المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أحكام الحجر على المفلس] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌[أحكام الحجر على المفلس]

بِالْفَكِّ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ لَكَانَ أَنْسَبَ كَمَا لَا يَخْفَى (وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ فَأَطْلَقَهُ أَوَّلَ الْبَابِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ وَهُنَا عَلَى الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ (فَبَاعُوا) مَالَهُ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِحَاكِمٍ (وَاقْتَسَمُوا) الثَّمَنَ عَلَى حَسَبِ دُيُونِهِمْ أَوْ اقْتَسَمُوا السِّلَعَ مِنْ غَيْرِ بَيْعٍ حَيْثُ يُسَوَّغُ ذَلِكَ (ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ) بَعْدَ ذَلِكَ فَفَلِسَ (فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ) فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْآخَرَيْنِ وَفِيمَا تَجَدَّدَ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ عَنْ دَيْنِهِمْ فَضْلَةٌ (كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) أَيْ حُكْمِهِ بِخَلْعِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ فَدَايَنَ غَيْرُهُمْ فَلَا دَخْلَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ فَضْلَةٌ (إلَّا) أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ مِنْ غَيْرِ مَالِ الْآخَرِينَ (كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ وَ) أَرْشِ (جِنَايَةٍ) وَوَصِيَّةٍ وَخَلْعٍ فَلِلْأَوَّلِينَ الدُّخُولُ مَعَ الْآخَرِينَ.

[دَرْسٌ] ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ (وَبَيْعُ مَالُهُ) أَيْ بَاعَهُ الْحَاكِمُ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَالْإِعْذَارُ لِلْمُفَلَّسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْقَائِمَيْنِ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ الطَّعْنَ فِي بَيِّنَةِ صَاحِبِهِ وَبَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ، وَلَا أَسْقَطَهُ، وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ إلَى الْآنَ (بِحَضْرَتِهِ) نَدْبًا؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ (بِالْخِيَارِ) لِلْحَاكِمِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِهِ فَلِكُلٍّ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفَلَّسِ الرَّدُّ أَيَّامًا (ثَلَاثًا) لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ابْنِ الْقَصَّارِ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْقَائِلَيْنِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَنْسَبَ) أَيْ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَانِيًا لَمَّا تَجَدَّدَ مِنْ الْمَالِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ فَكِّ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ) أَيْ مِمَّا بِيَدِهِ، وَقَوْلُهُ فَبَاعُوا إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُمْ لَوْ قَامُوا عَلَيْهِ فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئًا فَتَرَكُوهُ فَدَايَنَ آخَرِينَ، ثُمَّ فَلَّسُوهُ دَخَلَ الْأَوَّلُونَ مَعَ الْآخَرِينَ (قَوْلُهُ حَيْثُ يَسُوغُ ذَلِكَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ مُوَافِقًا لِمَا بِيَدِهِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً (قَوْلُهُ فَلَا دُخُولَ إلَخْ) جَوَابُ لَوْ الشَّرْطِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ أَيْ لِأَنَّ فِعْلَهُمْ هَذَا تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ، ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ إنَّ الْآخَرِينَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ فِي أَثْمَانِ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فِي أَثْمَانِ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا (قَوْلُهُ وَفِيمَا تَجَدَّدَ) أَيْ وَلَا فِيمَا تَجَدَّدَ عَنْ أَثْمَانِ تِلْكَ السِّلَعِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ الْآخَرِينَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ) أَيْ بِيَدِ الْمُفْلِسِ عَنْ دَيْنِ الْآخَرِينَ فَضْلَةٌ فَيَتَحَاصَصُ فِيهَا الْأَوَّلُونَ كَمَا لَوْ كَانَتْ السِّلَعُ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَقْتَ التَّفْلِيسِ قِيمَتُهَا أَقَلُّ مِنْ الدَّيْنِ لِكَسَادِهَا، ثُمَّ بَعْدَ التَّفْلِيسِ حَصَلَ فِيهَا رَوَاجٌ وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُفَلَّسُ إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ) الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ (قَوْلُهُ بِخَلْعِ الْمَالِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَسْمٌ لِلْمَالِ بَلْ وَقَعَ الْقَسْمُ مِنْهُمْ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ فَضْلَةٌ) أَيْ بَعْدَ وَفَاءِ الْآخَرِينَ دَيْنَهُمْ فَإِنَّ الْأَوَّلِينَ يَتَحَاصُّونَ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عَدَمِ دُخُولِ الْأَوَّلِينَ مَعَ الْآخَرِينَ وَهُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَ الْآخَرِينَ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا إذَا اسْتَفَادَ مَالًا مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الْآخَرِينَ كَإِرْثٍ (قَوْلُهُ مَعَ الْآخَرِينَ) أَيْ فَيَتَحَاصُّونَ كُلُّهُمْ فِيهِ.

[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

(قَوْلُهُ إلَى بَقِيَّةِ أَحْكَامِ الْحَجْرِ) أَيْ التَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِحَضْرَةِ الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِحُجَّتِهِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ، وَقَوْلُهُ وَبِيعَ مَالُهُ ظَاهِرُهُ الشُّمُولُ لِلدَّيْنِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاخْتَارَهُ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى إبْقَائِهَا حَتَّى تُقْبَضَ، وَقِيلَ إنَّهَا لَا تُبَاعُ وَتَبْقَى عَلَى آجَالِهَا اهـ شب (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ كُلُّ غَرِيمٍ دَيْنَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ إعْذَارِ الْحَاكِمِ لِلْمُفَلَّسِ فِي كُلِّ بَيِّنَةٍ وَبَعْدَ إعْذَارِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَائِمِينَ، وَالْمُرَادُ بِإِعْذَارِهِ لَهُ فِيهَا قَطْعُ عُذْرِهِ وَحُجَّتِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَلَكَ مَطْعَنٌ فِي تِلْكَ الْبَيِّنَةِ؟ وَإِذَا عَلِمْتَ أَنَّ الْإِعْذَارَ فِي الْبَيِّنَةِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَالْإِعْذَارُ لِلْمُفَلَّسِ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ عَنْ الدَّيْنِ فِيهِ تَسَامُحٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْقَائِمَيْنِ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْإِعْذَارَ لَيْسَ فِي الدَّيْنِ بَلْ فِي الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَثْبَتَتْهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي بَعْضِ طُرُرِهِ تَأَمَّلْ هَلْ هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ قَضَاءٍ وَهُمْ إنَّمَا أَوْجَبُوهَا عَلَى طَالِبٍ مِمَّنْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ إمَّا حَالًا فَقَطْ كَالْغَائِبِ أَوْ حَالًا وَمَآلًا كَالْمَيِّتِ أَوْ هِيَ يَمِينُ مُنْكِرٍ فَلَا تَتَوَجَّهُ إلَّا بِدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ أَنَّهُ قَبَضَ أَوْ أَسْقَطَ مَثَلًا وَفِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ حَيْثُ قَالَ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَادَّعَى قَضَاءَ مَا ثَبَتَ عَلَيْهِ فَيَمِينُ طَالِبِهِ يَمِينُ مُنْكِرٍ لَا يَمِينُ قَضَاءٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ خِيَارٍ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْبَتَّ (قَوْلُهُ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ) فَإِذَا زَادَ أَحَدٌ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدَّ الْحَاكِمُ بَيْعَهُ وَبَاعَ لِهَذَا الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ وَإِنْ كَانَ مُنْحَلًّا مِنْ جِهَتِهِ فَهُوَ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي، وَلِذَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمَبِيعِ وَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا، وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا، وَهَذَا بِخِلَافِ خِيَارِ التَّرَوِّي فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ كَمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْحَاكِمِ الْبَيْعَ بِخِيَارِ التَّرَوِّي وَعَلَيْهِ فَيَكُونُ خِيَارُ الْحَاكِمِ ثَلَاثًا بَعْدَهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ

ص: 269

إلَّا مَا يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ (وَلَوْ كُتُبًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ لَهَا وَلَوْ فِقْهًا وَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ (أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) قَالَ فِيهَا الْقَضَاءُ أَنْ يُبَاعَ عَلَيْهِ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُنْيَةِ كَدَارِهِ وَخَادِمِهِ وَدَابَّتِهِ وَسَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ وَخَاتَمِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ، وَبِيعَ عَلَيْهِ ثَوْبَا جُمُعَتِهِ إنْ كَانَ لَهُمَا قِيمَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا انْتَهَى. وَالْمُرَادُ بِثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ مَلْبُوسُ جُمُعَتِهِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ وَالْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ) الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ الْمُحْتَاجِ لَهَا (تَرَدُّدٌ) لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَحْدَهُ، وَأَمَّا كَثِيرَةُ الْقِيمَةِ وَغَيْرُ الْمُحْتَاجِ لَهَا فَتُبَاعُ جَزْمًا (وَأَوْجَرَ رَقِيقَهُ) الَّذِي لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ (بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) فَلَا تُؤَاجَرُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَقَلِيلُ الْخِدْمَةِ وَأَوْلَى الْمُكَاتَبُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهِ خِدْمَةٌ نَعَمْ تُبَاعُ كِتَابَتُهُ (وَلَا يُلْزَمُ) الْمُفَلَّسُ بَعْدَ أَخْذِ مَا بِيَدِهِ (بِتَكَسُّبٍ) لِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ (وَتَسَلُّفٍ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ، وَلَا قَبُولُهُ، وَلَا قَبُولُ صَدَقَةٍ، وَلَا هِبَةٍ (وَ) لَا (اسْتِشْفَاعٍ) أَيْ أَخْذُ شِقْصٍ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ فَضْلٌ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ (وَ) لَا (عَفْوٍ) عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ (لِلدِّيَةِ) أَيْ عَلَى أَخْذِهَا لِيُوَفِّيَ بِهَا دَيْنَهُ وَلَهُ الْعَفْوُ مَجَّانًا بِخِلَافِ مَا يَجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ، فَيَلْزَمُ بِعَدَمِ الْعَفْوِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ) الَّذِي تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُؤَاجَرُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْخِيَارِ ثَلَاثًا بِسِلَعِ الْمُفَلَّسِ بَلْ كُلُّ مَا بَاعَهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ سِلَعِ غَائِبٍ وَمَغْنَمٍ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ إلَّا مَا يُفْسِدُهُ التَّأْخِيرُ) أَيْ كَطَرِيِّ اللَّحْمِ وَرَطْبِ الْفَاكِهَةِ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهَا إلَّا سَاعَةً مِنْ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كُتُبًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ الْكُتُبَ لَا تُبَاعُ أَصْلًا، وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْفِقْهِ وَالتَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ وَآلَةِ ذَلِكَ، أَمَّا غَيْرُهَا فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ) أَيْ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا فَإِنَّ فِيهَا تَرَدُّدًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّ الْحِفْظَ قَدْ ذَهَبَ الْآنَ فَلِذَا أَجْرَاهَا بَعْضُهُمْ عَلَى آلَةِ الصَّانِعِ (قَوْلِهِ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا كَثِيرَةً فِي نَفْسِهِمَا وَيُحْتَمَلُ إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا بِالنَّظَرِ لِصَاحِبِهِمَا وَإِذَا بِيعَا فَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهُمَا كَمَا أَنَّ دَارَ سُكْنَاهُ تُبَاعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِيهَا فَضْلٌ وَيُشْتَرَى لَهُ دَارٌ تُنَاسِبُهُ، فَإِنْ كَانَ لَا فَضْلَ فِيهَا فَلَا تُبَاعُ (قَوْلُهُ تِلْكَ الْقِيمَةُ) أَيْ الْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالْأَثْوَابِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّثْنِيَةِ، وَقَدْ أُجِيبَ بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّثْنِيَةَ نَظَرًا لِلْغَالِبِ إذْ الْغَالِبُ لُبْسُ ثَوْبَيْنِ قَمِيصٍ وَرِدَاءٍ أَوْ جُبَّةٍ وَرِدَاءٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعُرْفِ) أَيْ مِنْ لُبْسِ ثَوْبٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَوْبٍ وَشَيْءٍ آخَرَ يَجْعَلُهُ عَلَى الْكَتِفَيْنِ أَوْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ (قَوْلُهُ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهَا تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ عَبْدَ الْحَمِيدِ الصَّائِغَ تَرَدَّدَ فِي آلَةِ الصَّانِعِ الْمُحْتَاجِ لَهَا هَلْ هِيَ مِثْلُ ثِيَابِ الْجُمُعَةِ لَا تُبَاعُ إلَّا إذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا وَيُشْتَرَى لَهُ دُونَهَا أَوْ تُبَاعُ مُطْلَقًا؟ قَلَّتْ قِيمَتُهَا أَوْ كَثُرَتْ فَكَثِيرَةُ الْقِيمَةِ مَجْزُومٌ بِبَيْعِهَا وَالتَّرَدُّدُ فِي قَلِيلَةِ الْقِيمَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ الْقَلِيلَةِ الْقِيمَةِ أَيْ وَعَدَمِ بَيْعِهَا وَإِنَّمَا تُبَاعُ إذَا كَثُرَتْ قِيمَتُهَا كَثِيَابِ الْجُمُعَةِ تَرَدُّدٌ (قَوْلُهُ لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ وَحْدَهُ) وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَاهُ التَّحَيُّرُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ اثْنَيْنِ فَمَعْنَاهُ الِاخْتِلَافُ كَأَنْ يَنْقُلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلًا جَازِمًا بِهِ وَيَنْقُلَ اللَّخْمِيُّ عَنْهُ قَوْلًا مُغَايِرًا لَهُ جَازِمًا بِهِ فَإِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي مِثْلِ هَذَا بِتَرَدُّدٍ كَانَ بِمَعْنَى خِلَافٍ فِي النَّقْلِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ (قَوْلُهُ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ) اللَّخْمِيُّ تُبَاعُ خِدْمَةُ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَإِنْ طَالَ الْأَجَلُ كَعَشْرِ سِنِينَ وَيُبَاعُ مِنْ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ بَعْدَ الدَّيْنِ تُبَاعُ رَقَبَتُهُ لِبُطْلَانِ التَّدْبِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْقِنُّ فَهَذَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) أَيْ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْ أَوْلَدَهَا بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ ادَّعَى فِي أَمَةٍ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ يَكُونَ قَدْ فَشَا ذَلِكَ قَبْلَ ادِّعَائِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ قَائِمٌ فَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ أَنَّهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) وَلَوْ عَامَلَهُ الْغُرَمَاءُ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا فُلِّسَ وَلَوْ شَرَطُوا عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ وَسَوَاءٌ كَانَ صَانِعًا أَوْ تَاجِرًا. هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ جَبْرِهِ عَلَى التَّكَسُّبِ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ التَّكَسُّبَ فِي عَقْدِ الدَّيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ) أَيْ يَطْلُبَ مَالًا عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لِأَجْلِ وَفَاءِ غُرَمَائِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا قَبُولُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ (قَوْلُهُ فِيهِ فَضْلٌ) أَيْ زِيَادَةٌ عَلَى الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ) أَيْ وَابْتِدَاءُ الْمِلْكِ وَاسْتِحْدَاثُهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ أُخْرَى وَلَوْ مَاتَ الْمُفَلَّسُ عَنْ شُفْعَةٍ فَالشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ لَا لِلْغُرَمَاءِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ وَلَا عَفْوٍ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ بِعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ لِأَجْلِ أَخْذِ الدِّيَةِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْقَوَدُ وَالْعَفْوُ مَجَّانًا وَعَلَى الدِّيَةِ، وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ مَجَّانًا فَقَطْ فَلَا يَتَأَتَّى إلْزَامُهُ عَلَى الْعَفْوِ لِأَجْلِ الدِّيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعٌ مِنْ صِحَّةِ ثُبُوتِهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا رَضِيَ الْجَانِي

ص: 270

أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ وَإِنْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ انْتَزَعَهُ فَلَهُمْ أَخْذُهُ (أَوْ) انْتِزَاعُ أَيْ اعْتِصَارُ (مَا وَهَبَهُ) قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ (لِوَلَدِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ بِخِلَافِ مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَ الْإِحَاطَةِ فَلَهُمْ رَدُّهُ، ثُمَّ بَيَّنَ كَيْفِيَّةَ بَيْعِ مَالِهِ مِنْ تَعْجِيلٍ وَاسْتِينَاءٍ بِقَوْلِهِ (وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ) أَيْ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرْضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُتَرَبَّصُ بِهِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ طَلَبًا لِلزِّيَادَةِ، ثُمَّ يُبَاعُ؛ لِأَنَّهُ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ وَفِيهِ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا أَوْ بِلَا خِيَارٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ) وَعَرْضِهِ لِطَلَبِ الزِّيَادَةِ (كَالشَّهْرَيْنِ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ بِالنَّظَرِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ، وَأَمَّا مَا يُخْشَى فَسَادُهُ كَطَرِيِّ لَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا كَسَاعَةٍ، وَأَمَّا نَحْوُ سَوْطٍ وَدَلْوٍ فَيُبَاعُ عَاجِلًا.

(وَقُسِمَ) مَالُ الْمُفَلَّسِ الْمُتَحَصِّلِ (بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَيَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَطَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تَجْمَعَ الدُّيُونَ وَتَنْسُبَ كُلَّ دَيْنٍ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِذَا كَانَ لِغَرِيمٍ عِشْرُونَ وَلِآخَرَ ثَلَاثُونَ وَلِآخَر خَمْسُونَ فَالْمَجْمُوعُ مِائَةٌ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ لَهَا خَمْسٌ، وَنِسْبَةُ الثَّلَاثِينَ لَهَا خَمْسٌ وَعَشْرٌ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسِينَ لَهَا نِصْفٌ، فَإِذَا كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عِشْرِينَ أَخَذَ صَاحِبُ الْخَمْسِينَ نِصْفَهَا عَشَرَةً وَصَاحِبُ الثَّلَاثِينَ خُمُسَهَا وَعُشْرَهَا سِتَّةً وَصَاحِبُ الْعِشْرِينَ خُمُسَهَا أَرْبَعَةً.

وَيَحْتَمِلُ طَرِيقًا آخَرَ وَهِيَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لَمَجْمُوع الدُّيُونِ فَلَوْ كَانَ لِشَخْصٍ مِائَةٌ وَلِآخَرَ خَمْسُونَ وَلِآخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَنِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ النِّصْفُ فَكُلُّ غَرِيمٍ يَأْخُذُ نِصْفَ دَيْنِهِ (بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ) أَيْ لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي غُرَمَاءَ الْمُفَلَّسِ، وَكَذَا غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ إثْبَاتَ أَنْ لَا غَرِيمَ غَيْرُهُمْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِهَا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُلْزِمُوهُ ذَلِكَ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ ابْنُ زَرْقُونٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا وَشَرَطَ أَنْ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ الْبَيْعُ فَلِغُرَمَائِهِ الْبَيْعُ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدٌ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُجْبَرُ الْمُفَلَّسُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرِهِ.

{تَنْبِيهٌ} قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ كَانَ الْمُفَلَّسُ امْرَأَةً فَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا مُعَجَّلَ مَهْرِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَقْضِيَ مِنْهُ دَيْنَهَا إلَّا الشَّيْءَ الْيَسِيرَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الدِّينَارَ وَنَحْوَهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ، وَأَمَّا مَا تَدَايَنَتْهُ بَعْدَ دُخُولِ زَوْجِهَا فَإِنَّ مَهْرَهَا يُؤْخَذُ فِيهِ هَذَا نَصُّ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِيهَا نَظَرٌ وَسَكَتَ عَنْ كَالِئِهَا كَمُؤَخَّرِ الصَّدَاقِ هَلْ لِلْغُرَمَاءِ بَيْعُهُ فِي دَيْنِهِمْ أَمْ لَا؟ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُمْ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ لِلزَّوْجِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ اعْتِصَارُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ الِانْتِزَاعَ فِي حَقِيقَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ، وَمَجَازِهِ بِالنِّسْبَةِ لِانْتِزَاعِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهِ اعْتِصَارٌ فَإِطْلَاقُ الِانْتِزَاعِ عَلَى هَذَا مَجَازٌ بِالنِّسْبَةِ لِعُرْفِ الْفُقَهَاءِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلُّغَةِ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ لَهُ لُغَةً لِأَخْذِ السَّيِّدِ مَالَ رَقِيقِهِ وَلِأَخْذِ الْوَالِدِ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ انْتِزَاعٌ فَالْمَجَازُ عُرْفِيٌّ لَا لُغَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُسْتَأْنَى) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتَرَبَّصُ بِهِ أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ أَيْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثًا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا أَيْ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ كَمَا يُسْتَأْنَى بِالْعَقَارِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ يُؤَخَّرُ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَنَحْوَهَا، ثُمَّ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَى عَقَارِهِ وَعَلَى عَرْضِهِ إذَا كَانَ كَثِيرَ الْقِيمَةِ، وَقَوْلُهُ كَالشَّهْرَيْنِ أَيْ ثُمَّ يُبَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخِيَارِ لِلْحَاكِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ أَيْ وُجُوبًا، فَإِنْ لَمْ يُسْتَأْنَ بِذَلِكَ خُيِّرَ الْمُفَلَّسُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَلَا يَضْمَنُ الْحَاكِمُ الزِّيَادَةَ الَّتِي فِي سِلَعِ الْمُفَلَّسِ حَيْثُ بَاعَهَا بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ إذَا أَمْضَى الْمُفَلَّسُ بَيْعَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ يُسْتَأْنَى فِي بَيْعِ رَبْعِ الْمُفَلَّسِ يَتَسَوَّقُ بِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعَرْضُ فَيَتَسَوَّقُ بِهِمَا يَسِيرًا وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ بَيْعًا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَأْنَى بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ مِثْلَ الدَّارِ ابْنُ رُشْدٍ لَفْظُهُ مُشْكِلٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْعَرْضَ كَالْعَقَارِ يُسْتَأْنَى بِهِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ يُسْتَأْنَى بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ أَنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي كَالدُّورِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ يُسْتَأْنَى بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِالنَّظَرِ) أَيْ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ فَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ) أَيْ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِنِسْبَةِ كُلِّ دَيْنٍ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ دَيْنِهِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الطَّرِيقَتَيْنِ فِي عَمَلِ الْمُحَاصَّةِ (قَوْلُهُ وَهِيَ نِسْبَةُ مَالِ الْمُفَلَّسِ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ) أَيْ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَأْخُذُ كُلُّ غَرِيمٍ مِنْ دَيْنِهِ. (قَوْلُهُ أَيْ لَا يُكَلِّفُ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُقَسِّمُ عَلَيْهِمْ حَتَّى يُكَلِّفَهُمْ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِحَصْرِهِمْ وَمَوْتِ مُوَرِّثِهِمْ وَتَعَدُّدِهِمْ أَيْ مَرْتَبَتِهِمْ مِنْ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ لِأَنَّ عَدَدَهُمْ مَعْلُومٌ لِلْجِيرَانِ وَأَهْلِ

