الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ رَبَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْفَاحِشِ مُطْلَقًا فِي الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ.
(وَرَفَا) الْجَانِي (الثَّوْبَ مُطْلَقًا) كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً أَفَاتَتْ الْمَقْصُودَ حَيْثُ أَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَنَقْصِهِ أَمْ لَمْ تُفِتْهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ النَّقْصِ بَعْدَ رَفْوِهِ (وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ قَوْلَانِ) قِيلَ تَلْزَمُ الْجَانِيَ عَلَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ خَطَأً لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ، أَوْ عَمْدًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِمَانِعٍ وَلَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَيْضًا
[دَرْسٌ](فَصْلٌ)
(وَإِنْ زَرَعَ) غَاصِبٌ لِأَرْضٍ، أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا (فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ الْأَرْضُ بِمَعْنَى قَامَ مَالِكُهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاسْتِحْقَاقَ الْمَعْرُوفَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ، إذْ الْكَلَامُ فِي الْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي (فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالزَّرْعِ) بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ أَحَدٌ الِانْتِفَاعَ بِهِ ظَهَرَ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ (أُخِذَ بِلَا شَيْءٍ) فِي مُقَابَلَةِ الْبَذْرِ، أَوْ الْعَمَلِ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ لِرَعْيٍ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَلْعُهُ) أَيْ أَمْرُ رَبِّهِ بِقَلْعِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ (إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ) الْأَرْضُ (لَهُ) مِمَّا زُرِعَ فِيهَا خَاصَّةً كَقَمْحٍ، أَوْ فُولٍ وَيُحْتَمَلُ مِمَّا زُرِعَ فِيهَا وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ.
وَأَشَارَ لِقَسِيمِ قَوْلِهِ فَلَهُ قَلْعُهُ، وَهُوَ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّخْيِيرِ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ) مَقْلُوعًا (عَلَى الْمُخْتَارِ) بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَةِ قَلْعِهِ لَوْ قُلِعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَرْشِ النَّقْصِ لِئَلَّا يُحْرَمَ الْعَبْدُ مِنْ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ، وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) أَيْ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ وَغَيْرِهِ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ الثَّوْبَ) أَيْ الَّتِي حَصَلَتْ فِيهَا الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ أَمْ لَمْ تُفِتْهُ) أَيْ وَتَعَيَّنَ أَخْذُهُ مَعَ نَقْصِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْجَانِي يَلْزَمُهُ الرَّفْوُ فِي الْيَسِيرِ كَالْكَثِيرِ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً لَا يَلْزَمُ الْجَانِيَ رَفْوٌ، بَلْ أَرْشُ النَّقْصِ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى أَرْشِ النَّقْصِ بَعْدَ رَفْوِهِ) أَيْ فَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ مَعَ أَخْذِ الثَّوْبِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى ثَوْبِ شَخْصٍ فَأَفْسَدَهُ إفْسَادًا كَثِيرًا بِخَرْقِهِ، أَوْ شَرْمَطَتِهِ لَهُ، وَأَرَادَ رَبُّهُ أَخْذَهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ، أَوْ أَفْسَدَهُ يَسِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَرْفُوهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ الرَّفْوِ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّقْصِ بَعْدَ الرَّفْوِ إنْ حَصَلَ بَعْدَهُ نَقْصٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَانِيَ يَلْزَمُهُ شَيْئَانِ الرَّفْوُ، وَأَرْشُ النَّقْصِ بَعْدَ الرَّفْوِ لَا أَرْشُهُ قَبْلَهُ إذْ هُوَ كَثِيرٌ فَفِيهِ ظُلْمٌ عَلَى الْجَانِي وَبَيْنَ الْأَمْرَيْنِ فَرْقٌ مَثَلًا أَرْشُ النَّقْصِ قَبْلَ الرَّفْوِ عَشَرَةٌ وَبَعْدَهُ خَمْسَةٌ وَأُجْرَةُ الرَّفْوِ دِرْهَمٌ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ أُجْرَةُ الرَّفْوِ وَخَمْسَةٌ أَرْشُهُ فِي نَقْصِهِ بَعْدَهُ لَا الْعَشَرَةُ الَّتِي هِيَ أَرْشُهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ) أَيْ وَقِيمَةِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ قِيلَ تَلْزَمُ الْجَانِيَ أَيْ عَلَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ) أَيْ، ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ غَرِمَ النَّقْصَ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الرَّاجِحُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي عَدَمُ لُزُومِ الْأُجْرَةِ وَقِيمَةِ الدَّوَاءِ، ثُمَّ يُنْظَرُ بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ غَرِمَ النَّقْصَ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خَطَأً إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي جُرْحٍ خَطَأٍ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ، أَوْ عَمْدٌ لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِمَّا لِإِتْلَافِهِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمِثْلِ وَلَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ أَيْضًا أَمَّا لَوْ كَانَ فِيهِ مَالٌ مُقَرَّرٌ فَإِنَّ الْجَانِيَ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ فَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقًا.
[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]
(فَصْلٌ، وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ)(قَوْلُهُ غَاصِبٌ لِأَرْضٍ) أَيْ لِذَاتِهَا، إنَّمَا خُصَّ الْكَلَامُ بِالْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي؛ لِأَنَّهُ الْمُصَنِّفُ شَبَّهَ بِهِ ذَا الشُّبْهَةِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَالزَّارِعُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ إمَّا غَاصِبٌ، أَوْ مُتَعَدٍّ، أَوْ ذُو شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) .
قَالَ بْن الصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا الِاسْتِحْقَاقُ الْمَعْرُوفُ إذْ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ الْمِلْكُ وَلَوْ بِحَسْبِ الظَّاهِرِ، أَوْ مُطْلَقُ الْكَوْنِ تَحْتَ الْيَدِ مَجَازًا بِقَرِينَةِ إضَافَةِ الرَّفْعِ إلَيْهِ إذْ الْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ لَا يُرْفَعُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بِثُبُوتِ مِلْكٍ) أَخْرَجَ بِهِ رَفْعَ الْمِلْكِ بِالْعِتْقِ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الْمِلْكِ الْمَرْفُوعِ أَخْرَجَ بِهِ رَفْعَ الْمِلْكِ بِثُبُوتِ مِلْكٍ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ، وَالْبَيْعِ، وَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ إذْ الْكَلَامُ فِي الْغَاصِبِ، وَالْمُتَعَدِّي) أَيْ وَلَا مِلْكَ لَهُمَا حَتَّى يُرْفَعَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ) أَيْ فَالْخِيَارُ لِلْمُسْتَحِقِّ لَا لِلزَّارِعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إبْقَائِهِ فِي الْأَرْضِ بِكِرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتٌ مَا) أَيْ وَقْتُ زَرْعٍ تُرَادُ لَهُ، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِلَا شَيْءٍ وَفِي قَوْلِهِ فَلَهُ قَلْعُهُ (قَوْلُهُ مِمَّا زُرِعَ فِيهَا خَاصَّةً كَقَمْحٍ إلَخْ) فَإِنْ فَاتَ إبَّانُ مَا زُرِعَ فِيهَا مِنْ قَمْحٍ، أَوْ فُولٍ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَنْ يُكَلِّفَ الْغَاصِبَ قَلْعَهُ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تُزْرَعَ مَقْثَأَةً، أَوْ شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ مَا زُرِعَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ تَابِعُ أَتْبَاعِ الْإِمَامِ وَحَمَلَ عَبْدُ الْحَقِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ) .
قَالَ عبق وَكَمَا لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ، وَأَخْذُ كِرَاءِ السَّنَةِ مِنْهُ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ بُلُوغُ الزَّرْعِ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ الْأَرْضُ دُونَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ الزَّرْعُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ، وَأَخْذُ كِرَائِهَا مِنْهُ، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِيهِ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لَمَّا مَكَّنَهُ الشَّرْعُ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا شَيْءٍ فَأَبْقَاهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ كَانَ ذَلِكَ الْكِرَاءُ عِوَضًا عَنْهُ فِي الْمَعْنَى فَهُوَ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِينَ.
وَقِيلَ
إذَا كَانَ الْغَاصِبُ شَأْنُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ (فَكِرَاءُ السَّنَةِ) يَلْزَمُ الْغَاصِبَ، ثُمَّ شُبِّهَ فِي كِرَاءِ السَّنَةِ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ قَوْلُهُ (كَذِي شُبْهَةٍ) مِنْ مُشْتَرٍ وَوَارِثٍ وَمُكْتَرٍ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِالْغَصْبِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ زَرَعَ أَرْضًا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ بِأَنْ اشْتَرَاهَا، أَوْ وَرِثَهَا، أَوْ اكْتَرَاهَا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ، ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا بِهَا قَبْلَ فَوَاتِ مَا تُرَادُ لَهُ تِلْكَ الْأَرْضُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا كِرَاءُ تِلْكَ السَّنَةِ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّارِعَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَنْفَعَتَهَا، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ، وَالْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي لُزُومِ كِرَاءِ السَّنَةِ فَقَطْ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ (أَوْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ حَالُ الزَّارِعِ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ أَمْ لَا فَكَالَّتِي قَبْلَهَا حَمْلًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ عَدَمُ الْعَدَاءِ.
(وَفَاتَتْ) الْأَرْضُ (بِحَرْثِهَا) قَبْلَ زَرْعِهَا وَمَعْنَى الْفَوَاتِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَا يَنْفَسِخُ (فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ) لِلْأَرْضِ (وَمُكْتَرٍ) مِنْهُ بِكِرَاءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ الْكِرَاءُ وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي إذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ شَيْأَهُ مِنْهُ إلَّا الرُّجُوعُ عَلَى الْمُكْتَرِي بِكِرَاءِ أَرْضِهِ وَتَبْقَى الْأَرْضُ لَهُ كَمَا كَانَتْ أَوَّلًا، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ الْحَرْثِ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ، وَأَخَذَ الْمُكْرِي أَرْضَهُ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ، حَرَثَهَا الْمُكْتَرِي أَمْ لَا، وَبَقِيَ الْكَلَامُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّ الْكِرَاءِ، وَالْمُكْتَرِي بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِلْمُسْتَحِقِّ) لِكِرَاءِ الْأَرْضِ (أَخْذُهَا) أَيْ الْأَرْضِ مِنْ الْمُكْتَرِي إذَا سَلَّمَ الْكِرَاءَ لِلْمُكْرِي (وَدَفَعَ كِرَاءَ الْحَرْثِ) لِلْمُكْتَرِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ، بَلْ يَتَعَيَّنُ أَمْرُهُ بِقَلْعِهِ، وَهُوَ سَمَاعُ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ شَأْنُهُ أَنْ لَا يَتَوَلَّاهُ) أَمَّا إذَا كَانَ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى قَلْعَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ بِخَدَمِهِ فَلَا تَسْقُطُ أُجْرَةُ ذَلِكَ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ عِنْدَ قِيَامِ الْمُسْتَحِقِّ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكِرَاءُ السَّنَةِ يَلْزَمُ الْغَاصِبَ) أَيْ وَيَكُونُ الزَّرْعُ لَهُ وَلَيْسَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَا أَخْذِهِ مَجَّانًا إذَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَقَدْ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ فَإِنْ كَانَ قِيَامُهُ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِبَّانِ فَقَالَ مَالِكُ الزَّرْعِ لِلْغَاصِبِ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِرَبِّهَا قَلْعُهُ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ، وَذَكَرَ رِوَايَةً أُخْرَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُقْلِعَهُ وَيَأْخُذَ أَرْضَهُ، وَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ أَصَحُّ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، وَإِنْ طَابَ وَحُصِدَ وَاخْتَارَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ غَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا فِي التِّرْمِذِيِّ «مَنْ زَرَعَ أَرْضًا لِقَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَالزَّرْعُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ» فَظَهَرَ لَك تَرْجِيحُ كُلٍّ مِنْ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ مِنْ مُشْتَرٍ) أَيْ مِنْ غَاصِبٍ وَقَوْلُهُ وَوَارِثٍ أَيْ مِنْ غَاصِبٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، وَالْمَعْنَى إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمُكْتَرٍ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ الْوَارِثِ وَفِي تَمْثِيلِهِ بِوَارِثِ الْغَاصِبِ نَظَرٌ، فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَدْ قَالَ بَعْدُ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ كِرَاءٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ عَلَيْهِ الْكِرَاءُ مُطْلَقًا إذْ لَا غَلَّةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ قَلْعِ زَرْعِهِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مَا تُرَادُ لَهُ تِلْكَ الْأَرْضُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الزَّرْعُ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ، أَوْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ) أَيْ فَإِنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لِزَرْعِهِ تِلْكَ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ فَوَاتِ الْإِبَّانِ) أَيْ، بَلْ بِقَيْدِ بَقَائِهِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ غَيْرُ تَامٍّ (قَوْلُهُ، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ كَأَنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ.
(قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ، أَوْ مُبْتَاعٌ (قَوْلُهُ فَكَالَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ فَإِنْ اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا قَبْلَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا كِرَاءُ السَّنَةِ كَانَ الزَّرْعُ بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ اسْتَحَقَّهَا بَعْدَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الزَّارِعِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ حَمْلًا لَهُ) أَيْ لِمَجْهُولِ الْحَالِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ أَيْ لَا عَلَى أَنَّهُ مُتَعَدٍّ (قَوْلُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا) ، وَأَوْلَى بِزَرْعِهَا الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِحَرْثٍ كَالْبِرْسِيمِ وَكَإِلْقَاءِ الْحَبِّ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَحْتَجْ لِحَرْثٍ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا اكْتَرَى أَرْضًا مِنْ مَالِكِهَا بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ مِنْ يَدِ الْمُكْرِي فَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ قَبْلَ حَرْثِ الْأَرْضِ فُسِخَ الْكِرَاءُ، وَأَخَذَ الْأَرْضَ صَاحِبُهَا، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ حَرْثِ الْأَرْضِ لَمْ يَنْفَسِخْ الْكِرَاءُ بَيْنَ الْمُكْرِي، وَالْمُكْتَرِي، ثُمَّ إنْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ عَيْنَ شَيْئِهِ مِنْ الْمُكْرِي وَلَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ كَانَ لِلْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ أَجَازَ عَقْدَ الْكِرَاءِ بِعَبْدِهِ، وَأَبْقَاهُ لِلْمُكْرِي فَإِنْ دَفَعَ لِلْمُكْتَرِي أُجْرَةَ حَرْثِهِ كَانَ الْحَقُّ لَهُ فِي مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِ أُجْرَةِ الْحَرْثِ لِلْمُكْتَرِي قِيلَ لِلْمُكْتَرِي ادْفَعْ لِلْمُسْتَحِقِّ أُجْرَةَ الْأَرْضِ وَيَكُونُ لَك مَنْفَعَتُهَا، أَوْ أَسْلِمْ لَهُ الْأَرْضَ مَجَّانًا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ إلَخْ) هَذَا رَدٌّ عَلَى بَهْرَامَ وتت حَيْثُ حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حَرَثَهَا الْمُكْتَرِي أَمْ لَا) أَيْ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ جَعَلَ لَهُ كَلَامًا إذَا لَمْ يَحْرُثْهَا الْمُكْتَرِي فَإِنَّ الْكِرَاءَ يَنْفَسِخُ وَيَأْخُذُ الْمُكْرِي أَرْضَهُ وَكَمَا لَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْكِرَاءِ الْغَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِعَدَمِ فَسْخِ عَقْدِ الْكِرَاءِ سَوَاءٌ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ قَبْلَ الْحَرْثِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَذَلِكَ لِقِيَامِ عِوَضِهِ مَقَامَهُ (قَوْلُهُ أَخْذُهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً سَنَةً، أَوْ سَنَتَيْنِ (قَوْلُهُ إذَا سُلِّمَ الْكِرَاءُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ مَثَلًا وَمَعْنَى سَلَّمَهُ أَبْقَاهُ بِيَدِهِ وَمَحَلُّ أَخْذِ الْمُسْتَحَقِّ لَهُ إذَا سُلِّمَ الْكِرَاءُ لِلْمُكْرِي وَدُفِعَ كِرَاءُ الْحَرْثِ إذَا كَانَ الْمُكْتَرِي لَمْ يَبْذُرْهَا بَعْدَ الْحَرْثِ، وَإِلَّا فَاتَتْ عَلَى
(فَإِنْ أَبَى) الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ مَا ذُكِرَ لِلْمُكْتَرِي (قِيلَ لَهُ) أَيْ لِلْمُكْتَرِي (أَعْطِ) الْمُسْتَحِقَّ (كِرَاءَ سَنَةٍ) ، أَوْ سَنَتَيْنِ (وَإِلَّا أَسْلِمْهَا) بِحَرْثِهَا مَجَّانًا (بِلَا شَيْءٍ) وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ، وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ شَامِلًا لَهُمَا فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْكِرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ فِي اسْتِحْقَاقِهِ حَيْثُ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ (وَفِي سِنِينَ) أَيْ، وَإِذَا أَجَّرَ الْأَرْضَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ، وَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ مُدَّةَ سِنِينَ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ بُطُونٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ وَفَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ فِيمَا مَضَى؛ لِأَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ (وَيَفْسَخُ) الْعَقْدَ إنْ شَاءَ (أَوْ يَمْضِي) فِي الْبَاقِي (إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ) أَيْ نِسْبَةَ مَا يَنُوبُ الْبَاقِيَ مِنْ الْأُجْرَةِ لِتَكُونَ الْإِجَارَةُ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ بِأَنْ كَانَتْ تَخْتَلِفُ الْأُجْرَةُ لِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ السِّنِينَ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَعْرِفُ التَّعْدِيلَ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْضَاءُ (وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي) ، بَلْ يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ (لِلْعُهْدَةِ) أَيْ لِأَجْلِهَا، وَالْمُرَادُ عُهْدَةُ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْأَوَّلِ أَيْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَمْضَى الْكِرَاءَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُكْتَرِي فِي فَسْخِهِ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ، فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ أَيْ أَنَّ خِيَارَ الْمُكْتَرِي لِأَجْلِ خَوْفِ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ مُنْتَفٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ لِمَلَائِهِ مَثَلًا وَلَا أَرْضَى بِالثَّانِي؛ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ مَرَّةً أُخْرَى لَمْ أَجِدْ مَنْ أَرْجِعُ عَلَيْهِ لِعُسْرِ الْمُسْتَحَقِّ (وَانْتَقَدَ) الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ قُضِيَ لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُسْتَحِقِّ بِالْبَذْرِ.
(قَوْلُهُ أَعْطِ الْمُسْتَحِقَّ كِرَاءَ سَنَةٍ، أَوْ سَنَتَيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ، بَلْ أَجَازَ الْعَقْدَ بِشَيْئِهِ فَمَنْفَعَةُ الْأَرْضِ الْمُدَّةَ الَّتِي حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا يَسْتَحِقُّهَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَهَا) أَيْ، وَإِلَّا تُعْطِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءَ سَنَةٍ أَسْلَمَهَا لِرَبِّ الْأُجْرَةِ بِلَا شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ (قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ أَجَازَ مُسْتَحِقُّ الْكِرَاءِ الْعَقْدَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ، وَأَخَذَهُ فَالْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي كِرَاءَ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ وَجُعِلَ قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ إلَخْ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهُ هُوَ مَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ) أَيْ فَإِذَا اسْتَحَقَّ إنْسَانٌ أَرْضًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ حَرَثَهَا ذُو الشُّبْهَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَزْرَعَهَا كَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهَا وَدَفْعُ أُجْرَةِ الْحَرْثِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ أَعْطِ كِرَاءَ سَنَةٍ فَإِنْ امْتَنَعَ سَلَّمَهَا لِرَبِّهَا الْمُسْتَحِقِّ بِلَا شَيْءٍ فِي مُقَابَلَةِ الْحَرْثِ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذَا الشُّبْهَةِ يَلْزَمُهُ كِرَاءُ السَّنَةِ إنْ لَمْ يَفُتْ الْإِبَّانُ فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَهُوَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ أَوَّلُ الْكَلَامِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ (قَوْلُهُ وَفِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ) أَيْ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ وَقَدْ كَانَ حَرَثَهَا (قَوْلُهُ وَفِي سِنِينَ) أَرَادَ بِالْجَمْعِ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى أَخْذِهَا، وَالْمَعْطُوفُ فِي الْحَقِيقَةِ يُفْسَخُ بِالنَّصْبِ فَإِنَّهُ فِي تَأْوِيلِ الْمَصْدَرِ، وَإِنْ مَحْذُوفَةٌ جَوَازًا كَمَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ
وَإِنْ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ فِعْلٌ عُطِفْ
…
تَنْصِبُهُ إنْ ثَابِتًا أَوْ مُنْحَذِفْ
وَفِي سِنِينَ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُسْتَحِقِّ، وَالتَّقْرِيرُ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي مَسْأَلَةِ كِرَاءِ سِنِينَ الْفَسْخِ، وَالْإِمْضَاءِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ) أَيْ.
وَأَمَّا الْغَاصِبُ إذَا أَكْرَاهَا سِنِينَ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ الْمُكْتَرِي بَعْدَ زَرْعِهَا بَعْضَ الْمُدَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمِلٍ فَيَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ الْمَاضِي، وَإِنْ أَمْضَى الْعَقْدَ فَقَدْ أَمْضَى فِي الْجَمِيعِ فَكِرَاؤُهُ مَعْلُومٌ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَوْلِهِ إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ شُهُورٍ، أَوْ بُطُونٍ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سِنِينَ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ) أَيْ بَعْدَ مَا زُرِعَتْ بَعْضَ السِّنِينَ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ الْمَفْهُومِ مِنْ اُسْتُحِقَّتْ (قَوْلُهُ وَيَفْسَخُ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَ إلَخْ) أَيْ وَمَحَلُّ جَوَازِ إمْضَائِهِ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا لَوْ كَانَ اكْتَرَى الْأَرْضَ ثَلَاثَ سِنِينَ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَقَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ أُجْرَتُهَا فِي السَّنَةِ الْأُولَى تُسَاوِي أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِقُوَّةِ الْأَرْضِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَفِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ تُسَاوِي خَمْسِينَ فَلَهُ أَنْ يُمْضِيَ الْعَقْدَ فِي السَّنَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْعَقْدَ فِيهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ الْإِمْضَاءُ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِلْإِجَارَةِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ) أَيْ لِأَجْلِ خَوْفِ الْعُهْدَةِ أَيْ لِأَجْلِ خَوْفِ الِاسْتِحْقَاقِ الطَّارِئِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ، وَهَذَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ، أَوْ يُمْضِي إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ أَيْ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَمْضَى الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُكْتَرِي فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ خَوْفًا مِنْ طُرُوُّ اسْتِحْقَاقٍ آخَرَ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ خِيَارَ الْمُكْتَرِي) أَيْ فِي إمْضَاءِ الْعَقْدِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ وَفَسْخُهُ مُنْتَفٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا كَلَامَ لَهُ فِي فَسْخِ الْعَقْدِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْعُقْدَةِ (قَوْلُهُ لَا أَرْضَى إلَّا بِأَمَانَةِ الْأَوَّلِ) أَيْ بِأَمَانَةِ الْمُكْرِي عَلَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَنَا لَا أَرْضَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مَقُولٌ لَا مُحَصَّلَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَا يَدْفَعُ أُجْرَةَ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ لِلْمُسْتَحِقِّ حَالًا إلَّا إذَا كَانَ مَأْمُونًا، أَوْ يَأْتِي بِحَمِيلِ ثِقَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ حَيْثُ أَمْضَى الْمُسْتَحِقُّ الْإِجَارَةَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ ذَلِكَ الْبَاقِي حَالًا مِنْ الْمُكْتَرِي
(إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ) ، وَهُوَ الْمُكْرَى أَيْ إنْ كَانَ أَخَذَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ رَدُّ حِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ لِلْمُكْتَرِي، وَإِلَى ثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَأَمِنَ هُوَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ فِرَارٌ، أَوْ مَطْلٌ، وَإِلَّا لَمْ يُنْتَقَدْ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلِ ثِقَةٍ.
(وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ) مِنْ مُشْتَرٍ وَمُكْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمَا بِغَصْبِهِ لَا وَارِثَهُ مُطْلَقًا كَمَوْهُوبِهِ إنْ أَعْسَرَ الْغَاصِبُ وَلَا مَنْ أَحْيَا أَرْضًا يَظُنُّهَا مَوَاتًا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْغَلَّةُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ (أَوْ الْمَجْهُولِ) حَالُهُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ، أَوْ هَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا (لِلْحُكْمِ) بِالِاسْتِحْقَاقِ عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ، ثُمَّ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ، فَاللَّامُ فِي لِلْحُكْمِ لِلْغَايَةِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ بِقَوْلِهِ (كَوَارِثٍ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ، بَلْ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ، أَوْ مَجْهُولٍ، أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ.
وَأَمَّا وَارِثُ الْغَاصِبِ فَلَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا (وَمَوْهُوبٍ) مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ، أَوْ مِنْهُ إنْ أَيْسَرَ الْغَاصِبُ لَا إنْ أَعْسَرَ فَلَا غَلَّةَ لِمَوْهُوبِهِ (وَمُشْتَرٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ تَحَقَّقَ عَدَمُ عِلْمِهِمْ، أَوْ جُهِلَ عِلْمُهُمْ لِحَمْلِهِمْ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ فَالْغَلَّةُ لَهُمْ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ فَإِنْ عَلِمُوا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ، بَلْ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ (بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ) طَرَأَ (عَلَى وَارِثٍ) فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ، بَلْ يَأْخُذُ مِنْهُ رَبُّ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثَ وَغَلَّتَهُ أَيْ أَنَّ الْوَارِثَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ) أَيْ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ الْكِرَاءَ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا اشْتَرَطَ نَقْدَهُ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ نَقْدَهُ.
وَأَمَّا لَوْ انْتَقَدَ بَعْضَهُ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَيَّنَهُ عَنْ مُدَّةٍ كَانَ لِمَنْ لَهُ تِلْكَ الْمُدَّةُ، وَإِنْ جَعَلَهُ عَنْ بَعْضٍ مِنْهُمْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا لِكُلٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا اُشْتُرِطَ نَقْدُ بَعْضِهِ، أَوْ جَرَى بِنَقْدِ بَعْضِهِ عُرْفٌ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا كَانَ الْمُكْرِي قَدْ انْتَقَدَ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ عَنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَانْتَقَدَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُكْتَرِي فَيَلْزَمُ الْمُكْرِيَ أَنْ يَرُدَّ حِصَّةَ مَا بَقِيَ لِلْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ، وَأَمِنَ هُوَ) إنَّمَا أُبْرِزَ الضَّمِيرُ لِمُخَالَفَةِ فَاعِلِ الْفِعْلَيْنِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ؛ لِأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ وَفَاعِلَ الْمَعْطُوفِ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ وَلَا يُخْشَى مِنْهُ فِرَارٌ، أَوْ مَطْلٌ) أَيْ لَوْ طَرَأَ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ) فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ لَمْ يَنْتَقِدْ وَتُوضَعُ أُجْرَةُ مَا بَقِيَ مِنْ السِّنِينَ عِنْدَ حَاكِمٍ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكْتَرِيَ لَمَّا كَانَ يَخَافُ أَنْ يَحْصُلَ اسْتِحْقَاقٌ ثَانٍ، وَأَنَّهُ يَضِيعُ عَلَيْهِ مَا نَقَدَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ، أَوْ فِرَارِهِ، أَوْ مَطْلِهِ اشْتَرَطَ فِي انْتِقَادِ الْمُسْتَحِقِّ كَوْنَهُ مَأْمُونًا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ سِنِينَ صَحِيحَةٌ، أَوْ غَيْرُ صَحِيحَةٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِمَا نَقَلَهُ عبق وخش عَنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ قَوْلِهِ لَعَلَّ هَذَا الشَّرْطَ الثَّانِيَ فِي دَارٍ يُخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَإِنَّهُ يُنْتَقَدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ، وَالْغَلَّةُ) مُبْتَدَأٌ وَلِذِي الشُّبْهَةِ حَالٌ وَقَوْلُهُ لِلْحُكْمِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ لَا وَارِثِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا، أَوْ مُعْسِرًا، عَلِمَ بِغَصْبِ مُورِثِهِ أَمْ لَا، فَإِذَا مَاتَ الْغَاصِبُ عَنْ سِلْعَةٍ مَغْصُوبَةٍ وَاسْتَغَلَّهَا مُورِثُهُ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ، وَأَخَذَ غَلَّتَهَا أَيْضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ أَعْسَرَ الْغَاصِبُ) أَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ الْغَلَّةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ وَيَفُوزُ الْمَوْهُوبُ بِمَا اسْتَغَلَّهُ (قَوْلُهُ وَيَظُنُّهَا مَوَاتًا) أَيْ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا مَمْلُوكَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ) أَيْ، وَإِنْ كَانُوا ذَوِي شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ لَا تَكُونُ لِكُلِّ ذِي شُبْهَةٍ) أَيْ، بَلْ إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ أَدَّى ثَمَنًا، أَوْ نَزَلَ مَنْزِلَتَهُ فَالثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ ذَوُو شُبْهَةٍ لَا يُقْلَعُ غَرْسُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا يُهْدَمُ بِنَاؤُهُ لَكِنَّهُ لَا غَلَّةَ لَهُ فَذُو الشُّبْهَةِ الَّذِي لَهُ الْغَلَّةُ أَخَصُّ مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ الَّذِي لَا يُقْلَعُ غَرْسُهُ وَلَا يُهْدَمُ بِنَاؤُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْمَجْهُولِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَجْهُولَ حَالُهُ لَيْسَ ذَا شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَهُوَ مَا تَحَرَّرَ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ بَعْدَ أَنْ جَعَلَهُ عَطْفَ خَاصٍّ اهـ.
شَيْخُنَا (قَوْلُهُ هَلْ هُوَ غَاصِبٌ، أَوْ هَلْ وَاهِبُهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا) أَيْ أَوَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ (قَوْلُهُ لِلْحُكْمِ) لَا يُنَافِي هَذَا مَا ذَكَرَهُ آخِرَ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْوَقْفِ فِي الرِّبَاعِ زَمَنَ الْخِصَامِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمَنْعُ مِنْ الْبَيْعِ مَثَلًا فَلَا يُنَافِي الِاسْتِغْلَالَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِلْغَايَةِ) أَيْ فَهِيَ بِمَعْنَى إلَى، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْغَلَّةَ تَكُونُ لِذِي الشُّبْهَةِ، وَالْمَجْهُولِ مِنْ يَوْمِ وَضْعِ يَدِهِ إلَى يَوْمِ الْحُكْمِ بِهِ لِذَلِكَ الْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ مَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ) أَيْ الَّذِي تَكُونُ لَهُ الْغَلَّةُ (قَوْلُهُ، أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ) أَيْ، أَوْ وَارِثٍ لِمُشْتَرٍ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَيْسَ وَارِثًا لِذِي الشُّبْهَةِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمُكْتَرِي مِنْهُ ذُو شُبْهَةٍ وَحِينَئِذٍ فَوَارِثُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَارِثُ ذِي شُبْهَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ، بَلْ لِذِي شُبْهَةٍ، أَوْ مَجْهُولِ حَالٍ كَوَارِثِ مُشْتَرٍ، أَوْ مُكْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِكَافِ التَّمْثِيلِ وَيَحْذِفُ نَحْوَ، وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ وَارِثَ ذِي الشُّبْهَةِ ذُو شُبْهَةٍ كَوَارِثِ مَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ فَلَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ بِغَصْبِ مُورِثِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ) أَيْ بِأَنْ، وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، أَوْ، وَهَبَهُ مَجْهُولُ الْحَالِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) هَذَا شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ أَعْنِي الْوَارِثَ، وَالْمَوْهُوبَ لَهُ، وَالْمُشْتَرِيَ مِنْ الْغَاصِبِ بِنَاءً عَلَى مَا قُرِّرَ بِهِ قَوْلُهُ كَوَارِثٍ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
وَأَمَّا حَمْلُ الْوَارِثِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَارِثِ الْغَاصِبِ وَجَعْلُ الشَّرْطِ رَاجِعًا لِغَيْرِهِ وَجَمْعُ ضَمِيرِهِ بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ، أَوْ رَاجِعًا لِلثَّلَاثَةِ فَهُوَ حَمْلٌ فَاسِدٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمُوا فَلَا غَلَّةَ لَهُمْ) ، بَلْ تَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ، قَالَ عبق، وَالْمُعْتَبَرُ عِلْمُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ
إذَا وَرِثَ عَقَارًا كَدَارٍ وَاسْتَغَلَّهُ، ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَارِثَ يَرُدُّ الْغَلَّةَ حَيْثُ كَانَ الدَّيْنُ يَسْتَوْفِيهَا فَهُوَ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ وَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ وَارِثٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ كَانَ أَنْسَبَ (كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ) فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ، بَلْ يُقَاسِمُهُ أَخُوهُ الطَّارِئُ فِيهَا وَلَوْ قَالَ طَرَأَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَانَ، أَوْضَحَ (إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ) الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ كِرَاءٍ كَأَنْ يَسْكُنَ الدَّارَ، أَوْ يَرْكَبَ الدَّابَّةَ، أَوْ يَزْرَعَ الْأَرْضَ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِالطَّارِئِ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَعِلْمُ النَّاسِ فِي مَوْهُوبِ الْغَاصِبِ كَمَا لِأَبِي عِمْرَانَ، وَذَكَرَهُ تت فَيُتْبَعُ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا كَهُوَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ اهـ.
فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا عِلْمُ النَّاسِ، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ شُبْهَتُهُ أَقْوَى بِالْمُعَاوَضَةِ فَقَوِيَ جَانِبُهُ (قَوْلُهُ إذَا وَرِثَ عَقَارًا إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَسَمَ الْوَرَثَةُ عَيْنَ التَّرِكَةِ وَنَمَتْ فِي أَيْدِيهِمْ.
وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْوَارِثُ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ وَحُوسِبَ بِذَلِكَ مِنْ مِيرَاثِهِ وَنَمَا فِي يَدِهِ فَلَهُ نَمَاؤُهُ وَلَا شَيْءَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ مِنْهُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ أَجْنَبِيٌّ وَنَمَا فِي يَدِهِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَمُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ) أَيْ فَهُوَ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ إلَّا فِي طُرُوُّ دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ فَلَا غَلَّةَ لِلْوَارِثِ، عَلِمَ الْوَارِثُ بِالدَّيْنِ قَبْلَ الِاسْتِغْلَالِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَانَ أَنْسَبَ) أَيْ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَتْ نَاشِئَةً عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ، أَوْ تَجْرِ الْوَصِيِّ عَلَى الْوَارِثِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا مَاتَ شَخْصٌ وَتَرَكَ ثَلَثَمِائَةِ دِينَارٍ وَتَرَكَ أَيْتَامًا، وَأَخَذَ شَخْصٌ الْوَصِيَّةَ عَلَيْهِمْ وَاتَّجَرَ فِي الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ حَتَّى صَارَ سِتَّمِائَةٍ مَثَلًا فَطَرَأَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ قَدْرَ السِّتِّمِائَةِ، أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جَمِيعَ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْمَخْزُومِيِّ الْقَائِلِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ الطَّارِئِ إنَّمَا يَأْخُذُ الْغَلَّةَ مِنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ نَاشِئَةٍ عَنْ تَحْرِيكِهِ، أَوْ تَحْرِيكِ وَصِيِّهِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ وَاتَّجَرَ بِالْقَدْرِ الْمَذْكُورِ أَيْ لِلْأَيْتَامِ.
وَأَمَّا إنْ اتَّجَرَ بِهِ لِنَفْسِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَلِّفٌ وَلَا يُقَالُ قَدْ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّ الْمَالَ لِلْغَرِيمِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَصِيُّ الْمُتَّجِرُ بِهِ لِنَفْسِهِ، أَوْلَى مِمَّنْ غَصَبَ مَالًا وَاتَّجَرَ فِيهِ فَرِبْحُهُ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ الْغَرِيمُ بَعْدَ إنْفَاقِ الْوَلِيِّ التَّرِكَةَ عَلَى الْأَيْتَامِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلِيَّ غَيْرُ عَالِمٍ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ فَلَا شَيْءَ، عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْأَيْتَامِ وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ إنْفَاقِ الْوَرَثَةِ الْكِبَارِ نَصِيبَهُمْ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ بِلَا خِلَافٍ، وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي هَذَا الْمَحَلِّ مَا مُحَصَّلُهُ لَوْ عَمِلَ، أَوْلَادُ رَجُلٍ فِي مَالِهِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ مَعَهُ، أَوْ وَحْدَهُمْ وَنَشَأَ مِنْ عَمَلِهِمْ غَلَّةٌ كَانَتْ تِلْكَ الْغَلَّةُ لِلْأَبِ وَلَيْسَ لِلْأَوْلَادِ إلَّا أُجْرَةُ عَمَلِهِمْ يَدْفَعُهَا لَهُمْ بَعْدَ مُحَاسَبَتِهِمْ بِنَفَقَتِهِمْ وَزَوَاجِهِمْ إنْ زَوَّجَهُمْ فَإِنْ لَمْ تَفِ أُجْرَتُهُمْ بِذَلِكَ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالْبَاقِي إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ لَهُمْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ النَّفَقَةِ، وَالزَّوَاجِ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَوْلَادُ بَيَّنُوا لِأَبِيهِمْ أَوَّلًا أَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ لَهُمْ أَمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمَا دَخَلُوا عَلَيْهِ وَقُرِّرَ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا اتَّجَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فِي التَّرِكَةِ فَمَا حَصَلَ مِنْ الْغَلَّةِ فَهُوَ تَرِكَةٌ وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوَّلًا أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِنَفْسِهِ فَإِنْ بَيَّنَ أَوَّلًا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ، وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي تَرَكَهُ مُورِثُهُمْ (قَوْلُهُ كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ كَوَارِثٍ طَرَأَ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ مُسْتَحِقٌّ وُقِفَ عَلَى مُسْتَحِقٍّ آخَرَ اسْتَغَلَّهُ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِهِ، أَوْ سَكَنَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِالْغَلَّةِ وَلَا بِالسُّكْنَى، وَهُوَ كَذَلِكَ، رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ، وَأَمَّا إنْ اسْتَغَلَّهُ عَالِمًا بِالطَّارِئِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا اسْتَغَلَّ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِ وَارِثٌ مِثْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الطَّارِئِ فِي تِلْكَ الْغَلَّةِ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ نَاشِئَةً عَنْ كِرَاءٍ لَا إنْ كَانَتْ انْتِفَاعًا بِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَانَ، أَوْضَحَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ فِي كَوْنِهِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ أَوْ لَا يَفُوزُ، الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ لَا الطَّارِئُ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِالطَّارِئِ) أَيْ.
وَأَمَّا لَوْ انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْوَارِثِ الطَّارِئِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ حِصَّتَهُ مِنْ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ نَصِيبُهُ يَكْفِيهِ لِلسُّكْنَى كَانَ مُسْتَغْنِيًا عَنْ حِصَّةِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَصِيبُهُ لَا يَكْفِيهِ فَإِنَّهُ مُضْطَرٌّ لِحِصَّةِ الْغَيْرِ فَيَغْرَمُ حِينَئِذٍ أُجْرَتَهَا، نَعَمْ إنْ كَانَ نَصِيبُهُ يَكْفِيهِ وَسَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ فَالشَّرْطُ إذَنْ أَنْ يَسْكُنَ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَقَوْلُهُ، وَأَنْ يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ إلَخْ هَذَا الشَّرْطُ فِي نَفْسِهِ بَعِيدٌ، وَأَخْذُهُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بَعِيدٌ
وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الشُّرُوطُ تُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالتَّأَمُّلِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إبَّانٌ.
(وَإِنْ غَرَسَ) ذُو الشُّبْهَةِ (أَوْ بَنَى) وَقَامَ عَلَيْهِ الْمُسْتَحِقُّ (قِيلَ لِلْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) مُنْفَرِدًا مِنْ الْأَرْضِ (فَإِنْ أَبَى) الْمَالِكُ (فَلَهُ) أَيْ الْغَارِسِ، أَوْ الْبَانِي (دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ) بِغَيْرِ غَرْسٍ وَبِنَاءٍ (فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ) هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ، وَهَذَا بِقِيمَةِ غَرْسِهِ، أَوْ بِنَائِهِ وَيُعْتَبَرُ التَّقْوِيمُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الْغَرْسِ، وَالْبِنَاءِ (إلَّا) أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ (الْمُحَبَّسَةُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ يَحْجُبُ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ) أَيْ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ مَا اغْتَلَّهُ (قَوْلُهُ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْإِبَّانُ بَاقِيًا فَلَا يَفُوزُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِمَا انْتَفَعَ بِهِ، بَلْ يُحَاسِبُهُ الطَّارِئُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ فِي الْمُخْرَجِ أَيْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْمَطْرُوَّ عَلَيْهِ إذَا انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الطَّارِئَ لَا يُشَارِكُهُ فِي الْغَلَّةِ، بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا سَكَنَ فِيهِ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَأَنْ لَا يَعْلَمَ بِذَلِكَ الطَّارِئِ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّارِئُ حَاجِبًا فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ رَجَعَ الطَّارِئُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ وَحَاصَّهُ فِي الْغَلَّةِ كَمَا أَنَّهُ يُحَاصِصْهُ إذَا كَانَ الْمَطْرُوُّ لَمْ يَنْتَفِعْ بِنَفْسِهِ، بَلْ أَكْرَى مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.
(تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مَثَلًا فَاسْتَغَلَّهَا أَحَدُهُمَا مُدَّةً فَإِنْ كَانَ بِكِرَاءٍ رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ فِي الْغَلَّةِ، وَإِنْ أَشْغَلَهَا بِالسُّكْنَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إنْ سَكَنَ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ فَإِنْ سَكَنَ أَكْثَرَ مِنْهَا رَجَعَ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدَمِ اتِّبَاعِ شَرِيكِهِ لَهُ إلَّا هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ سُكْنَاهُ قَدْرَ حِصَّتِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِهِ بِالطَّارِئِ وَلَا فَوَاتُ الْإِبَّانِ فَفِي الْعَمَلِيَّاتِ:
وَمَا عَلَى الشَّرِيكِ يَوْمًا إنْ سَكَنْ
…
فِي قَدْرِ حَظِّهِ لِغَيْرِهِ ثَمَنْ
اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ غَرَسَ ذُو الشُّبْهَةِ) أَيْ كَالْمُشْتَرِي، أَوْ الْمُكْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ، وَالْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْهُ، وَالْمُسْتَعِيرِ مِنْهُ وَلَمْ يَعْلَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِغَصْبِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ غَرَسَ، أَوْ بَنَى، أَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ وَقَوْلُهُ غَرَسَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ لَوْ صَرَفَ مَالًا عَلَى تَفْصِيلِ عَرْضٍ، أَوْ خِيَاطَتِهِ، أَوْ عَمَّرَ سَفِينَةً فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَاحْتُرِزَ بِذِي الشُّبْهَةِ عَمَّا لَوْ بَنَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ، أَوْ غَرَسَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يَرْجِعُ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ بِقَلْعِهِ، بَلْ إنْ قَسَمُوا وَوَقَعَ فِي قَسْمِ غَيْرِهِ دَفَعَ لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا، وَإِنْ أَبْقَوْا الشَّرِكَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوهُ بِأَخْذِهِ، أَوْ يَدْفَعُوا لَهُ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا.
وَقِيلَ قَائِمًا اُنْظُرْ إلَخْ (قَوْلُهُ قِيلَ لِلْمَالِكِ) أَيْ، وَهُوَ مُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَيْ وَلَوْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ؛ لِأَنَّهُ وَضَعَهُ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ كَذَا فِي خش وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ بِنَاءِ الْمُلُوكِ، وَذَوِي الشَّرَفِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ مَنْقُوضًا؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمْ الْإِسْرَافُ، وَالتَّغَالِي وَاحْتُجَّ لِذَلِكَ بِسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَذُكِرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالشَّيْخِ ابْنِ الْحُبَابِ فَأَفْتَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالشَّرِكَةِ وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِظُهُورِهِ.
وَقِيلَ إنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ قَالَ الْمَوَّاقُ، وَالْقَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ اهـ.
بْن، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا عَلَى أَنَّهُ فِي أَرْضِ الْغَيْرِ؟ فَيُقَالُ كَذَا، وَمَا قِيمَةُ الْأَرْضِ مُفْرَدَةً عَنْ الْغَرْسِ، أَوْ الْبِنَاءِ الَّذِي فِيهَا؟ فَيُقَالُ كَذَا، فَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ، فَلَوْ قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا فَقَالَ لَيْسَ عِنْدِي مَا أُعْطِيهِ الْآنَ وَمَا أُرِيدُ إخْرَاجَهُ عَنْ مِلْكِي وَلَكِنْ يَسْكُنُ وَيَنْتَفِعُ حَتَّى يَرْزُقَنِي اللَّهُ مَا أُؤَدِّي مِنْهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ رَضِيَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، أَوْ الْغَرْسِ مِنْ كِرَاءِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ كَقَبْضِ الْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ) مَا مَرَّ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِمِلْكٍ، وَالْكَلَامُ الْآنَ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضٍ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا نَقْضُهُ اهـ.
