثُ فَاسِدَةٌ) ظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِاشْتِرَاكِهِمَا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَاتَ) أَيْ الْمَبِيعُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الْآتِيَةِ مَضَى بِالثَّمَنِ أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لِمَا عَلِمْت مِنْ خِلَافِ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا سَمَّيَا) أَيْ عِنْدَ الْبَيْعِ لِكُلِّ عَبْدٍ ثَمَنًا كَأَشْتَرِي هَذَا بِكَذَا وَهَذَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ قَوْمًا) أَيْ قَبْلَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ فَضِّ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِأَنْ قَوَّمَ أَحَدَهُمَا بِعَشَرَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسَةٍ وَاشْتَرَاهُمَا الْمُشْتَرِي بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: أَوْ دَخَلَا عَلَى الْمُسَاوَاةِ) أَيْ أَوْ دَخَلَا عَلَى تَسَاوِي الْعَبْدَيْنِ فِي الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُمَا تَقْوِيمٌ أَوْ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ مِنْهُمَا تَقْوِيمٌ (قَوْلُهُ: أَوْ جَعَلَا لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جُزْءًا مُعَيَّنًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ يَجْعَلَا لِهَذَا الْعَبْدِ ثُلُثَ الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ الْعَبْدَانِ وَيَجْعَلُ لِلْآخَرِ ثُلُثَاهُ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: وَكَرِطْلٍ إلَخْ) كَمَا إذَا رَأَيْتَ الْجَزَّارَ قَابِضًا عَلَى شَاةٍ قَبْلَ ذَبْحِهَا أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ السَّلْخِ فَقُلْتَ لَهُ أَشْتَرِي مِنْك رِطْلًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ أَوْ أَشْتَرِيهَا مِنْك كُلَّهَا كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا فَيُمْنَعُ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا شِرَاؤُهَا كُلِّهَا بَعْدَ السَّلْخِ كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا شِرَاءُ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي لِلرِّطْلِ) أَيْ أَوْ لِلشَّاةِ كُلِّهَا كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ قَبْلَ السَّلْخِ بَلْ وَلَوْ قَبْلَ الذَّبْحِ فَيَجُوزُ أَيْ لِعِلْمِ الْبَائِعِ بِصِفَةِ لَحْمِ شَاتِهِ أَيْ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ كَانَ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: إنْ رُئِيَ) أَيْ قَبْلَ الْعَقْدِ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خَلَّصَهُ) رَدَّ بِمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا خَلَّصَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَيَبْقَى لِمُشْتَرِيهِ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ عَلَى غَرَرِهِ إنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قِيمَةِ الْخَارِجِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْخَارِجِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ الْخَارِجِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا مَا خَلَّصَهُ أَوْ قِيمَتُهُ

(قَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ بَيْعُ تُرَابٍ مَعْدِنٍ) أَيْ وَأَمَّا نَفْسُ الْمَعْدِنِ بِتَمَامِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ حُكْمَهُ لِلْإِمَامِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ شَاءَ، وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ تُرَابِ الْمَعْدِنِ دُونَ تُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَقَوْلُهُ: لَا يُمْنَعُ بَيْعُ تُرَابِ مَعْدِنِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِغَيْرِ صِنْفِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَأَمَّا وَزْنًا) أَيْ وَأَمَّا شِرَاؤُهَا كُلِّهَا قَبْلَ السَّلْخِ وَزْنًا كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ لَحْمٍ وَعَرَضٍ وَزْنًا) مُرَادُهُ بِالْعَرَضِ الْجِلْدُ وَالصُّوفُ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا اسْتَثْنَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ غَيْرُهُ إنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ أَنَّ الِالْتِفَاتَ لِلْوَزْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقْصُودَ اللَّحْمُ وَهُوَ مَغِيبٌ بِخِلَافِ الْجُزَافِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الذَّاتُ بِتَمَامِهَا وَهِيَ مَرْئِيَّةٌ، وَعِبَارَةُ خش وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ الذَّاتُ الْمَرْئِيَّةُ بِتَمَامِهَا كَشَاةٍ حَيَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ لِلشَّاةِ بِتَمَامِهَا قَبْلَ السَّلْخِ عَلَى الْوَزْنِ فَالْمَقْصُودُ حِينَئِذٍ مَا شَأْنُهُ الْوَزْنُ وَهُوَ اللَّحْمُ فَيَرْجِعُ إلَى بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ الْمَجْهُولِ الصِّفَةِ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ

(قَوْلُهُ: وَحِنْطَةٍ فِي سُنْبُلٍ وَتِبْنٍ إنْ بِكَيْلٍ) اعْلَمْ أَنَّ أَحْوَالَ الزَّرْعِ خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا قَائِمٌ أَوْ غَيْرُ قَائِمٍ وَالثَّانِي إمَّا قَتٌّ وَإِمَّا مَنْقُوشٌ وَإِمَّا فِي تِبْنٍ وَإِمَّا مُخَلَّصٌ وَالْمَبِيعُ إمَّا الْحَبُّ وَحْدَهُ وَإِمَّا السُّنْبُلُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ الْحَبَّ وَحْدَهُ فَيَجُوزُ بِالْكَيْلِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا وَيَجُوزُ جُزَافًا فِي الْمُخَلَّصِ فَقَطْ دُونَ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ السُّنْبُلَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحَبِّ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا فِي الْقَتِّ وَالْقَائِمِ دُونَ الْمَنْفُوشِ وَدُونَ مَا فِي -

ص: 16

مَثَلًا بَعْدَ يُبْسِهَا فَالْمُرَادُ كُلُّ مَا يَتَوَصَّلُ إلَى مَعْرِفَةِ جَوْدَتِهِ وَرَدَاءَتِهِ بِرُؤْيَةِ بَعْضِهِ بِفَرْكٍ أَوْ نَحْوِهِ (فِي سُنْبُلٍ) قَبْلَ حَصْدِهِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ تَمَامُ حَصْدِهِ وَدَرْسِهِ وَذَرْوِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا (و) فِي (تِبْنٍ) بَعْدَ الدَّرْسِ (إنْ) وَقَعَ (بِكَيْلٍ) رَاجِعٌ لَهُمَا، فَإِنْ وَقَعَ عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ لَمْ يَجُزْ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ مَعَ تِبْنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ فِي سُنْبُلِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَحَزْرُهُ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِجَوَازِ بَيْعِ الزَّرْعِ قَائِمًا فِي أَرْضِهِ بِشَرْطِ يُبْسِهِ وَكَوْنِ ثَمَرَتِهِ فِي رَأْسِهِ كَقَمْحٍ وَأَنْ يَكُونَ جُزَافًا مَعَ مَا يَخْرُجُ مِنْ تِبْنِهِ لَا بِالْفَدَّانِ بِلَا حِرْزٍ وَلَا جُزَافًا مُجَرَّدًا عَنْ التِّبْنِ.

(و) جَازَ بَيْعُ (قَتٍّ) مِنْ نَحْوَ قَمْحٍ مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي رَأْسِ قَصَبَتِهِ (جُزَافًا) لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ لَا نَحْوَ فُولٍ مِمَّا ثَمَرَتُهُ فِي جَمِيعِ قَصَبَتِهِ.

(لَا) يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ (مَنْفُوشًا) أَيْ مُخْتَلِطًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فِي الْجَرِينِ أَوْ فِي مَوْضِعِ حَصْدِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ قَبْلَ حَصْدِهِ قَائِمًا وَحَزَرَهُ وَإِلَّا جَازَ.

(و) جَازَ بَيْعُ (زَيْتِ زَيْتُونٍ) أَيْ قَدْرٍ مَعْلُومٍ مِنْهُ قَبْلَ عَصْرِهِ (بِوَزْنٍ) كَبِعْنِي عَشَرَةَ أَرْطَالٍ مِنْ زَيْتِ زَيْتُونِك بِكَذَا أَوْ جَمِيعَهُ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا (إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) خُرُوجُهُ عِنْدَ النَّاسِ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَصْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ خُرُوجُهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ عَصْرِهِ (إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ) الْمُشْتَرِي أَيْ يَشْتَرِطُ خِيَارَهُ إذَا رَآهُ بَعْدَ الْعَصْرِ وَأَنْ لَا يُنْقَدَ بِشَرْطٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْمَفْهُومِ.

(و) جَازَ بَيْعُ (دَقِيقِ حِنْطَةٍ) قَبْلَ طَحْنِهَا كَبِعْنِي صَاعًا أَوْ كُلُّ صَاعٍ مِنْ دَقِيقِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ بِكَذَا إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الطَّحْنُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ، فَإِنْ اخْتَلَفَ مُنِعَ إلَّا أَنْ يُخَيَّرَ فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِي الزَّيْتِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى الشَّرْطِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ وَالِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِمَا.

(و) جَازَ بَيْعُ (صَاعٍ) مَثَلًا (أَوْ كُلِّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) أُرِيدَ شِرَاءُ جَمِيعِهَا إنْ عُلِمْت صِيعَانُهَا بَلْ وَإِنْ (جُهِلْت. لَا) يَجُوزُ بَيْعُ كُلِّ صَاعٍ بِكَذَا (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الصُّبْرَةِ أَوْ كُلِّ ذِرَاعٍ مِنْ شَقَّةٍ أَوْ كُلِّ رِطْلٍ مِنْ زَيْتٍ أَوْ شَمْعَةٍ لِزِفَافٍ (وَأُرِيدَ الْبَعْضُ) أَيْ بِيعَ الْبَعْضُ مِمَّا ذَكَرَ فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

تِبْنِهِ مَا لَمْ يَكُنْ رَآهُ وَهُوَ فِي سُنْبُلِهِ قَائِمًا وَحَزَرَهُ وَإِلَّا جَازَ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ حِنْطَةٍ) أَيْ وَحْدَهَا (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قَتًّا أَوْ مَنْفُوشًا (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِئَلَّا يَكُونَ سَلَمًا فِي مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: وَتِبْنٍ) عُطِفَ عَلَى سُنْبُلٍ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ، أَيْ أَوْ فِي تِبْنٍ بَعْدَ دَرْسِهَا (قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ بِكَيْلٍ) أَيْ كَأَشْتَرِي كُلَّ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ قَتٍّ جُزَافًا) أَيْ وَأَوْلَى بَيْعُ الْقَائِمِ جُزَافًا (قَوْلُهُ: لَا نَحْوَ فُولٍ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَتِّهِ جُزَافًا، وَلَوْ رَآهُ قَائِمًا لِعَدَمِ إمْكَانِ حَزْرِهِ

(قَوْلُهُ: لَا مَنْفُوشًا) أَيْ بِيعَ جُزَافًا وَأَوْلَى إذَا كَانَ فِي تِبْنِهِ وَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ وَقَتٌّ

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُهُ عِنْدَ النَّاسِ لَا يَخْتَلِفُ فِي الْجَوْدَةِ وَالصَّفَاءِ وَالْخُضُورِيَّةِ وَالْبَيَاضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاخْتِلَافُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ إذْ لَا يَنْظُرُ لِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْمَبِيعِ الْكُلَّ أَوْ قَدْرًا مَعْلُومًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَتَأَخَّرُ عَصْرُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ وَلَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ عِنْدَ النَّاسِ جَازَ بَيْعُهُ بَتًّا، وَاشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ يَخْتَلِفُ خُرُوجُهُ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بَتًّا، وَجَازَ إنْ اشْتَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ حِينَئِذٍ بِشَرْطٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّيْتِ يُقَالُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّقِيقِ الْآتِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُنْقَدَ بِشَرْطٍ) أَيْ بِأَنْ لَا يُنْقَدَ أَصْلًا أَوْ يُنْقَدَ تَطَوُّعًا، فَإِنْ نُقِدَ بِشَرْطٍ أَوْ شَرْطِ النَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ فَسَدَ الْبَيْعُ

(قَوْلُهُ: أَوْ كُلُّ صَاعٍ) أَيْ أَوْ بِعْنِي جَمِيعَ دَقِيقِ هَذَا الْقَمْحِ كُلُّ صَاعٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخْتَلِفْ خُرُوجُهُ) أَيْ فِي النُّعُومَةِ وَالْخُشُونَةِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) أَيْ لِئَلَّا يَلْزَمَ السَّلَمُ فِي مُعَيَّنٍ

(قَوْلُهُ: وَصَاعٌ أَوْ كُلُّ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ) أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَالَ لِلْبَائِعِ: أَشْتَرِي مِنْك صَاعًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ أَشْتَرِي مِنْك كُلَّ صَاعٍ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِكَذَا. وَأَرَادَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ شِرَاءَ جَمِيعِهَا كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا سَوَاءٌ كَانَتْ الصُّبْرَةُ مَعْلُومَةً الصِّيعَانِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْجُمْلَةِ وَالتَّفْصِيلِ، وَإِنْ كَانَتْ مَجْهُولَتَهَا كَانَتْ مَجْهُولَةَ الْجُمْلَةِ مَعْلُومَةَ التَّفْصِيلِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ جَهْلَ الْجُمْلَةِ فَقَطْ لَا يَضُرُّ.

(قَوْلُهُ: لَا مِنْهَا إلَخْ) كَقَوْلِهِ أَبِيعُك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ وَأَرَادَ بِمِنْ التَّبْعِيضَ وَأَنَّ الْمَعْنَى أَشْتَرِي مِنْك بَعْضَ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِمِنْ كَقَوْلِهِ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ كُلَّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ، أَوْ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا أَوْ أَشْتَرِي مِنْ هَذِهِ الشَّمْعَةِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا، فَإِنْ أُرِيدَ بِهَا التَّبْعِيضُ مُنِعَ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا بَيَانُ الْجِنْسِ وَالْقَصْدُ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلَّ إرْدَبٍّ بِكَذَا فَلَا يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرَدْ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَطَرِيقَتَانِ الْمَنْعُ لِتَبَادُرِ التَّبْعِيضِ مِنْهَا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْجَوَازُ لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهَا، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مُتَبَادِرَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَيَّدَ الْمَنْعَ بِإِرَادَةِ الْبَعْضِ وَأَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْأُولَى كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ بْن نَقْلًا عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ فَانْظُرْهُ وَمِثْلُ الْإِتْيَانِ بِمِنْ وَإِرَادَةُ الْبَعْضِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمَيِّتُ مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا، أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَكْفِينِي قَمِيصًا مِنْ هَذِهِ الشَّقَّةِ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا

ص: 17

لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ وَالْمُثْمَنِ حَالًّا وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْعِلْمَ الْحَاصِلَ فِي الْمَآلِ.

(و) جَازَ بَيْعُ (شَاةٍ) مَثَلًا (وَاسْتِثْنَاءً) مَفْعُولٌ مَعَهُ (أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ) مِنْهَا مَثَلًا مِمَّا دُونَ الثُّلُثِ فَاسْتِثْنَاءُ الثُّلُثِ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ كَانَ قَدْرَ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ إنْ بِيعَتْ قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ السَّلْخِ، فَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَهُمَا فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ قَدْرِ الثُّلُثِ، فَإِنْ اسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ (وَلَا يَأْخُذُ) الْمُسْتَثْنَى الْأَرْبَعَةَ الْأَرْطَالَ (لَحْمَ غَيْرِهَا) بَدَلًا عَنْهَا، وَلَوْ قَالَ وَلَا يَأْخُذُ بَدَلَهَا أَيْ الْأَرْطَالَ لَشَمِلَ أَخْذَ بَدَلِهَا لَحْمًا أَوْ غَيْرِهِ كَدَرَاهِمَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى فَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لَكِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَنْهَضُ فِيمَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّلْخِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ الْمَنْعُ.

(و) جَازَ بَيْعُ (صُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ) جُزَافًا (وَاسْتِثْنَاءُ) كَيْلٍ (قَدْرِ ثُلُثٍ) فَأَقَلَّ لَا أَكْثَرَ وَأَشْعَرَ ذِكْرَ قَدْرٍ بِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى كَيْلٌ فَلَوْ كَانَ جُزْءًا شَائِعًا جَازَ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا.

(و) جَازَ بَيْعُ حَيَوَانٍ وَاسْتِثْنَاءُ (جِلْدٍ وَسَاقِطٍ) رَأْسٌ وَأَكَارِعُ لَا كِرْشٍ وَكَبِدٍ وَطِحَالٍ فَإِنَّهَا مِنْ اللَّحْمِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِيهِ وَقَدْ مَرَّ (بِسَفَرٍ فَقَطْ) رَاجِعٌ لِلْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ مَعًا كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُمَا فِي السَّفَرِ فَقَطْ لِخِفَّةِ ثَمَنِهِمَا فِيهِ دُونَ الْحَضَرِ (و) جَازَ اسْتِثْنَاءُ (جُزْءٍ) شَائِعٍ (مُطْلَقًا) مِنْ حَيَوَانٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مَا تُوقِدُهُ النَّارُ مِنْ هَذِهِ الشَّمْعَةِ فِي الزِّفَافِ كُلَّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْبَعْضَ صَادِقٌ بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَالثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ شَاةٍ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى وَإِلَّا كَانَ مِنْ بَابِ شِرَاءِ اللَّحْمِ الْمُغَيَّبِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِلْجَهْلِ بِالصِّفَةِ بِمَنْزِلَةِ اشْتِرَاءِ رِطْلٍ أَوْ كُلِّ رِطْلٍ مِنْهَا قَبْلَ سَلْخِهَا، كَذَا قِيلَ لَكِنْ مُقْتَضَى الْعِلَّةِ الْجَوَازُ، وَلَوْ بَلَغَتْ الْأَرْطَالُ الْمُسْتَثْنَاةُ الثُّلُثَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَقَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَاسْتِثْنَاءُ أَرْبَعَةِ أَرْطَالٍ) إنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْأَرْبَعَةَ أَرْطَالٍ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي شَاةٍ وَالْأَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِهَا بِحَسَبِ الشَّأْنِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ قَدْرِ الثُّلُثِ) أَيْ مِنْ الْأَرْطَالِ سَوَاءٌ قُلْنَا: إنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ مُشْتَرًى؛ لِأَنَّ الشَّاةَ الْمَسْلُوخَةَ بِمَنْزِلَةِ الصُّبْرَةِ وَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهَا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَسْلُوخَةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الثُّلُثِ فِي الْمَسْلُوخَةِ وَمَنَعَهُ فِي غَيْرِهَا، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيهِمَا وَاسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ مِنْ الثُّلُثِ فَهُوَ جَائِزٌ فِيهِمَا هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ السَّلْخِ فَلِبَائِعِهَا اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَثْنَى جُزْءًا شَائِعًا) أَيْ كَرُبُعٍ أَوْ خُمُسٍ أَوْ سُدُسٍ قَبْلَ السَّلْخِ أَوْ بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِثْنَاءُ مَا شَاءَ أَيْ مِنْ الْأَجْزَاءِ، وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهَا مِثْلَ نِصْفِهَا وَثُلُثَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُشْتَرِي أَرْطَالًا عِوَضًا عَنْ الْأَرْطَالِ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا مِنْ لَحْمِ شَاةٍ أُخْرَى غَيْرَ الشَّاةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُشْتَرًى) أَيْ فَالْبَائِعُ قَدْ اشْتَرَى الْأَرْطَالَ الْمُسْتَثْنَاةَ وَبَاعَهَا بِاللَّحْمِ أَوْ الدَّرَاهِمَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُبْقًى) أَيْ لِمَا اسْتَثْنَاهُ عَلَى مِلْكِهِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ نَقْلًا (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ) أَيْ وَبَيْعِ اللَّحْمِ الْمَغِيبِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ بِلَحْمٍ أَوْ دَرَاهِمَ

(قَوْلُهُ: وَصُبْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَاسْتِثْنَاءِ قَدْرِ ثُلُثٍ) مِثْلَ الثَّمَرَةِ الْمَقَاثِي وَالْخُضَرِ وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ فَيَجُوزُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَنْ يُسْتَثْنَى قَدْرًا مَعْلُومًا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ شَرْطَ كَوْنِهِ الثُّلُثَ فَأَدْنَى اهـ بْن قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ كَيْلًا إلَّا الثُّلُثَ فَأَقَلَّ فَإِذَا بَاعَ جُزَافًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ مِنْهُ وَذَلِكَ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ، فَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ مُقَاصَّةً مِنْ الثَّمَنِ جَازَ، وَإِنْ اشْتَرَى مِنْهُ ذَلِكَ بِنَقْدٍ وَلَمْ يُقَاصَّهُ جَازَ إنْ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا وَلَمْ يَكُنْ لِأَجَلٍ.

(قَوْلُهُ: وَثَمَرَةٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ جُزْءًا شَائِعًا) أَيْ كَأَبِيعُك هَذِهِ الصُّبْرَةَ بِكَذَا إلَّا رُبُعَهَا مَثَلًا (قَوْلُهُ: بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْجُزْءُ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ

(قَوْلُهُ: فَيَجْرِي فِيهَا إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ: إنْ حَصَلَ الْبَيْعُ وَاسْتِثْنَاؤُهَا قَبْلَ الذَّبْحِ أَوْ قَبْلَ السَّلْخِ جَازَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ السَّلْخِ جَازَ، وَلَوْ كَانَتْ الثُّلُثَ لَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: بِسَفَرٍ فَقَطْ) أَيْ وَكَرِهَ ذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْحَضَرِ وَأَبْقَى أَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى بَابِهَا فَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ عِنْدَ اسْتِثْنَاءِ مَا ذَكَرَ فِي الْحَضَرِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ وَأَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَيُوَافِقُهُ نَقْلُ الْمَازِرِيِّ الْمَنْعَ عَنْ الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش وعبق مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ بِسَفَرٍ فَقَطْ لِلْجِلْدِ فَقَطْ، وَأَمَّا السَّقَطُ وَهِيَ الرَّأْسُ وَالْأَكَارِعُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهَا فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ عَلَى حُكْمِ قَلِيلِ اللَّحْمِ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لِابْنِ يُونُسَ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا طَرِيقَةُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ أَوْ الرَّأْسِ فَقَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ فِي السَّفَرِ إذْ لَا ثَمَنَ لَهُ هُنَاكَ وَكَرِهَهُ فِي الْحَضَرِ وَقَوَّى بْن طَرِيقَةَ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: لِخِفَّةِ ثَمَنِهِمَا فِيهِ دُونَ الْحَضَرِ) أَيْ فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَهَلْ يَنْعَكِسُ الْحُكْمُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمُقْتَضَى -

ص: 18

أَوْ غَيْرِهِ سَفَرًا وَحَضَرًا ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَسَوَاءٌ اشْتَرَى الْحَيَوَانَ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ الْحَيَاةِ وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْمُشْتَرِي بِقَدْرِ مَا اسْتَثْنَى (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ الْمَبِيعَ بِذَبْحٍ أَوْ سَلْخٍ أَوْ عَلَفٍ وَسَقْيٍ وَحِفْظٍ وَغَيْرِهِ (الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ مَظِنَّةُ ذَلِكَ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُشْتَرِي (عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ وَمَسْأَلَةِ الْجُزْءِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِقِيَامِ مِثْلِهِ مَقَامَهُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ شَرِيكٌ (بِخِلَافِ) اسْتِثْنَاءِ (الْأَرْطَالِ) فَيُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا (وَخُيِّرَ) الْمُشْتَرِي (فِي دَفْعِ) مِثْلِ (رَأْسٍ) وَبَقِيَّةِ سَاقِطٍ وَمِثْلَ جِلْدٍ (أَوْ قِيمَتِهَا) أَيْ قِيمَةِ الرَّأْسِ وَالْأَوْلَى قِيمَتُهُ؛ لِأَنَّ الرَّأْسَ مُذَكَّرٌ (وَهِيَ) أَيْ الْقِيمَةُ (أَعْدَلُ) لِمُوَافَقَةِ الْقَوَاعِدِ فِي أَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ وَلِلسَّلَامَةِ مِنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ (وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ دَفَعَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيَّنُ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ حُذِفَ لَفْظُ دَفَعَ لَاسْتَقَامَ قَوْلَهُ هُنَا وَهَلْ إلَخْ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ نَائِبَ فَاعِلِ خُيِّرَ هُوَ فِي دَفَعَ لَا ضَمِيرَ الْمُشْتَرِي أَيْ وَقَعَ التَّخْيِيرُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي " دَفَعَ "(أَوْ لِلْمُشْتَرِي) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلَانِ) .

(وَلَوْ مَاتَ مَا) أَيْ حَيَوَانٌ (اُسْتُثْنِيَ مِنْهُ) شَيْءٌ (مُعَيَّنٌ) مِنْ جِلْدٍ وَسَاقِطٍ أَوْ أَرْطَالٍ (ضَمِنَ الْمُشْتَرِي) لِلْبَائِعِ مِنْ الْمُعَيَّنِ (جِلْدًا وَسَاقِطًا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا إذْ لَهُ دَفْعُ مِثْلِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْعِلَّةِ أَوَّلًا وَالْمُعْتَبَرُ سَفَرُ الْبَائِعِ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُقِيمًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَصُبْرَةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ (قَوْلُهُ: وَتَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) قَالَ طفى: اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ، فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ سَوَاءٌ عَادَ الضَّمِيرُ عَلَى الذَّبْحِ أَوْ عَلَى الْمَبِيعِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجُزْءِ وَالْأَرْطَالِ شَرِيكَانِ وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ عَلَيْهِمَا، قَالَ: وَلَمْ أَرَ هَذَا الْفَرْعَ بِعَيْنِهِ لِغَيْرِ الْمُؤَلِّفِ اهـ قُلْت: وَقَدْ يُقَالُ: يَصِحُّ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الذَّبْحِ وَيَجْعَلَ هَذَا الْفَرْعَ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مِنْ أَنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ، وَأَيْضًا لَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَإِنَّ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ صَارَا كَأَنَّهُمَا فِي ذِمَّتِهِ وَكَأَنَّ الْبَائِعَ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْمَبِيعِ فَصَحَّ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ بِعَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْمَبِيعِ فَهَذَا الْفَرْعُ عَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ صَرِيحًا فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ بْن وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَتَوَلَّاهُ أَيْ الْمَبِيعَ إلَخْ مُرَادُهُ الْمَبِيعُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْجِلْدُ أَوْ الْجِلْدُ وَالسَّاقِطُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مُطْلَقًا أَرْطَالًا أَوْ جُزْءًا شَائِعًا أَوْ جِلْدًا أَوْ سَاقِطًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَرْطَالِ فَيُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ) اعْلَمْ أَنَّ أُجْرَةَ الذَّبْحِ وَكَذَلِكَ السَّلْخُ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ مَعَ السَّاقِطِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَجْبُورٍ عَلَى الذَّبْحِ إذْ لَوْ شَاءَ أَعْطَى الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ مَا لِكُلٍّ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ، وَأَمَّا أُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ وَحْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرًى فَقِيلَ عَلَى الْبَائِعِ وَقِيلَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ السَّاقِطِ وَحْدَهُ فَهِيَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْمُشْتَرِي لَهُ فِي الْمَوْتِ هَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن وَأُجْرَةُ الذَّبْحِ وَالسَّلْخِ فِي اسْتِثْنَاءِ الْأَرْطَالِ، وَكَذَلِكَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ لِأَنَّهُمَا شَرِيكَانِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ غَيْرِهَا) أَيْ وَالْمُشْتَرِي دَاخِلٌ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لِلْبَائِعِ لَحْمًا مِنْ الْمَبِيعِ وَلَا يَتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِالذَّبْحِ (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ فِي دَفْعِ رَأْسٍ) لِمَا قَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُجْبَرُ عَلَى الذَّبْحِ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِثْنَاءِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ ذَكَرَ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ مِثْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جِلْدٍ وَرَأْسٍ أَوْ قِيمَتُهُ وَهِيَ أَعْدَلُ لِمُوَافَقَتِهِ الْقَوَاعِدَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى لَا مُشْتَرًى وَإِلَّا مُنِعَ أَخْذَ شَيْءٍ عِوَضًا عَنْهُ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ حَيْثُ لَمْ يَذْبَحْهَا الْمُشْتَرِي، فَإِنْ ذَبَحَهَا تَعَيَّنَ لِلْبَائِعِ مَا اسْتَثْنَاهُ مِنْ جِلْدٍ وَسَاقِطٍ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ، كَذَا قِيلَ، وَقِيلَ: يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ سَوَاءٌ ذُبِحَتْ أَمْ لَا فَهُمَا طَرِيقَتَانِ، وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَبَقِيَّةُ سَاقِطٍ إلَخْ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي دَفْعٍ كَرَأْسٍ كَانَ أَشْمَلَ لِدُخُولِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي قَوْلَانِ) قَالَ ح قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ وَالْقَوْلَانِ تُؤُوِّلَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي أَلْيَقُ بِظَاهِرِهَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا اهـ وَالْخِلَافُ وَإِنْ كَانَ مَفْرُوضًا فِي الْجِلْدِ فِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي تُؤُوِّلَ عَلَيْهِ الْقَوْلَانِ صَرِيحٌ فِي تَسْوِيَةِ الْجِلْدِ وَالرَّأْسِ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُقَالُ: كَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ الْخِلَافَ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ الْجِلْدُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَا ضَمِيرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ أَنَّ نَائِبَ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَذِكْرُ الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَوْلَى ثُمَّ ذَكَرَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ

(قَوْلُهُ: مَا اسْتَثْنَى مِنْهُ مُعَيَّنٌ) أَرَادَ بِالْمُعَيَّنِ مَا قَابَلَ الشَّائِعَ فَيَدْخُلُ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الْجِلْدِ وَالسَّاقِطِ وَالْأَرْطَالُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: ضَمِنَ الْمُشْتَرِي جِلْدًا وَسَاقِطًا) أَيْ فَيَضْمَنُ مِثْلَهُمَا أَوْ قِيمَتَهُمَا، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ. وَقَالَ طفى: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الضَّمَانِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا وَهُوَ مُرْتَضَى ابْنِ رُشْدٍ قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى الضَّمَانُ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِلْبَائِعِ قِيمَتَهُ أَوْ جِلْدًا مِثْلَهُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَغْرَمُ مَا يَخُصُّ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَنْظُرَ إلَى -

ص: 19

(لَا لَحْمًا) وَهُوَ مَا عَبَّرَ عَنْهُ قَبْلُ بِالْأَرْطَالِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَاسْتِثْنَاءِ الْجُزْءِ لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ فِي طَلَبِهِ بِالذَّبْحِ وَجَبْرِهِ عَلَيْهِ.