ص: 271

(وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ) أَيْ بِالْقَسْمِ (إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ) لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ غَرِيمٍ آخَرَ وَالذِّمَّةُ قَدْ خَرِبَتْ، وَأَمَّا فِي الْفَلَسِ فَلَا يُسْتَأْنَى لِعَدَمِ خَرَابِ الذِّمَّةِ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي الْمُفَلَّسِ الْحَاضِرِ أَوْ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدِهَا حَيْثُ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا اُسْتُؤْنِيَ كَالْمَوْتِ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِبُعْدِ الْغَيْبَةُ مَا قَابَلَ الْقَرِيبَةَ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَةَ (وَقُوِّمَ) دَيْنٌ عَلَى الْمُفَلَّسِ (مُخَالِفُ النَّقْدِ) مِنْهُ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ بِأَنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا مُتَّفِقَ الصِّفَةِ أَوْ مُخْتَلِفَهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقْوِيمٌ (يَوْمَ الْحِصَاصِ) أَيْ قَسْمُ الْمَالِ يُقَوَّمُ حَالًّا وَلَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ حَلَّ بِالْفَلَسِ (وَاشْتَرَى لَهُ) أَيْ لِصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَصِفَتِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ (بِمَا يَخُصُّهُ) فِي الْحِصَاصِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ كَأَنْ يَكُونَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ لِشَخْصٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ أَيْضًا عُرُوضٌ تُسَاوِي مِائَةً وَطَعَامٌ يُسَاوِي مِائَةً فَلِصَاحِبِ الْمِائَةِ ثُلُثُ مِائَةِ الْمُفَلَّسِ وَيُشْتَرَى لِصَاحِبِ الْعَرْضِ عَرْضٌ صِفَةُ عَرْضِهِ بِثُلُثِهِ الثَّانِي وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ صِفَةُ طَعَامِهِ بِالثُّلُثِ الثَّالِثِ، وَجَازَ مَعَ التَّرَاضِي أَخْذُ الثَّمَنِ إنْ خَلَا مِنْ مَانِعٍ كَمَا سَيَأْتِي (وَمَضَى) الْقَسْمُ (إنْ رَخُصَ) السِّعْرُ بِالضَّمِّ كَكَرُمَ عِنْدَ الشِّرَاءِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ بِمَا نَابَهُ مَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ وَلَوْ جَمِيعَ دَيْنِهِ (أَوْ غَلَا) كَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ سُدُسَ دَيْنِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْبَلَدِ فَلَا كُلْفَةَ فِي إثْبَاتِهِ وَالدَّيْنُ يُقْصَدُ إخْفَاؤُهُ غَالِبًا فَإِثْبَاتُ حَصْرِ الْغُرَمَاءِ مُتَعَسِّرٌ اهـ ثُمَّ إنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِلْوَرَثَةِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْقَطْعِ بِأَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا سِوَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَ هَذَا قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ) أَيْ وُجُوبًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يُعَجِّلُ بِقَسْمِ مَالِهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بَلْ يَسْتَأْنِي بِهِ وُجُوبًا بِقَدْرِ مَا يَرَاهُ لِاحْتِمَالِ طُرُوُّ غَرِيمٍ آخَرَ فَتُجْمَعُ الْغُرَمَاءُ، وَأَمَّا الْمُفَلَّسُ فَلَا يَسْتَأْنِي بِقَسْمِ مَالِهِ إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ كَانَ بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَكَانَ لَا يَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ مِنْ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ كَانَ يَخْشَى أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِي بِالْقَسْمِ بِاجْتِهَادِهِ فَفِي مَفْهُومِ الْمَوْتِ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ تَفْصِيلٌ.

(قَوْلُهُ فَقَطْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ أَيْ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ لَا غَيْرُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ فِي الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَقَطْ فَحَسْبُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْحَصْرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاسْتُؤْنِيَ بِالْقَسْمِ فِي الْمَوْتِ فَحَسْبُ أَيْ لَا غَيْرُهُ، وَهَذَا يُنَافِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الْفَلَسِ وَأَنَّهُ قَدْ يُسْتَأْنَى فِيهِ (قَوْلُهُ وَالذِّمَّةُ قَدْ خَرِبَتْ) أَيْ حَقِيقَةً وَحُكْمًا.

(قَوْلُهُ لِعَدَمِ خَرَابِ الذِّمَّةِ) أَيْ لِعَدَمِ خَرَابِهَا حَقِيقَةً وَإِنْ خَرِبَتْ حُكْمًا، وَلِذَا عَجَّلَ مَا كَانَ فِيهَا مُؤَجَّلًا مِنْ الدَّيْنِ فَذِمَّةُ الْمُفَلَّسِ لَمَّا كَانَتْ بَاقِيَةً حَقِيقَةً فَإِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِذِمَّتِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِلِاسْتِينَاءِ فِي الْفَلَسِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ زَالَتْ بِالْمَرَّةِ فَلَوْ طَرَأَ غَرِيمٌ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِذِمَّتِهِ فَلِذَا وَجَبَ الِاسْتِينَاءُ فِي الْمَوْتِ وَلِأَنَّ الْمُفَلَّسَ لَوْ كَانَ لَهُ غَرِيمٌ آخَرُ لَأَعْلَمَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْإِعْلَامُ بِهِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُخَالِفِ مِنْ جُمْلَةِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ مِنْ مُقَوَّمٍ إلَخْ) بَيَانٌ لِمُخَالِفِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مَا عَلَيْهِ عَرْضًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ مُخَالِفًا لِلنَّقْدِ عَرْضًا إلَخْ.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ مَالِ الْمُفَلَّسِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِمُخَالِفِ النَّقْدِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، وَقَوْلُهُ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَقْوِيمٌ أَيْ بَلْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَحَاصِلُهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُفَلَّسِ دُيُونٌ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا نَقْدٌ وَبَعْضُهَا عَرْضٌ وَبَعْضُهَا طَعَامٌ بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ دَنَانِيرُ وَلِأَحَدِهِمْ عُرُوضٌ وَلِبَعْضِهِمْ طَعَامٌ فَإِنَّ مَا خَالَفَ النَّقْدَ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ يُقَوَّمُ يَوْمَ قَسْمِ الْمَالِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِيَوْمِ الْحِصَاصِ فَإِذَا كَانَ لِغَرِيمٍ مِائَةُ دِينَارٍ عَلَيْهِ وَلِغَرِيمٍ عَرْضٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلِآخَرَ طَعَامٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَثْلَاثًا فَيَأْخُذُ صَاحِبُ النَّقْدِ ثُلُثَهَا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ الثُّلُثُ فَيُعْطِي لِصَاحِبِ النَّقْدِ مَنَابَهُ وَيَشْتَرِي لِصَاحِبِ الْعَرْضِ عَرْضًا مِنْ صِفَةِ عَرْضِهِ بِمَا نَابَهُ وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الطَّعَامِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَاشْتَرَى إلَخْ. وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِ مُخَالِفِ النَّقْدِ إذَا كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ نَقْدًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عُرُوضًا مُوَافِقَةً لِمَالِ الْمُفَلَّسِ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّقْوِيمِ بَلْ يَتَحَاصُّونَ بِنِسْبَةِ عَرْضِ كُلٍّ لِمَجْمُوعِ الْعُرُوضِ (قَوْلُهُ وَمَضَى إنْ رَخُصَ أَوْ غَلَا) فَإِذَا كَانَ عَلَى الْمُفَلَّسِ مِائَةُ دِينَارٍ لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةُ أَرَادِبَ لِوَاحِدٍ وَعَشَرَةُ أَثْوَابٍ لِوَاحِدٍ وَقُوِّمَ كُلٌّ مِنْ الْأَرَادِبِ وَالثِّيَابِ بِمِائَةٍ فَجُمْلَةُ الدَّيْنِ ثَلَثُمِائَةٍ وَكَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةً فَاقْتَسَمَهَا أَرْبَابُ الدُّيُونِ فَخَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ فَلَمْ يَشْتَرِ لِصَاحِبِ الطَّعَامِ أَوْ الثِّيَابِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ حَتَّى رَخُصَ السِّعْرُ فَاشْتَرَى لَهُ خَمْسَةَ أَرَادِبَ أَوْ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ أَوْ عَشَرَةً فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي فِيمَا بَيْنَ رَبِّ ذَلِكَ الدَّيْنِ وَمَا بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لَهُمْ عَلَيْهِ رُجُوعٌ فِي الرُّخْصِ بَلْ يَفُوزُ بِنِصْفِ دَيْنِهِ أَوْ كُلِّهِ دُونَهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ نُحَاصِصُكَ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ دَيْنِكَ بَلْ يَخْتَصُّ بِمَا زَادَهُ الرُّخْصُ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى دَيْنِهِ فَيَرُدَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِمْ

ص: 272

فَلَا رُجُوعَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ فِي الرُّخْصِ، وَلَا لَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْغَلَاءِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ فِيهِمَا بِمَا بَقِيَ لَهُ، فَإِنْ زَادَ مَا اشْتَرَى لَهُ عَلَى دَيْنِهِ رَدَّ الزَّائِدَ عَلَى الْغُرَمَاءِ (وَهَلْ يَشْتَرِي) لِمَنْ دَيْنُهُ يُخَالِفُ النَّقْدَ كَأَنْ أَسْلَمَ لِلْمُفَلَّسِ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ أَرَادِبَ (فِي شَرْطِ جَيِّدٍ) شَرَطَهُ الْمُسْلَمُ عَلَيْهِ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ (أَدْنَاهُ) أَيْ أَدْنَى الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمُفْلِسِ (أَوْ) يَشْتَرِي لَهُ (وَسَطَهُ) ؛ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا (قَوْلَانِ) وَلَوْ اشْتَرَطَ دَنِيءٌ هَلْ يَشْتَرِي لَهُ بِمَا يَنُوبُهُ أَدْنَى الدَّنِيءِ أَوْ وَسَطُهُ قَوْلَانِ أَيْضًا (وَجَازَ) لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ مُخَالِفٌ (الثَّمَنُ) أَيْ أَخْذُ الثَّمَنِ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ (إلَّا لِمَانِعٍ) شَرْعِيٍّ (كَالِاقْتِضَاءِ) أَيْ كَالْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ فِي الِاقْتِضَاءِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ فَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا كَعَبْدٍ أَسْلَمَهُ فِي عَرْضٍ كَثَوْبَيْنِ فَحَصَلَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ قِيمَةُ ثَوْبٍ جَازَ لَهُ أَخْذُ تِلْكَ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ لَهُ عَبْدًا فِي عَيْنٍ وَثَوْبٍ، وَلَا مَانِعَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ ذَهَبًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ فِضَّةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَصَرْفٍ مُتَأَخِّرٍ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا.

(وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ) عَلَى نَفْسِهَا حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا لَا حَالَ عُسْرِهِ لِقَوْلِهِ فِي النَّفَقَةِ وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَتَحَاصُّونَ فِيهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا فَالثَّوْبُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ كَمَالٍ طَرَأَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَ الشِّرَاءَ حَتَّى حَصَلَ غُلُوٌّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ خُمُسَ دَيْنِهِ كَإِرْدَبَّيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ فَلَيْسَ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ أَنْ يَقُولَ ارْجِعْ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا نَقَصَ عَنْ ثُلُثِ دَيْنِي الَّذِي نَابَنِي فِي الْحِصَاصِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَبَيْنَ الْمُفَلَّسِ فَيَسْقُطُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَيَتْبَعُهُ فِي الْغَلَاءِ بِمَا نَقَصَ مِنْ دَيْنِهِ فَيَصِيرُ لِمَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ فِي الرُّخْصِ فِي الْمِثَالِ نِصْفُ الْأَرَادِبِ أَوْ الثِّيَابِ وَيَبْقَى لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ فِي الْغَلَاءِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ أَوْ أَثْوَابٍ.

(قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِ الْعَرْضِ الَّذِي حَصَلَ الرَّخَاءُ أَوْ الْغُلُوُّ عِنْدَ الشِّرَاءِ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ الْغَرِيمُ صَاحِبُ الْعَرْضِ عَلَى الْمَدِينِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ فَيَسْقُطُ مَا زَادَهُ الرُّخْصُ عَنْ الْمُفَلَّسِ مِنْ دَيْنِ مَنْ لَهُ الطَّعَامُ أَوْ الْعَرْضُ وَفِي الْغَلَاءِ يَتْبَعُهُ بِمَا نَقَصَ لِأَجْلِ الْغَلَاءِ مِنْ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِمَا بَقِيَ لَهُ) أَيْ بَعْدَ الَّذِي أَخَذَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ (قَوْلُهُ فِي شَرْطِ جَيِّدٍ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ اشْتَرَطَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْمُفَلَّسِ عِنْدَ عَقْدِ السَّلَمِ جَيِّدًا بِأَنْ أَسْلَمَهُ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةٍ جَيِّدَةٍ أَوْ أَسْلَمَهُ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَحَلَّاوِيٍّ جَيِّدَةٍ (قَوْلُهُ أَدْنَى الْجَيِّدِ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَسَطَهُ) أَيْ وَسَطَ الْجَيِّدِ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الْعَدْلُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ وَصَاحِبِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَعْلَى ظُلْمٌ عَلَى الْمُفَلَّسِ وَالْأَدْنَى ظُلْمٌ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ) أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ الْمُفَلَّسِ أَدْنَى أَيْ مِنْ النَّوْعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) إنْ قُلْت هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ فِي السَّلَمِ وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ قُلْت مَا مَرَّ إذَا لَمْ يُفَلَّسْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا فُلِّسَ فَلِلْمُفَلَّسِ حُكْمٌ غَيْرُ حُكْمِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ عِنْدَ التَّرَاضِي، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَشْتَرِي لَهُ صِفَةَ طَعَامِهِ أَوْ مِثْلَ عَرْضِهِ بِمَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ (قَوْلُهُ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ) أَيْ بَدَلًا عَمَّا يَنُوبُهُ مِنْ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ) الْمَوَّاقُ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ، وَقِيلَ إنَّ التَّفْلِيسَ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فَيَجُوزُ فِي التَّفْلِيسِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الِاقْتِضَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُمَا رِوَايَتَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ وَجَازَ وَفَاءُ الْمُسْلِمِ فِيهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَقَوْلُهُ إنْ جَازَ بَيْعُهُ أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُهُ) أَيْ وَجَازَ بَيْعُ الْمَأْخُوذِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُسَلِّمَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ آلَ أَمْرُهُ، وَقَوْلُهُ إلَى أَنَّهُ أَيْ الْمُسْلِمُ دَفَعَ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ) بَلْ يَتَعَيَّنُ الشِّرَاءُ لَهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَصَرْفٍ مُتَأَخِّرٍ) أَيْ وَإِلَى اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ.

(قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ وَالْبَيْعُ وَالسَّلَفُ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ الْعَيْنُ عَرْضًا كَثَوْبَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ ذَهَبًا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ إنْ كَانَ فِضَّةً لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ أَوْ كَانَ ذَهَبًا وَكَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا كَثَوْبَيْنِ لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِمَا فِي الثَّانِي مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَوْ أَسْلَمَ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فِي إرْدَبَّيْنِ قَمْحًا وَنَابَهُ فِي الْحِصَاصِ عَشَرَةٌ مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَهَا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَدْخُلُهُ أَيْضًا الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ عَنْ مِثْلِهَا مِنْ الْعِشْرِينَ سَلَفٌ وَالْإِرْدَبُّ الْبَاقِي بِذِمَّتِهِ عَنْ الْعَشَرَةِ الْأُخْرَى بَيْعٌ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا) سَوَاءٌ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ تَسَلَّفَتْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا أَنْفَقَتْهُ حَالَ يُسْرِهِ عِوَضٌ عَمَّا لَزِمَهُ (قَوْلُهُ لَا حَالَ عُسْرِهِ) أَيْ سَوَاءٌ تَسَلَّفَتْ أَوْ كَانَ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ عِنْدِهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ النَّفَقَةُ حَكَمَ بِهَا أَمْ لَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي

ص: 273

(وَبِصَدَاقِهَا) كُلِّهِ أَوْ بَاقِيهِ وَلَوْ فَلِسَ قَبْلَ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِالْفَلَسِ (كَالْمَوْتِ) أَيْ كَمَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا وَصَدَاقِهَا فِي الْمَوْتِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ (لَا) تُحَاصِصُ (بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ، لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ إنْ أَنْفَقَتْ حَالَ يُسْرِهِ؛ لِأَنَّهَا قَامَتْ عَنْهُ بِوَاجِبٍ، وَكَذَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى أَبَوَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَكَمَ بِهَا عَلَيْهِ حَاكِمٌ وَتَسَلَّفَتْ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِمَا وَهُوَ مَلِيٌّ فَتُحَاصِصُ.

(وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ) لِغَرِيمٍ بَعْدَ الْقَسْمِ (أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ) مِنْ مَالِ مُفَلَّسٍ أَوْ مَيِّتٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فُلِّسَ بِسَبَبِهِ قَبْلَ الْإِنْفَاقِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَبِصَدَاقِهَا كُلِّهِ) فَلَوْ حَاصَّتْ بِصَدَاقِهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَدَّتْ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَلَا تُحَاصِصُ فِيمَا رَدَّتْهُ عَلَى الصَّوَابِ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى زَوْجٍ مِائَتَانِ وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ مَعَهُمَا بِمِائَةِ الصَّدَاقِ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ نِسْبَتُهُ مِنْ الدُّيُونِ النِّصْفُ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ دَيْنِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ، فَإِذَا قُدِّرَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ مُحَاصَّةٌ بِخَمْسِينَ نِصْفِ الصَّدَاقِ كَانَ لَهَا فِي الْحِصَاصِ ثَلَاثُونَ لِتَبَيُّنِ أَنَّ مَجْمُوعَ الدُّيُونِ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ فَقَطْ وَمَالُ الْمُفَلَّسِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَتَرُدُّ عِشْرِينَ لِلْغَرِيمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِيَكْمُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سِتُّونَ هِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ وَلَا دُخُولَ لَهَا مَعَهُمَا فِيمَا رَدَّتْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا فِي عبق وخش فَهُوَ غَلَطٌ فِي صِنَاعَةِ الْعَمَلِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا أَنْفَقَتْ عَلَى وَلَدِ الْمُفَلَّسِ فِي حَالِ يُسْرِهِ فَإِنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ، وَهَذَا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهَا حَاكِمٌ وَإِلَّا حَاصَّتْ بِهَا، سَوَاءٌ كَانَتْ تَسَلَّفَتْهَا أَوْ أَنْفَقَتْهَا مِنْ عِنْدِهَا فَالْمُحَاصَّةُ بِهَا مَشْرُوطَةٌ بِأَمْرَيْنِ أَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَى الْوَلَدِ فِي حَالِ يُسْرِ الْأَبِ وَأَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ لَهَا الرُّجُوعُ بِهَا عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا طَرَأَ لَهُ مَالٌ (قَوْلُهُ إنْ أَنْفَقَتْ حَالَ يُسْرِهِ) وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا تُحَاصَصْ) أَيْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى أَبَوَيْ زَوْجِهَا الْمُفَلَّسِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ: أَنْ يَكُونَ قَدْ حُكِمَ بِتِلْكَ النَّفَقَةِ، وَأَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ قَدْ تَسَلَّفَتْ تِلْكَ النَّفَقَةَ، وَأَنْ يَكُونَ إنْفَاقُهَا عَلَيْهِمَا حَالَ يُسْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِنْفَاقَ حَالَ الْيُسْرِ مُعْتَبَرٌ فِي الْمُحَاصَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى وَلَدِ الْمُفَلَّسِ وَمَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ عَلَى أَبَوَيْهِ وَكَذَا الْحُكْمُ بِهَا وَيَخْتَلِفَانِ فِي اشْتِرَاطِ التَّسَلُّفِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا تُحَاصِصُ بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَى أَبَوَيْ زَوْجِهَا الْمُفَلَّسِ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَالْمُعْتَمَدُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا لَا تُحَاصِصُ بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي المج.

(قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُفَلَّسَ أَوْ الْمَيِّتَ إذَا قَسَّمَ الْغُرَمَاءُ مَالَهُ، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ بَعْدَ الْقَسْمِ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْوَارِثُ وَلَا الْوَصِيُّ وَلَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ فَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُفَلَّسِ عَشَرَةً وَعَلَيْهِ لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ أَحَدُهُمْ غَائِبٌ اقْتَسَمَ الْحَاضِرَانِ مَالَهُ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَاحِدٍ وَثُلُثَيْنِ اهـ وَقَوْلُنَا لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ احْتِرَازٌ مِمَّا إذَا اقْتَسَمُوا عَالِمِينَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِحِصَّتِهِ وَلَكِنْ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ كَمَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُنَا وَالْحَالُ إلَخْ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ عَالِمًا بِالْغَرِيمِ أَوْ كَانَ الْمَيِّتُ مَشْهُورًا بِالدَّيْنِ فَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْغَرِيمَ الطَّارِئَ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ وَهُمَا يَرْجِعَانِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَا لَهُ وَاحْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ عَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُ الْغُرَمَاءِ حَاضِرًا لِلْقَسْمِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ لَهُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى أَحَدٍ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ مَا يَنُوبُهُ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ، وَأَمَّا لَوْ حَضَرَ إنْسَانٌ قِسْمَةَ تَرِكَةِ مَيِّتٍ وَلَمْ يَدَّعِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ بِدَيْنٍ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ حَيْثُ حَصَلَ الْقَسْمُ فِي الْجَمِيعِ، فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَسْمِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَرَكَ حَقَّهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ ابْنُ عَاصِمٍ فِي التُّحْفَةِ بِقَوْلِهِ:

وَحَاضِرٌ لِقَسْمِ مَتْرُوكٍ لَهُ

عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَكُنْ أَهْمَلَهُ

لَا يَمْنَعُ الْقِيَامَ بَعْدَ أَنْ بَقِيَ

لِلْقَسْمِ قَدْرُ دَيْنِهِ الْمُحَقَّقِ

وَيَقْبِضُ مِنْ ذَلِكَ حَقًّا مَلَكَهُ

بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا تَرَكَهُ

ص: 274

(وَإِنْ) بِيعَ (قَبْلَ فَلَسِهِ رَجَعَ) الْغَرِيمُ الطَّارِئُ أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ (بِالْحِصَّةِ) أَيْ بِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ عَلَى الْغُرَمَاءِ، وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ فَلَوْ أَخَذَ غَرِيمٌ سِلْعَةً فِي نَظِيرِ حِصَّتِهِ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِمَا يَنُوبُهُ وَلَوْ بِيعَتْ سِلْعَةٌ قَبْلَ الْقَسْمِ لِأَجْنَبِيٍّ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ؛ لِأَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ فَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَنَاوَلُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمُصَنِّفِ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَإِنْ بَعْدَ فَلَسِهِ وَجَعْلُ الْمُبَالَغَةِ فِي الْبَيْعِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الْمُسْتَحَقِّ قَبْلَ الْفَلَسِ مِنْ جُمْلَةِ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الرُّجُوعِ (كَوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ) طَرَأَ كُلٌّ (عَلَى مِثْلِهِ) فَيَرْجِعُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ قَوْلِهِ ظَهَرَ دَيْنٌ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُشْتُهِرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ) أَوْ وَصِيُّهُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ (وَأَقْبَضَ) الْغُرَمَاءَ (رَجَعَ عَلَيْهِ) بِمَا ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ لِتَفْرِيطِهِ وَاسْتِعْجَالِهِ كَمَا لَوْ قَبَضَ لِنَفْسِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَإِنْ قَالَ مَا عَلِمْت بِالدَّيْنِ إلَّا حِينَ وَجَدْتُ الْوَثِيقَةَ حَلَفَ وَكَانَ لَهُ الْقِيَامُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ الْوَرَثَةُ لَا يَعْلَمُونَ لَهُ حَقًّا، فَإِنْ قَالَ كُنْت أَعْلَمُ دَيْنِي وَلَكِنْ كُنْت أَنْتَظِرُ وُجُودَ الْوَثِيقَةِ أَوْ الْبَيِّنَةِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِحَقِّهِ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَقَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِي أَنَّهُ يُقْبَلُ وَذَلِكَ عُذْرٌ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَإِنْ بِيعَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ بِيعَ بَعْدَ فَلَسِهِ بَلْ وَإِنْ كَانَ قَدْ بِيعَ قَبْلَ فَلَسِهِ وَلَكِنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَسْمِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ السِّلْعَةِ وَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ أَوْ وَقَعَ قَبْلَهُمَا لَكِنَّ الِاسْتِحْقَاقَ وَقَعَ بَعْدَ الْقَسْمِ اهـ.

وَبَعْدَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِنْ فَيَقُولُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ قَبْلَ فَلَسِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ فِيهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَدْ بِيعَتْ قَبْلَ الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَتْ بَعْدَهُ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْقَسْمِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لَا بِالْحِصَّةِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةً، وَأَمَّا جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْبَيْعِ أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يَصِحُّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ الْفَلَسِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِذَا بِيعَتْ قَبْلَهُ يَرْجِعُ بِالْحِصَّةِ فَقَدْ اخْتَلَفَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَاضِرٌ عَنْ غَائِبٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِالْحِصَّةِ) أَيْ الَّتِي تَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا لِلْقِسْمَةِ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَخَذَ غَرِيمٌ سِلْعَةً إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْغُرَمَاءِ بِمَا يَنُوبُهُ أَيْ بِالْحِصَاصِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيعَتْ سِلْعَةٌ قَبْلَ الْقَسْمِ لِأَجْنَبِيٍّ) هَذَا حَلٌّ لِمَنْطُوقِ الْمَتْنِ وَلَوْ شَرْطِيَّةٌ جَوَابُهَا رَجَعَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ أَيْ فَاسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ الْأَجْنَبِيِّ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ) أَيْ هَذَا إذَا بِيعَتْ بَعْدَ الْفَلَسِ بَلْ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ رَجَعَ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ أَيْ الَّتِي تَخُصُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرَ الْقَسْمِ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ بِالْحِصَّةِ سَوَاءٌ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ بِيعَتْ بَعْدَ فَلَسِهِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ عَنْ بْن مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ إنْ كَانَ الْمُفَلَّسُ بَاعَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ بِيعَتْ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِالثَّمَنِ فَكَانَ الْأَحْسَنُ لِمُلَاقَاتِهِ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ رَجَعَ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ فِي الْحِصَاصِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا زَادَ عَلَى مَا يَسْتَحِقُّهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُفَلَّسُ قَبْلَ فَلَسِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ مَا عَلِمْته مِنْ التَّفْصِيلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ مَا كَانَ يَسْتَحِقُّهُ) أَيْ وَهُوَ ثَمَنُ السِّلْعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَنَاوَلُوا مِنْ مَالِهِ شَيْئًا) أَيْ، وَإِنَّمَا الَّذِي اقْتَسَمُوهُ مَالُ الْمُفَلَّسِ (قَوْلُهُ كَوَارِثٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الطَّارِئُ ثَلَاثَةً إمَّا غَرِيمٌ عَلَى غَرِيمٍ وَإِمَّا وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ وَإِمَّا غَرِيمٌ عَلَى وَارِثٍ، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْأَوَّلِ شَبَّهَ بِهِ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ كَوَارِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا الْآتِيَ لَيْسَ مَفْهُومَ مَا مَرَّ نَعَمْ هُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا مَرَّ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ثُمَّ قَيَّدَ قَوْلَهُ وَإِنْ ظَهَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ) أَيْ رَجَعَ ذَلِكَ الطَّارِئُ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُحَاصَّةِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ عَلَى الْغُرَمَاءِ الَّذِينَ قَبَضُوا أَوَّلًا بِقَدْرِ مَا أَخَذَهُ هَذَا الطَّارِئُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ هَذَا الْفَرْعِ وَلَا يَأْخُذُ الْوَارِثُ إذَا رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ لِلطَّارِئِ أَحَدًا مِنْ الْغُرَمَاءِ عَنْ أَحَدٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغُرَمَاءُ عَالِمِينَ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ حِينَ قَسْمِهِمْ، وَإِلَّا أَخَذَ الْمَلِيءُ مِنْهُمْ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا ثَبَتَ عَلَى الْمَيِّتِ الْأَوْلَى رَجَعَ عَلَيْهِ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَخُصُّهُ أَنْ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَمُقَابِلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ رَجَعَ عَلَيْهِ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ

ص: 275

(وَأَخَذَ مَلِيءٌ) أَوْ حَاضِرٌ أَوْ حَيٌّ مِنْ الْوَرَثَةِ (عَنْ مُعْدَمٍ) وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ مِنْهُمْ (مَا لَمْ يُجَاوِزْ) دَيْنُ الطَّارِئِ (مَا قَبَضَهُ) لِنَفْسِهِ مِنْ التَّرِكَةِ، فَإِنْ جَاوَزَهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ أَكْثَرَ فَهَذَا خَاصٌّ بِمَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ لِلطَّارِئِ مَعَ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ (رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ) بِمَا دَفَعَهُ لِلطَّارِئِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَفِيهَا) أَيْضًا (الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ عَدِيمًا فَعَلَى الْوَارِثِ، ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَيْهِ (وَهَلْ خِلَافٌ أَوْ) لَا وَيُحْمَلُ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ (عَلَى التَّخْيِيرِ) أَيْ أَنَّ الطَّارِئَ مُخَيَّرٌ فِي رُجُوعِهِ ابْتِدَاءً عَلَى الْغَرِيمِ أَوْ عَلَى الْوَارِثِ، فَإِنْ رَجَعَ ابْتِدَاءً عَلَى الْوَارِثِ رَجَعَ الْوَارِثُ عَلَى الْغَرِيمِ (تَأْوِيلَانِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ مَحَلُّهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا يَسْهُلُ الْأَخْذُ مِنْهُ عَنْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى مَنْ كَانَ الْأَخْذُ مِنْهُ أَسْهَلَ لِعَدَمِ الْآخَرِ أَوْ لَدَدِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ أَنْ يَكُونُوا كَالْوَرَثَةِ يُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ أَيْ لَا مِنْ كُلٍّ حِصَّتُهُ فَقَطْ، وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْوَارِثُ وَقَبَضَ لِنَفْسِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمَبْلَغِ التَّرِكَةِ كُلِّهَا لَا بِمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ (فَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ) غَرِيمٍ (غَائِبٍ عُزِلَ لَهُ) أَيْ عَزَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ عِنْدَ الْقَسْمِ (فَمِنْهُ) أَيْ فَضَمَانُهُ مِنْ الْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ أَوْ نَائِبَهُ أَمِينٌ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فَرَّطَ، فَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ بِشَيْءٍ وَضَمَانُهَا مِمَّا ضَاعَ فَلَوْ عَزَلَهُ الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ فَضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ (كَعَيْنٍ) أَيْ نَقْدِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَقْفٍ) مِنْ الْحَاكِمِ (لِغُرَمَائِهِ) فَتَلِفَ فَمِنْهُمْ لِتَفْرِيطِهِمْ فِي قَسْمِهَا إذْ لَا كُلْفَةَ فِي قَسْمِ الْعَيْنِ (لَا عَرْضٍ) وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ لِيُعْطَى لَهُمْ إنْ وَافَقَ دَيْنَهُمْ أَوْ لِيُبَاعَ لَهُمْ إنْ خَالَفَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهَذَا (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ) مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ فِي طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى غُرَمَاءِ مَيِّتٍ أَوْ مُفَلَّسٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَأَخَذَ إلَخْ فِي طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى وَرَثَةٍ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ مِيرَاثًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَيِّتُ مُشْتَهِرًا بِالدَّيْنِ أَوْ لَا عَلِمُوا بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ لَا، ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ حَقُّ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ وَإِلَّا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ إلَّا مَا قَبَضَهُ فَقَطْ وَيَرْجِعُ ذَلِكَ الطَّارِئُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ إنْ كَانُوا أَمْلِيَاءَ أَوْ عَلَى الْمَلِيءِ مِنْهُمْ، فَإِنْ أُعْدِمُوا كُلُّهُمْ لَمْ يَرْجِعْ بِذَلِكَ الْبَاقِي عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ عَنْ مُعْدَمٍ وَغَائِبٍ وَمَيِّتٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَأَخَذَ مَلِيءٌ أَوْ حَاضِرٌ أَوْ حَيٌّ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ) أَيْ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شُهْرَةُ الْمَيِّتِ بِالدَّيْنِ وَلَا عِلْمُ الْوَارِثِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ خَاصٌّ بِمَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا الْمُقْبِضُ لِغَيْرِهِ فَلَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ اُشْتُهِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَرِيمِ إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ اهـ بْن وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي المج مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِحَمْلِهِمَا عَلَى التَّخْيِيرِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ كَمَا هُوَ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ الْغُرَمَاءُ إلَخْ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ لِغَرِيمٍ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونُوا كَالْوَرَثَةِ) أَيْ الْقَابِضِينَ لِأَنْفُسِهِمْ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَنْبَغِي إذَا عَلِمَ الْوَارِثُ) أَيْ حِينَ الْقَسْمِ بِذَلِكَ الْغَرِيمِ الطَّارِئِ، وَقَوْلُهُ بِمَبْلَغِ التَّرِكَةِ أَيْ إذَا كَانَ دَيْنُهُ يَسْتَغْرِقُهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ لَا بِمَا قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ فَقَطْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ قَوْلُ الْمَتْنِ هُنَا مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْغَرِيمِ الطَّارِئِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ قَسْمُ مَالِ الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ عَلَى الْغُرَمَاءِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُضُورِ جَمِيعِهِمْ بَلْ يُقْسَمُ وَلَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَالْحَاكِمُ وَكِيلُ الْغَائِبِ فَيَعْزِلُ نَصِيبَهُ إلَى قُدُومِهِ بَيَّنَ حُكْمَ تَلَفِ ذَلِكَ النَّصِيبِ الْمَعْزُولِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ ضَمَانَ نَصِيبِ الْغَائِبِ الْمَعْزُولِ لَهُ مِنْهُ إنْ عَزَلَهُ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ لَا مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا مِنْ الْمِدْيَانِ وَإِنْ عَزَلَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْغُرَمَاءُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ وَمَحَلُّ كَوْنِ ضَمَانِ مَا عَزَلَهُ الْحَاكِمُ مِنْ الْغَائِبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ النَّصِيبُ الْمَعْزُولُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ وَإِلَّا يَكُنْ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ بَلْ عُزِلَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِ فَضَاعَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ.

(قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمِدْيَانِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا اتَّبَعَتْ ذِمَّتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ مَيِّتًا تَرَتَّبَ ظُهُورُ مَالٍ لَهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ضَاعَ الْمَالُ عَلَى أَرْبَابِهِ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ) أَيْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ أَيْضًا بِالْحِصَّةِ الَّتِي كَانَتْ تُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِ الْغَائِبِ لَوْ بَقِيَ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَائِبِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ قَالَ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَزَاهُ الْمَازِرِيُّ لِمَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ مِنْ رُجُوعِ الطَّارِئِ عَلَى الْغَائِبِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا ضَاعَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وُقِفَ لَهُ صَارَ كَأَنَّهُ قَبَضَهُ وَهَلَكَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ كَعَيْنٍ إلَخْ) ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ دَيْنُهُمْ عَيْنًا، وَنَحْوُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ اهـ بْن فَعَلَى هَذَا لَوْ وُقِفَتْ الْعَيْنُ لِيَشْتَرِيَ لَهُمْ بِهَا مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ فَضَاعَتْ كَانَ ضَمَانُهَا مِنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وُقِفَ لِغُرَمَائِهِ) أَيْ وُقِفَ لِيُقْسَمَ عَلَى غُرَمَائِهِ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِمْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقَعْ مِنْهُمْ تَفْرِيطٌ لَا يَضْمَنُونَ وَظَاهِرُ النَّقْلِ الضَّمَانُ مُطْلَقًا فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ لِأَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ مُعَدَّةً لِلنَّمَاءِ فَلَمَّا وُقِفَتْ لِلْغُرَمَاءِ كَانَ

ص: 276

فَضَاعَ فَعَلَى الْمُفَلَّسِ أَوْ الْمَيِّتِ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ (وَهَلْ) عَدَمُ ضَمَانِهِمْ الْعَرْضَ كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِمْ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ فِي الْجِنْسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْعَرْضُ (بِكَدَيْنِهِ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِصِفَةِ دَيْنِ الْغَرِيمِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْغَرِيمِ كَالْعَيْنِ (تَأْوِيلَانِ) وَلَوْ حَذَفَ الْبَاءَ لَكَانَ أَوْضَحَ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ وَبِيعَ مَالُهُ إلَخْ قَوْلَهُ

(وَتَرَكَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفَلَّسِ الْأَخَصِّ مِنْ مَالِهِ (قُوتَهُ) أَيْ مَا يَقْتَاتُ بِهِ مِمَّا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ لَا مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ (وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ) لِغَيْرِهِ كَزَوْجَاتِهِ وَوَالِدَيْهِ وَأَوْلَادِهِ وَرَقِيقِهِ الَّذِي لَا يُبَاعُ عَلَيْهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرِهِ (لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) أَيْ إلَى وَقْتٍ يُظَنُّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ مَا يَتَأَتَّى بِهِ الْمَعِيشَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالتَّبِعَاتِ وَالْمَظَالِمِ فَإِنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقُهُ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْوَالِ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ (وَ) يَتْرُكُ لَهُمْ أَيْضًا (كِسْوَتَهُمْ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ (دَسْتًا) بِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ وَسِينٍ مُهْمَلَتَيْنِ مُقَابِلَ ثِيَابِ الزِّينَةِ (مُعْتَادًا) كَقَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَيُزَادُ لِلْمَرْأَةِ مِقْنَعَةٌ وَإِزَارٌ وَلِخَوْفِ شِدَّةِ بَرْدٍ مَا يَقِيهِ (وَلَوْ وَرِثَ) الْمُفَلَّسُ (أَبَاهُ) أَوْ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ (بِيعَ) فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَعَتَقَ الْبَاقِي إنْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ضَمَانُهَا مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْعَرْضِ فَإِنَّهُ مُعَدٌّ لِلنَّمَاءِ فَلَيْسَ بِمُجَرَّدِ وَقْفِهِ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَضَاعَ) أَيْ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُمْ فِي الْأُولَى وَقَبْلَ بَيْعِهِ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ) أَيْ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالْحَيَوَانَ وَالثِّيَابَ وَالْكُتُبَ (قَوْلُهُ وَهَلْ عَدَمُ ضَمَانِهِمْ) أَيْ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ أَوْ عَدَمُ ضَمَانِ الْغَرِيمِ لِلْعَرْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعَرْضُ مُمَاثِلًا لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْإِطْلَاقُ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَالتَّقْيِيدُ لِابْنِ رُشْدٍ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِهِمْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ إنَّ ضَمَانَ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْقَسْمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ مِنْهُمْ وَضَمَانُ الْعَرْضِ مِنْ الْمَدِينِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي فَهْمِ قَوْلِهِ وَضَمَانُ الْعَرْضِ مِنْ الْمَدِينِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مُقَيَّدٌ بِالْعَرْضِ الْمُخَالِفِ لِدَيْنِ الْغُرَمَاءِ وَوُقِفَ لِيُبَاعَ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ مِثْلُ دَيْنِهِمْ، أَمَّا لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لِدَيْنِهِمْ وَوُقِفَ لِيُقْسَمَ بَيْنَهُمْ فَضَمَانُهُ مِنْهُمْ، وَقَالَ غَيْرُهُ ضَمَانُ الْعَرْضِ الْمَوْقُوفِ مِنْ الْمَدِينِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِمَادُهُ حَيْثُ ذَكَرَهُ أَوَّلًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقَ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لِلدَّيْنِ لَا يُعْطَى حُكْمُ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ لَوْ حَصَلَ فِيهِ نَمَاءٌ كَانَ رِبْحُهُ لِلْمُفَلَّسِ وَمَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ قَالَ طفي وَالتَّأْوِيلَانِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الَّذِي أَوْقَفَ الْعَرْضَ لِلْغَرِيمِ الْقَاضِي لَا الْغُرَمَاءُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمِدْيَانِ اتِّفَاقًا اهـ خش.

(قَوْلُهُ لَا مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ يَقْتَاتُ بِطَعَامٍ فِيهِ تَرَفُّهٌ فَلَا يَتْرُكُ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ فَيَتْرُكُ لَهُ مَا تَقُومُ بِهِ الْبِنْيَةُ لَا مَا فِيهِ تَرَفُّهٌ (قَوْلُهُ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ (قَوْلُهُ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقُوتِهِ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ جَامِدًا فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ وَهُوَ الْمُقْتَاتُ أَيْ مَا يُقْتَاتُ بِهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ يُتْرَكُ لَهُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِتَرَكَ عَلَى أَنَّهُ غَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ تَرَكَ لَهُ تَرْكًا مُسْتَمِرًّا لِظَنِّ يَسْرَتِهِ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ فِي لَحْظَةٍ فَلَا اسْتِمْرَارَ فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ) اعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَلَالٌ وَأَقَلُّهُ حَرَامٌ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ بِحُرْمَةِ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ وَالْقَلِيلُ مِنْهُ حَلَالٌ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَرَاهَةُ مُعَامَلَتِهِ وَمُدَايَنَتِهِ وَالْأَكْلِ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْمُحَرِّمِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ كُلُّ مَالِهِ حَرَامٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِمُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ فَهَذَا تُمْنَعُ مُعَامَلَتُهُ وَمُدَايَنَتُهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ مِثْلُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ لَا مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ وَسَبِيلُ مَالِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُ لِأَرْبَابِهِ سَبِيلُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَيْسَ إلَّا، وَقِيلَ يُصْرَفُ فِي جَمِيعِ مَنَافِعِ الْمُسْلِمِينَ كَبِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَسَدِّ الثُّغُورِ وَاخْتُلِفَ إذَا نُزِعَ مِنْهُ لِيُصْرَفَ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ لَا وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ مِنْهُ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ وَيَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَالْمَظَالِمُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا يَسُدُّ رَمَقَهُ) أَيْ جَوْعَتَهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَكَلَامُ ح فِي شَرْحِ الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِهِمْ أَيْ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ إلَخْ) قَوْلُ الشَّارِحِ لَوْ وَرِثَ الْمُفَلَّسُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَمَنَعُوهُ التَّصَرُّفَ أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ مِنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ شِرَاءِ الْمُفَلَّسِ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ.

وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّ شِرَاءَهُ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ الْوُقُوعِ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَوْ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا هُوَ مُحَصَّلُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَصَرُّفِهِ الْمَالِيِّ فَلَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ

ص: 277

وَيَمْلِكُ بَاقِيَ الثَّمَنِ (لَا) إنْ (وَهَبَ لَهُ) فَلَا يُبَاعُ عَلَيْهِ بَلْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْهِبَةِ (إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ حِينَئِذٍ لِأَجْلِ الْعِتْقِ فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ بِالْقَرَابَةِ كَالْأُبُوَّةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَلَا يَعْتِقُ كَالْإِرْثِ.