فَقَوْلُهُ إلَّا الْمُحَبَّسَةَ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ أَيْ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا اُسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ بَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهَا، أَوْ غَرَسَ فَفِيهَا مَا مَرَّ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ لِمَالِكٍ إلَخْ.
وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَا يَجْرِي فِيهَا وَجْهٌ مِنْ الْأَوْجُهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَلَا يُقَالُ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ إلَى آخِرِ
عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ تُسْتَحَقُّ بَعْدَ غَرْسِهَا، أَوْ بِنَائِهَا (فَالنُّقَضُ) بِضَمِّ النُّونِ مُتَعَيِّنٌ لِرَبِّهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ اهْدِمْ بِنَاءَك وَخُذْهُ وَدَعْ الْأَرْضَ لِمُسْتَحِقِّيهَا إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَقَائِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْوَقْفِ وَرَأَى النَّاظِرُ إبْقَاءَهُ فَلَهُ دَفْعُ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ لَهُ رِيعٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِيعٌ وَدَفَعَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا وَلَحِقَ الْغَرْسُ، أَوْ الْبِنَاءُ بِالْوَقْفِ كَمَا لَوْ بَنَى، أَوْ غَرَسَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَلَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَتَعَطَّلَ الْوَقْفُ بِالْمَرَّةِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رِيعٌ لَهُ يُقَيِّمُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إجَارَتُهُ بِمَا يُقَيِّمُهُ فَأَذِنَ النَّاظِرُ لِمَنْ يَبْنِي، أَوْ يَغْرِسُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ يَدْفَعُهُ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَوَّلًا بِقَصْدِ إحْيَاءِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ مَا بَنَاهُ، أَوْ غَرَسَهُ يَكُونُ لَهُ مِلْكًا وَيَدْفَعُ حِكْرًا مَعْلُومًا فِي نَظِيرِ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ مِنْ مَسْجِدٍ، أَوْ آدَمِيٍّ فَلَعَلَّ هَذَا يَجُوزُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُسَمَّى الْبِنَاءُ، وَالْغَرْسُ حِينَئِذٍ خَلْوًا يُمْلَكُ وَيُبَاعُ وَيُورَثُ وَيُوقَفُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُ هَذَا مَمْنُوعٌ وَقَدْ تَسَاهَلَ النَّاسُ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَسَاهُلًا كَثِيرًا وَخَرَجُوا عَنْ قَانُونِ الشَّرِيعَةِ فَاحْذَرْهُمْ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
(وَضَمِنَ) مُشْتَرٍ لِأَمَةٍ مِنْ نَحْوَ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدِّيهِ فَأَوْلَدَهَا (قِيمَةَ) الْأَمَةِ (الْمُسْتَحَقَّةَ) مِنْهُ لِمَالِكِهَا الْمُسْتَحِقِّ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهَا عَلَى بَائِعِهَا كَانَ قَدْرَ الْقِيمَةِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَا يَرْجِعُ رَبُّهَا عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ عَلَى مَا يُفِيدُهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، وَهُوَ الْحَقُّ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا قَامَتْ مَقَامَهَا.
(وَ) ضَمِنَ قِيمَةَ (وَلَدِهَا) أَيْضًا إنْ كَانَ حُرًّا بِأَنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا الْعَبْدِ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَأَخْذُهَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ الْحُكْمِ) لَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَا يَوْمَ الْوَطْءِ (وَ) إنْ قَتَلَ الْوَلَدُ خَطَأً ضَمِنَ أَبُوهُ لِلْمُسْتَحِقِّ (الْأَقَلَّ) مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَتَلَهُ وَمِنْ دِيَتِهِ (إنْ أَخَذَ) الْأَبُ لَهُ (دِيَةً) وَكَذَا إنْ عَفَا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَأَمَّا الْعَمْدُ فَإِنْ اقْتَصَّ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثَّلَاثَةِ إنَّمَا يُقَالُ لِلْبَانِي اهْدِمْ بِنَاءَك وَخُذْ نَقْضَهُ (قَوْلُهُ عَلَى مُعَيَّنِينَ، أَوْ غَيْرِهِمْ) هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِّ الْقَائِلِ إذَا كَانَتْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنِينَ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمِلْكِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْبَانِي نَقْضَهُ إذَا كَانَتْ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِينَ اهـ.
شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ ثَمَّ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُحْبَسِ عَلَى غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَقَوْلُهُ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا أَيْ وَلَيْسَ لِلْبَانِي أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْبُقْعَةِ بَرَاحًا؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِبَيْعِ الْحَبْسِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْبَانِيَ يَهْدِمُ بِنَاءَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ غَرَسَ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ) أَيْ الْبِنَاءُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ مَمْلُوكًا لَهُ) أَيْ لِلنَّاظِرِ الْبَانِي مَا لَمْ يُبَيِّنْ الْمِلْكِيَّةَ حِينَ الْبِنَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ كَمَا يَأْتِي فِي الْمُوقَفِ (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ حِكْرًا) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ.
(قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ غَاصِبٍ) أَيْ مِنْ غَاصِبٍ وَنَحْوِهِ كَوَارِثِهِ وَمَوْهُوبِهِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَحَقَّةِ) أَيْ بِرِقِّيَّةٍ بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا الَّتِي دَفَعَهَا لِرَبِّهَا لَا يَرْجِعُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ رَبُّهَا أَيْ، وَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْحَقُّ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ لِرَبِّهَا أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي، فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا عَشَرَةً، وَأَخَذَهَا الْمَالِكُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَكَانَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ الْغَاصِبُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ الْغَاصِبِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ الْغَاصِبِ بِخَمْسَةٍ فَيَغْرَمُ الْغَاصِبُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ وَيَغْرَمُ أَيْضًا خَمْسَةً لِلْمُسْتَحِقِّ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَصَوَّبَ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَتَهَا) أَيْ الْأَمَةِ قَامَتْ مَقَامَهَا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ وَزَوَّجَهَا لِحُرٍّ فَأَوْلَدَهَا، أَوْ كَانَ سَيِّدُهَا الَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْ الْغَاصِبِ رَقِيقًا فَأَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ، وَأَخْذُهَا) أَيْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَأْخُذَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا وَيَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَقَوْلُهُ لَا يَوْمَ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ قِيَامِ الْمَالِكِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَعَيُّنِ ضَمَانِ الْقِيمَتَيْنِ، وَأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَخْذُهَا إنْ شَاءَ مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ يَوْمَ الْحُكْمِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مَعًا إلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فَقَطْ يَوْمَ وَطْئِهَا وَلَا قِيمَةَ لِلْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَبِهِ أَفْتَى لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ أُمُّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمُ.
وَقِيلَ أُمُّ وَلَدِهِ مُحَمَّدٌ اُنْظُرْ بْن (تَنْبِيهٌ) إذَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ الْحُرِّ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ فَبِدُونِ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَلَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يَمْلِكَ مَالَهُ كَمَا أَنَّ الْأُمَّ تُقَوَّمُ بِدُونِ مَالِهَا؛ لِأَنَّ مَالَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ ضَمِنَ أَبُوهُ لِلْمُسْتَحِقِّ الْأَقَلَّ إلَخْ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى قِيمَةِ الْأُمِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ) أَيْ لَا عَلَى
وَإِنْ عَفَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ، وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ قَدْرِ الْقِيمَةِ، أَوْ أَكْثَرَ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِمَّا صَالَحَ بِهِ، وَإِنْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ أَخَذَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْجَانِي بِالْأَقَلِّ مِنْ بَاقِي الْقِيمَةِ، أَوْ الدِّيَةِ (لَا صَدَاقُ حُرَّةٍ) اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَلَا يَضْمَنُهُ لَهَا (أَوْ غَلَّتُهَا) إذَا اسْتَخْدَمَهَا، أَوْ آجَرَهَا فَلَا يَضْمَنُهَا.
(وَإِنْ هَدَمَ مُكْتَرٍ) مِنْ ذِي شُبْهَةٍ دَارًا مَثَلًا (تَعَدِّيًا) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي فَاسْتُحِقَّتْ (فَلِلْمُسْتَحِقِّ) عَلَى الْمُتَعَدِّي بِالْهَدْمِ (النَّقْضُ) إنْ وُجِدَ (وَقِيمَةُ) نَقْضِ (الْهَدْمِ) أَيْ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الدَّارِ مَثَلًا قَائِمَةً؟ فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْبُقْعَةِ، وَالْأَنْقَاضِ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمُتَعَدِّي بِخَمْسَةٍ بَعْدَ أَخْذِ الْأَنْقَاضِ، وَالْبُقْعَةِ فَإِنْ بَاعَ النَّقْضَ هَادِمُهُ كَانَ عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ إنْ شَاءَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ، أَوْ قِيمَتُهُ، وَهَذَا إنْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ، وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ، وَإِجَازَتُهُ، وَأَخْذُ ثَمَنِهِ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضَ وَقِيمَةَ الْهَدْمِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مُكْرِيهِ) مِنْ الْهَدْمِ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ نَفْعِ الْبَرَاءَةِ قَوْلَهُ (كَسَارِقِ عَبْدٍ) مِنْ شَخْصٍ أَبْرَأَهُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ)
الْعَبْدُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى السَّارِقِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُبْرِئِ (بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ) اسْتَعْمَلَهُ إنْسَانٌ فَلِمَنْ اسْتَحَقَّهُ بِرِقٍّ الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ (إلَّا الْقَلِيلَ) كَسَقْيِ دَابَّةٍ وَشِرَاءِ شَيْءٍ تَافِهٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ، وَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ غَلَّتُهَا فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَهُ كَانَ أَبْيَنَ وَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهُ مِمَّا قَبْلَهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا وَلَوْ قَبَضَهَا، وَأَتْلَفَهَا، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أَقْبَضَهَا لَهُ لَمْ يَرْجِعْ الْمُسْتَحِقُّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُسْتَحِقِّ قِطْعَةَ أَرْضٍ (هَدْمُ مَسْجِدٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأَبِ وَلَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ عَفَا) أَيْ الْأَبُ عَنْ الْقَاتِلِ لِلْوَلَدِ عَمْدًا (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ لِلْمُسْتَحِقِّ (قَوْلُهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ، وَالدِّيَةِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ فِيهِ دِيَةً، وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ لَا شَيْءَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَاتِلِ أَيْضًا اهـ.
بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ بِشَيْءٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ صَالَحَ الْأَبُ الْقَاتِلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً عَلَى شَيْءٍ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَكْثَرَ، وَالْحَالُ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَةِ وَمِمَّا صَالَحَ بِهِ) فَإِذَا كَانَتْ الدِّيَةُ أَلْفًا، وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَتْلِ مِائَتَيْنِ وَوَقَعَ الصُّلْحُ بِخَمْسِمِائَةٍ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ مِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِمَّا صَالَحَ بِهِ، وَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بِمِائَتَيْنِ قَدْرَ الْقِيمَةِ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ فَإِنْ صَالَحَ بِمِائَةٍ تَعَيَّنَ أَنْ يَأْخُذَهَا الْمُسْتَحِقُّ لَا الْقِيمَةَ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ تِلْكَ الْمِائَةَ مِنْ الْأَبِ رَجَعَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْجَانِي أَيْضًا بِمِائَةٍ بَاقِي الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَتَيْنِ كَمَا فَرَضْنَا فَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِتِسْعِمِائَةٍ كَمَالِ الدِّيَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ لَا صَدَاقُ حُرَّةٍ) أَيْ لَا يَضْمَنُ الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ صَدَاقَ حُرَّةٍ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ لِظَنِّهَا أَمَةً وَلَا يَضْمَنُ غَلَّتَهَا لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الشُّبْهَةِ وَمِثْلُ الْأَمَةِ الْعَبْدُ يَسْتَحِقُّ بِحُرِّيَّةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهُ وَكَذَا مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا فَاسْتَغَلَّهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحَبْسٍ فَلَا رُجُوعَ لِمُسْتَحِقِّهَا عَلَى مَنْ أَغَلَّهَا بِالْغَلَّةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا حَبْسٌ، وَإِلَّا رَدَّ غَلَّتَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ هُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ، وَهُوَ رَشِيدٌ فَلَا يَرْجِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ، وَإِنْ عَلِمَ بِأَنَّهَا وَقْفٌ كَمَا فِي ح.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ هَدَمَ) أَيْ، أَوْ قَلَعَ الْغَرْسَ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكْرِي) هَذَا تَفْسِيرٌ لِلتَّعَدِّي وَلَمْ يَحْتَرِزْ الْمُصَنِّفُ بِالتَّعَدِّي عَنْ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فَإِنْ هَدَمَهَا بِإِذْنِ الْمُكْرِي كَانَ كَهَدْمِ الْمُكْرِي فَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ النَّقْصَ فَقَطْ إنْ لَمْ يَبِعْهُ الْهَادِمُ فَإِنْ بَاعَهُ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا ثَمَنُهُ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَفُتْ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّمَا لَهُ الثَّمَنُ إنْ فَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ أَخْذِهِ، وَأَخْذِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ) أَيْ بَعْدَ الْهَدْمِ وَقَلْعِ الْغَرْسِ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَ) أَيْ، أَوْ أَفَاتَهُ الْمُكْتَرِي بِغَيْرِ بَيْعٍ (قَوْلُهُ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِ) أَيْ مَعَ نَقْصِ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ) أَيْ مَعَ نَقْصِ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ، وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ) أَيْ مَعَ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ) أَيْ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْمُكْرِي الْمُكْتَرِيَ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ الَّذِي هَدَمَهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَأْخُذُ مَا نَقَصَهُ الْهَدْمُ مَعَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّ نَقْصَ الْهَدْمِ قَدْ لَزِمَ ذِمَّةَ الْمُكْتَرِي بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي وَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْمُكْرِي بِنَقْصِ الْهَدْمِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، وَهُوَ الْإِبْرَاءُ مِنْ قِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْهَادِمِ (قَوْلُهُ كَسَارِقِ عَبْدٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ سَرَقَ عَبْدًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ فَأَفَاتَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُفَوِّتَاتِ فَأَبْرَأَ الْمَالِكُ ذِمَّةَ السَّارِقِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ يَتْبَعُ السَّارِقَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِبْرَاءِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّةِ السَّارِقِ بِمُجَرَّدِ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا نَزَلَ فِي بَلَدٍ فَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَعَمِلَ لِشَخْصٍ عَمَلًا، ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِالْمِلْكِ لِكُلِّهِ، أَوْ لِبَعْضِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِجَمِيعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ قَلِيلًا جِدًّا فَلَا رُجُوعَ لِرَبِّهِ بِأُجْرَتِهِ كَسَقْيِ دَابَّةٍ، أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، وَإِذَا رَجَعَ مُسْتَحِقُّهُ بِغَيْرِ الْقَلِيلِ أُسْقِطَ مِنْهُ قَدْرُ نَفَقَتِهِ فَتُحْسَبُ تِلْكَ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ وَتَسْقُطُ مِنْ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى
بُنِيَ فِيهَا وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَاشْتُهِرَ بِالْمَسْجِدِيَّةِ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا، وَأَخْذُ قِيمَةِ عَرْصَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْبِنَاءِ لِلْبَانِي لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْحَبْسِ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ خَرَجَ لِلَّهِ وَقْفًا وَسَوَاءٌ بَنَاهُ بِشُبْهَةٍ، أَوْ كَانَ غَاصِبًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِذَا هَدَمَهُ جُعِلَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ، أَوْ حُبِسَ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا جَعْلُهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَخَصَّ ذَلِكَ سَحْنُونٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَانِي غَاصِبًا.
وَأَمَّا إنْ كَانَ ذَا شُبْهَةٍ فَلَيْسَ لَهُ هَدْمُهُ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَعْطِهِ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْبَانِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ وَكُلُّ مَنْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ أَبْقَاهُ، وَإِذَا أَخَذَ الْبَانِي قِيمَةَ بِنَائِهِ صَرَفَهُ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ حَبْسٍ وَرُجِّحَ مَا لِسَحْنُونٍ أَيْضًا (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ) مِنْ مُتَعَدِّدٍ اشْتَرَى صَفْقَةً وَاحِدَةً (فَكَالْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ فَإِنْ كَانَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ نُقِضَتْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَجْهِهَا جَازَ التَّمَسُّكُ بِهِ (وَرَجَعَ) حِينَئِذٍ (لِلتَّقْوِيمِ) لَا لِلْمُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ هَذَا الْبَاقِي؟ فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْمُسْتَحَقِّ؟ فَإِذَا قِيلَ اثْنَانِ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ وَقَدْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَأَعَادَهَا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَحَلَّ مَحَلُّهَا إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَجْحَفَهَا كَمَا تَرَى وَتَمَّمَهَا هُنَاكَ وَفِي نُسْخَةٍ فَكَالْمُعَيَّبِ، وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ) اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً (اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا) أَيْ أَجْوَدَهُمَا، وَهُوَ مَا فَاقَ نِصْفَ الْقِيمَةِ (بِحُرِّيَّةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْغَلَّةِ لَمْ يَرْجِعْ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ نَقَصَتْ النَّفَقَةُ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِمَا زَادَ مِنْهَا عَلَى النَّفَقَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ النَّفَقَةَ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ إنَّمَا هِيَ النَّفَقَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ جُعِلَتْ) أَيْ الْأَنْقَاضُ الْمَعْلُومَةُ مِنْ قَوْلِهِ هَدَمَهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَانِي إذَا هَدَمَ الْمَسْجِدَ، وَأَخَذَ أَنْقَاضَهُ (قَوْلُهُ وَخُصَّ ذَلِكَ) أَيْ الْهَدْمُ (قَوْلُهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا) أَيْ وَيَبْقَى مَسْجِدًا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ قِيلَ لِلْبَانِي أَعْطِهِ قِيمَةَ أَرْضِهِ) أَيْ وَيَبْقَى مَسْجِدًا لِلْبَانِي، وَإِنْ أَبَى الْبَانِي أَيْضًا كَانَا شَرِيكَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ اُحْتُمِلَ الْقَسْمُ وَكَانَ فِيمَا يَنُوبُ الْبَانِي مَا يَكُونُ مَسْجِدًا قُسِمَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْقَسْمَ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لِمَنْ بَنَى مَا يَكُونُ مَسْجِدًا بِيعَ وَجُعِلَ مَا يَنُوبُ الْبَانِيَ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ حُبِسَ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ وَرَجَحَ مَا لِسَحْنُونٍ أَيْضًا) أَيْ كَمَا رَجَحَ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ رَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَّحَ أَبُو عِمْرَانَ قَوْلَ سَحْنُونٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي هَدْمِ مَسْجِدٍ بُنِيَ بِشُبْهَةٍ وَعَدَمِ هَدْمِهِ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَانِي غَاصِبًا فَيُهْدَمُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا طَلَبَ الْمُسْتَحِقُّ هَدْمَهُ (قَوْلُهُ نَقَصَتْ) أَيْ الصَّفْقَةُ أَيْ نَقَصَ بَيْعُهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) أَيْ لَا بِقِيمَةٍ وَلَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ جَازَ التَّمَسُّكُ بِهِ) أَيْ بِالْبَاقِي، وَالْأَوْلَى تَعَيُّنُ التَّمَسُّكِ بِهِ،، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَجْهِهَا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ مُرَتَّبٌ عَلَى مَا إذَا اُسْتُحِقَّ غَيْرُ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَاغْتُفِرَ الْجَهْلُ فِي غَيْرِ وَجْهِ الصَّفْقَةِ لِقِلَّتِهِ فَلَيْسَ كَابْتِدَاءِ بَيْعٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّهُ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ بَعْدَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلتَّقْوِيمِ) أَيْ نَظَرَ فِيهِ لِقِيمَتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِيزَانِ الْقِيمَةِ وَلَا يَنْظُرُ فِيهِ لِلتَّسْمِيَةِ فَقَطْ أَيْ لَمَّا سَمَّى لِلْجَمِيعِ حِينَ شِرَائِهِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحَيْثُ يُقَالُ لِثُلُثِ الْمَبِيعِ ثُلُثُ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى، وَهَكَذَا؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَنْ يَقُولَ رَغِبْتُ فِي الْمَجْمُوعِ لِيَحْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَلَوْ رَجَعَ لِلتَّسْمِيَةِ لَكَانَ فِيهِ غَبْنٌ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَتَلِفَ بَعْضُهُ، أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ وَذِكْرُهُ لَهَا فِي فَصْلِ الْخِيَارِ اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ أَجْحَفَهَا) أَيْ أَجْمَلَهَا.
وَحَاصِلُ مَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ الْمُسْتَحَقَّ إمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا، أَوْ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ وَلَيْسَ مِنْ رِيَاعِ الْغَلَّةِ كَبَعْضِ حَيَوَانٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي، وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي رَدِّ الْبَيْعِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ، أَوْ الْأَكْثَرُ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ شَائِعًا فِيمَا يَنْقَسِمُ، أَوْ فِيمَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ خُيِّرَ أَيْضًا فِي اسْتِحْقَاقِهِ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ الشَّائِعُ دُونَ الثُّلُثِ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي وَرَجَعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ جُزْءًا مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ مِنْ مُقَوَّمٍ كَالْعُرُوضِ، وَالْحَيَوَانِ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ وَجْهَ الصَّفْقَةِ تَعَيَّنَ رَدُّ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ غَيْرَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ تَعَيَّنَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِقِيمَتِهِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْقِيمَةِ أَيْضًا لَا بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ مِثْلِيًّا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ خُيِّرَ فِي التَّمَسُّكِ، وَالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي الرَّدِّ اُنْظُرْ ح ذَكَرَهُ بْن وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مِنْ النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ، وَهِيَ قَوْلُهُ فَكَالْمَبِيعِ إذْ الْمُرَادُ فَكَالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ أَيْ الَّذِي ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ وَفِي الْحَقِيقَةِ كُلٌّ مِنْ النُّسْخَتَيْنِ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْأُخْرَى.
(قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا بِحُرِّيَّةٍ) أَيْ بِثُبُوتِهَا وَلَا عِبْرَةَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى وَلَوْ كَانَ فِي مَحَلٍّ مَشْهُورٍ بِبَيْعِ الْأَحْرَارِ وَقِيلَ يُطَالَبُ السَّيِّدُ بِإِثْبَاتِ الرِّقِّ فِي هَذَا ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ ح
وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، أَوْ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْخِيَارِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ وَشَبَّهَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْمَعِيبِ قَوْلَهُ (كَأَنْ صَالَحَ) الْبَائِعُ (عَنْ عَيْبٍ) قَدِيمٍ بِعَبْدٍ مَثَلًا اُشْتُرِيَ مِنْهُ بِهِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (بِآخَرَ) أَيْ بِعَبْدٍ آخَرَ وَصَارَ الْمُشْتَرِي مَالِكًا لِلْعَبْدَيْنِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَدْنَى رَجَعَ بِمَا يَنُوبُ الْمُسْتَحَقَّ وَلَزِمَ الْآخَرُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَجْوَدُ رُدَّ الْآخَرُ (وَهَلْ يُقَوَّمُ) الْعَبْدُ (الْأَوَّلُ) مَعَ الثَّانِي الْمَأْخُوذِ فِي الْعَيْبِ (يَوْمَ الصُّلْحِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ قَبْضِهِمَا (أَوْ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ الثَّانِي فَيُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ قَطْعًا.
(وَإِنْ صَالَحَ) مُقِرٌّ بِشَيْءٍ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ (فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ مُدَّعِيهِ) أَيْ مُدَّعِي الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ وَمَا بِيَدِهِ هُوَ الْمُصَالَحُ بِهِ (رَجَعَ) الْمُقَرُّ لَهُ (فِي مُقَرٍّ بِهِ لَمْ يَفُتْ، وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ، وَإِنْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ (فَفِي عِوَضِهِ) أَيْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (كَإِنْكَارٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ صَالَحَهُ بِشَيْءٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي رَجَعَ بِعِوَضِهِ لَا بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ عِوَضِهِ إنْ فَاتَ إذْ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهُ شَيْءٌ يَرْجِعُ بِهِ، أَوْ بِعِوَضِهِ (لَا إلَى الْخُصُومَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْكِرِ الَّذِي صَالَحَهُ بِشَيْءٍ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ إذْ الْخُصُومَةُ قَدْ انْقَضَتْ بِالصُّلْحِ فَمَا بَقِيَ إلَّا عِوَضُ مَا صَالَحَ بِهِ (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ (مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ) الْمُنْكِرُ عَلَى الْمُدَّعِي (بِمَا دَفَعَ) لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَ (فَ) يَرْجِعُ (بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ (وَ) إنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ) الْمُقِرُّ عَلَى الْمُدَّعِي بِشَيْءٍ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ، وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُسْتَحِقُّ ظُلْمًا (كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً، وَهُوَ عَالِمٌ بِصِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهَا فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) إذْ لَيْسَ فِيهِ بَيْعُ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَالْمَعْنَى يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ أَفْضَلَهُمَا أَيْ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ، وَالْفَضِّ فَكَانَ التَّمَسُّكُ بَيْعَ مُؤْتَنَفٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَعَلِمْت أَنَّ الْمَمْنُوعَ إنَّمَا هُوَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
وَأَمَّا تَمَسُّكُهُ بِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ كَأَنْ صَالَحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا، ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ بِعَبْدٍ آخَرَ دَفَعَهُ لَهُ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَيْعِ، أَوْ لَا فَيُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا بِالنَّظَرِ لِقِيمَتِهِمَا وَيَتَمَسَّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بِمِيزَانِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ الْمَأْخُوذَ صُلْحًا يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ بِلَا خِلَافٍ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَهَلْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الصُّلْحِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ تَمَامِ الْقَبْضِ، أَوْ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْبَيْعِ؟ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ، الْأَوَّلُ رَجَّحَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ عَابَهُ أَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ (قَوْلُهُ بِعَبْدٍ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ بِعَبْدٍ (قَوْلُهُ اُشْتُرِيَ مِنْهُ بِهِ) أَيْ اُشْتُرِيَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَوَّلُ، أَوْ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُمَا بِمَنْزِلَةِ مَا اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْأَوَّلُ تَعَيَّنَ الْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ وَجْهَ الصَّفْقَةِ، أَوْ لَا، وَإِنَّمَا التَّفْصِيلُ إذَا اُسْتُحِقَّ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ كَعَبْدٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ، ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مُقَوَّمٍ كَهَذَا الثَّوْبِ، أَوْ مِثْلِيٍّ كَهَذَا الْإِرْدَبِّ الْقَمْحِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الْمُصَالَحُ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى يَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ) أَيْ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ عِوَضِ الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ إنَّهُ يَرْجِعُ لِلْخُصُومَةِ لَا بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ) أَيْ فِي رُجُوعِ الْمُدَّعِي بِالْعِوَضِ فِيمَا بَعْدُ، وَإِلَّا، وَإِنْ كَانَ الْمَرْجُوعُ بِعِوَضِهِ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ الْمُصَالَحَ عَنْهُ وَفِيمَا بَعْدَهَا الْمُصَالَحَ بِهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ بِعِوَضِهِ) أَيْ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ بِعِوَضِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ (قَوْلُهُ لَا بِعَيْنِ الْمُدَّعَى بِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا إلَى الْخُصُومَةِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ مَا صُولِحَ بِهِ فِي الْإِنْكَارِ إلَى الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ إذْ الْخُصُومَةُ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّ رُجُوعَهُ لِلْخُصُومَةِ فِيهِ غَرَرٌ إذْ لَا يُدْرَى مَا يَصِحُّ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ مِنْ مَعْلُومٍ، وَهُوَ عِوَضٌ لِمُصَالَحٍ بِهِ إلَى مَجْهُولٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ صَالَحَ الْمُدَّعِيَ بِشَيْءٍ وَدَفَعَهُ لَهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِعَبْدٍ مَثَلًا، وَإِنَّهُ مِلْكُهُ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ صَالَحَهُ بِمُقَوَّمٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ وَدَفَعَهُ لَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ) هَذَا رِوَايَةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَبِهَا الْعَمَلُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ) أَيْ الْمُصَالِحِ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ الشَّيْءَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَقَوْلُهُ مِلْكُهُ أَيْ مِلْكُ الْمُدَّعِي
فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِمٌ فِي أَخْذِهَا مِنْهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِعِلْمِهِ بِاللَّامِ فَيَكُونُ عِلَّةً لِمَا قَبْلَهُ وَنُسْخَةُ الْكَافِ، أَوْلَى لِإِفَادَتِهَا مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً (لَا إنْ) لَمْ يَعْلَمْ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ وَلَوْ أَتَى بِعِبَارَةٍ تُشْعِرُ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ كَأَنْ (قَالَ دَارُهُ) ، أَوْ عَبْدُهُ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ عَلَى بَائِعِهِ.
(وَ) رَجَعَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (فِي) بَيْعِ (عَرْضٍ بِعَرْضٍ) اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا (بِمَا خَرَجَ) مِنْ يَدِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ لَمْ يُوجَدْ، وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ فَيَشْمَلُ الْحُلِيَّ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ وَقَوْلُهُ عَرْضٍ أَيْ مُعَيَّنٍ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ (إلَّا نِكَاحًا) أَصْدَقَهَا فِيهِ عَبْدًا مَثَلًا فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا (وَخُلْعًا) عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ مِنْهُ (وَصُلْحَ) دَمٍ (عَمْدٍ) عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ بِعَبْدٍ، أَوْ شِقْصٍ فَاسْتُحِقَّ (وَ) إلَّا عَبْدًا، أَوْ شِقْصًا (مُقَاطِعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ) أَيْ مَأْخُوذًا عَنْ عَبْدٍ اشْتَرَى نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ فَالْعِتْقُ مَاضٍ وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ إنْ كَانَ الْمُقَاطَعُ بِهِ مَوْصُوفًا، أَوْ مُعَيَّنًا، وَهُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بِشَيْءٍ إذَا اُسْتُحِقَّ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٍ انْتَزَعَهُ مِنْهُ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ (، أَوْ) مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ (مُكَاتَبٍ) فَاسْتُحِقَّ (أَوْ) مُصَالَحًا بِهِ عَنْ (عُمْرَى) لِدَارٍ أَيْ أَنَّ الْمُعَمِّرَ بِالْكَسْرِ صَالَحَ الْمُعَمَّرَ بِالْفَتْحِ بِعَبْدٍ مَثَلًا فِي نَظِيرِ الْعُمْرَى فَاسْتُحِقَّ مِنْ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ فَلَا تَرْجِعُ الزَّوْجَةُ فِي بُضْعِهَا بِأَنْ يُفْسَخَ النِّكَاحُ فِي الْأُولَى وَلَا الزَّوْجُ بِالْعِصْمَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا الْقِصَاصُ فِي الثَّالِثَةِ، وَهَكَذَا، بَلْ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَاحْتُرِزَ بِصُلْحِ الْعَمْدِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَهُوَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ.
وَأَمَّا عَكْسُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مَا إذَا عَلِمَ عَدَمَ صِحَّةِ مِلْكِ بَائِعِهِ وَاشْتَرَاهُ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ حَيْثُ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ الْمُعَاوَضَةَ وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ رُجُوعِهِ وَيُقَدَّرُ كَأَنَّهُ وُهِبَ الثَّمَنُ، وَأَمَّا لَوْ نَوَى فِدَاءَهُ لِصَاحِبِهِ فَهُوَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ، وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدِي مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى إلَخْ) مُبَالَغَةٌ فِي رُجُوعِهِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ صِحَّةَ مِلْكِهِ لَهَا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ أَتَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِعِبَارَةٍ تُشْعِرُ بِصِحَّةِ مِلْكِ الْبَائِعِ لَهَا بِأَنْ قَالَ دَارُ فُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَ إضَافَتِهَا لَهُ مِنْ كَوْنِهَا مِنْ بِنَاءِ آبَائِهِ، أَوْ مِنْ بِنَائِهِ قَدِيمًا، وَأَمَّا إنْ ذَكَرَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ثُلَاثِيَّةٌ: ذِكْرُ سَبَبِ الْمِلْكِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ قَطْعًا، مُجَرَّدُ قَوْلِهِ دَارُهُ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ، التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِ مُجَرَّدًا عَنْ ذِكْرِ سَبَبِهِ مَحَلُّ النِّزَاعِ بَيْنَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرِهِ فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَقُولُ إنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ وَغَيْرُهُ يَقُولُ إنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَاعْتَمَدَهُ ح وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَتَى أَيْ الْمُشْتَرِي، وَأَوْلَى الْمُوَثِّقُ.
(قَوْلُهُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) ، وَهُوَ عَرْضُهُ الَّذِي بَذَلَهُ مِنْ يَدِهِ لَا مَا أَخَذَهُ بِالِاسْتِحْقَاقِ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ عَرْضُ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ بِالْعَرْضِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ الِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِالْقُصُورِ وَقَوْلُهُ مَا قَابَلَ النَّقْدَ الْأَوْلَى مَا قَابَلَ الْمِثْلِيَّ الَّذِي لَا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ نَقْدًا، أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ (قَوْلُهُ إلَّا الرُّجُوعُ بِالْمِثْلِ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ بَاقِيًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ أَصْدَقَهَا فِيهِ عَبْدًا مَثَلًا) أَيْ، أَوْ شِقْصًا فِي عَقَارٍ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا) أَيْ، أَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِهَا بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّتْهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا تَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهَا، وَهُوَ الْبُضْعُ، بَلْ بِعِوَضِ مَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ رَدَّتْهُ بِالْعَيْبِ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى نَحْوِ عَبْدٍ) أَيْ عَلَى عَبْدٍ وَنَحْوِهِ كَشِقْصٍ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ وَأُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَرْجِعُ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَهُوَ الْعِصْمَةُ، بَلْ يَرْجِعُ فِي الْعِوَضِ، وَهُوَ قِيمَةُ مَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَصُلْحَ دَمٍ عَمْدٍ) مِثْلُهُ صُلْحُ الْخَطَأِ عَنْ إنْكَارِهِ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ) أَيْ، أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّهُ لِعَيْبٍ بِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مُعَيَّنٌ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ فَلَا رُجُوعَ لِلسَّيِّدِ بِشَيْءٍ) هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ.
وَقِيلَ إنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَمِلْكِ الْأَجْنَبِيِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ) أَيْ مَأْخُوذًا عِوَضًا عَنْهَا بِأَنْ كَاتَبَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَجْمِهَا، ثُمَّ اتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَتَى لَهُ بِعَبْدِ فُلَانٍ، أَوْ بِعَبْدِهِ هُوَ، أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ عِوَضًا عَنْ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ الْكِتَابَةِ عَبْدًا، أَوْ شِقْصًا وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ، وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ مُعَيَّنٌ سَوَاءٌ كَانَ لَيْسَ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ، أَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مَوْصُوفًا فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ، وَقَوْلُ عبق سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا، فِيهِ نَظَرٌ، قَالَهُ شَيْخُنَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْمُكَاتَبُ كَالْعَبْدِ الْمُقَاطَعِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ بِخِلَافِ الْمُقَاطَعِ (قَوْلُهُ صَالَحَ الْمُعَمَّرَ بِالْفَتْحِ بِعَبْدٍ مَثَلًا) أَيْ، أَوْ بِشِقْصٍ وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ مِنْ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ أَيْ، أَوْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ بِاَلَّذِي خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ بِالْعِوَضِ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُتَّصِلٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْمُرَادِ بِالْعَرْضِ وَجَعْلُهُ تِلْكَ الْمَسَائِلَ سَبْعَةً بِاعْتِبَارِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ صَادِقٌ بِأَنْ
عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ بِشَيْءٍ اُسْتُحِقَّ مِنْ آخِذِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ وَمِثْلُ الِاسْتِحْقَاقِ فِي هَذِهِ السَّبْعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَالصُّوَرُ إحْدَى وَعِشْرُونَ حَاصِلَةً مِنْ ضَرْبِ الثَّلَاثِ فِي السَّبْعِ وَمَعْنَى الرُّجُوعِ فِي الشُّفْعَةِ أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ وَيَدْفَعُهَا لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ الشِّقْصُ كَالزَّوْجَةِ فِي الْأُولَى، وَالزَّوْجِ فِي الثَّانِيَةِ، وَهَكَذَا.
(وَإِنْ أُنْفِذَتْ وَصِيَّةَ) مَيِّتٍ (مُسْتَحَقٍّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ (بِرِقٍّ) أَيْ اُسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِرِقٍّ وَقَدْ كَانَ، أَوْصَى بِوَصَايَا أَنْفَذَهَا وَصِيُّهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ (لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ) صَرَفَ الْمَالَ فِيمَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ.
(وَ) لَا (حَاجٌّ) حَجَّ عَنْهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ تَرِكَتِهِ كَمَا، أَوْصَى (إنْ عُرِفَ) الْمَيِّتُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ أَيْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ (بِالْحُرِّيَّةِ) وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمَارَاتِ الرِّقِّ، بَلْ وَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ، وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْوَصِيِّ، وَالْحَاجِّ لَكِنْ رَجَحَ أَنَّ الْحَاجَّ إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْحُرِّيَّةِ عَلَيْهِ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ وَحَاجٌّ عَلَى مَا إذَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ لَا الْمَيِّتُ (وَأَخَذَ السَّيِّدُ) الْمُسْتَحِقُّ لِلْمَيِّتِ مَا كَانَ بَاقِيًا مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ وَ (مَا بِيعَ وَ) هُوَ قَائِمٌ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (لَمْ يَفُتْ بِالثَّمَنِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَا بِنَقْضِ الْبَيْعِ فَيَدْفَعُ السَّيِّدُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْوَصِيِّ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِهِ، أَوْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ كَمَا تَقَدَّمَ (كَمَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ) تَصَرَّفَ وَارِثُهُ، أَوْ وَصِيُّهُ فِي تَرِكَتِهِ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ، ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا (إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ) الشَّاهِدَةُ بِمَوْتِهِ فِي دَفْعِ تَعَمُّدِ الْكَذِبِ عَنْهَا بِأَنْ رَأَتْهُ صَرِيعًا فِي الْمَعْرَكَةِ فَظَنَّتْ مَوْتَهُ، أَوْ مَطْعُونًا فِيهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهَا حَيَاتُهُ، أَوْ نَقَلَتْ عَنْ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مَا وَجَدَ مِنْ مَالِهِ وَيَأْخُذُ مَا بِيعَ بِالثَّمَنِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَفُتْ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُعْرَفْ الْأَوَّلُ بِالْحُرِّيَّةِ وَلَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَةُ الثَّانِي (فَكَالْغَاصِبِ) أَيْ فَالْآخِذُ لِشَيْءٍ كَالْغَاصِبِ وَلَوْ قَالَ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَطَابَقَ النَّقْلَ فَيَأْخُذُ رَبُّهُ مَا وَجَدَهُ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ وَسَوَاءٌ فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ وَتُرَدُّ لَهُ زَوْجَتُهُ وَلَوْ دَخَلَ بِهَا غَيْرُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ لَمْ يَفُتْ فِيمَا قَبْلُ، وَإِلَّا بِقَوْلِهِ (وَمَا فَاتَ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (فَالثَّمَنُ) يُرْجَعُ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ لِلْمَيِّتِ، وَالْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يَكُونُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ (قَوْلُهُ عَنْ صُلْحِ الْخَطَأِ) أَيْ عَنْ إقْرَارٍ.
وَأَمَّا عَنْ إنْكَارٍ فَكَالْعَمْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ آخِذِهِ) أَيْ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ مِنْ ضَرْبِ الثَّلَاثِ) أَيْ، وَهِيَ الِاسْتِحْقَاقُ، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ وَقَوْلُهُ فِي السَّبْعِ أَيْ، وَهِيَ الْخُلْعُ، وَالنِّكَاحُ، وَالصُّلْحُ الْعَمْدُ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ، وَالْقَطَاعَةُ، وَالْكِتَابَةُ، وَالْعُمْرَى وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ لِهَذِهِ الْمَسَائِلِ بِقَوْلِهِ:
صُلْحَانِ بُضْعَانِ وَعِتْقَانِ مَعًا
…
عَمْرِي لِأَرْشٍ عُوِّضَ بِهِ ارْجِعَا
وَقَوْلُهُ ارْجِعَا بِأَرْشِ الْعِوَضِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ اُسْتُحِقَّ، أَوْ أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ.
(قَوْلُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ، وَإِلَّا يَصْرِفْهُ فِيمَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ، بَلْ صَرَفَهُ فِي غَيْرِ مَا أُمِرَ بِصَرْفِهِ فِيهِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ) قِيلَ الْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهِ بِالْحُرِّيَّةِ اشْتِهَارُهُ بِهَا بَيْنَ النَّاسِ بِأَنْ وَرِثَ الْوَارِثَاتِ وَشَهِدَ الشَّهَادَاتِ وَوَلِيَ الْوِلَايَاتِ.
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِمَعْرِفَتِهِ بِالْحُرِّيَّةِ أَنْ لَا يَظْهَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَمَارَاتِ الرِّقِّ، وَهُوَ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ تت وعج، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَمَنْ جُهِلَ حَالُهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الشَّارِحَ لَفَّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا مِنْ هَذَا فَلَوْ قَالَ وَقِيلَ أَنْ لَا يَظْهَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عَلَامَاتِ الرِّقِّ وَلَوْ جُهِلَ حَالُهُ كَانَ، أَوْلَى (قَوْلُهُ، وَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلْوَصِيِّ، وَالْحَاجِّ) وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالْحُرِّيَّةِ لَضَمِنَ كُلٌّ مِنْ الْوَصِيِّ، وَالْحَاجِّ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَجَحَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ وَمَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِمَا إنْ عَرَفَ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالضَّمَانِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا (قَوْلُهُ إذَا عَيَّنَهُ الْمَيِّتُ لَمْ يَضْمَنْ إلَخْ) أَيْ.
وَأَمَّا إذَا عَيَّنَهُ الْوَصِيُّ فَلَا يَضْمَنُ إنْ عَرَفَ الْمَيِّتُ بِالْحُرِّيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ بِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَصِيِّ بِشَيْءٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِذَا رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْوَصِيِّ فَوَجَدَهُ عَدِيمًا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ يَسَارَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَيَأْخُذُ مَا بِيعَ بِالثَّمَنِ) أَيْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ وَجَدَهُ مُعْدَمًا انْتَظَرَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَةُ الثَّانِي) أَيْ بِأَنْ تَعَمَّدَتْ الزُّورَ (قَوْلُهُ فَالْآخِذُ) أَيْ فَالْمُشْتَرِي لِشَيْءٍ مِنْ مَتَاعِهِ كَالْغَاصِبِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ اُسْتُحِقَّ، وَالْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ بَيْنَ أَخْذِ مَا كَانَ قَائِمًا بِيَدِهِ مَجَّانًا وَبَيْنَ أَخْذِ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي وُجِدَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَدْ فَاتَ أَمْ لَا، وَيَرْجِعُ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ كَانَ ذَلِكَ الْبَائِعُ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْوَصِيُّ صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ (قَوْلُهُ لَطَابَقَ النَّقْلَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَالْغَاصِبِ حَقِيقَةً لَحُدَّ فِي وَطْءِ الْأَمَةِ وَرَقَّ وَلَدُهُ مَعَ أَنَّهُ حُرٌّ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ، وَالْعُذْرُ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّشْبِيهَ لَيْسَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ مِنْ حَيْثُ الْأَخْذِ بِلَا شَيْءٍ (قَوْلُهُ وَتُرَدُّ لَهُ زَوْجَتُهُ) أَيْ فِي الْقِسْمَيْنِ مَا إذَا عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ وَمَا إذَا لَمْ تُعْذَرْ (قَوْلُهُ وَمَا فَاتَ فَالثَّمَنُ يَرْجِعُ بِهِ إلَخْ) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَعَلَى الْوَارِثِ فِي الثَّانِيَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا، وَهُوَ مَا إذَا عُرِفَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْحُرِّيَّةِ وَمَا إذَا عُذِرَتْ بَيِّنَةُ الْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ بِأَخْذِ السَّيِّدِ، وَالْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ مَا وُجِدَ مِنْ مَتَاعِهِ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَمَا فَاتَ بِيَدِهِ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ مِنْ الْبَائِعِ سَوَاءٌ كَانَ