(و) جَازَ بَيْعُ (جُزَافٍ) مُثَلَّثُ الْجِيمِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِهِ سَبْعَةَ شُرُوطٍ بِقَوْلِهِ (إنْ رُئِيَ) حَالُ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّا عَلَى الْمَعْرِفَةِ لِوَقْتِ الْعَقْدِ وَكَفَّتْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ الْمُتَّصِلُ بِهِ كَمَا فِي مَغِيبِ الْأَصْلِ وَكَصُبْرَةٍ فَيَكْفِي رُؤْيَةُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَحَلُّ شَرْطِ الرُّؤْيَةِ مَا لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهَا تَلَفُ الْمَبِيعِ كَقِلَالِ خَلٍّ مُطَيَّنَةٍ يُفْسِدُهَا فَتْحُهَا وَإِلَّا جَازَتْ إنْ كَانَتْ مَمْلُوءَةً أَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ نَقْصِهَا، وَلَوْ مِنْ إخْبَارِ الْبَائِعِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِفَةٍ مَا فِيهَا مِنْ الْخَلِّ (وَلَمْ يُكْثِرْ) الْمَبِيعَ (جِدًّا) أَيْ أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لَا جِدًّا، فَإِنْ كَثُرَ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ حَزَرَهُ أَوْ قَلَّ جِدًّا بِحَيْثُ يَسْهُلُ عَدُّهُ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (وَجَهِلَاهُ) يُحْتَرَزُ بِهِ عَمَّا إذَا عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ لَا عَمَّا إذَا عَلِمَاهُ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ جُزَافًا (وَحَزَرَاهُ) أَيْ الْمَبِيعُ جُزَافًا بِالْفِعْلِ (وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) شَرْطُ صِحَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمٍ أَوْ ظَنِّ الِاسْتِوَاءِ وَإِلَّا فَسَدَ ثُمَّ إنْ وُجِدَ الِاسْتِوَاءُ فِي الْوَاقِعِ لَزِمَ وَإِلَّا، فَإِنْ ظَهَرَ فِي الْأَرْضِ عُلُوٌّ فَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَانْخِفَاضٌ فَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ (وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ وَنَبَّهَ بِلَفْظِ الْعَدِّ عَلَى أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ يُبَاعُ كُلٌّ جُزَافًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِرْهَمَيْنِ وَكَانَتْ الشَّاةُ تُبَاعُ بِلَا جِلْدٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِسُدُسِ قِيمَةِ الشَّاةِ كَمَنْ بَاعَ شَاةً بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَعَرْضٍ قِيمَتُهُ دِرْهَمَانِ فَاسْتَحَقَّ الْعَرْضَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ وَقَدْ فَاتَتْ الشَّاةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهَذَا بَيِّنٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ اهـ قُلْتُ وَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبِلُوهُ فَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالضَّمَانِ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهِمَا أَوْ قِيمَتِهِمَا خِلَافُهُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: لَا لَحْمًا) أَيْ فَلَا يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي لِتَفْرِيطِ الْبَائِعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا مَا لَمْ يَأْكُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا ضَمِنَ مِثْلَ الْأَرْطَالِ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ جُزَافٍ) الْجُزَافُ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَهُوَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِلَا كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا عَدَدٍ وَالْأَصْلُ مَنْعُهُ وَلَكِنَّهُ خُفِّفَ فِيمَا شُقَّ عِلْمُهُ مِنْ الْمَعْدُودِ أَوْ قَلَّ جَهْلُهُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذْ لَا تُشْتَرَطُ الْمَشَقَّةُ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إنْ رُئِيَ حَالَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ وَاسْتَمَرَّا إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجُزَافِ الْحُضُورُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ زَرْعًا قَائِمًا أَوْ صُبْرَةَ طَعَامٍ أَوْ غَيْرَهُمَا، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُقَارِنَةً لِلْعَقْدِ أَوْ سَابِقَةً عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ كُلِّهِ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا حِينَ الْعَقْدِ، لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الزَّرْعُ الْقَائِمُ وَالثِّمَارُ فِي رُءُوسِ الْأَشْجَارِ فَقَدْ اُغْتُفِرَ فِيهِمَا عَدَمُ الْحُضُورِ إنْ تَقَدَّمَتْ الرُّؤْيَةُ وَبِالثَّانِي قَرَّرَ ح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ: مُرَادُهُمْ بِالْمَرْئِيِّ الْحَاضِرُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِهِ رُؤْيَتُهُ أَوْ رُؤْيَةُ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالصِّفَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِعُسْرِ الرُّؤْيَةِ كَقِلَالِ الْخَلِّ الْمَخْتُومَةِ إذَا كَانَ فِي فَتْحِهَا مَشَقَّةٌ وَفَسَادٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِدُونِ فَتْحٍ هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِهِ فَحُمِلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رُئِيَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ، وَأُخِذَ مِنْهُ شَرْطُ الرُّؤْيَةِ بِاللُّزُومِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّا) أَيْ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرِفَةِ أَيْ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ عَدَمُ رُؤْيَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَثُرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَثُرَ جِدًّا يَمْنَعُ بَيْعَهُ جُزَافًا سَوَاءٌ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِتَعَذُّرِ حَزْرِهِ وَمَا كَثُرَ لَا جِدًّا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَكِيلًا كَانَ أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَعْدُودًا لِإِمْكَانِ حَزْرِهِ، وَأَمَّا مَا قَلَّ جِدًّا يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا إنْ كَانَ مَعْدُودًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَشَقَّةَ فِي عِلْمِهِ بِالْعَدَدِ وَيُحْزَرُ إنْ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَيْ وَجَهِلَا قَدْرَ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَلَوْ كَانَ لَا مَشَقَّةَ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَاهُ) أَيْ وَجَهِلَ الْمُتَبَايِعَانِ قَدْرَ ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (قَوْلُهُ: عَمَّا إذَا عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا قَطُّ) أَيْ فَإِذَا عَلِمَ أَحَدُهُمَا قَدْرَهُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَجَهْلُهُ الْآخَرُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَقْدُ سَوَاءٌ عَلِمَ صَاحِبُهُ بِعِلْمِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلِمَ قَصَدَ خَدِيعَةَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ لَكِنْ إنْ أَعْلَمَهُ حَالَ الْعَقْدِ بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهِ فَسَدَ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَحَزَرَاهُ بِالْفِعْلِ) أَيْ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ بِأَنَّ اعْتَادَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ، فَلَوْ وَكَّلَا مَنْ يَحْزِرُهُ وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَفَى كَانَا مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ أَمْ لَا فَالشَّرْطُ حَزْرُ الْمَبِيعِ بِالْفِعْلِ مِنْ أَهْلِ الْحَزْرِ كَانَ الْحَزْرُ مِنْهُمَا أَوْ مِمَّنْ وَكَّلَاهُ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوَتْ أَرْضُهُ) أَيْ فِي عِلْمِهِمَا أَوْ ظَنِّهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا عَدَمَ الِاسْتِوَاءِ فَسَدَ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعُدْ بِلَا مَشَقَّةٍ) سَالِبَةٌ مَعْدُولَةُ الْمَحْمُولِ أَيْ جُعِلَ فِيهَا السَّلْبُ جُزْءًا مِنْ مَدْخُولِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي وُجُودَ الْمَوْضُوعِ وَحِينَئِذٍ فَمَنْطُوقُهَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ يُعَدُّ بِمَشَقَّةٍ وَبِكَوْنِهِ لَا يُعَدُّ أَصْلًا بِأَنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ مَشَقَّةٌ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ لَوْ ذَكَرَ هَذَا وَأَسْقَطَ قَوْلَهُ: وَنَبَّهَ بِلَفْظِ الْعَدِّ لَكَانَ صَوَابًا، وَقَوْلُ عبق وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَلَمْ يُعَدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ بِأَنْ عُدَّ بِمَشَقَّةٍ وَهَذَا مَنْطُوقُهُ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ فَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ مَنْطُوقَهُ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ، وَأَنْ لَا يُعَدَّ أَصْلًا لِكَوْنِهِ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ مَشَقَّةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَعْدُودَ لَا يُبَاعُ جُزَافًا إلَّا إذَا -

ص: 20

وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةً (وَلَمْ تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ) أَيْ آحَادُهُ وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ الشَّرْطِ قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ كَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا إلَّا أَنْ تَقْصِدَ أَفْرَادُهُ بِالثَّمَنِ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَالدَّوَابِّ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ أَفْرَادِهِ فَيَجُوزُ كَبِيضٍ وَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَبِطِّيخٍ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الْجُزَافِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَهُ مَعَ مَكِيلٍ عَلَى مَا سَيَأْتِي.

ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ بَعْضِ الشُّرُوطِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَقَالَ (لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّ إنْ رُئِيَ إذْ هُوَ فِي مَحَلِّ الصِّفَةِ لِجُزَافٍ أَيْ جُزَافٍ مَرْئِيٍّ لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ (وَإِنْ) كَانَ غَيْرَ الْمَرْئِيِّ (مِلْءَ ظَرْفٍ) فَارِغٍ كَقُفَّةٍ يَمْلَؤُهَا مِنْ حِنْطَةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ قَارُورَةٍ يَمْلَؤُهَا زَيْتًا بِدِرْهَمٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا بَيْعُ مِلْئِهِ جُزَافًا بَلْ (وَلَوْ) كَانَ الظَّرْفُ مَمْلُوءًا أَوَّلًا فَاشْتَرَى مَا فِيهِ جُزَافًا بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَمْلَأَهُ (ثَانِيًا) مِنْ ذَلِكَ الْمَبِيعِ (بَعْدَ تَفْرِيغِهِ) بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ وَلَيْسَ الظَّرْفُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (فِي كَسَلَّةِ تِينٍ) وَعِنَبٍ وَقِرْبَةِ مَاءٍ وَجَرَّارِهِ وَنَحْوَهَا مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ تَفْرِيغِهِ فَيَجُوزُ شِرَاءُ مِلْئِهِ فَارِغًا وَمِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمِ مَثَلًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ السَّلَّةَ وَنَحْوَهَا بِمَنْزِلَةِ الْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالسَّلَّةُ بِفَتْحِ السِّينِ الْإِنَاءُ الَّذِي يُوضَعُ فِيهِ الزَّبِيبُ وَالتِّينُ وَنَحْوَهُمَا ثُمَّ عُطِفَ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ مُشَارِكَةٌ لَهُ فِي الْمَنْعِ الْأَوَّلَانِ مِنْهَا مُحْتَرِزًا وَحُزِرَ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مُحْتَرِزٌ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ.

أَحَدُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (عَصَافِيرِ) وَنَحْوَهَا مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ كَحَمَامٍ وَصِغَارِ دَجَاجٍ (حَيَّةٌ) لِعَدَمِ تَيَسُّرِ حَزْرِهِ بِخِلَافِ الْمَذْبُوحَةِ فَيَجُوزُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَانَ فِي عَدِّهِ مَشَقَّةٌ بِخِلَافِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزَافًا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةٌ فِي كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا مَظِنَّةٌ لِلْمَشَقَّةِ لِاحْتِيَاجِهِمَا لِآلَةٍ وَتَحْرِيرٍ لَا يَتَأَتَّى لِكُلِّ النَّاسِ بِخِلَافِ الْعَدِّ لِتَيَسُّرِهِ لِغَالِبِ النَّاسِ فَالْجُزَافُ يَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ فِي الْمَعْدُودِ وَخَمْسَةٍ فِي غَيْرِهِ بِإِسْقَاطٍ وَلَمْ يُعَدُّ بِلَا مَشَقَّةٍ وَلَمْ تُقْصَدُ أَفْرَادُهُ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ مُخْتَصَّانِ بِالْمَعْدُودِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَشَقَّةٌ) أَيْ فِي كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كَالْمُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ وَمَفْهُومُ هَذَا الشَّرْطِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ الشَّرْطِ قَبْلَهُ لَا إنْ مَنْطُوقُ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ مِنْ تَقْرِيرِهِ وَزَادَ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَالْمُسْتَثْنَى لِعَدَمِ أَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِهَذَا الشَّرْطِ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ كُلُّ شَرْطٍ هُوَ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الشَّرْطِ تَقْتَضِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ) أَيْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَفْرَادُهُ مَقْصُودَةٌ وَكَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، فَإِنْ قَلَّ التَّفَاوُتُ جَازَ وَهُوَ قَوْلُهُ: بَعْدُ إلَّا أَنْ يَقِلَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهُ) أَيْ ثَمَنُ أَفْرَادِ مَا تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ بِأَنْ كَانَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ أَفْرَادِهِ قَلِيلًا وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ فَلَا يُبَاعُ جُزَافًا وَلَا بُدَّ مِنْ عَدِّهِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُ تِلْكَ الْأَفْرَادِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَا يَكُونُ قَصْدُ الْإِفْرَادِ مُضِرًّا فِي بَيْعِهِ جُزَافًا فَعَلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَا يُبَاعُ جُزَافًا إمَّا أَنْ يُعَدَّ بِمَشَقَّةٍ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تُقْصَدَ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَقِلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا فَمَتَى عُدَّ بِلَا مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ جُزَافًا قُصِدَتْ أَفْرَادُهُ أَمْ لَا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَمَتَى عُدَّ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ جَازَ بَيْعُهُ جُزَافًا قَلَّ ثَمَنُهَا أَمْ لَا وَإِذَا قَصَدْت جَازَ جُزَافًا إنْ قَلَّ ثَمَنُهَا وَمُنِعَ إنْ لَمْ يَقِلَّ فَالْمَنْعُ فِي خَمْسَةِ أَحْوَالٍ وَالْجَوَازُ فِي ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ: وَبِطِّيخٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّ الْمُرَادَ بِطِّيخٌ كُلُّهُ كَبِيرٌ أَوْ كُلُّهُ صَغِيرٌ لَا مَا بَعْضُهُ صَغِيرٌ وَبَعْضُهُ كَبِيرٌ وَهَذَا التَّرَجِّي قُصُورٌ قَالَ فِي الْقُبَابِ مَا نَصُّهُ وَالْجَوَازُ فِي الْمَعْدُودِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا تَحَقَّقَتْ الْمَشَقَّةُ فِي عَدَدِهِ لِكَثْرَتِهِ وَتَسَاوِي أَفْرَادُهُ كَالْجَوْزِ وَالْبِيضِ أَوْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مَبْلَغُهُ لَا آحَادَهُ كَالْبِطِّيخِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجُزَافُ فِيهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ آحَادُهُ وَالنُّصُوصُ بِذَلِكَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَبَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ فَقِيلَ: إنَّهُ شَرْطٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ دِرْهَمًا لِعَطَّارٍ لِيُعْطِيَك بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَبْزَارِ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ وَلَا لِفَوَّالٍ لِيَدْفَعَ لَك بِهَا فُولًا حَارًّا أَوْ مُدَمَّسًا وَلَا أَنْ تَأْتِيَ لِجَزَّارٍ وَتَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يُكَوِّمَ لَك كَوْمًا مِنْ اللَّحْمِ لِتَشْتَرِيَهُ جُزَافًا بَلْ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُجْزِفًا عِنْدَهُ قَبْلَ طَلَبِك وَأَنْ تَرَاهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَقِيلَ: إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَيْهِ بَلْ يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَيْهِ وَهُوَ فُسْحَةٌ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ

(قَوْلُهُ: لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ) أَيْ لَا غَيْرَ مُبْصَرٍ حِينَ الْعَقْدِ وَلَا قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ الْمُرَادُ لَا غَيْرَ حَاضِرٍ، وَلَوْ أُبْصِرَ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى مَا مَرَّ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ مَنْعُ بَيْعِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَلَوْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لِلْخُرُوجِ عَنْ الرُّخْصَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا غَيْرَ مَرْئِيٍّ جَوَازُ الْخَلِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّؤْيَةِ الرُّؤْيَةُ بِالْبَصَرِ وَثَمَرِ الْحَائِطِ وَالزَّرْعِ الْقَائِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْحُضُورُ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُمَا بَيْعُ مِلْئِهِ جُزَافًا) أَيْ بَلْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ مِلْئِهِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مَرْئِيٍّ حَالَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلَا قَبْلَهُ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) كَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُبَالَغَتَيْنِ مَعًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَدْرَ كَلَامِ عبق مِنْ رُجُوعِهِ لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: مِمَّا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ) أَيْ مِمَّا -

ص: 21

إنْ كَثُرَتْ مَحْبُوسَةً (بِقَفَصٍ) وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَحْبُوسَةِ.

ثَانِيهَا قَوْلُهُ (و) لَا (حَمَامٌ فِي بُرْجٍ) لِعَدَمِ إمْكَانِ الْحَزْرِ فِيهِ إنْ لَمْ يُحَطْ بِهِ مَعْرِفَةً قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا جَازَ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: حَمَامُ بُرْجٍ، مِنْ بَيْعِ الْبُرْجِ مَعَ الْحَمَامِ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْبُرْجِ.

ثَالِثُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (ثِيَابٍ) وَرَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ لِتَفَاوُتِ آحَادِهَا فِي الْقِيمَةِ لِقَصْدِ أَفْرَادِهَا.

رَابِعُهَا قَوْلُهُ (و) لَا (نَقْدٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، وَكَذَا فُلُوسٌ لِقَصْدِ أَفْرَادِهَا أَيْضًا (إنْ سُكَّ) لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْلَى (وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ (وَإِلَّا) يَتَعَامَلُ بِالْعَدَدِ بَلْ بِالْوَزْنِ (جَازَ) بَيْعُهُ جُزَافًا لِعَدَمِ قَصْدِ الْأَفْرَادِ حِينَئِذٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ إنْ سُكَّ أَيْضًا وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا نَفَى الشَّرْطَيْنِ أَيْ إنْ لَمْ يَسُكَّ وَلَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ عَدَدًا بَلْ وَزْنًا جَازَ فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ جُزَافًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النَّفْيُ إذَا تَوَجَّهَ لِكَلَامٍ مُقَيَّدٍ بِقَيْدَيْنِ أَفَادَ نَفْيَهُمَا مَعًا وَنَفْيَ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَيَصْدُقُ بِثَلَاثِ صُوَرٍ مَحْكُومٍ عَلَيْهَا بِالْجَوَازِ وَهِيَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا وَالْمَسْكُوكُ الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا ثُمَّ الرَّاجِحُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالتَّعَامُلِ عَدَدًا فَقَطْ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ أَوَّلًا، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا فَلَوْ قَالَ وَنَقْدٌ إنْ تُعُومِلَ بِالْعَدَدِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَإِذَا تُعُومِلَ بِهِمَا كَدَنَانِيرِ مِصْرَ رُوعِيَ الْعَدَدُ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ تَفْصِيلًا بِقَوْلِهِ (فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا) بَعْدَ الْعَقْدِ (بِعِلْمِ الْآخَرِ) حِينَ الْعَقْدِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ الْمَبِيعِ جُزَافًا (خُيِّرَ) الْجَاهِلُ (وَإِنْ أَعْلَمَهُ) أَيْ أَعْلَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِعِلْمِهِ أَوْ عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ (أَوَّلًا) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ وَدَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (فَسَدَ) الْبَيْعُ لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِلَّا لَزِمَ الْقِيمَةُ (كَالْمُغَنِّيَةِ) تَشْبِيهٌ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ إنْ كَثُرَتْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فِي عَدِّهَا مَشَقَّةٌ

(قَوْلُهُ: وَلَا حَمَامٍ فِي بُرْجٍ) أَيْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِدُونِ الْبُرْجِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَحَاطَ بِهَا مَعْرِفَةً بِالْحَزْرِ فِي وَقْتِ هَدَوْهَا أَوْ نَوْمِهَا جَازَ شِرَاؤُهَا جُزَافًا وَمَا قِيلَ هُنَا يُقَالُ فِي الْعَصَافِيرِ (قَوْلُهُ: وَاحْتُرِزَ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الصُّورَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَانِ فِي الْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ سَوَاءٌ فِي الْجَوَازِ إنْ أَحَاطَ بِالْحَمَّامِ مَعْرِفَةً وَعَدَمُ الْجَوَازِ أَنْ فَقَدْ الْقَيْدَ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَجَازَ بَيْعَ الْبُرْجِ بِمَا فِيهِ إذَا رَآهُ وَأَحَاطَ بِهِ مَعْرِفَةً وَحَزْرًا اهـ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَ مَا رَوَى عَنْهُ أَصْبَغُ وَنَصُّ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَا فِي الْبُرْجِ مِنْ حَمَامٍ أَوْ بَيْعِهِ بِحَمَامِهِ جُزَافًا إنْ رَآهُ وَأَحَاطَ بِهِ مَعْرِفَةً اهـ بْن

(قَوْلُهُ: لِتَفَاوُتِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: لِقَصْدِ أَفْرَادِهَا مَعَ تَفَاوُتِ آحَادِهَا

(قَوْلُهُ: لَا مَفْهُومَ لَهُ) أَيْ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى التَّعَامُلِ بِالْعَدَدِ فَمَتَى تُعُومِلَ بِهَا عَدَدًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا كَانَتْ مَسْكُوكَةً أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَتَعَامَلْ بِهَا عَدَدًا بَلْ تُعُومِلَ بِهَا وَزْنًا جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا مَسْكُوكَةً أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: فَهَذَا رَاجِعٌ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لعج وَتَبِعَهُ عبق نَقَلَهُ شَارِحُنَا ثُمَّ اعْتَرَضَهُ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ وَفِي هَذَا الِاقْتِضَاءِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ رُجُوعُهُ لِلْقَيْدَيْنِ مَعًا أَيْ وَإِلَّا يَجْتَمِعُ الشَّرْطَانِ بِأَنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ فَيَدْخُلُ تَحْتَ إلَّا ثَلَاثِ صُوَرٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ عج وَتَبِعَهُ عبق ذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا جَازَ يَتَعَيَّنُ رُجُوعُهُ لِلْقَيْدِ الثَّانِي وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلْقَيْدَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ يَنْحَلُّ الْمَعْنَى وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ وَلَمْ يَكُنْ التَّعَامُلُ بِهِ عَدَدًا جَازَ فَيَقْتَضِي أَنَّ الْجَوَازَ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ وَكَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا لِانْتِفَاءِ الْقَيْدَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مَسْكُوكَةً وَالتَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا لِانْتِفَاءِ الْقَيْدِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فَرَدَّهُ شَارِحُنَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ النَّفْيُ لِلْقَيْدَيْنِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَعْنِي مَا إذَا كَانَ مَسْكُوكًا وَالتَّعَامُلُ بِهِ وَزْنًا بَلْ يَقْتَضِي الْجَوَازَ فِي صُوَرٍ ثَلَاثٍ هِيَ إحْدَاهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأَلَّا يَجْتَمِعَ الشَّرْطَانِ بِأَنْ فُقِدَا أَوْ أَحَدُهُمَا جَازَ فَشَمَلَ كَلَامُهُ ثَلَاثَ صُوَرٍ مِنْ جُمْلَتِهَا الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى رُجُوعُ النَّفْيِ لِلْقَيْدَيْنِ نَعَمْ يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ إحْدَى هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ مَمْنُوعَةٌ عَلَى الْمُتَعَمَّدِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ وَكَانَ التَّعَامُلُ بِهِ عَدَدًا فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ: إنْ سَكَّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا) هَذِهِ الصُّورَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ لِلْقَيْدَيْنِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَالثَّالِثَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَوَجُّهِ النَّفْيِ لِلْقَيْدِ الثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِقَوْلِهِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ سَكَّ (قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ مُطْلَقًا مَسْكُوكًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ مُطْلَقًا) أَيْ مَسْكُوكًا أَوْ لَا

(قَوْلُهُ: ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ تَفْصِيلًا) أَيْ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِقَدْرِهِ لِأَحَدِهِمَا وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ يَعْلَمَ الْجَاهِلُ حِينَ الْعَقْدِ بِعِلْمِ ذَلِكَ الْعَالِمِ أَوْ لَا يَعْلَمُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِعِلْمِهِ) أَيْ بِأَنَّهُ عَالِمٌ بِقَدْرِهِ أَيْ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ الْكَمْيَّةَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بَيْعُ جُزَافٍ (قَوْلُهُ: لِتَعَاقُدِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ) أَيْ لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْغَرَرِ الْكَائِنِ مِنْ الْعَالِمِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالْقَدْرِ وَعَلِمَ الْآخَرُ بِعِلْمِهِ وَتَرَكَا الدُّخُولَ عَلَى الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ وَارْتَكَبَا الْجُزَافَ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ قَصْدُهُ غَرَرُ -

ص: 22

أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً بِشَرْطِ أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ فَسَدَ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ بَلْ عَلِمَ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ خُيِّرَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْبَائِعُ ثَمَّ مَحَلَّ الْفَسَادِ إنْ قَصَدَ الِاسْتِزَادَةَ فِي الثَّمَنِ، فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ.

وَلَمَّا كَانَ الْغَرَرُ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَدْ يَكُونُ بِسَبَبِ انْضِمَامِ مَعْلُومٍ لِمَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ انْضِمَامَهُ إلَيْهِ يُصَيِّرُ فِي الْمَعْلُومِ جَهْلًا لَمْ يَكُنْ وَكَانَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ (و) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (جُزَافِ حَبٍّ) كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مِمَّا أَصْلُهُ الْبَيْعُ كَيْلًا (مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْحَبِّ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ لَا لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ (أَوْ) مَعَ مَكِيلٍ مِنْ (أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ الْبَيْعُ جُزَافًا لِخُرُوجِهِمَا مَعًا عَنْ الْأَصْلِ.

(و) لَا يَجُوزُ بَيْعُ (جُزَافِ أَرْضٍ) مِمَّا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا (مَعَ مَكِيلِهِ) أَيْ مَكِيلٍ مِنْ الْأَرْضِ كَبِعْنِي هَذِهِ الْأَرْضَ مَعَ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِك بِكَذَا لِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْأَصْلِ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَمْنُوعَةٍ.

وَأَشَارَ إلَى الرَّابِعَةِ الْجَائِزَةِ بِقَوْلِهِ (لَا) يَمْنَعُ اجْتِمَاعُ جُزَافٍ أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ جُزَافًا كَالْأَرْضِ (مَعَ) مَا أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا كَمَكِيلِ (حَبٍّ) عُقْدَةٌ وَاحِدَةٌ فَيَجُوزُ لِمَجِيءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى أَصْلِهِ.

(وَيَجُوزُ جُزَافَانِ) صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا الْبَيْعُ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا أَوْ أَحَدُهُمَا كَيْلًا وَالْآخَرُ جُزَافًا كَحَبٍّ وَأَرْضٍ؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْجُزَافِ الْوَاحِدِ مِنْ حَيْثُ تَنَاوُلِ الرُّخْصَةِ لَهُمَا.

(و) يَجُوزُ (مَكِيلَانِ) كَذَلِكَ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ.

(و) يَجُوزُ (جُزَافٌ) عَلَى غَيْرِ كَيْلٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَا يُضَافُ إلَخْ أَيْ وَيَجُوزُ جُزَافٌ أَصْلُهُ أَنْ يُبَاعَ كَيْلًا كَصُبْرَةٍ أَوْ جُزَافًا كَقِطْعَةِ أَرْضٍ (مَعَ عَرَضٍ) كَعَبْدٍ مِمَّا لَا يُبَاعُ كَيْلًا وَلَا جُزَافًا.

(و) يَجُوزُ (جُزَافَانِ) صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ (عَلَى كَيْلٍ) أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ (إنْ اتَّحَدَ الْكَيْلُ) أَيْ الْمَكِيلُ وَفِي الْكَلَامِ مُضَافٌ مُقَدَّرٌ لَوْ ذَكَرَهُ كَانَ أَوْلَى أَيْ ثَمَنُ الْمَكِيلِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِهِ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ إحْدَاهُمَا ثَلَاثَةُ أَقْفِزَةٍ بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى أَرْبَعَةٌ بِدِينَارٍ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْأَرْبَعَةَ بِدِينَارٍ وَالثَّلَاثَةَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ دِينَارٍ لَجَازَ كَمَا لَوْ كَانَتْ كُلُّ صُبْرَةٍ ثَلَاثَةَ أَرَادِبَ بِدِينَارٍ (و) اتَّحَدَتْ (الصِّفَةُ) كَمَا مَثَّلْنَا احْتِرَازًا مِنْ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

صَاحِبِهِ وَغَلَبَتُهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً مُغَنِّيَةً) أَيْ فِي الْوَاقِعِ وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهَا مُغَنِّيَةٌ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ) أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُغَنِّي فَلَيْسَ كَالْأَمَةِ - فَلَا يُوجِبُ اشْتِرَاطَ كَوْنِهِ مُغَنِّيًا فَسَادًا وَلَا يُوجِبُ وُجُودَهُ مُغَنِّيًا بِدُونِ شَرْطِ خِيَارًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ فِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُخْشَى مِنْ غِنَائِهِ تَعَلُّقُ النَّاسِ بِهِ بِحَسَبِ الشَّأْنِ وَالْعَادَةِ بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ

(قَوْلُهُ: كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا وَهَذِهِ الصُّبْرَةُ الْمَعْلُومَةُ الْقَدْرِ مِنْ كَوْنِهَا عَشَرَةَ أَرَادِبَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ بِثَمَنَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى الصُّبْرَتَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ مَكِيلٍ مِنْ أَرْضٍ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ جُزَافًا بِكَذَا وَمِائَةَ ذِرَاعٍ أَوْ فَدَّانٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ بِكَذَا أَوْ بِعْنِي هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَمِائَةَ ذِرَاعٍ مِنْ أَرْضِك بِكَذَا فَالثَّمَنُ إمَّا مُتَعَدِّدٌ أَوْ مُتَّحِدٌ

(قَوْلُهُ: مَعَ مَكِيلِهِ) بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى أَرْضٍ نَظَرًا لِلْجِنْسِ وَبِالتَّأْنِيثِ مَعَ التَّنْوِينِ صِفَةٌ لِأَرْضٍ مَحْذُوفَةٍ أَيْ أَوْ مَعَ أَرْضٍ مَكِيلَةٍ.