وَأَشَارَ إلَى ثَالِثِ أَحْكَامِ الْفَلَسِ الْأَخَصِّ بِقَوْلِهِ (وَحُبِسَ) الْمُفَلَّسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ (لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ) لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ (وَلَمْ يَسْأَلْ) أَيْ وَلَمْ يَطْلُبْ مَنْ جُهِلَ حَالُهُ (الصَّبْرَ) أَيْ التَّأْخِيرَ عَنْ الْحَبْسِ (لَهُ) أَيْ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ (بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ) وَأَوْلَى بِالْمَالِ (فَغَرِمَ) حَمِيلُ الْوَجْهِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ) أَيْ بِمَجْهُولِ الْحَالِ (وَإِنْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمِدْيَانِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُسْرِ مِنْ تَمَامِ النِّصَابِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُسْرِهِ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ اسْتِظْهَارٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ الْعُسْرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ أَوْ مَوْتَهُ لَا فِي غَيْبَتِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْمَشْهُورُ مَا لِلَّخْمِيِّ لَكِنَّ اللَّخْمِيُّ قَيَّدَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ يَكْتُمُ الْمَالَ وَإِلَّا غَرِمَ الضَّامِنُ مُطْلَقًا وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ أَيْضًا بِأَنْ يُقَيِّدَ قَوْلَهُ وَلَوْ أَثْبَتَ عُدْمَهُ بِمَنْ يُتَّهَمُ بِإِخْفَاءِ الْمَالِ وَذَكَرَ قَسِيمَ مَجْهُولِ الْحَالِ بِقَوْلِهِ (أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ) بِحَسَبِ ظَاهِرِ حَالِهِ فَيُحْبَسُ (إنْ تَفَالَسَ) أَيْ أَظْهَرَ الْفَلَسَ مِنْ نَفْسِهِ بِادِّعَائِهِ الْفَقْرَ وَلَمْ يَعِدْ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ بِحَمِيلٍ، وَمِلَاؤُهُ بِالْمَدِّ الْغِنَى، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَهْمُوزًا فَالْجَمَاعَةُ وَبِلَا هَمْزٍ فَالْأَرْضُ بِجِنْسِ الْمُتَّسِعَةَ (وَإِنْ وَعَدَ) أَيْ مِنْ ذُكِرَ مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ (بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ كَالْيَوْمِ) وَالْيَوْمَيْنِ وَالْأَرْبَعَةِ وَالْخَمْسَةِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَحْسَنُ (أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ) عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَلَا يَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَكْفِي (وَإِلَّا) يُعْطِي يَأْتِي حَمِيلًا بِالْمَالِ بِأَنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ أَصْلًا أَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ (سُجِنَ) حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ أَوْ بِوَفَاءِ الدَّيْنِ (كَمَعْلُومِ الْمِلَاءِ) وَهُوَ الْمُلِدُّ الْمُعَانِدُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

شِرَائِهِ لِأَبِيهِ بِخُصُوصِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ، ثُمَّ إنْ رَدَّهُ الْغُرَمَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازُوهُ بِيعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْعِتْقِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ وَهَبَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفَلَّسِ مُطْلَقًا مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَحُبِسَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ، وَقَوْلُهُ الْمُفَلَّسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ فَاعِلُ حُبِسَ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِلْمِدْيَانِ مُفَلَّسًا كَانَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَمْ لَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ هَذَا التَّقْسِيمِ كَمَا يَأْتِي ظَاهِرُ الْمُلَاءِ وَمَعْلُومُهُ وَهُمَا لَا يُفَلَّسَانِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ إلَى قَوْلِهِ بِطَلَبِهِ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْلِيسَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ يُخْفِي بَعْدَ ذَلِكَ مَالًا فَيَحْتَاجُ أَنْ يُحْبَسَ إلَى أَنْ يُثْبِتَ عُسْرَهُ وَلَمْ يُخْفِ مَالًا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ تَوَقُّفِ التَّفْلِيسِ عَلَى ثُبُوتِ الْعُدْمِ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِ) أَيْ إلَى ثُبُوتِ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ حَالُهُ) أَيْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدَمٌ؟ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْمِلَاءِ، وَهَذَا مِمَّا قُدِّمَ فِيهِ الْغَالِبُ وَهُوَ التَّكَسُّبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مِلْكَ لَهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ لَا إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ) أَيْ فَلَا يُحْبَسُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ ضَمِيرِ جُهِلَ أَيْ إنْ جُهِلَ فِي حَالِ كَوْنِهِ لَمْ يَسْأَلْ إلَخْ فَلَوْ سَأَلَ الصَّبْرَ عَنْ الْحَبْسِ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ يَضْمَنُهُ حَتَّى يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ، ثُمَّ إنْ أَثْبَتَ عُسْرَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ هَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ غَرِمَ الْحَمِيلُ الدَّيْنَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فَغَرِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ يُبَيِّنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ هَلْ الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ؟ وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ بِالْمَالِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالْأَنْدَلُسِيِّينَ وَلَا يَقْضِي النَّظَرُ غَيْرَهُ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِإِقَامَةِ حَمِيلٍ بِالْمَالِ إلَى أَنْ يُثْبِتَ الْعُدْمَ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَمِيلِ الْمَالِ سُجِنَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ وَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ أَثْبَتَ) أَيْ الْحَمِيلُ عُدْمَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعُسْرِ) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُسْرِهِ أَيْ بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ) أَيْ الْحَمِيلُ، وَقَوْلُهُ عُسْرَهُ أَيْ عُسْرَ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ مَا لِلَّخْمِيِّ إلَخْ) قَالَ بْن نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِفَاسَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَثْبَتَ عُدْمَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ) عَطْفٌ عَلَى جُهِلَ حَالُهُ أَيْ حُبِسَ إنْ جُهِلَ حَالُهُ أَوْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ وَلَوْ كَانَ مُقْعَدًا وَيُحَدَّدُ مَنْ يُخْشَى هُرُوبُهُ، وَأُجْرَةُ الْحَبَّاسِ كَأُجْرَةِ الْعَوْنِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ أَخْذُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَلِدَّ الْمَطْلُوبُ كَمَا أَفَادَهُ ح أَوْ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ الْمِلَاءِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ بِسَبَبِ لُبْسِهِ الْفَاخِرَ مِنْ الثِّيَابِ وَرُكُوبِهِ لِجَيِّدِ الدَّوَابِّ وَلَهُ خَدَمٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ حَقِيقَةُ حَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ) أَيْ لِإِثْبَاتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ أَيْ فَإِنْ سَأَلَهُ أُجِيبَ وَهَلْ يَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ كَالْمَجْهُولِ وَأَوْلَى بِالْمَالِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حَمِيلٍ بِالْمَالِ وَلَا يَكْفِي حَمِيلُ الْوَجْهِ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ، وَقِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ فِي غَيْرِ الْمُلِدِّ وَالثَّانِي فِي الْمُلِدِّ فَلَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ بَلْ قَوْلٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ كَمَعْلُومِ الْمِلَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ

ص: 278

وَمِنْهُ مَنْ يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ لِلتِّجَارَةِ، ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقْهُ مِنْ احْتِرَاقِ مَنْزِلِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُحْبَسُ أَبَدًا، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ السِّجْنِ (وَأُجِّلَ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ الْمَدِينِ غَيْرُ الْمُفَلَّسِ عُلِمَ مِلَاؤُهُ أَوْ ظَهَرَ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ (لِبَيْعِ عَرْضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ) لَا بِالْوَجْهِ (وَإِلَّا سُجِنَ) وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ كَالْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْمُفَلَّسَ قَدْ ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ فَيَبِيعُ عَرْضَهُ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْجِيلٍ (وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَوْ مُفَلَّسًا لَمْ يُعْلَمْ عِنْدَهُ نَاضٌّ أَيْ فِي جَبْرِهِ عَلَى الْحَلِفِ (عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَعَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى حَلِفِهِ (تَرَدُّدٌ) فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ وَمَعْلُومِهِ، وَأَمَّا مَعْلُومُ النَّاضِّ فَلَا يَحْلِفُ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ) عِنْدَهُ (لَمْ يُؤَخَّرْ) وَلَمْ يَحْلِفْ (وَضُرِبَ) أَيْ مَعْلُومُ الْمِلَاءِ عَلِمَ بِالنَّاضِّ أَمْ لَا فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى سُجِنَ لَا عَلَى لَمْ يُؤَخَّرْ (مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِ نَفْسِهِ (وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ) أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِعُسْرِ مَجْهُولِ الْحَالِ، وَظَاهِرِ الْمَلَاءِ قَائِلَةٌ (إنَّهُ) أَيْ مُدَّعِي الْعُسْرِ (لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ حَلَفَ كَذَلِكَ) أَيْ يَقُولُ فِي يَمِينِهِ لَا أَعْرِفُ لِي مَالًا ظَاهِرًا، وَلَا بَاطِنًا إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُ مَالًا فِي الْوَاقِعِ لَا يَعْلَمُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ (وَزَادَ) فِي يَمِينِهِ (وَإِنْ وَجَدَ) مَالًا (لَيَقْضِيَنَّ) الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ وَفَائِدَةُ الزِّيَادَةِ عَدَمُ تَحْلِيفِهِ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُحْبَسُ أَبَدًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ كَذَا قَالَ شَارِحُنَا تَبَعًا لعبق وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحَمِيلُ حَمِيلًا بِالْمَالِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ السِّجْنِ وَالضَّرْبِ إلَّا حَمِيلٌ غَارِمٌ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَكَذَا فِي مَتْنِ الْعَاصِمِيَّةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلِدِّ الْمُعَانِدِ، وَقَوْلُهُ لِلتِّجَارَةِ أَيْ لَأَنْ يَتَّجِرَ لَهُمْ فِيهَا بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ بَيْعُهُ) أَيْ بَيْعُ مَالِهِ (قَوْلُهُ قَدْ ضُرِبَ عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ قَدْ ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ عَلَى يَدَيْهِ أَيْ مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ أَيْ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ) أَيْ بِخِلَافِ ظَاهِرِ الْمِلَاءِ وَمَعْلُومِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ التَّصَرُّفِ إذْ لَا يُفَلَّسُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ هُوَ الَّذِي يَتَعَاطَى بَيْعَ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الْمَدِينِ الَّذِي بِيعَ مَالُهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ مُفَلَّسًا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُفَلَّسٍ بِأَنْ كَانَ مَعْلُومَ الْمِلَاءِ أَوْ ظَاهِرَهُ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مُفَلَّسًا لِجَهْلِ حَالِهِ، وَقَوْلُهُ لَمْ يَعْلَمْ أَيْ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عِنْده نَاضًّا (قَوْلُهُ أَيْ فِي جَبْرِهِ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ إلَخْ) قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى إخْفَاءِ النَّاضِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ؟ فَقِيلَ يَحْلِفُ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ دَحُونٍ، وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي عَلِيٍّ الْحَدَّادِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ التُّجَّارِ حَلَفَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَلَا يَحْلِفُ إنْ لَمْ يَكُنْ تَاجِرًا وَالْخِلَافُ فِي هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ اهـ بْن وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ فَلَا يَحْلِفُ) أَيْ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحَلِفِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ عُلِمَ بِالنَّاضِّ) أَيْ عُلِمَ بِأَنَّ عِنْدَهُ نَاضًّا أَمْ لَا (قَوْلُهُ لَا عَلَى لَمْ يُؤَخَّرْ) أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ إلَّا مَنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ فَقَطْ، وَأَمَّا مَنْ عُلِمَ بِالْمِلَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِالنَّاضِّ فَلَا يُضْرَبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ) أَيْ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ ضَرَبَهُ قَاصِدًا إتْلَافَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَثْبُتُ الْعُسْرُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَكْثَرِ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ قَائِلَةٌ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَخْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ عَلَى أَنَّهَا مَحْكِيَّةٌ بِقَوْلٍ مُقَدَّرٍ، وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ فَتْحُهَا عَلَى أَنَّهَا مَجْرُورَةٌ بِجَارٍّ مَحْذُوفٍ مُتَعَلِّقٍ بِشَهِدَ أَيْ وَإِنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ وَإِلَّا بَطَلَتْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْوَاقِعِ وَلَا يَعْلَمُ الشَّاهِدُ بِهِ وَانْظُرْ هَلْ يُغْتَفَرُ فِي ذَلِكَ لِلْعَوَامِّ أَمْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الِاغْتِفَارَ قِيَاسًا عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا شَهِدَ وَحَلَفَ أَنْ مَا شَهِدَ بِهِ حَقٌّ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَامِّيًّا وَإِلَّا اُغْتُفِرَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا احْتَمَلَتْ الشَّهَادَةُ الْبَتَّ وَنَفْيَ الْعِلْمِ فَفِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ كَمَا لَوْ قَالَتْ إنَّهُ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا (قَوْلُهُ بِعُسْرِ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمِلَاءِ) أَيْ وَأَمَّا مَعْلُومُ الْمِلَاءِ فَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا لَا نَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا وَمِثْلُهُ مَنْ يُقِرُّ بِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الْحَقِّ وَمِلَائِهِ فَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِعُدْمِهِ وَأَنَّهَا لَا تَعْرِفُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي ذَلِكَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ إذْ يُحْتَمَلُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَإِنَّمَا حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْمُفِيدِ وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ لَا يَعْلَمُهُ بِكَإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي الْيَمِينِ قَوْلَيْنِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَهِيَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى قَوْلِهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إذْ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا لِي مَالٌ لَكَفَى فَزِيَادَةُ ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَوْكِيدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ وَجَدْته لَأَقْضِيَنَّ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا يَزِيدُهَا لِأَجْلِ دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ حُدُوثُ مَالٍ فَزِيَادَتُهَا مُجَرَّدُ اسْتِحْبَابٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِتَرْكِ الْخُصُومَاتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ

ص: 279

(وَأُنْظِرَ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280](وَحَلَّفَ) الْمَدِينُ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ (الطَّالِبَ) الَّذِي هُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (إنْ ادَّعَى) الْمِدْيَانُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الطَّالِبِ (عِلْمَ الْعُدْمِ) وَلَمْ يُصَدِّقْهُ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ ظُلْمٌ، فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ عَدِيمٌ فَلَا يَمِينَ، وَلَا حَبْسَ وَوَجَبَ إنْظَارُهُ، فَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ حَلَفَ الْمَدِينُ، وَلَا يُحْبَسُ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَيَجُوزُ تَخْفِيفُ حَلَفَ وَفَاعِلُهُ الطَّالِبُ (وَإِنْ سَأَلَ) الطَّالِبُ (تَفْتِيشَ دَارِهِ) أَيْ دَارَ الْمَدِينِ وَلَوْ غَيْرَ مُفَلَّسٍ وَمِثْلُ الدَّارِ الْحَانُوتُ وَالْمَخْزَنُ (فَفِيهِ) أَيْ فَفِي إجَابَتِهِ لِذَلِكَ (تَرَدُّدٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا عَلَى عَدَمِهِ، وَأَمَّا تَفْتِيشُ جَيْبِهِ أَوْ كُمِّهِ أَوْ كِيسِهِ فَيُجَابُ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ خَفِيفٌ (وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمِلَاءِ) عَلَى بَيِّنَةِ الْعُدْمِ (إنْ بَيَّنَتْ) سَبَبَهُ بِأَنْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ أَخْفَاهُ، فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ وَجْهَ الْعُدْمِ أَمْ لَا (وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ) حَالُهُ مِنْ السِّجْنِ (إنْ طَالَ سَجْنُهُ) وَطُولُهُ مُعْتَبَرٌ (بِقَدْرِ الدَّيْنِ) قِلَّةً وَكَثْرَةً (وَ) حَالِ (الشَّخْصِ) قُوَّةً وَضَعْفًا وَيُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ وَاحْتُرِزَ بِالْمَجْهُولِ مِنْ ظَاهِرِ الْمِلَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِعُدْمِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(وَحُبِسَ النِّسَاءِ) فِي دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (عِنْدَ أَمِينَةٍ) مُنْفَرِدَةٍ عَنْ الرِّجَالِ (أَوْ) عِنْدَ امْرَأَةٍ (ذَاتِ) رَجُلٍ (أَمِينٍ) مَعْرُوفٍ بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ مِنْ اشْتِرَاطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَأُنْظِرَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأُنْظِرَ يَسَارُهُ أَيْ لِثُبُوتِ ذَلِكَ وَلَا يُلَازِمُ رَبُّ الدَّيْنِ الْغَرِيمَ بِحَيْثُ كُلَّمَا يَأْتِيهِ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى قَدْ أَوْجَبَ إنْظَارَهُ لِلْيُسْرِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ إنَّهُ بَعْدَ إثْبَاتِ عُسْرِ الْغَرِيمِ يُلَازِمُهُ رَبُّ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَحَلَّفَ الْمَدِينُ الطَّالِبَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدِينُ مَجْهُولَ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرَ الْمِلَاءِ أَوْ مَعْلُومَ الْمِلَاءِ وَكَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ بِالنَّاضِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْعُدْمِ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ، أَوْ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْلِفُ وَلَا يُحَلِّفْ أَحَدًا (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ حَلَفَ الْمَدِينُ) أَيْ حَلَفَ أَنَّ الطَّالِبَ يَعْلَمُ بِعُدْمِهِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمَدِينُ كَمَا نَكَلَ الطَّالِبُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدِينَ سَوَاءٌ كَانَ مَجْهُولَ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرَ الْمِلَاءِ أَوْ مَعْلُومَهُ إذَا طَالَبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِعُدْمِهِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَلِفَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا سِجْنَ وَإِنْ كَذَّبَهُ رَبُّ الدَّيْنِ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِعُدْمِهِ وَحُبِسَ الْمَدِينُ فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ مَا عَلَيْهِ أَوْ يُقِيمَ حَمِيلًا بِالْمَالِ، فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمَدِينِ، فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يُسْجَنْ؛ لِأَنَّ حَبْسَهُ حِينَئِذٍ ظُلْمٌ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ (قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَإِنْ سَأَلَ الطَّالِبُ الْحَاكِمَ تَفْتِيشَ دَارِ الْمَدِينِ لَعَلَّهُ أَنْ يَجِدَ فِيهَا شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ يُبَاعُ لَهُ فَفِي إجَابَتِهِ لِذَلِكَ وَعَدَمِ إجَابَتِهِ تَرَدُّدٌ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّرَدُّدَ وَلَوْ بَعْدَ الشَّهَادَةِ عَلَى عُدْمِهِ وَحَلِفِهِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ لَا عَلَى الْبَتِّ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْعُدْمُ فَلَا تَفْتِيشَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَفِي إجَابَتِهِ لِذَلِكَ) أَيْ وَعَدَمِ إجَابَتِهِ فَالْقَوْلُ بِالْإِجَابَةِ أَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ الْإِجَابَةِ لِابْنِ عَتَّابٍ وَابْنِ مَالِكٍ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ أَنَّهَا تُفَتَّشُ عَلَيْهِ فَمَا وُجِدَ فِيهَا مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ وَادَّعَتْهُ زَوْجَتُهُ كَانَ لَهَا وَمَا وُجِدَ مِنْ عُرُوضِ تِجَارَةٍ بِيعَ لِغُرَمَائِهِ وَلَمْ يُصَدَّقْ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ وَجَدَ فِيهَا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَتِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ اهـ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ التَّفْتِيشِ اهـ بْن وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَفْتَى بَعْضُهُمْ بِتَفْتِيشِ دَارِ مَنْ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ سَرِقَةٌ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا فَلَا، اُنْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا) أَيْ بِتُونُسَ (قَوْلُهُ وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمِلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ لَوْ شَهِدَ لَهُ قَوْمٌ بِالْمِلَاءِ وَقَوْمٌ بِالْعُدْمِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ الْمِلَاءِ تُقَدَّمُ إنْ بَيَّنَتْ سَبَبَ الْمِلَاءِ أَيْ إنْ عَيَّنَتْ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِسَبَبِهِ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ أَخْفَاهُ سَوَاءٌ بَيَّنَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ سَبَبَ الْعُدْمِ بِأَنْ قَالَتْ مَالُهُ حُرِقَ أَوْ غَرِقَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَةُ الْمِلَاءِ مَا هُوَ مَلِيءٌ بِهِ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ وَجْهَ الْعُدْمِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَلَكِنَّ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمِلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ، وَالْقَاعِدَةُ تَقْدِيمُ مَا بِهِ الْعَمَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُ قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَتْ، فَإِنْ قِيلَ شَهَادَةُ بَيِّنَةِ الْمِلَاءِ مُسْتَصْحَبَةٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الْمِلَاءُ وَبَيِّنَةُ الْعُدْمِ نَاقِلَةٌ وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ أُجِيبَ بِأَنَّ النَّاقِلَةَ هُنَا شَهِدَتْ بِالنَّفْيِ فَقُدِّمَتْ عَلَيْهَا الْمُسْتَصْحَبَةُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ فَتَقْدِيمُ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَشْهَدْ النَّاقِلَةُ بِالنَّفْيِ وَالْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْإِثْبَاتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ سِجْنُهُ) أَيْ وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعُدْمِ؛ لِأَنَّ طُولَ سِجْنِهِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِعُدْمِهِ فَإِذَا حَلَفَ مَعَ الطُّولِ أُخْرِجَ (قَوْلُهُ وَحَالِ الشَّخْصِ) أَيْ فَلَيْسَ الْوَجِيهُ كَالْحَقِيرِ وَلَا الْقَوِيُّ كَالضَّعِيفِ وَلَا الدَّيْنُ الْكَثِيرُ كَالْقَلِيلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ وَلَا بَاطِنٌ وَإِنْ وَجَدَ مَالًا لَيَقْضِيَنَّ الْغُرَمَاءَ حَقَّهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ) أَيْ لَا بِطُولِ سِجْنِهِ وَحَلِفِهِ وَمَعْلُومُ الْمِلَاءِ لَا يَخْرُجُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَمُوتَ أَوْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِذَهَابِ مَالِهِ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ فَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ عِنْدَ أَمِينَةٍ) أَيْ لَا يُخْشَى عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا حُبِسَتْ عِنْدَهَا أَيْ وَالْأَمْرَدُ الْبَالِغُ وَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ يُحْبَسُ وَحْدَهُ أَوْ عِنْدَ مَحْرَمٍ وَغَيْرُ الْبَالِغِ لَا يُحْبَسُ (قَوْلُهُ أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ لِيُفِيدَ

ص: 280

زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ (وَ) حُبِسَ (السَّيِّدُ) فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ (لِمُكَاتَبِهِ) إذَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي قِيمَةِ الْكِتَابَةِ مَا يَفِي بِهِ (وَالْجَدُّ) يُحْبَسُ لِوَلَدِ ابْنِهِ (وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ) وَأُمِّهِ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ (كَالْيَمِينِ) فَلِلْوَالِدِ أَنْ يُحَلِّفَ وَلَدَهُ لَا الْعَكْسُ (إلَّا) الْيَمِينَ (الْمُنْقَلِبَةَ) مِنْ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ كَأَنْ يَدَّعِيَ عَلَى ابْنِهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ الِابْنُ وَلَمْ يَحْلِفْ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَرُدَّتْ عَلَى الْأَبِ فَيَحْلِفُهَا الْأَبُ اتِّفَاقًا (وَ) إلَّا (الْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الِابْنِ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ وَطَالَبَهُ الزَّوْجُ بِجِهَازِهَا فَيَحْلِفُ الْأَبُ، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ أَعَارَ ابْنَتَهُ شَيْئًا مِنْ جِهَازِهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَلَمْ يُفَرَّقْ) فِي السِّجْنِ (بَيْنَ) الْأَقَارِبِ (كَالْأَخَوَيْنِ وَالزَّوْجَيْنِ) الْمَحْبُوسَيْنِ فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا (إنْ خَلَا) السِّجْنُ مِنْ الرِّجَالِ فَلَا يُجَابُ رَبُّ الْحَقِّ إلَى التَّفْرِيقِ إنْ طَلَبَهُ، وَقَوْلُهُ إنْ خَلَا قَيْدٌ فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُ حُبِسَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَحَلٍّ لَا رِجَالَ فِيهِ (وَلَا يَمْنَعُ) أَيْ الْحَاكِمُ (مُسَلِّمًا) يُسَلِّمُ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَلَوْ زَوْجَةً لَا تَبِيتُ عِنْدَهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأُ يُمْنَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَمُسَلِّمًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي (وَخَادِمًا) يَخْدُمُهُ فِي مَرَضٍ (بِخِلَافِ زَوْجَةٍ) إنْ قَصَدَتْ الْبَيَاتَ عِنْدَهُ وَحُبِسَ فِي غَيْرِ دَيْنِهَا وَإِلَّا لَمْ تُمْنَعْ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

اشْتِرَاطَ الْأَمَانَةِ فِيهَا أَيْضًا مَعَ عَدَمِ الِانْفِرَادِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَمِينَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَيَقْتَضِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ أَمَانَتِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ سَحْنُونٍ هَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا لَمْ يُحْبَسْ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ بَيْعَ الْكِتَابَةِ بِنَقْدٍ اهـ بْن، وَقَوْلُهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لِمُكَاتَبِهِ أَيْ حَالٌّ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ، وَقَوْلُهُ لِمُكَاتَبِهِ أَيْ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَالْحُقُوقُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالذِّمَّةِ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَحْبِسُ دَيْنَ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَحِلَّ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ تُوَفَّى بِالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ مِنْهَا لَا يَفِي بِهِ أَوْ كَانَ الْحَالُّ مِنْهَا يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَا يُحْبَسُ لَهُ وَيَتَقَاصَّانِ.

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يُحْبَسُ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ) أَيْ وَلَوْ أَلَدَّ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَالْمُرَادُ الْوَالِدُ نَسَبًا لَا رَضَاعًا، وَأَمَّا الْوَالِدُ رَضَاعًا فَيُحْبَسُ لِدَيْنِ وَلَدِهِ قَالَ مَالِكٌ وَإِنْ لَمْ يُحْبَسْ الْوَالِدَيْنِ فِي دَيْنِ الْوَلَدِ فَلَا أَظْلِمُ الْوَلَدَ لَهُمَا أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَفْعَلَ بِهِمَا مَا يَفْعَلُ بِالْمُلِدَّيْنِ أَلَدَّ مِنْ الضَّرْبِ وَغَيْرِهِ كَالتَّقْرِيعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لِحَقِّ الْوَلَدِ بَلْ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى رَدْعًا وَزَجْرًا وَصِيَانَةً لِأَمْوَالِ النَّاسِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الضَّرْبَ أَشَدُّ مِنْ الْحَبْسِ فَمُقْتَضَى كَوْنِ الْوَالِدَيْنِ لَا يُحْبَسَانِ لِلْوَلَدِ عَدَمُ ضَرْبِهِمَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ الْحَبْسُ لِدَوَامِهِ أَشَدُّ مِنْ الضَّرْبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْأَشَدِّ تَرْكُ مَا هُوَ دُونَهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَلِلْوَالِدِ أَنْ يُحَلِّفَ وَلَدَهُ لَا الْعَكْسُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ وَلَا يُقْضَى لِلْوَلَدِ بِتَحْلِيفِ وَالِدِهِ إذَا شَحَّ الْوَلَدُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَهُ وَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفَ وَالِدِهِ فَلَيْسَ لَهُ حَدُّهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَدَّ أَشَدُّ مِنْ الْيَمِينِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلَدِ تَحْلِيفُ وَالِدِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا مِنْ حَدِّهِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْوَلَدِ أَنْ يُحَلِّفَ وَالِدَهُ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَأَنْ يَحُدَّهُ وَيَكُونَ بِذَلِكَ عَاقًّا وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ، وَهُوَ بَعِيدٌ فَإِنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفَسَقَ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ) أَيْ الِابْنُ لِرَدِّ دَعْوَى أَبِيهِ، وَقَوْلُهُ فَرُدَّتْ أَيْ الْيَمِينُ (قَوْلُهُ كَدَعْوَى الْأَبِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَلَمْ يَحْلِفْ الْوَلَدُ مَعَهُ فَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْأَبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَهُوَ مَا قَالَهُ عبق وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَبَ لَا يَحْلِفُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيهِ الِابْنُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَيْهِ فَنَكَلَ الْوَلَدُ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ لِلْأَبِ شَاهِدٌ عَلَى حَقِّهِ عَلَى الْوَلَدِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَالزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ بِخِلَافِ زَوْجَةٍ فَإِنَّهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَاسْتَظْهَرَ مَا لِسَحْنُونٍ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ وَقَبِلَهُ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ لَيْسَا بِخِلَافٍ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَمَا صَنَعَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى وَوَجَّهَ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِكَوْنِهَا مَعَهُ إدْخَالَ الرَّاحَةِ عَلَيْهِ وَالرِّفْقَ بِهِ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مَهْمُومٌ وَالتَّفْرِيقُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ بِخِلَافِ بَيَاتِهَا عِنْدَ الْمَحْبُوسِ فَإِنَّهُ تَنْعِيمٌ لَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَمَّا مَنْ يُخْشَى بِسَلَامِهِ عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْحِيلَةَ فِي خَلَاصِهِ فَيُمْنَعُ (قَوْلُهُ يَخْدُمُهُ فِي مَرَضٍ) أَيْ شَدِيدٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ كَانَ مَرَضُهُ خَفِيفًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ خَادِمٍ يَخْدُمُهُ وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ يُخْدَمُ عَادَةً، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَوْجَةٍ) أَيْ غَيْرِ مَحْبُوسَةٍ مَعَهُ فَإِنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ سَلَامِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَتْ الْبَيَاتَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ بِقَصْدِ السَّلَامِ فَلَا تُمْنَعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَمْنَعُ مُسَلِّمًا وَهُوَ شَامِلٌ لِلزَّوْجَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْبَيَاتِ طُولُ الْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ تُمْنَعْ) أَيْ لِأَنَّهَا إنْ شَاءَتْ لَمْ تَحْبِسْهُ كَمَا أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ إذَا حُبِسَا مَعًا فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا وَخَلَا الْحَبْسُ عَنْ

ص: 281

(وَأُخْرِجَ لِحَدٍّ) وَلَوْ قَتْلًا وَيُؤْخَذُ الدَّيْنُ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ وُجِدَتْ وَإِلَّا ضَاعَ عَلَى أَرْبَابِهِ (أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ) لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالضِّيقِ الْمَقْصُودِ مِنْ السِّجْنِ (لِعَوْدِهِ) أَيْ إلَى عَوْدِ عَقْلِهِ فَيُعَادُ فِي السِّجْنِ (وَاسْتُحْسِنَ) إخْرَاجُهُ (بِكَفِيلٍ بِوَجْهٍ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ وَوَلَدِهِ وَأَخِيهِ وَقَرِيبٍ) قُرْبًا (جِدًّا) أَيْ قَرِيبَ الْقَرَابَةِ لَا بَعِيدَهَا وَالْمُرَادُ الْمَرَضُ الشَّدِيدُ (لِيُسَلِّمَ) عَلَى مَنْ ذُكِرَ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ (لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) فَلَا يَخْرُجُ لَهُمَا، وَلَا لِصَلَاةِ جَمَاعَةٍ بَلْ لِوُضُوءٍ وَقَضَاءِ حَاجَةٍ (وَ) لَا يَخْرُجُ لِقِتَالِ (عَدُوٍّ إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ أَوْ أَسْرِهِ) بِمَوْضِعِهِ فَيَخْرُجُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحُكْمِ الرَّابِعِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الْخَاصِّ بِقَوْلِهِ (وَلِلْغَرِيمِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ وَمَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ وَارِثٍ وَمَوْهُوبٍ لَهُ الثَّمَنَ (أَخْذُ عَيْنِ مَا لَهُ) الثَّابِتِ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُفَلَّسِ قَبْلَ الْفَلَسِ (الْمُحَازِ) صَوَابُهُ الْمَحُوزِ مِنْ حَازَ، وَلَا يُقَالُ أَحَازَ (عَنْهُ) عَنْ الْغَرِيمِ (فِي الْفَلَسِ) الْوَاقِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَقَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ السِّلْعَةَ لِيَقْلِبَهَا أَوْ لِيَتَرَوَّى فِي أَخْذِهَا، ثُمَّ عَقَدَ الْبَيْعَ بَعْدَ الْفَلَسِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ (لَا) الْمُحَازِ عَنْهُ فِي (الْمَوْتِ) فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ، فَصَارَ بِثَمَنِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِ أَيْضًا وَبَالَغَ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الرِّجَالِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَأُخْرِجَ) أَيْ الْمَدِينُ مِنْ السِّجْنِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ لِأَجْلِ إقَامَةِ حَدٍّ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْحَدُّ غَيْرَ قَتْلٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَتْلًا (قَوْلُهُ أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ) أَيْ أَنَّ الْمَحْبُوسَ إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ بِغَيْرِ حَمِيلٍ أَصْلًا لَا بِالْوَجْهِ وَلَا بِالْمَالِ وَيَسْتَمِرُّ خُرُوجُهُ إلَى أَنْ يَعُودَ لَهُ عَقْلُهُ، فَإِنْ عَادَ لَهُ عَقْلُهُ عَادَ لِلسِّجْنِ (قَوْلُهُ لِعَوْدِهِ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْخُرُوجِ مُسْتَمِرًّا إلَى أَنْ يَعُودَ لَهُ عَقْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ لِلسِّجْنِ فَالْمُسْتَمِرُّ هُوَ الْخُرُوجُ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ الْحَالِ لَا الْإِخْرَاجُ إذْ لَا اسْتِمْرَارَ لَهُ (قَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ) أَيْ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ (قَوْلُهُ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ) أَيْ أَوْ لِحُضُورِ جِنَازَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ إذَا كَانَ الْآخَرُ حَيًّا وَإِلَّا فَلَا يَخْرُجُ كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ) أَيْ مَنْعُهُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلسَّلَامِ عَلَى مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ مَرِيضًا مَرَضًا شَدِيدًا وَانْظُرْ لِمَ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْقِيَاسَ الَّذِي صَوَّبَهُ الْبَاجِيَّ وَجَرَى عَلَى اسْتِحْسَانِ ابْنِ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اسْتَحْسَنَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ. .

(قَوْلُهُ لَا جُمُعَةٍ وَعِيدٍ) أَيْ وَلَا لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ حَنِثَ، ثُمَّ قُيِّمَ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ حُبِسَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِذَا بَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ وَفَاتَهُ الْحَجُّ لَمْ يَتَحَلَّلْ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ كَمَا مَرَّ فِي الْحَصْرِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعِيدَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا بَدَلَ لَهَا فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ خُرُوجُهُ لَهَا فَنَصَّ عَلَى عَدَمِ خُرُوجِهِ لَهَا دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ (قَوْلُهُ بَلْ لِوُضُوءٍ) أَيْ بَلْ يَخْرُجُ لِوُضُوءٍ أَيْ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ فِعْلُهُ فِي السِّجْنِ وَإِلَّا فَلَا يَخْرُجُ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَا لَهُ) أَيْ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ لِلْمُفَلَّسِ وَيُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَخْذَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ إذَا لَمْ يُنَازِعْهُ الْغُرَمَاءُ.

{تَنْبِيهٌ} يَتَعَيَّنُ ضَبْطُ لَامِ مَا لَهُ بِالْفَتْحِ فَيَكُونُ مُرَكَّبًا مِنْ مَا الْمَوْصُولَةِ وَمِنْ لَهُ أَيْ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ الشَّيْءِ الَّذِي لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا أَوْ لَا فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ اشْتِرَاطُ إمْكَانِ أَخْذِهِ، وَأَمَّا عَلَى جَرِّ اللَّامِ عَلَى أَنَّ لَفْظَ مَالٍ مُضَافٌ لِضَمِيرِ الْغَرِيمِ فَلَا يَصِحُّ مَعَهُ شَرْطُ الْإِمْكَانِ؛ لِأَنَّ مُحْتَرَزَاتِهِ لَا تَدْخُلُ فِي الْمَالِ اهـ شب (قَوْلُهُ وَمَوْهُوبٌ لَهُ الثَّمَنَ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى الثَّمَنَ مِنْ بَائِعِ السِّلْعَةِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا مُحَاصَّةُ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارُ الْمُفَلَّسِ قَبْلَ الْفَلَسِ) يَعْنِي أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ أَيْ مَالُ الْغَرِيمِ يَتَعَيَّنُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمُفَلَّسِ بِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ إلَّا بَعْدَ التَّفْلِيسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ قَوْلَهُ مَقْبُولٌ قِيلَ مَعَ يَمِينِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ، وَقِيلَ بِدُونِ يَمِينٍ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ، وَالثَّالِثُ إنْ كَانَ عَلَى الْأَصْلِ بَيِّنَةٌ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِهَا وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَنْ حَازَ) أَيْ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ حَازَ ثُلَاثِيًّا وَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مَحُوزٌ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ أَحَازَ أَيْ حَتَّى يَكُونَ اسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ مُحَازًا وَأَصْلُ مَحُوزٍ مَحْوُوزٌ، وَأَمَّا مُحَازُّ فَأَصْلُهُ مُحْوَزٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَصْرِيفُهَا لَا يَخْفَى عَلَيْك (قَوْلُهُ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ) أَرَادَ بِنَحْوِهِ هِبَةَ الثَّوَابِ وَكَذَلِكَ الْقَرْضُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهُ) أَيْ، فَإِنْ وَقَعَ الْفَلَسُ قَبْلَ الْبَيْعِ لَكِنْ بَعْدَ قَبْضِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حِينَ الْبَيْعِ بِفَلَسِهِ لِعَدَمِ تَثَبُّتِهِ بِأَنَّ هَذَا الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ مُفَلَّسٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ الْمَذْكُورُ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ ذِمَّةَ الْمُفَلَّسِ وَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَالِ الَّذِي خَلَعُوهُ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ سَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ بَعْدَ قَسْمِ ذَلِكَ الْمَالِ أَوْ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لَهُمْ، ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ ثَمَنُهُ حَالًّا فَلَهُ حَبْسُ سِلْعَتِهِ فِي الثَّمَنِ أَوْ بَيْعُهَا لِأَجْلِهِ وَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُ فِي ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ حَادِثَةٌ. نَعَمْ إنْ حَصَلَ رِبْحٌ كَانَ لِلْمُفَلَّسِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَحُلُولُ مَا عَلَى الْمُفَلَّسِ سَابِقٌ عَلَى هَذَا فَلَا يُقَالُ إنَّهُ حَلَّ بِهِ (قَوْلُهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ، وَقَوْلُهُ فَصَارَ أَيْ رَبُّهُ بِثَمَنِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِخِلَافِ الْمُفَلَّسِ فَإِنَّ الذِّمَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنُ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا فَلِذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَلَهُ أَنْ يَتَحَاصَصَ مَعَهُمْ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِ) أَيْ

ص: 282

عَنْهُ فِي الْفَلَسِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ (مَسْكُوكًا) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عُرِفَ بِطَبْعٍ عَلَيْهِ وَنَحْوِهِ (وَ) لَوْ كَانَ عَيْنُ مَالِهِ رَقِيقًا (آبِقًا) فَلِرَبِّهِ الرِّضَا بِهِ إنْ وَجَدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ (وَ) إذَا رَضِيَ بِهِ (لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ) وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلِلرُّجُوعِ فِي عَيْنِ مَالِهِ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ) بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلَّسِ، فَإِنْ فَدَوْهُ (وَلَوْ بِمَالِهِمْ) وَأَوْلَى بِمَالِ الْمُفَلَّسِ لَمْ يَأْخُذْهُ، وَكَذَا لَوْ ضَمِنُوا لَهُ الثَّمَنَ وَهُمْ ثِقَاتٌ أَوْ أَعْطَوْهُ حَمِيلًا ثِقَةً لَمْ يَأْخُذْهُ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَأَمْكَنَ) أَخْذُهُ (لَا) إنْ لَمْ يُمْكِنْ نَحْوُ (بُضْعٍ) فَالزَّوْجَةُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا الْمُحَاصَّةُ بِصَدَاقِهَا إذَا فَلِسَ زَوْجُهَا وَطَلَبَتْهُ مِنْهُ إذْ لَا يُمْكِنُ رُجُوعُهَا فِي الْبُضْعِ وَلَهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الصَّدَاقِ فَتُحَاصِصُ بِنِصْفِهِ (وَعِصْمَةٍ) كَمَنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مَالٍ تَدْفَعُهُ لَهُ فَخَالَعَهَا فَفَلَّسَتْ فَيُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا خَالَعَهَا عَلَيْهِ، وَلَا يَرْجِعُ فِي الْعِصْمَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ (وَ) لَا فِي (قِصَاصٍ) صُولِحَ فِيهِ بِمَالٍ، ثُمَّ فَلِسَ الْجَانِي لِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ شَرْعًا فِي الْقِصَاصِ بَعْدَ الْعَفْوِ، وَفِي جَعْلِ مَا لَا يُمْكِنُ شَرْطًا نَظَرٌ إذْ لَا يُخَاطَبُ الْمُكَلَّفُ إلَّا بِمَا فِي وُسْعِهِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَنْتَقِلْ) عَيْنُ مَالِهِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ، فَإِنْ انْتَقَلَ فَالْحِصَاصُ (لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةَ) فَلَا رُجُوعَ وَأَوْلَى لَوْ عُجِنَتْ أَوْ بُذِرَتْ (أَوْ خُلِطَ) عَيْنُ مَالِهِ (بِغَيْرِ مِثْلٍ) وَلَمْ يَتَيَسَّرْ تَمْيِيزُهُ كَخَلْطِ زَيْتٍ بِزَيْتٍ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ أَوْ بِسَمْنٍ أَوْ بِمُسَوَّسٍ، وَأَمَّا خَلْطُهُ بِمِثْلِيٍّ فَغَيْرُ مُفَوِّتٍ (أَوْ سُمِّنِ زُبْدُهُ أَوْ فَصَلَ ثَوْبُهُ) أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا وَلَوْ قَالَ أَوْ فُصِّلَ شَيْؤُهُ لَشَمِلَ مَسْأَلَةَ الْجِلْدِ وَغَيْرَهَا وَهَذَا بِخِلَافِ دَبْغِ الْجِلْدِ وَصَبْغِ الثَّوْبِ أَوْ نَسْجِ الْغَزْلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي الْمَوْتِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّيْءَ غَيْرُ الْمَحُوزِ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ، وَأَمَّا الْمَحُوزُ فَرَبُّهُ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ رَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مَحُوزًا أَوْ غَيْرَ مَحُوزٍ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَبُّهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَسْكُوكًا) أَيْ دَفَعَ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فَفُلِّسَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَعُرِفَ ذَلِكَ الْمَسْكُوكُ عِنْدَهُ بِطَبْعٍ عَلَيْهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَازَمَتْ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مِنْ وَقْتِ قَبْضِهَا لِوَقْتِ تَفْلِيسِهِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ لَا يَرْجِعُ الْمُسْلِمُ فِي عَيْنِ دَرَاهِمِهِ الْمَسْكُوكَةِ بَلْ يُحَاصِصُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ فِي الْأَحَادِيثِ مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ مَتَاعَهُ، وَالنَّقْدَانِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ اهـ وَحُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُثْمَنِ (قَوْلُهُ وَآبِقًا) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ الْآبِقِ بِأَنْ يَتَّفِقَ الْبَائِعُ مَعَ الْغُرَمَاءِ عَلَى أَخْذِهِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْحِصَاصِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ وَلَا شَيْءَ لَهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِبَائِعِ الْعَبْدِ إذَا أَبَقَ أَنْ يَرْضَى بِالْمُحَاصَّةِ وَلَا يَطْلُبُ الْعَبْدَ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِعَبْدِهِ وَإِذَا رَضِيَ بِهِ، فَإِنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ لَزِمَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ الَّذِي رَدَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لَا يَجُوزُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ الرِّضَا بِهِ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَاصِصَ بِثَمَنِهِ، فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَرَضِيَ بِهِ وَلَمْ يَجِدْهُ رَجَعَ لِلْحِصَاصِ وَلَا عِبْرَةَ بِاتِّفَاقِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِلْحِصَاصِ، وَهَذَا الْخِلَافُ الْوَاقِعُ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ أَخْذَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُفَلَّسِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ ابْتِدَاءٌ، فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَبْنِيٌّ عَلَى الثَّانِي.