(قَوْلُهُ: فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ) أَيْ وَهِيَ اجْتِمَاعُ جُزَافٍ مِنْ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهُ وَاجْتِمَاعُ جُزَافٍ مِنْ حَبٍّ مَعَ مَكِيلٍ مِنْ أَرْضٍ وَاجْتِمَاعُ جُزَافٍ مِنْ أَرْضٍ مَعَ مَكِيلٍ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: مَمْنُوعَةٌ أَيْ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ الْمَكِيلَ مِنْ الثَّمَنِ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لَا مَعَ حَبٍّ) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ الْمَعْلُومَةَ الْقَدْرِ وَهَذِهِ الْأَرْضَ الْمَجْهُولَةَ الْقَدْرِ بِمِائَةٍ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا الْبَيْعَ جُزَافًا) كَقِطْعَتَيْ أَرْضٍ مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ يَشْتَرِيهِمَا جُزَافًا بِدِينَارٍ أَوْ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى بِدِينَارَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَيْلًا) أَيْ كَصُبْرَتَيْ حَبٍّ مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ اشْتَرَاهُمَا جُزَافًا بِدِينَارٍ أَوْ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ وَالْأُخْرَى بِدِينَارَيْنِ وَوَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ: وَالْآخَرُ جُزَافًا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ: كَحَبٍّ وَأَرْضٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَجْهُولُ الْقَدْرِ وَاشْتَرَاهُمَا جُزَافًا بِدِينَارٍ أَوْ أَحَدُهُمَا بِدِينَارٍ وَالْآخَرُ بِدِينَارَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَمَكِيلَانِ) كَأَشْتَرِي مِنْكَ عَشَرَةَ أَرَادِبَ قَمْحًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ وَعَشَرَةَ أَرَادِبَ شَعِيرًا مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ بِكَذَا اتَّفَقَ الثَّمَنُ فِي الْمَكِيلَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَ وَكَأَشْتَرِي مِنْكَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ أُخْرَى بِكَذَا وَكَأَشْتَرِي مِنْكَ عَشَرَةَ أَرَادِبَ حَبٍّ وَعَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ بِكَذَا، فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَكِيلَانِ كَذَلِكَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَصْلُهُمَا الْبَيْعَ جُزَافًا أَوْ كَيْلًا أَوْ أَحَدُهُمَا كَيْلًا وَالْآخَرُ جُزَافًا

(قَوْلُهُ: وَجُزَافٌ مَعَ عَرَضٍ) كَأَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ أَوْ الْقِطْعَةَ الْأَرْضِ الْمَجْهُولَةِ الْقَدْرِ مَعَ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ الثَّوْبِ بِكَذَا

(قَوْلُهُ: وَجُزَافَانِ عَلَى كَيْلٍ) كَأَشْتَرِي مِنْك هَاتَيْنِ الصُّبْرَتَيْنِ مِنْ التَّمْرِ أَوْ الْقَمْحِ كُلُّ إرْدَبٍّ بِكَذَا فَقَدْ اتَّحَدَ ثَمَنُ الْكَيْلِ وَاتَّحَدَتْ صِفَةُ الْمَبِيعِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: ثَلَاثَةَ أَرَادِبَ) أَيْ مِنْهَا وَقَوْلُهُ: بِدِينَارٍ أَيْ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ ثَمَنِ الْمَكِيلِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: احْتِرَازًا مِنْ صُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ ثَمَنُ الْمَكِيلِ كَكُلِّ إرْدَبٍّ مِنْهُمَا بِدِينَارٍ أَوْ اخْتَلَفَ كَكُلِّ إرْدَبٍّ مِنْ صُبْرَةِ الْقَمْحِ بِدِينَارَيْنِ وَمِنْ الشَّعِيرِ بِدِينَارٍ

ص: 23

وَالِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ.

(وَلَا يُضَافُ لِجُزَافٍ عَلَى كَيْلٍ) أَوْ عَدَدٍ أَوْ ذَرْعٍ (غَيْرُهُ مُطْلَقًا) مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ مَذْرُوعًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ جُزَافًا كَصُبْرَةٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ مِنْهَا بِكَذَا وَعَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةَ كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا بَلْ ثَمَنُهَا مِنْ جُمْلَةِ مَا اشْتَرَى بِهِ الْمَكِيلَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يَخُصُّ السِّلْعَةَ حِينَ الْبَيْعِ مَجْهُولٌ.

(وَجَازَ) الْبَيْعُ (بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) مِنْ مَكِيلٍ كَقَمْحٍ وَمَوْزُونٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ (و) بِرُؤْيَةِ (الصِّوَانِ) بِكَسْرِ الصَّادِ وَضَمِّهَا وَهُوَ مَا يَصُونُ الشَّيْءَ كَقِشْرِ الرُّمَّانِ وَجَوْزٍ، وَلَوْزٍ أَيْ بِرُؤْيَةِ قِشْرِ بَعْضِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكْسِرْ شَيْئًا مِنْهُ لِيَرَى مَا بِدَاخِلِهِ.

(و) جَازَ بَيْعٌ وَشِرَاءٌ مُعْتَمَدًا فِيهِ (عَلَى) الْأَوْصَافِ الْمَكْتُوبَةِ فِي (الْبَرْنَامَجِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الدَّفْتَرُ الْمَكْتُوبُ فِيهِ أَوْصَافُ مَا فِي الْعَدْلِ مِنْ الثِّيَابِ الْمَبِيعَةِ لِتُشْتَرَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِنْ وُجِدَ عَلَى الصِّفَةِ لُزُومٌ وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي.

(و) جَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ (مِنْ الْأَعْمَى) سَوَاءٌ وُلِدَ أَعْمَى أَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ فِي صِغَرِهِ أَوْ كِبَرِهِ وَيَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَوْصَافِ الْمَبِيعِ.

(و) جَازَ الْبَيْعُ (بِرُؤْيَةٍ) سَابِقَةٍ عَلَى وَقْتِ الْعَقْدِ (لَا يَتَغَيَّرُ) الْمَبِيعُ عَادَةً (بَعْدَهَا) إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ، وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا لَمْ يَجُزْ عَلَى الْبَتِّ وَيَجُوزُ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ.

(وَحَلَفَ) بَائِعٌ (مُدَّعٍ) عَدَمَ الْمُخَالَفَةِ (لِبَيْعٍ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَالِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الصُّبْرَتَانِ مِنْ الْقَمْحِ وَإِحْدَاهُمَا جَيِّدَةً وَالْأُخْرَى رَدِيئَةً وَاشْتَرَاهُمَا مَعًا كُلُّ إرْدَبٍّ مِنْهُمَا بِدِينَارٍ أَوْ الْإِرْدَبُّ مِنْ هَذِهِ بِدِينَارَيْنِ وَمِنْ الْأُخْرَى بِدِينَارٍ

(قَوْلُهُ: كَصُبْرَةِ إلَخْ) أَيْ وَكَبَلَّاصِ سَمْنٍ كُلُّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ ثَوْبًا، وَكَذَلِكَ شَقَّةُ قُمَاشٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةُ، كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا وَكَكَوْمِ بِطِّيخٍ كُلُّ بِطِّيخَةٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ مَعَ الْمَبِيعِ سِلْعَةً، كَذَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ لَهَا) تَبِعَ فِي ذَلِكَ عبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُ هَذَا الْقَيْدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْإِطْلَاقَ وَمِنْ خَطِّ شَيْخِ شُيُوخِنَا أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ الْحَاجِّ هُنَا مَا نَصُّهُ سَوَاءٌ سَمَّى لِذَلِكَ الْغَيْرِ ثَمَنًا أَمْ لَا بِدَلِيلِ صُوَرُ الْمَنْعِ الثَّلَاثِ فِي مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَّ أَنَّ الْمَنْعَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَمَّى لِتِلْكَ السِّلْعَةِ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ كُلُّ إرْدَبٍّ بِدِينَارٍ وَهَذَا الثَّوْبُ بِدِينَارٍ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لِلثَّوْبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ التَّسْمِيَةِ قَدْ يُسَاوِي الثَّوْبُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ فَاغْتُفِرَ لِأَجْلِ هَذَا الْجُزَافِ فَصَارَتْ التَّسْمِيَةُ كَلَا تَسْمِيَةَ وَمَعَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لَا يَدْرِي مَا يَخُصُّ الثَّوْبَ مِنْ الثَّمَنِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ وَلَوْ جُزَافًا لِمَا مَرَّ أَنَّ رُؤْيَةَ الْبَعْضِ كَافِيَةٌ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُقَوَّمِ) أَيْ كَعَدْلٍ مَمْلُوءٍ مِنْ الْقُمَاشِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِهِ أَيْ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الرِّوَايَاتُ تَدُلُّ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمُقَوَّمِ لَلْمِثْلِيِّ فِي كِفَايَةِ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ إذَا كَانَ الْمُقَوِّمُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ قَالَ شَيْخُنَا: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي نَشْرِهِ إتْلَافٌ كَالشَّاشِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ: وَالصِّوَانِ) عُطِفَ عَلَى مَدْخُولِ رُؤْيَةٍ وَهُوَ بَعْضٌ

(قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِمَا فِي حَلِّ الْعَدْلِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ تَلْوِيثِهِ وَمُؤْنَةِ شَدِّهِ إنْ لَمْ يَرْضَهُ الْمُشْتَرِي فَأُقِيمَتْ الصِّفَةُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الصِّفَةَ بِحَالِهَا وَلَكِنْ وَجَدَ فِي الْعَدْلِ زِيَادَةً فِي الْعَدَدِ عَلَى مَا فِي الْبَرْنَامَجِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَدْلًا بِبَرْنَامَجِهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ خَمْسِينَ ثَوْبًا فَوَجَدَ فِيهِ أَحَدًا وَخَمْسِينَ فَقَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ الْبَائِعُ شَرِيكًا مَعَهُ فِي الثِّيَابِ بِجُزْءٍ مِنْ أَحَدٍ وَخَمْسِينَ جُزْءًا مِنْ الثِّيَابِ، ثُمَّ قَالَ مَالِكٌ: يَرُدُّ مِنْهَا ثَوْبًا كَيْفَ وَجَدَهُ فِيهِ أَيَّ يَرُدُّ أَيْ ثَوْبٍ شَاءَ رَدَّهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَإِنْ وَجَدَ فِي الْعَدْلِ تِسْعَةً وَأَرْبَعِينَ ثَوْبًا وَضَعَ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ جُزْءًا مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا أَرْبَعِينَ ثَوْبًا مَثَلًا قَالَ مَالِكٌ إنْ وَجَدَ مِنْ الثِّيَابِ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَرَدَّ الْبَيْعَ أَيْ إنْ شَاءَ وَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمُعَيَّنِ وَمَا هُنَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ مِنْ الْأَعْمَى) أَيْ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ جُزَافٍ؛ لِأَنَّ الْجُزَافَ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَيُعْتَمَدُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى أَوْصَافِ الْمَبِيعِ فَتُذْكَرُ لَهُ الْأَوْصَافُ لِيَعْتَمِدَ عَلَيْهَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَهَذَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ مَعْرِفَتُهُ لِلْمَبِيعِ بِغَيْرِ وَصْفٍ، وَأَمَّا مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ لِلْمَبِيعِ بِدُونِ وَصْفٍ فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ، وَإِنْ لَمْ يُوصَفْ لَهُ الْمَبِيعُ كَالسَّمْنِ فِي الشَّاةِ وَكَالْأَدْهَانِ وَالْمَشْمُومَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُدْرِكُهَا بِاللَّمْسِ وَالذَّوْقِ وَالشَّمِّ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةٍ) أَيْ جَازَ الْبَيْعُ بَتًّا وَعَلَى الْخِيَارِ بِسَبَبِ رُؤْيَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا) أَيْ إذَا ظَنَّ أَوْ جَزَمَ أَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ الْغِيبَةُ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ إلَّا فِيمَا بِيعَ عَلَى الْوَصْفِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ يَتَغَيَّرُ) أَيْ جَزْمًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا بَعْدَهَا أَيْ وَقَبْلَ وَقْتِ الْعَقْدِ

(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ بَائِعٌ مُدَّعٍ عَدَمَ الْمُخَالِفَةِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ صِلَةَ مُدَّعٍ مَحْذُوفَةٌ وَأَنَّ اللَّامَ فِي الْبَيْعِ لَيْسَتْ

ص: 24

بَيْعِ (بَرْنَامَجٍ) وَقَدْ تَلِفَ أَوْ غَابَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ وَادَّعَى مُخَالَفَتَهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَهُ: بَلْ أَنْتَ قَدْ بَدَّلْته وَمَعْمُولُ حَلَفَ قَوْلُهُ (إنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ مُوَافَقَةَ مَا فِي الْعَدْلِ أَيْ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ (لِلْمَكْتُوبِ) فِي الْبَرْنَامَجِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْمَبِيعَ.

(و) حَلَفَ دَافِعٌ مُدَّعٍ (عَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ) وَهُوَ دَافِعُ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ مِنْ صَرَّافٍ أَوْ مَدِينٍ أَوْ مُقْرِضٍ أَوْ غَيْرِهِمْ إذَا قَبَضَهَا الْمَدْفُوعُ لَهُ بِقَوْلِ الدَّافِعِ: إنَّهَا جِيَادٌ فَادَّعَى آخِذُهَا أَنَّهُ وَجَدَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهَا رَدِيئًا أَوْ نَاقِصًا وَأَنْكَرَ الدَّافِعُ أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَيَحْلِفُ فِي نَقْصِ الْعَدَدِ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا وَفِي نَقْصِ الْوَزْنِ وَالْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَيَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى الْمُفَاصَلَةِ أَوْ اخْتَلَفَا، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ قَبَضَهَا لِيُرِيَهَا أَوْ لِيَزِنهُمَا فَالْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِيَمِينِهِ فِي الرَّدِيءِ وَالنَّاقِصِ.

(و) إنْ اشْتَرَى عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ عَلَيْهَا حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى (بَقَاءِ الصِّفَةِ) الَّتِي رَآهُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ (إنْ شَكَّ) أَيْ حَصَلَ شَكٌّ هَلْ تَغَيَّرَ فِيمَا بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْقَبْضِ أَمْ لَا، فَإِنْ قَطَعَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَدَمِ التَّغَيُّرِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ قَطَعَ بِالتَّغَيُّرِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَلِكَ، وَإِنْ رَجَّحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ فَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَبِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا أَخَّرَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ ذَوَاتِ الْحَلِفِ.

(و) جَازَ بَيْعُ (غَائِبٍ) فَهُوَ عُطْفٌ عَلَى عَمُودٍ إنْ وُصِفَ بَلْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

صِلَةَ مُدَّعٍ إذْ الْبَيْعُ عَلَى الْبَرْنَامَجِ مُتَّفِقَانِ عَلَيْهِ لَا مُدَّعٍ لَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَأَنَّهَا بِمَعْنَى فِي وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الْبَرْنَامَجِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ مَا قَبَضَ الْمَتَاعَ وَغَابَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ مَا قَبَضَ الْمَتَاعَ وَتَلِفَ الْبَرْنَامَجُ عَدَمَ مُوَافَقَةِ مَا فِي الْعَدْلِ لِمَا فِي الْبَرْنَامَجِ وَادَّعَى الْبَائِعُ الْمُوَافَقَةَ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ أَنَّ مَا فِي الْعَدْلِ مُوَافِقٌ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ وَهَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى تَصْدِيقِ الْبَائِعِ، فَإِنْ قَبَضَهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُصَدَّقٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَكَذَا إذَا قَبَضَهُ لِيَقْلِبَ وَيَنْظُرُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ تَلِفَ) أَيْ الْبَرْنَامَجُ (قَوْلُهُ: إنَّ مُوَافَقَتَهُ) أَيْ إنَّ مُوَافَقَةَ مَا فِي الْعَدْلِ لِلْمَكْتُوبِ فِي الْبَرْنَامَجِ حَاصِلَةٌ فَخَبَرُ إنَّ مَحْذُوفٌ إنْ قُلْت: الْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا الْمُدَّعِي وَهُنَا قَدْ حَلَفَ الْبَائِعُ وَهُوَ مُدَّعٍ لِلْمُوَافَقَةِ قُلْت الْبَائِعُ وَإِنْ ادَّعَى الْمُوَافَقَةَ إلَّا إنَّهُ فِي الْمَعْنَى مُدَّعًى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ تَرَجَّحَ قَوْلُهُ بِمَعْهُودٍ أَوْ أَصْلٍ وهَذَا كَذَلِكَ إذْ الْأَصْلُ الْمُوَافَقَةُ (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا فِي الْعَدْلِ

(قَوْلُهُ: وَعَدَمِ دَفْعٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لِبَيْعِ بَرْنَامَجٍ أَيْ حَلَفَ مُدَّعٍ عَدَمَ دَفْعِ رَدِيءٍ أَوْ نَاقِصٍ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ رَدِيئًا وَلَا نَاقِصًا فَمَفْعُولُ حَلَفَ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمْ) كَمُشْتَرٍ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ وَجَدَهَا إلَخْ) أَيْ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةَ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: فَادَّعَى آخِذُهَا) أَيْ بَعْدَ أَنْ غَابَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ فِي الْعَدَدِ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ دَفَعَ الْقَدْرَ الْفُلَانِيَّ بِتَمَامِهِ جَزْمًا وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ تَحَقَّقَ أَنَّ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ النَّاقِصَةَ الْعَدَدِ دَرَاهِمُهُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا كَامِلًا أَوْ جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي نَقْصِ الْوَزْنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَالْغِشِّ خِلَافَ مَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ نَقْصَ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ عَلَى الْبَتِّ وَيَحْلِفُ فِي الْغِشِّ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الْمَغْشُوشَةَ لَيْسَتْ دَرَاهِمَهُ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى رُؤْيَةِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي بِيعَ عَلَيْهَا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ عَلَيْهَا، فَإِنَّهُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ بَقَاءِ الصِّفَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي خش وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَغَيَّرْ) تَفْسِيرٌ لِبَقَائِهِ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ حَصَلَ شَكٌّ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَذَلِكَ) أَيْ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَجَحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ الَّذِي فِي ظَنِّنَا إنَّهُ تَغَيَّرَ أَوْ إنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَطَعَتْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ رَجَّحَتْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ ظَنَّتْ التَّغَيُّرَ أَوْ عَدَمَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ وَلَا يَشْتَرِطُ كَوْنُ الْقَطْعِ أَوْ التَّرْجِيحِ حَاصِلًا مِنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بَلْ يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ غَائِبٍ) اعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الْغَائِبِ فِيهِ سِتُّ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى الصِّفَةِ أَوْ بِدُونِهَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُبَاعَ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ وَكُلُّهَا جَائِزَةٌ إلَّا مَا بِيعَ بِدُونِ صِفَةٍ عَلَى اللُّزُومِ أَوْ السُّكُوتِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ بَيْعُ غَائِبٍ أَيْ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ أَوْ السُّكُوتِ هَذَا إذَا وَصَفَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ الْغَائِبَ بَلْ وَإِنْ بِلَا وَصْفٍ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي لَا إنْ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى السُّكُوتِ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فَقَوْلُهُ: عَلَى خِيَارِهِ بِالرُّؤْيَةِ قَيْدٌ فِيمَا بَعْدَ لَوْ فَقَطْ وَهُوَ الْمَبِيعُ بِلَا وَصْفٍ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَزَاهُ لَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَائِبَ لَا يُبَاعُ إلَّا بِالصِّفَةِ أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَا وَصْفٍ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ لِبَعْضِ كُبَرَاءِ أَصْحَابِ

ص: 25

(وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ) لِنَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ لَكِنْ (عَلَى) شَرْطِ (خِيَارِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي (بِالرُّؤْيَةِ) لِلْمَبِيعِ لِيَخِفَّ غَرَرُهُ لَا عَلَى اللُّزُومِ أَوْ السَّكْتِ فَيَفْسُدُ فِي غَيْرِ التَّوْلِيَةِ إذْ فِيهَا لَا يَضُرُّ السُّكُوتُ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَقَوْلُهُ عَلَى خِيَارِهِ إلَخْ شَرْطٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَطْ إذْ الْبَيْعُ عَلَى الْوَصْفِ يَجُوزُ بِإِلْزَامٍ فَلَوْ حَذَفَ وَلَوْ: كَانَ أَوْضَحَ (أَوْ) بِيعَ غَائِبٌ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ، وَلَوْ (عَلَى يَوْمٍ) ذَهَابًا فَقَطْ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى أَكْثَرُ، فَكَلَامُهُ فِيمَا بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ لَا فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى خِيَارٍ بِالرُّؤْيَةِ وَلَا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ ذَلِكَ عَلَى يَوْمٍ بَلْ، وَلَوْ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ فَأَتَى بِهَذَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ مَا عَلَى يَوْمٍ فَدُوِّنَ كَالْحَاضِرِ لِسُهُولَةِ إحْضَارِهِ وَإِلَّا كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ، الْمَفْرُوضُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَرُؤْيَتِهِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ حَاضِرَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا فِيمَا فِي فَتْحِهِ ضَرَرٌ أَوْ فَسَادٌ غَيْرُ حَاضِرٍ مَجْلِسَ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ، وَلَوْ بِالْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ (أَوْ وَصَفَهُ) أَيْ وَلَوْ وَصَفَهُ (غَيْرُ بَائِعِهِ) فَيَجُوزُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ غَيْرُ؛ لِأَنَّ وَصْفَ غَيْرِ الْبَائِعِ لَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وَصْفِ الْبَائِعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَصْفَ يُقْرَأُ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى الْمَصْدَرِ الْمَنْفِيِّ وَنَفْيُ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَالتَّقْدِيرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْإِمَامِ قَالَ ح قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا وَصْفٍ لِنَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْجِنْسَ أَوْ النَّوْعَ بِنَاءً عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَظَاهِرُ سَلَّمَهَا الثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ جِنْسِ السِّلْعَةِ أَهِيَ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ مَثَلًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّ الْمَنْفِيَّ وَصْفُ الْجِنْسِ أَوْ النَّوْعِ، وَأَمَّا هُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ خِيَارِهِ) أَيْ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إذَا رَأَى الْمَبِيعَ (قَوْلُهُ: إذْ فِيهَا لَا يَضُرُّ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ: وَلَّيْتُكَ مَا اشْتَرَيْت بِمَا اشْتَرَيْت بِدُونِ وَصْفٍ لِمَا اشْتَرَاهُ فَيَجُوزُ إذَا جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْمَوْلَى أَوْ دَخَلَا عَلَى السُّكُوتِ وَيَكُونُ لِلْمَوْلَى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْخِيَارُ، وَأَمَّا عَلَى اللُّزُومِ فَيُمْنَعُ لِلْجَهَالَةِ (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ، وَأَمَّا الَّذِي وُصِفَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْبَتِّ وَعَلَى الْخِيَارِ وَعَلَى السُّكُوتِ فَالصُّوَرُ سِتٌّ، الْمَنْعُ فِي اثْنَتَيْنِ وَالْجَوَازُ فِي أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى يَوْمٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَائِبًا غِيبَةً بَعِيدَةً بَلْ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَلَى يَوْمٍ، حَاصِلُهُ أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ لَا بُدَّ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مِنْ كَوْنِهِ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ، وَلَوْ كَانَتْ مَسَافَةُ الْغَيْبَةِ يَوْمًا، وَأَمَّا مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ بِلَا وَصْفٍ أَوْ بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ غِيبَتُهُ بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي الْمَجْلِسِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَلَى يَوْمٍ فِيمَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ ابْنُ شَعْبَانَ (قَوْلُهُ: كَالْحَاضِرِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ بَتًّا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَرُؤْيَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا كَانَ حَقُّهُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ ذَكَرَهُ هُنَا فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ لِلرَّدِّ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهِ هُنَا وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَذْكُرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ الْمَفْرُوضُ فِي بَيْعِ الْغَائِبِ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ بِأَنْ يَقُولَ: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ وَهُوَ عَلَى يَوْمٍ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ) الْمُعْتَرَضُ لَهُ بِذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ ح وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَقْتَضِي إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ كَانَ غَائِبًا عَلَى يَوْمٍ فَمُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى دُونِ يَوْمٍ الصَّادِقُ بِالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ لَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِهِ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلَ) مُرَادُهُ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ هَذَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مِنْ خَمْسِ مَوَاضِعَ وَتَحْصُلُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ بِالْخِيَارِ أَوْ بِلَا وَصْفٍ عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا بَلْ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ بِالْبَلَدِ، وَأَمَّا مَا بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى اللُّزُومِ فَمُفَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا يَوْمًا فَأَكْثَرَ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ إلَّا إذَا حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَرُئِيَ وَمُفَادُ النَّقْلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِي رُؤْيَتِهِ ضَرَرٌ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ دُونَ مَجْلِسِ الْعَقْدِ صَحَّ بَيْعُهُ عَلَى اللُّزُومِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ مَشَقَّةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَلَوْ وَصْفُهُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا وَصْفٍ فَهُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي وَصْفِ الْبَائِعِ) فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ الشَّيْءُ بِوَصْفِ بَائِعِهِ لِأَنَّهُ لَا يُوثَقُ بِوَصْفِهِ إذْ قَدْ يَقْصِدُ الزِّيَادَةَ فِي الصِّفَةِ لِإِنْفَاقِ سِلْعَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ بِوَصْفِ الْبَائِعِ نَعَمْ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فَهُوَ أَيْ كَوْنُ الْوَصْفِ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ شَرْطٌ فِي النَّقْدِ عِنْدَهُمَا لَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ اهـ فَمَتَى كَانَ الْوَصْفُ مِنْ الْبَائِعِ مُنِعَ النَّقْدُ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ بِشَرْطٍ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا ارْتَضَاهُ شَيْخُنَا

ص: 26

وَلَوْ بِلَا وَصْفِهِ غَيْرَ بَائِعِهِ أَيْ بِأَنْ وَصَفَهُ بَائِعُهُ.

وَشَرْطُ مَا بِيعَ غَائِبًا عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفٍ أَمْرَانِ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) جِدًّا بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَوْ يُظَنُّ أَنَّ الْمَبِيعَ يُدْرَكُ عَلَى مَا وُصِفَ، فَإِنْ بَعُدَ جِدًّا (كَخُرَاسَانَ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ) مِنْ كُلِّ مَا يُظَنُّ فِيهِ التَّغَيُّرُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ لَمْ يَجُزْ وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا عَلَى اللُّزُومِ أَنَّ مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ.

وَإِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) بِأَنْ أُمْكِنَتْ بِمَشَقَّةٍ، فَإِنْ أُمْكِنَتْ بِدُونِهَا بِأَنْ كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْ الرُّؤْيَةِ إلَى الْوَصْفِ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْغَائِبِ الْمَبِيعِ عَلَى الصِّفَةِ بِاللُّزُومِ فَقَطْ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَيَجُوزُ، وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ ضَعِيفٌ.

(و) جَازَ (النَّقْدُ) تَطَوُّعًا (فِيهِ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ عَلَى اللُّزُومِ عَقَارًا أَوْ غَيْرِهِ لَا عَلَى الْخِيَارِ الْمُبَوَّبِ لَهُ أَوْ الِاخْتِيَارِ فَيُمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا.

وَجَازَ النَّقْدُ (مَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) الْمَبِيعِ عَلَى اللُّزُومِ بِوَصْفِ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَلَوْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ لَا يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِلَا وَصْفِهِ) أَيْ وَلَوْ انْتَفَى وَصْفُ غَيْرِ الْبَائِعِ لَهُ

(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ أَيْضًا فِيمَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ إلَخْ) تَلَخَّصَ مِنْ هُنَا وَمِمَّا مَرَّ أَنْ مَا بِيعَ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ شَرْطَانِ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ بَعْدَهَا أَيْ أَنْ يَعْلَمَ أَوْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ تَغَيُّرٌ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَبْعُدَ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَغَيَّرُ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ وَهَذَا إذَا بِيعَ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ قُرْبٌ وَلَا عَدَمَ تَغَيُّرٍ.