(قَوْلُهُ إنْ وَجَدَهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بِمَالِ الْمُفَلَّسِ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا كَانَ الْفِدَاءُ بِمَالِ الْمُفَلَّسِ الْمَخْلُوعِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَأَمْكَنَ) أَيْ أَمْكَنَ أَخْذُهُ وَاسْتِيفَاؤُهُ هَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ قَوْلِهِ سَابِقًا مَالَهُ بِفَتْحِ اللَّامِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَكُونُ إلَّا مُمْكِنَ الِاسْتِيفَاءِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ فِيهِ بِخِلَافِ الشَّيْءِ الَّذِي ثَبَتَ لِلْغَرِيمِ فَإِنَّهُ تَارَةً يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ وَتَارَةً لَا يُمْكِنُ (قَوْلُهُ فَالزَّوْجَةُ) أَيْ الْمَدْخُولُ بِهَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ إذَا فُلِّسَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اسْتِطْرَادِيَّةٌ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا قُبِضَ وَحِيزَ قَبْلَ الْفَلَسِ وَالزَّوْجُ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَبْضٌ لِلْبُضْعِ قَبْلَ الْفَلَسِ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ عَلَى الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ بِالصَّدَاقِ (قَوْلُهُ بِنِصْفِهِ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ يُكْمِلُهُ أَوْ قُلْنَا إنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْ وَلَهَا الرِّضَا بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ وَحِينَئِذٍ فَتُحَاصِصُ بِجَمِيعِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ وَتُحَاصِصُ بِنِصْفِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَالدُّخُولُ يُكَمِّلُهُ (قَوْلُهُ ثُمَّ فُلِّسَ الْجَانِي) أَيْ فَيُحَاصِصُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَوْ وَرَثَةُ غُرَمَاءِ الْجَانِي بِمَا صَالَحَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفِي جَعْلِ مَا لَا يُمْكِنُ شَرْطًا إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْكَلَامِ؛ لِأَنَّ الَّذِي جُعِلَ شَرْطًا لِأَخْذِ الْغَرِيمِ عَيْنَ شَيْئِهِ إمْكَانُ اسْتِيفَائِهِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَلَمْ يُجْعَلْ عَدَمُ الْإِمْكَانِ شَرْطًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةَ) عَطْفٌ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَيْ وَاسْتَمَرَّ لَا إنْ إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ عَطَفَ بِلَا بَعْدَ النَّفْيِ مَعَ أَنَّهَا لَا تُعْطَفُ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الطَّحْنُ هُنَا نَاقِلًا مَعَ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ أَنَّهُ غَيْرُ نَاقِلٍ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ هُنَا عَنْ الْعَيْنِ وَهُوَ يَكُونُ بِأَدْنَى شَيْءٍ وَالنَّقْلُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْجِنْسِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِأَقْوَى شَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ النَّقْلِ هُنَاكَ عَدَمُهُ هُنَا وَلَا عَكْسُهُ (قَوْلُهُ أَوْ بِمُسَوَّسٍ) أَيْ أَوْ خَلْطِ قَمْحٍ جَيِّدٍ بِمُسَوَّسٍ (قَوْلُهُ أَوْ قَطَّعَ الْجِلْدَ نِعَالًا)

ص: 283

فَلَا يُفَوِّتُ (أَوْ ذَبَحَ كَبْشَهُ) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ (أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ) الَّذِي اشْتَرَاهُ مُفْرَدًا عَنْ أَصْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يُفَوِّتُ إلَّا بِجَذِّهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَلَا يَجُوزُ التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْكَبْشِ الْمَذْبُوحِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ السَّمْنِ إنْ قُلْنَا إنَّ التَّفْلِيسَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا هُوَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ فَيَجُوزُ.

وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ قَوْلَهُ (كَأَجِيرٍ رَعَى) لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِمَا يَرْعَاهُ فِي أُجْرَةِ رَعْيِهِ إذَا فَلِسَ رَبُّ الْمَاشِيَةِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ دَفْعِ الْأُجْرَةِ بَلْ يُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ، وَقَوْلُهُ (وَنَحْوِهِ) أَيْ كَأَجِيرِ عَلَفٍ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ صَانِعِ سِلْعَةٍ بِحَانُوتِ رَبِّهَا أَوْ بَيْتِهِ لَا يَكُونُ كُلٌّ أَحَقَّ بِمَا بِيَدِهِ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ بَلْ يُحَاصِصُ (وَ) نَحْوِ (ذِي حَانُوتٍ) وَدَارٍ تَجَمَّدَ لَهُ كِرَاءٌ عَلَى مُكْتَرِيهِ حَتَّى فَلِسَ أَوْ مَاتَ الْمُكْتَرِي فَلَا يَكُونُ رَبُّهُ أَحَقَّ (فِيمَا) أَيْ بِمَا (بِهِ) مِنْ أَمْتِعَةٍ بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ) عَلَى بَائِعِهَا بِالْفِعْلِ (بِعَيْبٍ) اطَّلَعَ عَلَيْهِ فَفَلِسَ الْبَائِعُ وَهِيَ بِيَدِهِ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهَا فَلَا يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُنَا بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الرَّدِّ فَفَلِسَ الْبَائِعُ قَبْلَهُ فَفِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا قَوْلَانِ (وَإِنْ أُخِذَتْ) الْمَعِيبَةُ (عَنْ دَيْنٍ) أَيْ بَدَلَهُ كَانَ عَلَى بَائِعِهَا فَاطَّلَعَ آخِذُهَا عَلَى عَيْبٍ فَرَدَّهَا عَلَى مَنْ أُخِذَتْ مِنْهُ، ثُمَّ فَلِسَ فَلَا يَكُونُ رَادُّهَا أَحَقَّ بِهَا بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ أَخَذَهَا بِثَمَنٍ أَوْ عَنْ دَيْنٍ هَذَا كُلُّهُ فِي سِلَعِ الْبَيْعِ (وَهَلْ الْقَرْضُ) أَيْ الْمَأْخُوذُ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ فَيُفَلَّسُ الْمُقْتَرِضُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ هَذَا مُفَوِّتٌ هُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلَا يُفَوِّتُ إلَّا بِجَذِّهَا كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَأَمَّا التَّتَمُّرُ فَلَا يُفَوِّتُ الرُّجُوعَ فِي أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ (قَوْلُهُ إنْ قُلْنَا إنَّ التَّفْلِيسَ) الْأَوْلَى إنْ قُلْنَا إنَّ أَخْذَ السِّلْعَةِ مِنْ الْمُفَلَّسِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِي أَخْذِ التَّمْرِ بَيْعَ رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ وَفِي أَخْذِ الْكَبْشِ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ؛ لِأَنَّهُ اقْتِضَاءٌ عَنْ ثَمَنِ الْحَيَوَانِ لَحْمًا مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ يَرْجِعُ لِمَا قُلْنَا وَفِي أَخْذِ السَّمْنِ الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا، وَأَمَّا التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ النِّعَالِ أَوْ أَخْذِ الثِّيَابِ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ.

(قَوْلُهُ كَأَجِيرٍ رَعَى) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمَوَاشِي دَائِمًا أَوْ غَالِبًا تَبِيتُ بِاللَّيْلِ عِنْدَ رَبِّهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَبِيتُ عِنْدَهُ دَائِمًا أَوْ غَالِبًا فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهَا فِي أُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ صَانِعِ سِلْعَةٍ بِحَانُوتِ رَبِّهَا أَوْ بَيْتِهِ) أَيْ بَيْتِ رَبِّهَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا، وَأَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى الصَّانِعُ عَلَى السِّلْعَةِ بِحَيْثُ صَارَ يَصْنَعُهَا فِي مَحَلِّهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي أُجْرَتِهِ إذَا فُلِّسَ رَبُّهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فِيمَا بِهِ) أَيْ بِمَا فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَابُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتُ فِيمَا فِيهَا مِنْ أَمْتِعَةٍ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ نَقْلِ الصَّقَلِّيِّ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا قَوْلَ الْجَمَاعَةِ إلَّا عَبْدَ الْمَلِكِ فَإِنَّهُ جَعَلَ رَبَّ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ أَحَقَّ بِمَا فِيهَا مِنْ الْأَمْتِعَةِ كَالدَّوَابِّ تُكْتَرَى لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا وَيُفَلَّسُ الْمُكْتَرِي فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِالْحَمْلِ فِي أُجْرَتِهِ كَمَا يَأْتِي وَنَقَلَهُ أَيْضًا الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَذَكَرَ الْجِنَانُ أَنَّ الْعَمَلَ جَرَى بِفَاسَ فِي الرَّحَى بِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَصَاحِبُهَا أَحَقُّ بِمَا فِيهَا مِنْ الْآلَةِ كَالدَّوَابِّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْبِنَاءِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَلَسِ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِفَلَسِ الْبَائِعِ حِينَ رَدَّهَا عَلَيْهِ أَمْ لَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَنَيْنَا عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ أَوْ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْبَيْعِ حِينَ الْفَلَسِ يَمْنَعُ الْبَائِعَ مِنْ أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَمَا مَرَّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا. . . إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ ثَمَنَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَعْنِي مُحَاصَّةَ الْمُشْتَرِي لِلْغُرَمَاءِ وَاخْتِصَاصَهُ بِهَا مَنْصُوصٌ فَقَدْ حَكَى ابْنُ يُونُسَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ تَرَاضَيَا. . . إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ حَمَلَ عَلَيْهِ بَهْرَامُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالرَّادُّ لِلسِّلْعَةِ بِعَيْبٍ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا فِي الثَّمَنِ وَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ شَارِحُنَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ حَمْلُ الْمُصَنِّفُ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ أَوْلَى وَكِلَاهُمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبٍ مَأْخُوذَةً بِثَمَنٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مَأْخُوذَةً عَنْ دَيْنٍ، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى الْمَأْخُوذَةِ عَنْ دَيْنٍ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيمَا يُؤْخَذُ عَنْ الدَّيْنِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَتَسَامَحُ فِيمَا يَأْخُذُهُ حَتَّى يَأْخُذَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً مِنْ عِشْرِينَ مَثَلًا فَرُبَّمَا يَتَوَهَّمُ أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمَدِينِ إذَا طَلَبَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَهَا أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّفْقِ بِهِ إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ مَثَلًا بِعَشَرَةٍ فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ الْأُخْرَى مُخَلَّدَةً بِذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِ ذَلِكَ تَسْقُطُ عَنْ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ اهـ خش وَبِمَا عَلِمْت مِنْ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِالتَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ تَعْلَمُ سُقُوطَ قَوْلِ ح. قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّ الرَّادَّ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ إذَا بِيعَتْ بِالنَّقْدِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنْ أُخِذَتْ بِالنَّقْدِ كَانَ أَبْيَنَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ وَهُوَ اخْتِصَاصُ الرَّادِّ بِالسِّلْعَةِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَرَادُّ السِّلْعَةِ. . . إلَخْ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا وَلِلْغَرِيمِ. . . إلَخْ أَيْ فَتَحْسُنُ حِينَئِذٍ الْمُبَالَغَةُ وَبِهَذَا حَلَّ ابْنُ غَازِيٍّ الْمُبَالَغَةَ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ كَانَ عَلَى بَائِعِهَا) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَيُفَلَّسُ الْمُقْتَرِضُ. . . إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ فُلِّسَ الْمُقْرِضُ، فَإِنْ كَانَ تَفْلِيسُهُ قَبْلَ حَوْزِ الْمُقْتَرِضِ لَهُ بَطَلَ الْقَرْضُ كَالتَّبَرُّعِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ حَوْزِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُقْرِضِ وَلَا لِغُرَمَائِهِ مَعَ الْمُقْتَرِضِ

ص: 284

(كَذَلِكَ) لَا يَكُونُ مُقْرِضُهُ أَحَقَّ بِهِ (وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ) وَيَأْخُذُهُ الْغُرَمَاءُ مِنْ الْمُقْرِضِ لِلُزُومِ عَقْدِهِ بِالْقَوْلِ وَيُحَاصِصُهُمْ الْمُقْرِضُ بِهِ (أَوْ كَالْبَيْعِ) يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يُفَلَّسَ أَوْ يَمُوتَ الْمُقْتَرِضُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَكُونَ رَبُّهُ أَحَقَّ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فِي الْفَلَسِ وَيُحَاصِصُ بِهِ فِي الْمَوْتِ (خِلَافٌ) فِي التَّشْهِيرِ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي وَقَوْلُ عج مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ، وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ هَلْ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا أَيْ قَبَضَ أَمْ لَا أَوْ أَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا؟ فِيهِ نَظَرٌ

(وَلَهُ) أَيْ لِلْغَرِيمِ إذَا وَجَدَ سِلْعَتَهُ قَدْ رَهَنَهَا الْمُفَلَّسُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ وَحَازَهَا الْمُرْتَهِنُ (فَكُّ الرَّهْنِ) بِدَفْعِ مَا رُهِنَتْ فِيهِ وَأَخْذِهِ (وَحَاصَّ) الْغُرَمَاءَ (بِفِدَائِهِ) وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهِ (لَا بِفِدَاءِ) الرَّقِيقِ (الْجَانِي) عِنْدَ الْمُفَلَّسِ إذَا أَسْلَمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَفَدَاهُ رَبُّهُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ فَلَا يُحَاصِصُ بِالْفِدَاءِ غُرَمَاءَ الْمُفَلَّسِ بَلْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ وَيَضِيعُ عَلَيْهِ (وَ) لِمَنْ حَاصَصَ بِثَمَنِ سِلْعَتِهِ (نَقْضُ الْمُحَاصَّةَ إنْ رُدَّتْ) عَلَى الْمُفَلَّسِ (بِعَيْبٍ) أَوْ فَسَادٍ وَأَخَذَهَا لَا إنْ رُدَّتْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقَالَةٍ؛ لِأَنَّهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ نَقْضٌ لِبَيْعِهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ (وَ) لِمَنْ أَخَذَ سِلْعَتَهُ مِنْ الْمُفَلَّسِ فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا حَدَثَ عِنْدَهُ (رَدُّهَا، وَالْمُحَاصَّةُ) بِثَمَنِهَا (بِعَيْبٍ) أَيْ بِسَبَبِ وُجُودِ عَيْبٍ (سَمَاوِيٍّ) حَدَثَ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ (أَوْ) بِسَبَبِ عَيْبٍ نَشَأَ (مِنْ مُشْتَرِيهِ) الَّذِي هُوَ الْمُفَلَّسُ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا (أَوْ) نَشَأَ (مِنْ) صُنْعِ (أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ) الْمُفَلَّسُ (أَرْشَهُ أَوْ أَخَذَهُ) مِنْهُ (وَعَادَ) الْمَبِيعُ فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (لِهَيْئَتِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ كَذَا قِيلَ، وَهَذَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَرْضِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْهِبَةِ مِنْ بُطْلَانِهَا بِطُرُوِّ الْمَانِعِ قَبْلَ الْحَوْزِ بِخِلَافِ الْقَرْضِ.

(قَوْلُهُ لَا يَكُونُ مُقْرِضُهُ أَحَقَّ بِهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَّرَهُ الْمَازِرِيُّ (قَوْلُهُ أَوْ كَالْبَيْعِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ عَامَّةِ أَصْحَابِهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ هَلْ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا) هَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ الْقَوْلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ صَرَّحَ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَلِكَ الْمَوَّاقُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي الْمُرَجَّحُ عِنْدَ عج لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ بِدَفْعِ مَا رُهِنَتْ فِيهِ) أَيْ عَاجِلًا؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا لَكِنَّهُ يَحِلُّ بِالْفَلَسِ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الرَّاهِنُ عَدَمَ حُلُولِ مَا عَلَيْهِ بِفَلَسِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ الرَّاهِنُ عَدَمَ حُلُولِ مَا عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ بَائِعِ الرَّهْنِ فِدَاؤُهُ بِدَفْعِ مَا رَهَنَ فِيهِ حَالًّا وَأَخْذِهِ بَلْ يَبْقَى الرَّهْنُ عَلَى حَالِهِ وَيُحَاصِصُ بَائِعَهُ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ عَبْدًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَجَنَى ذَلِكَ الْعَبْدُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَلَسِهِ فِي الْجِنَايَةِ فَبَائِعُهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيُحَاصِصَ بِثَمَنِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ وَلَا يُحَاصِصَ بِمَا فَدَاهُ بِهِ بَلْ يَضِيعُ عَلَيْهِ الْفِدَاءُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُفَلَّسِ بَلْ فِي رَقَبَةِ الْجَانِي إذْ لَهُ تَسْلِيمُهُ فِيهَا فَصَارَ فِدَاءُ الْبَائِعِ لَهُ مَحْضَ تَبَرُّعٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَإِنَّهُ كَانَ ذِمَّتُهُ وَالرَّهْنُ مِنْ سَبَبِهِ، وَأَمَّا إنْ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا خِيَارَ لِبَائِعِهِ، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ لَهُ الْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهِ.

(قَوْلُهُ لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي) هُوَ بِالْقَصْرِ مَصْدَرُ فَدَاهُ وَبِالْمَدِّ مَصْدَرُ فَادَاهُ وَكُلٌّ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ كُلٍّ الْمُفْدَى بِهِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ يُحَاصِصُ بِهِ أَوْ لَا يُحَاصِصُ بِهِ (قَوْلُهُ بَلْ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُفَلَّسِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ رُجُوعِهِ بِهِ دَيْنًا عَلَى الْمُفَلَّسِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا نَفَى الْمُحَاصَّةَ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ مِنْ نَفْيِ تَرَتُّبِهِ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ نَقَضَ الْمُحَاصَّةَ) أَيْ وَأَخَذَ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا لِلْمُفَلَّسِ أَيْ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْمُحَاصَّةِ وَيُسَلِّمُ تِلْكَ السِّلْعَةَ لِلْغُرَمَاءِ وَيُحَاصِصُ مَعَهُمْ فِي ثَمَنِهَا كَمَالٍ طَرَأَ (قَوْلُهُ إنْ رُدَّتْ) أَيْ تِلْكَ السِّلْعَةَ الَّتِي حَاصَصَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَقْتَ الْمُحَاصَّةِ (قَوْلُهُ بِعَيْبٍ) أَيْ قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ أَوْ حَادِثٍ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَيَأْخُذُهَا بَائِعُهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْعَيْبِ الَّذِي رُدَّتْ بِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ طَرَأَ عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَهُ رَدُّهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ. . . إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا خَرَجَتْ السِّلْعَةُ عَنْ مِلْكِ الْمُفَلَّسِ وَكَلَامُهُ الْآتِي فِيمَا إذَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا رُدَّتْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُفَلَّسِ بِمِلْكٍ جَدِيدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِبَائِعِهَا نَقْضُ الْمُحَاصَّةِ وَأَخْذُهَا، وَإِنَّمَا يُحَاصِصُ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا.

(قَوْلُهُ وَرَدُّهَا) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا وَجَدَ عَيْنَ سِلْعَتِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسِ فَلَمَّا أَخَذَهَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا سَمَاوِيًّا أَوْ نَاشِئًا عَنْ فِعْلِ الْمُشْتَرِي عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا أَوْ نَاشِئًا مِنْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ وَعَادَ الْمَبِيعُ لِهَيْئَتِهِ سَوَاءٌ أَخَذَ الْمُفَلَّسُ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا فَذَلِكَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ: إنْ شَاءَ رَضِيَ بِسِلْعَتِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ مُشْتَرِيهِ) الضَّمِيرُ لِلْبَائِعِ أَيْ مُشْتَرِي سِلْعَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ الْمُفَلَّسُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ عَلَى شَيْنٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَقْلُ إذَا عَادَ لِهَيْئَتِهِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّ فِيهَا مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ سَوَاءٌ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَوْ لَا، فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ

ص: 285

الْأُولَى، وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ الْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَمَّا عَادَ لِهَيْئَتِهِ صَارَ مَا أَخَذَهُ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ فَقَوْلُهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَخَذَ لَهُ أَرْشًا أَمْ لَا (فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنْ يَقُومَ يَوْمَ الْبَيْعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُحَاصِصُ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ مِنْ الثَّمَنِ كَسِلْعَتَيْنِ فَاتَتْ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ.

(وَ) لِمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ بَاقِيَةً عِنْدَ الْمُفَلَّسِ وَكَانَ قَدْ قَبَضَ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بَعْضَ ثَمَنِهَا وَلَوْ أَكْثَرَهُ (رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ وَأَخْذُهَا) وَلَهُ تَرْكُهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِبَاقِي الثَّمَنِ (وَ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَتَيْنِ فَأَكْثَرَ أَوْ مِثْلِيًّا وَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ أَوَّلًا فَفُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَالْبَاقِي فَاتَ (أَخْذُ بَعْضِهِ) الْمَوْجُودِ وَيَرُدُّ مَا يَخُصُّهُ مِمَّا قَبَضَ إنْ كَانَ قَبَضَ شَيْئًا (وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ) أَيْ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَفْضُوضًا عَلَى الْقِيَمِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ مَا وَجَدَ وَحَاصَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ بِبَاقِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ شَيْئًا وَيُقَوَّمُ يَوْمَ الْأَخْذِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِعِشْرِينَ وَاقْتَضَى مِنْ ثَمَنِهِمَا عَشَرَةً وَبَاعَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا، ثُمَّ فَلِسَ فَأَرَادَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْعَبْدِ الْبَاقِي فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ حَتَّى يَرُدَّ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الْمَقْبُوضَةَ مُفَوَّضَةٌ عَلَيْهِمَا وَهَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا مُتَسَاوِيَةً وَإِلَّا فَضَّ الْعَشَرَةَ الْمُقْتَضَاةَ عَلَى حَسَبِ قِيمَتِهِمَا وَرَدَّ حِصَّةَ الْبَاقِي.