(قَوْلُهُ: أَنْ مَا بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ سَوَاءٌ بِيعَ بِوَصْفٍ أَوْ بِلَا وَصْفٍ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يَجُوزُ، وَلَوْ بَعُدَ جِدًّا عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ اهـ خش

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُمْكِنْ رُؤْيَتُهُ بِلَا مَشَقَّةٍ) الْمَنْفِيُّ بِلَا مَشَقَّةٍ أَيْ وَإِنْ انْتَفَى إمْكَانُ رُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ وَإِذَا انْتَفَى إمْكَانُ رُؤْيَتِهِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ ثَبَتَ إمْكَانُهَا مَعَ الْمَشَقَّةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي رُؤْيَتِهِ مَشَقَّةٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَمْكَنَتْ بِمَشَقَّةٍ) أَيْ وَذَلِكَ كَالْغَائِبِ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمٍ ذَهَابًا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ) أَيْ وَأَمَّا الْغَائِبُ الَّذِي بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ غَيْرَ مَوْصُوفٍ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ) أَيْ أَوْ بِيعَ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ سَوَاءٌ كَانَ بَتًّا أَوْ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ) أَيْ بَيْنَ يَدَيْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا حَائِلٌ كَجِدَارٍ أَوْ فِي صُنْدُوقٍ مَثَلًا فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَاضِرًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ غَائِبًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِغِيبَتِهِ غِيبَتُهُ عَنْ الْبَصَرِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ ضَعِيفٌ) وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا أَفَادَهُ النَّقْلُ وَهُوَ أَنَّ الْحَاضِرَ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ إلَّا لِضَرَرٍ وَغَيْرُ الْحَاضِرِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي إحْضَارِهِ مَشَقَّةٌ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فِيهِ) إنَّمَا قَيَّدَ جَوَازَ النَّقْدِ بِالتَّطَوُّعِ لِقَوْلِهِ بَعْدُ وَمَعَ الشَّرْطِ إلَخْ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَبِيعَ الْغَائِبَ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ تَطَوُّعًا بِشَرْطٍ وَهُوَ كَوْنُ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا، فَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ عَلَى الصِّفَةِ أَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ وَصْفَهُ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا فِي عبق وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا أَوَّلًا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ بْن، فَإِنَّهُ نَازَعَ فِي كَوْنِ وَصْفِ الْبَائِعِ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا النَّقْدُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ وَأَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ إذَا كَانَ بَيْعُهُ بِالصِّفَةِ غَيْرَ الْبَائِعِ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهُمَا امْتَنَعَ النَّقْدُ بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ عَقَارٍ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ تَقْرُبَ غِيبَتُهُ كَيَوْمَيْنِ، وَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ، وَأَنْ يَكُونَ الْوَاصِفُ لَهُ إذَا بِيعَ بِالْوَصْفِ غَيْرَ الْبَائِعِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَبِيعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ النَّقْدُ بِشَرْطِ.

(قَوْلِهِ فِي الْمَبِيعِ الْغَائِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَيْعُهُ بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ لَكِنَّ مَحَلَّ جَوَازِ النَّقْدِ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ إنْ كَانَ الْوَاصِفُ لَهُ غَيْرَ الْبَائِعِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا عَلِمْت فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا (قَوْلُهُ: أَوْ الِاخْتِيَارِ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ: بِعْتُك سِلْعَةً مِنْ سِلْعَتِي كَذَا، الْغَائِبَتَيْنِ بِمَحَلِّ كَذَا بِدِينَارٍ عَلَى الِاخْتِيَارِ أَيْ عَلَى أَنَّك تَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ) قَيَّدَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا إذَا بِيعَ الْعَقَارُ جُزَافًا، فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً فَلَا يَصِحُّ النَّقْدُ فِيهِ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَكَذَا قَالَهُ مَالِكٌ وَتَبِعَهُ فِي الشَّامِلِ وَاعْتَرَضَ طفي تَقْيِيدَ التَّوْضِيحِ قَائِلًا: الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ هَذَا وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ خِلَافَ الْمُعْتَمَدِ وَلِذَا أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ جَوَازَ النَّقْدِ فِي الْعَقَارِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ، وَلَوْ بِيعَ مُذَارَعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْأَوْلَى لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ وَضَمِنَهُ مُشْتَرٍ وَيَذْكُرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَجَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ

ص: 27

وَأَمَّا بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِالشَّرْطِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ.

(وَضَمِنَهُ) أَيْ الْعَقَارَ الْغَائِبَ (الْمُشْتَرِي) بِالْعَقْدِ أَيْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَلَوْ بِيعَ مُذَارَعَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا وَهَذَا إنْ وَافَقَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ أَدْرَكَتْهُ سَالِمًا وَإِلَّا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مُنَازَعَةٍ.

(و) جَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ (إنْ قَرُبَ) مَحَلُّهُ (كَالْيَوْمَيْنِ) فَأَقَلَّ وَبِيعَ عَلَى اللُّزُومِ بِرُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ أَوْ بِوَصْفِ غَيْرِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ (وَضَمِنَهُ) أَيْ غَيْرُ الْعَقَارِ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا (بَائِعٌ) وَقَوْلُهُ (إلَّا لِشَرْطٍ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (أَوْ مُنَازَعَةٍ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ لَا لِلثَّانِي لِعَدَمِ صِحَّةِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ أَيْ ضِمْنِ الْعَقَارِ الْمُشْتَرِي إلَّا لِمُنَازَعَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَائِعِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْمَبِيعَ سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا بَاقِيًا أَوْ هَالِكًا فَإِنَّ الضَّمَانَ حِينَئِذٍ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ.

(وَقَبْضُهُ) أَيْ الْغَائِبِ أَيْ الْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ (عَلَى الْمُشْتَرِي) لَا عَلَى الْبَائِعِ وَشَرْطُهُ عَلَى بَائِعِهِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ لَا إنْ كَانَ ضَمَانُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَجَائِزٌ.

(وَحَرُمَ) كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا (فِي نَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، وَلَوْ قَالَ فِي عَيْنٍ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ (وَطَعَامِ رِبَا فَضْلٍ) أَيْ زِيَادَةٍ (وَنَسَاءٍ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ تَأْخِيرٍ لَكِنَّ حُرْمَةَ رِبَا الْفَضْلِ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْ النَّقْدِ وَاتَّحَدَ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي مُخْتَلَفِ الْجِنْسِ مِنْهُمَا يَدًا بِيَدٍ، وَرِبَا النَّسَاءِ يَحْرُمُ فِي النُّقُودِ مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً النِّزَاعُ فِيهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْدِ فِيهِ بِشَرْطٍ أَوَّلًا لَا مِنْ جِهَةِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَعَدَمِ دُخُولِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّرْحِ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إلَّا إذَا بِيعَ جُزَافًا، وَأَمَّا إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً لَمْ يَكُنْ مِنْ ضَمَانِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ فِيهِ حَقَّ تَوْفِيَةٍ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ لَا بِالْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِوَصْفِ الْبَائِعِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِالشَّرْطِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْدُ تَطَوُّعًا إذَا بِيعَ بِوَصْفِ الْبَائِعِ وَهُوَ مَا قَالَهُ بْن فَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ) أَيْ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْعَقَارَ الَّذِي بِيعَ وَهُوَ غَائِبٌ بِوَصْفٍ أَوْ بِرُؤْيَةٍ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ حَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ وَقَعَ عَلَى الْبَتِّ

(قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ) أَيْ الَّذِي بِيعَ وَهُوَ غَائِبٌ (قَوْلُهُ: كَالْيَوْمَيْنِ) أَيْ ذَهَابًا وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمَرْوِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يَوْمَانِ وَعَنْ مَالِكٍ يَوْمٌ وَنَحْوُهُ وَهُوَ يَوْمٌ ثَانٍ، إلَى هَذَا يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ كَالْيَوْمَيْنِ فَأَقَلَّ. تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَيَعْمَلُ بِالشَّرْطِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الشَّرْطُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إذَا تَطَوَّعَ بِهِ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْدَهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا لِشَرْطٍ يَشْمَلُ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ وَبَعْدَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُنَازَعَةٍ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: الْمُشْتَرِي عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ إذَا هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَتْ فِي بَقَاءِ الصِّفَةِ وَتَبِعَهَا الْمُصَنِّفُ الْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِيهِ وَكِلَاهُمَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ الْهَلَاكِ وَعَدَمُ النَّقْصِ فَلِمَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا؟ قُلْت الْهَلَاكُ ثَبَتَ وُقُوعُهُ وَالصِّفَةُ الْبَائِعُ يَقُولُ: هِيَ بَاقِيَةٌ لَمْ تَتَغَيَّرْ أَصْلًا وَالْمُشْتَرِي يَزْعُمُ تَغَيُّرَهَا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَلَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ نَقَصَهَا أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ تَفْرِيعِهِ عَلَيْهِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ لَا تُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا تُوجِبُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقَارَ الْمَبِيعَ غَائِبًا عَلَى الصِّفَةِ أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ مُنَازَعَةٍ وَإِلَّا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَغَيْرَ الْعَقَارِ الْمَبِيعَ غَائِبًا ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا لِشَرْطٍ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقِّقٍ) أَيْ وَهُوَ مُصَادَفَةُ الْعَقْدِ لَهُ سَلِيمًا

(قَوْلُهُ: يُفْسِدُ الْعَقْدَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ كَوَكِيلِهِ فَانْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ اللَّازِمُ لَهُ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَصَارَ اشْتِرَاطُ الْإِتْيَانِ بِهِ مُوجِبًا لِلْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَجَائِزٌ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَيْعٌ وَحِيَازَةٌ

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ كِتَابًا وَسُنَّةً إلَخْ) أَيْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ قَالَ فِي الصَّحِيحِ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ» وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَقَدْ أَجْمَعَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ عَلَى حُرْمَتِهِ وَقَدْ صَحَّ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الْقَوْلِ بِإِبَاحَةِ رِبَا الْفَضْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ وَقِيلَ: إنَّ النَّقْدَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَسْكُوكِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَظْهَرُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي نَقْدِ (قَوْلِهِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ) أَيْ فَتَجْرِي فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ زِيَادَةٍ) يَعْنِي فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ لَا فِي الصِّفَةِ إذْ لَا حُرْمَةَ فِي زِيَادَتِهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ بِرِبَا الْفَضْلِ فِي مُخْتَلِفِ الْجِنْسِ فَيَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَبَيْعُ قَمْحٍ بِأُرْزٍ أَوْ فُولٍ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا)

ص: 28

وَكَذَا فِي الطَّعَامِ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فَكُلُّ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ دُونَ عَكْسٍ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأُجْهُورِيُّ

رِبَا نَسًا فِي النَّقْدِ حَرِّمْ وَمِثْلَهُ

طَعَامٌ وَإِنْ جِنْسَاهُمَا قَدْ تَعَدَّدَا

وَخُصَّ رِبَا فَضْلٍ بِنَقْدٍ وَمِثْلُهُ

طَعَامُ رِبًا إنْ جِنْسُ كُلٍّ تَوَحَّدَا

فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُجْمَلٌ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ يَدْخُلَانِ فِي النَّقْدِ وَالطَّعَامِ فِي الْجُمْلَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ، وَأَمَّا تَفْصِيلُ ذَلِكَ فَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَلِذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا فِي قَوْلِهِ عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا إلَخْ ثُمَّ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَيَجُوزُ مَا سَلِمَ مِنْ قِسْمَيْ الرِّبَا.

(لَا) يَجُوزُ (دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ) بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ مِثْلُهُمَا (أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الدِّرْهَمِ كَشَاةٍ مَثَلًا بَدَلُ الدِّرْهَمِ مَعَ الدِّينَارِ وَبَيْعُ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ (بِمِثْلِهِمَا) أَيْ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ وَوَجْهُ رِبَا الْفَضْلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى احْتِمَالُ كَوْنِ الرَّغْبَةِ فِي أَحَدِ الدِّينَارَيْنِ أَوْ أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ أَكْثَرَ، وَجَهْلُ التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّ مَا صَاحَبَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ كَالشَّاةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النَّقْدِ.

(و) لَا يَجُوزُ صَرْفُ (مُؤَخَّرٍ وَلَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (قَرِيبًا) مَعَ فُرْقَةٍ بِبَدَنٍ اخْتِيَارًا، وَلَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَانُوتِ لِيَأْتِيَ لَهُ بِالدَّرَاهِمِ مِنْهُ لَا إنْ لَمْ تَحْصُلْ فُرْقَةٌ فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا طَالَ كَمَا يَأْتِي (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَرِيبًا خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ: إنَّ التَّأْخِيرَ غَلَبَةٌ لَا يَضُرُّ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ طَالَ كَأَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا سَيْلٌ أَوْ نَارٌ أَوْ عَدُوٌّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ قَدْرُهُ لِأَجَلٍ وَلَا فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ قَدْرُهَا لِأَجَلٍ وَلَا بَيْعُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ قَدْرُهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَقَلَّ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي الطَّعَامِ) أَيْ مُطْلَقًا اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ إرْدَبِّ قَمْحٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِإِرْدَبِّ فُولٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ) أَيْ كَخَوْخٍ وَتُفَّاحٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قِنْطَارٍ مِنْ أَحَدِهِمَا بِقِنْطَارٍ مِنْ الْآخَرِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: فَكُلُّ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ) أَيْ وَهُوَ النَّقْدُ وَالطَّعَامُ الرِّبَوِيُّ (قَوْلُهُ: دُونَ عَكْسٍ) أَيْ وَلَيْسَ كُلُّ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ أَيْ لِأَنَّ الطَّعَامَ غَيْرُ الرِّبَوِيِّ يَدْخُلُهُ رِبَا النَّسَاءِ وَلَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْخَوْخِ بِالْخَوْخِ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ طَعَامُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: إنَّ جِنْسَ كُلٍّ تَوَحَّدَا) أَيْ إنْ تَوَحَّدَ جِنْسُ كُلٍّ مِنْ النَّقْدِ وَالطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ (قَوْلُهُ: مُجْمَلٌ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ رِبَا النَّسَاءِ وَرِبَا الْفَضْلِ يَحْرُمُ فِي النَّقْدِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ وَيَحْرُمُ فِي الطَّعَامِ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ كَانَ الطَّعَامُ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي الرِّبَوِيَّاتِ (قَوْلُهُ: هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ) أَيْ لِمَا بَعْدَهُ وَكَأَنَّهُ قَالَ: بَابُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي النُّقُودِ وَالطَّعَامِ

(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ الرِّبَا بَلْ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: احْتِمَالُ كَوْنِ إلَخْ) فَيَدْفَعُ ذَلِكَ الرَّاغِبَ لِأَجْلِ رَغْبَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: وَجَهِلَ التَّمَاثُلَ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ مُسَاوَاةُ الدِّينَارِ لِلدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ لِلدِّرْهَمِ بَلْ شَكَّ فِي تَسَاوِيهِمَا أَوْ تَوَهَّمَ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ جَزْمَنَا بِالْمُسَاوَاةِ لَجَازَ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قَبِيلِ الْمُبَادَلَةِ لَا مِنْ قَبِيلِ الصَّرْفِ.

(قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا صَاحَبَ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ مِنْ الْعَرَضِ يُقَدَّرُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ النَّقْدِ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ وَالْمَنْعِ فِي هَذِهِ مُطْلَقٌ، وَلَوْ تَحَقَّقَ تَمَاثُلُ الدِّينَارَيْنِ وَتَمَاثُلُ قِيمَةِ الْعَرَضَيْنِ اهـ وَإِذَا مُنِعَ الْبَيْعُ لِأَجْلِ هَذَا التَّفَاضُلِ الْمُتَوَهَّمِ فَأَحْرَى الْمَنْعُ لِلتَّفَاضُلِ الْمُحَقَّقُ كَبَيْعِ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِاثْنَيْنِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَالِكًا قَدْ مَنَعَ الصُّورَتَيْنِ وَأَبَا حَنِيفَةَ أَجَازَهُمَا وَالشَّافِعِيَّ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَأَجَازَ الْأُولَى وَمَنَعَ الثَّانِيَةَ وَتُسَمَّى الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِمَسْأَلَةِ دِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) أَيْ لِوُجُودِ رِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَرِيبًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعِيدًا مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ قَرِيبًا هَذَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ الْبَعِيدُ أَوْ الْقَرِيبُ اخْتِيَارًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَلَبَةً وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ مَعَ الْمُفَارَقَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ مِنْ جَوَازِ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ مَعَ تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ اخْتِيَارًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِأَنْ يَدْخُلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَضُرُّ إلَّا إذَا طَالَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ التَّأْخِيرُ اخْتِيَارًا، فَإِنْ حَصَلَتْ مُفَارَقَةُ الْأَبَدَانِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ضَرَّ ذَلِكَ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ قَلِيلًا ضَرَّ أَيْضًا لَكِنْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةُ أَبَدَانً ضُرَّ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ كَثِيرًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَلَا يَضُرُّ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ كَاسْتِقْرَاضِهِ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً ضَرَّ مُطْلَقًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا خِلَافًا لِابْنِ رُشْدٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّرَرِ مُطْلَقًا كَانَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ، فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ غَلَبَةً) أَيْ فَيَضُرُّ قَلِيلًا كَانَ التَّأْخِيرُ أَوْ كَثِيرًا

ص: 29

وَبِعِطْفِ " غَلَبَةً " عَلَى " قَرِيبًا " يَكُونُ فِي كَلَامِهِ الرَّدُّ عَلَى ابْنِ رُشْدٍ حَالَ الْغَلَبَةِ مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَنْ جَعَلَهُ مَعْطُوفًا عَلَى الصِّفَةِ الْمُقَدَّرَةِ أَعْنِي اخْتِيَارًا، فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ الرَّدَّ حَالَ الْبُعْدِ.

وَعُطِفَ عَلَى قَرِيبًا أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَوْ عُقِدَ وَوُكِّلَ فِي الْقَبْضِ) أَيْ وَبَطَلَ الصَّرْفُ إنْ تَوَلَّى الْقَبْضَ غَيْرُ عَاقِدِهِ وَكَالَةً عَنْهُ، وَلَوْ شَرِيكَهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَرْجَحِ.

(أَوْ) وَلَوْ (غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) عَنْ الْمَجْلِس (وَطَالَ) بِلَا فُرْقَةٍ بِبَدَنٍ فَيَفْسُدُ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ كَمَا لَوْ اسْتَقْرَضَهُ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ أَوْ حَلَّ صُرَّتَهُ أَوْ فَتَحَ صُنْدُوقَهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ كَثِيرٍ لَمْ يَضُرَّ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْفُرْقَةُ ضُرَّ، وَلَوْ قَرِيبًا كَمَا مَرَّ.

(أَوْ) غَابَ (نَقْدَاهُمَا) مَعًا عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا فُرْقَةُ بَدَنٍ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (بِمُوَاعَدَةٍ) أَيْ بِسَبَبِهَا بِأَنْ جَعَلَاهَا عَقْدًا لَا يَأْتَنِفَانِ غَيْرَهُ كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ لِنَقْدِ الدَّرَاهِمِ أَوْ وَزْنِهَا، فَإِنْ كَانَتْ جِيَادًا أَخَذْت مِنْك كَذَا، وَكَذَا بِدِينَارٍ فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ: نَعَمْ قَالَ فِيهَا وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ عَلَى غَيْرِ مُوَاعَدَةٍ انْتَهَى أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْمُوَاعَدَةِ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ لِلصَّرْفِ فَيَذْهَبُ مَعَهُ الْآخَرُ ثُمَّ يُجَدِّدَانِ عَقْدًا بَعْدَ النَّقْدِ فَهَذَا جَائِزٌ

(أَوْ) كَانَ الصَّرْفُ (بِدَيْنٍ) بِأَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ دَرَاهِمُ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ فَيَسْقُطُ الدَّرَاهِمُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالْمَنْعِ (إنْ تَأَجَّلَ) مِنْهُمَا بَلْ (وَإِنْ) كَانَ التَّأْجِيلُ (مِنْ أَحَدِهِمَا) وَمِنْ الْآخَرِ حَالٌّ؛ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ الْمُؤَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ اقْتَضَى مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ أَخَذَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي نَظِيرِ الدَّرَاهِمِ الْمَتْرُوكَةِ لِصَاحِبِهِ، وَكَذَا الْآخَرُ فَالْقَبْضُ إنَّمَا وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ وَعَقْدُ الصَّرْفِ قَدْ تَقَدَّمَ فَقَدْ حَصَلَ التَّأْخِيرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي قُرْبِ التَّأْخِيرِ وَبُعْدَهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ وَبَطَلَ الصَّرْفُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمْ أَجْرَوْا التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ مَظِنَّةَ التَّأْخِيرِ وَأَجْرَوْا عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ الصَّرْفِ إنْ تَوَلَّى الْقَبْضَ غَيْرُ عَاقِدِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ عَقَدَ إلَخْ وَاقِعٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى، وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ قَرِيبًا، وَلَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرِيكَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ أَجْنَبِيًّا أَوْ يُوَكِّلَ شَرِيكَهُ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ شَرِيكًا، وَلَوْ فِي غِيبَةِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ قَبَضَ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ أَرْبَعَةٍ قِيلَ إنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْقَبْضِ لَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ أَوْ فِي غِيبَتِهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ يَضُرُّ مُطْلَقًا، وَقِيلَ: إنْ كَانَ شَرِيكًا فَلَا يَضُرُّ، وَلَوْ قَبَضَ فِي غِيبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ شَرِيكٍ ضَرَّ إنْ قَبَضَ فِي غِيبَةِ مُوَكِّلِهِ، وَإِنْ قَبَضَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا يَضُرُّ وَقِيلَ: إنْ قَبَضَ بِحَضْرَةِ مُوَكِّلِهِ فَلَا يَضُرُّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ قَبَضَ فِي غِيبَتِهِ ضَرَّ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا

(قَوْلُهُ: فَيَفْسُدُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ فِي الْمُصَنِّفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِلَا فُرْقَةَ بَدَنٍ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِهِ هُنَا وَطَالَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَوْ قَرِيبًا تَنَاقَضَا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا هُنَا لَمْ تَحْصُلْ مُفَارَقَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ قَرِيبًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ تَفَرُّقٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَسَلَّفَ هَذَا الدِّينَارَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ وَتَسَلَّفَ الْآخَرُ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ بِجَانِبِهِ، وَأَمَّا لَوْ حَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا صُرَّتَهُ فَلَا مَنْعَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ غَابَ نَقْدَاهُمَا هِيَ مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ أَيْ عَلَى اسْتِحْدَاثِ شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِيمَا يَأْتِي أَوْ بِدَيْنٍ فَهِيَ مَسْأَلَةُ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ صَرْفُ مَا هُوَ مُتَقَرِّرٌ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ، فَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُنِعَ الصَّرْفُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرْفَ عَلَى الذِّمَّةِ لَمْ تَكُنْ الذِّمَّةُ مَشْغُولَةً بِشَيْءٍ قَبْلَ الصَّرْفِ وَالصَّرْفُ هُوَ الَّذِي أَحْدَثَ شُغْلَهَا بِخِلَافِ صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ مَشْغُولَةٌ فِيهِ قَبْلَ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: كَاذْهَبْ بِنَا إلَى السُّوقِ إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ لَهُ الْآخَرُ نَعَمْ) أَيْ وَيَجْعَلَا ذَلِكَ الْقَوْلَ نَفْسَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَسِيرُ مَعَهُ) أَيْ وَلَكِنَّ الْمَطْلُوبَ أَنْ يَسِيرَ مَعَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِلصَّرْفِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ أَصْرِفَ مِنْك هَذِهِ الدَّنَانِيرَ وَقَوْلُهُ: فَيَذْهَبُ مَعَهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ قَدْرَ كَذَا فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ دِينَارٍ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يُجَدِّدَانِ عَقْدًا بَعْدَ النَّقْدِ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ وُصُولِهِمَا لِلسُّوقِ وَنَقْدِهِمَا لِلدَّنَانِيرِ يُجَدِّدَانِ عَقْدَ الصَّرْفِ بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ دِينَارٍ صَرَفَهُ، كَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ

(قَوْلُهُ: إنْ تَأَجَّلَ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ الدَّيْنَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ: اقْتَضَى) أَيْ قَبَضَ وَأَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ وَقَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِاقْتَضَى أَيْ أَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مَا أَسَلَفَهُ (قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الَّذِي لَهُ الدِّينَارُ أَخَذَهُ مِنْ نَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ: الْمَتْرُوكَةُ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الَّتِي تَرَكَهَا لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْآخَرُ) أَيْ الَّذِي لَهُ الدَّرَاهِمُ كَأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ الدَّرَاهِمَ فِي نَظِيرِ الدِّينَارِ الَّذِي تَرَكَهُ لِصَاحِبِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ الدِّينَارُ حِينَ تَصَارَفَا قَدْ عَجَّلَ الدِّينَارَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَسَلَّفَهُ لِصَاحِبِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْأَجَلُ يَصْرِفُهُ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَظَهَرَ

ص: 30

فَلَوْ حَلَّا مَعًا جَازَ كَمَنْ لَهُ دَرَاهِمُ حَالَّةٌ عَلَى أَحَدٍ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَخَذَ عَنْهَا دِينَارًا فَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَأْخِيرٌ بِمُوَاعَدَةٍ أَوْ غَيْرِهَا

(أَوْ) صَرَفَ مُرْتَهِنُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قَبْلَهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ مُودِعٍ بِالْكَسْرِ مِنْ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ و (غَابَ رَهْنٌ) مُصَارِفٌ عَلَيْهِ (أَوْ وَدِيعَةٌ) كَذَلِكَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ رَبِّهِمَا فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا (وَلَوْ سُكَّ) كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ سَكًّا جَازَ الصَّرْفُ فِي غِيبَتِهِمَا (ك) امْتِنَاعِ صَرْفِ حُلِيٍّ (مُسْتَأْجِرٍ وَعَارِيَّةٍ) إنْ غَابَا عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَإِلَّا جَازَ (و) كَامْتِنَاعِ صَرْفِ (مَغْصُوبٍ) غَائِبٍ (إنْ صِيغَ) بِخِلَافِ مَسْكُوكٍ وَمَكْسُورٍ وَتِبْرٍ وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيَجُوزُ صَرْفُهُ، وَلَوْ غَائِبًا لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ (إلَّا أَنْ يَذْهَبَ) أَيْ يُتْلِفُ الْمَغْصُوبُ الْمَصُوغَ عِنْدَ الْغَاصِبِ (فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ) ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ صَارَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَإِذَا لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ بِالتَّلَفِ (فَكَالدَّيْنِ) أَيْ فَحُكْمُهُ كَصَرْفِ الدَّيْنِ الْحَالِّ الْمُتَرَتِّبِ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الْجَوَازُ.

(و) لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ (بِتَصْدِيقٍ فِيهِ) أَيْ فِي وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ أَوْ جَوْدَتِهِ وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ التَّصْدِيقِ فُرُوعًا خَمْسَةً فَقَالَ (كَمُبَادَلَةِ رِبَوِيَّيْنِ) مِنْ نَقْدَيْنِ أَوْ طَعَامَيْنِ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ أَوْ مُخْتَلِفِيهِ فَالْمُرَادُ، وَلَوْ رِبَا نَسَاءٍ يَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِمَا (و) كُلُّ شَيْءٍ (مُقْرَضٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ لَا يَجُوزُ لِآخِذِهِ التَّصْدِيقُ فِيهِ لِاحْتِمَالِ وُجْدَانِ نَقْصٍ فَيَغْتَفِرهُ لِحَاجَتِهِ أَوْ عِوَضًا عَنْ الْمَعْرُوفِ فَيَدْخُلُهُ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ (و) كُلُّ (مَبِيعٍ لِأَجَلٍ) طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ لِاحْتِمَالِ نَقْصٍ فِيهِ فَيَغْتَفِرُهُ آخِذُهُ لِأَجْلِ التَّأْخِيرِ فَفِيهِ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (و) كُلُّ (رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ) لِمَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَّا مَعًا جَازَ) لَا يُقَالُ هَذَا مُقَاصَّةٌ لَا صَرْفٌ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُقَاصَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُتَّحِدَيْ الصِّنْفِ فَلَا تَكُونُ فِي دَيْنَيْنِ مِنْ نَوْعَيْنِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَلَا صِنْفَيْ نَوْعٍ كَإِبْرَاهِيمِيٍّ وَمُحَمَّدِيٍّ (قَوْلُهُ: أَخَذَ عَنْهَا دِينَارًا) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْأَحَدِ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْصُلْ تَأْخِيرٌ) أَيْ فِي دَفْعِ الدِّينَارِ عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ

(قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِصَرْفِهِ وَبَقَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ (قَوْلُهُ: وَغَابَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا فِي مَجْلِسِ الصَّرْفِ جَازَ صَرْفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَرَطَ الضَّمَانَ) أَيْ ضَمَانَ الدِّينَارِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْمُودَعِ وَقَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ أَيْ عَقْدِ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِالْجَوَازِ إذَا شَرَطَ الضَّمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُودِعِ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَوْ الْوَدِيعَةِ، وَلَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِمَا بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودِعِ صَارَ كَأَنَّهُ حَاضِرٌ فِي مَجْلِسِ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَّ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَسْكُوكًا فَيُمْنَعُ صَرْفُهُ فِي غِيبَتِهِ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ مِنْ جَوَازِ صَرْفِ الْمَرْهُونِ أَوْ الْمُودَعُ الْمَسْكُوكَ الْغَائِبَ عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَوْلِ، قَالَ ح وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْمَسْكُوكَيْنِ لَا فِي الْمَصُوغَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْجَوَاهِرِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ سَكًّا بِالْمُطَابِقَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ إذَا كَانَ بِأَوْ تَجُوزُ فِيهِ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا وَهُوَ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ: جَازَ الصَّرْفُ فِي غِيبَتِهِمَا) أَيْ لِحُصُولِ الْمُنَاجَزَةِ بِالْقَوْلِ وَلِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِذِمَّةِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُودِعِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَى هَلَاكِهِ فَلَمَّا كَانَ يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِالذِّمَّةِ فَكَأَنَّهُ حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: كَمُسْتَأْجَرٍ وَعَارِيَّةٍ) تَشْبِيهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَنْعِ إنْ غَابَ عَنْ مَجْلِسِ الصَّرْفِ وَالصِّحَّةِ إنْ حَضَرَ لَا فِيهِمَا وَفِي سَكٍّ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْعَارِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ فِي الْمَسْكُوكِ عَلَى الْمَذْهَبِ لِانْقِلَابِهِ صَرْفًا فِي الْعَارِيَّةِ وَعَدَمِ جَوَازِ إجَارَتِهِ لِانْقِلَابِهِ سَلَفًا بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ تُعَدُّ سَلَفًا (قَوْلُهُ: وَمَغْصُوبٍ) أَيْ أَنَّهُ يَحْرُمُ صَرْفُهُ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْعَقْدِ لِغَاصِبِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ صِيغَ) أَيْ كَالْحُلِيِّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ كَالسَّبَائِكِ.

(قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ بِالذِّمَّةِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْمَصُوغِ وَغَيْرِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَصُوغَ إذَا هَلَكَ تَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ لِدُخُولِ الصَّنْعَةِ فِيهِ وَقَبْلَ هَلَاكِهِ يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ فَيُحْتَمَلُ عِنْدَ غِيبَتِهِ أَنَّهُ هَلَكَ وَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ وَمَا يَدْفَعُهُ فِي صَرْفِهِ قَدْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَكْثَرَ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَصُوغِ فَبِمُجَرَّدِ غَصْبِهِ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ مِثْلُهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي صَرْفِهِ فِي غِيبَتِهِ احْتِمَالُ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَصُوغَ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ إذَا دَخَلَتْهُ صَنْعَةٌ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ الصَّرْفُ) أَيْ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي نَقْدٍ أَيْ وَحُرِّمَ فِي نَقْدٍ وَحُرِّمَ الصَّرْفُ مُلْتَبِسًا بِتَصْدِيقٍ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَبِرُهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ فَيَجِدُهُ نَاقِصًا أَوْ رَدِيئًا فَيَرْجِعُ بِهِ فَيُؤَدِّي إلَى الصَّرْفِ بِتَأْخِيرٍ، وَإِنْ اشْتَرَطَ عَدَمَ الرُّجُوعِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَزِمَ أَكْلُ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (قَوْلُهُ: كَمُبَادَلَةِ رِبَوِيَّيْنِ) أَيْ لِئَلَّا يُوجَدَ نَقْصٌ فَيَدْخُلُ التَّفَاضُلُ إنْ شَرَطَا عَدَمَ الرُّجُوعِ بِالنَّقْصِ أَوْ التَّأْخِيرِ إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ بِهِ بَعْدَ الْإِطْلَاعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ) أَيْ بِالرِّبَوِيَّيْنِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ رِبَا النَّسَاءِ أَيْ مَا يَدْخُلُهُ، وَلَوْ رِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ التَّصْدِيقُ فِيهِمَا) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ

ص: 31

وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ التَّصْدِيقُ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَذْفُ هَذَا الْفَرْعِ (و) كُلُّ دَيْنٍ (مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) لِئَلَّا يَجِدَ نَقْصًا فَيَغْتَفِرُهُ فَيَصِيرُ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّ الْمُعَجِّلُ مُسَلِّفٌ

(و) حَرُمَ (بَيْعٌ وَصَرْفٌ) أَيْ اجْتِمَاعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَأَنْ يَدْفَعَ دِينَارَيْنِ وَيَأْخُذَ ثَوْبًا وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَصَرَفَ الدِّينَارَ عِشْرُونَ لِتُنَافِي أَحْكَامِهِمَا لِجَوَازِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ دُونَهُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَرَقُّبِ الْحَلِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ فِي السِّلْعَةِ أَوْ لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ لِاحْتِمَالِ اسْتِحْقَاقٍ فِيهَا فَلَا يَعْلَمُ مَا يَنُوبُهُ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ صُورَتَيْنِ لِيَسَارَتِهِمَا أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ) أَيْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ أَيْ ذُو الْجَمِيعِ (دِينَارًا) كَأَنْ يَشْتَرِي شَاةً وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِدِينَارٍ فَيَجُوزُ وَلِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ يَجْتَمِعَا) أَيْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ (فِيهِ) أَيْ فِي الدِّينَارِ بِأَنْ يَأْخُذَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ بِأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَلَوْ كَانَ صَرْفُهُ يُسَاوِي عَشَرَةً فِي هَذَا الْمِثَالِ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُنَاجَزَةِ فِي سِلْعَةِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ كَالنَّقْدِ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ فِي بَقَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حُكْمِهِ حَالٌ عَلَى الِانْفِرَادِ فَأَوْجَبَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حُرْمَةِ التَّصْدِيقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ الشَّيْئَيْنِ الرِّبَوِيَّيْنِ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِيهَا وَالْآخَرُ جَوَازُ التَّصْدِيقِ فِيهَا قَالَ بْن وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مُسَلَّفٌ) قَالَ خش ثُمَّ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْغِرْيَانِيِّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ إذَا وَقَعَ فِي الْقَرْضِ الْفَسْخُ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِهِ وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي التَّصْدِيقِ فِي الْبَيْعِ لِأَجْلِ عَدَمِ الْفَسْخِ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّهُ الْأَشْبَهُ بِظَاهِرِهَا وَحَكَى أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يُفْسَخُ ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ كَالْمَبِيعِ لِأَجَلٍ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ، وَأَنَّ الْمُعَجَّلَ قَبْلَ أَجَلِهِ يُرَدُّ وَيَبْقَى حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ وَأَنَّ الصَّرْفَ يُرَدُّ وَكَذَلِكَ مُبَادَلَةُ الرِّبَوِيَّيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ فَسْخِهَا

(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ بَيْعٌ وَصَرْفٌ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ احْتَوَى عَلَى أَمْرَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عَلَى انْفِرَادِهِ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ حَرَّمَهُ قَالَ: وَإِنَّمَا الَّذِي حَرَّمَهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا سِلْعَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ وَكَمَا يَمْنَعُ مُصَاحَبَةَ الصَّرْفِ لِلْبَيْعِ يَمْنَعُ أَنْ يُصَاحِبَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعُقُودِ الَّتِي يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْبَيْعِ الَّتِي أَشَارَ لَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

عُقُودٌ مَنَعْنَاهَا مَعَ الْبَيْعِ سِتَّةٌ

وَيَجْمَعُهَا فِي اللَّفْظِ جِصٌّ مُشَنَّقُ

فَجُعْلٌ وَصَرْفٌ وَالْمُسَاقَاةُ شَرِكَةٌ

نِكَاحٌ قِرَاضٌ مَنْعُ هَذَا مُحَقَّقُ

(قَوْلُهُ: لِتَنَافِي أَحْكَامِهِمَا) أَيْ أَحْكَامِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَنَافِيَ اللَّوَازِمِ يَدُلُّ عَلَى تَنَافِي الْمَلْزُومَاتِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: لِتَرَقُّبِ الْحِلِّ) أَيْ حِلِّ الصَّرْفِ (قَوْلُهُ: بِوُجُودِ عَيْبٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لِتَأْدِيَتِهِ) أَيْ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعْلَمُ مَا يَنُوبُهُ) أَيْ الصَّرْفُ بِمَعْنَى الدِّينَارِ الْمَصْرُوفِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ) أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِ السِّلْعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَرَقُّبَ حِلِّ الصَّرْفِ يَكُون بِوُجُودِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّأْدِيَةِ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ تَكُونُ بِهِمَا أَيْضًا وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ تُوهِمُ خِلَافَ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَرَقُّبِ الْحِلِّ بِوُجُودِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَذَلِكَ يُؤَدِّي لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ اسْتَحَقَّتْ لَا يَعْلَمُ مَا يَنُوبَ الصَّرْفَ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ) أَيْ مِنْ مَنْعِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ (قَوْلُهُ: أَيْ ذُو الْجَمِيعِ) إنَّمَا قُدِّرَ ذَلِكَ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الدِّينَارَ لَيْسَ هُوَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ، وَإِنَّمَا هُوَ صَاحِبُهُمَا لِاجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَشْتَرِيَ شَاةً) أَيْ تُسَاوِي خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَوْ تُسَاوِي أَرْبَعَةً وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي مَعَهَا سِتَّةٌ أَوْ تُسَاوِي ثَلَاثَةً وَالدَّرَاهِمُ الَّتِي مَعَهَا تُسَاوِي سَبْعَةً (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَأْخُذَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي مَعَ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَمَا مَثَّلَهُ الشَّارِحُ أَوْ ثَمَنُ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الدِّينَارِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَةَ الْأَثْوَابِ تُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَالْعَشَرَةُ دَنَانِيرُ وَقَعَتْ فِي بَيْعٍ لَيْسَ إلَّا وَالْحَادِيَ عَشْرَ بَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَبَعْضُهُ فِي مُقَابَلَةِ بَعْضِ الْأَثْوَابِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي الدِّينَارِ الْحَادِيَ عَشَرَ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ كُلَّ ثَوْبٍ خَصَّهُ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ صَرْفُهُ يُسَاوِي عَشَرَةً) أَيْ وَالْأَثْوَابُ تُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ) أَيْ لِأَنَّ الدِّينَارَ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَهَذَا صَرْفٌ، وَالدَّنَانِيرُ الْعَشَرَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْأَثْوَابِ كُلُّ دِينَارٍ فِي مُقَابَلَةِ ثَوْبٍ وَهَذَا بَيْعٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ دِينَارًا بَلْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي غَيْرِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السِّلْعَةَ كَالنَّقْدِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا صَاحَبَتْ الدَّرَاهِمَ صَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الدَّرَاهِمِ الْمَدْفُوعَةِ

ص: 32

تَعْجِيلَ الصَّرْفِ وَأَجَازَ تَأْخِيرَ السِّلْعَةِ

(و) حَرُمَ (سِلْعَةٌ) كَشَاةٍ أَيْ بَيْعُهَا لِشَخْصٍ (بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ) فَدُونَ (إنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ) الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ (أَوْ) تَأَجَّلَتْ (السِّلْعَةُ) مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ أَوْ بَعْضُهُمَا وَهُوَ السِّلْعَةُ وَتَأْجِيلُ بَعْضِهَا كَتَأْجِيلِ كُلِّهَا إلَّا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا أَوْ بَعَثَ مَنْ يَأْخُذَهَا وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ (أَوْ) تَأَجَّلَ (أَحَدُ النَّقْدَيْنِ) كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَيْضًا (بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا) لِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَهَا فَقَطْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّرْفَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِيَسَارَةِ الدِّرْهَمَيْنِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَأَخُّرُ الصَّرْفِ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْبَيْعُ (أَوْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ) فَيَجُوزُ بِالْأَوْلَى فَذَكَرَهُ لِتَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ لَكِنَّ الْجَوَازَ حِينَئِذٍ لَا يَتَقَيَّدُ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَمَا بَعْدَهَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَالتَّقْيِيدُ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ فَكَأَنَّهُ لَمَّا اسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ قِيلَ لَهُ فَهَلْ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي إفْرَادِهِ تَفْصِيلًا وَتَقْيِيدًا.

وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا بِقَيْدِ التَّعْجِيلِ قَوْلُهُ (كَدَرَاهِمَ) أَيْ كَجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ دَرَاهِمَ (مِنْ دَنَانِيرَ) كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَصَرَفَ الدِّينَارَ عِشْرُونَ وَوَقَعَ الْبَيْعُ (بِالْمُقَاصَّةِ) أَيْ عَلَى شَرْطِهَا بِأَنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا اُجْتُمِعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ قَدْرَ صَرْفِ دِينَارٍ أَسْقَطَا لَهُ دِينَارًا (و) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ) مِنْ الدَّرَاهِمِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهُ يُعْطِيهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَسْقُطُ الْعَاشِرُ فِي نَظِيرِ الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ حَصَلَتْ بَعْدُ وَأَشَارَ لِمَفْهُومِ وَلَمْ يَفْضُلْ بِقَوْلِهِ (و) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ الدِّرْهَمِ أَوْ (الدِّرْهَمَيْنِ) بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ (كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فِي الْأَقْسَامِ الْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ أَوْ السِّلْعَةَ جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ الدَّنَانِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ وَعَجَّلَ الدِّينَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ تَأَخَّرَ عِوَضَاهُ) عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ إذَا تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمَا عِلَّةٌ لِلْحُرْمَةِ إذَا تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ.

(قَوْلُهُ: وَتَأْجِيلُ بَعْضِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ، وَكَذَا تَأْجِيلُ بَعْضِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ كَتَأْجِيلِ أَحَدِهِمَا بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْجِيلُهَا بِقَدْرِ خِيَاطَتِهَا (قَوْلُهُ: وَهِيَ مُعَيَّنَةٌ) أَيْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كَالْمَقْبُوضَةِ بِالْفِعْلِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِيهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ) أَيْ كَمَا لَوْ تَأَجَّلَ الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَعُجِّلَتْ السِّلْعَةُ وَالدِّرْهَمَانِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ عُجِّلَ الدِّينَارُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالسِّلْعَةُ مِنْ الْبَائِعِ وَأُجِّلَ الدِّرْهَمَانِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْبَيْعُ) أَيْ لِأَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِتَقْدِيمِ الْمُقَوَّمِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ مَا إذَا تَعَجَّلَ النَّقْدَانِ وَتَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَكَانَ الْقِيَاسُ الْجَوَازَ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ حِينَئِذٍ مَقْصُودٌ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُنَاجَزَةُ؛ لِأَنَّ السِّلْعَةَ لَمَّا كَانَتْ كَالْجُزْءِ مِنْ الدَّرَاهِمِ كَانَ تَأْجِيلُهَا كَتَأْجِيلِ بَعْضِهَا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ تَأْجِيلَ بَعْضِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ كَتَأْجِيلِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ: فَذَكَرَهُ) أَيْ فَذَكَرَ هَذَا الْقَسَمَ مَعَ عِلْمِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: لِتَتْمِيمِ الْأَقْسَامِ) أَيْ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْجَوَازَ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ عَجَّلَ الْجَمِيعَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالدِّرْهَمَيْنِ بَلْ الْجَوَازُ حِينَئِذٍ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ أَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي دِينَارٍ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ تَأْجِيلِهِمَا بِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ فَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ لَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ حِينَئِذٍ مُرَاعًى بِخِلَافِ الدِّرْهَمَيْنِ، فَإِنَّهُمَا لِقِلَّتِهِمَا تُسُومِحَ فِيهِمَا وَعَلِمَ أَنَّ الصَّرْفَ غَيْرُ مُرَاعًى فَأُجِيزَ تَأْجِيلُ النَّقْدَيْنِ لِأَجَلٍ وَاحِدٍ وَتَعْجِيلِ السِّلْعَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى دِرْهَمَيْنِ فَأَقَلَّ كَانَ الْمَنْعُ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَالْجَوَازُ فِي صُورَتَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَثْنَى ثَلَاثَةً أَوْ أَرْبَعَةً فَالْمَنْعُ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ وَالْجَوَازُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ.

(قَوْلُهُ: لَمَّا اسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَصَرْفٍ (قَوْلُهُ: فَهَلْ هَذَا) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ هَلْ جَوَازُ هَذَا الْمُسْتَثْنَى عَلَى إطْلَاقِهِ (قَوْلُهُ: تَفْصِيلًا وَتَقْيِيدًا) أَيْ وَأَجَابَ بِأَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي الدِّينَارِ مَحْظُورٌ كَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ كَمَا فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ لَا يُقَيَّدُ إلَخْ) أَيْ بَلْ هُوَ تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَتْ السِّلَعُ وَالدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ وَوَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ إذَا لَمْ يَفْضُلْ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَيْءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ صَرْفَ دِينَارٍ أَوْ دِينَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ تَأَجَّلَتْ السِّلَعُ وَالدَّنَانِيرُ أَوْ تَعَجَّلَا أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُهُمَا وَتَعَجَّلَ الْآخَرُ.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى سِتَّةَ عَشَرَ ثَوْبًا كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا عَلَى شَرْطِ الْمُقَاصَّةِ وَصَرْفُ الدِّينَارِ سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ ثَمَنُ الْأَثْوَابِ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَيَسْقُطُ عَنْهُ وَاحِدٌ فِي نَظِيرِ السِّتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا لِلْمُقَاصَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ أَوْ تَأَجَّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ أَوْ تَأَجَّلَ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ

ص: 33

فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسَةً مِنْ كُلِّ دِينَارٍ (و) الْحُكْمُ (فِي) فَضْلِ (أَكْثَرَ) مِنْ دِرْهَمَيْنِ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ كَأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسَيْ دِرْهَمٍ فَمَجْمُوعُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ حِينَئِذٍ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا عِشْرُونَ مِنْهَا فِي نَظِيرِ دِينَارٍ يَفْضُلُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ (كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) أَيْ كَاجْتِمَاعِهِمَا فِي دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي الدِّينَارِ التَّاسِعِ فِي الْمِثَالِ فَيَجُوزُ إنْ تَعَجَّلَ الْجَمِيعَ

(و) حَرُمَ اتِّفَاقًا (صَائِغٌ) أَيْ مُعَاقَدَتُهُ وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ (يُعْطَى الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ) أَيْ حَرُمَ إعْطَاءُ صَائِغٍ الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ صَائِغٍ سَبِيكَةَ فِضَّةٍ بِوَزْنِهَا دَرَاهِمَ أَوْ أَنْصَافَ فِضَّةٍ مَسْكُوكَةٍ وَيَدْفَعُ لَهُ السَّبِيكَةَ لِيَصُوغَهَا لَهُ وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يُرَاطِلَهُ الشَّيْءَ الْمَصُوغَ عِنْدَهُ بِجِنْسِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةُ وَالْأُولَى تُمْنَعُ وَإِنْ لَمْ يَزِدْهُ أُجْرَةً، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَحَلُّ الْمَنْعِ إنْ زَادَهُ وَإِلَّا جَازَ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ بِنَقْدٍ مُخَالِفٍ لِنَقْدِ الصَّائِغِ جِنْسًا كَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ امْتَنَعَتْ الْأُولَى لِلتَّأْخِيرِ وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ يَدًا بِيَدٍ (كَزَيْتُونٍ) أَيْ كَمَنْعِ دَفْعِ زَيْتُونٍ مَثَلًا (وَأُجْرَتِهِ) أَيْ أُجْرَةِ عَصْرِهِ (لِمُعْصِرِهِ) وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْآنَ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالتَّحَرِّي لِلشَّكِّ فِي الْمُمَاثَلَةِ أَوْ يَخْلِطُهُ عَلَى زَيْتُونٍ عِنْدَهُ ثُمَّ يَقْسِمُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ عَلَى حَسَبِ كُلٍّ، وَأَمَّا عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ لَهُ بِعَيْنِهِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ وَالْمَنْعُ فِي الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (بِخِلَافِ نِصْفِ تِبْرٍ) وَمَسْكُوكٍ بِسِكَّةٍ لَا تَرُوجُ بِمَحَلِّ الْحَاجَةِ لِلشِّرَاءِ بِهَا كَسِكَّةٍ مَغْرِبِيَّةٍ بِمِصْرَ (يُعْطِيهِ الْمُسَافِرُ) الْمُحْتَاجَ (و) يُعْطِي (أُجْرَتَهُ دَارَ الضَّرْبِ) أَيْ أَهْلَهُ (لِيَأْخُذَ) عَاجِلًا (زِنَتَهُ) فَيَجُوزُ لِحَاجَتِهِ إلَى الرَّحِيلِ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَشْتَدَّ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ، وَلَوْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَإِلَّا جَازَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.

(وَبِخِلَافِ) إعْطَاءِ (دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ) أَيْ فِيمَا يَرُوجُ رَوَاجَ النِّصْفِ، وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ أَوْ نَقَصَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُعْطِيهِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ عَنْهُ الْعَاشِرَ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَأْخُذُ مِنْ الْبَائِعِ الْأَثْوَابَ الْعَشَرَةَ وَدِرْهَمًا (قَوْلُهُ: دِرْهَمَيْنِ وَعُشْرَ دِرْهَمٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ قَبْلَ وَالْحُكْمُ فِي فَضْلِ الدِّرْهَمِ وَقَوْلُهُ: أَوْ خُمُسُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ خُمُسُهُ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَخُمُسُ دِرْهَمٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا وَدَخَلَا عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْفَعُ لِلْبَائِعِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ عَنْهُ دِينَارًا لِلْمُقَاصَّةِ وَيَدْفَعُ الْبَائِعُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَدِرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ: عِشْرُونَ مِنْهَا فِي نَظِيرِ دِينَارٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ وَيَحُطُّ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِلْمُقَاصَّةِ وَيَدْفَعُ الْبَائِعُ لَهُ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ وَأَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ (قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) أَيْ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا بَيْعٌ وَصَرْفٌ حَقِيقَةً فَكَيْفَ يُشَبِّهُ الشَّيْءَ بِنَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهَا بِقَوْلِهِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُعَاقَدَةَ لَيْسَتْ نَفْسَ الْإِعْطَاءِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيَدْفَعُ لَهُ السَّبِيكَةَ إلَخْ) أَيْ فَآلَ الْأَمْرُ لِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُهُ الْأُجْرَةَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى تُمْنَعُ) أَيْ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ فِي بَيْعِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: امْتَنَعَتْ الْأُولَى) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ لَهُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَجَازَتْ الثَّانِيَةُ) أَيْ سَوَاءٌ دَفَعَ لَهُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَكَزَيْتُونٍ إلَخْ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ الْجُلْجُلَانَ وَبِزْرَ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ وَالْقَمْحَ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَطْحَنُهُ وَيَأْخُذُ الْآنَ مِنْهُ دَقِيقًا قَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ بِالتَّحَرِّي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أُجْرَةً) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ إذْ الْمَنْعُ حَاصِلٌ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ أُجْرَةً لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً وَلِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: وَمَسْكُوكٌ بِسِكَّةٍ لَا تَرُوجُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلتِّبْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِهِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ، وَقَدْ عَبَّرَ فِي الْعُتْبِيَّةِ بِالْمَالِ وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَكَذَا غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ عبق وَانْظُرْ لَوْ كَانَ مَعَ الْمُسَافِرِ مَصُوغٌ إلَى قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ غَيْرُ صَوَابٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: يُعْطِيهِ الْمُسَافِرَ الْمُحْتَاجَ) أَيْ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّ غَيْرَ الْمُسَافِرِ يُمْنَعُ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا دَارُ الضَّرْبِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِمْ فَلَوْ أَعْطَاهُ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ غَيْرَ أَهْلِ دَارِ الضَّرْبِ فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِدَارِ الضَّرْبِ لِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ بِمَا هُوَ الشَّأْنُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ الْجَوَازِ وَهُوَ الْمَنْعُ

(قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ إلَخْ) هَذَا مِمَّا أُجِيزَ لِضَرُورَةٍ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الشَّخْصُ دِرْهَمًا لِآخَرَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِنِصْفِهِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ فُلُوسًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ فِضَّةٌ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِهِ شُرُوطًا تَبَعًا لِلْمُتَأَخِّرِينَ كَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ لُبٍّ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ الْجَوَازُ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَنْعُ بِسَبَبِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مَثَلًا بِيعَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَهُ سِلْعَةٌ وَالسِّلْعَةُ تُجْعَلُ مِنْ جِنْسِ مَا انْضَمَّتْ إلَيْهِ فَيَكُونُ هُنَاكَ تَفَاضُلٌ مَشْكُوكٌ (قَوْلُهُ: بِنِصْفٍ) أَيْ فِي نِصْفِ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: أَيْ فِيمَا يَرُوجَ رَوَاجَ النِّصْفِ) أَيْ مِثْلَ الْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ والزلاطة الخمساوية وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ يَرُوجُ رَوَاجُهُ أَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ فِي النَّفَاقِ بِفَتْحِ النُّونِ بِأَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ الَّتِي تُشْتَرَى بِهَذَا تُشْتَرَى بِالْآخِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ وَزْنُهُ) أَيْ وَزْنُ ذَلِكَ الرَّائِجِ عَنْ

ص: 34

عَنْ النِّصْفِ (وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْفُلُوسِ كَطَعَامٍ فَيَجُوزُ بِشُرُوطٍ سَبْعَةٍ: أَوَّلُهَا كَوْنُ الْمَبِيعِ دِرْهَمًا لَا أَكْثَرَ، ثَانِيهَا كَوْنُ الْمَرْدُودِ نِصْفَهُ فَأَقَلَّ لِيَعْلَمَ أَنَّ الشِّرَاءَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِلَيْهِمَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ: دِرْهَمٌ بِنِصْفِ، ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ (فِي بَيْعٍ) لِذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ إنْ دَفَعَ الدِّرْهَمَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الصَّانِعِ أُجْرَةً لَهُ وَعَجَّلَ الصَّانِعُ نِصْفَهُ، وَأَشَارَ لِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَسَكًّا) أَيْ الدِّرْهَمُ وَالنِّصْفُ فَلَوْ كَانَ قِطْعَتَيْ فِضَّةٍ لَا سِكَّةَ فِيهِمَا لَمْ يَجُزْ، وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَاتَّحَدَتْ) سِكَّتِهِمَا أَيْ تُعُومِلَ بِهِمَا مَعًا، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ لَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَعَامَلُ بِهِ فَلَوْ قَالَ وَتُعُومِلَ بِهِمَا كَانَ أَوْضَحَ، وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَعُرِفَ الْوَزْنُ) أَيْ عُرِفَ أَنَّ هَذَا يَرُوجُ بِدِرْهَمٍ وَهَذَا بِنِصْفٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا وَزْنًا، وَلِسَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَانْتَقَدَ الْجَمِيعُ) أَيْ الدِّرْهَمُ وَمُقَابِلُهُ مِنْ النِّصْفِ مَعَ السِّلْعَةِ (كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَإِلَّا فَلَا) صَوَابُهُ تَقْدِيمٌ وَإِلَّا فَلَا عَلَى كَدِينَارٍ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ فَلَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ مِثَالٌ لِمَا انْخَرَمَ فِيهِ بَعْضُ الشُّرُوطِ وَالْأَحْسَنُ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ أَيْ كَالرَّدِّ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ كَأَنْ يَدْفَعَ دِينَارًا وَيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ ذَهَبًا وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ سِلْعَةً أَوْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ لِيَأْخُذَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي سِلْعَةً فَتَأَمَّلْ

(وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ) زَادَهَا أَحَدُهُمَا عَلَى الْأَصْلِ حَيْثُ وَقَعَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ عَقْدِ الصَّرْفِ بِأَنْ لَقِيَ صَاحِبَهُ فَقَالَ لَهُ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَزِدْنِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

نِصْفِ دِرْهَمٍ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ فَالْأَوَّلُ كَتِسْعَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ وَالثَّانِي كَالزَّلَاطَةِ الْخَمْسَاوِيَّةِ أَوْ خَمْسَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ.