وَشَبَّهَ فِي قَوْلِهِ " وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ " قَوْلَهُ (كَبَيْعِ أُمٍّ) عَاقِلَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (وَلَدَتْ) عِنْدَ الْمُفَلَّسِ الَّذِي كَانَ اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ قَبْلَ الْحَمْلِ بِدَيْنٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ، ثُمَّ بَاعَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَأَبْقَى وَلَدَهَا، ثُمَّ فُلِّسَ فَوَجَدَ بَائِعُهَا الْوَلَدَ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَحَاصَصَ بِمَا يَنُوبُ الْأُمَّ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْآنَ مَوْجُودَةً يَوْمَ الْبَيْعِ وَقِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ بَيْعِهَا لِلْمُفَلَّسِ؟ فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى هَيْئَتِهِ الْحَاضِرَةِ الْآنَ؟ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ حَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِثُلُثِي الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَوَجْهُ الْمُحَاصَّةِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرَ حَامِلٍ أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهَا الْمُفَلَّسُ مَعَ وَلَدِهَا الْمَوْجُودِ مَعَهَا حِينَ الشِّرَاءِ لَكَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا أَيْ مَا تَعَدَّدَ فِيهِ الْمَبِيعُ (وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأُمُّ أَوْ الْوَلَدُ بِغَيْرِ جِنَايَةٍ (أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ) وَأَبْقَى الْأُمَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي وَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ حَيْثُ جَعَلْتُمْ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فِي جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي عَادَ الْمَبِيعُ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا، وَأَمَّا فِي جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَالْخِيَارُ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ إذَا عَادَ الْمَبِيعُ لِهَيْئَتِهِ فَقَطْ قُلْتُ الْفَرْقُ أَنَّ جِنَايَةَ الْمُشْتَرِي جِنَايَةٌ عَلَى مَا فِي مِلْكِهِ فَلَيْسَ فِيهَا تَعَدٍّ فَأَشْبَهَتْ السَّمَاوِيَّ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ إذَا رَضِيَ بِهَا وَأَخَذَهَا (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ أَخَذَ الْمُفَلَّسُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي أَرْشًا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ) أَيْ فَيُحَاصِصُ بِنِسْبَةِ نَقْصِهِ أَيْ إنْ أَخَذَهُ، وَأَمَّا إنْ تَرَكَهُ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ فِي الْفُرُوعِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي قَبْلُ وَإِلَّا يُخَيَّرُ بَائِعُ السِّلْعَةِ بَيْنَ رَدِّهَا وَالْمُحَاصَّةِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَخْذِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا أَرْشَ لَهُ وَأَنَّ الْفَرْعَ الَّذِي بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا، لَهُ فِيهِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهَا وَيُحَاصِصَ بِنِسْبَةِ النَّقْصِ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُومَ. . . إلَخْ) فَإِذَا بَاعَهَا بِمِائَةٍ وَقِيمَتُهَا سَالِمَةً خَمْسُونَ وَبَعْدَ الْجِنَايَةِ أَرْبَعُونَ فَقَدْ نَقَّصَتْهَا الْجِنَايَةُ الْخُمُسَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ السِّلْعَةَ وَيُحَاصِصَ بِعِشْرِينَ خُمُسِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكَهَا وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَهُوَ مِائَةٌ (قَوْلٌ كَسِلْعَتَيْنِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ هِيَ الْمُشَارُ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ بَعْضَهُ وَحَاصَ بِالْفَائِتِ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ ذَلِكَ الْمَبِيعَ لِلْمُفَلَّسِ، وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِمَا يَنُوبُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَبِيعُ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ الْآتِي وَأَخَذَ بَعْضَهُ قَسِيمًا لِهَذَا بَلْ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى فَكِّ الرَّهْنِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ سِلْعَةً أَوْ سِلْعَتَيْنِ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَ الْبَائِعُ مَبِيعَهُ قَائِمًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يُحَاصِصَ بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ الْخَمْسَةَ الَّتِي قَبَضَهَا وَيَأْخُذَ مَبِيعَهُ.

(قَوْلُهُ فَوَجَدَ بَعْضَ الْمَبِيعِ) أَيْ قَائِمًا وَالْبَاقِي فَاتَ أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ مَوْتٍ (قَوْلُهُ مَفْضُوضًا عَلَى الْقِيَمِ) أَيْ عَلَى قِيَمِ السِّلَعِ (قَوْلُهُ وَبَاعَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا) أَيْ أَوْ مَاتَ عِنْدَهُ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ مَفْضُوضَةٌ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعَبْدَيْنِ أَيْ عَلَى قِيمَتِهِمَا.

(قَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَيْ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْوَلَدِ يَوْمَ بَيْعِ أُمِّهِ أَوْ لَا عَلَى أَنَّهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا الْآنَ (قَوْلُهُ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ) أَيْ فَجُمْلَةُ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِلْمَجْمُوعِ ثُلُثٌ فَإِذَا أَخَذَ الْوَلَدُ الْبَاقِيَ بِلَا بَيْعٍ حَاصَصَ الْغُرَمَاءَ بِثُلُثِي الثَّمَنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ إلَى مَجْمُوعِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْمُحَاصَّةِ إلَخْ) أَيْ وَوَجْهُ أَخْذِ الْوَلَدِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُحَاصَّةُ بِمَا يَنُوبُ الْأُمَّ مِنْ الثَّمَنِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا غَيْرَ حَامِلٍ وَلَمْ نَقُلْ إنَّ الْوَلَدَ حِينَئِذٍ غَلَّةٌ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَيُحَاصِصُ بِجَمِيعِ ثَمَنِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ) أَيْ فَكَأَنَّهَا وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ مِنْ أَفْرَادِ مَا قَبْلَهَا) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخْذُ بَعْضِهِ وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ لِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَبَيْعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا بَاعَ أَمَةً مَثَلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ أَوْ بَاعَ الْوَلَدَ وَأَبْقَى الْأُمَّ، ثُمَّ فُلِّسَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ

ص: 286

وَأَوْلَى إنْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ (فَلَا حِصَّةَ) لِلْمَيِّتِ مِنْهُمَا، وَلَا لِلْوَلَدِ الْمَبِيعِ بَلْ إمَّا أَخْذُ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَصَةُ بِجَمِيعِهِ فَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بِجِنَايَةٍ فَكَالْبَيْعِ فِي تَفْصِيلِهِ إنْ أَخَذَ لَهُ عَقْلًا وَإِلَّا فَكَالْمَوْتِ أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَوْجُودِ إلَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

(وَأَخَذَ) الْمُفَلَّسُ (الثَّمَرَةَ) غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ شِرَاءِ أَصْلِهَا الَّتِي جَذَّهَا مِنْ الْأَشْجَارِ أَيْ فَازَ بِهَا إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ أُصُولَهُ، وَكَذَا يَفُوزُ بِالصُّوفِ الْغَيْرِ التَّامِّ إذَا جَزَّهُ، فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أُصُولِهِ أَخَذَهُ الْبَائِعُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُفَلَّسُ بِسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ (وَ) أَخَذَ (الْغَلَّةَ) الْحَادِثَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ كَمَالِ الْعَبْدِ إذَا انْتَزَعَهُ وَكَاللَّبَنِ إذَا حَلَبَهُ وَإِلَّا فَلِلْبَائِعِ (إلَّا صُوفًا تَمَّ) يَوْمَ شِرَاءِ الْغَنَمِ (وَثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً) يَوْمَ الشِّرَاءِ لِأَصْلِهَا، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ أُصُولَهُ وَالصُّوفَ وَلَوْ جَزَّهُ، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُفَلَّسِ حَاصَصَ بِثَمَنِهِ، وَكَذَا الثَّمَرَةُ إنْ لَمْ يَجُزَّهَا، فَإِنْ جَزَّهَا حَاصَصَ الْبَائِعُ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً عِنْدَهُ بِعَيْنِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ أَنَّ الصُّوفَ لَمَّا كَانَ تَامًّا يَوْمَ الْبَيْعِ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ إذْ يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ فَجَزُّهُ لَا يُفِيتُهُ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ.

(وَ) إذَا فُلِّسَ مُكْتَرِي دَابَّةٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ دُورٍ قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ (أَخَذَ الْمُكْرِي) وَجِيبَةً (دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ) وَدُورَهُ مِنْ الْمُكْرَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَيُحَاصِصَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا حِصَّةَ لِلْمَيِّتِ فِي الْأُولَى بِاتِّفَاقٍ وَلَا لِلْوَلَدِ الْمَبِيعِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ بَيْعِ الْأُمِّ وَبَيْعِ الْوَلَدِ حَيْثُ قَالُوا إذَا بِيعَتْ الْأُمُّ وَأَخَذَ الْوَلَدَ حَاصَصَ بِالْأُمِّ الْفَائِتَةِ، وَإِذَا بِيعَ الْوَلَدُ وَأَخَذَ الْأُمَّ فَلَا يُحَاصِصُ بِالْوَلَدِ الْفَائِتِ أَنَّ الْأُمَّ هِيَ الْمَقْصُودَةُ بِالشِّرَاءِ بِعَيْنِهَا فَلِذَا إذَا بَاعَهَا وَأَخَذَ الْوَلَدَ حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَهُوَ كَالْغَلَّةِ فَلِذَا إذَا بَاعَهُ وَأُخِذَتْ الْأُمُّ فَلَا يُحَاصِصُ بِقِيمَتِهِ فَلَوْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ حَقِيقَةٍ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي الْمُفَلَّسُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ فِيهِ عِوَضًا (قَوْلُهُ فَكَالْبَيْعِ فِي تَفْصِيلِهِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَبَيْعِ أُمِّ وَلَدٍ وَإِنْ بَاعَ الْوَلَدَ إلَخْ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَأْخُوذُ لَهُ عَقَلًا الْأُمَّ إنْ أَخَذَ وَلَدَهَا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهَا وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْمَأْخُوذُ لَهُ عَقَلًا الْوَلَدَ إنْ أُخِذَتْ أُمُّهُ فَلَا مُحَاصَّةَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَالْمَوْتِ) أَيْ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أُصُولًا وَعَلَيْهَا ثِمَارٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ فَطَابَتْ تِلْكَ الثِّمَارُ وَجَذَّهَا الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّهُ فُلِّسَ وَأَخَذَ الْبَائِعُ أُصُولَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِتِلْكَ الثِّمَارِ حَيْثُ جَذَّهَا قَبْلَ الْفَلَسِ وَإِلَّا لَمْ يَفُزْ بِهَا وَتَكُونُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ) أَيْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ بَاقِيًا عَلَى أُصُولِهِ حِينَ التَّفْلِيسِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَيْهِ الْمُفَلَّسُ بِسَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَ ذَلِكَ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَالِ الْعَبْدِ) أَيْ الْحَادِثِ بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَقَوْلُهُ إذَا انْتَزَعَهُ أَيْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يُفَلَّسَ، وَقَوْلُهُ إذَا حَلَبَهُ أَيْ قَبْلَ أَنْ يُفَلَّسَ، وَأَمَّا الَّذِي لَمْ يَحْلُبْهُ بِأَنْ كَانَ فِي ضَرْعِ الْحَيَوَانِ حِينَ التَّفْلِيسِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَمِثْلُ اللَّبَنِ الِاسْتِخْدَامُ وَالسُّكْنَى (قَوْلُهُ إلَّا صُوفًا تَمَّ وَثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً) إنْ كَانَ هَذَا اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الْغَلَّةَ كَانَ مُنْقَطِعًا؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا غَلَّةً وَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ وَالْغَلَّةَ كَانَ مُتَّصِلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَمُنْقَطِعًا بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي.

(قَوْلُهُ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ أُصُولَهُ وَالصُّوفَ وَلَوْ جَزَّهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِأَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الصُّوفَ إذَا جَزَّهُ الْمُشْتَرِي غَلَّةً لَيْسَ لِلْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهَا أَيْ الْغَنَمَ مَجْزُوزَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَتْرُكَهَا وَيُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى الْغَنَمَ وَلَا صُوفَ عَلَيْهَا، ثُمَّ فُلِّسَ فَالصُّوفُ الَّذِي نَبَتَ بَعْدَ الشِّرَاءِ تَابِعٌ لِلْغَنَمِ، فَإِنْ تَرَكَهَا بَائِعُهَا لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِالثَّمَنِ كَانَ الصُّوفُ لَهُمْ وَإِنْ أَخَذَهَا الْبَائِعُ كَانَ الصُّوفُ لَهُ مَا لَمْ يُجَزَّ، فَإِنْ جُزَّ كَانَ غَلَّةً وَلَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ فَإِنْ جَزَّهَا حَاصَصَ الْبَائِعُ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً) أَيْ وَلَا يَأْخُذُهَا الْبَائِعُ أَصْلًا وَمَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الثَّمَرَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ قَدْ طَابَتْ وَإِلَّا أَخَذَهَا الْبَائِعُ وَلَوْ جَزَّهَا الْمُشْتَرِي كَالصُّوفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالُوا إنَّ الصُّوفَ إذَا جُزَّ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ مَوْجُودًا، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ إذَا جُزَّتْ فَلَا تُرَدُّ وَلَوْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا وَيُحَاصِصُ الْبَائِعُ بِمَا يَخُصُّهَا (قَوْلُهُ فَجَزُّهُ لَا يُفِيتُهُ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا يُفِيتُهُ عَلَيْهِ ذَهَابُ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ) أَيْ الْمُؤَبَّرَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُسْتَقِلَّةً إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً عَنْ أَصْلِهَا فَجَذُّهَا يُفِيتُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَوْ كَانَتْ طَابَتْ يَوْمَ بَيْعِهَا لَكَانَتْ كَالصُّوفِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ بْن.

(قَوْلُهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ. . . إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أَكْرَى دَابَّةً أَوْ أَرْضًا أَوْ دَارًا لِشَخْصٍ وَجِيبَةً، ثُمَّ فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ الْكِرَاءِ وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَدَارَهُ وَفَسَخَ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ وَحَاصَّ الْغُرَمَاءَ بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الَّتِي اسْتَوْفَى الْمُفَلَّسُ فِيهَا الْمَنْفَعَةَ قَبْلَ الْفَلَسِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ كَمَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ مُحَاصَصَتُهُ فِي الْمَوْتِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ أَيْ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ لَهُ الْأَخْذُ وَالْمُرَادُ أَخْذُ الْمُكْرِي فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ بَابُ الْفَلَسِ، وَقَوْلُهُ

ص: 287

وَفُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ مَا ذُكِرَ وَفَسَخَ فِيمَا بَقِيَ وَيُحَاصِصُ بِكِرَاءِ مَا مَضَى أَيْ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَحَاصَصَ لِحُلُولِهِ بِالْفَلَسِ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَيَتَعَيَّنُ التَّرْكُ وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ حَالًّا كَمَا تَقَدَّمَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْفَلَسِ خَاصَّةً وَمَا مَرَّ فِيهِ وَفِي الْمَوْتِ مَعَ إرَادَةِ الْمُحَاصَّةِ لَا مَعَ إرَادَةِ الْأَخْذِ فِي الْفَلَسِ (وَقُدِّمَ) رَبُّ الْأَرْضِ بِكِرَائِهَا (فِي زَرْعِهَا) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ حِصَّةَ السَّنَةِ الْمَزْرُوعَةِ وَمَا قَبْلَهَا، وَكَذَا مَا بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا بَعْدَهَا شَيْءٌ (فِي الْفَلَسِ) أَيْ فَلَسِ الْمُكْتَرِي؛ لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْهَا وَهِيَ حَائِزَةٌ لَهُ فَحَوْزُهَا كَحَوْزِ رَبِّهَا فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا، وَسَوَاءٌ جَذَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا وَمِثْلُ الزَّرْعِ الْغَرْسُ أَوْ أَنَّهُ يَشْمَلُهُ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ وَالسَّاقِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الْمُرْتَهِنُ (ثُمَّ) إذَا اسْتَوْفَى الْكِرَاءَ يُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الزَّرْعِ (سَاقِيهِ) أَيْ الْأَجِيرُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سَقْيِهِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فِي الذِّمَّةِ إذْ لَوْلَاهُ مَا انْتَفَعَ بِالزَّرْعِ (ثُمَّ) يَلِي سَاقِيهِ فِيمَا فَضَلَ عَنْهُ (مُرْتَهِنُهُ) الْحَائِزُ لَهُ، ثُمَّ إنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَالْغُرَمَاءُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يُقَدَّمُ عَلَى السَّاقِي وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ فِي الْمَوْتِ.

(وَالصَّانِعُ أَحَقُّ) مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي فَلَسِ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ (وَلَوْ بِمَوْتٍ) لَهُ (بِمَا بِيَدِهِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أُجْرَتَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ كَالرَّهْنِ حَائِزُهُ أَحَقُّ بِهِ فِي فَلَسٍ وَمَوْتٍ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَصْنُوعُهُ بِيَدِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

دَابَّتَهُ أَيْ الْمَكْرِيَّةَ كِرَاءَ وَجِيبَةٍ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى بَابِ الْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَوْتِ يُحَاصِصُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَفُلِّسَ قَبْلَ. . . إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فُلِّسَ كَانَ أَوْضَحَ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُكْتَرِيَ بِكَوْنِهِ فُلِّسَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ فُلِّسَ بَعْدَ اسْتِيفَائِهَا كَانَ الْكِرَاءُ مُنْقَضِيًا فَلَا يُقَالُ حِينَئِذٍ أَخَذَ الْمُكْرِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفَسَخَ. . . إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ مَا ذُكِرَ مِنْ الدَّابَّةِ وَالدَّارِ وَالْأَرْضِ لِلْمُفَلَّسِ (قَوْلُهُ لِحُلُولِهِ) أَيْ الْكِرَاءِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ التَّرْكُ) أَيْ تَرْكُ الشَّيْءِ الْمُكْتَرَى لِلْغُرَمَاءِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْوَجِيبَةِ (قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ) الْكَافُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَحَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي إلَخْ وَإِنْ فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ لِأَجْلِ التَّوْطِئَةِ لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا (قَوْلُهُ وَبِهَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ إلَخْ حَاصِلُ الْمُنَافَاةِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ أَفَادَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَإِذَا حَلَّ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ كَانَ الْحَقُّ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ لِلْمُكْرِي أَخْذُ مَا أَكْرَاهُ، وَقَدْ جَعَلَ لَهُ هُنَا الْأَخْذَ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُلُولِ كَوْنُ الْمَنْفَعَةِ لِلْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ أَخْذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ فَرْعٌ عَنْ حُلُولِ الْكِرَاءِ فَالْمُصَنِّفُ لَمَّا أَفَادَ فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّ دَيْنَ الْكِرَاءِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ أَفَادَ هُنَا أَنَّ الْمُكْرِيَ مُخَيَّرٌ فِي الْفَلَسِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحَاصِصَ الْكِرَاءَ بِخِلَافِ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ التَّسْلِيمُ وَالْمُحَاصَّةُ بِالْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ وَقَدَّمَ فِي زَرْعِهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّكَ إذَا اكْتَرَيْت أَرْضًا مِنْ زَيْدٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ عَشْرَ سِنِينَ فَزَرَعْتهَا، ثُمَّ اكْتَرَيْت شَخْصًا بِعَشَرَةٍ يَسْقِي لَك الزَّرْعَ، ثُمَّ تَدَايَنْت دِينَارًا وَرَهَنْتَ ذَلِكَ الزَّرْعَ فِيهِ، ثُمَّ إنَّك فَلِسْت فَرَبُّ الْأَرْضِ يُقَدَّمُ فِي الزَّرْعِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ لَهُ بِالْأَرْضِ اتِّصَالٌ قَوِيٌّ فَكَأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَإِذَا بَقِيَتْ بَقِيَّةٌ مِنْ ذَلِكَ الزَّرْعِ بَعْدَ أَخْذِ رَبِّ الْأَرْضِ أُجْرَتَهُ قُدِّمَ السَّاقِي يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ، ثُمَّ يَلِيهِ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَقُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ بِكِرَائِهَا فِي زَرْعِهَا) اُسْتُشْكِلَ تَقْدِيمُهُ فِي زَرْعِهَا بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَأَجَابَ عبق بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ لَا أَنَّهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ، وَأَجَابَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ مَعْنَى تَقْدِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ بِالْكِرَاءِ فِي زَرْعِهَا يَكُونُ رَهْنًا بِيَدِهِ فَيُبَاعُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ثَمَنِهِ الْكِرَاءُ فَإِذَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ بَقِيَّةٌ قُدِّمَ السَّاقِي فِيهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَلْزَمُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا حَاجَةَ لِجَوَابِ عبق (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الزَّرْعِ الْغَرْسُ) بَلْ وَكَذَلِكَ الْبِنَاءُ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إلْحَاقُ الْبِنَاءِ بِالْغَرْسِ كَمَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ وَالسَّاقِي أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا الْمُرْتَهِنُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ أَنْ رَبَّ الْأَرْضِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى سَقْيِهِ) الْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالسَّاقِي الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَى خِدْمَةِ الْأَرْضِ وَخِدْمَةِ زَرْعِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِالسَّقْيِ أَوْ بِإِصْلَاحِهَا بِالْفَحْتِ أَوْ الْجَرْفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَهَذَا غَيْرُ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ قَبْلَ رَبِّ الْأَرْضِ وَغَيْرِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ الزَّرْعِ أَيْ الْمُرْتَهِنُ الَّذِي رَهَنَ الْمُكْتَرِي الزَّرْعَ عِنْدَهُ فِي دَيْنٍ تَدَايَنَهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ أَحَقُّ بِمَا بِيَدِهِ) مَحَلُّهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ إذَا فُلِّسَ رَبُّهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ أَمَّا إذَا فُلِّسَ رَبُّهُ قَبْلَ الْعَمَلِ فَيُخَيَّرُ الصَّانِعُ بَيْنَ أَنْ يَعْمَلَ وَيُحَاصِصَ بِالْكِرَاءِ أَوْ يَفْسَخَ الْإِجَارَةَ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ بِمَوْتٍ) لَوْ هُنَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْفَلَسِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا لَا لِخِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ إذْ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، وَقَوْلُهُ فِي الْخُطْبَةِ وَبِلَوْ إلَى خِلَافٍ مَذْهَبِيٍّ

ص: 288

بِأَنْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يُجْزِهِ كَالْبِنَاءِ أَوْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ (فَلَا) يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا) كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالْبَنَّاءِ (إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ) أَيْ فَهُوَ كَالْمُضَافِ الْمَزِيدِ فِي الصَّنْعَةِ أَيْ حُكْمُهُ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ حُكْمُ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ كَصَبَّاغٍ يَصْبُغُ الثَّوْبَ بِصَبْغِهِ وَرَقَّاعٍ يُرَقِّعُ الْفِرَاءَ مَثَلًا بِرِقَاعٍ مِنْ عِنْدِهِ وَبَيَّنَ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ (يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمَزِيدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ نَقَصَ الثَّوْبُ مَثَلًا بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْغَزْلِ وَمَا قِيمَةُ الصَّنْعَةِ؟ أَيْ النَّسْجِ كَمَا يُقَالُ مَا قِيمَةُ الثَّوْبِ بِلَا صَبْغٍ وَمَا قِيمَةُ الصَّبْغِ وَالشَّرِكَةِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ، ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ كَالْمَزِيدِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلَهُ بَلْ كَعَمَلِ الْيَدِ كَمَا أَنَّ الْمَزِيدَ فِي الْمَوْتِ كَعَمَلِ الْيَدِ يُحَاصَصُ بِهِ.