(قَوْلُهُ: كَوْنُ الْمَبِيعِ دِرْهَمًا) أَيْ شَرْعِيًّا أَوْ مَا يَرُوجُ رَوَاجُهُ زَادَ وَزْنُهُ عَنْهُ كَثَمَنِ رِيَالٍ أَوْ نَقَصَ كَزَلَاطَةٍ بِثَمَانِيَةٍ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَدَمُ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ رِيَالًا أَوْ نِصْفَ رِيَالٍ أَوْ رُبْعَ رِيَالٍ وَلَكِنْ قَدْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فِي الرِّيَالِ الْوَاحِدِ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ رُبْعِهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا أُجِيزَ صَرْفُ الرِّيَالِ الْوَاحِدِ بِالْفِضَّةِ الْعَدَدِيَّةِ، وَكَذَا نِصْفُهُ وَرُبْعُهُ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فَلَا يَجُوزُ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالْعَلَّامَةُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: لَا أَكْثَرَ) أَيْ فَلَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمَيْنِ وَيَأْخُذَ نِصْفًا، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى بِدِرْهَمَيْنِ وَنِصْفٍ وَيَدْفَعُ ثَلَاثَةً وَيَأْخُذُ نِصْفًا (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَقْصُودُ) أَيْ بِالذَّاتِ، وَأَمَّا الصَّرْفُ وَالْمُبَادَلَةُ فَغَيْرُ مَقْصُودَةٍ (قَوْلُهُ: فِي بَيْعٍ لِذَاتٍ) أَيْ كَأَنْ تَشْتَرِي سِلْعَةً بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فَتَدْفَعُ لِلْبَائِعِ دِرْهَمًا لِيَرُدَّ لَكَ نِصْفَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْفَعَةٍ) أَيْ كَإِجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ كَدَفْعِك لِلصَّانِعِ نَعْلًا أَوْ دَلْوًا يُصَلِّحُهُ فَبَعْدَ إصْلَاحِهِ دَفَعْت لَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا نِصْفُهُ فِي مُقَابَلَةِ أُجْرَتِهِ وَرَدَّ عَلَيْك الصَّانِعُ نِصْفَ دِرْهَمٍ حَالًّا فَلَوْ دَفَعْت لَهُ الدِّرْهَمَ وَأَخَذْت مِنْهُ نِصْفَهُ وَتَرَكْت شَيْئَكَ عِنْدَهُ لِيُصَلِّحَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْجَوَازِ انْتِقَادَ الْجَمِيعِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ وَاحْتَرَزَ بِالْبَيْعِ مِنْ الْقَرْضِ وَالصَّدَقَةِ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ فُلُوسٌ مَثَلًا أَوْ عَرَضٌ مِنْ قَرْضٍ فَيَدْفَعُ دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَكَأَنْ يَدْفَعَ لِآخَرَ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ نِصْفُهُ صَدَقَةً وَيَرُدُّ لَهُ نِصْفَهُ فِضَّةً.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ الشَّرْطَ التَّعَامُلُ بِهِمَا لَا كَوْنُهُمَا سِكَّةَ سُلْطَانٍ وَاحِدٍ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَرَفَ إلَخْ) أَيْ إنْ عَرَفَ أَنَّ هَذَا يَشْتَرِي بِهِ قَدْرَ مَا يَشْتَرِي بِالْآخَرِ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا وَزْنًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ النِّصْفُ الْمَرْدُودُ أَكْثَرَ فِي الْوَزْنِ مِنْ الدِّرْهَمِ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالنِّفَاقِ وَالرَّوَاجِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى جَرَى الْعُرْفُ أَنَّ هَذَا نِصْفُ هَذَا فَلَا عِبْرَةَ بِزِيَادَةِ وَزْنِهِ مَعَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ لِلرَّدِّ وَبَعْضُهُمْ مَنَعَ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِالْوَزْنِ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ مَعْرِفَةَ الْوَزْنِ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ جُزَافًا وَلَا خَفَاءَ فِي مَنْعِهِ (قَوْلُهُ: صَوَابُهُ تَقْدِيمُ إلَخْ) إنَّمَا صَوَّبَهُ بِمَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الِانْتِقَادِ وَأَنَّ الْمَعْنَى يَشْتَرِطُ فِي الْجَوَازِ هُنَا انْتِقَادَ الْجَمِيعِ كَمَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ فَيُفِيدُ أَنَّ مَسْأَلَةَ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا انْتَقَدَ الْجَمِيعُ مَعَ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ لَا يَتَوَقَّفُ الْجَوَازُ عَلَى انْتِقَادِ الْجَمِيعِ بَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَيْضًا إذَا عُجِّلَتْ السِّلْعَةُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَلَا تَجُوزُ وَصَرَّحَ بِالْمَفْهُومِ لِلْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ دِرْهَمًا وَبِالثَّانِي سِلْعَةً) الْأَوْلَى لِيَأْخُذَ بِنِصْفِهِمَا فِضَّةً وَبِنِصْفِهِمَا الثَّانِي سِلْعَةً تَأَمَّلْ وَلَا يُقَالُ: إنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ وَهِيَ صُورَةُ الدِّينَارِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ سَابِقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا لَيْسَ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ بَيْعٌ وَصَرْفٌ فِي دِينَارٍ، وَإِنَّمَا فِيهِ بَيْعُ نِصْفِ الدِّينَارِ بِالسِّلْعَةِ وَأَخَذَ نِصْفَهُ الثَّانِيَ ذَهَبًا وَالصَّرْفُ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ، وَأَمَّا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ فَهُوَ لَيْسَ بِصَرْفٍ حَتَّى يُقَالَ: يَجْتَمِعَانِ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَرُدَّتْ إلَخْ) صُورَتُهَا رَجُلٌ صَرَفَ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ لَقِيَهُ فَقَالَ لَهُ: قَدْ اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ فَنَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي فَزَادَهُ دَرَاهِمَ فَهَذَا جَائِزٌ وَلَا يَنْقُضُ الصَّرْفَ فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الدَّرَاهِمِ الْأَصْلِيَّةِ فَرَدَّهَا فَإِنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ تُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: اسْتَرْخَصْت مِنِّي الدِّينَارَ) أَيْ وَنَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ (قَوْلُهُ: فَزِدْنِي) أَيْ فَزَادَهُ دَرَاهِمَ ثُمَّ

ص: 35

(لِعَيْبِهِ) أَيْ لِوُجُودِ عَيْبٍ فِي أَصْلِ الصَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّرْفِ زَادَهُ فَتُرَدُّ لِرَدِّهِ كَالْهِبَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْبَيْعِ فَتُرَدُّ إنْ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ (لَا) تُرَدُّ الزِّيَادَةُ (لِعَيْبِهَا) أَيْ لِوُجُودِ عَيْبٍ بِهَا فَقَطْ (وَهَلْ) عَدَمُ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (مُطْلَقًا) عَيَّنَهَا أَمْ لَا أَوْجَبَهَا أَمْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَأَخْذَ بَدَلِ الْمَزِيدِ الزَّائِفِ مُخَالِفٌ لَهَا (أَوْ) مَحَلُّ عَدَمِ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا) الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ فَتُرَدُّ وَحْدَهَا وَمَعْنَى إيجَابِهَا أَنْ يُعْطِيَهَا لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ فَزِدْنِي وَنَحْوَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ نَعَمْ أَزِيدُك أَوْ أَنْ يَقُولَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنْ صَرْفِ النَّاسِ أَنَا أَزِيدُك وَأَوْلَى إنْ اجْتَمَعَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ مَعَ قَوْلِهِ أَزِيدُك، فَإِنْ عَدِمَا لَمْ يَكُنْ إيجَابًا (أَوْ) مَحَلُّ عَدَمِ رَدِّهَا لِعَيْبِهَا (إنْ عُيِّنَتْ) كَهَذَا الدِّرْهَمُ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ كَأَزِيدُك دِرْهَمًا جَازَ رَدُّهَا وَأَخْذُ الْبَدَلِ وَعَلَيْهِمَا فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وِفَاقٌ لَهَا (تَأْوِيلَاتٌ) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْعَقْدِ تُرَدُّ لِعَيْبِهِ وَعَيْبِهَا.

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى شَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بَعْدَهَا عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ فَقَالَ (وَإِنْ رَضِيَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ مِنْهُمَا (بِالْحَضْرَةِ) أَيْ فِي حَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ (بِنَقْصِ وَزْنٍ) أَيْ أَوْ عَدَدٍ فِيمَا دَفَعَ لَهُ صَحَّ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِهِ ابْتِدَاءً، وَلَوْ قَالَ قَدْرَ بَدَلِ وَزْنٍ لَشَمَلَ الْعَدَدَ (أَوْ) رَضِيَ (بِكَرَصَاصٍ) خَالِصٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْمَغْشُوشِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ النُّحَاسَ وَالْقَزْدِيرَ (بِالْحَضْرَةِ) أَيْ فِي حَضْرَةِ الْعَقْدِ أَيْ بِقُرْبِهِ وَرِضَاهُ فَهَذَا قَيْدٌ لِلْحَضْرَةِ الْأُولَى لَا تَكْرَارَ صَحَّ الصَّرْفُ (أَوْ) لَمْ يَرْضَ الْمُطَّلِعُ عَلَى النَّقْصِ بِهِ أَوْ عَلَى كَالرَّصَاصِ وَلَكِنْ (رَضِيَ) الدَّافِعُ لِلْمَعِيبِ (بِإِتْمَامِهِ) أَيْ إتْمَامِ الصَّرْفِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ فَيَشْمَلُ تَكْمِيلَ الْوَزْنِ وَالْعَدَدِ وَتَبْدِيلِ الرَّصَاصِ وَنَحْوِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ بِالْحَضْرَةِ إلَى هُنَا لِيَكُونَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ

(أَوْ) رَضِيَ الْآخِذُ (بِمَغْشُوشٍ) أَيْ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ أَوْ رَضِيَ الدَّافِعُ بِإِبْدَالِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي الدَّرَاهِمِ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي صَرَفَ بِهَا الدِّينَارَ فَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا بِسَبَبِ الْعَيْبِ الَّذِي وَجَدَهُ، فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا الدَّرَاهِمَ الْمَزِيدَةَ بَعْدَ الصَّرْفِ.

(قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ) أَيْ لِأَجْلِ الْبَيْعِ وَقَوْلُهُ: فَتُرَدُّ أَيْ تِلْكَ الْهِبَةُ لِوَاهِبِهَا حَيْثُ رُدَّتْ السِّلْعَةُ لِصَاحِبِهَا بِسَبَبِ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ: لَا تُرَدُّ الزِّيَادَةُ) أَيْ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ لِعَيْبِهَا، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فِي صُلْبِ الصَّرْفِ فَتُرَدُّ لِعَيْبِهَا كَمَا تُرَدُّ لِعَيْبِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: عَيْنَهَا) أَيْ دَافَعَهَا بِأَنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَأَشَارَ لَهُ بِأَخْذِهَا إشَارَةً حِسِّيَّةً (قَوْلُهُ: أَوْجَبَهَا) أَيْ الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَتُرَدُّ وَحْدَهَا) أَيْ لِعَيْبِهَا وَيَأْخُذُ بَدَلَهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ نَعَمْ أَزِيدُك) الْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ قَوْلُهُ: الْآتِي وَأَوْلَى إلَخْ مَعَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَدِمَا) كَأَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى دَفْعِهَا لَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ نَقَصْتنِي عَنْ صَرْفِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نُطْقٍ بِطَلَبِ الزِّيَادَةِ وَلَمْ يَقُلْ الصَّيْرَفِيُّ: أَزِيدُك (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا فَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَوْجَبَهَا الصَّيْرَفِيُّ عَلَى نَفْسِهِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجِبْهَا أَوْ أَنَّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تُعَيَّنْ الزِّيَادَةُ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا عُيِّنَتْ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ بِالْخِلَافِ وَالْأَخِيرَانِ بِالْوِفَاقِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَالثَّانِي لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّالِثُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ فِيهَا مَا يَمْنَعُهُ لِقَوْلِهَا فَزَادَهُ دِرْهَمًا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَالْمُؤَجَّلُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَرَدَّ بِأَنَّ التَّعْيِينَ لَا يُنَافِيهِ التَّأْجِيلَ بَلْ الْمُعَيَّنُ قَدْ يُؤَجَّلُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي كَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلُ قَوْلِهَا إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنَّهُ قَالَ: أَنَا أَزِيدُك لَوْ تَأْتِينِي عِنْدَ أَجَلِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ عِنْدَ الْأَجَلِ أَتَاهُ وَأَعْطَاهُ دِرْهَمًا فَوَجَدَهُ زَائِفًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا دَفَعَ لَهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ غَيْرُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَزِيدُك دِرْهَمًا، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجَيِّدِ اهـ بْن

(قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ) أَيْ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصَّرْفِ الْمُنَاجَزَةُ وَهُوَ عَدَمُ افْتِرَاقِ الْمُتَصَارِفَيْنِ؛ لِأَنَّ افْتِرَاقَهُمَا يُؤَدِّي لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَهُوَ يُؤَدِّي لِرِبَا النَّسَاءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ رَضِيَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ إمَّا نَقْصُ عَدَدٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ خَالِصٍ أَوْ مَغْشُوشٍ بِأَنْ كَانَ فِضَّةً مَخْلُوطَةً بِنُحَاسٍ مَثَلًا، فَإِنْ اطَّلَعَ الْآخِذُ عَلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ مُفَارَقَةِ أَبْدَانٍ وَلَا طُولٍ وَرَضِيَ بِذَلِكَ مَجَّانًا صَحَّ الْعَقْدُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَرْضَ الْآخِذُ بِذَلِكَ وَرَضِيَ الدَّافِعُ بِإِبْدَالِهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ يَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ مُطْلَقًا عُيِّنَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ أَمْ لَا وَيُجْبَرُ عَلَى إتْمَامِ الْعَقْدِ مَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا إنْ لَمْ تُعَيَّنْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ، فَإِنْ عُيِّنَتْ فَلَا يُجْبَرُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فِي حَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ إلَخْ) هَذَا الْحَلُّ الَّذِي حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ أَصْلَهُ لِلَّقَانِيِّ وَنَصُّهُ قَوْلُ الْمُؤَلِّفُ: بِالْحَضْرَةِ أَيْ حَضْرَةُ الِاطِّلَاعِ وَلَمَّا كَانَتْ قَدْ تَبْعُدُ مِنْ الْعَقْدِ قَيَّدَ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ حَضْرَةِ الْعَقْدِ اهـ وَالْأَحْسَنُ كَمَا فِي بْن وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَضْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ حَضْرَةُ الْعَقْدِ وَيَلْزَمُ مِنْ الْقُرْبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَقْدِ الْقُرْبُ بِالنِّسْبَةِ لِلِاطِّلَاعِ فَإِنَّ الِاطِّلَاعَ بَعْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الثَّانِيَةَ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأُولَى مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْجَمِيعِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَهَذَا قُيِّدَ لِلْحَضْرَةِ الْأُولَى) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنْ رَضِيَ بِحَضْرَةِ الِاطِّلَاعِ الْكَائِنَةِ فِي حَضْرَةِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: لِيَكُونَ رَاجِعًا لِلْجَمِيعِ) أَيْ لِيَكُونَ قَوْلُهُ: بِالْحَضْرَةِ رَاجِعًا لِكُلِّ مِنْ رِضَا الْآخِذِ

ص: 36

كَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بِالْحَضْرَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ، وَإِنْ طَالَ نَقَضَ إلَخْ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ لَا لِلْمَغْشُوشِ فَقَطْ (صَحَّ) الصَّرْفُ (وَأُجْبِرَ) الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِتْمَامِ (إنْ لَمْ تُعَيَّنْ) الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَادْفَعْ لِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ عُيِّنَ السَّالِمُ، فَإِنْ عُيِّنَتَا مَعًا فَلَا جَبْرَ كَأَنْ عُيِّنَ أَحَدُهُمَا وَكَانَ هُوَ الْمَعِيبَ.

(وَإِنْ طَالَ) مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ أَوْ حَصَلَ افْتِرَاقٌ، وَلَوْ بِقُرْبٍ (نُقِضَ) الصَّرْفُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَحَيْثُ نُقِضَ إلَخْ وَهَذَا فِي الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (إنْ قَامَ) وَاجِدُ الْعَيْبِ (بِهِ) أَيْ بِالْعَيْبِ أَيْ بِحَقِّهِ فِيهِ بِأَنْ طَلَبَ الْبَدَلَ أَوْ تَتْمِيمَ النَّاقِصِ أَيْ وَأَخَذَ الْبَدَلَ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا إنْ قَامَ فَأَرْضَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِنْدِهِ زَادَهُ لَهُ فَلَا نَقْضَ وَشَبَّهَ فِي النَّقْضِ لَا بِقَيْدِ الْقِيَامِ قَوْلَهُ (كَنَقْصِ الْعَدَدِ) وَلَوْ يَسِيرًا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ طُولٍ أَوْ مُفَارَقَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ وَمِثْلُهُ نَقْصُ الْوَزْنِ فِيمَا يَتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا (وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غُشَّ) ، وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ يُنْقَضُ مَعَ الطُّولِ أَوْ الْمُفَارَقَةِ إنْ قَامَ بِهِ (أَوْ لَا) يُنْقَضُ (بَلْ يَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ تَرَدُّدٌ) مُسْتَوْفَى الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ أَحَدِهِمَا فَالرَّاجِحُ النَّقْضُ.

(وَحَيْثُ نُقِضَ) الصَّرْفُ أَيْ حَكَمْنَا بِنَقْضِهِ وَكَانَ فِي الدَّنَانِيرِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ (فَأَصْغَرُ دِينَارٍ) هُوَ الَّذِي يَنْقُضُ وَلَا يَتَجَاوَزُ بِأَكْبَرَ مِنْهُ (إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ) مُوجِبُ النَّقْضِ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ (ف) الَّذِي يَنْقُضُ (أَكْبَرُ مِنْهُ) ، فَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَتَسَاوَتْ فِي الْكِبَرِ أَوْ الصِّغَرِ نُقِضَ وَاحِدٌ فَقَطْ مَا لَمْ يَتَجَاوَزْهُ مُوجِبُ النَّقْضِ، وَلَوْ بِدِرْهَمٍ فَالثَّانِي وَهَكَذَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَرِضَا الدَّافِعِ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ: مُطْلَقًا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: وَأُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا عَلَيْهِ) أَيْ فَإِذَا رَضِيَ الْآخِذُ لِلْمَعِيبِ بِهِ مَجَّانًا وَطَلَبَ الدَّافِعُ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ أُجْبِرَ الدَّافِعُ عَلَى إمْضَائِهِ، وَكَذَا إذَا رَضِيَ الْآخِذُ لِلْمَعِيبِ بِإِبْدَالِهِ وَامْتَنَعَ الدَّافِعُ مِنْ الْبَدَلِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ أَوْ أَرَادَ الْآخِذُ لِلْمَعِيبِ فَسْخَ الْعَقْدِ وَطَلَبَ الدَّافِعُ الْبَدَلَ فَإِنَّ الْآخِذَ لِلْمَعِيبِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْبَدَلِ وَعَدَمِ الْفَسْخِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ طَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ نَقْصِ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ أَوْ الرَّصَاصِ أَوْ النُّحَاسِ أَوْ الْمَغْشُوشِ بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْأَبْدَانِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ، فَإِنْ رَضِيَ آخِذُ الْمَعِيبِ بِهِ مَجَّانًا صَحَّ الصَّرْفُ فِي الْجَمِيعِ إلَّا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ فَلَيْسَ لَهُ الرِّضَا بِهِ مَجَّانًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْصِ الصَّرْفِ فِيهِ سَوَاءٌ قَامَ بِحَقِّهِ فِيهِ وَطَلَبَ الْبَدَلَ أَوْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا أَوْ أَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ بِهِ نَقْصَ الْوَزْنِ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِأَخْذِ الْمَعِيبِ مَجَّانًا بَلْ قَامَ بِحَقِّهِ بِحَيْثُ طَلَبَ الْبَدَلَ نُقِضَ الصَّرْفُ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ كَهَذَا الدِّينَارِ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى غِشٍّ فِي الدِّينَارِ أَوْ فِي الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى أَنَّ الْمَذْهَبَ كُلَّهُ عَلَى إجَازَةِ الْبَدَلِ وَلَا يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَفْتَرِقَا عَنْ الْعَقْدِ وَفِي ذِمَّةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ وَلَمْ يَزَلْ الْمُعَيَّنُ مَقْبُوضًا لِوَقْتِ الْبَدَلِ فَلَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْبَدَلِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ وَذِمَّةُ أَحَدِهِمَا مَشْغُولَةٌ لِصَاحِبِهِ فَفِي الْبَدَلِ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمَغْشُوشَ الْمُعَيَّنَ فِيهِ قَوْلَانِ وَالْمَشْهُورُ مِنْهُمَا نَقْضُ الصَّرْفِ وَعَدَمِ إجَازَةِ الْبَدَلِ.

(قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالِاطِّلَاعِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ افْتِرَاقُ أَبْدَانٍ وَانْفِضَاضٍ لِمَجْلِسِ الصَّرْفِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ حَصَلَ افْتِرَاقٌ) أَيْ بِالْأَبْدَانِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ) الْأَوْلَى وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ الشَّامِلِ لِلرَّصَاصِ وَالنُّحَاسِ وَالْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَشَامِلٌ لِنَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ إلَّا أَنَّهُ أَخْرَجَهُمَا بَعْدُ وَاعْلَمْ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ الرَّصَاصَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ الرِّضَا بِهِ مَجَّانًا، وَإِنْ قَامَ بِهِ فَسْخُ الصَّرْفِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الرَّصَاصَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ نَقْصِ الْعَدَدِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ فَسَادُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا أَوْ قَامَ بِهِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ مُوَافَقَتُهُ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَغْشُوشِ الْمُعَيَّنِ لَكَانَ جَارِيًا عَلَى مُخْتَارِ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ وَنَصَّ الْمَازِرِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غَشَّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: إنْ قَامَ بِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا فَلَا نَقْضَ (قَوْلُهُ: فَأَرْضَاهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَلَمْ يُبَدِّلْ لَهُ ذَلِكَ الْمَعِيبَ وَكَمَا أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَنْقُضُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَامَ بَعْدَ الطُّولِ وَلَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا بَلْ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الْقِيَامِ بِلَا شَيْءٍ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: كَنَقْصِ الْعَدَدِ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ نَقْصِ الْعَدَدِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ قُلْتُمْ: إنَّ نَقْصَ الْعَدَدِ يُوجِبُ نَقْضَ الصَّرْفِ، وَلَوْ رَضِيَ الْآخِذُ بِهِ مَجَّانًا، وَأَمَّا غَيْرُهُ إنْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا فَلَا يُنْقَضُ، فَإِنْ قَامَ بِهِ وَأَخَذَ الْبَدَلَ نُقِضَ، إنَّ نَاقِصَ الْعَدَدِ لَمْ يَقْبِضْ لَا حِسًّا وَلَا مَعْنًى بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَدْ قَبَضَ حِسًّا أَوْ مَعْنًى (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ) أَيْ بَلْ رَضِيَ بِهِ مَجَّانًا (قَوْلُهُ: وَهَلْ مُعَيَّنٌ مَا غَشَّ) أَيْ كَهَذَا الدِّينَارِ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَيَجِدُ أَحَدَهُمَا مَغْشُوشًا بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ (قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِابْنِ الْكَاتِبِ وَالثَّانِيَةُ لِلَّخْمِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُولَى فَالْمُعَيَّنُ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ الْمُعَيَّنُ كَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: صِغَارٌ) أَيْ كَأَنْصَافِ مَحَابِيبَ (قَوْلُهُ: وَكِبَارٌ) أَيْ مِثْلُ الْمَحَابِيبِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ) فَاَلَّذِي يَنْقُضُ أَكْبَرُ مِنْهُ أَيْ وَلَا

ص: 37

(لَا الْجَمِيعُ) عَلَى الْمَشْهُورِ (وَهَلْ) نَقْضُ الْأَصْغَرِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرَ مِنْهُ دُونَ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا (وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ) عِنْدَ الْعَقْدِ (لِكُلِّ دِينَارٍ) عَدَدٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ إنْ سُمِّيَ وَإِلَّا نُقِضَ الْجَمِيعُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الْإِطْلَاقُ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ التَّرَدُّدِ

وَمَا تَقَدَّمَ فِي السِّكَّةِ الْمُتَّحِدَةِ الرَّوَاجِ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي) صَرْفِ (السِّكَكِ) الْمُخْتَلِفَةِ النَّفَاقِ (أَعْلَاهَا) أَيْ أَجْوَدَهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا (أَوْ) يَنْفَسِخُ (الْجَمِيعُ) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي السِّكَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ (قَوْلَانِ)

(وَشَرَطَ لِلْبَدَلِ) حَيْثُ أُجِيزَ أَوْ وَجَبَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ (جِنْسِيَّةٌ) أَيْ نَوْعِيَّةٌ لِلسَّلَامَةِ مِنْ التَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ قِطْعَةِ ذَهَبٍ بَدَلَ دِرْهَمٍ زَائِفٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَوَّلُ إلَى أَخْذِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ عَنْ ذَهَبٍ وَلَا أَخْذِ عَرَضٍ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ يَسِيرًا يُغْتَفَرُ اجْتِمَاعُهُ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ الصِّنْفِيَّةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُرَدَّ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ أَوْ أَوْزَنَ أَوْ أَنْقَصَ (و) شَرَطَ لَهُ (تَعْجِيلٌ) لِلسَّلَامَةِ مِنْ رِبَا النَّسَاءِ وَلَمَّا كَانَ الطَّارِئُ عَلَى الصَّرْفِ إمَّا عَيْبًا وَقَدْ قُدِّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ.

وَإِمَّا اسْتِحْقَاقًا شَرَعَ فِي بَيَانِهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) مِنْ أَحَدِ الْمُتَصَارِفَيْنِ شَيْءُ (مُعَيَّنٌ) مِنْ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ، وَكَذَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيُجْبَرُ الْآبِيُّ لِمَنْ طَلَبَ إتْمَامَ الْعَقْدِ بِلَا تَرَدُّدٍ (سُكَّ) مُرَادُهُ بِالْمَسْكُوكِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ (بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ) بِلَا افْتِرَاقِ بَدَنٍ (أَوْ) اُسْتُحِقَّ (مَصُوغٌ مُطْلَقًا) أَيْ حَصَلَتْ مُفَارَقَةٌ أَوْ طُولٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَنْقُضُ الْأَصْغَرُ وَتُقْطَعُ حَبَّةٌ مِنْ الْأَكْبَرِ فِي نَظِيرِ مَا زَادَ عَلَى الْأَصْغَرِ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ الْمَضْرُوبَةَ لَا تُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَمَحَلُّ نَقْضِ الْأَكْبَرِ إذَا تَعَدَّى مُوجِبَ النَّقْضِ الْأَصْغَرِ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَصْغَرُ ثَانٍ وَإِلَّا فَالنَّقْضُ لِلْأَصْغَرِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: لَا الْجَمِيعُ) مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ كَأَنَّهُ مُفْرَدٌ بِنَفْسِهِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ مِنْ قِيمَةِ مُصَاحِبِهِ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْجَمِيعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَجْمُوعَ مُقَابِلٌ لِلْمَجْمُوعِ.

(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ سَمَّوْا عِنْدَ الْعَقْدِ لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ لَمْ يُسَمُّوا لِكُلِّ دِينَارٍ عَدَدًا بَلْ جَعَلُوا كُلَّ الدَّرَاهِمِ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ التَّرَدُّدِ) أَيْ أَنَّ الْأُولَى لِلْمُصَنِّفِ ذِكْرُ الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ التَّرَدُّدِ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِيهِ تَشْوِيشٌ عَلَى الْفَهْمِ إذْ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّحَيُّرُ فِي الْحُكْمِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّرَدُّدِ طَرِيقَتَانِ وَهُمَا مُحْتَوِيَتَانِ عَلَى بَيَانِ الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَرَرَ فِي ذِكْرِهِ

(قَوْلُهُ: فِي السِّكَّةِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الدَّنَانِيرُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ سِكَّتُهَا وَاحِدَةٌ بِحَيْثُ كَانَتْ كُلُّهَا مُتَّحِدَةً فِي النَّفَاقِ وَالرَّوَاجِ (قَوْلُهُ: الْمُخْتَلِفَةِ النَّفَاقِ) أَيْ الرَّوَاجِ بِسَبَبِ الْعُلُوِّ وَالدَّنَاءَةِ كَمَحْبُوبٍ وجنزرلي (قَوْلُهُ: أَعْلَاهَا) أَيْ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي فِي الدَّرَاهِمِ الْمَرْدُودَةِ إنْ كَانَ دَافِعًا عَالِمًا بِهِ فَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ فَهُوَ مُقَصِّرٌ فِي الِانْتِقَادِ فَأُمِرَ بِرَدِّ أَجْوَدِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ إنْ زَادَ مَا بِهِ الْعَيْبُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَنْ صَرْفِ الْأَعْلَى، وَكَانَ هُنَاكَ مُتَوَسِّطٌ وَأَدْنَى فُسِخَ الْمُتَوَسِّطُ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْ الْأَدْنَى.

(قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي السِّكَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ) أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى جَمْعُ الْأَغْرَاضِ فِي وَاحِدٍ فَوَجَبَ فَسْخُ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَالْبَاجِيِّ تَرْجِيحُهُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن

(قَوْلُهُ: حَيْثُ أُجِيزَ) أَيْ بِأَنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ بِالْحَضْرَةِ وَلَمْ يَرْضَ ذَلِكَ الْآخِذُ بِالْمَعِيبِ وَأَرَادَ الدَّافِعُ إبْدَالَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ مُعَيَّنَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ نَوْعَيْهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ لَا الْجِنْسُ الْحَقِيقِيُّ لِأَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ نَوْعَانِ مُنْدَرِجَانِ تَحْتَ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُوَ النَّقْدُ وَحِينَئِذٍ فَالْفِضَّةُ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِ الذَّهَبِ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِيَّةِ حَقِيقَتَهَا لَاقْتَضَى جَوَازَ دَفْعِ الذَّهَبِ بَدَلًا عَنْ الْفِضَّةِ وَالْعَكْسُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَنْ ذَهَبٍ) أَيْ وَالْفِضَّةُ الْمُصَاحِبَةُ لِلذَّهَبِ تُقَدَّرُ ذَهَبًا فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي تَمَاثُلِ الذَّهَبَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَخْذِ عَرَضٍ عَنْهُ) أَخْذُ الْعَرَضِ لَيْسَ فِيهِ تَفَاضُلٌ، وَإِنَّمَا الْعِلَّةُ فِي مَنْعِهِ: اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ، وَحِينَئِذٍ فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا تُسَاوِي قِيمَتُهُ دِينَارًا جَازَ لِاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ حِينَئِذٍ فِي دِينَارٍ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ كَثِيرَةٌ مُنِعَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَشَرَطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةً مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْبَدَلِ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الْمُبْدَلِ مِنْهُ لَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ عَيْنٍ وَعَرَضٍ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ الْجِنْسِ عَيْنًا مُنِعَ لِلتَّفَاضُلِ الْمَعْنَوِيِّ، وَإِنْ كَانَ عَرَضًا جَازَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً وَإِلَّا مُنِعَ.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَرُدَّ عَنْ الدِّرْهَمِ الزَّائِفِ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يُؤَدِّ اخْتِلَافُ الصِّنْفِيَّةِ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَإِلَّا مُنِعَ كَصَرْفِ دِينَارٍ بِدَرَاهِمَ مُتَوَسِّطَةٍ فِي الْجُودَةِ اطَّلَعَ فِي بَعْضِهَا عَلَى زَائِفٍ وَأَخَذَ عَنْهُ دِرْهَمًا أَجْوَدُ وَأَنْقَصُ فِي الْوَزْنِ أَوْ أَدْوَنُ فِي السِّكَّةِ وَأَرْجَحُ فِي الْوَزْنِ

(قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ عَلَى الرَّاجِحِ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ

ص: 38

يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ (نُقِضَ) الصَّرْفُ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ عَيْنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهَا وَيُتَمَّمُ الصَّرْفُ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ بِالْحَضْرَةِ (صَحَّ وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ (إنْ تَرَاضَيَا) بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمِنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا جُبِرَ عَلَيْهِ (تَرَدُّدٌ) فِي الْمُعَيَّنِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي لِقَوْلِهِ فِي الْمَعِيبِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَقِيلَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَارٍ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُعَيَّنٌ

(وَلِلْمُسْتَحِقِّ) لِلْمَصُوغِ أَوْ الْمَسْكُوكِ الْمَصْرُوفِ (إجَازَتُهُ) أَيْ الصَّرْفُ وَإِلْزَامُهُ لِلْمُصْطَرِفِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْقُضُ فِيهَا وَذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ فِي غَيْرِ مَصُوغٍ أَوْ فِيهِ مُطْلَقًا وَأَوْلَى فِي الْحَالَةِ الَّتِي لَا يَنْقُضُ صَرْفُ الْمَسْكُوكِ فِيهَا وَإِذَا أَجَازَهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُصْطَرِفِ بِمَا أَخَذَهُ، فَإِذَا كَانَ الْمُسْتَحَقُّ دِينَارًا وَأَخَذَ الْمُصْطَرِفُ نَظِيرَ ذَلِكَ دَرَاهِمَ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالدَّرَاهِمِ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَرْفًا مُؤَخَّرًا؛ لِأَنَّ الْمُنَاجَزَةَ وَقَعَتْ (إنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُصْطَرِفَ) بِأَنَّ مَنْ صَارَفَهُ مُتَعَدٍّ، فَإِنْ أَخْبَرَ بِتَعَدِّيهِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَةٌ وَالْمُصْطَرِفُ بِكَسْرِ الرَّاءِ اسْمُ فَاعِلٍ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ آخِذِ الدَّرَاهِمِ وَآخِذِ الدَّنَانِيرِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ مَا أَخَذَهُ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُنْفَرِدَيْنِ شَرَعَ فِي بَيَانِ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَجَازَ مُحَلًّى) بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ أَيْ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبًا كَمُصْحَفٍ وَسَيْفٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الْمُحَلَّى

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَسْوِيَةِ الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِالْمُعَيَّنِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِيهَا وَسَحْنُونٌ فَفَرَّقَا بَيْنَ الْعَيْنِ يُنْتَقَضُ، وَغَيْرُهُ لَا يُنْتَقَضُ وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِهَا عَلَى تَأْوِيلَاتٍ أَحَدُهَا لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِيمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ إذَا اسْتَحَقَّ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقًا، الثَّانِي لِابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ خِلَافَهُمَا إذَا اسْتَحَقَّ بِالْحَضْرَةِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُنْتَقَضُ فِي الْمُعَيَّنِ وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى النَّقْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ مُطْلَقًا، الثَّالِثُ لِلَّخْمِيِّ حُمِلَ الْإِطْلَاقُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى تَفْصِيلِ أَشْهَبَ وَخَصَّهُ بِمَا اسْتَحَقَّ فِي الْحَضْرَةِ فَجَعَلَهُ وِفَاقًا هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ فَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ يُسَوِّي بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَضْرَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا فِي ح أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَأَشْهَبُ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ يَقُولُ: إذَا حَصَلَ التَّعْيِينُ يُنْتَقَضُ الصَّرْفُ، وَلَوْ مَعَ الْحَضْرَةِ، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَخِيرِ اهـ بْن وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ إنَّ الصَّرْفَ إذَا وَقَعَ بِمَسْكُوكَيْنِ أَوْ بِمَسْكُوكٍ وَمَصُوغٍ فَاسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا قَابَلَ الْمَصُوغَ فَيَشْمَلُ التِّبْرَ وَالْمَكْسُورَ بَعْدَ مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْمَجْلِسَ أَوْ بَعْدَ طُولٍ فَإِنَّ عَقْدَ الصَّرْفِ يَنْقُضُ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حِينَ الْعَقْدِ أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَصُوغًا نُقِضَ عَقْدُ الصَّرْفِ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَصُوغَ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَغَيْرُهُ لَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَسْكُوكًا بِحَضْرَةِ الْعَقْدِ صَحَّ عَقْدُ الصَّرْفِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا حَالَ الْعَقْدِ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيهِ التَّرَاضِي عَلَى الْبَدَلِ وَحِينَئِذٍ فَيُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ لِمَنْ أَرَادَ إتْمَامَهُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَقِيلَ: إنَّ صِحَّةَ الْعَقْدِ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْبَدَلِ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ أَبَى لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ كَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَيُجْبَرُ عَلَى الْبَدَلِ مَنْ أَبَاهُ وَأَرَادَ نَقْضَ الصَّرْفِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ أَبِي عِمْرَانَ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اهـ. وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَصُوغٌ نُقِضَ صَرْفُهُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِالْحَضْرَةِ كَغَيْرِهِ مِنْ تِبْرٍ وَمَسْكُوكٍ إنْ طَالَ وَالْأَصَحُّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا أَوْ يُجْبَرُ الْآبِّي تَرَدُّدٌ كَانَ أَوْضَحُ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُجْبَرُ فِيهِ مَنْ طَلَبَ نَقْصَ الصَّرْفِ لِمَنْ أَرَادَ إتْمَامَهُ بِدَفْعِ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ فِي الْمَعِيبِ إلَخْ أَيْ وَيُقَاسُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْعَيْبِ وَجُعِلَ التَّرَدُّدُ فِي الْمُعَيَّنِ دُونَ غَيْرِهِ طَرِيقَةٌ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الصِّحَّةَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحَضْرَةِ مُطْلَقَةٌ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَا التَّرَدُّدُ فِي قَوْلِهِ: وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا إلَخْ فَتَخْصِيصُ الشَّيْخِ سَالِمٍ لَهُ بِالْمُعَيَّنِ وَإِنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَعِيبِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَعَيَّنْ فِيهِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ يُخَالِفُ الْعَيْبَ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ وَإِلَى طَرِيقَةِ طفى أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ بَلْ التَّرَدُّدُ جَازَ إلَخْ وَهِيَ التَّحْقِيقُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ بْن فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّ نَقْلَ ح يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ) أَيْ وَلَهُ نَقْضُهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي جُرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَمَا هُنَا لَيْسَ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ الَّذِي جُرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَالشَّرْطِيِّ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ الْإِجَازَةُ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يَنْقُضُ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَنْقُضُ صَرْفُ الْمَسْكُوكِ فِيهَا) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمَسْكُوكَ فِي الْحَضْرَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَةٌ) أَيْ

ص: 39

(ثَوْبًا) طُرِّزَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نُسِجَ بِهِ حَيْثُ كَانَ (يَخْرُجُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُحَلَّى شَيْءٌ (إنْ سُبِكَ) أَيْ أُحْرِقَ بِالنَّارِ تَقْدِيرًا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى فَرْضِ سَبْكِهِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا فِيهِ مِنْ الْحِلْيَةِ وَيَكُونُ كَالْخَالِي مِنْهَا فَيُبَاعُ بِمَا فِيهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ (بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ) يَتَنَازَعُ فِيهِ كُلٌّ مِنْ بَيْعِ الْمُقَدَّرِ وَمُحَلًّى وَسَيَأْتِي الْمُحَلَّى بِهِمَا مَعًا

وَلِجَوَازِ بَيْعِ الْمُحَلَّى شُرُوطٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ أُبِيحَتْ) تَحْلِيَتُهُ كَسَيْفٍ وَمُصْحَفٍ وَعَبْدٍ لَهُ أَنْفٌ أَوْ سِنٌّ مِنْ أَحَدِهِمَا فَلَوْ لَمْ تُبَحْ كَدَوَاةٍ وَسِكِّينٍ وَشَاشٍ مُقَصَّبٍ وَثَوْبِ رَجُلٍ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا بَلْ بِالْعُرُوضِ إلَّا أَنْ يَقِلَّ مَا بِيعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْحِلْيَةِ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَسَمَّرَتْ) الْحِلْيَةُ عَلَى الْمُحَلَّى بِأَنْ يَكُونَ فِي نَزْعِهَا فَسَادٌ أَوْ غُرْمُ دَرَاهِمَ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَعَجَّلَ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ وَمُثْمَنٍ فَلَوْ أَجَّلَ مُنِعَ بِالنَّقْدِ، فَإِنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ جَازَ بَيْعُهُ (مُطْلَقًا) كَانَتْ الْحِلْيَةُ تَبَعًا لِلْجَوْهَرِ أَمْ لَا بِيعَ بِصِنْفِهِ أَوْ غَيْرِ صِنْفِهِ لَكِنْ يُزَادُ إنْ بِيعَ بِصِنْفِهِ شَرْطٌ رَابِعٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ بَيْعُهُ (بِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ) أَيْ الْحِلْيَةُ (الثُّلُثَ) فَدُونَ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ (وَهَلْ) يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ قِيمَتِهَا ثُلُثُ قِيمَةِ الْمُحَلَّى بِحِلْيَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (أَوْ بِالْوَزْنِ) أَيْ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى كَوْنِ وَزْنِهَا ثُلُثَ الْقِيمَةِ (خِلَافٌ) ، فَإِنْ بِيعَ سَيْفٌ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِسَبْعِينَ دِينَارًا ذَهَبًا وَكَانَ وَزْنُ حِلْيَتِهِ عِشْرِينَ وَلِصِيَاغَتِهَا تُسَاوِي ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ النَّصْلِ وَحْدَهُ أَرْبَعُونَ لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَازَ عَلَى الثَّانِي

(وَإِنْ حُلِّي) شَيْءٌ (بِهِمَا) أَيْ بِالنَّقْدَيْنِ مَعًا (لَمْ يَجُزْ) بَيْعُهُ (بِأَحَدِهِمَا) وَأَوْلَى كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ لَا (إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) الَّذِي هُمَا فِيهِ وَهُوَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ فَيَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْآخَرِ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِهِمَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَلْ يَتَعَيَّنُ لَهُ رَدُّهُ أَيْ لِأَنَّهُ كَصَرْفٍ عَلَى خِيَارِ شَرْطِيٍّ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُصْطَرِفَ لَمَّا أُخْبِرَ بِتَعَدِّي مَنْ صَارَفَهُ كَانَ دَاخِلًا عَلَى عَدَمِ إتْمَامِ الصَّرْفِ فَهُوَ مُجَوِّزٌ لِتَمَامِهِ، وَعَدَمُ تَمَامِهِ كَالصَّرْفِ عَلَى خِيَارٍ

(قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ بِمَا فِيهِ نَقْدًا إلَخْ) وَمِنْ بَابِ أَوْلَى أَنَّهُ يُبَاعُ بِغَيْرِ مَا فِيهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعَرَضِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُحَلَّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا سُبِكَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعَرَضِ وَبِالنَّقْدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ صِنْفِ مَا فِيهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا سُبِكَ، فَإِنْ بِيعَ بِعَرَضٍ جَازَ بِلَا شَرْطٍ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا، وَإِنْ بِيعَ بِنَقْدٍ، فَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِصِنْفِ مَا فِيهِ اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ كَانَ مِنْ صِنْفِ مَا فِيهِ اُشْتُرِطَ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ جَرَى عَلَى الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ

(قَوْلُهُ: وَلِجَوَازِ بَيْعِ الْمُحَلَّى) أَيْ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ عَلَى تَقْدِيرِ سَبْكِهِ وَقَوْلُهُ: بِيعَ الْمُحَلَّى أَيْ بَيْعُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِالْعَرَضِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ: إنْ أُبِيحَتْ) لِمَا كَانَ الْأَصْلُ فِي بَيْعِ الْمُحَلَّى الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ فِي بَيْعِهِ بِصِنْفِهِ بَيْعَ ذَهَبٍ وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ أَوْ بَيْعَ فِضَّةٍ وَعَرَضٍ بِفِضَّةٍ وَفِيهِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ بَيْعٌ وَصَرْفٌ فِي أَكْثَرِ مِنْ دِينَارٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لَكِنْ رَخَّصَ فِيهِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عِيَاضٍ شَرَطُوا لِجَوَازِ بَيْعِهِ هَذِهِ الشُّرُوطَ فَمَا كَانَ لَيْسَ مُبَاحَ الِاتِّخَاذِ فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ فَلِذَا لَا يُبَاعُ بِالنَّقْدِ إلَّا عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: كَسَيْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ عَلَى نَصْلِهِ أَوْ عَلَى جِفْنِهِ أَوْ عَلَى حَمَائِلِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وح عَنْ الْبَاجِيَّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَازُ تَحْلِيَةِ الْحَمَائِلِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ لَا بِجِنْسِ الْحِلْيَةِ وَلَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقِلَّ مَا بِيعَ بِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى إلَّا أَنْ تَقِلَّ الْحِلْيَةُ أَوْ الدَّوَاةُ عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ فِي نَزْعِهَا فَسَادٌ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَوْ مَخِيطَةً أَوْ مَنْسُوجَةً أَوْ مُطَرَّزَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ إنْ سُمِّرَتْ خُصُوصَ التَّسْمِيرِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِمَا بَعْدَهُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ عَلَى نُسْخَةِ سُقُوطِهِ لِيُنَاسِبَ الْكَلَامَ وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يَصِحُّ التَّنَازُعُ الَّذِي ادَّعَاهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ لِتَعَيُّنِ كَوْنِهِ مَعْمُولًا لِمُحَلًّى اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُزَادُ إنْ بِيعَ بِصِنْفِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ إنَّهُ إذَا بِيعَ بِغَيْرِ صِنْفِ الْحِلْيَةِ تَكْفِي الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْحِلْيَةُ كَثِيرَةً أَوْ قَلِيلَةً، وَإِنْ بِيعَ بِصِنْفِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطٍ رَابِعٍ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْحِلْيَةُ قَدْرَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ.

(قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةُ الْمُحَلَّى بِحِلْيَةِ (قَوْلُهُ: خِلَافٌ) الْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَرْجِيحُهُ والثَّانِي قَالَ الْبَاجِيَّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ قِيَاسًا عَلَى السَّرِقَةِ والزَّكَاةِ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ الصِّيَاغَةِ فِيهِمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِالثَّانِي وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ لِأَنَّ قِيمَةَ الْحِلْيَةِ ثَلَاثُونَ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ قِيمَةِ الْمُحَلَّى بِحِلْيَتِهِ لِأَنَّهَا سَبْعُونَ وَثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ: وَجَازَ عَلَى الثَّانِي) وَذَلِكَ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ السَّيْفِ بِحِلْيَتِهِ سَبْعُونَ وَوَزْنُ الْحِلْيَةِ عِشْرُونَ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِأَحَدِهِمَا) لِأَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ بَيْعُ سِلْعَةٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ فَأَحْرَى بَيْعُ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ بِذَهَبٍ أَوْ بَيْعِ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ بِفِضَّةٍ (قَوْلُهُ: إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَزِيدَا عَلَى

ص: 40

فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ.

وَلَمَّا كَانَ بَيْعُ النَّقْدِ بِنَقْدِ غَيْرِ صِنْفِهِ يُسَمَّى صَرْفًا وَبِصِنْفِهِ مَسْكُوكَيْنِ عَدَدًا مُبَادَلَةً وَبِهِ وَزْنًا مُرَاطَلَةً وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَوَّلِ شَرَعَ فِي حُكْمِ الثَّانِي وَشُرُوطِهِ فَقَالَ (وَجَازَتْ) جَوَازًا مُسْتَوِيًا (مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ) مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بِشُرُوطٍ: أَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْمُبَادَلَةِ وَأَنْ تَكُونَ مَعْدُودَةً وَأَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً دُونَ سَبْعَةٍ وَأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ وَأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ وَأَنْ تَقَعَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا فَأَشَارَ لِاشْتِرَاطِ الْقِلَّةِ بِقَوْلِهِ الْقَلِيلِ وَلِكَوْنِهَا مَعْدُودَةً بِقَوْلِهِ (الْمَعْدُودِ) وَقَوْلُهُ (دُونَ سَبْعَةٍ) بَيَانٌ لِلْقَلِيلِ وَأَرَادَ بِهِ السِّتَّةَ فَدُونُ، وَأَشَارَ إلَى كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ بِقَوْلِهِ (بِأَوْزَنَ مِنْهَا بِسُدُسٍ سُدُسٍ) فَأَقَلَّ عَلَى مُقَابِلِهِ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِسُدُسٍ سُدُسٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُسَاوِيَةً لِلْجَانِبِ الْآخَرِ جَازَتْ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ

وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ الْمَعْرُوفِ بِشَرْطِ تَمَحُّضِهِ وَحُصُولِهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَنْعِ دَوَرَانِهِ مِنْ جِهَتَيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الثُّلُثِ كَمَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَا تَقْتَضِيهِ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ) أَيْ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَبَيْعُ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ وَذَهَبٍ

(قَوْلُهُ: وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ) أَيْ النَّقْدُ الْقَلِيلُ فَالْقَلِيلُ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ بَيَانًا لِلْقَلِيلِ.

(قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ) أَيْ سِتَّةٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ مَعْدُودَةً) أَيْ وَأَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُبَادَلَةُ فِيهَا مَعْدُودَةً أَيْ يَتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا لَا وَزْنًا فَلَا تَجُوزُ الْمُبَادَلَةُ فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا وَزْنًا وَلَا فِي أُوقِيَّةِ تِبْرٍ كَامِلَةٍ بِأُوقِيَّةٍ نَاقِصَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ قَلِيلَةً) أَيْ وَأَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ الْمُبْدَلَةُ قَلِيلَةً (قَوْلُهُ: وَأَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ) أَيْ الَّتِي فِي أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ أَيْ أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى مَا يُقَابِلُهُ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ) أَيْ الْمَزِيدُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ، قَالَ بْن هَذَا الشَّرْطُ ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ جَمَاعَةَ لَكِنْ قَالَ فِي الْقُبَابِ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ لَا يَذْكُرُونَ هَذَا الشَّرْطَ وَقَدْ جَاءَ لَفْظُ السُّدُسِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِلتَّمْثِيلِ وَالشَّرْطِيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْجَلَّابُ وَالتَّلْقِينُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الْقَوْلَ فِي قَدْرِ النَّقْصِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَعَزَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اشْتِرَاطَ كَوْنِ النَّقْصِ سُدُسًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْدِيدًا بَلْ فَرْضًا.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ تَقَعَ عَلَى قَصْدِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ وَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ الْمُبَادَلَةِ مِنْ كَوْنِ الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ مَسْكُوكَةً وَهَلْ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ السِّكَّةِ أَوْ لَا يَشْتَرِطُ فِي ذَلِكَ؟ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِهِمَا اهـ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا مِنْ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَسْكُوكِ (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ) الْأَوْلَى بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ إذْ قَدْ أَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ الْقِلَّةِ بِقَوْلِهِ الْقَلِيلُ وَإِلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ التَّعَامُلِ بِهَا عَدَدًا بِقَوْلِهِ الْمَعْدُودِ وَأَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي الْوَزْنِ لَا فِي الْعَدَدِ بِقَوْلِهِ بِأَوْزَنَ مِنْهَا وَأَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسًا فَأَقَلَّ بِقَوْلِهِ بِسُدُسٍ سُدُسٍ (قَوْلُهُ: الْمَعْدُودِ) أَيْ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا فَلَا تَجُوزُ الْمُبَادَلَةُ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا كَمُبَادَلَةِ أَرْبَعَةِ أَوَاقٍ تِبْرٍ كَامِلَةٍ بِأَرْبَعَةٍ نَاقِصَةٍ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ إذَا تُعُومِلَ بِهَا وَزْنًا.

(قَوْلُهُ: بِسُدُسٍ سُدُسٍ) كَرَّرَ لَفْظَ السُّدُسِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الزِّيَادَةَ سُدُسٌ فِي الْجَمِيعِ، وَمِثْلُهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَقَلَّ مِنْهُ كَمَا يُرْشِدُ لَهُ التَّعْلِيلُ بِسَمَاحَةِ النَّفْسِ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا السُّدُسُ وَفِي الْبَعْضِ الْبَاقِي دُونَ السُّدُسِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ أَكْثَرَ مِنْ السُّدُسِ أَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ فِي بَعْضِهَا سُدُسًا وَفِي بَعْضِهَا أَكْثَرَ مِنْ سُدُسٍ أَوْ كَانَتْ فِي بَعْضِهَا أَقَلَّ مِنْ سُدُسٍ وَفِي الْبَعْضِ الْآخَرِ أَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهَا تُمْنَعُ، وَسُدُسُ الثَّانِي عُطِفَ عَلَى سُدُسٍ الْأَوَّلِ بِحَذْفِ الْعَاطِفِ وَهُوَ جَائِزٌ نَثْرًا وَنَظْمًا عِنْدَ بَعْضِ النُّحَاةِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ إبْدَالِ وَاحِدٍ كَامِلٍ بِاثْنَيْنِ مُوَازِنَيْنِ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَإِبْدَالِ رِيَالٍ بِأَرْبَعَةِ أَرْبَاعِ رِيَالٍ مُوَازِنَةً لَهُ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمُبَادَلَةِ أَنْ تَكُونَ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ لَا وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ زِيَادَةٌ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَا مُسَاوَاةً، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ رحمه الله وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُبَادَلَةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فِيهَا مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مُسَاوِيَةً لِلْجَانِبِ الْآخَرِ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُسَاوِيَةٍ بَلْ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، فَإِنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً جَازَتْ الْمُبَادَلَةُ مُطْلَقًا بِلَا شَرْطٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالشُّرُوطِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ

(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ) أَيْ فِي جَوَازِ الْمُبَادَلَةِ الْمَعْرُوفِ أَيْ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي مَنْعَهَا لِطَلَبِ الشَّارِعِ الْمُسَاوَاةَ فِي النُّقُودِ الْمُتَّحِدَةِ الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ دَوَرَانُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ) ظَاهِرُهُ وَمَنْعُ دَوَرَانِ الْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِشَرْطِهِ وَهُوَ تَمَحُّضُ الْفَضْلِ مِنْ جِهَةٍ وَيُمْنَعُ دَوَرَانُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي

ص: 41

أَشَارَ إلَى مَنْعِهِ بِقَوْلِهِ (و) النَّقْدُ (الْأَجْوَدُ) جَوْهَرِيَّةً حَالَ كَوْنِهِ (أَنْقَصَ) وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِأَرْدَأَ جَوْهَرِيَّةٍ كَامِلًا وَزْنًا لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً) بِالرَّفْعِ عُطِفَ عَلَى الْأَجْوَدِ فَكَانَ الْأَجْوَدُ تَعْرِيفُهُ أَيْ وَهُوَ أَنْقَصُ فَحَذَفَهُ مِنْ هَذَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ كَمَا حُذِفَ مِمَّا قَبْلَهُ جَوْهَرِيَّةً لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ هُنَا سِكَّةً عَلَيْهِ فَالْمُرَادُ: أَجْوَدُ سِكَّةً وَأَنْقَصَ وَزْنًا وَيُقَابِلُهُ رَدِيءُ السِّكَّةِ كَامِلٌ وَزْنًا، وَلَوْ قَالَ وَالْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ (مُمْتَنِعٌ) لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَجْوَدُ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ بَلْ مُسَاوِيًا أَوْ أَوْزَنَ فَتَحْتُهُ أَرْبَعُ صُوَرٍ (جَازَ) لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ.

وَلَمَّا قَدَّمَ الصَّرْفَ وَالْمُبَادَلَةَ ذَكَرَ الْمُرَاطَلَةَ بِقَوْلِهِ (و) جَازَتْ (مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (بِمِثْلِهِ) أَيْ بِعَيْنِ مِثْلِهِ، ذَهَبٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ وَزْنًا إمَّا (بِصَنْجَةٍ) فِي إحْدَى الْكِفَّتَيْنِ وَالذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ فِي الْأُخْرَى (أَوْ كِفَّتَيْنِ) يُوضَعُ عَيْنُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَعَيْنُ الْآخَرِ فِي أُخْرَى (وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا) أَيْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ عَيْنِهِ خِلَافًا لِلْقَابِسِيِّ الْقَائِلِ لَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ الْعَيْنَيْنِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى الْبَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا

وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدُ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِقَصْدِ الْمُغَالَبَةِ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ مِنْ أَصْلِهِ تَأَمَّلْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي مَنْعَ الْمُبَادَلَةِ لَكِنَّ الشَّارِعَ أَجَازَهَا لِلْمَعْرُوفِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ تَمَحُّضُ الْفَضْلِ مِنْ جِهَةٍ، فَإِنْ دَارَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَفَى الْمَعْرُوفُ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ فِي الْجَوَازِ فَتُمْنَعُ الْمُبَادَلَةُ حِينَئِذٍ فَعَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي يَدُورُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنَّمَا هُوَ الْفَضْلُ لَا الْمَعْرُوفُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَشَارَ إلَى مَنْعِهِ) أَيْ إلَى مَنْعِ دَوَرَانِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ هَذَا ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ: فَحَذَفَهُ) أَيْ الْحَالُ وَهُوَ قَوْلُهُ: أَنْقَصُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَيْ وَحَيْثُ قَدَّرْنَا الْحَالَ فَلَا إشْكَالَ فِي الْإِخْبَارِ بِقَوْلِهِ مُمْتَنِعٌ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي، وَحَاصِلُ الْإِشْكَالِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ ظَاهِرُهُ مَنْعُ إبْدَالِ الْأَجْوَدِ سِكَّةً بِالْأَرْدَإِ سِكَّةً إذَا كَانَا كَامِلَيْنِ فِي الْوَزْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِوُجُودِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْحَالَ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ وَالْأَجْوَدُ سِكَّةً حَالَةَ كَوْنِهِ أَنْقَصَ وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِرَدِيءِ السِّكَّةِ الْكَامِلِ وَزْنًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ التَّمْيِيزَ وَهُوَ جَوْهَرِيَّةٌ، وَذَكَرَ الْحَالَ الَّذِي هُوَ أَنْقَصُ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي الْحَالُ وَهُوَ أَنْقَصُ وَذَكَرَ التَّمْيِيزَ الَّذِي هُوَ سِكَّةً فَفِيهِ احْتِبَاكٌ، وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ الْحَالُ فِي الْمَعْطُوفِ لَأُشْكِلَ الْإِخْبَارُ بِالِامْتِنَاعِ وَذَلِكَ لِكَوْنِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَلَمَّا قَدَّرْنَا الْحَالَ ظَهَرَ أَنَّ الْفَضْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَظَهَرَ الِامْتِنَاعُ فَصَحَّ الْإِخْبَارُ.

(قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ مُمْتَنِعَانِ مَعَ أَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ

(قَوْلُهُ: وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ) أَيْ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَيْنٌ لِأَنَّهَا تَشْمَلُ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ بِخِلَافِ النَّقْدِ، فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْمَسْكُوكِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: وَتَكُونُ فِي الْمَسْكُوكِ وَغَيْرِهِ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَسْكُوكَانِ مُتَّحِدَيْ السِّكَّةِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ: إمَّا بِصَنْجَةٍ أَوْ كِفَّتَيْنِ) أَوْ: فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ كَمَا فِي عبق وَالْقَوْلَانِ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِصَنْجَةٍ وَكِفَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَرْجَحِ مِنْهُمَا وَقِيلَ: إنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ اخْتَلَفَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِالْمَثَاقِيلِ فَقِيلَ: لَا تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إلَّا بِكِفَّتَيْنِ وَقِيلَ: تَجُوزُ بِالْمَثَاقِيلِ أَيْضًا وَهُوَ أَصْوَبُ اهـ قَالَ طفى وَمَا صَوَّبَهُ عِيَاضٌ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ تَبَعًا لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَثَاقِيلِ كَمَا قَالَ الْأَبِيُّ: الصَّنْجَةُ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِصَنْجَةٍ أَيْ وَأَوْلَى بِكِفَّتَيْنِ وَقَوْلُهُ: أَوْ كِفَّتَيْنِ يَعْنِي فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: بِصَنْجَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الْقَدْرِ أَمْ لَا وَالصَّنْجَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَبِالسِّينِ وَهُوَ أَفْصَحُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ) مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِهَا بِكِفَّتَيْنِ (قَوْلُهُ: مِثْلُ عَيْنِهِ) ظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ اغْتِفَارِ الزِّيَادَةِ فِي الْمُرَاطَلَةِ، وَلَوْ قَلِيلَةً وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ بِخِلَافِ الْمُبَادَلَةِ، إنْ قُلْت: إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ عَيْنِهِ فَأَيُّ غَرَضٍ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَرَضُ اعْتِبَارَ الرَّغْبَةِ فِي الْإِنْصَافِ دُونَ الْكِبَارِ أَوْ بِالْعَكْسِ إذَا كَانَتْ الْمُرَاطَلَةُ مِنْ كِبَارٍ وَصِغَارٍ أَوْ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ فَيَرْغَبُ فِي ذَهَبِ صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ جَيِّدًا مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جُزَافًا) أَيْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ بِالْجُزَافِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْمُرَاطَلَةِ إذَا كَانَتْ بِصَنْجَةٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ يُمْنَعُ بَيْعُهُ جُزَافًا لِلتَّعَامُلِ بِهِمَا عَدَدًا، وَأَمَّا الْمُتَعَامِلُ بِهِمَا وَزْنًا فَيَتَّفِقُ عَلَى جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ فِيهِمَا بِصَنْجَةٍ مَجْهُولَةٍ وَبِكِفَّتَيْنِ، وَلَوْ لَمْ تُوزَنْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ الْمُرَاطَلَةِ بِهِمَا لِجَوَازِ بَيْعِ النَّقْدِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا جُزَافًا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْعَيْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَجْوَدَ (قَوْلُهُ: كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ إلَخْ)

ص: 42

بِمِصْرِيَّةٍ أَوْ إسْكَنْدَرِيَّةٍ (أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ مُسَاوٍ لِجَمِيعِ الْآخَرِ فِي جَوْدَتِهِ (لَا) إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضُهُ (أَدْنَى) مِنْ الْآخَرِ (و) بَعْضُهُ (أَجْوَدَ) مِنْهُ كَسَكَنْدَرِيَّةٍ وَمَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِمِصْرِيَّةٍ وَفِي فَرْضِهِمْ أَنَّ السَّكَنْدَرِيَّةَ أَدْنَى مِنْ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمَغْرِبِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْهَا فَيُمْنَعُ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

(وَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْأَشْيَاخِ (عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ) فِي الْمُرَاطَلَةِ كَالْجَوْدَةِ فَكَمَا لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمُتَوَسِّطِ لَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ بِجَيِّدِ تِبْرٍ

(و) الْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ (الصِّيَاغَةِ) فِي الْمُرَاطَلَةِ (كَالْجَوْدَةِ) فَمَا قِيلَ فِي السِّكَّةِ يَجْرِي فِي الصِّيَاغَةِ وَقَوْلُ الْأَقَلِّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمُسَاوَاةِ فِي الْقَدْرِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لَكِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا فَصَوَابُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ.