(وَالْمُكْتَرِي) لِدَابَّةٍ فَفُلِّسَ رَبُّهَا أَوْ مَاتَ أَحَقُّ (بِالْمُعَيَّنَةِ) حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ مَنَافِعِهَا مَا نَقَدَهُ مِنْ الْكِرَاءِ قُبِضَتْ أَمْ لَا لِقِيَامِ تَعَيُّنِهَا مَقَامَ قَبْضِهَا (وَ) أَحَقُّ أَيْضًا (بِغَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ (إنْ قُبِضَتْ) قَبْلَ تَفْلِيسِ رَبِّهَا أَوْ مَوْتِهِ لَا بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ (وَلَوْ أُدِيرَتْ) الدَّوَابُّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي وَذَكَرَ عَكْسَ الَّتِي قَبْلَهَا بِقَوْلِهِ (وَرَبُّهَا) أَحَقُّ (بِالْمَحْمُولِ) عَلَيْهَا مِنْ أَمْتِعَةِ الْمُكْتَرِي إذَا فُلِّسَ أَوْ مَاتَ يَأْخُذُهُ فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهَا مَعَهَا) فِي السَّفَرِ (مَا لَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمَحْمُولَ (رَبُّهُ) الْمُكْتَرِي الْمُفَلَّسُ قَبْضَ تَسَلُّمٍ، فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِهِ حَالَ نُزُولِ الْأَحْمَالِ فِي الْمَنَازِلِ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ غَالِبًا كَمَا تَقَدَّمَ وَمَا هُنَا مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ اهـ شب (قَوْلُهُ بِأَنَّ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ) أَيْ ثُمَّ فُلِّسَ رَبُّهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ أَوْ تَسَلَّمَهُ رَبُّهُ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ (قَوْلُهُ كَالْبِنَاءِ) أَيْ وَكَالصَّانِعِ الَّذِي يَصْنَعُ لِرَبِّ الشَّيْءِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ إذَا انْصَرَفَ يَتْرُكُهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ) أَيْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُضِفْ. . . إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، وَقَوْلُهُ إلَّا النَّسْجَ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الصَّانِعِ إذَا كَانَ مَصْنُوعُهُ لَيْسَ بِيَدِهِ يُحَاصِصُ أُجْرَتَهُ وَلَا تَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الصَّانِعُ نَسَّاجًا وَإِلَّا شَارَكَ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ نَسْجِهِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ الصَّانِعُ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحَاصِصُ بِأُجْرَتِهِ إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ لَيْسَ بِيَدِهِ بَلْ يُشَارِكُ الْغُرَمَاءَ بِقِيمَةِ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَالْمُشَارَكَةُ فِي مَسْأَلَةِ النَّسْجِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْإِضَافَةِ إنَّمَا هِيَ فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُحَاصِصَ بِمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فَهُوَ) الضَّمِيرُ لِلنَّسْجِ (قَوْلُهُ يُشَارِكُ) أَيْ الْغُرَمَاءَ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ بِقِيمَتِهِ وَيُعْلَمُ مِنْ بَيَانِ حُكْمِ الْمُضَافِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ مُشَارِكٌ بِقِيمَةِ النَّسْجِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ جَعَلَهُ مُشَبَّهًا بِهِ (قَوْلُهُ أَيْ قِيمَةِ الْمَزِيدِ) أَيْ بِقِيمَةِ مَا زَادَ مِنْ عِنْدِهِ فَقَطْ، وَأَمَّا أُجْرَةُ الْعَمَلِ فَهُوَ فِيهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ وَلَا يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا وَمَا قِيمَتُهُ بِلَا صَبْغٍ؛ لِأَنَّ الصَّانِعَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الصَّنْعَةَ فَلَا تُقَوَّمُ إلَّا صَنْعَتُهُ وَلَوْ قُوِّمَ بِجُمْلَتِهِ لَرُبَّمَا زَادَ ذَلِكَ فَيَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَالشَّرِكَةُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ كُلٍّ) فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ الثَّوْبِ أَبْيَضَ عَشَرَةً كَانَ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ ثُلُثُ الثَّوْبِ وَلِلْغُرَمَاءِ ثُلُثَاهُ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْغَزْلِ خَمْسَةً وَقِيمَةُ النَّسْجِ وَاحِدًا كَانَ لِلنَّاسِجِ سُدُسُ الثَّوْبِ وَلِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهِ (قَوْلُهُ ضَعِيفٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّسَّاجَ كَالصَّبَّاغِ هُوَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ النَّسَّاجَ لَيْسَ كَالصَّبَّاغِ وَنَصُّهُ إنْ كَانَ الصَّانِعُ قَدْ عَمِلَ الصَّنْعَةَ وَرَدَّ الْمَصْنُوعَ لِصَاحِبِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّانِعِ فِيهَا إلَّا عَمَلُ يَدِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالنَّسَّاجِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ بَلْ كَعَمَلِ الْيَدِ) أَيْ فَيَكُونُ النَّسَّاجُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ إنْ كَانَ الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ بِيَدِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْمَزِيدَ) أَيْ مِثْلَ الصَّبْغِ فِي الْمَوْتِ كَعَمَلِ الْيَدِ يُحَاصِصُ بِهِ الْغُرَمَاءَ أَيْ وَلَا يُشَارِكُهُمْ فِي الثَّوْبِ بِقِيمَةِ الْمَزِيدِ كَمَا فِي الْفَلَسِ.

(قَوْلُهُ قُبِضَتْ) أَيْ قَبَضَهَا الْمُكْتَرِي قَبْلَ تَفْلِيسِ رَبِّهَا أَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ) أَيْ لَا إنْ قُبِضْت بَعْدَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْقَبْضُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِأُجْرَتِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُدِيرَتْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا هَزَلَتْ دَابَّةٌ أَوْ مَاتَتْ أَتَى لَهُ رَبُّهَا بِبَدَلِهَا فَمَتَى فُلِّسَ رَبُّهَا أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْمُكْتَرِيَ أَحَقُّ بِتِلْكَ الدَّابَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا (قَوْلُهُ وَذَكَرَ عَكْسَ الَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ فَلَسُ رَبِّ الدَّابَّةِ وَهَذِهِ فَلَسُ الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ وَرَبُّهَا أَحَقُّ بِالْمَحْمُولِ) مِثْلُ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ السَّفِينَةُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَا يَخْتَصُّ ذُو حَانُوتٍ بِمَا فِيهِ مِنْ حِيَازَةِ الظَّهْرِ أَقْوَى مِنْ حِيَازَةِ الْحَانُوتِ وَالدَّارِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَمْلِ وَالنَّقْلِ قَالَهُ النَّاصِرُ (قَوْلُهُ إذَا فُلِّسَ أَوْ مَاتَ) أَيْ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي أَوْ مَاتَ (قَوْلُهُ يَأْخُذُهُ فِي أُجْرَةِ دَابَّتِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِأَخْذِ أُجْرَةِ الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ مِنْهُ، فَإِنْ بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ فَضْلَةٌ كَانَتْ لِلْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْمَحْمُولَ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ فَرَبُّ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِهِ) أَيْ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ، وَقَوْلُهُ حَالَ نُزُولِ الْأَحْمَالِ فِي الْمَنَازِلِ أَيْ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَقْبِضْهَا قَبْضَ تَسَلُّمٍ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَبَضَ الْمَحْمُولَ رَبُّهُ قَبْضَ تَسَلُّمٍ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي ذَلِكَ الْمَحْمُولِ وَغَيْرِهِ فِي الْمَوْتِ

ص: 289

(وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي) لِسِلْعَةٍ شِرَاءً فَاسِدًا دَفَعَ ثَمَنَهَا لِلْبَائِعِ أَوْ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ) الْقَائِمَةِ (يُفْسَخُ) أَيْ إنْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ (لِفَسَادِ الْبَيْعِ) وَقَدْ فَلِسَ الْبَائِعُ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ (أَوْ لَا) يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا بَلْ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ (أَوْ) هُوَ أَحَقُّ بِهَا (فِي) الثَّمَنِ (النَّقْدِ) الْمَدْفُوعِ لِرَبِّهَا لَا فِيمَا أُخِذَتْ عَنْ عَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ (أَقْوَالٌ وَهُوَ) أَيْ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا (أَحَقُّ بِثَمَنِهِ) الَّذِي دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ إذَا كَانَ قَائِمًا وَعُرِفَ بِعَيْنِهِ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ بَقِيَتْ السِّلْعَةُ أَوْ فَاتَتْ فَهِيَ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِمَحَلِّ الْأَقْوَالِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَفُتْ وَتَارَةً بِالسِّلْعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا وَتَارَةً يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا فَاتَتْ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِهَا.

(وَ) الْمُشْتَرِي أَحَقُّ (بِالسِّلْعَةِ) الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ (إنْ بِيعَتْ) بِسِلْعَةٍ أُخْرَى (وَاسْتُحِقَّتْ) الَّتِي أَخَذَهَا لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ الْمُوجِبِ لِخُرُوجِ سِلْعَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ حَذَفَ الْوَاوَ لِيَكُونَ قَوْلُهُ اُسْتُحِقَّتْ نَعْتًا لِسِلْعَةٍ كَانَ أَوْلَى وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَفْرَادُ قَاعِدَةِ دَفْعِ الْعَرْضِ فِي الْعَرْضِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ الْآتِي وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ إلَخْ (وَقُضِيَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْفَلَسِ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ رَبَّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ قَامَ لِطَلَبِ الْأُجْرَةِ بِالْقُرْبِ مِنْ التَّسْلِيمِ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيَاسُ مَا هُنَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ مَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ فِي الِاخْتِلَافِ فِي قَبْضِ الْأُجْرَةِ وَعَدَمِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِ الْحَمَّالِ فِيمَا قَرُبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُكْمُ الْحَوْزِ اهـ بْن فَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا قَامَ رَبُّهَا بِالْقُرْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِالْمَحْمُولِ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا بِنَقْدٍ دَفَعَهُ لِبَائِعِهَا أَوْ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ مَثَلًا، ثُمَّ فُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْفَسَادِ فَهَلْ يَكُونُ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهُ أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ أَوْ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ يُفْسَخُ) أَيْ الَّتِي يَفْسَخُ الْحَاكِمُ عَقْدَ شِرَائِهَا أَيْ الَّتِي يَسْتَحِقُّ عَقْدُ شِرَائِهَا أَنْ يَفْسَخَهُ الْحَاكِمُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَحَقُّ بِالسِّلْعَةِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ أَوْ بِالدَّيْنِ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ) أَيْ ثَلَاثَةٌ: الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالثَّالِثُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، وَمَحَلُّهَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا بَعْدَ الْفَلَسِ، وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِاتِّفَاقٍ وَمَحَلُّهَا أَيْضًا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ رُجُوعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا وَعُرِفَ بِعَيْنِهِ تَعَيَّنَ أَخْذُهُ وَلَا عَلَقَةَ لَهُ بِالسِّلْعَةِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا يَأْتِي إذَا اشْتَرَاهَا بِالنَّقْدِ لَا بِالدَّيْنِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ وَقْتَ التَّفْلِيسِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ رُدَّتْ لِلْبَائِعِ وَفُلِّسَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَمَشَى عَلَى ذَلِكَ خش وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لعج وَتَبِعَهُ عبق حَيْثُ عَمَّمَ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْ كَانَتْ وَقْتَ التَّفْلِيسِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ جَارِيَةٌ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْفَلَسِ وَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا فِي الْمَوْتِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا، وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً أَوْ فَاتَتْ (قَوْلُهُ وَتَارَةً بِالسِّلْعَةِ) أَيْ وَتَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ

(قَوْلُهُ وَالسِّلْعَةُ إنْ بِيعَتْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ عَمْرًا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ زَيْدٍ شِرَاءً صَحِيحًا وَأَوْلَى فَاسِدًا، ثُمَّ فُلِّسَ زَيْدٌ أَوْ مَاتَ وَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ وَهُوَ عَمْرٌو أَحَقُّ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ إنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَلَا يُخَالِفُ أَخْذَهَا هُنَا فِي الْمَوْتِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ هُنَا وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَبِاسْتِحْقَاقِهِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فَوَجَبَ رُجُوعُهُ فِي عَيْنِ شَيْئِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ وَبِعِوَضِهِ إنْ فَاتَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْفَلَسِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهَا هِيَ عَلَى ثَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالدَّنَانِيرِ. (قَوْلُهُ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ لِاسْتِحْقَاقِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ اُسْتُحِقَّتْ صِفَةٌ لِسِلْعَةٍ وَالصِّفَةُ لَا تُعْطَفُ عَلَى الْمَوْصُوفِ فَلَا تَقْتَرِنُ بِالْوَاوِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا زَائِدَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ مِنْ جَوَازِ زِيَادَةِ الْوَاوِ فِي الصِّفَةِ لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ وَيَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ وُقُوعُهَا فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ الْمُشَابِهِ لِلنَّفْيِ أَوْ يُقَدَّرُ لَهَا صِفَةٌ أَيْ سِلْعَةً أُخْرَى وَالْحَالُ أَنَّهَا اُسْتُحِقَّتْ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ عَاطِفَةً لِجُمْلَةِ اُسْتُحِقَّتْ عَلَى جُمْلَةِ بِيعَتْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ السِّلْعَةُ الْخَارِجَةُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهَا الْمُحْدَثَ عَنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَضَى بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إذَا وَفَّاهُ لِصَاحِبِهِ وَطَلَبَ مِنْهُ الْوَثِيقَةَ الَّتِي فِيهَا الدَّيْنُ لِيَأْخُذَهَا أَوْ لِيُقَطِّعَهَا فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ لِئَلَّا يَقُومَ رَبُّ الدَّيْنِ بِهَا مَرَّةً أُخْرَى، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَخْذَ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ أَوْ تَقْطِيعَهَا لَا يُفِيدُهُ فَائِدَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ بِأَخْذِهَا أَوْ تَقْطِيعِهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْمَدِينُ الْوَثِيقَةَ

ص: 290

عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ (بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ) مِنْهُ وَبِالْخَصْمِ عَلَيْهَا أَيْ الْكِتَابَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا بِالْوَفَاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِئَلَّا يَدَّعِيَ رَبُّ الدَّيْنِ سُقُوطَهَا مِنْهُ فَيُقْبَلُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا أَوْ يُخْرِجَ صُورَتَهَا مِنْ السِّجِلِّ إنْ كَانَ لَهَا سِجِلٌّ وَيَدَّعِي بِهَا (أَوْ تَقْطِيعِهَا) حَيْثُ لَا سِجِلَّ لَهَا لِئَلَّا يُخْرِجَ غَيْرَهَا قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ الْحَزْمُ تَقْطِيعُهَا وَكِتَابَةُ بَرَاءَةٍ بَيْنَهُمَا (لَا) يُقْضَى لِزَوْجٍ طَلَّقَ، وَلَا لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ بِأَخْذِ وَثِيقَةِ (صَدَاقٍ قُضِيَ) لِمَا فِي حَبْسِهَا عِنْدَ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِسَبَبِ الشُّرُوطِ الَّتِي فِيهَا وَلُحُوقِ النَّسَبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي النَّسَبِ وَقَدْرِ الْمَهْرِ لِيُقَاسَ عَلَيْهَا نَحْوُ أُخْتِهَا وَعِلْمِ مَنْ حَضَرَ الْعَقْدَ مِنْ أَشْرَافِ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَلِرَبِّهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ (رَدُّهَا) مِنْ الْمَدِينِ إنْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ (إنْ ادَّعَى) رَبُّهَا (سُقُوطَهَا) أَوْ سَرِقَتَهَا مِنْهُ عَلَيْهِ دَفْعُ مَا فِيهَا إنْ حَلَفَ رَبُّهُ عَلَى بَقَائِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي كُلِّ مَا كَانَ بِإِشْهَادٍ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ وَلَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ عَلَى سُقُوطِهَا لَشَمَلَ السَّرِقَةَ وَالْغَصْبَ وَنَحْوَهُمَا وَفِي نُسْخَةٍ بِرَدِّهَا بِالْبَاءِ أَيْ قُضِيَ لِرَبِّهَا بِرَدِّهَا.

(وَ) قَضَى (لِرَاهِنٍ) وُجِدَ (بِيَدِهِ رَهْنُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ) لِلْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ بَلْ ادَّعَى سُقُوطَهُ أَوْ إعَارَتَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ أَوْ غَصْبَهُ وَيَبْرَأُ الرَّاهِنُ مِنْ الدَّيْنِ إنْ قَامَ الْمُرْتَهِنُ بَعْدَ طُولٍ، فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا خِلَافٍ، ذَكَرَهُ الْخَطَّابُ. فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يَقْضِي لِلرَّاهِنِ بِأَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ أَيْ بِيَمِينِهِ إنْ طَالَ زَمَنُ حَوْزِهِ لِرَهْنِهِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا الْوَثِيقَةُ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ مُطْلَقًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الِاعْتِنَاءَ بِالرَّهْنِ أَشَدُّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِالْوَثِيقَةِ (كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا) أَيْ كَمَا يَقْضِي لِلْمَدِينِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَادَّعَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي الْقَضَاءِ لَهُ بِأَخْذِهَا وَإِنْ أَخَذَهَا وَقَطَّعَهَا لَا يُفِيدُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ يُخْرِجُ عِوَضَهَا مِنْ السِّجِلِّ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَضَى بِأَخْذِ الْوَثِيقَةِ أَيْ بَعْدَ الْخَصْمِ عَلَيْهَا، وَقَوْلُهُ أَوْ تَقْطِيعُهَا أَيْ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى وَفَاءِ مَا فِيهَا أَوْ كَتَبَ وَثِيقَةً تُنَاقِضُهَا، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْخَصْمَ عَلَيْهَا لَا يُفِيدُ لِجَوَازِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَدَّعِي أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ وَأَنَّ الْمَدِينَ أَخَذَهَا وَخَصَمَ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ ح وَالْجَزِيرِيُّ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى بِأَخْذِهَا لِيُخْصَمَ عَلَيْهَا، ثُمَّ تُرَدُّ لِصَاحِبِهَا وَهُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ الَّذِي اقْتَضَى دَيْنَهُ (قَوْلُهُ بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ مِنْهُ وَبِالْخَصْمِ عَلَيْهَا) أَيْ وَتَبْقَى بَعْدَ ذَلِكَ بِيَدِ رَبِّهَا وَهُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ كَمَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ تت عَنْ الْخَضْرَاوِيِّ وَهُوَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ صَاحِبُ الْوَثَائِقِ، وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْصِمُ عَلَيْهَا وَتَبْقَى عِنْدَ الْمَدِينِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ بِلَا رِيبَةٍ فِيهِ بِأَنْ كَانَ بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ وَخَتْمِهِ (قَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ) هُوَ الْعَلَّامَةُ النُّوَيْرِيُّ وَالْمُرَادُ بِالتَّكْمِلَةِ تَكْمِلَةُ شَرْحِ شَيْخِهِ الْبِسَاطِيِّ فَإِنَّهُ قَدْ تَرَكَ مَوَاضِعَ مِنْ الْمَتْنِ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهَا فَكَتَبَ عَلَيْهِ النُّوَيْرِيُّ وَسَمَّاهُ التَّكْمِلَةَ (قَوْلُهُ الْحَزْمُ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الرَّأْيُ السَّدِيدُ (قَوْلُهُ وَكِتَابَةُ بَرَاءَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي وَرَقَةٍ أُخْرَى أَنَّ فُلَانًا رَبَّ الدَّيْنِ وَصَلَهُ دَيْنُهُ مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ مِنْهُ وَيَكْتُبَ الشُّهُودُ خُطُوطَهُمْ عَلَى تِلْكَ الْوَرَقَةِ (قَوْلُهُ قَضَى) أَيْ قَضَاهُ الزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ، وَقَوْلُهُ بِأَخْذِ وَثِيقَةِ صَدَاقٍ أَيْ لِيُبْقِيَهَا عِنْدَهُ أَوْ لِيَقْطَعَهَا (قَوْلُهُ وَلُحُوقِ النَّسَبِ) أَيْ نَسَبِ الْوَلَدِ بِالزَّوْجِ إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ الْوَلَدِ هَلْ هُوَ مِنْهُ أَوْ لَا فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ لُحُوقُهُ بِهِ وَعَدَمُهُ إذَا كُتِبَ فِيهَا تَارِيخُ عَقْدِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ وَلِرَبِّهَا) أَيْ وَهُوَ صَاحِبُ الدَّيْنِ يَعْنِي أَنَّ وَثِيقَةَ الدَّيْنِ إذَا وُجِدَتْ بِيَدِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَطَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَقَالَ سَقَطَتْ أَوْ سُرِقَتْ مِنِّي وَقَالَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بَلْ دَفَعْتُ مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَهُ أَخْذُ الْوَثِيقَةِ مِنْ الْمَدِينِ إنْ حَلَفَ عَلَى سُقُوطِهَا أَوْ سَرِقَتِهَا وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مَا فِيهَا وَلَا أَبْرَأ مِنْهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَدِينِ دَفْعُ مَا فِي الْوَثِيقَةِ مِنْ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ وَقَضَى لِرَاهِنٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا وُجِدَ بِيَدِ رَاهِنِهِ فَطَالَبَهُ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِ الرَّهْنِ فَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَكَذَّبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَقَالَ لَمْ تَدْفَعْ شَيْئًا مِنْهُ وَالرَّهْنُ سَقَطَ مِنِّي أَوْ سُرِقَ مِنِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينِهِ وَيَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ هَذَا إذَا قَامَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بَعْدَ طُولٍ مِنْ حَوْزِ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ، فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بَلْ ادَّعَى سُقُوطَهُ أَوْ إعَارَتَهُ أَوْ سَرِقَتَهُ إلَخْ) فِي تَسْوِيَتِهِ بَيْنَ دَعْوَى الْإِعَارَةِ وَغَيْرِهَا نَظَرٌ بَلْ التَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ الْإِعَارَةِ كَدَعْوَى السَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ أَوْ السُّقُوطِ، وَأَمَّا فِي الْإِعَارَةِ فَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ مُطْلَقًا قَامَ الْمُرْتَهِنُ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ مِنْ حَوْزِ الرَّاهِنِ لِلرَّهْنِ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَامَ بِالْقُرْبِ أَيْ مِنْ حَوْزِ الرَّاهِنِ لِرَهْنِهِ، وَالْقُرْبُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَيْهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ) الْأَوْلَى فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ قَامَ بِالْقُرْبِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ (قَوْلُهُ أَشَدُّ مِنْ الِاعْتِنَاءِ بِالْوَثِيقَةِ) أَيْ فَالشَّأْنُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ تُوضَعُ فِي الْجَيْبِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَشَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِي الصُّنْدُوقِ فَيَنْدُرُ سُقُوطُ الرَّهْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَثِيقَةِ (قَوْلُهُ كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا) هَذَا تَشْبِيهٌ فِيمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ وَقَضَى لِرَاهِنٍ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ بِدَيْنٍ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ وَثِيقَةً بِهِ وَأَنَّهَا سَقَطَتْ أَوْ تَلِفَتْ

ص: 291