(و) جَازَ بَيْعُ (مَغْشُوشٍ) كَذَهَبٍ فِيهِ فِضَّةٌ (بِمِثْلِهِ) مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ غَيْرَهُمَا (و) بَيْعُهُ (بِخَالِصٍ) عَلَى الْمَذْهَبِ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) رَاجِعٌ لِلثَّانِي وَالْخِلَافُ فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَغَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَ قَطْعًا

وَشَرْطُ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ، وَلَوْ بِعَرَضٍ أَنْ يُبَاعَ (لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشَّ بِهِ) بَلْ يَتَصَرَّفُ بِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَتَحْلِيَةٍ أَوْ تَصْفِيَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ.

(وَكُرِهَ) بَيْعُهُ (لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ) أَنْ يَغُشَّ بِهِ بِأَنْ شَكَّ فِي غِشِّهِ (وَفَسَخَ مِمَّنْ) يَعْلَمُ أَنَّهُ (يَغُشُّ) بِهِ فَيَجِبُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) بِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ بِتَعَذُّرِ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ فَاتَ (فَهَلْ يَمْلِكُهُ) أَيْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ لِثَمَنِ الْمَغْشُوشِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ، وَإِنْ نُدِبَ لَهُ التَّصْدِيقُ (أَوْ يَتَصَدَّقُ) وُجُوبًا (بِالْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الثَّمَنِ (أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى) فَرْضِ بَيْعِهِ (مِمَّنْ لَا يَغُشُّ) بِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بِيعَ مِمَّنْ يَغُشُّ يُبَاعُ بِأَزْيَدَ (أَقْوَالٌ) أَعْدَلُهَا ثَالِثُهَا

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَضَاءِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ (قَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ) لِمَا فِي الذِّمَّةِ قَدْرًا وَصِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَغْرِبِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْ الْمِصْرِيَّةِ وَالْمِصْرِيَّةُ أَجْوَدُ مِنْ الْإِسْكَنْدَرِيَّة (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدُ إلَخْ) أَيْ كَمُرَاطَلَةِ دَنَانِيرَ بَعْضُهَا مِصْرِيَّةٌ وَبَعْضُهَا سَكَنْدَرِيَّةٌ بِدَنَانِيرَ كُلُّهَا سَكَنْدَرِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ فَرَبُّ الْمِصْرِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَتَهَا بِالنِّسْبَةِ لِرَدَاءَةِ السَّكَنْدَرِيَّةِ نَظَرًا لِجَوْدَةِ الْمَغْرِبِيَّةِ وَرَبُّ الْمَغْرِبِيَّةِ يَغْتَفِرُ جَوْدَتَهَا عَلَى الْمِصْرِيَّةِ نَظَرًا لِمُصَاحَبَةِ السَّكَنْدَرِيَّةِ لَهَا

(قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ) أَيْ وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ الْمُدَوَّنَةِ السِّكَّةُ فِي الْمُرَاطَلَةِ كَالْجَوْدَةِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ نَاقِصٍ بِرَدِيءٍ كَامِلٍ وَلَا مُرَاطَلَةُ سِكَّتَيْنِ جَيِّدَةٍ وَرَدِيئَةٍ بِسِكَّةٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الرَّدِيءِ الْمَسْكُوكِ بِتِبْرٍ جَيِّدٍ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

(قَوْلُهُ: فَمَا قِيلَ فِي السِّكَّةِ يَجْرِي فِي الصِّيَاغَةِ) أَيْ فَيُقَالُ كَمَا لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ نَاقِصٍ بِرَدِيءٍ كَامِلٍ وَلَا مُرَاطَلَةُ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِمُتَوَسِّطٍ لَا يَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَصُوغٍ بِجَيِّدٍ غَيْرِ مَصُوغٍ بَلْ مُكَسِّرٌ لِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ مُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَسْكُوكٍ بِجَيِّدِ تِبْرٍ وَمُرَاطَلَةُ رَدِيءٍ مَصُوغٍ بِجَيِّدٍ مَكْسُورٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا) أَيْ وَاَلَّذِي يَعْتَبِرُهُمَا كَالْجَوْدَةِ إنَّمَا هُوَ الْأَقَلُّ (قَوْلُهُ: فَصَوَابُهُ أَنَّهُمَا لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ) أَيْ أَنَّ الصَّوَابَ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ لَيْسَا كَالْجَوْدَةِ فَلَا يَدُورُ بِهِمَا الْفَضْلُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِمَا

(قَوْلُهُ: وَمَغْشُوشٍ بِمِثْلِهِ) أَيْ بِمَغْشُوشِ مِثْلِهِ وَظَاهِرُهُ تَسَاوِي الْغِشِّ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَلَمْ يَلْتَفِتْ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لَكِنْ فِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّ الدَّاخِلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: بِمِثْلِهِ) أَيْ وَأَوْلَى بِعَرَضٍ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلثَّانِي) أَيْ وَهُوَ بَيْعُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ

(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَغُشَّ بِهِ) أَيْ أَوْ يُبْقِيهِ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ لَكِنْ لَا يَغُشَّ بِهِ (قَوْلُهُ: بِتَحْلِيَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِتَحْلِيَةٍ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشُّ) مَثَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالصَّيَارِفَةِ وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ التَّمْثِيلَ بِهِمْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَاتِ لِمَنْ يَغُشُّ لَا لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ) أَيْ بَعْدَ الْفَوَاتِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَدْخُلُ الثَّمَنُ فِي مِلْكِهِ لِفَسَادِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَالْمَغْشُوشُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي إنْ عَلِمَهُ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ عَنْهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالزَّائِدِ) وَجْهُ ذَلِكَ الْقَوْلِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُفْسَخُ، وَلَوْ عَثَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَوَاتِ بَلْ يُبَاعُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَجَازَ قَضَاءُ قَرْضٍ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ سِتُّونَ صُورَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُتَرَتِّبَ فِي الذِّمَّةِ إمَّا مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَضَاؤُهُ بِمُسَاوٍ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ أَوْ بِأَفْضَلَ صِفَةً أَوْ قَدْرًا أَوْ بِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا فَهَذِهِ ثَلَاثُونَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَضَاءُ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ سِتُّونَ صُورَةً، ثَلَاثُونَ فِي الْقَرْضِ وَثَلَاثُونَ فِي الْبَيْعِ، أَمَّا الثَّلَاثُونَ الَّتِي فِي الْقَرْضِ فَاثْنَا عَشَرَ مِنْهَا

ص: 43

(بِأَفْضَلَ) مِنْهُ (صِفَةً) كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ أَوْ إرْدَبٍّ أَوْ شَاةٍ أَوْ ثَوْبٍ جَيِّدٍ مِثْلُهُ رَدِيءٌ؛ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ بِشَرْطِ عَدَمِ الدُّخُولِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْقَرْضِ وَإِلَّا فَسَدَ كَاشْتِرَاطِ زِيَادَةِ الْقَدْرِ

(وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ) جَازَ الْقَضَاءُ (بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا) مَعًا كَنِصْفِ إرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ رَدِيءٍ عَنْ كَامِلٍ جَيِّدٍ وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ (لَا) يَجُوزُ قَضَاؤُهُ (أَزْيَدَ عَدَدًا) مِنْ الْمُقْضَى عَنْهُ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا فِي الْمُتَعَامِلِ بِهِ عَدَدًا كَعَشَرَةِ أَنْصَافِ فِضَّةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُقَابِلُهُ أَزْيَدَ وَزْنًا أَمْ لَا، وَأَمَّا الْمُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا، وَلَوْ مَعَ الْعَدَدِ فَلَا تَضُرُّ زِيَادَةُ الْعَدَدِ إذَا اتَّحَدَ الْوَزْنُ كَنِصْفَيْ رِيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَرْبَاعِهِ عَنْ كَامِلٍ فَيَجُوزُ إذْ الْمُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا وَوَزْنًا كَمَا فِي مِصْرَ يُلْغَى فِيهِ جَانِبُ الْعَدَدِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ، وَقَوْلُهُ (أَوْ) أَزْيَدَ (وَزْنًا) أَيْ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَلَا يَجُوزُ حَلَّ الْأَجَلُ أَمَّ لَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ الْوَزْنِ يَسِيرَةً جِدًّا (كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ) عَلَى آخَرَ فَيَجُوزُ وَعُطِفَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ أَزْيَدَ عَدَدًا قَوْلُهُ (أَوْ دَارٌ) أَيْ لَا إنْ زَادَ عَدَدُ الْقَضَاءِ وَلَا إنْ دَارَ (فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ كَعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ عَنْ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ وَكَعَشَرَةِ أَنْصَافِ مَقْصُوصَةٍ عَنْ ثَمَانِيَةٍ مَخْتُومَةٍ

(وَثَمَنُ الْمَبِيعِ) الْمُتَرَتِّبِ فِي الذِّمَّةِ (مِنْ الْعَيْنِ) بَيَانٌ لِثَمَنٍ (كَذَلِكَ) يَجْرِي فِي قَضَائِهِ مَا جَرَى فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ فَيَجُوزُ بِالْمُسَاوِي وَالْأَفْضَلِ صِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَمْنُوعَةٌ وَالثَّمَانِيَةُ عَشَرَ الْبَاقِيَةُ جَائِزَةٌ، أَمَّا الْجَائِزَةُ فَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِمُسَاوٍ قَدْرًا وَصِفَةً أَوْ بِأَفْضَلَ صِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ فِيهِمَا أَمْ لَا أَوْ بِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ فِيهِمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْضِيُّ وَالْمَقْضِيُّ عَنْهُ فِي هَذِهِ السِّتَّةِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَيْنًا، وَأَمَّا الِاثْنَا عَشَرَ الْمَمْنُوعَةُ فَهِيَ الْقَضَاءُ بِأَزْيَدَ قَدْرًا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا أَوْ بِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا وَلَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْضِيُّ وَالْمَقْضِيُّ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَيْنًا، وَأَمَّا الثَّلَاثُونَ الَّتِي فِي الْبَيْعِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: وَبِأَفْضَلَ صِفَةً) أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا وَلَا يُقَالُ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فِي الْقَضَاءِ بِأَفْضَلَ صِفَةً حُطَّ الضَّمَانُ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُهُ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: جَيِّدٍ) رَاجِعٌ لِلدِّينَارِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: عَنْ مِثْلِهِ رَدِيءٌ) أَيْ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا اتَّحَدَ نَوْعُهُ أَوْ اخْتَلَفَ

(قَوْلُهُ: أَوْ دِينَارٌ أَوْ ثَوْبٌ) أَيْ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ رَدِيءٍ أَوْ نِصْفُ ثَوْبٍ، وَقَوْلُهُ: رَدِيءٌ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ نِصْفُ إرْدَبِّ قَمْحٍ رَدِيءٍ أَوْ نِصْفُ دِينَارٍ أَوْ نِصْفُ ثَوْبٍ رَدِيءٍ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ قَدْرًا فَقَطْ) أَيْ فَيَجُوزُ إنْ حَلَّ الْأَجَلُ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَمْ يَجُزْ كَقَضَاءِ إرْدَبِّ شَعِيرٍ عَنْ إرْدَبِّ قَمْحٍ وَقَضَاءُ نِصْفِ دِينَارٍ أَوْ نِصْفِ ثَوْبٍ عَنْ دِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ، وَإِنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتُعَجَّلْ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قَدْرًا فَقَطْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا.

(قَوْلُهُ: لَا بِأَزْيَدَ عَدَدًا) أَيْ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ يُقَابِلُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْعَشَرَةِ وَالْمُقَابِلُ لَهَا هُوَ الثَّمَانِيَةُ (قَوْلُهُ: يُلْغَى فِيهِ جَانِبُ الْعَدَدِ) الَّذِي فِي خش أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا يُلْغَى الْوَزْنُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَنَقَلَ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ يُلْغَى الْعَدَدُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهَا اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَيْنَ إذَا كَانَ يَتَعَامَلُ بِهَا عَدَدًا فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضِهَا بِأَزْيَدَ عَدَدًا بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا فَلَا يَضُرُّ فِيهَا زِيَادَةُ الْعَدَدِ حَيْثُ اتَّحَدَ الْوَزْنُ، وَإِنَّمَا الْمُضِرُّ الزِّيَادَةُ فِي الْوَزْنِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ مَعَ الْعَدَدِ كَمَا فِي مِصْرَ فَهَلْ يُلْغَى الْوَزْنُ أَوْ الْعَدَدُ خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ نِصْفَيْ رِيَالٍ أَوْ أَرْبَعَةِ أَرْبَاعِهِ عَنْ كَامِلٍ، وَلَوْ اتَّحَدَ الْوَزْنُ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَجُوزُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَزِيدَ وَزْنًا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِأَزْيَدَ وَزْنًا (قَوْلُهُ: حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا كَسَمْنٍ أَوْ عَرَضًا كَحَرِيرٍ (قَوْلُهُ: كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ) أَيْ إذَا كَانَ هَذَا الرُّجْحَانُ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ كَأَنْ يَكُونَ رَاجِحًا فِي مِيزَانٍ صَيْرَفِيٍّ وَمَرْجُوحًا أَوْ مُسَاوِيًا فِي مِيزَانٍ آخَرَ، أَمَّا الرُّجْحَانُ فِي كُلِّ الْمَوَازِينِ فَلَا يُغْتَفَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَارِ فَضْلٍ إلَخْ) هَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا أَيْ أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَدْرِ الْفَضْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَصَوَابُ الْمِثَالِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ كَقَضَاءِ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَنْ عَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ اهـ بْن عَلَى أَنَّ الْمِثَالَ الْأَوَّلَ لَيْسَ الْمَنْعُ فِيهِ لِخُصُوصِ دَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْقَضَاءَ بِزِيَادَةٍ فِي الْقَدْرِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: كَعَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ) أَيْ فَالْمُقْتَرِضُ تَسَاهَلَ فِي دَفْعِ الْعَشَرَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زِيَادَةٌ لِرَغْبَتِهِ فِي جَوْدَةِ التِّسْعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الَّتِي أَخَذَهَا وَالْمُقْرِضُ يَرْغَبُ فِي أَخْذِ الْعَشَرَةِ لِزِيَادَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ رَدِيئَةً بِالنِّسْبَةِ لِتِسْعَتِهِ الَّتِي أَقْرَضَهَا (قَوْلُهُ: وَعَكْسُهُ) أَيْ كَتِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَنْ عَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ (قَوْلُهُ: وَكَعَشَرَةِ أَنْصَافٍ مَقْصُوصَةٍ) الْأَوْلَى فِي التَّمْثِيلِ عَكْسُهُ كَمَا قِيلَ فِيمَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِالْمُسَاوِي وَالْأَفْضَلِ صِفَةً حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَبِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا إنْ حَلَّ) إلَخْ

ص: 44

أَمْ لَا وَبِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا إنْ حَلَّ لَا قَبْلَهُ

وَلَا إنْ دَارَ فَضْلٌ إلَّا فِي صُورَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) قَضَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَيْنًا (بِأَكْثَرَ) عَدَدًا أَوْ وَزْنًا مِمَّا فِي الذِّمَّةِ وَأَوْلَى صِفَةً، إذْ عِلَّةُ مَنْعِ ذَلِكَ فِي الْقَرْضِ وَهِيَ السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ مَنْفِيَّةٍ هُنَا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً جَازَ مُطْلَقًا بِمُسَاوٍ وَأَزْيَدَ قَدْرًا وَصِفَةً وَبِأَقَلَّ إنْ كَانَ عَرَضًا كَطَعَامٍ وَجُعِلَ الْأَقَلُّ فِي مُقَابَلَةِ قَدْرِهِ وَيَبْرِيهِ مِمَّا زَادَ لَا إنْ جُعِلَ الْأَقَلُّ فِي مُقَابَلَةِ الْكُلِّ فَيُمْنَعُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْمُفَاضَلَةِ فِي الطَّعَامِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ جَازَ إنْ كَانَ بِمِثْلِهِ صِفَةً وَقَدْرًا لَا بِأَزْيَدَ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَلَا بِأَقَلَّ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ

(وَدَارَ الْفَضْلُ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ (بِسِكَّةٍ) فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ (وَصِيَاغَةٍ) أَيْ أَوْ صِيَاغَةِ بَدَلِهَا (وَجَوْدَةٍ) أَيْ مَعَهَا أَيْ يُقَابِلَانِ الْجَوْدَةَ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُقَابِلُ الْجَوْدَةَ فَلَا يَقْضِي عَشَرَةً تِبْرًا جَيِّدَةً عَنْ مِثْلِهَا رَدِيئَةً مَسْكُوكَةً أَوْ مَصُوغَةً وَلَا الْعَكْسُ بِخِلَافِ الْمُرَاطَلَةِ فَلَا يَدُورُ الْفَضْلُ فِيهَا عَلَى مَذْهَبِ الْأَكْثَرِ إلَّا بِالْجَوْدَةِ خَاصَّةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّصْوِيبِ. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرَاطَلَةَ لَمْ يَجِبْ فِيهَا لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ الْآخَرِ شَيْءٌ حَتَّى يُتَّهَمُ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَضْلَ فِي الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ لِفَضْلِ الْجَوْدَةِ

(وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ) أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ تَرَتَّبَتْ لِشَخْصٍ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ قُطِعَ التَّعَامُلُ بِهَا وَأَوْلَى تَغَيُّرُهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ الْفُلُوسَ عَلَى مَا يَشْمَلُ غَيْرَهَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ (فَالْمِثْلُ) أَيْ فَالْوَاجِبُ قَضَاءُ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَطْعِ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ التَّغَيُّرِ، وَلَوْ كَانَتْ حِينَ الْعَقْدِ مِائَةٌ بِدِرْهَمِ ثُمَّ صَارَتْ أَلْفًا بِهِ أَوْ عَكْسُهُ (أَوْ عُدِمَتْ) بِالْكُلِّيَّةِ فِي بَلَدِ تَعَامُلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا (فَالْقِيمَةُ) وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِمَّا تَجَدَّدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَجَلُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ جَائِزَةٍ وَقَوْلُهُ: جَازَ بِأَكْثَرَ أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا فَهُمَا صُورَتَانِ جَائِزَتَانِ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الْجَائِزَةِ ثَمَانِيَةٌ وَمَفْهُومٌ وَبِأَقَلَّ صِفَةً أَوْ قَدْرًا إنْ حَلَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ فِيهِمَا فَتَكُونُ الصُّوَرُ عَشَرَةً فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا ثَمَانِيَةٌ جَائِزَةٌ وَاثْنَتَانِ مَمْنُوعَتَانِ كَمَا عَلِمْت وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا فَفِيهِمَا عِشْرُونَ صُورَةً تَأْتِي (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) لَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ كَانَ فِيهِ قَضَاءُ الْعَيْنِ بِأَفْضَلَ مِنْهَا صِفَةً فَفِيهِ حُطَّ الضَّمَانُ وَأَزِيدُك؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَجَلِ فِي الْعَيْنِ مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَلَا يَأْتِي مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ

(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى صِفَةً) أَيْ وَأَوْلَى أَكْثَرَ بِمَعْنَى أَعْلَى صِفَةً كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ عَنْ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ ثَمَنُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ إنَّمَا تَدْخُلُ قَضَاءَ ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْأَجَلِ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَلَا تَأْتِي فِي الْقَرْضِ مُطْلَقًا وَلَا فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إنْ شَاءَ عَجَّلَ أَوْ بَقِيَ لِلْأَجَلِ، وَأَمَّا ضَعْ وَتَعَجَّلْ فَإِنَّهَا تَجْرِي فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ كَانَ الْقَرْضُ أَوْ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا

(قَوْلُهُ: فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَضَاءِ دَيْنِ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ كَدَيْنِ الصَّدَاقِ، فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ لِقَضَاءِ دَيْنِ الْقَرْضِ وَالصَّدَاقِ وَثَمَنِ الْمَبِيعِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ أَوْ صِيَاغَةٍ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْوَاوَ الْأُولَى بِمَعْنَى أَوْ وَالثَّانِيَةَ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ وَدَارَ الْفَضْلُ بِسِكَّةٍ أَوْ صِيَاغَةٍ مَعَ جَوْدَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى) أَيْ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا قَضَاءُ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَصُوغِ وَعَكْسِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي مُحْرِزٍ الْجَوَازُ وَهَذِهِ الصُّورَةُ خَارِجَةٌ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّقْرِيرِ الَّذِي قَرَّرَ بِهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لتت مِنْ جَعْلِ الْوَاوِ الْأُولَى بِمَعْنَى أَوْ وَالثَّانِيَةِ بِمَعْنَى مَعَ.

(قَوْلُهُ: وَلَا الْعَكْسُ) أَيْ وَلَا يَقْضِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ رَدِيئَةٍ مَسْكُوكَةٍ أَوْ مَصُوغَةٍ عَنْ عَشَرَةِ تِبْرًا جَيِّدَةٍ (قَوْلُهُ: إلَّا بِالْجَوْدَةِ خَاصَّةً) وَلَا يَدُورُ بِالسِّكَّةِ أَوْ الصِّيَاغَةِ مَعَ الْجَوْدَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ أَوْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ) أَيْ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطٍ غَيْرَ مَا ذَكَرَ كَمَا فِي ح قَالَهُ فِي المج (قَوْلُهُ: تَرَتَّبَتْ لِشَخْصٍ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ بِقَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ وَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَكَذَا لَوْ دَفَعَهَا لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهَا قِرَاضًا كَمَا وَقَعَتْ الْفَتْوَى بِذَلِكَ فَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ فَالْوَاجِبُ الْمِثْلُ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ قَطْعِ التَّعَامُلِ بِهَا أَوْ التَّغَيُّرِ، فَإِنَّ مَالَ الْقِرَاضِ لَمْ يَتَرَتَّبْ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ وَإِلَّا كَانَ فِي ضَمَانِهِ، لَكِنْ رَأَيْت فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ لِلزَّرْقَانِيِّ نَقْلًا عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ لِمَالِ الْقِرَاضِ بَعْضَ تَعَلُّقٍ بِذِمَّةِ الْعَامِلِ إذْ لَوْ ادَّعَى الْخَسَارَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَهَا فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَضْمَنُ وَحِينَئِذٍ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَشْمَلُ غَيْرُهَا) أَيْ غَيْرَ الْفُلُوسِ بِأَنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَتَعَامَلُ بِهِ الشَّامِلُ لِلدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْعُرْفِ) أَيْ فَإِنَّ الْعُرْفَ إطْلَاقُ الْفُلُوسِ عَلَى كُلِّ مَا يَتَعَامَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ) أَيْ الْفُلُوسُ حِينَ الْعَقْدِ مِائَةً بِدِرْهَمٍ ثُمَّ صَارَتْ أَلْفًا بِهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الرِّيَالُ حِينَ الْعَقْدِ بِتِسْعِينَ ثُمَّ صَارَ بِمِائَةٍ وَسِتِّينَ أَوْ كَانَ حِينَ الْعَقْدِ بِمِائَةٍ وَسِتِّينَ ثُمَّ صَارَ بِتِسْعِينَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِمَّا تَجَدَّدَ) أَيْ يَدْفَعُهَا مِمَّا تَجَدَّدَ وَظَهَرَ مِنْ الْمُعَامَلَةِ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ الَّتِي

ص: 45

وَظَهَرَ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ الْحُلُولِ (وَالْعَدَمِ) مَعًا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا فَأَشْبَهَ وَقْتَ الْإِتْلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَيْهِ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الْغِشِّ لِوُقُوعِهَا غَالِبًا فِي الْبِيَاعَاتِ بِقَوْلِهِ (وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ) أَيْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ وَأَعَدَّهَا لِيَغُشَّ بِهِ النَّاسَ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ بَيْعُهُ وَيَفْسَخُ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ رُدَّ لَهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ لِئَلَّا يَعُودَ، فَإِنْ غَشَّهُ لَا لِيَبِيعَهُ أَوْ يَبِيعَهُ مُعَيَّنًا غَشَّهُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ أَنْ لَا يَغُشَّ بِهِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِلْمُشْتَرِي فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَالرُّجُوعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْغِشِّ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَسَدَ الْبَيْعُ وَقَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ أَيْ وَلَا يُكْسَرُ الْخُبْزُ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ وَيُرَدُّ الْخُبْزُ لِرَبِّهِ إنْ كُسِرَ إنْ كَانَ بِنَقْصِ وَزْنٍ، فَإِنْ كَانَ بِإِدْخَالِ شَيْءٍ فِيهِ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ يُبَاعُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَغْشُوشِ إنْ قَلَّ بَلْ (وَلَوْ كَثُرَ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عُدِمَتْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ فَيُقَالُ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَيَدْفَعُ الْمَدِينُ ثَمَانِيَةً مِنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ الَّتِي تَجَدَّدَتْ وَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهَا اثْنَا عَشَرَ دَفَعَ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهَا وَهَكَذَا وَتَعْتَبِرُ الْقِيمَةُ فِي بَلَدِ الْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَبْضُ فِي غَيْرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ.

(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْعَدَمُ وَالِاسْتِحْقَاقُ حَصَلَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَالْعِبْرَةُ بِالْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا إذْ لَا يَجْتَمِعَانِ إلَّا وَقْتَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا، فَإِنْ اسْتَحَقَّتْ ثُمَّ عُدِمَتْ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَدَمِ، وَإِنْ عَدِمَتْ ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ وَقْتَ الْإِتْلَافِ) أَيْ لِلسِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ يَوْمِ الْعَدَمِ وَعَنْ يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَانْظُرْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ إذَا لَمْ يَقَعْ تَحَاكُمٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ طَلَبَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّحَاكُمِ وَحِينَئِذٍ فَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ طَلَبِهَا ثُمَّ عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ تَعْتَبِرُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقَ وَالْعَدَمِ، وَكَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ حَصَلَتْ مُمَاطَلَةٌ مِنْ الْمَدِينِ حَتَّى عَدِمَتْ تِلْكَ الْفُلُوسُ وَبِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَعْضُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَدِينِ مَطْلٌ وَإِلَّا كَانَ لِرَبِّهَا الْأَحَظُّ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ أَوْ مِمَّا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ السِّكَّةِ الْجَدِيدَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْقَدِيمَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ لِظُلْمِ الْمَدِينِ بِمَطْلِهِ، قَالَ عج كَمَنْ عَلَيْهِ طَعَامٌ امْتَنَعَ رَبُّهُ مِنْ أَخْذِهِ حَتَّى غَلَا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا قِيمَتُهُ يَوْمِ امْتِنَاعِهِ وَتَبَيَّنَ ظُلْمُهُ

(قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ) أَيْ جَوَازًا لَا وُجُوبًا خِلَافًا لعبق لِمَا يَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ آخِرًا مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ كَثُرَ فَإِنَّ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالتَّصَدُّقُ عِنْدَهُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّصَدُّقِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: يُرَاقُ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمَائِعَاتِ وَتُحْرَقُ الْمَلَاحِفُ وَالثِّيَابُ الرَّدِيئَةُ النَّسْجِ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ وَقِيلَ: إنَّهَا تُقْطَعُ خِرَقًا خِرَقًا وَتُعْطَى لِلْمَسَاكِينِ وَقِيلَ: لَا يَحِلُّ الْأَدَبُ بِمَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ وَنَحْوُهُ وَلَا تُحْرَقُ الثِّيَابُ وَلَا تُقْطَعُ الثِّيَابُ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ الْغَاشُّ بِالضَّرْبِ حَكَى هَذِهِ الْأَقْوَالَ ابْنُ سَهْلٍ، قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي نَفْسِ الْمَغْشُوشِ هَلْ يَجُوزُ الْأَدَبُ فِيهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ زَنَى رَجُلٌ مَثَلًا فَلَا قَائِلَ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالْمَالِ، وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ بِالْحَدِّ وَمَا يَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ مِنْ أَخْذِ الْمَالِ فَلَا شَكَّ فِي عَدَمِ جَوَازِهِ، وَقَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ أَمَّا الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ فَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَفَتْوَى الْبُرْزُلِيِّ بِتَحْلِيلِ الْمَغْرَمِ لَمْ يَزَلْ الشُّيُوخُ يَعُدُّونَهَا مِنْ الْخَطَأِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَيُفْسَخُ) أَيْ فَإِنْ بَاعَهُ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ وَقَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ فَإِنْ فَاتَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الْمُشْتَرِي فَفِي الثَّمَنِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ هَلْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُ الْبَائِعِ لِذَلِكَ الثَّمَنِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِهِ أَوْ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى مَنْ لَا يَغُشُّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّ بَيْعَهُ صَحِيحٌ لَا يُفْسَخُ وَيَأْتِي فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالْمُرَابَحَةِ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ وَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْغِشِّ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَمَاسَكَ بِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَزِمَ الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: لَا لِبَيْعِهِ) أَيْ بَلْ لِيَنْتَفِعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ فِي مَنْزِلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الْغِشُّ أَيْ وَالْفَرْضُ إنَّهُ غِشٌّ لِيَبِيعَهُ مُبَيِّنًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ التَّمَسُّكُ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ أَيْ وَلَهُ الرَّدُّ وَحَاصِلُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَانَ وَقْتَ الْعَقْدِ لَا يَعْلَمُ بِأَنَّهُ مَغْشُوشٌ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ، فَإِنْ عَلِمَ بِقَدْرِهِ خُيِّرَ بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ لَكِنْ إنْ تَمَاسَكَ رَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْغِشِّ، وَإِنْ رَدَّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّدُّ هَذَا كَلَامُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّخْيِيرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ يَتَمَاسَكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مَعَ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْغِشِّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ تَعَيُّنِ الرَّدِّ وَفَسَادِ الْبَيْعِ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ عج إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ يُخَيَّرُ أَيْضًا بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ.

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ الْخُبْزُ لِرَبِّهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَتَمَلَّكُهُ (قَوْلُهُ: إنْ كُسِرَ) أَيْ لِأَنَّهُ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ وَقَوْلُهُ: وَيَرُدُّ الْخُبْزَ أَيْ إذَا تَجَرَّأَ عَلَيْهِ

ص: 46